ما هي المخطوطة ، وما هي فائدتها لنا اليوم ؟

كيف يحدد العلماء تاريخ المخطوطات بدقة ؟

ماذا تخبرنا المخطوطات عن الكتاب المقدس؟

وماذا عن مخطوطات البحر الميت؟

هل من علاقة بين  مجتمع الأخوة في قمران والكنيسة المسيحية الأولى؟

ما هي  أهمية مخطوطات البحر الميت لنا ، وما هي قيمتها ؟

 

ما هي المخطوطة ، وما هي فائدتها لنا اليوم ؟

  المخطوطة تعني الوثيقة التي دونت بخط اليد ، سواء كانت كتابة ، أو بالحفر ( أي النقش ) .. لذا تسمى مخطوطة ، وجمعها مخطوطات . وأما بخصوص مخطوطات الكتاب المقدس ؛ فإنه يعلم كل من درس شيئاً عن المخطوطات القديمة أن هناك آلافاً من المخطوطات القديمة سواء كانت للعهد القديم أو للعهد الجديد أو الكتاب المقدس بكامله . وهذه المخطوطات موجودة في مختلف متاحف العالم الشهيرة . والاكتشافات الحديثة لبعض المخطوطات تعطينا مزيداً من اليقين بشأن صحة الكتاب المقدس كما هو بين أيدينا اليوم . والذي يقارن بين مخطوطات الكتاب المقدس القديمة ، ومخطوطات بعض الكتابات الكلاسيكية القديمة أيضاً ، مثل كتابات هوميروس وما إلى ذلك ، يدهشه حقاً أن يرى توافقاً كبيراً بين مخطوطات الكتاب المقدس ، بينما تظهر اختلافات كثيرة بين مخطوطات سائر تلك الكتابات الأخرى رغم ما تحظى به من شهرة عالمية كبيرة

كيف يحدد العلماء تاريخ المخطوطات بدقة ؟                                                  أول الصفحة

  يستطيع العلماء أن يحددوا تاريخ المخطوطات المختلفة بدقة عن طريق استخدام جهاز خاص لذلك يقوم بتحليل الحبر أو المادة المكتوب عليها وفحص ما يسمى بالكربون المشع أو الكربون رقم 13 كما يمكن التعرف على تاريخ كتابة المخطوطات من نوع الخط المكتوب به كالكوفي والكوفي المعدل والنسخ في اللغة العربية ، وفي الكتابة بحروف منفصلة أو حروف متصلة في المخطوطات اليونانية ، وما إلى ذلك

: ومخطوطات الكتاب المقدس الموجودة بين أيدينا اليوم تعود في تاريخ نقلها عن مخطوطات سابقة إلى سنوات قريبة جداً من تاريخ كتابة نسخها الأصلية كما سيليبيانه ، بينما نجد أن أقدم مخطوطات كتابات أفلاطون مثلاً تعود إلى 1300 سنة بعد وفاته . ولا توجد مخطوطة لكتابات ديموشين أقدم من 1200 سنة بعد وفاته . وبينما دون تاسيتوس أربعة عشر كتاباً في " التاريخ " عام 1.. ميلادية تقريباً ، لا يوجد لدينا اليوم منها سوى مخطوطات أربعة كتب ونصف ، يعود أقدمها للقرن التاسع الميلادي ! يوجد لدينا اليوم أكثر من عشرة آلاف مخطوطة للكتاب المقدس أو أحد أجزائه ، 

 

ماذا تخبرنا المخطوطات عن الكتاب المقدس؟                                                   أول الصفحة

بكل تأكيد تخبرنا هذه المخطوطات بقدم الكتاب المقدس ، وأصالته ، وأيضاً بعدم تحريفه . وإذا تأملنا تواريخها لوجدنا بأن البعض منها يرجع إلى زمن يسبق من يقولون بتحريفها . وإليك عرض لبعض هذه المخطوطات

 أولاً: شهادة المخطوطات للعهد الجديد

. يقول أ. ت . روبرتس مؤلف أقوى كتاب فى قواعد اللغة اليونانية للعهد الجديد : أنه يوجد نحو عشرة آلاف مخطوطة للفولجاتا اللآتينية ، وعلى الأقل ألف مخطوطة من الترجمات القديمة ، ونحو 5,3.. مخطوطة للعهد الجديد بكامله ، كما يوجد لدينا اليوم 24 ألف مخطوطة لأجزاء من العهد الجديد ، كما أننا نقدر أن نجمع أجزاء كثيرة من العهد الجديد من إقتباسات الكتاب المسيحيين الأولين

: وإليك أسماء وتواريخ بعض المخطوطات

 مخطوطة جون رايلاند(RYLAND) ( 130 م ) 

فى مكتبة مانشستر بإنجلترا وهى أقدم المخطوطات ، وقد وجدت فى مصر .بها إنجيل يوحنا ، مع أن المعروف أن هذا الإنجيل كتب فى أسيا الصغرى . وهى تؤكد أن الإنجيل كتب حوالى نهاية القرن الأول الميلادى

. مخطوطات تشسترى بيتى (CHESTER BEATTY PAPYRI ) ( 200 م )

 موجودة فى متحف بيتى فى دبلن ، وجزء منها فى جامعة ميتشجان .. وهى من ورق البردى ، وتحتوى ثلاثة منها على معظم العهد الجديد . وهى أقرب المخطوطات إلى النص الأصلى من جهة تاريخية

بردية بدمر ( BODMER ) ( 150 - 200 م ) 

موجودة بمكتبة بدمر وتحوى معظم إنجيل يوحنا ، وهى أهم مخطوطة بعد مخطوطات تشستر بيتى ، وكثيرون من العلماء يرجعون بتاريخها إلى منتصف القرن الثانى ، إن لم يكن إلى النصف الأول منه

 النسخة الفاتيكانية ( CODEX VATICNUS ) (325 -350 م ) 

موجودة فى مكتبة الفاتيكان وتحوى كل الكتاب المقدس تقريباً ، وهى من أثمن مخطوطات الكتاب المقدس بباليونانية

النسخة السينائية ( CODEX SINAITICUS ) ( 350 م )

 موجودة فى المتحف البريطانى ، وتحوى كل العهد الجديد ما عدا ( مرقس 16: 9- 2. ، يوحنا 7: 53- 8: 11)كما تحوى

أكثر من نصف العهد القديم . وقد عثر عليها تشندروف فى سلة للمهملات فى دير جبل سيناء عام 1844 م ، وسلمها الدير هدية لقيصر روسيا عام 1859 م وإشترتها الحكومة البريطانية من الإتحاد السوفيتى بمائة ألف جنيه يوم عيد الميلاد سنة 1933 م

 النسخة الأسكندرية ( CODEX ALEXANDRINUS ) ( 400 م )

 بالمتحف البريطانى ، وتقول الموسوعة البريطانية أنها المخطوطات القديمة ، وتحوى كل الكتاب المقدس تقريباً

وهذه المخطوطات القديمة ، وغيرها كثير ، تطهر :

(أ) أن مخطوطات الكتاب المقدس أكثر جداً من مخطوطات أى كتاب قديم آخر

 (ب) أن تاريخ المخطوطات الموجودة عندنا قريب جداً من تاريخ كتابة النص الأصلى ، إذا قارنا ذلك بأى مخطوطة أخرى لأى كتاب قديم

ويقول العلامة ف ز هورت الذى قضى 28 سنة فى دراسة نصوص العهد الجديد : " إن الكثرة من مخطوطات العهد الجديد والتى يعود الكثير منها إلى العصور الأولى التى تكاد تتصل بتاريخ كتابة النص الأصلى ، تجعل نص العهد الجديد يقف فريداً بين كل الكتابات الكلاسيكية القديمة ، ولا تدانيه فى ذلك أى كتابات أخرى "

 مخطوطات العهد القديم وحده

: يرجع تاريخ أقدم مخطوطة للعهد القديم إلى القرن الأول الميلادي أو ربما القرن الثاني ، وهي جزء من مخطوطة مطكتوبة على ورق البردى تُعرف باسم " بردية ناش " وتشمل الوصايا العشر كما نجدها في الإصحاح الخامس من سفر التثنية ، وكذلك : " اسمع يا إسرائيل ... " ( سفر التثنية ، الإصحاح السادس ، والآيات من 4 – 6 ، وهي التي بمثابة إقرار إيمان شعب الله القديم . كما عثر أيضاً على أجزاء كثيرة من العهد القديم ، والتي يعود بعضها إلى القرن الخامس الميلادي التي اكتشفت في مجمع اليهود بحي مصر القديمة بالقاهرة . على أن أهم المخطوطات ذات الشأن التي كانت بين أيدينا قبل اكتشاف مخطوطات البحر الميت عام 1947 هي ما يلي

- مجلد القاهرة Cairo Codex الذي اكتشف في مجمع اليهود بمصر القديمة بالقاهرة ويشمل كتابات الأنبياء وتاريخ كتابته سنة 895 ميلادية

- مجلد ليننجراد الخاص بالأنبياء ويشمل نبؤات أشعياء وأرمياء وحزقيال والأنبياء الصغار الاثني عشر ، وتم نسخه عام 916 ميلادية

- مجلد حلب الذي يشمل العهد القديم بكامله وتاريخ كتابته 925 ميلادية

- مجلد المتحف البريطاني وهو يشمل الكتب الخمسة الأولى وتاريخه 95. ميلادية

- مجلد روشلين الذي يشمل الأنبياء ، وقد تم نسخ هذا المجلد عام 1105 ميلادية

- مجلد ليننجراد الذي تم نسخه عام 1108 ميلادية ، ويشمل العهد القديم كله

 وهناك أيضاً بردية ترجمة يونانية لحوالي خمس عشرة آية من سفر التثنية تعود بنا إلى القرن الثاني الميلادي وهي موجودة في مكتبة جون رايلاندز في مانشستر بإنجلترا

 إلا أن مخطوطات البحر الميت ( قمران ) والتي اكتشفت في منطقة خرائب قمران في الساحل الشمال الشرقي لمدينة القدس ، وضعت بين أيدينا درجين لسفر أشعياء أحدهما يشمل النص كاملاً ، ويعود للقرن الثاني قبل الميلاد ، والدرج الآخر ضاعت بعض أجزائه ، ومعه نص سفر حبقوق وتفسير له . وقد اكتشفت كل هذه في الكهف الأول .ودأب علماء الحفريات والبدو على البحث والتنقيب في هذه المنطقة ما بين سنة 1952 و سنة 1956 واكتشفوا مزيداً من النصوص في عشرة كهوف أخرى فوجدوا في الكهف الحادي عشر 41 مزموراً من المزامير التي بين أيدينا اليوم ، كما اكتشفوا أجزاء من أكثر من مائة درج أخرى تشمل بعض الآيات من كل أسفار العهد القديم ما عدا سفر أستير

 وتعود هذه المخطوطات إلى القرنين الأول والثاني قبل الميلاد . ويلاحظ كل من يدرس هذه النصوص أنها تتطابق مع بعضها تطابقاً كاملاً مع النص الموجود بين أيدينا اليوم ، فيما عدا بعض الاختلافات الطفيفة التي يتوقع المرء أن يجدها نتيجة نقل مخطوطة عن مخطوطة أخرى على مدى قرون طويلة

 مخطوطات البحر الميت ، وإليك موجز تعريفي عنها                                       أول الصفحة

 هو الاسم الذي يطلق على مجموعة من المخطوطات ترجع في أصلها إلى جماعة دينية قديمة كانت تعيش بالقرب من البحر الميت

 الإكتشافات الأولى : لا نعلم على وجه اليقين متى اكتشفت أولى هذه اللفائف ، ولكن الأرجح أن ذلك حدث في سنة 1947 . فقد جال أحد البدو يبحث عن شاته الضالة فدخل إلى أحد الكهوف في المنحدرات العالية في وادي قمران على بعد نحو ميل إلى الغرب من الطرف الشمالي الغربي للبحر الميت . وعلى بعد يزيد قليلاً عن ثمانية أميال إلى الجنوب من أريحا . تعثرت أقدام البدوي في عدة جرار يبلغ إرتفاع الجرة منها أكثر من قدمين ، ونحو عشر بوصات في العرض ، وجد بها رقوقاً من الجلد ملفوفة في نسيج من كتان ، فأخذها من الكهف سراً وذهب بها لأحد محال التحف الأثرية في بيت لحم ، فأشترى البعض منها ، ووصل الباقي إلى يد رئيس دير السريان الأرثوذكسي في أورشليم

 وقام عدد من العلماء بفحص اللفائف في 1947 ، وقد ظن البعض في البداية أنها مخطوطات مزيفة ، ولكن أ . ل . سوكنك من الجامعة العبرية بأورشليم ، أثبت أنها مخطوطات أثرية قديمة واستطاع شراء ثلاث منها . ونقلت بعض المخطوطات إلى المعاهد الأمريكية المختصة بالأبحاث الشرقية ، حيث تحقق مديرها مستر ج . تريفر من قيمتها ونجح في تصويرها ، وأرسل بعض صورها إلى و.ف.أولبريت – العالم في الأركيولوجية الكتابية . وقد قرر هذا العالم أن هذه اللفائف تعتبر أهم كشف لمخطوطات العهد القديم ، وهو ما أيدته الأبحاث التالية

 وعندما تأيديت أهمية هذه اللفائف ، قامت الحرب بين العرب وإسرائيل في سنة 1948 ، فحالت دون تحديد موقع الكهف الأول والتنقيب فيه تنقيباً علمياً ، وهو ما قام به في 1949 ج.ل.هاردنج من إدارة الأثار الأردنية ، ومستر ى.ديفو من مدرسة التوراة في أورشليم فاستطاعا استعادة مئات القصاصات من المخطوطات الكتابية وغير الكتابية ، والأبوكريفية التي لم يكن بعضها معروفاً من قبل . لقد كان الكهف مستودعاً لمكتبة تتكون من نو مائتي لفافة ، ويحتمل أن الأيدي قد إمتدت إليها من قبل إذا صحت رواية يوسابيوس من أن أوريجانوس استخدم ترجمة يونانية لسفر المزامير وجدت في كهف بالقرب من أريحا . وقد تكون هي نفس المكتبة التي وصفت بأنها " بيتالكتب الصغير " الذي وجده أحد الرعاة بالقرب من أريحا في نحو عام 8.. م ، وبلغ خبره البطريرك النسطوري تيموثاوس الأول

 وكانت الحرب الفلسطينية دافعاً إلى نقل اللفائف ، التي كانت في حوزة البطريرك السرياني إلى الولايات المتحدة في 1948 حيث نشرها م.باورز ، ج.تريفر ، و هـ . براونلي . وقد اشتملت هذه اللفائف على لفافة كاملة لنبوة إشعياء ، وتعليق على سفر حبقوق ، ووثيقة أطلق عليها باروز اسم " كتاب النظام " لأنه كان يشتمل على القواعد التي تحكم حياة الجماعة في قمران ولم يمكن في البداية فض إحدى اللفائف التي ظنوا في البداية أنها " سفر لامك " الأبوكريفي ، فلم تفتح اللفافة إلا في 1956 وثبت أنها الإصحاحات الأولى من سفر التكوين بصياغة أخرى وقد نشر في 1956 تحت اسم " التكوين الأبوكريفي "

. أما اللفائف التي حصل عليها أ.ل.سوكنك ، فكانت تشتمل على لفافة غير كاملة لسفر إشعياء ، ومخطوطة عن الحرب ، وأربعة أجزاء من مجموعة من ترانيم الشكر ، وقد نشر كل المجموعة في 1954 ، يادين بن سوكنك – بعد موت أبيه – تحت عنوان :" كنز اللفائف المخبوءة ". كما نشر دكتور بارثلمي ، ج.ت.ميليك القصاصات التي وجدت في الكهف الأول في قمران في 1955 تحت اسم " قمران – الكهف الأول "

ثم تتالت الإكتشافات من عام 1951 وحتى عام 1955 ، ولكن على ما تدل هذه المخطوطات ؟

 مستوطنة قمران

 عندما بدأ التنقيب في منطقة قمران رسمياً في 1949 ، لاحظ العلماء الأركيولوجيون بعض الخرائب على هضبة صخرية تبعد نحو ميل إلى الجنوب من الكهف الأول . وبعد بعض الفحوص الأولية ، بدأ التنقيب في كل هذه الخرائب في عام 1952 مما أسفر عن اكتشاف جرة سليمة تماثل في الحجم والشكل الجرار التي وجدت في الكهف الأول بمنطقة قمران ، مما دل – بلا أدنى شك – على وجود صلة مباشرة بين من كانوا يشغلون هذه الخرائب التي سميت " خربة قمران " والمخطوطات التي وجدت في الكهف الأول ، وواضح أن جماعة دينية عاشت يوماً ما في ذلك الموقع ، وهم الذين خلفوا وراءهم الوائق التي وجدت في الكهوف المجاورة . كما وجدت مقبرة متصلة بالخربة بها هياكل عظمية لرجال ونساء ، مما أيد وجود هذه الصلة . وقد كشفت الحملات التيتلت ذلك عن كل آثار تلك الجماعة .وكان في الركن الشمالي الغربي من المبنى الرئيسي ، برج كبير حصين ، يبدو أنه قد تم ترميمه وتدعيمه عقب زلزلة شديدة في 31م، أحدثت به تلفاً في الجانب الشرقي وفي الركن الجنوبي الشرقي منه . وكان المبنى الرئيسي للجماعة يشغل مساحة 12.قدماً مربعاً تقريباً في الجانب الشمالي من حجرة الطعام والمطبخ . وإلى الجنوب الغربي كانت توجد خمس حجرات ، لعلها كانت تستخدم أماكن للدراسة والصلاة . وكان في إحدى الغرف ( غرف النساخ ) بقايا مقاعد رخامية ، يرجح جداً أن بعض لفائف قمران قد كتبت فوقها . ووجود محبرتين من العصر الروماني احداهما من الخزف والثانية من النحاس الأصفر ، ساعد على تحديد التاريخ بدقة

 وفي الركن الجنوبي الشرقي من الموقع ، أزاح المنقبون التراب عن بقايا مصنع به الآلات التي كان يستخدمها أعضاء الجماعة .كما اكتشف قمينة للفخار بالقرب من المكان ، مما دل على أن الجماعة كانت مكتفية ذاتياً . كما كانيوجد بالموقع مراحيض وقنوات وأحواض للمياه .وتدل كثرة الأحواض والخزانات على أن تلك الجماعة الدينية كانت شديدة الاهتمام بطقوس الاغتسال ، كما أن مجتمعاً من 5.. شخص مثلاً ، يحتاج إلى موارد كبيرة للمياه . ويظن أن تلك الجماعة كانت تستمد احتياجاتها من الحبوب والخضراوات واللحوم من " عين فشكة " ، وهي واحة نخيل تقع على بعد ميلين إلى الجنوب من الخربة علىالشاطئ الغربي للبحر الميت

 كما أن قطع الفخار والنقود التي وجدت في أثناء التنقيب ساعدت بدورها على تأكيد الصلة بين تلك الطائفة الدينية ولفائف قمران . وقد جاءت قطع الفخار من ثلاثة مستويات ، تمل ثلاثة عهود مختلفة ، هي بالتقريب : من 11. – 31 ق.م ، من 1 – 68م ، من 66 – 1..م. على التوالي . وفي أواخر 1954 وجدت غرفة المخزن للمبنى الرئيسي ، جرة إسطوانية من نفس شكل وحجم الجرار التي وجدت في كهف قمران الأول ، مما دعم أكثر وجود الصلة بين تلك الطائفة ومخطوطات الكهوف . كما عثر أيضاً على نقود تمثل عصور الولاة الرومانيين على اليهودية ، وكذلك لاث وعشرون قطعة من عهد هيرودس أغريباس الأول ( 37 – 44م.) ، وترجع بعض النقود إلىما بعد سقوط أورشليم في سنة 7.م ، بينما عثروا في المستوى الالث على نحو اثنتي عشرة قطعة من النقود ترجع إلى زمن الثورة اليهودية الثانية

 مجتمع الأخوة في قمران                                                                   أول الصفحة

 أصلهم

 لقد أوضحت الخصائص العامة لجماعة قمران من المخطوطات التي اكتشفت في الكهوف ، وبخاصة من محتويات كتاب نظام الجماعة ( من الكهف الأول ) ، ولو أننا لم نصل إلى معرفة كل ما نريد عنهم ، فما زالت هناك مسائل عن طبيعة شركتهم لم نجد لها حلاً

 كانت الطائفة تتكون من جماعة من الكهنة والعلمانيين يحيون حياة مشتركة في تكريس متزمت لله . وقد كشفت أسرار النبوة لمؤسس الطائفة وهو كاهن يوصف بأنه " المعلم البار " . وكان من أهم مظاهر حياة الجماعة تفسير الكتب المقدسة بما يتفق مع شهادة الطائفة ونهاية الدهر . وقد أرسل الله " المعلم البار " ليعلن الدينونة التي ستحل بإسرائيل . وبناء على ما جاء في تفسير حبقوق ، لقد عرف المعلم البار من مضمون النبوة أكثر مما عرفه النبي نفسه ، ورغم التأخير – حسب الظاهر – فإن النهاية ستأتي ، ولكن " بقية " ستنجو ، وهذه البقية هي جماعة قمران التي أرضت الله بولائها للتوراة وإيمانها بـ " المعلم البار "

 وقد رفض هذه الرسالة رفضاً باتاً ، الكاهن الشرير وأتباعه الذين يهتمون بحرفية التوراة لا بروحانيتها . وواضح أن الإشارة إلى الكاهن الشرير كانت تعني رئيس الكهنة في أورشليم حيث يقال عنه " الحاكم في إسرائيل " والذي يحمل " الاسم الحقيقي " . وحيث توجد إشارة واضحة لرياسة الكهنوت ، فلا بد أنه قد حدث صدام معين في بدء تاريخ الجماعة ، بين " المعلم البار " و رئيس الكهنة الأورشليمي ، لأن التفسير يتحدث عن اضطهاد الكاهن الشرير للمعلم البار والإضرار به جسدياً ، وقد بلغ الدام ذروته في يوم الكفارة حين قضى الكاهن الشرير على المعلم البار وجعل أتباعه يعثرون . وهذه بلا شك ، إشارة إلى موت القائد وتبدد الأنصار

 الحياة المشتركة

 إن قانون الجماعة بالغ الأهمية لمعرفة نظام تلك الطائفة التي كانت تتكون من مجموعة من الكهنة و العلمانيين يعيشون حياة مشتركة في تكريس لله . وبناء على ما جاء في " كتاب النظام " ، كان على الذين يرغبون في الدخول إلى العهد " أن يخضعوا لبعض الطقوس التمهيدية ، يوضعون بعدها تحت الاختبار ، ويحصلون على العضوية الكاملة بعد ثلاث سنوات . وكان يجب على كل عضو أن يجدد كل سنة تعهده بالطاعة . وفي نفس الوقت يحذر من الأخطاء التي تؤدي إلى طرده من الجماعة . ويبين العمود الخامس من " مخطوطة النظام " القواعد المختصة بإدارة الجماعة ، ويتضح منها أن الجماعة كان يحكمها الشيوخ والكهنة للإنشغال بدراسة الكتاب والإشتراك في نوع من العبادة السرية

 وكانت الطائفة تعتبر نفسها إسرائيل الحقيقي ، تنتظر إقامة الحكم السماوي على الأرض . وكان إنتظار ظهور المسيا يتردد كثيراً في فكر الجماعة ، لأن أعضاء الجماعة كان يطلب منهم أن يعيشوا حسب التوراة حتى يأتي النبي وشخصان مسياويان يسميان " مسيحي هرون وإسرائيل ". . وفي وثيقة معنونة باسم " المؤلف الصدوقي " – عن جماعة دينية تعرف باسم " متعاهدي دمشق " ، شديد الشبه بجماعة قمران ، وكثيراً ما خلط بينهما العلماء – يُذكر " مسياهرون وإسرائيل " ، وهكذا يحدد انتظارهم لشخص واحد . ونجد ملخص مفاهيهم للمسا في وثيقة جاءت من الكهف الرابع تحتوي على سلسلة من الآيات الكتابية ، فتبدأ بالوعد لموسى بقيام نبي مثله ( سفر التثنية 18 : 18 ) وتذكر أقوال بلعام ( سفر العدد 24 : 15 – 19 ) وتختتم ببركة موسى ( التثنية 33 : 8 وما بعدها ) ، ثم اقتباس من كتاب زائف مجهول

 ويصور لنا " قانون الجماعة " المسيا مشتركاً في وليمة في العصر الجديد ، وكان الحاضرون يجلسون بحسب مقامهم . وقام الكاهن الرئيسي ببركة الخبز والخمر ، ثم قام المسيا – الذي كان يشغل مركزاً ثانوياً – ببركة الطعام أيضاً . وواضح أن الوليمة رؤوية ، ولو أنه قد أجريت في نفس الوقت بعض الأسرار المقدسة . وكان توقعهم للأحداث التي ستسفر عن الملكوت السماوي ، هي الموضوع الرئيسي للمواعظ . وكانت الجماعة تعتقد أن الملكوت سيظهر بعد هزيمة " الكتيم " من الأقطار المختلفة ، وخروج إسرائيل منتصرة ، وسيكون لها نظام ثيوقراطي وذبائح وكهنوت أشبه بما جاء في حزقيال

. وكانت للتطهيرات الطقسية مكانة كبيرة في ممارسات الجماعة ، وكانوا يجلبون كميات كبيرة من المياه لهذه الأغراض ، وكانوا يشددون على المفاهيم الروحية لتلك الطقوس ، فكانوا يؤكدون بوضوح أن التطهير الحقيقي يتم بهذه الطقوس متى توفرت التوبة الحقيقية والخضوع لله . وكانوا يدرسون التوراة نهاراً وليلاً في قمران ويحفظون الأعياد المقدسة بكل تدقيق . ويظن أن " المتعاهدين " كانوا يعتنقون فكراً ثنائياً عن الكون الذي فيه أرواح النور وأرواح الظلمة ، الله والشرير ، في تعارض أخلاقي كما في الزرادشتية ، ولن ينتهي الصراع بينهما إلا في يوم الدينونة ، الذي هو موضوع " لفافة الحرب " في وصف المعركة بين أبناء النور وأبناء الظلمة ، والتي كان يجب على الجماعة الاستعداد لها . ورغم ميلهم للثنائية ، كان الأعضاء يتمسكون بالصدق والعدالة والتواضع والتكريس ، محاولين تحقيق هذه الفضائل بحياتهم المنضبطة

 علاقتهم بالأسينيين

 كثيراً ما قيل عن جماعة قمران بأنهم أسينييون ، ولكن رغم الكثير من وجوه الشبه مثل حياة الأديرة ، والعمل اليدوي ، والتكريس الروحي ، فإن هناك وجوه اختلاف واضحة بينهما ، فجماعة قمران يختلفون عن الأسينيين بممارستهم الزواج وتقديم الذبائح الحيونية ، كما أنهم لم يكونوا مسالمين ، وقد تجنبوا كل اتصال بالعالم الخارجي ، ولو أن يوسيفوس قد ذكر أن كلمة " أسينيين " كانت فضفاضة في استخدامها . ويحسن في الوقت الحاضر ألا نعتبر جماعة قمران جماعة أسينية بمعنى الكلمة حيث أنهم قد يكونون أقرب جداً " للمغاريين " سكان الكهوف الذين ظهروا في أوائل العصر المسيحي

 جماعة قمران والمسيحية

 حاول بعض العلماء أن يروا في جماعة قمران إرهاصاً واضحاً بالمسيحية باعتبار أن أقوى وجوه الشبه هو المعلم البار بالمسيا ، والحياة المنضبطة المنظمة التي لها أسرارها المقدسة . ولكن جماعة قمران لم تعتبر مطلقاً أن مؤسسها هو المسيا ، ولم تكن حياة الدير عندهم شبيهة بالحياة المسيحية في عصرها الأول ، كما أن الأسرار المقدسة في الإنجيل لها أسس لاهوتية تختلف عن أسس جماعة قمران ، كما أن الفكر المسيحي عن الخطية والكفارة يختلف تماماً عن فكر جماعة قمران . والقول بأن يوحنا المعمدان بل ويسوع نفسه قد قضيا وقتاً للتعلم في مقر الجماعة ، إنما هو محض تخمين ، حيث توجد – في الواقع – اختلافات جوهرية بين لاهوت وممارسات جماعة قمران ، وبين حياة وتعاليم يوحنا المعمدان وحياة وتعاليم المسيح مما ينفي وجود أي صلة بهم . وبالرغم من استناد جماعة قمران وكذلك يسوع ، إلى الإعلان الإلهي في العهد القديم ، فإن الشبه الوحيد بين تعاليم جماعة قمران وتعليم المسيح ينحصر في الإصحاح الخامس من إنجيل متى ، كما أن أصداء أسلوب قمران في العهد الجديد تقتصر على بعض العبارات مثل " ابناء النور " ، " الحياة الأبدية " ، " نور الحياة " ، " أعمال الله " ، و " ليكونوا واحداً "

 أهمية مخطوطات البحر الميت                                                                 أول الصفحة

 مخطوطات قمران بالغة الأهمية في دراستنا الكتابية للفترة بين العهدين القديم والجديد ، فهي في الدرجة القصوى من الأهمية لتحقيق نصوص العهد القديم . فدراسة هذه المخطوطات تؤيد أن النص الميسوري جدير بالثقة وتبين الدقة المتناهية التي انتقل بها طيلة العصور ، كما يمتد هذا التأييد للسبعينية والسامرية

 ومع أن مخطوطات قمران مازالت في حاجة إلى دراسة دقيقة ، فإنه من الجلي الواضح أن المخطوطات ليس بها ما يمس سلامة الإيمان المسيحي ، كما حدث عند ظهور المخطوطات ، بل بالحري لقد أثبتت صحة الكثير مما كنا نؤمن به من جهة الأسفار المقدسة ، بل بالحري قد جعلت من اللازم أن يراجع النقاد الكثير من نظرياتهم

والآن نعود إلى السؤال المطروح : ماذا تخبرنا المخطوطات عن الكتاب المقدس ؟

هل تعرف الإجابة الآن، نأمل في ذلك !


أول الصفحة

أرغب في توجيه سؤال لكم

صفحات أخرى ذات صلة بالموضوع

هل يجب على كل إنسان أن يفحص الكتاب المقدس بنفسه؟

لماذا يقول المسلمون بتحريف الكتاب المقدس؟

ما هي الأدلة على أن الكتاب المقدس متضمن للوحي الإلهي؟

ما هو الكتاب المقدس؟

هل الكتاب المقدس هو كلمة الله؟

 الرجوع إلى قائمة " ركن الأسئلة المشهورة"