البابا شنوده الثالث

سنوات مع أسئلة الناس

الجزء الثامن

So Many years with The Problems of People

(vol. Vlll )

By h.h. Pope Shenouda lll

مقدمة

1-علاقتنا بشريعة العهد القديم

2-متى نشأ الضمير؟

3-أنواع بنوة غير جسدية

4-هل قال المسيح إنه إله ؟

5-حول وراثة الخطية

6-هل الله هكذا ؟

7-قبل أن يكون إبراهيم

8-لماذا نموت ؟

9-الخلاص من الخطية

10-الصلب ورفع العقوبة

11-كفارة عن أية الخطايا

12-المحدود واللامحدود

13-هل الإبن أصغر

14-إن شربوا سما مميتا

15-أيوجد شر فى السماء ؟

16-ذبيحة الخطية و ذبيحة الأثم

17-وما تحت الأرض

18- الفدية لمن ؟!

19-شركاء الطبيعة الإلهية

20-شركاء الطبيعة الإلهية ( 2)

21-قسى قلب فرعون

22- أكمل نقائص شدائد المسيح

23-خلقت على صورة الله

24- طبيعة الإنسان بعد الفداء

25-قدس للرب

26-البخور أمام الأيقونات

27-صوم الأطفال

28-كيف نوفق بين الآيتين ؟

29-قدكمل الزمان

30-صوم تلاميذ يوحنا

31-فتاة خمسينية

32-ملاقاة الهراطقة

33-مشكلة عدم الإنجاب

34-الخدمة و الفتور

35-الخدمة فى القرية

36-طفل إبتدائى و حضوره

37-كانوا يعثرون به

38-يتدخلون فى حياتى ‍‍‍‍!!

39-حول إنكار الذات

40-اخاف من ضربة يمينة

41-الثوب المدنس

42-أفكر فى أن أنتحر

43-معنى كلمات

44-الزواج ام الرهبنة ؟

45-هل أفسخ الخطبة؟

46-الصلاة بأسلوب المفرد

47-السرحان أثناءالصلاة

48-هل تنام الروح بعد الموت ؟

49-كرنيليوس و الروح القدس

50-السيد المسيح قبل التجسد

الجزء الثالث أسئلة روحية وعامة

21) الخطايا لا تتساوي في الدرجة ولا تتساوي في العقوبة

22) رأي المسيحية في نقل الأعضاء

23) كيف نصلي

24) حول طلب المواهب

25) الفضيلة الأولي

26) اتباع القديسين

27) الرهبنة ومعرفة القراءة والكتابة

28) الودعاء يرثون الأرض

29) وقت الفراغ

30) من له يعطي فيزاد

31) عناصر القوة الحقيقية

32) ان عثرتك عينيك او يدك

33) البساطة

34) موقف المسيحية من الخمر

35) إرادة الله وسماحه

36) ثمار العثرة

37) الحياة الروحية و المتاعب

38) الكمال ومعناه وحدوده

39) أشخاص اعترفوا ولم يغفر لهم

40) روحانية الرهبان و العلمانيين

41) السيد المسيح واكمال رسالته

42) افكار البر الذاتي

43) من أنا ولماذا جئت

44) صلوات المطانيات

المقدمة

من بين مئات الأسئلة التى تصل إلينا فى الإجتماع العام بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة و بالاسكندرية ، ومما يصل إلينا أثناء محاضراتنا فى الكلية الإكليريكية وفروعها .. قد إخترنا لك هذه المجموعة من الأسئلة مع أجوبتها ..

و هى تشمل بعض الأسئلة اللاهوتية الهامة ، تضاف إليها بعض الأسئلة الروحية و الإجتماعية .

و قد أصدرنا لك من قبل سبعة أجزاء من هذه المجموعة شملت 33. سؤالا و الإجابة عليها . و تقدم لك فى هذا الجزء الإجابة عن 5. سؤالا . فيكون المجموع 385 سؤالا .

وسنحاول بمشيئة الرب أن ننشر لك مجموعات أخرى من الأسئلة ، مما يشغل أذهان الناس . و هدفنا هو وجود فكر واحد ، فيما غمض على الناس فهمة من أسئلة فى اللاهوت أو العقيدة أو الروحيات .

وإلى اللقاء فى الجزء التاسع مع هذه المجموعة إن أحبت نعمة الرب وعشنا .

1994/4/2

عيد ظهورالعذراء بالزيتون البابا شنوده الثالث

1-

علاقتنا بشريعة العهد القديم

ســـؤال

لماذا لا تتبع المسيحية شريعة العهد القديم ، بينما هى لم تنقضها حسب قول السيد المسيح " لا تظنوا إنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقض بل لأكمل " ( مت 5 : 17 ) . فلماذا لا تسير المسيحية بمبدأ " عين بعين ، وسن بسن " لا داعى لعبارة " من ضربك على خدك حول له الآخر " ، و ما يشبهها . و إلا تكون قد نقضت الناموس ؟!

جواب

لاحظ أن السيد المسيح لم يقل فقط ما جئت لأنقض ، و إنما أضاف بل لأكمل .

و عبارة إنه جاء ليكمل ، لها معنيان :

الأول : إنه جاء يكمل فهم الناس للشريعة .

فاليهود ما كانوا على فهم سليم للشريعة . حتى أن شريعة السبت مثلا ، كانوا يفهمونها بطريقة حرفية بحتة ، فلا يعمل الإنسان أى عمل فى السبت ، حتى فعل الخير .. لدرجة أنه حينما قام السيد المسيح بمعجزة كبيرة ، فى يوم سبت ، وهى منح البصر لشخص مولود أعمى ، قابلوا هذا الإنسان بعد أن أبصر و قالوا له إن الذى شفاه إنسان خاطئ !! ( يو 9 : 24 ) لمجرد إنه صنع المعجزة فى يوم سبت !! و قد جادلوا المسيح فى عناد عن " هل يحل الإبراء فى السبوت ؟ لكى يشتكوا عليه ( مت 12 : 1. ) . و ما أكثر المجادلات التى دخلوا فيها الحل مشكلة " هل يحل فى السبت فعل الخير ؟! " ( لو 6 : 9 ) ( مت 12 : 12 ) .

فماذا كان تكميل فهمهم فى وصية عين بعين و سن و بسن ؟

وصية " عين بعين ، وسن بسن " كانت للأحكام القضائية ، وليست للمعاملات الشخصية .

بدليل أن يوسف الصديق لم يعامل أخوته بوصية " عين بعين ، وسن بسن " و لم ينتقم لنفسه من الشر الذى صنعوه به ، و إنما اكرمهم فى مصر ،و وأسكنهم فى أرض جسان ، و اعتنى بهم ( تك 5. : 17 – 21 ) .

و داود النبى لم يكافئ شاول شراً بشر ، بل احترمه فى حياته . و فى وفاته رثاه بعهبارات مؤثرة ( 2صم 1 : 17 – 25 ) . وأحسن إلى كل أهل بيته ..

ثانيا : عبارة يكمل تعنى أيضاً يكمل لهم طريق السمو و القداسة .

و بخاصة لأن العهد الجيد بدأت تزول فيه العبادة الوثنية التى كانت منتشرة طوال العهد القديم . وعمل الإيمان فى قلوب الناس ، إلى جوار عمل الروح القدس فيهم ، و مؤازرة النعمة لهم . فكان يمكن لهم أن يتقدموا فى حياة الروح ويسلكوا بسمو أعلى من ذى قبل

و تكملة الطريق الروحى ، لم يكن فيها نقض للقديم .

*فمثلا قال لهم السيد المسيح " سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن . و أما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى إمرأة ليشتهيها ، فقد زنى بها فى قلبه " ( مت 5 : 27 ، 28 ) . هنا الوصية القديمة " لا تزن " لا تزال قائمة لم تنقض . لكن اضيف إلى معنى اعمق ، هو عفة القلب و النظر و ليس مجرد عفة الجسد ..

*مثال آخر : قال السيد " قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ، ومن قتل يكون مستوجب الحكم . أما أنا فأقول لكم إن كل من بغضب على أخيه باطلا ، يكون مستوجب الحكم " ( مت 5 : 21 ، 22 ) . هنا الوصية القديمة " لا تقتل " ، لا تزال قائمة لم ينقضها . ولكن أضيف إليها منع الغضب الباطل ، على اعتبار أن القتل خطوته الأولى هى الغضب . كما أن الزنى خطوته الأولى هى الشهوة فى القلب ..

إذن السيد المسيح لم ينقض العهد القديم . بل شرح روح الوصية ، ومنع الخطوة الأولى إلى الخطية .

ويعوزنا الوقت إن دخلنا فى كل التفاصيل بالنسبة إلى كل الوصايا ، فهذا يحتاج إلى كتاب كامل ، وليس إلى مجرد مقال أو إجابة سؤال .

كذلك ليس العهد القديم فيه الوصايا العشر فقط ، إنما توجد فيه وصايا و تعاليم أدبية كثيرة كان فيها سمو كبير . وقد خفى ذلك على عديد من معلمى اليهود . لذلك قال لهم السيد المسيح فى مناسبة أخرى :

" تضلون إذ لا تعرفون الكتب " مت 22 : 29 ) .

2-

متى نشأ الضمير ؟

ســـؤال

قرات رأيا لماكنتوش يقول إنه لم يكن للإنسان ضمير قبل السقوط ، غذ لم يكن له علم بالشر ، لأن الشر إنما عرف بعد السقوط . وآدم لما خلقه الله كان فى حالة من الطهارة لا يعرف فيها الشر . إذن الضمير وجد بالسقوط ، وصار للإنسان ضمير يميز بين الخير و الشر . و كانت باكورة أثمار الضمير أن آدم اختبأ وراء الأشجار من الخوف . فهل صحيح أن الإنسان كان بغير ضمير قبل السقوط ؟

جواب

أولا : ماكنتوش هو من زعماء الأخوة البلاميس .

و لذا ، فإن كلامه ينبغى أن يؤخذ بحذر . وكون أن الإنسان لم يعرف الشر إلا بعد السقوط ، هذا لا اعتراض عليه ، و لكن الضمير له فؤائد كثيرة لا تقتصر على معرفة الشر . و سنناقش معا ما ذكره ماكنتوش .

1-الشر ليس له وجود ذاتى ، بقدر ما هو إنعدام الخير المقابل له :

فالكذب هوعدم الصدق . و الزنا هو نعدام العفة . و القسوة هى إنعدام الرحمة و الشفقة . و الكراهية هى عدم الحب . فالشر كله سلبيات . و الإنسان الأول لم يكن على دراية بهذه السلبيات .

2-لكن الإنسان كان على الأقل يعرف أن كلام الحية عكس كلام الله .

فالله يمنع الأكل من الشجرة قائلا " و أما شجرة معرفة الخير و الشر فلا تأكل منها .. " ( تك 2 : 17 ) . بينما الحية تغرى بالأكل من الشجرة . الله يقول " يوم ةتأكل منها موتا تموت " ( تك 2 : 17 ) . و الحية تقول " لن تموتا " ( تك 3 : 4 ) .

إذن واضح أن هناك تناقضا بين كلام الحية الله . و أن ما تدعو إليه الحية هو ضد كلام الله و مخالفة له

كلام الله و مخالفة له .

أيا كان إسم هذه المخالفة مما لم يكن يعرفة آدم وحواء ، ولكنه على أية الحالات مخالفة .

صحيح أن آدم وحواء ما كانا يعرفان كل تفاصيل الشر الذى فى الدنيا ، ولكنهما على الأقل كانا يعرفان أن الله نهى عن الأكل من الشجرة ، بل إن حواء رددت الوصية بتفصيل أكثر فقالت " قال الله لا تأكلا منه ( و لا تمساه ) لئلا تموتا . إذن كانت تعرف أن الأكل من تلك الشجرة عصيان الله

3-و هنا احب أن أبدى ملاحظتين :

أ-لو كان الإنسان لا يميز إطلاقا بين أمر الله و غواية الحية ، ما كان عاقبه الله .

فعقوبة الله لآدم وحواء تدل على أنهما كانا يعرفان . وواضح هذا فى قول الرب لآدم " أنك أكلت من الشجرة التى اوصيتك قائلا لا تأكل منها .. " ( تك 3 : 17 ) . إذن هو يعاقبه هنا لأنه عصى امره . إذن آدم كان يعرف أنه لم يطع الله وأنه تعرض لعقوبة

ب- لو كان الإنسان الأول لا يميز إطلاقا ، لقلنا إنه لم يكن له عقل .

و هذا غير مقبول إطلاقا ، لأنه كان على صورة الله و منها العقل . و العقل أحد عناصر الضمير الذى به يميز . ولو كان بدون عقل ، ما كان أيضاً قد عوقب . وفاقد التمييز لا يعاقب . وواضح عقل ىدم و تمييزه من قوله بعد خلق حواء " هذه الآن عظم من عظامى ، و لحم من لحمى . هذه تدعى إمرأة لأنها من إمرء أخذت " ( تك 2 : 23 ) .

بالعقل إذن كان الإنسان يميز أن الأكل من الشجرة هو عدم طاعة الله

ة مادام له عقل ، إذن له فهم ، إذن له تمييز . و هو فى كلامه مع الله ، لم يقل : ماكنت أعرف ، لأنه كان يعرف .

و عندما اختبأ ، لم يكن ذلك لأن ضميره قد ولد وقت ذلك ، فأدرك أنه قد أخطأ !! كلا ، إنما قال " لأنى عريان فاختبأت " ( تك 3 : 1. ) و كيف عرف أنه عريان ؟!

بأكله من الشجرة و عصيانه لله فقد الصورة الإلهية التى خلق على شبهها ، فعرف أنه عريان . أو فلنقل أن الطبيعة البشرية ، إذ دخلتها الخطية ، بدأت تفسد ، وهكذا فقد بساطته الأولى ، فعرف أنه عريان .

إذن فمعرفته أنه عريان ، ليست دليلا على على مولد الضمير ، إنما هى دليل على بدء فساد الطبيعة البشرية .

و الدليل على هذا الفساد ، أنه من الناحية النفسية ، بدأ يخاف ، ومن الناحية الجسدية بدأ يعرف أنه عريان . كذلك فإنه من الناحية الروحية ، بدأ يهرب من الله ..

أما عن الضمير الذى يميز ، فمن قبل الخطيئة كان يستطيع أن يميز أن الأكل من الشجرة هو ضد وصية الله ، و لابد أنه كان يعرف أن سماعة لصوت إمرأته فى ذلك هو أيضاً ضد الوصية الإلهية ، لذلك بدأ الله عقوبته له بعبارة " لأنك سمعت لقول إمراتك و أكلت .. " ( تك 3 : 17 )

كان إذن له ضمير يميز . ولكن دائرة ذلك الضمير كانت ضيقة ، لقلة المعرفة .

الإنسان حاليا يعرف شرورا لا تحصى . أما آدم فما كان يعرف شيئا منها . و ايضاً الآن يعرف الإنسان شرورا عن طريق العمل و الممارسة و الخبرة و آدم لم تكن له هذه المعرفة إطلاقا ، لأنه كان نقيا و بسيطا . كل ما كان يعرفه هو وصية الله بعدم الأكل من الشجرة .

الضمير البشرى حاليا اتسعت دائرته جدا ، بازدياد معرفته .

وأصبح يمارس خصائص فى التمييز على نطاق كبير . وكذلك خصائص فى التوبيخ و العقاب . و لا شك أنم تأنيب الضمير لم يكن موجودا عند آدم قبل السقوط ، لأنه لم تكن له خطيئة يبكته عليها ضميره . كذلك الضمير يحث على الخير . و الإنسان الأول كان يفعل الخير تلقائيا بسبب قداسته . فلما سقط بدأ الضمير يمارس مهمته فى الحث على الخير

كان للإنسان ضمير ، و خواص كامنة فيه ، استخدمت حينما دعت الحاجة إليها .

و مثال ذلك الطفل ، يولد بطبيعة بشرية كاملة . ولكنها تنمو فى المعرفة ، و تتسع فيها بالوقت دائرة العقل و الضمير . و لها خواص لا يستخدمها إلا حينما يكبر ، أو تدعو الحاجة إليها ..

إن وجود الضمير شئ ، و استخدامه على نطاق واسع شئ آخر .

و كلما تزداد أنواع الخطية فى العالم ، تسع تبعا لذلك الدائرة التى يعمل فيها الضمير ، وكذلك كلما تزداد اللمعرفة بألوان جديدة من الخير . واستخدام الضمير عند البالغ ، أوسع من استخدامه عند الطفل . ولكن الضمير أما كونه يقوى فى عمله أو يضعف ، بضيق عمله أو يتسع ، فهذا شئ آخر . ومهما ضاق عمله ، فهذا لا يمنع وجوده . وكذلك كثير من طاقات الإنسان .

وفى ذلك كله ، لا نستطيع أن نقول إن الإنسان قد خلق بغير ضمير .

التعبير نفسه ثقيل على السمع .

3-

أنواع بنوة غير جسدية

ســـؤال

يعترض البعض على بنوة المسيح لله ، و كأنها ولادة جسدية !! مثل ولادة حورس من إيزيس وأوزريس ! فهل هناك أنواع أخرى من البنوة تكون بغير التناسل الجسدانى ؟

جواب

توجد أنواع كثيرة من البنوة الجسدية ، نذكر منها :

1-بنوة روحية

مثل البنوة للآباء الرسل أو الكهنة أو بنوة التلمذه . و فى ذلك نرى القديس يوحنا الرسول يقول " يا أولادى ، اكتب إليكم هذا لكى لا تخطئوا " ( 1يو 2 : 1 ) . و المعروف أن يوحنا كان بتولا . ومن يسميهم أولاده من المؤمنين بنوتهم له بنوة روحية

و بالمثل فإن القديس بولس البتول يقول عن تيموثاوس " الإبن الحبيب " ( 2تى 1 : 2 ) و عن تيطس " الإبن الصريح حسب الإيمان المشترك " ( تى 1 : 4 ) . و يقول لفليمون " اكتب إليك لأجل إبنى أنسيموس الذى ولدته فى قيودى " ( فل 1. )

و بالمثل نقول عن آباء الرهبنة : أبونا الأنبا أنطونيوس ، و أبونا الأنبا باخوميوس ، و ىباء مقار .. إلخ . يقول كتب أقوال ألاباء Patrology . فهم آباء مع مع أن غالبيتهم كانوا بطاركة و اساقفة غير متزوجين .

2-بنوة حسب السن :

مثلما قال القديس بطرس الرسول عن القديس مرقس الرسول " مرقس إبنى " ( 1بط 5 : 13 ) . و مثلما قال بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس " لا تزجر شيخا بل عظه كأب و العجائز كأمهات " ( 1تى 5 : 1 ) .

3- بنوة فى الإيمان :

مثلما قال عن ابينا إبراهيم إنه " أب لجميعنا " ( رو 4 : 16 ) ليس فقط لليهود و إنما ليكون أبا للذين يؤمنون و هم فى الغرلة " ( رو 4 : 11 ) " للذين ليسوا فى الختان فقط ، بل أيضا خطوات إيمان أبينا إبراهيم " ( رو 4 : 12 )

4-بنوة من جهة المركز :

مثلما قال داود لشاول الملك " أنظر يا ابى ، طرف جبتك فى يدى " ( 1صم 24 : 11 ) . قال له هذا بحكم المركز و السن ، و لأنه مسيح الرب .

5- بنوة تشريفية ، أو بنوة محبة :

حسبما قال الرسول " أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله " ( 1يو 3 : 1 ) . وكما ورد فى الإنجيل " أما الذين قلبوه أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه " ( يو 1 : 12 )

6- بنوة التبنى ( بنوة شرعية ) :

كان قديما إن مات لأحد أخ دون أن ينجب نسلاً ، يأخذ أخوه إمراته ليقيم نسلاً لأخيه . و الإبن البكر الذى يولد له منها يدعى باسم أخيه الميت ( تث 25 : 5 – 7 ) .

و تصبح بنوة شرعية تنسب إلى المتوفى .

7-بنوة سلالة من الجدود

كما قيل " كتاب ميلاد يسوع المسيح بن إبراهيم " ( مت 1 : 1 ) .

ليس من نسلهما مباشرة ، و إنما كجدود

8-بنوة للزمان و المكان :

كما نتكلم عن أبناء وطن واحد . فنقول أبناء النيل ، إبن البلد .. و من جهة الزمان نقول أبناء هذه الجيل . أو نقول فلان لما لما كان إبن سنتين .. أو أبناء القرن العشرين .

9-بنوة وصفية أو نسبية :

كما قال المسيح للآب " الذين أعطيتنى حفظتهم ، ولم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك " ( يو 17 : 11 ) . وكما قال يوحنا المعمدان عن الأشرار " أولاد الأفاعى " ( مت 3 : 7 ) . وكما قال السيد المسيح لليهود المعاندين " أنتم من أب هو إبليس ، و شهوات أبيكم تريدون أن تعملوا " ( يو 8 : 44 ) . وكما نقول فى التسبحة " قوموا يا بنى النور ، النسبح رب القوات " . وقال السيد المسيح " لأن أبناء هذا الدهر أحكم من ابناء النور فى جيلهم " ( لو 16 : 8 )

1.-بنوة عقلية :

مثلما تقول إن العقل يلد فكرا . أ ويقول إن هذه القصة من بنات أفكارى ، أو تقول : فلان لم ينطق ببنت شقة ( أى لفظة ) .

11- بنوة سببية :

مثلما قيل : الشهوة إذا حبلت تلد خطية ( يع 1 : 14 ) . و الخطية تلد موتا . و بالمثل تقول : الحسد يلد كراهية . أو التوبة تلد إنسحاقا فى القلب .. إلخ

أما ولادة المسيح من الآب فهى ولادة طبيعية مثل ولادة الحرارة من النار و هى فوق الوصف – كولادة العقل من الذات . و الله روح ( يو 4 : 24 ) منزه عن التوالد الجسدانى .

4-

هل قال المسيح إنه إله ؟

ســـؤال

كيف نصدق لاهوت المسيح ، بينما هو نفسه لم يقل عن نفسه إنه إله ، ولا قال للناس اعبدونى ؟

جواب

لو قال عن نفسه إنه إله ، لرجموه

ولو قال للناس " اعبدونى " لرجموه أيضاً ، و انتهت رسالته قبل أن تبدأ .. إن الناس لا يحتملون مثل هذا الأمر . بل هو نفسه قال لتلاميذة " عندى كلام لأقوله لكم ، و لكنكم لا تستطيعون أن تحتملوا الآن " ( يو 16 : 12 ) .

لذلك لما قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك " ، قالوا فى قلوبهم " لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف ؟‍ّ! ، من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده " ( مر 2 : 6 ، 7 ) . لذلك قال لهم السيد المسيح " لماذا تفكرون بهذا فى قلوبكم ؟ أيهما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك ، أم أن يقال قم احمل سريرك و امش ؟! ولكن لكى تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض ان يغفر الخطايا ، قال للمفلوج : لك أقول قم ، و أحمل سريرك واذهب إلى بيتك . فقام للوقت و حمل السرير ، و خرج قدام الكل حتى بهت الجميع و مجدوا الله .. " ( مر 2 : 8 – 12 ) .

كذلك لما قال لليهود " أنا و الآب واحد " تناولوا حجارة ليرجموه ( يو 1. : 3. ، 31 ) متهمين إياه بالتجديف و قائلين له " بانك و أنت إنسان تجعل نفسك إلها " ( يو 1. : 33 ) .

إذن ما كان ممكنا عمليا أن يقول لهم إنه إله ، أو أن يقول لهم اعبدونى و لكن الذى حدث هو الآتى :

لم يقل إنه إله ، ولكنه اتصف بصفات الله . و لم يقل اعبدونى ، لكنه قبل منهم العبادة .

و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا . و نحن فى هذا المجال سوف لا نذكر ما قاله الإنجيليون الأربعة عن السيد المسيح ، ولا ما ورد فى رسائل الاباء الرسول ، إنما سنورد فقط ما قاله السيد المسيح نفسه عن نفسه ، حسب طلب صاحب السؤال . فنورد الأمثلة لآتية

*نسب السيد المسيح لنفسه الوجود فى كل مكان ، و هى صفة من صفات الله وحده

فقال " حيثما اجتمع إثنان أو ثلاثة باسمى ، فهناك أكون فى وسطهم " ( مت 18 : 2. ) . و المسيحيون يجتمعون باسمه فى كل أنحاء قارات الأرض . إذن فهو يعلن وجوده فى كل مكان . كذلك قال " ها أنال معكم كل الأيام و إلى إنقضاء الدهر " ( مت 28 : 2. ) و هى عبارة تعطى نفس المعنى السابق .

و بينما قال هذا عن الأرض ، قال للص التائب " اليوم تكون معى فى الفردوس " ( لو 23 : 43 )

. كذلك قال " ها أنال معكم كل الأيام و إلى إنقضاء الدهر " ( مت 28 : 2. ) و هى عبارة تعطى نفس المعنى السابق .

و بينما قال هذا عن الأرض ، قال للص التائب " اليوم تكون معى فى الفردوس " ( لو 23 : 43 )

إذن هو موجود فى الفردوس كما هو فى كل الأرض .

و قال لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلى السماء ، إلا الذى نزل من السماء ، ابن الإنسان الذى هو فى السماء " ( يو 3 : 13 ) . أى أنه فى السماء ، بينما كان يكلم نيقوديموس على الأرض ..

و بالنسبة إلى البرار قال إنه يسكن فيهم هو و الآب ( يو 14 : 23 ) . أما عن الإنسان الخاطئ فقال إنه يقف على باب قلبه و يقرع حتى يفتح له ( رؤ 3 : 2. ) .

*و نسب نفسه إلى السماء ، منها خرج ، و له فيها سلطان .

فقال " خرجت من عند الآب ، و أتيت إلى العالم " ( يو 16 : 28 ) . و قال إنه يصعد إلى السماء حيث كان أولاً " ( يو 6 : 62 ) . و فى سلطانه على السماء قال لبطرس " و أعطيك مفاتيح ملكوت السموات " ( مت 16 : 19 ) . و قال لكل تلاميذه " كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً فى السماء " ( مت 18 : 18 ) .. و قال " دفع إلى كل سلطان فى السماء و على الرض " ( مت 28 : 18 ) .

*و نسب إلى نفسه مجد الله نفسه .

فقال " إن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته . و حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله " ( مت 16 : 27 ) . و هو نسب لنفسه مجد الله ، و الدينونة التى هى عمل الله ، و الملائكة الذين هم ملائكة الله . و قال أيضاً أنه سيأتى " بمجده و مجد الآب " ( لو 9 : 26 ) . وقال أيضاً " من يغلب فسأعطيه أن يجلس معى فى عرشى كما غلبت و جلست مع أبى فى عرشه " ( رؤ 3 : 21 ) . هل يوجد اكثر من هذا أنه يجلس مع الله فى عرشه ؟!

*كذلك تقبل من الناس الصلاة و العبادة و السجود .

قال عن يوم الدينونة " كثيرون سيقولون لى فى ذلك اليوم : ىيا رب يا رب اليس باسمك تنبأنا ، و باسمك اخرجنا شياطين ، و باسمك صنعنا قوات كثيرة " ( مت 7 : 22 ) . و قبل من توما أن يقول له " ربى و إلهى ، و لم يوبخه على ذلك . بل قال له : لأنك رأيتنى يا توما آمنت . طوبى للذين آمنوا و لم يروا ( يو 2. : 27 – 29 ) كذلك قبل سجود العبادة من المولود أعمى ( يو 9 : 38 ) ، و من القائد يايرس ( مر 5 : 22 ) و من تلاميذه ( مت 28 : 17 ) .. ومن كثيرين غيرهم .

و قبل أن يدعى ربا . و قال إنه رب السبت ( مت 12 : 8 ) . و الأمثلة كثيرة

5-

حول وراثة الخطية

ســـؤال

قرأت لكاتب ينكر وراثة الخطية الأصلية الجدية ، فيقول " لو كان الزواج ينقل خطية آدم من جيل إلى جيل لأصبح من الضرورى أن نعلم بضرورة عدم الزواج ، أى العودة إلى تعليم مانى فى تحريم الزواج " .

" و أيضاً يصبح الله خالق الأداة التى ينقل بها الشر " . فما هو الرد على هذا الفكر ؟

جواب

لا توجد أداة تخلق للشر . إنما الشر يأتى من سؤء إستخدام الأداة .

فالله مثلا خلق النار . ويمكن أن النار تحرق و تخرب ، إذا أسئ إستخدامها ويمكن أيضاً أن تستخدم فى الخير ، كما فى الأفران اللازمة للصناعة ، أو اللازمة للتدفئة . فهل إذا النار حرقت ، نقول إن الله خلق الأداة التى ينقل بها الشر ؟! أم نقول إن سوء الإستخدام هو الذى جلب الشر ..

كذلك الله خلق الحجارة ، التى يمكن أن تستخدم فى البناء و تكون خيرا ، فهل إذا قذف إنسان عدوا له بحجر فقتله ، نقول إن الله خلق الأداة التى ينقل بها الشر ؟! أم نقول إن سوء الإستخدام هو الذى جلب الشر ...

كذلك أوجد الله الزواج ابقاء الجنس البشرى ، وليس لانتقال الخطية .

أما عن تحريم الزواج حتى لا تنتقل به الخطية .

فهو قول لا يعقله إنسان ، لأن تحريم الزواج معناه إنتهاء الحياة البشرية على الرض ، لأن توالى الحياة من جيل إلى جيل هو نتيجة للزواج و إلا ما كان مانى قد وجد ، ولا صاحب هذا الإعتراض .

و لكننا للرد على توارث الخطية نتيجة للتوالد بالزواج نقول :

حقا إن الزواج يولد به أطفال وارثون للخطية . ولكن الله أعد لهم المعمودية التى يولدون بها ثانية أنقياء من تلك الخطية .

وبهذا بقى الزواج وسيلة لاستمرار الجنس البشرى ، ومنح الله المعمودية للخلاص من توارث الخطية .

و هناك نقطة إيجابية لا ننساها و هى :

إن الزواج يولد به أبناء لله و للكنيسة ، و أعضاء فى جسد المسيح .

فلو ألغى الزواج ، حتى لا تتوارث فيه الخطية بالتناسل ، لتوقف فى نفس الوقت و لادة أشخاص يصيرون أبناء الله ، و يتوقف أيضاً ميلاد أشخاص يكمل بهم جسد المسيح أعنى الكنيسة !!

وايضاً من الناحية الإيجابية يولد بالزواجأشخاص ينشرون الإيمان و يبنون الملكوت . و يكون منم أبطال للإيمان ورعاة ة معلمون وقادة روحيون .

6-

هل الله هكذا

ســـؤال

قيل عن المسيح إنه مات فهل الله يموت ؟ وقيل إنه تألم ( مت 16 : 21 ) ، وإنه جاع ( مت 4 : 2 ) ، و إنه عطش ( يو 19 : 28 ) . و إنه تعب ( يو 4 : 6 ) . و إنه نام ( لو 8 : 23 ) فهل الله يتألم ؟! و هل الله يجوع و يعطش ، و يتعب و ينام ؟! و حينما كان ميتا أو نائما ، من كان يدبر أمور العالم .

جواب

بديهى أن الله طبيعته الإلهية غير قابلة للموت .

و نحن نقول عن الله فى الثلاثة تقديسات " قدوس الحى الذى لا يموت " . ولا يمكن أن ننسب إلى الطبيعة الإلهية الموت . و لكن الذى حدث فى التجسد الإلهى ، أن طبيعة الله غير المائتة اتحدت بطبيعة بشرية قابلة للموت .

و هذه الطبيعة البشرية هى التى ماتت على الصليب .

أنفصلت فيها الروح عن الجسد ، ولكن اللاهوت ظل متحدا بالروح ، ومتحداً بالجسد ، وهو حى لا يموت . ولذلك نحن نقول فى صلاة الساع التاسعة " يا من ذاق الموت بالجسد فى وقت الساعة التاسعة من أجلنا نحن الخطاة " .

ولأننا لا نفصل الطبيعتين ، نسب الموت إلى المسيح كله

فالإنسان مثلا يأكل و يشرب . الجسد هو الذى يأكل ، و ليس الروح . و الجسد هو الذى يشرب ، وليس الروح . ومع ذلك نقول إن الإنسان هو الذى أكل و شرب ، و لا نقول بالتحديد إن جسد الإنسان قد أكل .

كذلك فى الموت : روح الإنسان لا تموت بل تبقى حية بعد الموت . ولكن الجسد هو الذى يموت بانفصاله عن الروح . و لا نقول إن جسد الإنسان وحده قد مات ، بل نقول إن الإنسان قد مات ( بانفصال روحه عن جسده ) . و كذلك فى القيامة . إنها قيامة الجسد ، لأن الروح لم تمت حتى تقوم . و مع ذلك نقول إن الإنسان قام من الأموات

الطبيعة البشرية – المتحدة بالإلهية – هى التى ماتت . و لكن طبيعة الله لا تموت .

لو كان المسيح إلها فقط ، غير متحد بطبيعة بشرية ، فإن الموت كان خاصا بها . و نفس الوضع نقوله عن باقى النقاط .

الله لا ينام ، و نقول عنه فى المزمور إنه " لا ينعس و لا ينام " ( مز 12. ) .

و لكنه نام بطبيعته البشرية .. إلخ . و لكن طبيعته البشرية كانت متحدة بلاهوته اتحادا كاملا . فنسب ذلك أكل و شرب بطبيعته البشرية ، تألم و تع بطبيعته البشرية .. ألخ . ولكن طبيعته البشرية كانت متحدة بلاهوته اتحادا كاملاً

أما عن عبارة " بكى يسوع " و باقى المشاعر البشرية .

فنقول إن الطبيعة البشرية التى اتحد بها ، كانت تشابهنا فى كل شئ ما عدا الخطية . فلو كان بلا مشاعر ، ما كان إنساناً . و هو سمى نفسه " ابن الإنسان " لأنه أخذ طبيعة الإنسان فى كل شئ ، ماعدا الميل إلى الخطية . و كإنسان كانت له كل ما ينسب إلى الإنسان من مشاعر ، ماعدا النقائص و الخطاء .. و طبعا ليس فى المشاركة الوجدانية خطأ . ليس فى البكاء خطأ ، بل هو دليل على روقة الشعور ، و على الحب و الحنو

و ماذا إذن عن الصلاة ؟

لو كان المسيح لا يصلى ، لكانت رسالته عرضة للفشل ، إذ يقولون عنه إنه غير متدين . و أيضاً ما كان يقدم قدوة صالحة لغيره فى الفضيلة و الحياة الروحية هو إذن – كإنسان – كان يصلى . كانت هناك صلة بين ناسوته و لا هوته . و الصلاة هى صلة .صلة بين طبيعتنا البشرية ، و بين الله

7-

قبل أن يكون إبراهيم

ســـؤال

قال البعض إن عبارة " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن " ( يو 8 : 58 ) التى قالها السيد المسيح ، لا تعنى لاهوته أو أزليته ، بل تعنى لاهوته أو أزليته ، بل تعنى أنه كائن فى فكر الله .0‍! كما قال الله لأرمياء النبى " قبلما صورتك فى البطن عرفتك . وقبلما خرجت من الرحم قدستك .. " ( أر 1 : 5 ) .. فكيف نجيب على هذا الفكر ؟

جواب

كل شئ كائن فى فكر الله منذ الأزل . لا يزيد على فكره شئ شئ . الكل كائن أمامه فى صورة واحد .

فما معنى أن شخصا كان فى فكر الله قبل شخص آخر ؟!

هل كان المسيح فى فكر الله ، قبل أن يكون فى فكره ابراهيم ؟! هذا غير معقول لأنه يعنى أن ابراهيم جد على فكر الله بعد المسيح !! و الله لا يمكن أن يجد على فكره شئ .. لأن هذا يعنى نقص هذا الأمر فى فكر الله قبل ذلك . و اتهام الله – جل اسمه – بالنقص هو تجديف على الله .. حاشا أن يكون ذلك .

كذلك هو لم يقل : قبل أن يكون ابراهيم أنا كنت ، و إنما قال أنا كائن .

و عبارة " كائن تعنى الكينونة المستمرة . و لم يكن طبعا الكينونة بالفكر ، لأن العالم كله كان فى فكر الله قبل خلقه .. و قد فهم اليهود من كلامه قصده فى وجوده الذاتى السابق . لذلك بعد أن قال عبارة " قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن " يقول الإنجيل " فرفعوا حجارة ليرجموه ( يو 8 : 59 ).

أما قاله الرب لارمياء النبى " قبلما صورتك فى البطن عرفتك .. " فهذا يعنى معرفة الله السابقة لما سيكون . و لا يعنى أن ارمياء كان له وجود ذاتى قبل ولادته .

العالم كله له وجود فى فكر الله و فى مشيئة الله قبل خلقه . ولكن هذا لا يعنى أنه كان له وجود قبل أن يوجد !!

8-

لماذا نموت

ســـؤال

إن كان الموت هو عقوبة للخطية ، و الرب قد رفع عنا هذه العقوبة فى ذبيحة الصليب ، فلماذا إذن مازلنا نموت ؟

جواب

الموت حاليا ليس عقوبة ..

و نحن نقول فى الصلاة على الراقدين " لأنه ليس موت لعبيدك ، بل هو إنتقال " . و لذلك قال الرسول متعجبا " اين شوكتك يا موت ؟ ! " ( 1كو 15 : 55 ) .

الموت هو جسر ذهبى إلى حياة أفضل .

ينقل من حياة فانية إلى حياة باقية . وينقل من عشرة البشر الخطاة إلى عشرة الملائكةو القديسين . و ينقل من الأرض إلى الفردوس . بل أكثر من هذا ينقل إلى الحياة مع المسيح ، لذلك قال الرسول " للا إشتهاء أن انطلق و أكون مع المسيح . ذلك أفضل جداً " ( فى 1 : 23 ) .

الموت أيضاً هو الوسيلة التى تخلع بها الجسد المادى الفاسد .

و بهذا يصبح الخطوة الأولى لأمجاد الكنيسة فيما بعد ، حيث نقوم بجسد ممجد ، جسد نورانى روحانى سماوى ، كما شرح الرسول فى ( 1كو15 ) . وقال " هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد . وهذا المائت يلبس عدم موت " ( يزرع فى هوان ويقام فى مجد .. يزرع جسما حيوانيا ، و يقام جسما روحانيا " ( 1كو 15 : 43 – 53 ) . إذن بالموت نتخلص من المادة و ثقلها . فهو إذن ليس عقوبة .

وإن كان الله لا يسمح أن نموت ، فمعنى هذا أن تبقى فى عبودية المادة و الفساد .

وأن نبقى على الأرض بدلا من السماء .. بل حتى العالم لن يتسع لكل الناس .

9-

الخلاص من الخطية

 

ســـؤال

إن كان المسيح قد جاء ليخلص الناس من الخطية ، فلماذا نرى أن الناس لا يزالون يخطئون ؟!

جواب

أولاً إن المسيح جاء يخلص الناس من عقوبة الخطية .

هكذا فداهم ، ودفع الثمن عنهم بدمه الطاهر . وإن كانت " أجرة الخطية هى موت " ( رو 6 : 23 ) ، فقد مات المسيح عنا ، حتى ننجو جميعا من عقوبة الخطية .

أما عن الخلاص من الخطية ذاتها .

أى من فعل الخطية ، فنحب أن نقول إن فعل الخطية مرتبط بالحرية . فمادام الإنسان حراً ، يمكنه أن يفعل الخطية أولا يفعل . طريق الخير مفتوح أمامه ، و طريق الشر كذلك . و هو بحريته يختار ما يشاء . و هكذا يكون له الثواب أو العقاب من الله

فعصمة الإنسان من الخطية ، معناها إلغاء حريته . و الله لا يلغى نعمة الحرية ، يمنحه العصمة .

إنما يريد أن يسمو الإنسان عن فعل الخطية بكامل حريته . وللوصول إلى هذا ، فإن السيد المسيح منح الناس إمكانيات للبر . منحهم نعمته العاملة فيهم ( 1كو 15 : 1. ) ، وروحه القدوس الذى يسكن فيهم ( 1كو3 : 16 ) . ومنحهم تجديداً لطبيعتهم ( أف 4 : 24 ) بحيث تكون قادرة على فعل الخير و مقاومة الشر أكثر من ذى قبل ، وبهذا يخلصهم من الخطية . كذلك فتح لهم باب التوبة و بالتوبة يتخلصون من الخطية .

10 -

الصلب ورفع العقوبة

ســـؤال

قرأت أيضاً فى بعض الكتب ، أن عملية الصلب لا تعنى العقوبة ، إنما الحب ، وأنه لم تقع عقوبة على الإبن ، ولا الإبن عاقب نفسه ، و لا نحن علينا عقاب فى الحقيقة ، بل فزنا بالبراءة .

فما رأيكم فى هذه العبارات ؟

جواب

نحن لم نفز بالبراءة إطلاقا ، بل الصليب دليل على أننا مذنبون و نستحق العقوبة . وهناك من حملها عنا .

فلو كانت هناك براءة ما كانت هناك عقوبة يحملها المصلوب عنا . و بالتالى ما كان هناك صلب ، و فداء

و الدليل على عدم البراءة ، قول الكتاب " " كلنا كغنم ضللنا ، و الرب وضع عليه إثم جميعنا " ( أش 53 : 6 ) . فمادام هناك ضلال و إثم لجميعنا ، لا تكون هناك براءة .

ذلك يقول الكتاب " أننا و نحن بعد خطاة ، مات لأجلنا " ( رو 5 : 8 ) . ويقول الرسول أيضاً " كنتم أمواتا بالذنوب و الخطايا " ( أف 2 : 1 ) . ويقول الرسول أيضاً " كنتم أمواتا بالذنوب و الخطايا " ( أف 2 :1 ) " نحن أموات بالخطايا ، أحيانا مع المسيح " ( أف 2 : 5 )

و هاتان الآتيان تعنيان أمرين : احدعهما أننا خطاة ، و الآخر أننا أموات بسبب خطايانا ، أى تحت حكم الموت بسبب الخطية . إذن فلسنا أبرياء

مادمنا لسنا أبرياء ، بل خطاة و تحت حكم الموت .

و مادامت أجرة الخطية موت ( رو 6 : 23 ) . إذن الموت عقوبة . فمن ينجينا من هذه العقوبة إلا الذى يحملها عنا .

فالذى ينكر عقوبة الموت الواقعة على الإنسان بسبب خطاياه ، وينكر معها أن السيد المسيح حمل هذه العقوبة ، إنما ينكر أهم مبادئ المسيحية فى الفداء و الكفارة و بالتالى ينكر عمل التجسد الإلهى .

و المعروف أن الإبن قد تجسد ليكون كفارة عن خطايانا

و هذا واضح من قول القديس يوحنا الحبيب " فى هذا هى المحبة : ليس أننا نحن أحببنا الله . بل هو أحبنا و ارسل إبنه كفارة عن خطايانا " ( 1يو 4 : 1. ) . و قوله ايضاً " إن أخطأ أحد ، فلنا شفيع عندالله الآب ، يسوع المسيح البار . هو كفارة لخطايانا ، ليس لخطايانا كل العالم أجمعى " ( 1يو 2 : 12 ) و نجد فى كل هذه النصوص ارتباط كلمة كفارة ، بكلمة خطايانا .

إذن ليست هناك براءة للإنسان ، إنما هناك خطايا ، عفو عنها ، عن طريق الكفارة التى قام بها المسيح بموته عنا من أجل محبته لنا .

و هكذا قال الرسول أيضاً " متبررين بنعمته ، بالفداء الذى بيسوع المسيح ، الذى قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه ، لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة " ( رو 3 : 14 ، 15 )

ويفهم من هذا إن عبارة متبررين بدمه تحمل الصفح عن الخطايا السالفة و ليس البراءة من الخطايا السالفة .

و كل ذلك كان بالكفارة ، بالفداء بالدم الكريم

و موت المسيح بسفك دمه على الصليب ، كان عوضا عن موتنا نحن . و موتنا كان العقوبة التى يفرضها العدل الإلهى عن خطايانا . و قد وقعت هذه العقوبة على المسيح حينما وضع عليه إثم جميعنا .

عبارة " لا عاقب الله إبنه " ( المقصود بها التخلص من كلمة ( العقوبة ) جملة و نحن نستبدلها عبارة " عاقبنا الله فى إبنه " أو ترك إبنه يحتمل العقوبة نيابة عنا .. " ( و سر ان يسحقه بالحزن " ( أش 53 : 1) . عبارة " و لا الإبن عاقب نفسه " محاولة أخرى للتخلص ن كل ( العقوبة ) فالإبن قد تحمل العقوبة بإرادته ، إذ بذل ذاته عنا . و قال فى ذلك " لأنى أضع نفسى لآخذها . ليس أحد يأخذها منى ، بل أضعها أنا من ذاتى . لى سلطان أن أضعها . و لى سلطان أن أخذها أيضاً " ( يو 1. : 17 ، 18 )

إذن فى حمل العقوبة عنا ، لا نقول إن الإبن عاقب نفسه ، إنما نقول إنه بذل نفسه ، بارادته ، ليحمل العقوبة عنا

وفى كل ذلك العقوبة موجوده ولازمة ، و نقضيها العدل الإلهى . الذى قال للإنسان " موتا تموت " ( تك 2 : 17 ) . و على رأى القديس أثناسيوس الرسولى فى كتابة ( تجسد الكلمة ) " إن لم يمت الإنسان لا يكون صادقا و لا عادلاً " .

العدل إذن كاد يقتضى العقوبة . ومن محبة الله لنا ،حمل هذه العقوبة عنا .

إذن المسيح فى موته ، كان ذبيحة حب ، و كان ذبيحة للعدل ورفع العقوبة . كان حامل خطاها ، وكان كفارة عن جميع الشر .

و الذين يركزون على المحبة دون العدل ، و على المغفرة دون ذكر للخطايا ، إنما ينسون أن هذه المحبة قد ظهرت فى الكفارة و الفداء ، كما قال الرسول " إن الله بين محبته لنا لأنه و نحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا " ( رو 5 : 8 )

و عبارة مات لأجلنا تعنى إستيفاء العدل الإلهى .

هذا العدل الذى كنا مطالبين به . فدفعه هو عنا . كما قال الرب عن المديونين " وإذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعاً " ( لو 7 : 42 ) . . وكيف سامحهما ؟ بأن دفع الين نيابة عنهما و كيف دفع الدين ؟ يموته على الصليب .

11-

كفارة عن أية الخطايا

ســـؤال

هل السيد المسيح على الصليب ، قدم نفسه ذبيحة كفارية عن الخطية الجدية ، أم عن كل الخطايا .

جواب

السيد المسيح قدم نفسه كفارة عن خطايا العالم كله . كما قال معلمنا القديس يوحنا الرسول " إن أخطأ أحد ، فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار . وهو كفارة لخطايانا ، ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا كل العالم أيضاً " ( 1يو 2 : 1 ، 2 ) .

إنه كفارة عن الخطية الجدية التى ارتكبها أبوانا الأولان . وهو كفارة عن خطايا جميع الناس فى جميع العصور إلى آخر الدهور . ونحن ننال بركة الكفارة عن الخطية الجدية فى سر المعمودية ، وبركة الكفارة عن خطايانا الفعلية فى سر التوبة .

و يكون حساب كل هذه الخطايا فى دم المسيح ، الذى يغفرها ويمحوها ن كما قال الوحى الإلهى فىسفر أشعياء النبى " كلنا كغنم ضللنا . ملنا كل واحد إلى طريقه ، و الرب وضع عليه إثم جميعنا " ( أش 53 : 6 ) .

فإذا آمن شخص ، وتعمد وهو كبير السن ، تغفر له فى المعمودية الخطية الجدية ، و كل الخطايا الفعلية السابقة للمعمودية ، وبشرط التوبة .

وهكذا قال القديس بطرس الرسول فى يوم الخمسين ، لليهود الذين آمنوا : " توبوا و ليعتمد كل واحد منكم على إسم يسوع لغفران الخطايا .. " ( أع 2 : 38 ) ..

أما الخطايا التى يرتكبها الإنسان بعد المعمودية فتغفر فى سر التوبة .

12-

المحدود و اللامحدود

 

ســـؤال

فى عقيدة التجسد ، يقدم البعض سؤالا و هو : " كيف يشق الله لنفسه طريقا من اللامحدودية إلى المحدودية ، مع بقائه غير محدود فى ذاته ؟‍ أليست فى هذا محاولة لإخضاع الله لعقول البشر ؟ .

 

جواب

فى التجسد ، لم يتحول الله من اللامحدودية . و إنما بقى غير محدود ومع أنه أثناء الحمل ، كان فى بطن العذراء ، إلا أنه كان فى نفس الوقت مالئ السموات و الأرض .

ها نحن الآن – أنا وأنت – كل منا فى حجرة محاطة بجدران ، مغلقة بنوافذ و ابواب . فهل الله موجود فى هذه الحجرات ، أم غير موجود ؟

لا شك أنه موجود طبعا ، لأنه لا يخلو منه مكان . فهل وجوده فى حجرة مغلقة ، يمنع وجوده فى كل مكان آخر ، و فى السماء و الأرض ؟! هكذا حينما كان فى بطن العذراء أثناء الحمل الإلهى

و هكذا كان فى كل وقت أثناء فترة تجسده على الأرض . كان يكلم نيقوديموس فى اورشليم . ومع ذلك قال له " ليس أحد صعدإلى السماء ، إلا الذى نزل من السماء ، ابن الإنسان الذى هو فى السماء "

(يو 3 : 13 ) أى أنه كان فى السماء ، حينما كان يكلم نيقوديموس على الأرض ، فى أورشليم .

و بالمثل حينما كلم الله أبانا إبراهيم . و حينما كلم موسى و سلمه لوةحى الشريعة . كان ذلك فى بقعة معينة من الأرض ، بينما هو يملأ السموات و الأرض . و بالمثل حينما كلم آدم فى جنة عدن .

و بالمثل حينما يقول الكتاب " أنتم هياكل الله ، وروح الله يسكن فيكم " ( 1يو 3 : 16 ) . فهل وجود الله فينا ، يمنع وجوده فى كل مكان ؟! طبعا لا . هو موجود فى كل مكان على حده ، وهو موجود فى العالم كله ، وفى السموات ، ولا يحده مكان

وأنت حينما تقول " الله فى قلبى " .. هل يمنع هذا وجوده فى قلوب المؤمنين جميعا ، ووجوده فى كل مكان فى السماء و على الأرض ؟! طبعا لا .. و هوذا الشاعر يقول للرب فى ذلك :

لم يسعك الكون ما اضيقه كيف للقلب إذن أن يسعك ؟!

13-

هل الأبن أصغر ؟

ســـؤال

نقول إن المسيح ابن الله . فهل هو أصغر منه ، لأن الابن عادة يكون أصغر من الآب . وقد رأيت ايقونة فى كاتدارائية بالخارج . فيها صورة الآب بلحية بيضاء ، والابن بلحية سوداء .

جواب

أولا : الأيقونة التى رأيتها فى الخارج ، فيها أكثر من خطأ :

أ-الخطأ الأول هو تصوير الآب . بينما الإنجيل يقول " الله لم يره أحد قط . الابن الوحيد الذى فى حضن الآب هو خبر " ( يو 1 : 18 ) .

ولذلك لما أراد الاب أن نراه ، رأيناه فى ابنه الظاهر فى الجسد ( اتى 3 : 16 ) . و هكذا قال السيد المسيح " من رآنى فقد رأى الاب " ( يو 14 : 9 ) .

ب-الخطأ الثانى هو تصوير الاب بلحية بيضاء ،و الابن بلحية سوداء ، مما يوحى بأن الآب أكبر من الابن سنا . و هذا خطأ لاهوتى ، لأنهما متساويان فى الزلية . ولم يحدث فى وقت من الأوقات أن الاب كان بغير الابن . فالابن اللوجوس Logos هو عقل الله الناطق ، أو نطق الله العاقل ( الكلمة ) . و عقل الله كان فى الله منذ الأزل ، بلا فارق زمنى .

و لهذا فإننى عندما رأيت هذه الصورة فى مشاهدتى لكنائس الفاتيكان سنة 1973 ، قلت للكاردينال الذى يرافقنى " هذه الصورة أريوسية . ربما الفنان الذى رسمها كانت له موهبة فنية كبيرة . ولكن بغير دراسة لاهوتية سليمة " ..

ثانيا : الابن يكون أصغر من الاب فى الولادة الجسدانية ، ولكن ليس فى الفهم اللاهوتى . و ممكن أن توجد ولادة طبيعية بغير فارق زمنى .

فمثلا الحرارة تولد من النار ، بدون فارق زمنى . لأنه لا يمكن أن توجد نار بدون حرارة تتولد منها . إنها ولادة طبيعية ، لا نقول فيها إن المولود أقل عمرأ أو زمناً .

مثال آخر هو ولادة الشعاع من الشمس ، بلا فارق زمنى على الإطلاق . هذه هى خصائص الولادة الطبيعية ، و هى غير الولادة الجسدية الزمنية . إنها كولادة التبض من القلب ، وولادة الفكر من العقل ، و القياس مع الفارق ..

14-

إن شربوا سما مميتا

ســـؤال

قال السيد المسيح لتلاميذه عن المؤمنين به " وإن شربوا سما مميتا ، لا يضرهم " ( مر 16 : 18 ) . فهل لو عرض على احدهم أن أشرب سما لأثبت أنه سوف لا يضرنى كمؤمن ، هل افعل ؟!

جواب

شبه هذه الخدعة ، عرضه الشيطان على السيد المسيح فى التجربة على الجبل ، إذ طلب إليه أن يطرح نفسه من على الجبل إلى أسفل " لأنه مكتوب أنه يوصى ملائكته بك . فعلى أيديهم يحملونك ، لكى لا تصدم بحجر رجلك " فقال له المسيح " مكتوب أيضاً لا تجرب الرب إلهك " ( مت 4 : 6 ، 7 )

فنحن لا نجرب الرب الهنا بمثل هذه الأمور . و لكنه إن أراد أن ينقذنا من السم الميت ، كما حدث مع القديس مارجرجس ، فلنشكره لأنه يشاء يشاء أن ينشر الإيمان بهذه الطريقة . وإن أراد لنا أن نموت لنتمتع بعشرته فى الفردوس ن فلتكن مشيئته ، و لنشكره على إراحتنا من هذا العالم اللزائل . و لنقل مع الرسول : إن عشنا ، فللرب نعيش ، و إن متنا فللرب نموت " ( رو 14 : 8 ) .

ويكمل الرسول قوله : فإن عشنا وإن متنا ، فللرب نحن . نحن لا نفرض أ يصنع الرب معنا معجزة ممكنة الله . ولكنها محاطة بمشيئته . فإن شاء فعل . وإن لم يشأ ، فذلك له . إنها ادرى بما هو خير .

نقطة أخرى اقولها فى هذا المجال وهى : هناك أنواع من الإيمان : إيمان بسيط ، و إيمان صانع للمعجزات .

الإيمان البسيط هو لجميع الناس . يؤمنون بالله و كتبه و سمائه و ملائكته ، و يؤمنون بقدرة الله ، وبعدل الله ، وأزلية الله ، وقداسة الله وصلاحه ، وبوجوده فى كل مكان .. إلى آخر كل تلك الأمور الخاصة بالله وحده .

و هناك الإيمان الذى يصنع المعجزات ، وهو ليس لجميع الناس ، وإنما لمجوعة مختارة من قديسيه ، وهبها الله هذه القدرة من عنده لإجراء العجائب و المعجزات .

ولا يستطيع احد أن يدعى أنه من هذا النوع . ولا ان القدرة على عمل المعجزات شاملة للكل . فهذا مستوى خاص ، و قامة معينة فى القداسة ، ائتمنها الله على رسالة خاصة ، لخير البيشرية أو نشر الإيمان أو لكليهما معا ..

15-

أيوجد شر فى السماء

ســـؤال

لماذا سمح الله بدخول الخطية إلى السماء ، عندما تكبر بعض الملائكة وسقطوا ؟ على الرغم من أن السماء مقدسة ، ولا يسكنها من يفكر فى الشر ! و أيضاً لوجود الله فيها .. وايضاً الملائكة قد خلقوا من النور ، و الخير ، و لعمل إرادة الله

جواب

كما أن الله موجود فى السماء ، هو أيضاً موجود على الأرض ، و هذه الأرض تحدث فيها شرور كثيرة .

لا تتضايق ، فالملائكة الذين سقطوا ، لم يستحقوا الوجود فى السماء ، بل " انحدروا إلى الهاوية إلى أسافل الجب " ( أش 14 : 15 ) . و بقيت السماء طاهرة ، و نقول فى صلواتنا " لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض " .

و لعله من أجل خطية هؤلاء الملائكة وهم فى السماء ، قيل فى الكتاب " السموات غير طاهرة فى عينيه " ( أى 15 : 15 ) " وإلى ملائكته ينسب حماقة " ( أى 4 : 18 ) .

و لا تحزن با أخى على خطية الشيطان فى السماء . فقد قال الرب " السماء و الرض تزولان " ( مت 5 : 18 ) .. وقال يوحنا الرائى " رأيت سماء جديدة وأرضا جديدة . لأن السماء و الأرض الولى مضتا ، و البحر لا يوجد فيما بعد " ( رؤ 21 : 1 ) .

نعم ستزول هذه السماء و هذه الأرض اللتان شهدتا الخطية ، وتوجد سماء جديدة وأرض جديدة ، ولا توجد الخطية فيما بعد ..

حقا عن الملائكة كانوا قد خلقوا من نار أو نور . ولكن كانت فى طبيعتهم حرية الإرادة . و بالحرية أخطأ البعض . أما الذين تكللوا بالبر ، فلن يخطئوا فيما بعد ..

16-

ذبيحة الخطية و ذبيحة الاثم

ســـؤال

ما الفرق بين ذبيحة الخطية و ذبيحة الإثم ، مادام الهدف منهما واحد وهو مغفرة الخطية ، ومادامت شريعتهما واحدة ، كما قال الكتاب " ذبيحة الإثم كذبيحة الخطية ، لهما شريعة واحدة " ( لا 7 : 7 ) .

جواب

الفرق بينهما ان واحدة منهما عن الخطايا الإرادية ، والأخرى عن خطايا السهو أو الجهل .

أى أن الخاطئ لم يكن يدرك وقتها أنه قد أخطأ ، ثم أعلم بذلك ، حينئذ يأتى بذبيحة عن هذه الخطية التى لم يكن يعرفها .

وفى ذلك يقول سفر اللاويين " إذا أخطأت نفس سهوا فى شئ من جميع مناهى الرب التى لا ينبغى عملها منها .. " ( لا 4 : 2 ) . " وإن سها كل جماعة إسرائيل ، وأخفى أمر عن أعين الجميع ، و عملوا واحدة من جميع مناهى الرب التى لا ينبغى عملها وأثموا ، ثم عرفت الخطية التى أخطأوا بها .. " ( لا 4 : 13 ، 14 ) . وإن أخطأ واحد من عامة الأرض سهوا بعملة واحدة من مناهى الرب التى لا ينبغى عملها وأثموا ، ثم عرفت الخطية التى أخطأوا بها .. " ( لا 4 : 13 ، 14 ) . وإن أخطأ واحد من عامة الأرض سهوا بعملة واحدة من مناهى الرب الرب التى لا ينبغى عملها وأثم بخطيئته التى اخطأ به .. " ( لا 4 : 27 ) . " أو إذا حلف أحد مفترطا بشفتيه ، للإساءة أو للإحسان مما بفترط به الإنسان فى اليمين ، وأخفى عنه ثم علم ، فهو مذنب .. فإن كان يدنب فى كل شئ منهذه يقربما قد أخطأ به ، ويأتى إلى الرب بذبيحة لإثمه .. " ( لا 5 : 4 ، 5 ) .

إذن فالخطية التى عملت بسهو أة بجهل ، كانت تقدم عنها ذبيحة مثل الخطية التى تعمل بمعرفة وبنية سيئة .

إن كلا منهما خطية ، لأنه كسر لإحدى وصايا الرب ، أو هى إرتكاب لشئ من مناهى الرب التى لا ينبغى عملها . ولعل هذا يذكرنا بما ورد فى صلاة الثلاثة تقديسات حيث نقول " حل واغفر ،و اصفح لنا يا الله عن سيئاتنا التى صنعناها بإرادتنا و التى صنعناها بغير إراتنا ، التى فعلناها بمعرفة و التى فعلناها بغير معرفة ، الخفية و الظاهرة . يا رب إغفر لنا من أجل إسمك القدوس الذى دعى علينا " .

ونحن نشكر ربنا يسوع المسيح ، لأنه مات عن كل خطايانا . و كان على الصليب ذبيحة خطية وذبيحة إثم . ودفع ثمن الكل ، ما نعرفه وما لا نعرفه من الخطايا . وحينما نحاسب أنفسنا ، لا نعتذر بأننا لم نكن نعرف ، أو أننا فعلنا شيئا سهوا ففى كل ذلك كسرت وصية الله ، سواء عن معرفة او عن جهل ، بإرادتنا أو بغير إرادتنا .

17-

وما تحت الأرض

ســـؤال

ما المقصود بعبارة " وما تحت الأرض " فى قول الكتاب " لكى تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ، ومن على الأرض ، وما تحت الأرض " ( فى 2 : 1. )

جواب

المعنى الإجمالى هو : كل كائن حى ، فى كل مكان .

عبارة " كل ركبة " تعنى كل تعنى كل كائن حى . لأن الملائكة الذين فى السماء ليس لهم ركب ، كذلك أرواح القديسين ليس لها ركب . ولكنه تعبير عن الكائنات الحية ملائكة أو بشرا ، أو حتى شياطين .

فمثلا الأرواح التى كانت تحت الأرض ـ التى رقدت على رجاء ، و قد بشرها السيد المسيح و هى فى " اقسام الأرض السفلى " ( أف 4 : 9 ) . هؤلاء أيضاً كانوا يجثون للرب يسوع .. وحتى الشياطين ، تحت الأرض ، قال عنهم القديس يعقوب الرسول إنهم " يؤمنون ويقشعرون " ( يع 2 : 19 ) .

حاليا يوجد كثيرون من البشر تحت الأرض يعملون أو يسافرون .

فالذين يسافرون مثلا فى قطارات الـ Underground فى إنجلترا أو روسيا أوغيرهما ، حيث توجد أنفاق للمترو على عمق 5. متراً ، أو ثلاثين ، يمكنهم أن يصلوا أو يسجدوا وهم تحت الأرض .

و بنفس الوضع الذين يشتغلون فى المناجم على عمق 2.. مترا تحت الأرض أو أكثر جدا فى أنفاق محفورة للتفتيش على الذهب والأحجار الكريمة ، يمكنهم أيضاً أن يسجدوا تحت الأرض .

وأيضاً الغواصون ومن يشبههم . إجمالا – كما قلنا – يقصد الرسول جميع الكائنات الحية .

18-

الفدية لمن ؟!

ســـؤال

جاءنا سؤال عن الفدية التى قدمها الرب على الصليب : هل هى للعدل الإلهى ، أم أنها قدمت للشيطان بمساواة لكى يفك أسر الراقدين ، و يتخلى عن الذين فى قبضته ، إذ كنا مبيعين له بخطايانا ! فطلب دم المسيح ثمنا لنا ، ليعتق عبيده !! و لهذا قيل إننا " اشترينا بثمن " ..

جواب

الفدية قدمت للعدل الإلهى عن خلاص البشر .

و هكذا كل ذبيحة فى العهد القديم ، كانت تقدم للعدل الإلهى و ليس للشيطان . لأننا كنا تحت حكم الموت الذى صدر علينا من الله نتيجة للخطية " إذ ملك الموت من ىدم .. و بخطية واحد مات الكثيرون " ( رو 5 : 14 ، 15 ) . و الله هو الذى بيده حكم الموت " وله مفاتيح الهاوية و الموت " ( رؤ 1 : 18 ) . وهو الذى أصدر الحكم " أجرة الخطية هى موت " ( رو 6 : 23 ) وايضاً بدون سفك دم لا تحصل مغفرة " ( عب 9 : 22 ) .

الله إذن هو صاحب الحق . وهو ديان الأرض كلها " ( تك 18 : 25 ) .

و الفدية تقدم اليه ـ إلى عدله الذى حكم بالموت : لأن الخطية موجهة ضد الله " إليك وحدك أخطأت " ( مز 5. ) . فالإنسان أخطأ إلى الله : كسر وصية الله ، وخالفه ، وصدق الحية أكثر منه ، ولم يبال بقوله عن الشجرة " يوم تأكل منها موتا تموت " ( تك 2 : 3 ) .

أما الشيطان فليس له حق على الإطلاق يطالب به . إنه مجرد مغتصب ، و يشتكى على البشر .

ونحن لسنا مبيعين له ، وإنما كنا مبيعين للموت ، وليس للشيطان . والموت زال حكمه عنا فصرنا احرارا بدم المسيح عنا . و لا يستطيع الشيطان أن يدعى سلطانا علينا .

بل قال عنه السيد المسيح " أبصرت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء " ( لو 1. : 18 ) .

وقال " رئيس هذا العالم قد دين " ( 16 : 11 )

وليس للشيطان سلطان أو جرأة أن يسارم الله عن دم إبنه .

بأى حق يسارم ، وهو واقع تحت الدينونة . و قد انحدر إلى الهاوية منذ أن أخطأ ( أش 14 : 15 ) . وليس فى يده مصير الناس حتى يتحكم ‍!

كل ما يستطيعه أنه يشتكى و يحتج : لماذا يخلص هؤلاء ؟! فإن فإن كان عدل الله قد استلم دم خلاصهم بالفداء ، إذن يستد كل فم . يكفى أن داود النبى العظيم قد قال للرب " صمت . لا أفتح فمى ، لأنك فعلت " ( مز 39 : 9 )

هل الله يساوم عبداً محكوماً عليه بالهلاك ؟! حاشا .

و هل يساومه بان يقدم الله الإبن القدوس فدية ؟! عن أى شئ ! عن أنفس غبيده . هؤلاء لا يملكهم الشيطان .. بل يشتكى عليهم كحسود . يراهم يخلصون ، وهو هالك ؟! وهم ليسوا فى حوزته ، لأنهم قد رقدوا على رجاء " فى الإيمان مات هؤلاء جميعا . وهم لم ينالوا المواعيد ، بل من بعيد نظروها " ( عب 11 : 13 ) . المسيح نزل إلى الهاوية وعتقهم جميعا بعد صلبه ( أف 4 ) .

كذلك فإن المسيح لم يقدم نفسه فدية للشيطان . بل من محبته قدم نفسه بارادته عن خلاص العالم .

فهو الذى قال عن نفسه " أضع نفسى لآخذها أيضاً . ليس أحد يأخذها منى ، بل أضعها أنا من ذاتى . لى سلطان أن آخذها أيضاً " ( يو 1. : 17 ، 18 ) . وقد وضعها حبا للناس ، وليس مساومه للشيطان ( يو 3 : 16 ) .

و على الصليب ، قدم المسيح نفسه للآب ،و ليس للشيطان .

وقال " يا أبتاه لافى يديك أستودع روحى " ( لو 23 : 46 ) . ثم هناك سؤال نسأله بخصوص تلك المساومة المزعومة .

ما الذى يستفيده الشيطان من تلك المساومة ؟!

هل يترك كل تلك النفوس التى يزعم أنها بين يديه ، ليأخذ فى مقابلها لاشئ ؟ إن كان يطلب موت المسيح فرضا ، فماذا يستفيد من موته ، و فى موته خلاص العالم ؟! بل إن الشيطان كان ضد موت المسيح ، وهو الذى اوحى إلى اليهود أن يقولوا " إن كنت إبن الله ، أنزل من على الصليب " ( مت 27 : 4. )

و هل معقول أن دم المسيح يقدم للشيطان ، وهو الدم الذى يطهر من كل خطية ؟! ( 1يو1 : 7 ) .

وماذا عن ذبائح العهد القديم ، التى كانت ترمز كلها إلى دم المسيح ، هل كانت هى أيضاً تقدم للشيطان ؟! و النار التى كانت تنزل من السماء لتقبلها كما حدث مع ذبائح إيليا ضد أنبياء البعل ( 1مل 18 : 38 ) . هل كانت تقدم للشيطان ؟! أم كانت تمثل العهد الإلهى الذى يقبل الذبيحة ؟!

ذبيحة الفصح مثلا التى ترمز للمسيح ( 1كو 5 : 7 ) .. كان الملاك هو هو الذى يرى دمها على البواب ، فيعبرعن الأبكار و لا يهلكهم . أكانت هذه فدية مقدمة للشيطان ؟! و هل كل محرقات العهد القديم كانت لإرضاء الشيطان . أم رائحة سرور للرب ؟! ( لا1 ) .

الشيطان مقاوم للخلاص ، فلا يكون طرفا فيه بقبوله الفدية . و هل معقول أنه يقبل موت المسيح ، الذى بموته داس الموت الموت ، و حطم كل قوة الشيطان ؟!

19-

شركاء الطبيعة الإلهية (2بط 1 : 4 )

ســـؤال

قرأت تفسيرات عديدة عن تفسير عبارة " شركاء الطبيعة الإلهية " التى وردت فى ( 2بط 1 : 4 ) ، تتحدث عن تأليه الإنسان " .. ومنها :

1-يقول البعض " شركاء الطبيعة الإلهية ، هى الحصول على عطية التبنى . ورفض ذلك هو عودة صريحة إلى اليهودية " .

2-إن الله صار إنساناً ، ليصير الإنسان إلها .

3-قال البعض " نشترك فى لاهوت الكلمة " يلبسنا ما يخصه أى اللاهوت .

4-يقولون أيضاً " إن الشركة فى الطبيعة الإلهية تظهر بوضوع فى : سلطان الإنسان علىىالشياطين ، وفى السماء ، و فى حياة عدم الفساد ..

5-يقولون لما اتحد المسيح بالناسوت ، آله الناسوت .. ومن ذلك إعطاء الناسوت قدرة على القيامة من الأموات .

6-يقول البعض عن حلول القدس فى يوم الخمسين إنه فى ذلك اليوم " حدث غتحاد بين طبيعة إلهية و طبيعة بشرية " . ويقولون عن ذلك إنه " حلول أقنومى " ..

فما هو المفهوم الحقيقى للآية ، وما الحكم على كل هذه الأفكار التى قراتها فى كتابين ، كاتب كل منهما أرثوذكسى ؟ ..

جواب

المفروض قبل تفسير أية آية من الكتاب ، أن نفهم أولا المعنى اللاهوتى ، ثم نفسرها على اساسه .

و القاعدة اللاهوتية أنه من المستحيل أن يسترك أحد فى جوهر اللاهوت ، ولا فى صفاته اللاهوتية الخاصة به وحده .

وإلا يكون ذلك لونا من تعدد الآلهة ، ومن الشرك بالله .

و لندخل معا فى تفاصيل هذه النقطة ، ونرى إستحالة أشتراك الإنسان فى جوهر اللاهوت و فى الصفات اللاهوتية .

*الله مثلا غير محدود ، فهل يوجد إنسان هكذا ؟!

الله غير محدود من جهة المكان . فهو موجوده فى كل مكان : فى السماء والأرض وما بينهما ، ولا يسعه مكان . فهل يوجد إنسان له هذه الصفة الإلهية ؟ محال بلا شك .

*الله غير محدود من جهة قدرته .

فهو قادر على شئ . فهل يوجد إنسان هكذا ، مهما بلغت قدرته ؟! الله هو صانع العجائب ، ويمشى على الماء ، و ينتهر الريح ، ويدخل من الأبواب المغلقة .. إلخ . فهل الإشتراك فى الطبيعة الإلهية ، هو إشتراك فى هذه القدرة غير المحدودة ؟! مستحيل ..

القديسون الكبار الذين صنعوا معجزات ، إنما عملوا هذه المعجزات بقوة الله ، وبالصلاة ، وليس بطبيعتهم البشرية مهما تقدست .

*الله غير محدود فى معرفته .

يعرف الخفيات . يعرف الغيب و المستقبل . يفحص القلوب ، ويقرأ الأفكار .. و يعرف المشاعر و النيات . ويعرف ما فى باطن الأرض و البحر . ويعرف أعمال البشر جميعا . ويعرف كل خليقته الأرضية و السمائية بالتفاصيل .. كل ذلك بدون وسائل .. فهل يوجد إنسان يشترك مع الله فى هذه المعرفة ؟!

*الله الأزلى ، لا بداية له . الله واجب الوجود . الله خالق .. الله غير مرئى ، غير محوى ، غير مفحوص .. فهل يشترك إنسان فى هذه الصفات ؟! هل يقدر إنسان أن يشترك فى هذه الطبيعة الإلهية ؟!

إذن مامعنى شركة الطبيعة الإلهية ؟

المشاركة فى العمل

1-يمكن أن تعنى الشركة مع الله فى العمل .

لا نشترك معه فى اللاهوت ، إنما فى العمل . كما قال القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميلة أبولس " نحن عاملان مع الله " ( 1كو 3 : 9 ) . وكما نقول فى أوشية المسافرين " اشترك فى العمل مع عبيدك ن فى كل عمل صالح " .

وخدام الله يشتركون معه فى العمل ، باعتبارهم وكلاء الله . الأنبياء مثلا كانوا يسمعون الكلمة من فمه ويوصلونها إلى الناس ( مز 33 : 7 ) .

2-و على مستوى ضئيل : الإشتراك مع الطبيعة الإلهية فى القداسة .

*ولعل هذا هو ما قصده القديس بطرس الرسول فى ( 2بط 1 : 4 ) حينما قال" قد وهب لنا المواعيد .. لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية ، هاربين من الفساد الذى العالم بالشهوة . ولهذا عينه – وأنتم بازلون كل لإجتهاد – قدموا فى إيمانكم فضيلة ، و فى الفضيلة معرفة .. وفى التقوى مودة اخوية .. " ( 2بط 1 : 4 – 7 ) .

و هذا أيضاً ما قصده القديس بطرس فى رسالته الولى بقوله : " نظير القدوس الذى دعاكم ، كونوا أنتم أنتم أيضاً قديسين فى كل سيرة لأنه مكتوب : كونوا قديسين ، لأنى أنا قدوس " ( 1بط 1 : 15 ، 16 ) .

*تكون شركة الطبيعة الإلهية ، معناها العوده إلى الصورة الإلهية التى خلقنا بها .

و الصورة الإلهية ، لا تعنى أننا خلقنا آلهة !! وإنما تعنى على صورة الله فى البر ، وفى العقل .. إلخ .

*وهذا المعنى ينطوى على ما وعدنا به الله فى الأبدية .

ولهذا قال القديس بطرس " قد وهب لنا المواعيد .. لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية ، هاربين من الفساد" . ولعل هذا أيضاً يفسره قول القديس بولس الرسول " وأخيرا وضع لى أكليل البر ، الذى يهبه لى فى ذلك اليوم الديان العادل و ليس لى فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً " ( 2تى 4 : 8 ) .

شركة الطبيعة الإلهية إذن بهذا المعنى ، هى شركة فى القداسة و البر ، على حسب ما تحتمل طبيعتنا المحدودة ، لأن الله فى بره وقداسته غير محدود .

ولكننا فى هذا لسنا مثله ، إنما مجرد صورة وشبه .. فى ذلك أيضاً يبقى الفارق بين المحدود و غير المحدود

يذكرنا هذا أيضاً بقول السيد المسيح " كونوا أنتم كاملين ، كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل " ( مت 5 : 48 ) .

وفى كل ذلك أيضاً يبقى الفارق بين المحدود و غير المحدود .

الله بطبيعته كامل ، ونحن نسعى نحو الكمال ، لنكون شركاء الطبيعة الإلهية فى هذه الصفة . ولكن كمال الله غير محدود . وما نصل إليه نحن من كمال ، هو كمال نسبى ، حسبما يهبنا الله من نعمته .

ردود على بعض النقاط

النبوة

1-عبارة " صار الله إنسانا ، لكى يصير الإنسان إلها " ، توصحها عبارة :

صار الله غبنا للإنسان ، لكى يصير الإنسان إبنا لله

وشتان ما بين بنوة وبنوة . فنحن أبناء بالتبنى . أما المسيح فهو إبن الله : من جوهره ، ولاهوته ، وطبيعته الإلهية . لذلك سمى الإبن الوحيد ، كما فى ( يو 1 : 18 ) ( يو3 : 16 ، 18 ) ( 1يو 4 : 9 )

*وطبعا عبارة التبنى غير عبارة البنوة

لقب أبناء الله اعطى لنا عن طريق التشريف أو المحبة . كما قيل عن الرب "أما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا أن يصيروا اولاد الله ، أى المؤمنون باسمه " ( يو1 : 12 ) . كما قيل ط أنظروا أية محبة ا‘طانا الاب حتى ندعى اولاد الله " ( 1يو 3 : 1 ) .

*تعبير لايدل إطلاقا على شركة فى طبيعة الله أو جوهره .

مجرد شهادة لإيماننا ، أو المحبة الله لنا . ندعى بها أولاد الله ، ولكن لسنا أبناء من نوع غبن الله الوحيد . ولسنا مثل ( الكلمة ) الذى هو الوحيد الذى يشترك مع الآب فى لاهوته وفى جوهره ، لذلك قال ط أنا الآب واحد " ( يو 1. : 3. ) .

*و الدليل على ذلك إننا ما نزال ندعى عبيدا .

على الرغم من هذه البنوة التشريفية .. فالله فى اليوم الأخير سيقول لكل قديس يستحق النعيم الأبدى " نعما أيها العبد الصالح والأمين ، كنت أمينا فى القليل ، فأقيمك علىالكثير . أدخل إلى فرح سيدك " ( مت 25 : 21 ، 23 ) .

و حتى الرعاة ، شأنهم شأن باقى المؤمنين فى ذلك ، إذ يقول الرب " يا ترى من هو الوكيل الأمين الحكيم

الذى يقيمه سيده على عبيده ، ليعطيهم طعامهم فى حينه .. طوبى لذلك العبد الذى إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا .. " ( لو 12 : 42 ، 43 ) .

*التبنى إذن لا يدل على تأله الإنسان .

إلا لو كان المقصود بالتأله هو هذا التبنى . و حينئذ لا يكون معناه شركة فى طبيعة الله . إنما هى مسألة مسميات وتعبيرات لغوية .. ننتقل بعد ذلك غلى عبارة أخرى و هى :

2- قولهم رفض التبنى هو عدة صريحة إلى اليهودية :

ونحن نرد على هذا الكلام بأن اليهودية تحدثت على البشر كأولاد الله ، منذ أن قيل قبل الطوفان " رأى أبناء الله بنات الناس أنهن حسنات " ( تك 6 : 2 ) ، و كان المقصود بهم أولاد شيث وأنوش ( تك 4 : 26 ) .

بل إن سفر أشعياء يقول " و الآن يا رب أنت أبونا " ( اش 64 : 8 ) . وهكذا ما قاله الرب فى أول هذا السفر عن شعبه حتى فى حالة خطيئة هذا الشعب . قال " ربيت بنين و نشأتهم ، أما هم فعصوا على " ( أش 1 : 2 )

الله يدعو كل واحد من شعبه ، ويقول له " يا إبنى أعطنى قلبك " ( أم 2 : 26 ) . إذن اليهودية تدعو إلى بنوة الشعب لله . و قد قال الرب " إسرائيل إبنى البكر " ( خر 4 : 22 ) .

إذن ما معنى عبارة " رفض التبنى هو عودة صريحة إلى اليهودية " ، بينما اليهودية لا تنكر هذا التبنى .

وواضح قول بولس الرسول " إخوتى وأنسبائى حسب الجسد ، اليهود الذين هم إسرائيليون ، ولهم التبنى و المجد و العهود والإشتراع " ( رو 9 : ، 4 ) .

إنما ظهرت هذه البنوة بوضوح أكثر فى العهد الجديد ، و انتشرت فيه عبارة " ابوكم السماوى " " وأبانا الذى فى السموات " .

إننا لا نوافق أن يرفض أحد التبنى . ولكن الخطأ هو إعتبار أن هذا الرفض عودة صريحة إلى اليهودية .

3-و التبنى لا يعنى المشاركة فى الطبيعة الإلهية ، إنما هو الرجوع إلى الصورة الإلهية فى القداسة و البر ، كما يقول الرسول : " كل من ولد من الله لا يخطئ " ( 1يو 5 : 18 )

وأيضاً قوله " كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية .. ولا يستطيع أن يخطئ ، لأنه مولود من الله " ( 1يو : 19 ) . وكذلك قوله " إن علمتم أنه بار هو ، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه " ( 1يو 2 : 29 ) .

هناك آيات أخرى عن التبنى المنتظرالذى نرجوه ط فداء أجسادنا " ( رو 8 : 21 ، 22 ) . أو التبنى بمعنى أننا لم نأخذ روح العبودية للخوف ، بل روح التبنى الذى به نصرخ يا آبا ، الآب " ( رو 8 : 15 ) أى أيها الآب أبونا ( أنظر أيضاً غل 4 : 5 ) .

معنى كلمة إله

4-هنا وأريد أن أشرح تفسير نقطة هامة و هى : معنى كلمة ( إله ) أو ( آلهة ) حينما تطلق على البشر

*إنها تطلق أحيانا بمعنى (سيد )كما قال الله لموسى النبى "جعلتك إلها لفرعون "أى سيدا له هيبته عليه ، وليس بمعنى الخالق غير المحدود ‍!

*وقد وردت كلمة إله بمعنى آخر فى حديث الله مع موسى عن هارون أخيه . قال له " نكلمه وتضع الكلمات فى فمه . و أنا أكون مع فمك وفمه .. هو يكون لك فما ، و أنت تكون له إلها " ( خر 4 : 15 ، 16 ) . أى أنك توحى إليه بالكلام ، و هو ينطق به .

*وردت كلمة ( ىلهة ) فى ( مز 82 : 7 ) " ألم أقل إنكم آلهة ، وبنى العلى تدعون . ولكنكم مثل البشر تموتون وكأحد الرؤساء تسقطون ". وواضح أن الذين يموتون ويسقطون ليسوا هم ألهة بالحقيقة .. وقد فسر السيد المسيح هذه الآية هكذا " قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله ، و لا يمكن أن ينقض المكتوب ( يو 1. : 34 ، 35 ) .

السلطة

5-أما قولهم " إن الشركة فى الطبيعة الإلهية تظهر بوضوح فى سلطان الإنسان على السياطين ، وفى حياة عدم الفساد ، وفى القدرة على القيامة من الأموات " .. فنقول :

كل هذه نعم من الله ، وليست قدرة خاصة من الطبيعة البشرية . فالطبيعة البشرية ليس لها بذاتها سلطان على الشياطين ،إنما الرب منحها هذه القدرة ، أو منحها للقديسين المؤمنين به .

كذلك ليس للطبيعة البشرية قدرة على القيامة من الأموات ، وإنما الله هو الذى يقيمها . و حينما يقيمها يمنحها عدم الفساد. كلها منح من الله ، وليست تأليها للطبيعة .

إلا لو كانت عبارة تأليه تستخدم لمجرد المشابهة لله فى سلطانه على الشياطين ، وفى القيامة ، وفى سكنى السماء .. و المشابهة شئ ، والإشتراك فى الطبيعة الإلهية شئ آخر ..

20-

شركاء الطبيعة الإلهية (2)

 

ســـؤال

1-بقول البعض إن قصد الله منذ البدء هو تأليه الإنسان ، ولكن أخطأ الإنسان فى الوسيلة التى يصل بها إلى ذلك ، كما أخطأ الشيطان فى ذلك أيضاً . فما حكمكم على هذا القول ؟

2-أليس السيد المسيح قد اتحد بطبيعتنا البشرية ، أخذ الخليقة كلها وأتحد بها فى ألوهيته ، كما يقول البعض . إذن يكون قد أله هذه الطبيعة ..

3-ما عقيدة الكنيسة فى الإتحاد الإقنومى ؟ و هل نحن نتحد أقنوميا بالله بحلول الروح القدس فينا ؟

جواب

قصد الله

لقد منح الله للإنسان أمجاداً عديدة . ولكن مجد الألوهية هو خاص بالله وحده ، لم يمنحه لأحد ، ولن يمنحه ، لأنه جزء من الطبيعة الإلهية . وقد قال الله – تبارك إسمه – فى ذلك :

"أنا الرب ، هذا إسمى . ومجدى لا أعطية لآخر " ( أش 42 : 8 ) .

خلق الله الإنسان على صورته كشبهه ( اتك 1 : 26 ) وما كان قصده إطلاقا أن يجعل هذا الإنسان إلها ، وإلا ما كان قد قال له عن ثمر الشجرة المحرومة " يوم تأكل منها ، موتا تموت " ( تك 2 : 17 ) ، و الموت ليس من صفات الإلوهية .

إذن لم يكن قصد الله أن يؤله الإنسان .

وإلا لكان قد خلقه معصوما ، أو خلقه غير قابل للموت . ولو كان يريد تأليه هذا افنسان ، ما كان قد خلقه من تراب ، و جعل المادة من تكوينه ، بينما " الله روح " ( يو 4 : 24 ) . و بخلقه من تراب " وضعه قليلا عن الملائكة " ( مز 8 : 5 ) .

إذن لم يكن السبب فى عدم تأليه الإنسان – كما قيل – إنه أخطأ الوسيلة . فمهما أحسن ، لا يمكن وصوله إلى الإلوهية ، لأنه مخلوق . مر وقت لم يكن فيه موجودا ، و كان الكون كونا من غيره . إذن لا تنطبق عليه ما يتصف عليه ما يتصفبه الله من أنه " أزلى " ، " واجب الوجود " .

و هنا نذكر قول الله فى سفر أشعياء النبى :

مهما حاول البشر أن يبالغوا فى تمجيد أنفسهم ، لا يجوز أنيصلوا فى تمجيدهم إلى مستوى التأله .. و ليتذكروا أن هيرودس حينما قبل مثل هذا التمجيد ، ولم يعط مجد لله ، ضربه ملاك الرب فى الحال " فصار يأكله الدود ومات " ( أع 12 : 22 ، 23 ) .

"أنا هو . قبلى لم يصور اله ، وبعدى لا يكون " ( أش 42 : 1. )

" أنا أنا الرب ، وليس غيرى " أش 42 : 1 ) " أنا الرب و ليس آخر ، لا إله سواى " أش 45 : 5 ) . إذن الشركة فى طبيعة الله اللاهوتية ، هى تجديف على لاهوت الله . وهى ضد قانون الإيمان الذى نقول فيه " بالحقيقة نؤمن بإله واحد " . و هى ايضا ضد الوصية الأولى التى يقول الله فيها " أنا الرب إلهك .. لا تكن لك آلهة أخرى أمامى " ( خر 2. : 2 ، 3 ) .

ننتقل إلى نقطه أخرى للرد عليها و هى :

هل السيد المسيح فى تجسده قد أله الطبيعة البشرية إذ اتحد بها ؟! و هل أخذ الخيقة كلها و اتحد بها فى ألوهيته ؟!

وذلك كما ينقل صاحب السؤال عن أحد الكتاب :

نحب أن نقول هنا إن عبارة الكاتب فى أن الله اتحد بالخليقة كلها فى ألوهيته !! إنما يقود إلى بدعة " وحدة الوجود " فالخليقة تعنى أموراً عديدة ، منها الطبيعة و الحيوان و الحشرات و النبات و الإنسان و الملائكة

فإن كان الكاتب – بغير تدقيق – يقصد مجرد البشر ، فإننا نقول :

إن لاهوت السيد المسيح إتحد بجسد واحد وروح واحدة ، وليس بكل الطبيعة البشرية .

فى هذا اتحد ناسوته بلاهوته . ولكن لاهوته لم يتحد بكل الناس ، وبقى البشر بشرا " هلك منهم من هلك . والأبرار فيهم يحتاجون أن يتمموا خلاصهم بخوف ورعدة ( فى 2 : 12 ) لقد بارك الطبيعة البشرية ، ولكنه لم يؤلهها . .أتحد إتحاداً أقنوميا بالطبيعة البشرية التى أخذها بمبلاده من العذراء مريم . ولكنه لم يتحد أقنوميا بكل البشر ، و بكل إنسان على حدة !! وإلا ما كنا نخطئ .. هنا و ننتقل غلى نقطة أخرى و هى :

الحلول الأقنومى

هل يوجد أحد من البشر يتحد بالله اتحاداً أقنوميا ؟ كلا ، فهذه بدعة . وهنا نفرق بين الحلول والإتحاد

انظروا ماذا يقول الكتاب " لكى يعطيكم بحسب غنى مجده ، أن تتأيدوا بالقوة بروحه فى الإنسان الباطن ، ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم " ( أف 3 : 16 ، 17 ) .

هل هذا حلول أقنومى ،ام هو حلول بالإيمان ؟ وبهذا المعنى نفهم ما يقوله الرسول أيضاً " مع المسيح صلبت . فأحيا لا أنا ، بل المسيح يحيا فى " ( غل 2 : 2. ) . فلا هو قد صلب حرفيا ، ولا المسيح يحيا فيه أقنوميا ، و إلا صار بولس إلها . وإنما قال " أنا ما أنا ، ونعمته المعطاة لى لم تكن باطلة .. ولكن لا انا ، بل نعمة الله التى معى " ( اكو 15 : 1. ) . أيضا هناك فرق بين الحلول والإتحاد.

و الحلول الإ قنومى لم يحدث إلا فى بطن العذراء من أجل التجسد الإلهى . واستخدام هذا التعبير بالنسبة إلى البشر هو هرطقة ..

حلول الروح القدس

6-أخيرا ، أنتقل بكم إلى ما قيل فى يوم العنصرة إنه : " حدث إتحاد بين طبيعة إلهية و طبيعة بشرية !!

فى الواقع أن الوحيد الذى حدث فيه إتحاد بين الطبيعة الإلهية و الطبيعة البشرية هو السيد المسيح وحده

وإطلاق هذا التعبير على البشر هو محاولة إقامة مساواة لاهوتية بينهم وبين التجسد الإلهى . ولذلك فإن صاحب هذا الكلام قال إن التجسد الإلهى قد كمل فى يوم الخمسين .

وقد قمنا بالرد على هذا الكلام فى كتابنا " سنوات مع أسلة الناس " الجزء الرابع من ص 32 إلى ص 34

ومن له أذنان للسمع فليسمع .

7-وحلول الروح القدس فينا ( 1كو 3 ، 6 ) لا يعنى تأليهنا .

فما أسهل أننا نحزن الروح القدس ، أو نطفئ الروح ، أو نقاوم الروح وتقديس الله للإنسان لا يعنى تأليه الإنسان .. وكما قال القديس بولس الرسول " الذين سبق فعرفهم ، سبق فعينهم ، ليكونوا مشابهين الكتاب ..

وهكذا أيضاً نفهم حلول الروح القدس فينا .

يقول الرسول " أما تعلمون انكم هيكل الله ، وروح الله يسكن فيكم . إن كان أحد يفسد هيكل الله ، فسيفسده الله . لأن هيكل الله مقدس ، الذى أنتم هو " ( 1كو 3 : 16 ، 17 ) . فما الذى نفهمه من هذا ؟! الأمر واضح جداً . لو كان سكنى الروح القدس فينا إتحادا أقنوميا أو حتى حلولا إقنوميا ، ما كان يمكن أن يوجد احتمال بإفساد هذا الهيكل الذى حل فيه روح الله أقنوميا ( حسب قول ذلك الكاتب ) !!

الإتحاد بأقنوم الروح القدس أى الإتحاد بالله يهنى العصمة . ومع ذلك يقول الرسول : " ألستم تعلمون أن أجسادكم هى أعضاء المسيح ؟ أفآخذ أعضاء المسيح و أجعلها أعضاء زانية ؟! حاشا .. أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل الروح القدس الذى فيكم .. " ( 1كو 6 : 15 ، 19 ) .

إذن سكنى الروح القدس فينا ، وكوننا هياكل الله ، وأجسادنا أعضاء للمسيح ، كل هذا لا يمنع إحتمال أن يسلك افنسان فى الزنا و يفسد هيكل الله .. و كل هذا ينفى تماما مشاركة الطبيعة الإلهية بالمعنى اللاهوتى ، كما يمنع فهم حلول الله بأنه حلول أقنومى ..

إن حلول الروح فينا ، لا يمنع أننا أحيانا نحزن الروح و نطفئ الروح . كما يقول الرسول " لا تحزنوا روح الله الذى به ختمتم ليوم الفداء ؟ " ( أف 3 : 3. ) . إذن فهم الختم الإلهى لا يمنع أن الإنسان قد يحزن روح الله . و حينما يحزنه لا يكون متحدا معه فى المشيئة ، فأين الإتحادالإقنومى إذن ؟ وأين مشاركة الطبيعة الإلهية ؟!

وبنفس المعنى نفهم عبارة " لا تطفئوا الروح " ( 1تس 5 : 19 ) . فالذى يطفئ الحرارة التى يشعلها الروح القدس فى قلبه ، لا يكون مشاركا للروح فى المشيئة . و التالى لا يمكن أن يكون متحدا معه إتحادا أقنوميا ..

سر الإفخارستيا

*يقول صاحب السؤال : إننا نقول فى سر الإفخارستيا " لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة و لا طرفة عين . فهل حينما تتناول الأسرار المقدسة تنفصل لاهوته عن ناسوته ، و يصير الوقوع فى الهراطقة النسطورية التى فصلت اللاهوت عن الناسوت !! أم تتناول اللاهوت مع الناسوت و تصير شريكا فى الطبيعة اللاهوتية .

*و الجواب أننا نتناول جسد المسيح المتحد بلاهوته . ولكننا ناكل الجسد و ليس اللاهوت ، لأن اللاهوت بطبيعته لا يؤكل . كمثال طرق الحديد المحمى بالنار ، الذى قيل فى آلام السيد المسيح .

فالحديد يتأثر و يتثنى ، أما النار فلا يصيبها شئ . كذلك المسيح تألم بناسوته ، أما اللاهوت فغير خاضع للألم بطبيعته . ولكن فى نفس الوقت كان لاهوته متحد اًبناسوته أثماء الألم ، لم يفارقه لحظة واحدة و لا طرفة عين .

ولو كان الإنسان يتناول اللاهوت فى سر الإفخارستيا ، لصار إلها ، أى خرج من التناول إلها . و لكننا نعود و نكرر نفس الاية التى تقول " يحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم " ( اف 3 : 16 ، 17 ) .

وإذا كان الإنسان يتناول اللاهوت ، فإننا نوقف صاحب السؤال أمام مشكلة لا يجد لها حلا و هى :

ماذا عن الذى يتناول بدون إستحقاق ، وهو يتناول نفس الجسد المتحد باللاهوت ؟!

هل يتناول اللاهوت و يصير شريكا للطبيعة اللاهوتية ؟! وقد قال القديس بولس الرسول عن مثل هذا إنه " يكون مجرماً فى جسد الرب ودمه " وإنه يتناول دينونة لنفسه ، غير مميز جسد الرب ( 1كو 11 : 27 : 29 ) .

لقد قال السيد المسيح " من يأكل جسدى و يشرب دمى ، يثبت فى وأنا فيه "

وليس معنى هذا أن يثبت فى لاهوته ، وإنما يثبت فى محبته ، كما قال هو ( يو 15 : 9 ) .

ويعود صاحب نفس الرأى ليسأل : هل فى التناول ، تتناول الكلمة المتجسد أم مجرد نعمته ؟ فنجيب : نعم نتناوله هو ، ولكننا لا نصير بذلك شركاء الطبيعة اللاهوتية ، و لا نصير آلهة .. !

ومن له أذنان للسمع فليسمع .

21-

قسى قلب فرعون

ســـؤال

ما معنى أن الله قسى قلب فرعون ، كما ورد فى ( خر 7 : 3 ) . هل الله هو سبب قساوة فرعون ؟! إذن لماذا عاقبه ؟

جواب

عبارة قسى قلبه ، تعنى تركه لفساوته . أى تخلت عنه النعمة ، فبقى قاسياً .

وهذا يذكرنى بما ورد عن الفاجرين فى أول الرسالة إلى رومية : " كما لم يستحسنوا أن يبقوا الله فى معرفتهم ، اسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ، ليفعلوا ما لا يليق " ( رو 1 : 28 ) .

و عبارة " ذهن مرفوض " هنا تعنى " مرفوض من النعمة " .. أى إنها حالة تخلى من النعمة ، فعلوا فيها ما لا يليق . وهذا هو الذى حدث مع فرعون . تخلت عنه النعمة بسبب قساوته .

وهذا واضح من قول الكتاب قبل ضربة الأبكار " و كان لما تقسى فرعون عن غطلاقنا .. " ( خر 13 : 15 ) .. الناس هم الذين يتقسون . لهذا قال الكتاب " إن سمعتم صوته ، فلا تقسوا قلوبكم " ( عب 3 : 7 ، 8 ) ( مز 95 : 7 ، 8 ) . وفرعون كان قلبه قاسيا ، لم تصلح معه الإنذارات و لا الضربات ، ولم يستجب لتحنن الله كلما رفع الله عنه العقوبة ، و كان يرجع كما كان لذلك لاستمراره فى رفض عمل النعمة ، تخلت عنه النعمة ، فرجع إلى قساوته التى فارقته جزئيا أو ظاهريا أثناء عمل النعمة فيه .

فقيل إن الرب قسى قلب فرعون ، أى تركه لطبيعته القاسية . اسلمه إلى ذهنه المرفوض من النعمة .

22-

أكمل نقائص شدائد المسيح

ســـؤال

ما معنى قول القديس بولس الرسول " أكمل نقائص شدائد المسيح فى جسمى " ( كو 1 : 24 ) .

جواب

لا شك أن هناك أنواعا من الشدائد لم يتعرض لها السيد المسيح .

فمثلا السيد المسيح لم يرجم مثلما رجم الشهيد إسطفانوس ( أع 7 ) . وكما رجم بولس الرسول ( 2كو 11 : 25 ) . و كثير من الشهداء قطعت أعضاؤهم . مثل الشهيد يعقوب المقطع ، أو نشروا ، أو قطعت رؤوسهم بالسيف ( عب 11 : 37 ) . و السيد المسيح لم يتعرض لمثل هذه الأنواع ، على الرغم من أن صلبه كان أكثر إيلاما من كل تلك الأنواع وأكثر سخرية من مشاهدية ..

أما تكميل أنواع الشدائد ، فيعنى أن جسد المسيح الذى هو الكنيسة ، قد اكتملت فى أعضائه كل أنواع الآلام .

وهكذا قال الرسول " أفرح فى آلامى لأجلكم ، و أكمل نقائص شدائد المسيح فى جسمى ، لأجل جسده الذى هو الكنيسة " ( كو 1 : 24 ) .

23-

خلقت على صورة الله

ســـؤال

نحن نعلم أن أبانا آدم قد خلق على صورة الله و مثاله . فهل المرأة أيضاً قد خلقت على صورة الله و مثاله ؟

جواب

نعم ، قد خلقت المرأة أيضاًَ على صورة الله .

و هذا واضح فى الإصحاح الأول من سفر التكوين . إذ ورد فيه " فخلق الله الإنسان على صورته . على صورة الله خلقه . ذكروانثى خلقهم " ( تك 1 : 27 ) وحينما نقول إن المرأة خلقت على صورة الله ، فلسنا نعنى مطلقا صورة الجسد

ففى أى شئ خلقت على صورته ؟

*خلقت على صورته فى البر و القداسة و النقاوة .

*وعلى صورته من حيث هى ذات عاقلة حية .

*و على صورته من جهة الخلود ، إذ لها روح خالدة .

24-

طبيعة الإنسان بعد الفداء

ســـؤال

لماذا بعد الفداء ، لم يعد الإنسان إلى طبيعته الأولى قبل الخطية ؟

جواب

بعد الفداء ، صارت للإنسان طبيعة أفضل .

*صار الإنسان –بسر المسحة المقدسة – هيكلا لله ، وصار الروح القدس ساكنا فيه .. الأمر الذى لم يكن لطبيعته قبل الخطية . و هذه النعمة صارت لجميع المؤمنين المعمدين .

*صار الإنسان باستطاعته أن يتناول من جسد الرب ودمه ن مع البركات التى ذكرها السيد عن هذه النعمة ( يو 6 : 54 ، 56 ، 58 ) .

*و منحت للإنسان مواهب اخرى كثيرة ( 1كو12 )

*اما البساطة التى كانت للإنسان الأول قبل أن يعرف إمراته بعد الخطية ، فلم تعد مناسبة الآن ، وإلا توقف الجنس البشرى .

25-

قدس للرب

ســـؤال

لماذا دعى هرون قدوسا بينما الله هو وحده قدوس ( رؤ 15 : 4 ) . كان يمكن أن يدعى قديسا فقط .

جواب

لا تتضايق كثيرا بسبب عبارة قديس أو قدوس ن فكثيرا ما تكون لترجمة واحدة فى اللغات الأجنبية إنما الفارق اللاهوتى هو :

الله قدوس بطبيعته ، والإنسان يقدسه الله .

و طبيعة الله لا تقبل غير القداسة . بينما الإنسان يمكن أن يخطئ . وطبيعته تقبل القداسة ، كما تقبل السقوط أيضاً . أما هارون فلم يدع قدوسا ، وإنما قدس للرب .

أمرالله أن يصنعوا له إكليلا مقدسا من الذهب النقى ، وأن ينقشوا على هذا الإكليل عبارة " قدس للرب " ( خر 39 : 3. ) . ومعناها " مخصص للرب " . أى أنه خاص بخدمة الله وحده ..

و عبارة يقدس تعنى أحيانا يخصص للرب .

كما قال الرب لموسى " قدس لى كل بكر ، كل فاتح رحم من بنى إسرائيل ، من الناس ومن البهائم . إنه لى " ( خر 13 : 2 ) . وهنا عبارة ( قدسه ) تعنى خصصه و لذلك أطلقت على البهائم أيضاً .. أى أن هذه البكور من الناس ومن البهائم أصبحت خاصة بالرب . أبكار الناس لخدمة الرب . وابكار البائم للذبائح . و ظل أبكار الناس كذلك إلى أن أنشأ الله الكهنوت الهارونى .

و على هذا الأساس ، نقول الأوانى المقدسة .

أى المخصصة لخدمة الرب ، فلا تستخدم فى أى غرض آخر . وكذلك نقول المذبح المقدس ، و المعمودية المقدسة ، و الكنيسة المقدسة .. كلها مقدسة بمعنى انها مخصصة للرب .. وليست مقدسة من حيث السيرة ، كما نقول عن البشر ‍‍!!

ولعله بنفس التخصيص ، قال السيد المسيح عن تلاميذه للآب " من أجلهم أقدس أنا ذاتى .. " ( يو 17 : 19 ) فالسيد المسيح ذاته قدوسة بطبيعته ، لا تحتاج إلى تقديس بمعنى النقاوة و الطهارة .. إنما يقدس ذاته هنا أى يخصصها . فسبب تجسده هو أن يجعل الناس قديسين ..

هكذا صار هرون قدسا للرب ..

أى خاصا للرب ، أو أصبح من نصيب الرب ، لا عمل له سوى خدمة الرب ، و خدمة مذبحه و ذبائحه . و هكذا وصف الكهنة و كل خدام المذبح بأنهم من الإكليروس أى نصيب الرب . فكلمة أكليروس معناها نصيب .

26-

البخور امام الأيقونات

ســـؤال

هل يجوز التبخير أمام أيقونات لم تدشن ؟

جواب

كلا ، لا يجوز التبخير أمام أيقونات غير مدشنة .

إن عملية تدشين الأيقونة معناه تقديسها ، و هكذا نبخر أمامها بعد تقديسها ، أى تخصيصها للرب ، بصلوات معينة ، و بدهنها بالميرون المقدس . و نبخر امامها إحتراماً لهذا الميرون الذى كانت خميرته على جسد المسيح بعد صلبه

كذلك فإن السقف لا يدشن أيقونه ، إلا بعد ان يتأكد أنها لقديس تعترف الكنيسة بقداسته من خلال مجمعها المقدس . ولذلك فالكنيسة تطلب شفاعته وصلواته ، و تبخر أمام ايقونته .

لهذا نقول ليست كل صورة أيقونة ، وليست كل أيقونة مدشنة . ونحن لا نبخر إلا أمام الأيقونات المدشنة التى تتمشى مع طقس الكنيسة .

27-

صوم الأطفال

ســـؤال

ما هى المدة التى يجب ان يصومها قبل التناول طفل فى عمر ثلاث أو أربع سنوات ؟

جواب

الأطفال على قدر احتمالهم . ولكن لا تشددوا عليهم .

يكفيهم فى الأول ان يتعودا على الكنيسة وعلى التناول ، مع إبعادهم عن إغراء الطعام . فلا تشتر له مثلا قربانة قبل دخول الكنيسة و تعثرة بأن يأكل منها . كذلك لا تذهب به إلى كنيسة قداسها طويل ، فوق إحتمال الطفل ..

كذلك إنشغاله بموسيقى الألحان ، وبالصور والايقونات ، و الشموع ، وبتحركات الكهنة و الشمامسة . كل ذلك ينسيه الطعام أثناء القداس

28-

كيف نوفق بين الآيتين

ســـؤال

وردت فى سفر الأمثال آيتان ، تبدو كل منهما ضد الأخرى ، وهما :

*لا تجاوب الجاهل حسب حماقته ، لئلا تعدله أنت ( أم 26 : 4 ) .

*جاوب الجاهل حسب حماقته ، لئلا يكون حكيما فى عينى نفسه ( أم 26 : 5 )

فهل يوجد تناقض بين الآيتين ؟ و ما هى النصيحة التى نتبعها مع مثل هذا الجاهل ، هل نجاوبه أم لا ؟

جواب

لا تناقض بين الايتين . بل الكتاب يترك لك حرية التصرف حسب النتيجة المتوقعة

فإجابة الجاهل حسب حماقته أمر غير لائق ، إن كان سوف يقود إلى مناقشات غبية ، بلا فائدة ، ولا قيمة ولا منفعة ، ينزلك فيها إلى مستواه . وهذا هو المفهوم من عبارة " لئلا تعدله أنت " أى لئلا تصير مساويا له ( فى هذا الجهل أو الحماقة ) . فمن الأفضل أن ترتفع عن مستوى تلك المناقشات التى وصفها الرسول بأنها ( غبية ) . و قال " اجتنبها عالما أنها تولد خصومات " ( 2تى 2 : 23 ) .

كما ان الذى يسمع هذا الحوار بينكما ، قد يعثر ،إذ يرى إثنين فى مستوى واحد فى الكلام الذى لا نفع فيه

ولكن إذا بدا الجاهل فى ثوب المنتصر فى كلامه الباطل الذى هو ضد الحق ، فيمكنك أن تجيبه و تفحمه .

حتى " لا يكون هو حكيما فى عينى نفسه " ، وحتى لا يبدو الباطل منتصراً . و بهذا قد يعثر السامعون .

من أجل هذا كان السيد المسيح أحيانا لا يجيب الذين يسألونه ، حكمة منه ، و بسبب حماقتهم . مثلما رفض أن يجيب أعضاء مجلس السنهدريم من جهة شهود الزور الذين استقدموهم ، حتى أن رئيس الكهنة قال له : أما تجيب بشئ ؟! ( مت 26 : 62 ) .

ولكنه فى مواقف اخرى كان يرد على الصدوقيين ، و الكتبة و الفريسيين ، لئلا يصيروا معلمين حكماء فى نظر الشعب . وهكذا " أبكم الصدوقيين " ( مت 22 : 34 ) . " و الجموع بهتوا من تعليمه " ( مت 22 : 34 ) . " الجموع بهتوا من تعليمه " ( مت 22 : 32 ) . " ولما رد على الفريسيين أيضاً قيل فى افنجيل " فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة . ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله البتة " ( مت 22 : 46 ) .

و هكذا أعطانا السيد المسيح مثالا متى نصمت عن مجاوبة الجاهل ، ومتى نتكلم .

29-

قد كمل الزمان

ســـؤال

ما المقصود بكلمة الزمان فى عبارات كتابية مثل :

( مر 1 : 15 ) قد كمل الزمان ، وأقترب ملكوت الله ، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل . ( غل 4 : 4 ) لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله إبنه مولودا من إمرأة .

جواب

المقصود هو الزمان الخاص بهذا الموضوع .

لما بدأ السيد المسيح يبشر ، قال " قد كمل الزمان " ، أى الزمان الخاص بمجيئه ، و بنشر ملكوت الله على الأرض .. ( وليس الملكوت الأبدى ، أو ملكوت السموات ) ..

كمل الزمان الخاص بالعهد القديم ، الخاص بالنبوءات و الرموز . و حان الوقت لإتمام كل ما مكتوب ، و كل ما أشار إليه الناموس و الأنبياء .

وبالمثل قيل " ملء الزمان " بنفس المعنى .. لقد كمل وإمتلأ زمان الإستعداد والإشارة إلى التجسد . وبدأ تنفيذ ما هو مكتوب ..

و كلمة زمان تعنى فترة محددة .

و هكذا قيل عن أليصابات بعد حبلها " وأما أليصابات فتم لتلد ، فولدت إبنا " ( لو 1 : 57 ) . و قال السيد المسيح لتلاميذه قبيل صلبه " يا أولادى ، أنا معكم زمانا قليلا بعد " ( يو 13 : 33 ) . و قيل عن عمر الإنسان إنه زمان . فقال القديس بطرس الرسول " سيروا زمان غربتكم بخوف" ( 1بط 1 : 17 ) . و قد تعنى كلمة ( زمان ) فترة محددة . كما قال الرب عن الخاطئة إيزابل " أعطيتها زمانا لكى تتوب .. ولم تتب " ( رؤ 2 : 21 ) .. أى فترة فى علم الله لم يحددها ..

وكلمة زمان قد تعنى وقتا أو جيلا .

كما قيل عند ملاقاة يعقوب لإبنه يوسف " وبكى على عنقه زمانا " ( تك 46 : 29 ) و عمليا قد تعنى الكلمة هنا بضعة دقائق ، عبر بزمان . وكذلك قيل فى سفرالجامعة " لكل شئ زمان ، ولكل أمر تحت السموات وقت " ( جا 3 : 1 ) . ولذلك عبارة " فى الزمان الحاضر " ( رو 8 : 18 ) تعنى الوقت الحاضر ، أو العمر الحاضر ، أو العصر الحاضر كما فى ( رو 11 : 5 ) .

ولذلك فكلمة ( زمان ) تجمع و تثنى و تنصف .

كما قيل فى سفر دانيال النبى " إلى زمان وأزمنة و نصف زمان " ( دا 7 : 25 ) وايضاً " إلى زمان وزمانين و نصف " ( دا 12 : 7 ) . ووردت نفس العبارة تقريبا فى سفر الرؤيا " زمانا و زمانين و نصف زمان " ( رؤ12 : 14 ) .

إذن لا يوجد قياس معين لكلمة ( زمان ) فى كل النصوص السابقة .

قد تعنى وقتا ، او عمراً ، أو جيلا ، أو فترة محددة ، أو فترة فى علم الله ، أو عصراً ..

30-

صوم تلاميذ يوحنا

ســـؤال

ورد فى ( مت 9 : 14 ، 15 ) " حينئذ أتى غليه تلاميذ يوحنا قائلين : لماذا نصوم نحن و الفريسيون كثيرا ، وأما تلاميذك فلا يصومون ؟ فقال لهم يسوع : هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا مادام العريس معهم ؟ ولكن ستأتى أيام حين يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون " فهل كان ليوحنا تلاميذ يصومون صوما غير تلاميذ المسيح ؟

جواب

طبعا كانت هناك أصوام فى اليهودية ، صامها تلاميذ يوحنا .

هذه الأصوام وردت فى سفر زكريا النبى : صوم الشهر الخامس و الشهر السابع ( زك 7 : 5 ) . كما ورد أيضاً فى نفس السفر " صوم الشهر الرابع ، و صوم الخامس وصوم السابع ، وصوم العاشر " ( زك 8 : 19 ) ..

*تلك الأصوام كان تلاميذ يوحنا يصومونها ، وكل الناس ايضاً .

*أما تلاميذ المسيح ، فقد بدأوا صوما آخر مسيحيا ، بعد صعود السيد المسيح ، و انتهت صلتهم تماما بأصوام اليهود التى كثيرا ما كان يرفضها الرب .. الذى وبخهم قائلا ط لما صمتم و نحتم فى الشهر الخامس و الشهر السابع .. هل صمتم لى أنا ؟! " ( زك 7 : 5 )

وقد ورد سفر أشعياء عن توبيخ الرب لهم ط يقولون لماذا صمنا و لم تنظر ؟ ذللنا أنفسنا و لم تلاحظ ؟.. ها أنكم للخصومة و للنزاع تصومون .. لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم فى العلاء . أمثل هذا يكون صوماً اختاره .. ؟ " ( أش 58 : 3- 5 ) .

*وقد بدأ الرب بتدريب تلاميذه على رفض صوم اليهود .. وقال عنهم " حين يرفع العريس عنهم ، فحينئذ يصومون " ( مت 9 : 15 )

31-

فتاة خمسينية

ســـؤال

أرسل إلينا شاب أرثوذكسى هذا السؤال :

أحسب فتاة خمسينية ، واريد أن أتخذها زوجة لى . فماذا أفعل ، علما بأنى ارثوذكسى متمسك بعقيدتى ؟

جواب

الحل الوحيد هو أن تجعلها أرثوذكسية أولاً .

أو بمعنى آخر أن ترجعها إلى الأرثوذكسية التى عاشت فيها أسرتها من قبل . فكل الخمسينيين فى مصر كانوا من قبل أرثوذكس . فإن لم يكن أبوها كان أرثوذكسيا ، فعلى ألقل كان جدها أو أبو جدها ..

وجعلها أرثوذكسية لست أقصد به شكلية الإنضمام .

إنما أن تكون أرثوذكسية عن عقيدة واقتناع . وإلا فإن تزوجتما بشكلية إنضمام سيضطرب أولاد كما فيما بعد بين عقيدة الب و عقيدة الم ، ذلك إن ظل فكر هذه الفتاة كما هو خمسينيا على الرغم من إنضامها شكليا إلى الأرثوذكسية .

32-

ملاقاة الهراطقة

ســـؤال

تحذرنا صلوات القداس الإلهى من " ملاقاة الهراطقة " كذلك ما أكثر الايات فى الكتاب المقدس التى تمنع الخلطة بهم . وهكذا يقول بولس الرسول " نوصيكم .. أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب ، و ليس حسب التعليم الذى أخذه منا " ( 2 تس 3 : 6 ) . وكذلك يعلمنا القديس يوحنا الرسول ( 2يو 1. ، 11 )

فماذا نفعل ؟ هل نستطيع فى حياتنا العملية أن نعيش باستمرار فى جو أرثوذكسى خالص ؟!

جواب

المهم هو عدم التلاقى معهم فى هرطقاتهم . و كذلك عدم الوقوع تحت تأثيرهم فى أخطائهم العقائدية .

اما الخلطة بصفة عامة ، من ناحية السكنى و العمل و اللقاء فى الحياة الإجتماعية ، فليست هى المقصوده " وإلا فيلزمكم أن تخرجوا من هذا العالم " كما قال الرسول ( 1كو 6 : 1. ) ..

و هنا نقدم ملاحظتيت فى فى " ملاقاة الهراطقة " :

1-احترس من حضور إجتماعات الوعظ و التعليم عند المخالفين لك فى المذهب و العقيدة و الفكر اللاهوتى ، لئلا تدخل فى عقلك عقائد خاطئة ، وربما لا تدركها فى حينها . ولعله من نتائج ذلك نحو كثير من الطوائف ، إنحراف كثيرين عن عقائدهم :

2-هناك فرق بين معلمى العقيدة الثابتين فيها ، و الشعب العادى .

فهؤلاء القادة المعلمون ، لهم تأثيرهم على غيرهم ، ولا يستطيع غيرهم أن يؤثر عليهم . وهم حينما يدخلون فى حوار لاهوتى مع المخالفين لهم فى العقيدة ، قد يكسبون بعضهم إلى الإيمان . أويقنعونهم ببعض نقاط عقائدية ، أو على القل يجعلونهم أقل تطرفا فتى فكرهم اللاهوتى

و طبعا هؤلاء غير الشعب العادى ، الذى ليس هو متعمقا فى العقيدة واللاهوت . و ربما يكون من السهل التاثير عليه ..

وهذا النوع ننصحه بعدم الخطة العقايدية مع أصحاب العقائد المسيحية الأخرى و لكن يمكن محبتهم و معاملتهم بروح القداسة و البر وثمار الروح القدس ( غل 5 : 22 ، 23 ) . مع البعد عن الحوار العقائدى ، إلا لمن كان متمكنا جداً و متعمقا فيها ، ويمكنه ان يؤثر دون أن يتأثر .

33-

مشكلة عدم الإنجاب

ســـؤال

أنا سيدة متزوجة منذ 12 سنة ، ولم أنجب أطفالا . وزوجى يهددنى بتطليقى لهذا السبب ، ولذلك أنا فى عذاب .. فهل له الحق فى هذا ؟ وبماذا تنصحنى ؟

جواب

ليس من حق زوجك أن يطلقك بسبب عدم الإنجاب .

اولاً ، لأنه لا ذنب لك فى هذا الأمر . كما أن الكتاب المقدس لا يسمح بذلك فسبب الطلاق فى الإنجيل هو الزنا ، حسبما قال السيد المسيح ، وقد رود ذلك فى ( مت 5 : 32 ) ( مت 19 : 9 ) ( مز 1. : 11 ) ( لو 16 : 18 ) . كذلك يمكن انفصال الزوجين فى حالة تغيير الدين ( 1كو 7 : 15 ) .

ولو كان الطلاق ممكنا بسبب عدم الإنجاب ، لكان أبونا ابراهيم أبو الاباء قد طلق سارة .

هذه التى ظلت حتى التسعين من عمرها لا تنجب . و حينما و عدها الله بأنها ستنجب إبنا ، ضحكت فى سرها و قالت " ابعد فنائى يكون لى تنعم ، وسيدى قد شاخ " ( تك 18 :12 )

ولو كان الطلاق ممكنا بسبب عدم الإنجاب ، لكان من الممكن لزكريا الكاهن أن يطلق زوجته اليصابات التى كانت عاقراً ، و استمرت هكذا إلى أن وصل كلاهما إلى سن الشيخوخة ( لو 1 : 7 )

ولكن قد يذهب زوجك إلى المحكمة ليحصل على طلاق مدنى . و الكنيسة لا تعترف بالطلاق المدنى .

و فى هذه الحالة ، سوف لا تصرح له الكنيسة بالزواج بعد هذا الطلاق ..

أما إن تزوج بإحدى الطرق الملتوية ، أو تزوج خارج الكنيسة ، فسوف تعتبره الكنيسة فى حكم الزانى ، لأتزوج فى حياة زوجته الشرعية . وقد قال السيد المسيح فى ذلك " من طلق إمراته و تزوج بأخرى ، يزنى عليها " ( مز 1. : 11 ) .

وزوجك فى هذه الحالة يكون قد خان عشرة 12 سنة معك . ولن يبارك له الله فى زواج أو بنين .

ثم هل هو يضمن أن الزوجة الثانية ( غير الشرعية ) ، سوف تنجب له أولاداً ؟ و هل هو يضمن إن أنجب إبنا بهذا الطريق الخاطئ ، أن يسعده هذا الإبن ؟! أم قد يكون سبب مرارة له طول حياته !! لأن الله لن يترك له ذنب الزوجة التى خانها و تركها و تزوج عليها ..

سيكون الله ضده ، لأنه كسر و صيته . وستكون الكنيسة ضده ، لن تسمح له بالتناول و لا بأى سر من أسرار الكنيسة ، طالما كان مرتبطا بزيجة خاطئة . وليكن الرب معك و لا تخافى .

34-

الخدمة و الفتور

ســـؤال

إذا فترت حياتى الروحية ، هل أترك الخدمة ام أستمر ؟

جواب

نحن لا نستطيع أن نجعل خدمة أحد الفصول فى التربية الكنيسة تتذبذب بسبب حالة الفتور التى قد تصيب الخادم أحيانا . ولكن مادام الفتور لا تعطى روحانية للخدمة ، فالقاعدة هى :

إن كنت فى حالة فتور ، فلا تترك الخدمة ، بل اترك الفتور .

هذا ومن المعروف أنه قد لا يوجد أحد فى حرارة مستمرة ، ومن الممكن أن يتعرض كل واحد للفتور ، فمن النافع جداً النظام الموجود فى كثير من الفروع : و هو دخول خادمين معا فى فصل واحد يعين كل منهما الآخر

ونقدم بعض النصائح الخادم فى فترة فتورة :

1-إذا فتر الخادم ، فلتنسحق نفسه أمام الله و لتكثر صلاته ، و لتكن فى عمق

تنسحق نفسه فى شعور بعدم الإستحقاق ، وفى توبيخ على فتورها .. و ليرفع قلبه إلى الله قائلا " ليس عندى يا رب ما أعطية لهم ، فاعطنى أنت ما تريد أن تقدمه لهم .. ليس يا رب من أجلى ، بل من أجلهم ، أنقذنى من هذا الفتور ، ولو فى ساعة تدريسى لهم فقط .. حتى لا يكون تدريسى لهم مضيعة لوقتهم ، و عثرة لهم ..

2-و ليحاول الخادم ان يتخذ من الدرس علاجا لفتوره .

فالدرس فى التربية الكنيسة ، ليس هو من أجل التلاميذ فقط ، وإنما هو من أجل الخادم أيضاً . فليجاهد الخادم من أجل أولاده . و ليضع اكاكه تلك الاية الجميلة " من أجلهم أقدس أنا ذاتى ، لكى يكونوا هم أيضاً مقدسين فى الحق " ( يو 17 : 16 ) .

و ليوبخ نفسه قائلا : ما ذنب هؤلاء الصغار ، أن يكون مدرسهم فى حالة من الفتور كما أنا الان .

3-وهكذا يقود نفسه إلى التوبة .

ولا يسمح أن حالة الفتور يطول وقتها معه . بل يبحث عن أسبابها ، و يعمل على معالجة نفسه منها . وإن كان السبب هو التقصير فى وسائط النعمة ، عليه أن يعود إليها بنشاط .. وإن كان السبب هو خطية رابضة قد أفسدت عليه روحياته ، فليتب عنها .

4-وليعرف أن الفتور خطر عليه ، سواء كان يخدم أم لا يخدم .

فتركه للخدمة ليس علاجا له و لا للخدمة . إذن لابد أن يعالج الفتور فى حياته ، أولا من أجل نفسه . و ليعلم أن السيد المسيح علمنا أن نشهد له فى أورشليم ، قبل السامرة وإلى الأرض . وأورشليم هنا ترمز إلى حالة القلب من الداخل .

5-و ليعرف أن كثيرين من الذين تركوا الخدمة بسبب فتورهم ، ضاعوا .

لأن الخدمة ذاتها هى واسطة من وسائط النعمة ، تعطيهم الفرصة لقراءة الكتاب و التأمل فيه ، و للوجود فى وسط روحى له تأثيره . كما أن البقاء فى الخدمة يساعد على تبكيت النفس و عودتها إلى الله وربما تكون الخدمة هى الخيط الذى يربطه بالله فى حالة فتوره . وإن فقده ، قد يفقد الدافع الروحى إلى التوبة

6-ولقد جرب بعض الخدام – فى حالة فتورهم – فائدة صلاة الأطفال لأجلهم .

يمكن فى إتضاع أن يقول لأولاده " أنا يا أولاد محتاج لصلواتكم . فأرجوكم أن تصلوا طول هذا الأسبوع من أجلى " .. وصلاة الأطفال لها مفعول عجيب ، وبخاصة لو كانت تربطهم بمدرسهم مشاعر حقيقية من المحبة . و عليه – فى نفس الوقت – أن يشارك الأولاد فى الصلاة من أجل نفسه . و لا يترك عائقا عمليا فى حياته يعوق الإستجابة

حتى إن لم يصل الأولاد لأجله ، فمن أجل تواضعه و طلبه لصلواتهم ، قد يرفع الله هذا الفتور عنه .

35-

الخدمة فى القرية

ســـؤال

ماذا نفعل فى خدمة القرية ، التى مشكلتها عدم وجود مسئول ؟

جواب

حيث لا يوجد مسئول ، يسلك كل واحد بحسب ضميره إلى حين تعيين مسئول . و لكن يمكن أن تطلبوا من الكنيسة تعيين مسئول . فمادامت لا توجد كنيسة فى القرية اتصلوا بأقرب كنيسة فى أقرب مدينة ، و أو اتصلوا بالمطرانية للإشراف على الخدمة و تعيين مسئول .

على أن سؤلك هذا يثير سؤالا قبله ، وهو كيف تكونت الخدمة إذن ؟ و كيف بدأت ؟ قطعا بدأت بطريقة فردية بعيد عن الكنيسة . وهذا أمر غير لائق كنسيا . المفروض أن تكون الخدمة باستمرار تحت إشراف الكنيسة ، وبمعرفتها و تحت توجيهه. إلا فإننا لا نضمن الخدمة التى تكون هكذا بطريقة عشوائية ، بلا مسئول ، بلا إشراف من الكنيسة ، سواء فى تأسيسها ، أو تعيين المدرسين ، أو إعدادهم ، أو من جهة المناهج و الصور ، وما إلى ذلك .

36-

طفل ابتدائى و حضوره

ســـؤال

نشكو نحن خدام إبتدائى من عدم إستمرار حضور الطفل إلى الكنيسة ، وعدم إنجذابه إليها منذ طفولته . فماذا نفعل ؟

جواب

*يحتاج الطفل إلى محبة من الخادم ، و على درس مشوق يجذبه . و المدرس الذى يلقى درسه على الأطفال ، إذ ليست لهم قدره على التركيز لذلك من أفضل الطرق أن تجعل الطفل يشترك معك فى الدرس ، يتكلم ويتحرك ، و تساله و يجاوب . و يلخص الكلام ، ويعيده .

*وتصلح له ايضاً طريقه التكرار ، و القرار ، و الموسيقى و التنغيم ، فأحيانا يحفظون الدرس على هيئة ترتيلة أو أنشوده ..

*ويصلح للأطفال أسلوب المديح و التشجيع . وهذا يجعله يحب الدرس و مدارس الحد . و بالتالى يخيفهم أسلوب التوبيخ و الإنتهار. وربما يكرهون المدرس الذى يعاملهم هكذا و لا يحضرون إلى الكنيسة بسببه .

*سبب آخر فى عدم حضور الطفل إلى الكنيسة هو إرتباطه أحيانا بحضوره مع والديه . فإن تغيبا ، غاب هو ايضاً . ويحتاج الأمر إلى زيارة الأسرة و التفاهم معها .

37-

كانوا يعثرون به !!

ســـؤال

ما معنى ما قيل عن اليهود فى حواراتهم مع السيد المسيح ، إنهم " كانوا يعثرون به " ( مت 13 : 57)

فكيف يعثرون بالمسيح ، وقد قيل فى الإنجيل " ويل لمن تأتى من قبله العثرات " ( مت 18 : 7 ) ؟!

جواب

العثرة لم تأت من السيد المسيح ، إنما من فهمهم الخاطئ . وليس العيب فيه ، حشا ، بل العيب فيهم ..

فمثلا كان السيد يصنع بعض المعجزات فى يوم السبت ، كما منح البصر للمولود . أعمى فى يوم سبت ، " فقال قوم من الفريسيين : هذا الإنسان ليس من الله ، لأنه لا يحفظ السبت " ( يو 9 : 16 ) . واستدعوا المولود أعمى " و قالوا له : أعط مجداً لله نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ " ( يو 9 : 24 ) .

هنا سبب العثرة ، ليس فعل الخير الذى عمله السيد المسيح فى رحمته على المولود أعمى ، إنما سبب العثرة هو إصرار اليهود على أن عمل الخير فى السبوت يعتبر خطية !! فغن قال الرب " ويل لمن تأتى من قبله العثرات " ، يكون الويل لهؤلاء اليهود الذين كانوا ينشرون العثرة بسبب جهلهم بمعنى حفظ السبت ، أو بسبب حقدهم على السيد المسيح ..

فإن كان أحد يعثر من فعل الخير ، يكون هو المخطئ ، و ليس من فعل الخير . وكذلك كل من يعثر من غير سبب يستوجب العثرة ..

بعض القديسات كن فى منتهى الجمال ، واعثر البعض بجمالهن ، و لا ذنب لهن فى ذلك . إذن يكون العيب فى قلب الذى اشتهى ذلك الجمال . و لا تقول أبدا أن القديسة الجميلة كانت سبب عثرة .. فسبب العثرة يكمن فى شهوة الخاطئ ..

و عبارة " ويل لمن تأتى من قبله العثرات " تعنى الذى يتسبب بأخطائه فى عثرة غيره .

فمثلا إنسان ناجح فى حياته و متفوق باستمرار ، فحسده البعض على نجاحه و تفوقه . هل نقول إنه كان سبب عثرة لهم ؟!

فاليهود حينما أعثروا ببر المسيح هم سبب العثرة بسبب عدم نقاوة قلوبهم .. فهم لم يعثروا فقط من معجزاته فى يوم سبت ، بل يذكر لنا الكتاب أن مواطنيه كانوا يعثرون من كل معجزاته . فكانوا يقولون " من أين لهذا هذه الحكمة و القوات ؟! أليس هذا هو إبن النجار .. فمن أين لهذا كلها . فكانوا يعثرون به " ( مت 13 : 54 – 57 ) .

38-

يتدخلون فى حياتى !!

ســـؤال

ماذا أفعل مع بعض الزملاء الذين يعثرون من تصرفاتى الخاصة ؟ ألست أنا حرة ؟

جواب

حياتك الخاصة تنقسم إلى قسمين :

أ-قسم مكشوف للناس و معروف ، و هذا ما تقصدينه .

ب-وقسم لا أحد يعرفه ، وهو من خصوصياتك : بينك و بين نفسك و ضميرك ، أو بينك و بين و الديك و أفراد أسرتك ، ، أو بينك و بين أب إعترافك . هذا كله لا يعرفه زملاؤك ، ولا يتدخلون فيه ..

أما الجزء المعروف من حياتك : مثل طريقة لبسك وزينتك ، طريق كلامك ، طريقة ضحكك و مرحك ، طريقة معاملاته . فهذا لا يمكنك أن تمنعى الناس من التعليق عليه ..

ولا يجوز لك أن تقولى أنا حرة فى كل هذا .

ربما تكونين حرة فى حجرتك الخاصة ، وأنت بعيدة عن أعين الآخرين و حتى هذه الحرية يجكمها الضمير ووصايا الله .

أما أعمالك التى تؤثر على غيرك ، فلست حرة فيها .

حريتك الخاصة لا يجوز أن تكون سبب عثرة لغيرك . نظراتك ، حركاتك ، إبتسشاماتك ، علاقاتك .. كل هذا ينبغى أن يكون فى حرص شديد ، وفى حكمة وفى عفة ، واضعة فى حسابك مدى تأثير تصرفاتك على الآخرين .. ولا تحسبى كل هذا من الخصوصيات التى لا يجوز للغير التدخل فيها ..

أنت تعيشين فى مجتمع له تقاليده ، وله أحكامه و تقييمه لأفعال الغير .

وينبغى أن تحترمى تقاليد المجتمع وأحكامه . و تحكمى على نفسك قبل أن يحكم هذا المجتمع عليك . فسمعتك هامة جداً لك كفتاة .

39-

حول إنكار الذات

ســـؤال

ورد إلينا هذا السؤال من موظف محتار ، يقول :

"أرجوك ، أنقذنى من روح المتناقضات التى بداخلى . فأحيانا ينقصنى الإفراز . معروف أنه من شروط الخدمة ، إنكار الذات . هذا من الناحية الروحية . ولكن من الناحية العملية ، فى مجال العمل ، هل يمكن أن يتم إنكار الذات ؟!

وكيف يمكن تقدير رؤساء العمل لى ؟ و هل يمكن تقديمى لشخص آخر فى العمل على ؟

جواب

فى الواقع إن فضيلة إنكار الذات ، تحتاج أيضاً إلى حكمة وإفراز.

ليس معنى إنكار الذات ، أن العمل الذى تعمله تنسبه إلى غيرك ، و تبدو أمام رؤسائك فى العمل مقصرا و مهملا لا تعمل شيئا . كما تبدو غير أمين فى أداء المسؤليات التى عهدوا بها إليك .

إنما يكفى فى إنكار الذات ما ياتى :

*لا تكن محبا للظهور .

*لا تنكر المجهود الذى قام به زملاؤك فعلاً .

*لا تنسب لنفسك جهداً ليس لك .

*و ليس معنى إنكار الذات إطلاقا ، أن ما تعمله فى وظيفتك تنسبه لغيرك .

*ولكن يمكن فى إنكار الذات ، أن تذكر أن نجاحك فى العمل كان بفضل توجيهات رؤسائك فى العمل ن أو بفضل تعضيدهم لك وتقديم التسهيلات التى ساعدتك على الإنجاز .. إنك لست راهبا ، تسلك فى العمل بأسلوب الزاهدين . أو تسلك كالراهب الذى يفرح بعدم تقدير الناس له .. !

40-

أخاف من ضربة يمينية

ســـؤال

هل من الخطأ أن أردد صلاة معينة أو آية باستمرار فى ذهنى ؟ لأنى لأخاف من الضربة اليمينية !

جواب

لا يا إبنى ، استمر فى عملك الروحى و لا تخف ، لأنه حسن جداً أن تشغل ذهنك بصلاة أو بآية تجعلها مجالا للتأمل ، و الرب يأمرنا أن نصلى فى كل حين و لا نمل ( لو 1 : 1 ) . ويقول الكتاب " صلوا كل حين بلا إنقطاع " ( 1تس 5 : 17 ) .

وربما الخوف هنا من الضربة اليمينية يكون حربا من الشيطان .

ذلك لكى يبطل عملك الروحى أو يوقفه .. فالشيطان ماكر فى كل ما ياتى به من افكار .. إنه باستمرار يبذر الشكوك و أفكار الكبرياء و المجد الباطل .

ونصيحتى لك إن حاربك الكبرياء بسبب صلاتك

قل لنفسك : إن التلاميذ أقاموا موتى ، وشفوا مرضى ، وأخرجوا شياطين ، ولم يصابوا بالكبرياء بسبب ذلك .. وإيليا أغلق السماء ثلاث سنين و ستة أشهر ( يع 5 : 17 ) ، ولم يرتفع قلبه بسبب ذلك . فماذا فعلت إذن لكى يحاربن المجد الباطل ؟‍! هل لأننى رددت فى ذهنى بضع كلمات ؟!

إذن ماذا نقول عن الذين مارسوا الصلاة الدائمة ؟!

و الذين كانوا يقضون الليل كله فى الصلاة ، و الذين مارسوا صلب العقل فى صلواتهم ، و الذين كانوا بصلواتهم يفتحون أبواب السماء ؟!

تذكر الدرجات العليا لكى لا يرتفع قلبك . و تذكر أيضاً خطاياك حتى تنسحق فى الداخل ، و تقيم توازنا مع الحرب اليمينية ..

وأيضا قل لنفسك : ليس المهم هو ترديد الايات وإنما العمل بها .

وقل لنفسك أيضاً : هناك آيات أخرى بالآلاف ، وأنا بعيد عنها ، وعن ترديدها ، وعن تنفيذها .. فلماذا يرتفع قلبى بسبب آية واحدة أرددها ؟!

41 -

الثوب المدنس

ســـؤال

ما معنى عبارة " مبغضين حتى المدنس من الجسد " ( يه 26 ) ؟

جواب

هناك أشياء تدنس الجسد ، مثل الإفرازات الجنسية مثلا . و الكتاب المقدس و يعتبرها نجاسة . و قيل فى ذلك " كل رجل له سيل من لحمه ، فسيله نجس " " وكل فراش يضطجع عليه الذى له سيل ، يكون نجسا " ( لا 15 : 2 ، 4 ) . وكذلك كل متاعه و ثيابه .. سواء كان ذلك عن سيل من النواحى الجنسية ، كالإحتلام مثلا .. " فيغسل ثيابه ويستحم ، ويكون نجسا إلى المساء " ( لا 15 : 8 ) . كذلك فى المعاشرات النجسة " إذا التصق ذلك السيل بثيابه ، تكون نجسه . و عليه أن يغتسل و يكون نجسا إلى المساء " ( لا 15 : 216 – 18 ) .

كذلك فى حالة المرأة فى إفرازات جسدها على أن توقف و تجف فى حالة طمثها ( لا 15 : 2. – 24 ) .. إقرأ باقى الإصحاح

فالثوب المدنس بمثل هذه الأمور ، وينطبق عليه قول الكتاب " مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد " .

وفى العهد الجديد تعتبر هذه الإفرازات الجسدية نوعا من الإفطار . ومع ذلك ينبغى الإغتسال للإنسان ، و الغسل للثوب . و لا بعد تطهره جسديا .

أما لو كانت هذه الإفرازات فى خطية زنا فتعتبر نجاسة .

42-

أفكر فى أن انتحر !!

ســـؤال

مع أن عمرى 24 سنة ، إلا أننى أفكر فى الإنتحار . وأنا أقاسى من عقدة الذنب فما نصيحتكم ؟

جواب

عجيب أن تفكر فى الإنتحار فى هذه السن المبكرة . لا يا ابنى لا تفكر فى أن تميت نفسك . أترك الموت يأتيك فى الوقت المناسب ( بعد عمر طويل إن شاء الله ) . لا تسع أنت إليه . إنما أتركه هو يسعى إليك وارجو أن تكون وقتذاك فى حالة إستعداد روحى لاستقبال الأبدية .

قل لنفسك : أنا لا أنتحر . لأنى لو انتحرت اكون قاتل نفس ، و استقبل الموت و أنا قاتل . ويكون نصيبى فى الأبدية هو نصيب القتلة ، وفى الجحيم .

و لا تظن أن انتحار يخلصك من الحياة و ما فيها من ألم . بل أنه سيكون بداية لحياة أخرى كلها ألوان من ألم لا يطاق ، و بغير حدود لها فى الزمن .

و الإنتحار أيضاً يدل على العجز و اليأس . وهو بهذا ضد الرجاء و الإيمان . وهما من الفضائل الكبرى ( 1كو 13 : 13) .

اما عقدة الذنب عندك فحلها هو التوبة . إن كنت قد اسأت معاملة أحد ، يمكن أن تصالحه ، و تصلح نتائج ذنبك . أما موتك فلا يفيده و لا يفيدك ..

43-

معنى كلمات

ســـؤال

ما معنى كلمة صباؤوت ، ورب الصباؤوت ؟ ما معنى كلمة غرلة ؟ و كلمة ادوناى ؟

 

جواب

*كلمة صباؤوت معناها قوات أو جنود .

ورب الصباؤوت معناها رب القوات أو رب الجنود . وقد ورد هذا التعبير كثيرا فى الكتاب المقدس . وهنا القوات تعنى القوات السمائية أى الملائكة .

*وكلمة ادوناى تعنى الرب

*و الغرلة هى غير الختان . وتطلق أحيانا على الأمم غير المختونين .. بينما تطلق كلمة الختان عن اليهود . وفى ذلك قال القديس بولس فى هذا المعنى " إنى أؤتمنت على غنجيل الغرلة ( أى على تبشير الأمم ) كما بطرس على إنجيل الختان ( غل 2 : 7 ) .

44-

الزواج أم الرهبنة ؟

ســـؤال

إننى متردد . لست أعرف طريقى : هل هو الزواج أم الرهبنة ؟ فبماذا تنصحنى ؟

جواب

عن كنت مترددا ، فلا تسرع بالرهبنة .

فالذى يحب الرهبنة فقط ، لا يفكر فى الزواج اطلاقا . فكرة الزواج لا تشغله نو لا تمثل شهوة فى نفسه . فإن اشتهى هذا الأمر ، يكو خطرا عليه أن يترهب ، وبخاصة لو تمثل شهوة فى نفسه . فإن اشتهى هذا الأمر ، يكون خطرا عليه أن يترهب ، وبخاصة لو كان يحارب من الناحية الجنسية أحيانا .. إذا قد تعاوده هذه الحروب بعد الرهبنة ..

التردد يدل على عدم ثبات الفكر .

و يدل على عدم ثبات الهدف أو الإتجاه . لذلك فالإنتظار أفضل ، وريثما يوضح الرب مشيئته .

اما لو كان فكر الرهبنة ثابتا فيك تماماً ، ومنذ زمن بعيد ن وليست لك شهوات جسدية تدفعك إلى الزواج

فربما يكون فكر الزواج حربا من الشيطان ليمنعك من الرهبنة .

ويتضح هذا إن كان الفكر من خارجك و ليس من داخلك . وأتت تقاومه بكل قلبك ، ومع ذلك يلح عليك . ومع ذلك فإيمانك بالطريق الرهبانى ينبع من أعماقك ، و هو راسخ فيك .

إن كان الأمر هكذا ، فلا تضطرب . إنما يحسن لك أن تصبر ، و تصلى أن يكشف لك الرب الطريق الذى يريده لك .

و لا تسرع بالزواج لئلا تندم . إنما انتظر . و سيأتى و قت ينقذك فيه الله من التردد .

45-

هل أفسخ الخطبة ؟

ســـؤال

أنا مخطوبة . و خطيبى يحبنى جداً ، وهو إنسان متدين على خلق . ولكنى لا أحبه .

فهل أفسخ الخطوبة ؟

جواب

يا ابنتى ، فى الموضوعات المصيرية التى يتوقف عليها مصير حياتك ، لا تأخذى قراراً سريعا بانفعال .

إنما فكرى جيداً ،واسألى نفسك الأسئلة الاتية :

1-هل لو فقدت هذا الخطيب سيأتيك غيره ؟

2-و هل لو جاء غيره سيكون أفضل منه ؟

3- وهل لو طلبك عريس آخر ، وظهر أنه عنيف يعاملك بشدة ، هل سوف تندمين و تقولين ليتنى قبلت ذلك الخطيب الذى كان على خلق ؟

4-و هل لو جاءك خطيب آخر على خلق ، هل سيحبك بنفس الحب الذى يحبك به الخطيب الحالى ؟

5-و هل تضمنين أنه سوف يأتيك الخطيب الذى ستحبينه أيضاً ؟

6-و لماذا تقولين الآن إنك لا تحبين خطيبك ؟ لماذا لم تقولى ذلك قبل إتمام الخطبة ؟

وأخير سأقدم لك إقتراحاً لاختبار شعورك :

يمكنك أن تجربى فترة ، يغيب فيها خطيبك عنك ، أو تعيبين أنت عنه .. و تفحصى أعماقك : ما هو شعورك نحوه أثناء هذا الغياب ، و خصوصا لو طالت المدة .. أو لو مضى وقت لم يتصل فيه بك ، بتليفون أو خطاب أو زيارة .. حينئذ ستعرفين حقيقة قولك " ولكنى لا أحبه " ..

46-

الصلاة بأسلوب المفرد

ســـؤال

إذا وقف إنسان بمفرده ، وصلى الصلاة الربانية : هل يقول أبى الذى فى السموات " ( بدلا من أبانا " .. و هكذا باقى الطلبات يقولها بأسلوب المفرد ؟!

جواب

إن الرب علمنا فى مناسبات عديدة ، أن نصلى باسلوب الجماعة ، لأننا كلنا أعضاء فى جسد واحد

فالمسيحى لا يطلب المغفرة لنفسه فقط ، بل لكل الناس أيضاً معه .

فيقول فى الصلاة الربية " اغفر لنا ذنوبنا ، كما نغفر نحن ايضاً .. " . و هو لا يطلب أن ينجو وحده من التجارب و من حيل العدو الشرير ، بل ينجو الناس كلهم أيضاً ، فيقول " لا تدخلنا فى التجارب ، بل نجنا من الشرير " .

وفى صلاته تبدو محبته للغير . و يبدو أيضاً انتماؤه للكنيسة .

كما يبدو أيضاً بعده عن الذات . ليس فى الصلاة الربية فقط ، بل فى صلوات كثيرة يصليها المسيحى وحده من الأجبية . فيقول " ارحمنا يا الله ثم ارحمنا " " قدس أرواحنا ، طهر اجسامنا . قوم أفكارنا . نق نياتنا وأشف أمراضنا .. "

ويقول فى الثلاثة تقديسات " ريا رب اغفر لنا خطايانا ، يا رب اغفر لنا آثامنا ، يا رب لنا زلاتنا .. يا من هو بلا خطية ، يا رب ارحمنا " ويقول أيضاً " حل و اغفر ، واصفح لنا يا الله عن سيئاتنا التى صنعناها بإرادتنا ، و التى صنعناها بغير إراتنا . التى فعلناها بمعرفة و التى فعلناها بغير معرفة .. "

و صلاة الشكر التى يصليها الإنسان وهو وحده ، يصليها بأسلوب الجمع أيضاً فيقول " نشكرك على كل حال .. لأنك سترتنا و حفظتنا و قبلتنا إليك .. " ويقول " نسأل و نطلب من صصلاحك يا محب البشر ـ منحنا أن نكمل هذا اليوم المقدس و كل أيام حياتنا بكل سلام مع مخافتك " .

وفى قانون الإيمان يقول " نؤمن بإله واحد " و لا يقول " أؤمن بإله واحد " .. و الأمثلة عديدة جداً .

المؤمن فى صلاته ليس أنانيا مركزاً حول ذاته . فهو لا ينسى غيره مطلقا . إنه يصلى من أجل الجميع . كعضو فى كنيسة جامعة .

و هذا لا يمنع من وجود صلوات فردية :

مثل مزمور " ارحمنى يا الله كعظيم رحمتك " . ومثل قوله صلاة نصف الليل " اعطنى يا رب ينابيع دموع كثيرة ، كما أعطيت فى القديم المرأة الخاطئة " " بعين متحننة يا رب ، انظر إلى ضعفى .. " . و مثل قوله صلاة النوم " توبى يا نفسى مادمت فى الأرض ساكنة .. "

أما الصلاة الربية ، فلا نملك أن نغيرها .

لقد علمنا الرب أن تقولها هكذا ، باسم الجماعة

وإن حاول أحد أن يصليها بروح الذاتية ، فهل يفعل هكذا أيضاً فى كل الصلوات التى ذكرنا امثلة منها ؟!

47-

السرحان أثناء الصلاة

 

ســـؤال

كثيراً ما أجد فكرى مشتتا أثناء حضورى لصلاة القداس ، حتى أننى أخرج بدون فائدة . بل قد امتنع عن حضور القداس ، خوفا من السرحان أثناءه و الوقوع فى دينونة أنا متحيرة . ما أسباب ذلك ؟ ارجو أن تخبرنى ماذا افعل

 

جواب

*المفروض أن تحضرى القداس بقلبك ، وليس بجسدك فقط .

فلو حضرت إلى القداس بفرح ، وأنت مشتاقة عليه ، على اعتبار أنه أقدس الصلوات فى الكنيسة كلها .. لكنت تتقبلين صلواته باستجابة و تسعدين بها ..

لهذا كان لابد من تمهيد روحى يسبق القداس .

و الكنيسة تمهد لذلك برفع بخور عشية ، ورفع بخور باكر ، بكل ما فيهما من قراءات مقدسة ، وتأملات ، ورفع العقل إلى الله ، مع تحليل للمؤمنين . و كذلك تمهد الكنيسة بصلاة نصف الليل ، و التسبحة قبل بخور باكر .

تمهد لقداس القديسين الذى يتم فيه التناول ، بقداس للموعوظين ، وفيه قراءات من البولس و الكاثوليكون وسفر أعمال الرسل ، مع مزمور وجزء من الإنجيل ، وذكر قديسى اليوم من السنكسار ، ورفع بخور ، و عظة ، كل ذلك لتمهيد العقل و القلب لحضور القداس ، مع تحليل .. فهل تمهدين ذهنك بكل هذا ؟!

أيضاً مهدى فكرك روحيا ، وأنت فى الطريق إلى الكنيسة .

ولا تشغلى فكرك أثناء الطريق بأحاديث عالمية أو مادية مع بعض القارب و الصديقات ، حتى لا تظل هذه الأمور فى ذهنك اثناء القداس .

قديما كانوا يرتلون المزامير و هم يصعدون إلى الهيكل ، كانت تسمى مزامير المصاعد ، فهل ترتلين هذه المزامير أو غيرها فى طريقك إلى الكنيسة .. مثل " فرحت بالقائلين لى إلى بيت الرب نذهب " .. " طوبى لكل السكان فى بيتك يباركونك على الأبد " أو " أما أنا فكثرة رحمتك أدخل بيتك ، واسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك .. " أو اية صلوات أخرى .

احذرى من أن تدخلى إلى بيت الله ، وذهنك مملؤ بعالميات لم يتخلص منها بعد ، فيفكر فيها أثناء القداس

*من الجائز أن الشيطان يخاف من استفادتك الروحية اثناء القداس ن فيحاربك فلأفكار ..

فلا تستسلمى لأفكاره ، و لا تستمرى فيها . بل كما يقول الرسول " قاوموه راسخين فى الإيمان ، عالمين أن نفس هذه الآلام تجرى على أخوتكم الذين فى العالم " ( 1بط 5 : 9 ) . المفروض أن تنتصرى على حروب الشيطان ، ولا تفتحى له أبواب ذهنك ، بل توقفى السرحان

*ثقى أنك لو حضرت لمجرد التناول ، فهذه بركة عظيمة .

فلا تمتنعى عن الذهاب على الكنيسة خوفا من السرحان ، لأن إمتناعك عنها معناه الإمتناع أيضاً عن بركة التناول و السر المقدس الذى يعطى عنا خلاصا و غفرانا للخطايا ، و حياة أبدية لمن يتناول منه " ( يو 6 : 54 ) .

*لذلك ننصحك بالآتى :

1-اجعلى جزءاً من صلوات القداس الإلهى مجالا لتأملاتك كل أسبوع ، حتى يصحبك هذا التأمل أثناء حضورك القداس

2-إن كان السرحان من طبيعتك حوليه على سرحان ( مقدس ) أى إلى شئ من التأمل فى ما تسمعينه من صلوات .

3- حاولى أن تسمعى الصلوات بعمق ، وأن تركزى فيها .

4-إن ضغط عليك السرحان ، استبدليه بصلوات خاصة ، وبالذات أثناء القطع التى لا تفهمينها . فيكون عقلك مرتبطا بالله ، ولو فى إتجاه آخر .

إذن حاولى أن تفهمى ، وأن تتأملى ، وأن تركزى ، وأن تصلى .

وإن بدأت فى فهم القداس و الشركة مع الآب الكاهن اتركى صلواتك الخاصة و عودى إلى الشركة فى القداس ، التى من أجلها وضعت الكنيسة مردات للشعب أثناءه .

48-

هل تنام الروح بعد الموت ؟

ســـؤال

ماذا يحدث للروح الإنسانية بعد إنفصالها عن الجسد ؟ هل تنام إلى يوم القيامة ؟

 

جواب

هؤلاء الذين ينادون بأن الروح بعد الموت لا تحس ، ولا تدرك ، ولا تعرف . وتكون فى حالة موت كامل لا شعور فيه ، إلى يوم القيامة .

وطبعا حالة الموت هذه ، أو حالة النوم كما يقول صاحب السؤال ، كلها ضد تعليم الكتاب وضد عقيدة الكنيسة .

*لأن الروح بعد الموت تتمتع فى الفردوس .

كما وعد الرب اللص اليمين قائلا له " اليوم تكون معى فى الفردوس " ( لو 23 : 43 ) . فهل ستكون الروح مع الرب و هى نائمة ؟! وأية متعة فى هذا ؟ وهذا أيضاً ضد شهوة بولس فيما بعد الموت بقوله :

" لى إشتهاء أن انطلق ، وأكون مع المسيح .ذاك أفضل جداً " ( فى 1 : 23 ) .

أيضاً قوله " لى الحياة هى المسيح ، و الموت هو ربح " ( فى 1 : 21 ) . فإن كانت الروح فى نوم بعد الموت ، فما هو الربح فى هذا ، و كيف يكون هذا أفضل جداً ؟! وكيف يحقق شهوته بأن يكون مع المسيح بعد موته ؟!

إن عبارة " أكون مع المسيح . ذاك أفضل جداً " تعنى تمتع روحه بالمسيح بعد الموت . و عن هذا قال اسطفانوس الشماس فى وقت رجمه " أيها الرب يسوع اقبل روحى " ( أع 7 : 59 ) .

*ولو كانت الروح تنام ، وغذن لا تكون هناك شفاعة للقديسين .

إذ كيف تتشفع روح قديس و هى نائمة لا تشعر و لا تسمع و لا تعرف ؟! و طبعا السبتيون الأدفنتست فى بدعتهم هذه لا يؤمنون بشفاعة القديسين .

*و هذا أيضاًً لا يتفق مع طبيعة الروح .

إن الجسد ينام وحواسه لا تعمل أما الروح فتكون نشطه : وما أصدق قول السيد الرب عن تلاميذه فى بستان جثسيمانى " أما الروح فنشيط ، وأما الجسد فضعيف " ( مت 26 : 41 ) .

*و ماذا عن أرواح الشهداء فى سفر الرؤيا ؟

أولئك الذين قال عنهم القديس يوحنا الرائى " رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله و من أجل الشهادة التى كانت عندهم . وصرخوا بصوت عظيم قائلين : حتى متى أيها السيد القدوس و الحق لا تقضى و تنتقم لدمائنا .. " ( رؤ 6 : 9 – 11 ) . فهل صرخوا بصوت عظيم وهم نائمون ، أو وأرواحهم ميتة لا تشعر ولا تدرك ؟!

*ولو كانت الروح تنام ، فماذا عن ظهور القديسين بعد موتهم ؟

ماذا عن ظهور القديسة العذراء فى كنيسة الزيتون ، وفى أماكن أخرى . وماذا عن ظهور قديسين آخرين ، وصنعهم معجزات وعجائب ، مثل مارجرجس مثلا ، وظهور القديس أغناطيوس الأنطاكى – بعد استشهاده – لزملائه فى السجن .. هل يحدث كل هذا أثناء النوم ؟!

*ونوم الروح إلى يوم القيامة ضد معجزة التجلى .

فكيف ظهر موسى النبى بعد موته بأربعة عشر قرنا ، على جبل التجلى مع السيد المسيح و مع إيليا النبى ؟! هل كانت روحه نائمة على جبل ( مر9 : 4 ) .

49-

كرنيليوس و الروح القدس

ســـؤال

نحن جميعنا نعلم أننا ننال الروح القدس بعد المعمودية .9 وهذا هو تعليم الكتاب المقدس ، كما ورد فى ( أع 2 : 38 ) . و كما حدث مع أهل السامرة ( أع 8 : 15 – 17 ) . وكذلك مع أهل أفسس ( أع 19 : 5 ، 6 ) .

فكيف حدث أن كرنيليوس حل عليه الروح القدس قبل أن ينال سر المعمودية ( أع 1. : 44 – 48 )

جواب

احب أن أفرق هنا بين ثلاث نقاط فى عمل الروح القدس :

1-عمل الروح القدس فى غير المؤمنين لكى يؤمنوا .

وعن هذا الأمر قال الكتاب " ليس أحد يقدر أن يقول [ يسوع رب ] إلا بالروح القدس " ( 1كو 12 : 3 )

2-عمل الروح القدس فى منح المواهب و المعجزات .

3-حلول الروح القدس الدائم فى الإنسان ، وبحيث يصير الإنسان هكيلا الله و يكون روح الله القدوس ساكنا فيه ( 1كو 3 : 16 ) ( 1كو 6 : 19 ) . وهذا الحلول لا يتم إلا بسر الميرون المقدس . وفى بداية العصر الرسولى كانوا ينالونه بوضع أيدى الرسل ، كما فى ( أع 8 : 17 ) ، ( أع 19 : 6 ) . ثم صار منح الروح القدس ينال بالمسحة المقدسة كما ورد فى ( 1يو 2 : 2. ، 27 ) .

و حلول الروح على كرنيليوس و الذين معه ، كان معجزة و لم يكن سراً كنسياً .

وكان الهدف من هذه المعجزة إيمان هؤلاء الأمميين . وايضاً برهان إلهى على قبول الأمم فى المسيحية ، حتى لا يشك أحد فى شرعية قبولهم و عمادهم ، ولهذا قال القديس بطرس الرسول " اترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس ( اع 1. : 47 ) . ثم أمر أن يعتمدوا ( أع 1. : 48 ) .

هذا كله غير السكنى الدائمة للروح القدس فى الإنسان ، التى هى حاليا سر المسحة المقدسة ( 1يو 2 : 2. ، 27 ) و ننالها بالميرون المقدس .

و يقينا قد نال كرنيليوس هذا السر المقدس بعد معموديته .

و إن كان هذا لم يذكر فى نفس الإصحاح ( أع 10 ) ، لأن التركيز كان على قبول الأمم ،و ضمهم إلى الكنيسة بالمعمودية .

فموهبة الألسنة التى نالها كرنيليوس بالروح القدس شئ ، و تقديسه كهيكل لله بالحلول الدائم للروح القدس فيه آخر ..

50-

السيد المسيح قبل التجسد

ســـؤال

أين كان السيد المسيح قبل أن يتجسد من العذراء مريم ؟ و ماذا عن وجوده قبل التجسد ؟

جواب

قبل التجسد كان موجوداً بلا هوته منذ الأزل . نعرفه باسمه ( إقنوم الإبن ) ثابتا فى الآب و الروح القدس

إسم ( المسيح ) عرف به فى تجسده ، وتدل عليه بعض النبوءات مثل " روح السيد الرب على ، لأنه مسحنى " ( أش 61 : 1 )

أما عن سؤالك " أين كان ؟ " . فإنه كان فى كل مكان ، وما كان يسعه مكان . ولكنه عبر عن علو مكانه بعبارة السماء ، كما نقول أيضاً عن الآب " أبانا الذى فى السموات " . فقال أثناء تجسده لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلى السماء ، إلا الذى نزل من السماء ، ابن الإنسان الذى هو فى السماء " ( يو 3 : 13 )

اما عن تجسده ، فكان من القديسة العذراء ، فى ملء الزمان ( غل 4 : 4 ) .

و لكنهه بلاهوته ، كان موجوداً قبل أن يولد بالجسد . كان قبل ان يوجد الكون . بل إن " كل شئ به كان ، و بغيره لم يكن شئ مما كان " ( يو 1 : 3 ) .

21

الخطايا لا تتساوي في الدرجة ولا تتساوي في العقوبة

سؤال ؟

جاءنا هذا السؤال من كثيرين هل تتساوي الخطايا أم تختلف في الدرجة ؟ وهل الناس في جهنم يقاسون عقوبة واحدة ؟ ام هناك درجات في العقوبة ؟ وما الذي يؤيد هذا من آيات الكتاب المقدس ؟

الجواب!

قال الرب أنه سيأتي ليجازي كل واحد حسبما يكون عمله ( رؤ 22: 12).

ولا شك أن أعمال الناس تختلف ،وهكذا تكون المجازاة . وحتى علي الأرض ، قال في العظة علي الجبل " من قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع . ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم "( متي 5: 22) . وواضح هنا أن العقوبة مختلفة لاختلاف درجة الذنب . وقد لاحظ هذه الملاحظة أيضا القديس أوغسطينوس ومن جهة اختلاف الخطية في الدرجة وفي موقف الكنيسة منها ، يقول القديس يوجد الحبيب " .. توجد خطية للموت . ليس لجل هذه أقول أن يطلب . كل إثم هو خطية . وتوجد خطية ليست للموت "( 1 يو 5: 16، 17) . والخطية التي ليست للموت ، يمكن الصلاة عنها ، لكي يعطي صاحبها حياة .والخطايا التي ليست للموت تدخل في نطاقها الخطايا غير الإرادية ، وخطايا الجهل ، وخطايا السهو .

ولا شك أن هناك فرقاً كبيراً بين الخطية غير الإرادية ، والخطية التي تتم بكل ارادة وتصميم . كما أن هناك خطايا الجهل ، و التي بمعرفة

وعدل الله يقتضي أن تكون العقوبة علي قدر الخطية حقاً إن الخطايا تتشابه في الحرمان من الملكوت . ولكن حتى الذين يذهبون إلي جهنم تتفاوت درجة عذابهم ، ولهذا يقول السيد المسيح عن كل من المدن التي رفضته ورفضت الإيمان ورفضت تلاميذه " الحق أقول لكم ستكون لأرض سدوم وعمورة يوم الدين ، حالة أكثر إحتمالاً مما تلك المدينة " ( متي 10: 15) ،( متي 11: 24) .

وعبارة " حالة أكثر احتمالا من .." تدل علي تفاوت في العقوبة ، مبنية علي التفاوت في الذنب.

و التفاوت في الذنب واضح من الناحية العملية . فالذي يزني بالفكر مثلاً ليس مثل الذي يزني بالفعل ، لأنه يكون في هذه الحالة قد نجس جسده وجسداً آخر معه و الذي يزني بالفعل ، ليس مثل الذي يزني بالاغتصاب ، فهذا أبشع . وكذلك الزني بالمحارم ( لا 20) و الذي يغصب فكره ، ليس مثل الذي لسانه وأعصابه ، ويسيئ إلي غيره ، ويكون في غصبه عثرة لآخرين والذي يفكر في السرقة غير الذي يسرق فعلاً بالإكراه .

وهناك تكون الخطية مركبة ، أي تشمل عدة خطايا معاً .

و الخطية المركبة عقوبتها أكثر ، لأنها في درجتها ليست خطية واحدة بل جملة خطايا . فالذي يشتم شخصاُ ، يكون قد وقع في خطية شتيمة أخري وهي أنه كسر وصية إكرام الوالدين ، فتصبح خطيئته مركبة . ولهذا فإن عقوبتها ابشع . يقول الكتاب في ناموس موسى :" من سب أباه أو أمه ، فإنه يقتل .. دمه عليه "( لا 20: 9) . كذلك من يضرب شخصاً عادياً ، كانت تطبق عليه في القضاء قاعدة " عين بعين ، وسن بسن "( لا 24: 19: 20) . اما الذي كان يضرب أباها أو امه ، فكانوا يرجمونه بالحجارة .

الحجارة أيضا تزداد بشاعتها أن كانت في الأقداس .

فالذي يخطئ في يوم مقدس كيوم صوم أو يوم التناول مثلاً تكون خطيئته أبشع ولذلك كانت العقوبة شديدة بسبب خطيئة إبني عالي الكاهن ( 1 صم 2) .

22

رأي المسيحية في نقل الأعضاء

سؤال ؟

هل يجوز نقل عضو من جسد إنسان إلي آخر سواء كان حياً أو ميتاً؟

وهل في نقل الأعضاء عبث بالأجساد ، وعدم كرامة لها ؟

وهل أنه ليس من حق الإنسان أن يتبرع بجزء من جسده لأنه لا يملك هذا الجسد ؟

الجواب!

المسيحية لا تمنع نقل عضو من جسد حي او جسد ميت

إن الكتاب المقدس - بعهديه القديم و الجديد - لم يأمر ولم ينه بخصوص نقل الأعضاء . لن هذا الموضوع لم يكن وارداً وقتذاك . ولكن روح الكتاب تدعو إلي العطاء و البذل ، وإلي انقاذاً الآخرين ، و الحرص علي حياتهم بقدر الإمكان

ومن تعليم الكتاب المقدس ، يجوز نقل عضو من جسد إنسان حي ، أو من جسد ميت ، لمنفعة إنسان آخر .

ولا تري المسيحية في ذلك عبثاً بجسد المعطي ، أو إتلافاً له ، أو تمثيلاً به ، أو خدشاً لكرامته . فإتلاف الجسد يكون بالخطيئة ، وبالعادات الرديئة ، وبإهمال القواعد الصحية ، أو بالانتحار ، أو ما شابه ذلك .

أما فقد عضو من أجل عمل نبيل ، كالدفاع عن الوطن او منح عضو لأجل انقاذ إنسان في عملية جراحية ، فهو نوع من التضحية و البذل ، يرفع من كرامة الإنسان ، وليس هو ضد الدين في شئ

وهذا ما فعله الشهداء ، سواء في ذلك شهداء الوطن أو شهداء الدين . كانوا يعرضون حياتهم للموت ، ويعرضون أجسادهم للقطع أو التشويه . ونحن نكرم الشهداء الذين تقطعت أعضاؤهم وتشوهت أجسادهم ونكرمهم ونري أنهم بفقد أعضائهم قد زادوا كرامة عند الله و الناس . ولا نسمي ذلك تشويهاً لأجسادهم ، بل كرامة لها . يماثل ذلك بدرجة معينة ، بذل الأعضاء من أجل انقاذ حياة الناس ، أو بذلها - بعد الموت ، لمنفعة الطب و العلم بصفة عامة .

إذن التبرع بعضو من الجسد ، ليس ضد كرامة الجسد ليست في شكله ، وإنما في بذله .

وهذا البذل يدعو إليه الإنجيل ، إذ يقول السيد المسيح " ليس لأحد حب أعظم من هذا ، أن يضع أحد نفسه عن احبائه "( يو 15: 13) .

فإن كان الإنجيل يدعو إلي بذل النفس كلها لأجل الغير ، فبالأملي بذل عضوواحد من أعضاء الجسد .

واهتماماً بأجسادنا ، لكي تكون أداة الخدمة الروح ، وتزاملها في رحلة الحياة ، ليس معني ذلك أن تسودنا الأنانية في حفظ هذه الأجساد !! بل علي العكس ، في تبرعنا بجزء من الجسد ، تسمو الروح بالأكثر . وقد ورد في الكتاب المقدس " المحبة لا تطلب ما لنفسها " ( 1 كو 13: 5) . كما قال بولس الرسول لأهل غلاطية :

" لأني أشهد انه لو أمكن لقلعتم عيونكم أعطيتموني " ( غل 4: 15 )

غير أن مثل تلك العملية لم تكن ممكنه منذ عشرين قرناً . نرجو أن يساعد العلم علي |إتمامها ، وتساعد المحبة علي تنفيذها

وهكذا يمكننا ان نقول :

أيهما افضل ان يعيش إنسان واحد بكليتين ، او ان يهب إحداهما لغيره ، فيعيش بهما إثنان ؟ وبالتضحية و بالحب يساعد إنسان علي حياة غيره وعلي إنقاذه من الموت ومن عذاب المرضي

ونفس الكلام يقال بنسبة ما : في نقل الدم ، وفي نقل أي عضو من إنسان غيره وفي الإنسان ذاته ، نلاحظ أنه في بعض الأحيان تنقل أعضاء منه وإليه ، في بعض العمليات : كنقل شريان ، و جلد أو عصب أو نسيج ، دون أن يحتج أحد أو يناقش الفكرة

أما عن الإنسان الميت ، فنقل عضو منه لا يضره في شئ ، بينما يكون قد أنقذ غيره

والإنسان الذي لايشاء نفع بعضو من أعضائه بعد موته ، أتراه يستطيع أن يمنع الدود عن أكل جسده الميت ؟! أو تراه يستطيع أن يمنع العفن أو التحلل عن هذا الجسد بعد موته ؟! وأين في هذا التحلل ما يقال عن كرامة الجسد ، وعدم العبث به ؟! وفي الكتاب المقدس قيل للأنسان منذ البدء " تعود إلي الأرض التي أخذت منها لأنك تراب وإلي التراب تعود "( تك 3: 19) . وقيل عنه أيضاً " يرجع التراب إلي الأرض كما كان ، وترجع الروح إلي الله معطيها " ( جا 12: 7) .

ومادام الجسد سيعود إلي التراب بعد الموت ، إذن ليس ضد كرامة عضو منه أو يلصق بجسد آخر ، وتكون له استمرارية حياة !! لاخوف علي الجسد الميت ، مهما آخذت أعضاؤه ، لأننا جميعاً نؤمن بقيامة الأجساد بعد الموت

إنني أؤيد فكرة إنشاء بنك لأعضاء الإنسان ، وليس الدين ضد هذه الفكرة في شئ .

الدين يأمر بعمل الخير . وما أجمل أن يعمل الإنسان الخير في حياته ، متبرعاً بعضو لا يفقده الحية . كما يعمل الخير أيضاً بعد مماته ، بتبرعه ( عن طريق وصية مكتوبة أو شفاهية ) ببعض أعضائه لانقاذ غيره أو لفائدة العلم . والغير يرد هذا الجميل ، بأن يوصي بأعضاء منه بعد موته لإنقاذ آخرين

وهكذا تدور عجلة الخير ، بيد الأحياء و الأموات علي السواء .

وينال كل منهم أجراً من الله علي ما قدمه للغير من خير أما عن القول بأن أجسادنا ليست ملكاً لنا ، حتى نهبها لغيرنا ! فنرد عليه بأن أنفسنا أيضاً ملكنا ، ومع ذلك نحن نضحي بأنفسنا لأجل الآخرين ظن بدافع من الحب ، وبأمر من الدين وتكون تلك لنا فضيلة .. فمن باب أولي نضحي بعضو من الجسد ، أو بجزء من عضو .. نقول إن أنفسنا ليست ملكاً لنا ، إن كنا نضيعها بالانتحار مثلاً ونقول أيضاً إن أجسادنا ليست ملكاً لنا ، ان كنا نضيعها بالمخدرات مثلاً أما بذل الجسد والنفس في مجال الخير ونفع الآخرين ، فهو أمر يباركه الدين ، ويوصي به الله تبارك إسمه .

23

كيف نصلي ؟

سؤال ؟

أحياناً أقف لأصلي ، فلا أعرف ماذا أقول . أو أقول ألفاظاً قليلة وأتوقف . فكيف أصلي ؟ وماذا أقول ؟

الجواب!

هناك عناصر كثيرة للصلاة ، إن عرفتها يمكن أن تطول وقفتك في حضرة الله .

فكثيرون يكتفون بعنصر الطلب ، حتى أنهم يخلطون بين الصلاة و الطلبة وإن لم يكن لهم ما يطلبونه ، لا يصلون ! وحتى الطلب ، يمكن أن يتسع فنطلب من أجل الآخرين . تطلب إلي الله من أجل الكنيسة ، والمجتمع الذي تعيش فيه . وكل من تعرفهم من المحتاجين ، كل واحد حسب احتياجاته : المرضي ، والذين في ضيقة ، والمسافرين و الطلبة

وفي الصلاة عنصر الشكر أيضاً

فالشكر الله علي كل احساناته إليك وإلي عارفيك ومحبيك ، بالتفاصيل وقد وضعت لنا الكنيسة صلاة الشكر في مقدمة كل صلاة

وفي الصلاة أيضاً عنصر الاعتراف

حيث تعترف لله بكل اخطائك ونقائصك وتطلب منه الصفح والمغفرة ، كما تطلب منه القوة و العلاج ، كل ذلك باتضاع وخشوع

وفي الصلاة أيضاً عنصر التسبيح و التمجيد والتأمل في صفات الله الجميلة

مثل عبارة " قدوس قدوس رب الصباؤوت . السماء والأرض مملؤتان من مجدك الأقدس . إنها ليست انسحاقا ، لكنها تأمل في صفات الله وهناك نصيحة أقدمها لك إن كنت لا تعرف كيف تصلي وهي :

أمامك الصلوات المحفوظة . وقد أعطانا الرب مثالاً لها في صلاة أبانا الذي

ومنها أيضاً المزامير وصلوات الأجبية وصلوات التسبحة ، الأبصلمودية . يمكنك أن تصلي بها كما تشاء ، فهي مدرسة تعلمك الصلاة ، وتعلمك أدب التخاطب مع الله : ماذا تقول ؟ وكيف تقول .. وتفتح قلبك للتامل في الصلاة ..

24

حول طلب المواهب

سؤال ؟

لماذا لا نطلب من الرب أن يمنحنا المواهب الفائقة للطبيعة ، مثل التكلم بألسنة وشفاء المرضي وصنع العجائب ؟ ألا يقول الرسول " جدوا للمواهب الحسني "( 1كو 12: 31). " جدوا للمواهب الروحية "( 1 كو 14:1) ؟

الجواب!

إن ثمار الروح ، أهم لك وأنفع من مواهب الروح.

ثمار الروح التي قال عنها نفس الرسول " واما ثمر الروح فهو محبة ، فرح ، سلام طول اناة ، لطف ، صلاح ، إيمان ، وداعة ، تعفف . ضد أمثال هذه ليس ناموس " ( غل 5: 22) .

هذه الثمار نافعة لابديتك ، لذلك دعاها الرسول طريقاً أفضل فقال " جدوا للمواهب وايضاً أريكم طريقاً أفضل "( 1 كو 12: 31) .

وشرح الرسول كيف ان المحبة أولي ثمار الروح ، أفضل "( 1 كو 12: 31) .

وشرح الرسول كيف أن المحبة أولي ثمار الروح ، أفضل من التكلم بألسنة الناس و الملائكة ، وأفضل من كل علم ومن جميع الأسرار ، وأفضل من التنبؤ ، وأفضل من الإيمان الذي ينقل الجبال ( 1 كو 13: 1-3) . وقال إن التنبوءات ستبطل ، والألسنة ستنتهي ، والعلم سيبطل . اما المحبة فتثبت ، وأنها أعظم من الإيمان و الرجاء .

أما المعجزات فإنها لا تخلص النفس من الذين صنعوا المعجزات هلكوا . كما نسبت معجزات إلي الشيطان واتباعه .

أنظر إلي قول الرب في العظة علي الجبل : كثيرون يقولون لي في ذلك اليوم " يارب ، أليس باسمك تنبأنا ، وباسمك اخرجنا الشياطين ، وبأسمك صنعنا قوات كثيرون " فحينئذ أصرح لهم إني أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم . يا للعجب ! كانوا فاعلي

إثم ، وهلكوا ، ورفض الرب أن يعرفهم علي الرغم من اخراجهم الشياطين ومن النبؤة ، ونسبتهم أنفسهم وعملهم لاسم الرب !!

لما فرح التلاميذ بالمعجزات ، قال لهم الرب لا تفرحوا بهذا .

رجع التلاميذ فرحين قائلين له " حتى الشياطين تخضع لنا باسمك " فقال لهم " لا تفرحوا بهذا . بل افرحوا بالحري أن أسماءكم قد كتب في ملكوت السموات ".

وفي التجربة علي الجبل ، رفض الرب أن يصنع معجزات .

رفض أن يحول الحجارة إلي خبز ، ورفض أن يلقي نفسه من علي الجبل لكي تحمله الملائكة لأن الرب لا يحب صنع المعجزات للفرجة و للمجد العالمي . ولذلك عندما كان اليهود يطلبون منه آية كان يقول لهم " جيل فاسق وشرير يطلب آية ولا تعطي له إلا آية يونان النبي " وهكذا قادهم إلي التأمل في صليبه وموته وقيامته أكثر مما إلي الفرجة .

إن محبة المواهب وصنع المعجزات ، قد تكون حرباً يحاربك بها الشيطان . ويخدعك ليرضي كبرياءك ثم يضللك .

يقول الكتاب عن الدجال ، إنسان الخطية ، أبن الهلاك ، المقاوم ، والمرتفع علي كل ما يدعي إلهاً ، الذي سيدعي الأوهية في آخر الزمان ، ويضل كثيرون ، ويقودهم إلي الارتداد إن " مجيئه بعمل الشيطان ، بكل خديعة الإثم في الهالكين "( 2 تس 2: 3-10) .

ما أسهل علي الشيطان - بالمعجزات - ان يقود إلي الضلال ، أو يقود إلي الكبرياء بخدعة أيات كاذبة

وإن رآك محباً لإخراج الشياطين ، يخرج من شخص ويعود عليه ، ويلاعبك ويخادعك إن الشيطان قادر أن يظهر في هيئة ملاك من نور كما يقول الكتاب . إن رآك محباً للعجائب ، يحاربك من هذه الناحية ( اقرأ البستان ).

أما عن حرب الكبرياء ، فتقوم حتي مع المعجزات الحقيقية .

انظر إلي القديس بولس الجبار ، كيف يقول " ولئلا ارتفع بفرط الإعلانات ، أعطيت شوكة في الجسد ، ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع " )( 2كو 12: 7) . ورأي الله أن الضربة نافعة له ، فلم يقبل صلاته رفعها عنه

إذن كان هناك خوف علي القديس بولس الرسول نفسه . من هذه العجائب ، لئلا يرتفع !! ألا تخاف أنت ؟!

لا تستكبر إذن بل خف ، كما يقول الرسول ( رو11) بل إن الرسول ينصحك نصيحة أخري ، يقول فيها لكل أحد من جهة المواهب ( رو 12: 3) .

" أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي ، بل يرتئي إلي التعقل ، كما قسم الله لكل واحد مقدار من الإيمان "

لماذا إذن ترتئي فوق ما ينبغي ؟ لماذا تطلب اجتراح المعجزات ، الأمر الذي لم يطلبه احد من القديسين من قبل لنفسه ؟ لماذا لا تهتم بثمار الروح بدلاً من المواهب ؟

ربما حرب من الكبرياء تخادعك في طلب المواهب ؟ أما عبارة " جدوا للمواهب " فلا تعني اطلبوها

إنما تعني اجعل قلبك أهلاً لمنحك إياها ولا يمكن أن يمنحك الله القوات و العجائب ، إلا إذا كنت متواضعاً ، لأن التواضع يحرس المعجزات

و بالتواضع لا تطلب المعجزات وإنما تتقبل في شعور بعدم الاستحقاق ، أن وجد الرب بحكمته أن هذا الأمر نافع لملكوته .

ويوحنا المعمدان كان اعظم من ولدت النساء ، ومع ذلك لم يشتهر بأنه صانع معجزات ، ولم يطلبها .

25

الفضيلة الأولي

سؤال ؟

ما هي الفضيلة الأولي ؟

الجواب!

الفضيلة التي تجمع الفضائل كلها هي المحبة ، إذ يتعلق بها الناموس كله والأنبياء . ولكن أساس الفضائل جميعها ، التي تبني عليها كل عمل صالح ، فلا شك أنها الذاتي و المجد الباطل ، ويهلك بها الإنسان . حتى المحبة ذاتها هي أعظم الفضائل ، أن لم تبن علي الإتضاع يمكن ان يهلك بها الإنسان ، بل لا تسمي ( محبة ) بالمعني الدقيق الكامل للكلمة .

26

إتباع سير القديسين

سؤال ؟

كلما قرأت كتب سير القديسين ، مالت نفسي إلي أن أصير مثلهم . وللأسف لا أقدر ان أفعل مثلهم . فبماذا تنصحون ؟

الجواب!

كثيرون من الذين كتبوا مثاليات القديسين ، ذكروا ممارسات وصل إليها القديسون ، ربما بعد عشرات السنوات من الجهاد ، دون ان يذكروا التداريب التي سلكوا فيها ، أو لخطوات التدريجية التي اتبعوها حتى وصلوا إلي ما وصلوا إليه . فهل تريد انت - بمجرد القراءة - أن تمارس - دفعة واحدة - ما وصل إليه القديسون ، في عشرات السنوات ؟!

ضع أمامك الفضيلة ، ولكن الوصول إليها يحتاج إلي آمرين

( أ) تدرج

( ب) إرشاد روحي

( ج ) أنظر أيضا إلي نقطة ثالثة هي مدي مناسبة هذه الفضيلة لك أنت بالذات ، في نوع حياتك ، الذي قد يختلف عن نوع حياة القديس الذي تقرأ له . فمثلاً الصمت و الصلاة الدائمة ، يناسبان حياة الوحدة ، ولكن من الصعب ممارستها في الخلطة مع الناس ، وإلا يقع الشخص في اشكالات عملية ، وربما يصطدم مع الناس كذلك الأصوام الانقطاعية الشديدة ، وربما تناسب من يحيا حياة الانفراد ، ولا تناسب حياة من يبذل مجهوداً جسمانياً كبيراً ، أو من هو في سن النمو عموماً ، من المفروض أنك في كل ممارستك الروحية ، تكون تحت إرشاد أب حكيم مختبر ، ولا تسلك حسب هواك لأن ( الذين بلا مرشد ، يسقطون مثل أوراق الشجر ) . و المرشد سيحميك من التطرف ، ومن الانحراف اليميني ، ومن المغالاة ، ومن القفزات الفجائية التي ليس لها أساس . لذلك لا تحزن إن كنت لا تستطيع الآن أن تنفذ كل ما تقرأه عن القديسين . وربما تستطيع فيما بعد ، بالتدريج . كذلك نلاحظ ان كل قديس ، كانت له فضيلته التي نبغ فيها ، فهل تريد أنت أن تجمع جميع الفضائل لجميع القديسين ، الأمر الذي يندر حدوثه كن معتدلاً .
 

27

الرهبنة ومعرفة القراءة و الكتابة

سؤال ؟

أنا فتاة في الثالثة و العشرين من عمري ، لا أعرف القراءة و الكتابة ، واعرف الخياطة و التطريز . هل يمكنني ان أترهب . ام هل الرهبنة وقف علي المتعلمين ؟

الجواب!

الرهبنة يمكن أن يلتحق بها الكل ، متعلمين وغير متعلمين ، تتوقف علي الزهد في العالم ، و التفرغ للعبادة و الصلاة ، والتدرب علي حياة القداسة ونقاوة القلب ، مع الموت عن العالم ولكن المهم بالنسبة إليك كيف تصلين ؟ وكيف تقضين وقتك ؟ ربما لا تكون لك القدرة علي الصلاة الدائمة و الصلاة القلبية لشغل كل الوقت و الأجبية تساعد علي شغل الوقت بالصلاة مع صلوات القديسين . فكيف ستحفظين المزامير ؟ وكيف ستحفظين صلوات الأجبية بدون معرفة القراءة و الكتابة ؟

إلا إذا أمكنك أن تجعلي أحد يلقنك كل هذه المزامير و الصلوات وتحفظينها ، كما يسلم العرفاء ( المعلمين ) الحان الكنيسة ، علي أن يكون ذلك قبل الالتحاق بالرهبنة .

ونفس الكلام يمكن أن نقوله أيضاً عن التسبحة التي تصليها الراهبات في الكنيسة صف الليل . ويستلزم المر معرفة اللغة القبطية قراءة وكتابة ، وليس فقط العربية كذلك فإن شغل الوقت في الرهبنة قد يأتي أيضاً عن طريق قراءة الكتاب المقدس ، وقراءة ليست فقط لشغل الوقت ، إنما أيضاً بسبب ما توحية في القلب من مشاعر ومن تأملات وأفكار روحية ومن حب للخير .

وكل هذا ستفقدينه بعدم معرفة القراءة و الكتابة ، التي لا نقصد لذاتها كعلم ، وإنما نقصد تأثيرها في الحياة الروحية .

وعدم معرفتك القراءة و الكتابة ، ربما يوجد لك شيئاً من صغر النفس ، وبخاصة إذا قارنت نفسك بغيرك من الراهبات اللاتي لهن هذه الإمكانيات الروحية

فهل تتركن الرهبنة لهذا السبب ام نبحث عن علاج ؟ يمكن أن يكون العلاج دخولك مدرسة لمحو الأمية من الان .

وقد يكون العلاج أن تستلمي المزامير و الصلوات وقطع الأجبية وألحان الأبصلمودية ، وتحفظينها عن ظهر قلب من الآن ، كما يحفظها عرفاء الكنائس . وإن تتدربي علي صلاة القلب ، أو الصلاة الدائمة ، أو الصلوات القصيرة المتكررة ، او الصلوات الخاصة حتي لا تفقدي عنصر الصلاة الذي هو أصل الرهبنة

وتحاولي ان تعوضي عنصر القراءة بشئ آخر ، كما عملت علي معالجة عنصر الصلاة بالحفظ و التدريب .

إذا كان الإنسان جاداً في حياته الروحية ، وفي اتجاهه الرهباني ، وكان امياً ، يمكنه أن يستفيد من قراءات الكنيسة

التي تتلي من فصول الكتاب المقدس ومن السنكسار ، مع الإستماع إلي ما يتلوه عليه غيره من زملائه في الرهبنة . ويمكن ان تسجيل الكتاب المقدس علي اشرطة كاست يسمعها من ريكوردر . وهذا طريق صعب ولكنه يؤدي إلي نتيجة ، خيراً من الحرمان النهائي من قراءة الكتاب او الاستماع عليه ، متي يريد نقول كل هذا إن كانت الفكرة الرهبانية ثابته سليمة ، وكانت حياة طالبة الرهبنة 0مقدسة إمام الله ، ومرضية امام باقي راهبات الدير ، وحاصلة أيضاً علي رضا رئيسة الدير وموافقتها .

و الرهبنة ليست كلها علماً ومعرفة . وهناك من يستعيضون عن المعرفة بالقلب كما كان بعض القديسين .

ولكن إن كان مع الجهل بالقراءة و الكتابة ، جهل آخر بالحياة الروحية فترك هذا الطريق افضل .

28

الودعاء يرثون الأرض

سؤال ؟

ما معني " طوبي للودعاء فإنهم يرثون الأرض "؟

الجواب!

الشخص الوديع . هو الشخص الهادئ ، الطيب ، البسيط ، الذي لا يخاصم ، ولا يصيح ، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته . بعيد عن المخاصمة . بعيد عن المخاصمة ، والمقاومة ، وكثرة النقاش . إنسان مسالم ، مطيع ، ( مهاود) . طيب القلب ، حسن المعاملة مع الناس ، رقيق الطباع ، بشوش ومثل هذه الصفات الله - فإنه يرث الأرض أيضاً ، لأن سكان الأرض يحبونه ، ويعيش معهم في سلام وهدوء . علي أن القديس أوغسطينوس فسر عبارة 0 يرثون الأرض ) ، بأنها أرض الأحياء " ارض الحياء هذه هي التي قال عنها يوحنا الرائي " ثم رأيت سماء جديدة وارضاً جديدة " ( رؤ 21 : 1 ) ، وهي التي كانت ترمز لها الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً .

29

وقت الفراغ

سؤال ؟

كيف يمكن للشاب أن يشغل وقت فراغه ، وبخاصة في العطلة الصيفية ؟

الجواب!

مجرد وجود ( وقت فراغ ) هو مشكلة تحتاج إلي علاج لأن الذي يشعر بهذا الفراغ ، هو الذي لا يعرف قيمة الوقت من جهة ، ولا طريقة شغله للفائده من جهة اخري وشغل الفراغ يأتي بطريقتين : إما لفائدة صاحب الوقت نفسه ، وأما في خدمة من يحيطون به ومنفعتهم فشغل الفراغ لفائدة الشخص تأتي عن طريق القراءة أو الدراسة ، فيزداد بهذا معرفة او ثقافة ، ويوسع مداركه ، علي شرط أن يتخير نوع القراءة لتكون نافعة . وقد ينتفع الشخص بممارسة بعض هواياته ومواهبه فيما يفيد ، او في اكتساب خبرات جديدة نافعة ، بان يتعلم شيئاً عمليًاً ، سواء في البيت ، أو في المعهد ، او عن طريق بعض الأصدقاء أو المرشدين . ويمكن للشباب أن يشترك في أي نشاط رياضي ، لتقوية جسده ، بحيث لا يستغرق هذا كل وقته . وما أحسن ان يشترك الإنسان في خدمة روحية ، أو خدمة اجتماعية ، لمنفعة غيره ,. وفي نفس الوقت ينتفع هو أيضاً أثناء خدمته للآخرين هناك أيضاً واجبات علي الكنيسة لشغل أوقات الفراغ للشباب ، بوضع برامج لفائدتهم . وذلك بالاهتمام بالوسائل السمعية و البصرية ، وإقامة الندوات و الحفلات و المحاضرات ، ووسائل الترفيه المتنوعة ، التي تحمل في نفس الوقت نفعاً روحياً كذلك يجب الاهتمام بالنوادي ، وبالمكتبات الدينية ، وباستغلال طاقات الشباب ووقتهم فيما يفيدهم ، وينمي مواهبهم وأيضاً في المشاركة في تنفيذ مشروعات و المساهمة في إنشطتها

30

من له يعطي فيزداد

سؤال ؟

ما معني الآية التي تقول " لأن كل من له يعطي فيزداد ، ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه " ( متي 25: 29) فما معني انه ليس له ، ويؤخذ منه ؟

الجواب!

أي ان من له إيمان ، وله حب للعمل الصالح أيضاً يعطية الله نعمة ليزداد بها في الآيمان وفي العمال معاً

أما الذي ليس له إيمان ، فالأعمال التي يعملها بدون إيمان ، فهذه تنزع منه وليست لها قيمة بدون إيمان

كذلك الذي ليست له اعمال صالحة فالإيمان الميت ينزع منه عنه مجرد إيمان إسمي أو عقلي أو شكلي هذا ينزع منه

31

عناصر القوة الحقيقية

سؤال ؟

أريد أن تكون لي شخصية قوية ، فما هي عناصر قوة الشخصية ، التي اصير بها قوياً ؟

الجواب!

قال يوحنا الرسول " اكتب إليكم أيها الشباب لأنكم اقوياء ، وكلمة الله ثابتة فيكم ، وقد غلبتم الشرير ، لأن كلمة الله ثابتة فيكم ، وقد غلبتم الشرير " إذن فالشخص القوي هو الذي يغلب الشر ، لأن كلمة الله ثابته فيه . لنه قد يستطيع قائد كبير أن يغلب جيشاً ويفتح مدناً ، ثم ينهزم من شهوته ولا يكون قوياً . ولهذا قال الحكيم عن الذي يقهر نفسه خير ممن يقهر مدينة هذه هي القوة الروحية التي بها يغلب الإنسان شهواته ، وأيضاً من يستطيع أن يقود الآخرين روحياً . وهناك قوة أخري في الشخصية ، تنبع من كفاءات معينة في الشخص مثل الذكاء و الحكمة وحسن التدبير ، والقدرة علي كسب الناس ، وقوة الذاكرة و النشاط عن القوة الحقيقية للإنسان تنبع من داخله :من انتصاره علي نفسه ، ومن تأثيره علي الآخرين ، ، ومن علاقته القوية بالله ، ومن مواهبه وحسن تصرفه . وقد تكون أيضاً من نجاحه ، ومن قدرته علي العمل المنتج في ميادين متعددة . وليست القوة في مظهرية خارجية زائفة . ولا في سلطة تنبع من منصب ، أو من مال
 

32

إن أعثرتك عينك أو يدك

سؤال ؟

هل يجوز للإنسان أن يقلع عينه ، أو يقطع يده إن أعثرته ، عملاً بقول الكتاب ( متي 5: 29، 30) ؟

الجواب!

يقصد الرب التشديد علي البعد عن العثرة ، كما يقول " لأنه خير لك أن يهلك احد أعضائك ، ولا يلقي جسدك كله في جهنم "( متي 5: 29،30) . ولكن هذه الوصية ينبغي أن ي}خذ بمعناها الروحي وليس بمعناها الحرفي . فمعناها الروحي يمكن ؤان يكون ملزماً . اما المعني الحرفي ، فمن الصعب ان يكون ملزماً

بعض القديسين نفذ هذه الوصية حرفياً ، مثل سمعان الخراز ، وكذلك بعض القديسات في بستان الرهبان .

ولكن يستحيل ان تنفذ هذه الوصية حرفياً بصفة عامة .

وإلا صار غالبية من في العالم بعين واحدة ، لشدة انتشار العثرة ، وبخاصة في سن معينة ، وفي ظروف وملابسات خاصة . ولكن كثيراً من القديسين ذكروا انه يمكن ان يقصد بالعين أعز إنسان إليك ، كما يقصد باليد اكثر الناس معونة لك . فإن أصابتك عثرة من أي من هؤلاء ، يمكن أن تقطع نفسك من عشرته . ونلاحظ أن الكنيسة في بعض قوانينها حرمت قطع أعضاء من جسم الإنسان اتقاء للعثرة ، مثل القانون الذي يحرم من يحصي نفسه .

كما أن قطع العين أو اليد ( بالمعني الحرفي ) ، لا تمنع العثرة أو الخطية . لأن الخطية غالباً ما تنبع من داخل القلب .

وإذا كان القلب نقياً ، فإن الإنسان يري ولا يعثر . إذن من الأفضل ان نأخذ الوصية بمعناها الروحي وليس الحرفي . ومما يثبت هذا أيضاً ، قول الرب في إنجيل مرقس ( 9: 43-48) : " لأنه خير لك ان تدخل الحياة أقطع اعرج أعور "..

وطبعاً لا يمكن أن نأخذ هذا الكلام بطريقة حرفية ، لأنه لا يمكن لإنسان أن يكون في السماء اقطع أو اعرج أو أعور ؟!

إذا لا نتصور أن يكون بار في النعيم بمثل هذا النقص ، كما لا يمكن هذا هو جزاء الأبرار علي برهم عن العثرة مهما كلفهم ذلك من ثمن !

يعلمنا الكتاب أن " الروح يحيي ، والحرف يقتل "( 2 كو 3: 6) .

لذلك لا يمكننا ان نأخذ كل الوصايا بطريقة حرفية . وهذه الوصية بالذات أراد الرب أن يشرح لنا خطورة العثرة ووجوب البعد عنها ، حتى لو أدي الأمر إلي قلع العين .

33

البساطة

سؤال ؟

ما هو مفهوم البساطة في المسيحية ؟

الجواب!

البساطة هي عدم التعقيد ، وهي في المسيحية غير السذاجة .

فالمسيحي قد يكون بسيطاً وحكيماً في نفس الوقت . البساطة المسيحية هي بساطة حكيمة . والحكمة المسيحية هي حكمة بسيطة ، أي غير معقدة مثل بعض الفلسفات . لهذا قال السيد المسيح " كونوا بسطاء كالحمام ، وحكماء كالحيات ".

34

موقف المسيحية من الخمر

سؤال ؟

ما هي عقيدة المسيحية في الخمر ؟ هل هي حلال أم حرام ؟ أو متي تكون حلالاً أو حراماً ؟

الجواب!

أحب في الإجابة علي هذا السؤال ، أن اضع أمامنا ثلاث نقاط هامة وهي :

1- المسيحية لا تحرم المادة كمادة ، غنما تحرم الاستخدام السيئ للمادة .

2- المسيحية تفرق بين الخمر و المسكر ، وتحرم المسكر .

3- متي تحرم المسيحية الخمر ؟

1- المسيحية لا تحرم المادة

المادة ليست حراماً في حد ذاتها ، وإلا ما كان الله قد خلق هذه المادة . فإلي أي مدي مطبق هذه القاعدة علي الخمر ؟

أخطر ما في الخمر هو الكحول . والمسيحية لا تحرم الكحول كمادة .

فالكحول يستخدم في الطب ، وفي مواد التطهير ، وفي العطور ، ويدخل في تركيبات أدوية عديدة ، وله منافع أخري . إذن هو ليس حراماً ، في ذاته ، ولا يمكن ان نحرمه ولكن يصبح الكحول حراماً ، إذا اسيئ استخدامه .

الحرام إذن هو سوء استخدام المادة ، وليس في المادة ذاتها

و لنأخذ المخدرات كمثال :

إننا نحرم استخدامها الشيئ ، الذي يضيع إنسانية الإنسان ، وصحته ، وكرامته ، وماله ويدفع به إلي الجريمة ولكن المخدر _ كمادة - ليس حراماً في ذاته ، فالعمليات الجراحية تحتاج إلي تخدير ، ولكنه تخدير ، وبطريقة صحية ، ولا يتحول إلي إدمان . بل هو يدخل في اللاشعور بعيداً عن إرادة ورغبة وشهوة المريض الذي يخدره الطبيب

وحتي السموم ليست شراً في ذاتها ، إذا استخدمت طبياً للعلاج .

وكما يقول الشاعر في ذلك :

وبعض السم ترياق لبعض وقد يشفي العضال من العضال

ومن هذا المنطلق ، نتحدث عن الخمر : فنحن لا نحرم الخمر في ذاتها كمادة ، ولكن نحرم استخدامها السيئ . وسوف نشرح متي يكون استخدامها سيئاً .

وقد كانت الخمر تستخدم قديماً في العلاج ، قلب أن يرقي علم الصيدلة .

ونلاحظ هذا في قصة السامري الصالح ( لو 10: 34) ، وفي نصيحة القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس ، حينما قال له " لا تكن بعد شريب ماء بل استعمل قليلاً من الخمر ، من أجل معدتك وأستقامك الكثيرة ( 1 تي 5: 23) . وبعض المسنين و العجائز الذين فقدت أجسادهم كثيراً من حرارتها الطبيعية ، كانوا يمنحون شيئاً من الخمر - كعلاج - ليستعيد الجسد بها ما يلزمه من الحرارة وبالمثل فإن بعض البلاد القارسة البرد ، ويتناول أهلها بعضا من الخمر للتدفئة ، بعكس بلادنا الحارة و الدافئة ، التي زيادة حرارة الجسد فيها تتلف الكثيرين .

2- الخمر و المسكر

إن الكتاب المقدس يفرق ويميز تماماً بين الخمر و المسكر.

وهناك آيات كثيرة تدل علي هذا ، نذكر منها :

1- قال الرب لهرون " خمراً ومسكراً لا تشرب أنت وبنوك عند دخولكم إلي خيمة الاجتماع لئلا تموتوا " ( لا 10: 9) .

2- وقال لأم شمشون الجبار عند الحبل به " احذري . لا تشربي خمراً ولا مسكراً ، ولا تأكل شيئاً نجساً .." ( قض 13: 4) . كما قال لزوجها بالمثل " خمراً ومسكراً لا تشرب ، وكل نجس لا تاكل " ( قض 3: 14)

وقيل عن يوحنا المعمدان ومسكراً لا يشرب "( لو 1: 15) .

وفي كل هذا تفريق واضح بين الخمر و المسكر .فما هو الفارق الأساسي بينهما ؟ وكيف نميزها ؟

الفارق الأساسي هو نسبة الكحول في كل منهما وهنا نميز بين نوعين من الخمر : ما يتم بالتخمير ، وما يتم بالتقطير .

الخمر التي تصنع بطريقة التخمير ، ربما لا تزيد نسبة الكحول فيها 5% ، 6% وهذه هي التي نستعملها في الكنيسة في سر الافخارستيا . وتدخل تحت عنوان ( الخمر ) . ونقصد غير المسكرة . وما يتناوله الإنسان منها قليل جداً ، بعض قطرات ممزوجة بالماء ، جزاء من معلقة صغيرة .. اما الخمر التي تجهز بالتقطير ، فقد تصل نسبة الكحول إلي 50% أحياناً ، أو أقل قليللاً ، أو أكثر . وهذه تدخل تحت عنوان (المسكر ) . ونحن نحرمها لأن الكتاب يحرم المسكر ، كما سنذكر .

3- الاستخدام السئ للخمر

وهو المحرم . ويكون في الحالات الآتية وامثالها :

أ‌- إن أضرت بصحة الإنسان أو بإرادته ، او بشخصيته .

ب- أن أدت به إلي السكر او الترنح ، أو إلي الخلاعة ، أو إلي ارتياد أوساط غير اخلاقية .

ج- أن اكثر الإنسان من شربها ، وأصبحت عادة أو إدمانا؟ً ، وسيطرت عليه بحيث أصبح يشربها بلا داع وبلا ضرورة .

د- إن أدت إلي نتائج اجتماعية سيئة . وكثيراً ما تؤدي إلي ذلك .

هـ-إن سببت عثرة للغير ( رو 14: 1) .

و- إذا تعطاها الإنسان في أوقات مقدسة ، أو أماكن مقدسة ، ( غير سر الافخارستيا طبعاً )، او دخل إلي خدمة الله وقد شرب خمراً الكتاب المقدس يمنعها لكل الأسباب السابقة كما سنري . وتوجد جميعاً مسيحية عالمية لمنع المسكرات .

فمن جهة منعها لإضرارها بصحة الإنسان :

يقول الكتاب " لاتكن بين شريبي الخمر ، المتلفين أجسادهم " ( أم 23: 20)

ومن جهة منعها بسبب السكر و الترنح و الخلاعة :

يقول الرسول " لاتسكروا بالخمر التي للخلاعة ، بل امتلئوا بالروح "( أف 5: 18). وهنا الرسول يقدم ضررين للخمر ، هما السكر و الخلاعة . ويقول الكتاب أيضا :" الخمر مستهزئة ، والمسكر عجاج . والذي يترنح بهما ليس بحكيم "(أم 20: 1) . وهنا يفرق بين الخمر و المسكر . ولكن في عبارة " يترنح بهما " ويعني الإكثار من الخمر الذي يؤدي إلي الترنح لن نسبة الكحول القليلة مع كثرة الشرب ، قد تؤديي إلي السكر و الكتاب ينزل الويل علي من يسقي صاحبه مسكراً ( عب 2: 15) .

والكتاب يحرم السكيرين من دخول ملكوت السموات ( 1 كو 6: 10) . ويمنع أيضا مخالطة السكيرين ( 1 كو 5: 11) .

اما عن منع الخمر بسبب نتائجها السيئة :

فيقول الكتاب " لمن الويل ، لمن الشقاوة ، لمن الخصومات ، لمن ازمهرار العينين ؟ للذين يدمنون الخمر ، للذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج "( ام 23: 29، 30).

وهنا نري الكتاب يصب الويل علي من يدمنون الخمر .

يقول الكتاب أيضاً " لا تنظر إلي الخمر إذا أحمرت ، حين تظهر حبابها في الكأس ، وساغت مرقرقة . في الآخر تلسع كالحية وتلدغ كالأفعوان "( ام 23: 31،32) . وفي اضرار الخمر ، قال الكتاب أيضاً " حقاً إن الخمر غادرة "( عب 2: 5)

وعن منع الإدمان وشرب الخمر الكثير : فهناك آيات اخري كثيرة ، كقول الرسول عمن يسلكون في الشر " سالكين في الدعارة و الشهوات وإدمان الخمر " ( 1 بط 4: 3) ، [ أنظر أيضاً ( 1تي 3: 8؛ 1تي : 7؛ تي 2: 3)].

وأما عن منع الخمر في الأوقات المقدسة :

فقد قال الرب لهرون " خمراً ومسكراً لاتشرب انت وبنوك عند دخولكم إلي خيمة الاجتماع لئلا تموتوا " ( لا 10: 9) ويقول الكتاب أيضاً " لا يشرب كاهن خمراً عند دخوله إلي الدار الداخلية "( حز 44: 21) . ويقول دانيال النبي عن فترة صومه " لم آكل طعاماً شهياً ، ولم يدخل فمي لحم ولا خمر "( دا 10: 3) . وقيل عنه في قصر نبوخذ نصر الملك " واما دانيال فجعل في قلبه ألا يتنجس باطايب الملك ولا بخمر مشروبه "( دا 1: 5) .

وكان مرما علي النذير أن يشرب خمراً .

بل ولا يشرب من نقيع العنب ( عد 6: 3) ( عا 2: 12) .

وكان السكر محرماً أيضاً علي الملوك .

وفي ذلك يقول الكتاب " ليس للملوك ان يشربوا خمراً ، ولا العظماء ، ولا العظماء المسكر ، لئلا يشربوا وينسوا المفروض "( ام 31: 4) .

35

إرادة الله وسماحه

سؤال ؟

إذا كان كل شئ يتم بإرادة الله ، ولا شئ يحدث علي وجه الأرض إلا بامره وحده ، إذن فلماذا لا يمنع الله الشر قبل ان يقع ؟

الجواب!

قبل الإجابة ، ننبه إلي أن في سؤالك بعض الخطاء .

فمن الخطأ ان نقول إنه لا يحدث شئ علي الأرض إلا بأمره . فعلي الأرض تحدث أحياناً أخطاء وشرور ، وجرائم ومظالم ، فهل هذه كلها بأمره ؟! حاشا علي الأرض يحدث قتل وزني وسرقة وغش وكذب فهل امر الله بكل هذا ؟ كلا طبعاً . وهل يريد الله ؟ هذا كلا طبعاً

إذن عبارة " كل شئ يتم بإرادة الله " هي عبارة خاطئة لاهوتياً . لأن " كل شئ " تشمل الشرور أيضاً . والشرور أيضاً . والشرور أيضا . والشرور لا يمكن أن تتم بإرادة الله ، فالله لا يريد الشر .

الله لا يريد إلا الخمر ." يريد أن الجميع يخلصون ، وإلي معرفة الحق يقبلون ". فكل الخير الذي يتم علي الأرض، للناس ، أو من الناس ، إنما يتم بإرادة الله . اما الشر فلا . فما هو موقف الشر إذن من إرادة الله ؟ الله الذي أعطي الإنسان حرية إرادة ، يسمح له بأن يفعل ما يشاء ، خيراً كان ام شراً ، وإلا صار مسيراً .

فالخير الذي يفعله بإرادة الله . والشر الذي يعمله ، إنما يكون بسماح من الله ، وليس بإرادته . وهناك فرق بين إرادة الله وسماحة . إرادته كلها خير . اما السماح فيتفق مع حرية الإرادة الذي وهبها الله لبعض مخلوقاته .

36

ثمار العثرة

سؤال ؟

أعثرت بعض الأشخاص ، وسقطوا في الخيمة بسببي ، ثم تبت انا ، اما هم فما يزالون يسقطون . مازالت أري ثمار عثرتي في حياة الناس ، فهل تغفر لي توبتي ؟

الجواب!

إنه سؤال صعب ومؤثر . إنسان تاب ، ولكن الذين أخطأوا بسببه لم يتوبوا ، فهل ما يزال يتحمل مسئولية خطيتهم ؟ هذا السؤال يظهر لنا مقدار طول الخطية وعمقها ومداها الزمني و الشخصي . إنسان ترك الخطية . ولكن خطيئته ما تزال تعمل في غيره ، ويراها امامه في كل حين ، ويتألم بسببها ، ويشعر بمدي مسئوليته عنها ، فهو السبب ، فماذا يفعل ؟

من الجائز ان يبذل كل جهده لكي تتوب هؤلاء الذين اعثرهم . ولكن ماذا أن لم يتوبوا ؟

أنه قد يقدر علي نفسه ، ولكن ماذا يفعل بغيره ؟ لا شك ان مثل هذا الإنسان سيعيش حزيناً ومتالماً لمدة طويلة . لا تفرحه توبته بقدر ما تؤلمه نتائج خطيئته في غيره وبخاصه لو هلك هذا الغير

من الجائز ان توقف امامه عبارة " نفس تؤخذ عوضا عن نفس " ، فيصرخ إلي الله قائلاً " نجني من الدماء يا الله خلاصي "

قد يحاول أن يعمل ما يستطيعه من أجل خلاصهم . ولكن ربما لا يستطيع ، ربما رجوعه إلي الاتصال بهم ، بسبب خطورة عليه ، ومن الصالح له أن يبعد لئلا يهلك هو أيضاً .

وربما يكون هؤلاء الذين أعثرهم ، قد أعثروا هم أيضاً كثيرين ،

واتسعت الدائرة ، وأصبحت هناك عثرة غير مباشرة إلي جوار العثرة المباشرة أليس حقاً إننا لا نستطيع ان نحصر مدي خطايانا ومقدار امتدادها أول نصيحه يمكن ان اتوجه بها إلي صاحب السؤال ، هي أن

ينسحق ويتذلل أمام الله مصلياً لأجل هذه النفوس ، لكيما يرسل الله لها معونة لخلاصها .

فليخصص لأجلهم أصواماً وقداسات ومطانيات ، وليبك من أجلهم بدموع غزيرة وليتذكر من أجلهم ولو بطريق غير مباشر ، ويوصي بهم مرشدين وآباء اعتراف .

أما هو - فمادام قد تاب - سوف لا يهلك بسببهم . ومثالنا في ذلك القديسة مريم القبطية

في حياتها الأولي قيل التوبة ، اعثرت آلافاً وأسقطتهم وربما يكونون قد هلكوا بسببها . اما هي فبتوبتها الصادقة صارت قديسة عظيمة ،وغفرت لها خطاياها الماضية

لاننسي أيضاً أن الذين وقعوا في العثرة ، اشتركت إرادتهم الخاطئة في هذا السقوط ، فليست كل مسؤليتهم علي الذين اعثرهم .

يكفي أنهم استجابوا للعثرة ، وقبولها ولكنه مع ذلك قد يقول لنفسه : حقاً إنهم ضعفاء وسقطوا ، ولكنني أنا قدمت مادة لضعفهم ، ولم ارحم ضعفهم ، وكان واجبي هو ان احميهم وأشددهم لا أن اتسبب في سقوطهم . ربما لولاي ما سقطوا د

أنه مثل سائق عربة صدم إنساناً ، وبسبب له عاهة مستديمة ، ثم تاب وغفر الله له . ولكنه يري ضحيته في عاهته يحزن

عن هذا الحزن يساعد ولا شك علي قبول توبته

37

الحياة الروحية و المتاعب

سؤال ؟

كلما تقربت إلي الله ، ازدادت علي التجارب و المتاعب و الضيقات ، حتي سئمت الحياة ومللتها ، ولم أجد مخرجاً إلا بالابتعاد عن الله لكي استريح مثل سائر البشر المبتعدين ..! فما معني أن يأخذ مني الله هذا الموقف ؟

الجواب!

حينما تسيرين في طريق الله وتنمو حياتك الروحية ، حينئذ تحسدك الشياطين ، وتحاول ان تعبدك عن طريق الله ، بأمثال هذه المتاعب التي تصادفينها

فإن أبتعدت عن الله ، وتركت الطريق الروحي ، تكونين قد حققت للشيطان رغبته ، ويكون قد غلبك في المعركة .

اسمعي قول الرسول " لا يغلبنك الشر ظن بل اغلب الشر بالخير ".

إن قامت إليك المتاعب أتت بنتيجة عكسية ، فيتركك و يبحث عن وسيلة أخري . وثقي ان النعمة ستقف إلي جوارك وتسندك وتعطيك الغلبة . وهكذا ييأس الشيطان منك بدلاً من أن تيأسي أنت من مراحم الله . إن صبر الله وعدم تدخله لإنقاذك من بدء المتاعب ، إنما لاختبار قلبك ومدي تمسكه بالله

ولا تظني ان المبتعدين عن الله يعيشون في راحة

في داخلهم يتعبهم ولا يستريحون . وفي البداية سيعيشون في تعب دائم وعلي الأرض أيضاً الخطية تؤدي إلي متاعب كثيرة . وإن كانت هناك راحة فهي راحة زائفة

وثقي أن كل تعب من أجل الرب له أجره ز هنا علي الأرض ، وهناك في السماء . حيث يأخذ كل واحد أجرته بحسب تعبه ( 1 كو 3) .

إن قصة الغني و لعازر المسكين تعطينا صورة واضحة عن هذا الموضوع . والسيد المسيح قال لنا " في العالم سيكون لكم ضيق ". ولكنه وعدنا بأنه حتى شعور رؤوسنا محصاة . ووعدنا بتعزياته الكثيرة ، وبأنه سيقودنا في موكب نصرته . ثم عليك أن تتفهمي جيداً أن ليست من الله ، وإنما من الشيطان الذي يحسدك . ومعلمنا يعقوب الرسول يقول " لاتقل احد إذا جرب ، أني أجرب من قبل الله "( يع 1: 13) .

فهل تتركين الله الذي لم يتعبك ، وتتضمن للشيطان الذي أتعبك ؟ وتكونين كمن يعادي أصدقاءه ، ويصادق أعداءه ؟

لذلك احتملي ، وخذي بركة التعب و اكليله ، وثقي ان الله سيريحك ، لأنه قال " تعالوا إلي يا جميع المتعبين و الثقيلي الحمال ، وانا أريحكم ".. وقولي لنفسك : ما هي متاعبي إلي جوار تعب القديسين و الشهداء من اجل الرب ؟!

38

الكمال ومعناه وحدوده

سؤال ؟

يقول الكتاب " كونوا كاملين ، كما ان اباكم الذي في السموات هو كامل ": فما هذا الكمال ، وكيف يصل الإنسان إليه ؟ ومتي نقول عن إنسان إنه كامل .؟

الجواب!

الكمال المطلق هو لله وحده ، ولا يمكن ان يصل إليه إنسان ، لأننا كلنا في الموازين إلي فوق .

اما الكمال الذي يصل إليه الإنسان ، فهو الكمال النسبي .

اما ما يمكن ان يصل إليه من كمال ، فبالنسبة إلي قدراته وامكانياته ، ودرجة النعمة الممنوحة له

وقد قال الرب عن ايوب الصديق " إنه رجل كامل ومستقيم ،

يتقي الله ويحيد عن الشر . وقال إنه ليس مثله في الأرض "( أي 1: 1، 8) . وكمال أيوب هو طبعاً كمال نسبي ، وليس الكمال المطلق .

وبهذا المعني كان نوح رجلاً باراً وكاملاً ( تك 6: 9) .

وكان يعقوب إنساناً كاملاً ( تك 25: 27) مع أنه كانت له بعض الضعفات . ولكن الله يحكم علي كل إنسان بالنسبة إلي إمكانياته وغلي عصره ومستواه وإلي عمل الروح معه وقد يكون الكمال صفة بالنسبة إلي وصية معينة ، مثلما قال السيد المسيح للشاب الغني " إن أردت ان تكون كاملاً ، أذهب بع كل اموالك واعطه للفقراء "( متي 19: 21) .

وواجبنا أن نسعي إلي الكمال ، ولكن ليس لنا أن نقول إننا وصلنا إليه فالكمال درجات كلما يصل الإنسان إلي واحدة منها يجد كمالاً آخر اعلي وابعد ، في انتظاره ، ويكون كمن يطارد الإفق .

انظر إلي بولس الرسول الذي صعد إلي السماء الثالثة ، والذي تعب اكثر من جميع الرسل ، فإنه يقول :

" لست أحسب إني قد أدركت أو صرت كاملاً ، ولكن اسعي لعلي أدرك افعل شيئاً واحداً ، أنسي ما هو وراء ، وامتد إلي ما هو قدام "( في 3: 12- 15).

فإن كان القديس بولس العظيم لا يحسب انه قد صار كاملاً ، إنما يسعي لعله يدرك ، فما نقول نحن ؟ ومع ذلك فإن بولس يقول بعد ذلك مباشرة " فليفتكر هذا جميع الكاملين منا " أي جميع من يحسبون انهم قد صاروا كاملين ، أو جميع الذين يحسبهم الناس انهم كاملين

أن طالباً في الابتدائية قد يأخذ الدرجة النهائية في الرياضة فيقولون إنه كامل بالنسبة إلي هذا المستوي ، وقد لا يفقه شيئاً في المستوي الأعلي . وهكذا قد يرتقي من مستوي الكمال في الابتدائية إلي مستوي الكمال في الإعدادية ، ثم في الثانوية ثم الجامعة وكله كمال نسبي ، ومع ذلك لا يحسب انه قد صار كاملاً في الرياضيات فهناك مستويات ما تزال اعلي منه

39

أشخاص أعترفوا ولم يغفرلهم

سؤال ؟

ما الرأي في أشخاص اعترفوا ولم تغفر لهم خطاياهم : مثل فرعون الذي اعترف بخطيته لموسى ( خر 9: 27) ، وعاخان بن كرمي الذي اعترف ليشوع ( يش 7) ، وشاول الملك الذي اعترف لصموئيل النبي ( 1 صم 15: 24- 26) ؟

الجواب!

إن سر الاعتراف في الكنيسة يسمي أيضاً سر التوبة .

فلابد ان يتوب الإنسان ثم ياتي معترفاً بخطاياه ، والاعتراف بدون توبة لا قيمة له . ولا يمكن ان يحظي المعترف بالمغفرة ما لم يكن تائباً .

وأولئك الذين ذكرتهم لم يكونوا تائبين .

فرعون كان يصرخ قائلاً " أخطأت " وهو قاسي القلب من الداخل . لا تدفعه التوبة وغنما الذعر من الضربات . وحالما ترتفع الضربة يظهر علي حقيقته .

وعاخان بني كرمي لم يأت تائباً معترفاً ، وإنما كشفه الله علي الرغم منه

فاضطر إلي الإقرار ، انهزم الشعب ولم يعترف عاخان . وقال الرب : " في وسطك حرام يا اسرائيل " ولم يعترف عاخان . وبدأت القرعة والتهديد ولم يعترف . وكذلك لم يعترف عندما وقعت القرعة علي سبطة ، ولا عندما وقعت علي عشيرته ، ولا عندما وقعت علي بيته . وأخيراً كشفه الرب بالاسم .. فاضطر للاقرار . فهل كان في كل ذلك تائباً ..؟ وشاول الملك لم يكن تائباً . وعندما قال :" أخطأت" كان كل هدفه أن يمضي صموئيل النبي معه لا عن توبة ، وإنما لأجل كرامته ، لأجل أن يرفع وجهه امام الشعب !! قائلاً له : " فاكرمني امام شيوخ شعبي وأمام اسرائيل "( 1 صم 35: 30) .

40

روحانية الرهبان و العلمانيين

سؤال ؟

هل ما يطلبه الله من الآباء الرهبان أكثر مما يطلبه من العلمانين في الصلوات والصوم و النسك وغير ذلك .؟

الجواب!

نعم ، أن الرهبان مطالبون بأكثر ، لأنهم في حالة تفرغ كامل للرب ، بعكس العلمانيين الذين لهم شواغل تعطلهم . ومع ذلك فالجميع مطالبون بالقداسة و الكمال

قال الرب يسوع " كونوا كاملين ، كما أن اباكم الذي في السموات هو كامل " ( كونوا قديسين ، كما ان أباكم الذي في السموات هو قدوس "، وهذه الوصية للكل ، قبل أن تنشأ الرهبنة .

علي ان درجات الكمال والقداسة تختلف من شخص لأخر .

من جهة الصلوات السبع يطالب بها كل مؤمن ، وكان يصليها داود النبي الذي كانت له زوجات عديدة ، ومع ذلك قال " سبع مرات في النهار سبحتك علي أحكام عدلك ". وكذلك صلوات الليل هي للكل ، وقد صلاها داود النبي .

اما الرهبان فطقسهم هو الصلوات الدائمة التي لا تنقطع .

هذا الأمر الذي لا يستطيعه العلمانيون من أجل ضرورة الانشغال بالعمل والسرة و النشاط و الخدمة . ومع ذلك فإن الوصية " صلوا كل حين ولا تملوا "( لو 18: 1) ووصية " صلوا بلا انقطاع " ( اتس 5: 17) قد أمر بها جميع الناس قبل الرهبنة فكل إنسان عليه أن يداوم علي الصلاة علي قدر إمكانه أما عن الصوم ، فجميع اصوام الكنيسة يطالب بها جميع المؤمنين ، ماعدا المرضي والأطفال و الرضع و الحبالي و المرضعات و العجائز . ولكن الرهبان لهم طقسهم الخاص في درجات الإنقطاع ، التي يصل بعضهم فيها إلي طي الأيام ، كما أنهم يمتنعون عن المشتهيات من الطعام . وهناك أديرة لا تاكل اللحوم إطلاقاً وكذلك نسك الرهبان في الملبس ، يختلف عن نسك العلمانيين ، الذين يعيشون في مجتمع له متطلبات خاصة

41

السيد المسيح واكمال رسالته

سؤال ؟

هل صحيح أن السيد المسيح لم يكمل رسالته ، إنما سوف يكملها يوم يبعث حياً ؟

الجواب!

إن عمل السيد المسيح - من جهة اللاهوت - أزلي أبدي ، ينطبق عليه قوله " أبي يعمل حتي الآن ، وأنا أيضاً أعمل "( يو 5:17) . أما في فترة تجسد ، فقد اكمل عمله الذي جاء من أجله وهو فداء العالم وتخليصهم من عقوبة الخطية .لأنه " جاء يطلب ويخلص ما قد هلك "( لو 19: 10) . وعن هذه الرسالة قال علي الصليب " قد أكمل "( لو 19: 30) . أما عمل السيد المسيح الشفاعي فينا ، فهو دائم في كل حين ، كما قال الرسول ( 1 يو 2:1) . هناك عمل آخر سيقوم به في آخر الزمان ، حينما يأتي في مجيئه الثاني ليدين الحياء و الموات ويعطي كل واحد حسب أعماله ( متي 24: 25؛ رؤ22) . وفي الأبدية عمله أيضاً لا ينتهي لا نقول عن فترة ما إنه " لم يكمل رسالته " ، فهذا تعبير غير سليم ، كما لو كان يصفه بالنقص . ولكن نقول إن له رسالات عديدة ، أولها كان في البدء " كل شئ به كان "( يو 1: 3) .. ثم تتابعت أنواع العمل ، وكل منها كان كاملاً ، مثال ذلك عمله خلال فترة تجسده علي الأرض قبل الصليب ، من تعليم وهداية ، وتكوين تلاميذ ، ونشر للإيمان ، واعداد لقبول فكرة الصليب ، قال عن كل هذا للآب " العمل الذي أعطيتني لأعمل قد اكملته "( يو 17: 4) . وبعد صعوده إلي السماء كان هناك عمل آخر هو إرسال الروح القدس . وهذا تم في يوم الخمسين ( اع 2) . أما عبارة " عندما يبعث حياً " فاجابتها إنه قام في اليوم الثالث من صلبه . وكل الرسل كانوا شهوداً لذلك . وهو بطبيعته اللاهوتية حي لا يموت .

42

أفكار البر الذاتي

سؤال ؟

ماذا أفعل عندما يحاربني الشيطان بأفكار البر الذاتي ؟

الجواب!

هناك وسيلتان أساسيتان لمحاربة أفكار البر الذاتي ، وهما أن يتذكر الإنسان خطاياه ، ويتذكر الدرجات العليا التي للقديسين

تذكره لخطاياه ، يجعله يتضع وينسحق ويخجل ، لأن خطية واحدة يمكن أن تهلك نفسه . كذلك تذكر الدرجات العليا التي وصل إليها القديسون في كل فضيلة ، تجعل الإنسان يتضاءل أمام نفسه إذا قارن ذاته بذلك المستوي. كذلك ينبغي ان نرجع إلي نعمة الله الفضل في كل ما نعمله من الخير ، ونتذكر أن البر الذاتي ، يجعل النعمة تتخلي عنا فنسقط

لكيما نعرف ضعفنا ونعود إلي اتضاعنا .

لهذا عليك ان تتذكر الخوف من السقوط ، كلما خضعت لأفكار البر الذاتي ، لأنه " قبل السقوط تشامخ الروح "

43

من أنا ؟ ولماذا جئت ؟

سؤال ؟

من انا ؟ ولماذا جئت ؟ ولماذا أعيش ؟ ولماذا أموت ؟

الجواب!

هذا الموضوع يمكن أن نؤلف فيه كتاباً . ولكنني سأحاول الإجابة .ع علي أسئلتك باختصار شديد

1- من أنا ؟

*أنت إنسان ، خلق علي صورة الله ومثاله ( تك 1: 26) ، وينبغي أن تحتفظ بهذه الصورة الإلهية .

*وأنت كائن حي، له روح ناطقة ، لا تنتهي حياتها بالموت ، بل تستمر . وله ضمير يميز بين الخير والشر ، ويستنير بروح الله الساكن فيه ( 1كو 3: 16)

*وأنت تتميز بالعقل عن سائر المخلوقات الرضية ، وما يحويه هذا العقل من فهم وإدراك .

*و بعقلك وبحرية إرادتك تكون مسئولاً عن أعمالك ، أولا أمام الله ، وثانياً امام ضميرك ، وثالثاً أمام المجتمع الذي تعيش فيه .

*و مسئوليتك يتبعها ثواب أو عقاب في الأبدية ، بعد الدينونة أمام الله .

2- لماذا جئت ؟

من صلاح الله انه أعطاك نعمة الوجود . من جوده ، ومن كرمه ، اعطاك فرصة ان توجد ، وان تتمتع بالحياة هنا علي الأرض ، وان تكون لك فرصة أيضا للحياة في النعيم الأبدي ، أن أردت ، وعملت ما يجعلك تستحق النعيم .

3- ولماذا تعيش ؟

أنت تعيش لكي تؤدي رسالة نحو نفسك ، ورسالة نحو غيرك ، لكي تتمتع بالله هنا ، وتذوق وتنظر ما أطيب الرب ( مز 34: 8) . وأيضاً في حياتك تختبر إرادتك ، ومدي إنجذابها نحو الخير والشر . فحياتك فترة اختبار تثبت بها استحقاقك لملكوت السماء ، وتتحدد بها درجة حياتك في الأبدية فعليك ان تدرك رسالتك وتؤديها ،و تكون سبب بركة للجيل الذي تعيش فيه . فبقدر ما تكون رسالتك قوية و نافعة ، بقدر ما تكون حياتك ممجده علي الأرض وفي السماء

ولماذا اموت ؟

تموت لكي تنتقل إلي حياة افضل إلي ما لم تره عين ، ولم تسمع به أذن ، ولم يخطر علي قلب بشر ( 1 كو 2: 9) . وتنتقل أيضاً إلي عشرة أفضل ، عشرة الله وملائكته وقديسية . فالموت إذن ليس فناء ، وأنما هو انتقال . أن حياتك لو دامت علي الأرض ، وبقيت متصلاً بالمادة ومتحداً بالجسد المادي ، فليس في هذا الخير لك . ولكن أن تنتقل من حياة المادة و الجسد ، إلي حياة الروح وغلي الأبدية ، وتكون مع المسيح فهذا أفضل جداً ( في 1: 23) . لذلك اشتهي القديسون الانطلاق من هذا الجسد غنما يخاف الموت الذين لا يستعدون له ولا يثقون انهم ينتقلون إلي حياة أفضل او الذين لهم شهوات علي الأرض ، ولا يحبون ان يفارقوها !! والإنسان يموت ، لأن الموت خير للكون . فمن غير المعقول ان يعيش الناس ولا يموتون وتتوالي الأجيال وراء الأجيال لا تسعها الأرض ، ويتعب الكهول من ثقل الشيخوخة ، ويحتاجون إلي من يخدمهم ويعالجهم ويحملهم لذلك يموت جيل ليعطي فرصة لجيل آخر يعيش علي الأرض ويأخذ مكانه في كل شئ

44

صلوات المطانيات

سؤال ؟

ما هي الصلوات التي تقال أثناء عمل المطانيات ؟

الجواب!

يمكن ان تكون صلاة تذلل أمام الله واعتراف بالخطايا أمام الله مع طلب الرحمة . ففي كل مطانية يعترف الإنسان بخطية ويدين نفسه أمام الله " أرحمني يا الله أنا الذي فعلت كذا " ويمكن ان تكون صلوات شكر ، يتذكر فيها الإنسان مراحم الله عليه أو علي أحبائه ، وفي كل مطانية يتذكر بعض إحسانات الله . ويمكن ان تكون صلوات طلبات ، يذكر فيها المصلي كل ما يريده شخصياً أو ما يريده لغيره او للكنيسة . ويمكن ان تصحب المطانيات بأي نوع آخر من صلوات

 الصفحة الرئيسية