رسالة الى شقيقاتي وأشقائي في الإسلام

 

علي أن أكون صادقة معكم.  فالإسلام يكادُ يفلت مني وأنا أتشبث به بالأظفار ، متوجسة مما سيطلع به تاليا مَنْ نصَّبوا أنفسهم سفراء الله في الأرض. 

 

حين أفكرُ في كل تلك الفتاوى التي يطلقها سدنتنا جزافا ، أشعر بحرج بالغ.  أو لستم كذلك؟  أسمع من صديق سعودي ان الشرطة الدينية في هذا البلد تعتقل النساء لارتدائهن اللباس الأحمر بمناسبة يوم الحب (1) ، فأُفكر:  منذ متى كان الرحمن  يُحرِّم الفرح ـ أو اللهو البريء؟*   أقرأ عن رجم ضحايا الإغتصاب بتهمة "الزنا" ، وأتساءل كيف يمكن لأي منا أن يصمت إزاء ذلك صمت القبور. 

 

عندما يستحلفنا غير المسلمين أن نجاهر بالرأي أسمعكم تجأرون بالشكوى لأننا لسنا ملزمين بأن نجد تفسيرا لسلوك غيرنا من المسلمين.  ولكن عندما يُساء فهمُنا لا ندرك ان السبب في ذلك هو على وجه التحديد قعودنا عن إعطاء الآخرين سببا للنظر الينا نظرة مغايرة.  وعلاوة على ذلك ، عندما أتحدث في العَلَن عن اخفاقاتنا فان المسلمين ذاتهم الذين يرون تنميطا في كل زاوية يصمّوني بالاستسلام.  الاستسلام الى ماذا؟ الى الوضوح الأخلاقي؟  الى مكارم الأخلاق المتعارف عليها؟ الى الحضارة؟

 

أجَل ، أنا صريحة.  وما عليكم إلا ان تعتادوا على ذلك.  وفي هذه الرسالة أطرحُ اسئلة لم يعد بامكاننا الهروب منها.  علام نكون رهائن لما يجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ ما مشكلة تلك الصبغة العنيدة من معاداة السامية في الإسلام؟ من هو مستعمِر المسلمين الحقيقي ـ أميركا أم الجزيرة العربية؟ لماذا نفرِّط بمواهب النساء وهن يشكِّلن نصف ما خلقه الله تماما؟ كيف يمكن ان نكون واثقين كل هذه الثقة بأن المثليين يستحقون الإقصاء ـ أو الموت ـ في حين ان القرآن يقول ان الله أحسن كل خَلْق؟ (2) القرآن ، بالطبع ، يقول أكثر من ذلك ولكن ما عذرنا لقراءة القرآن قراءة نصية وهو على هذا القدر من المتناقضات والإبهام؟

 

أهذه نوبة قلبية التي تنتابكم الآن؟  عجِّلوا بها لأنه إذا لم نجاهر بالرأي ضد الامبرياليين في داخل الإسلام فان هؤلاء سيستأثرون بالاضواء ، وطريقهم يفضي الى نهاية مسدودة فيها مزيد من البغضاء ومزيد من العنف ومزيد من الفقر ومزيد من الاستبعاد.  أهذه هي العدالة التي نروم للعالم الذي ائتمننا الله عليه؟ إذا لم تكن تلك هي العدالة فلماذا لا يقول المزيد منا ذلك؟

 

ما أسمعه منكم ان المسلمين مستهدفون بردة فعل  شرسة.  والحقيقة ان المسلمين في فرنسا ساقوا كاتبا الى المحكمة لأنه وصف الإسلام بكونه "أغبى الأديان" (3).  يبدو ان هذا الكاتب يحرِّض على الكراهية فنعمد الى تأكيد حقوقنا ـ التي غالبيتنا محرومون منها في البلدان الإسلامية.  ولكن هل كان هذا الفرنسي على خطأ عندما كتب ان على الإسلام أن يكبر؟  وماذا عن تحريض القرآن على كره اليهود؟ ألا ينبغي ان يكون المسلمون الذين يستحضرون القرآن لتبرير معاداة السامية هدفا للملاحقة القانونية؟  أم ان هذا سيكون بمثابة "ردة فعل" شرسة اخرى؟ ما الذي يجعلنا أصحاب حق وكل مَنْ سوانا عنصريين؟

 

في تأسينا الزاعق على أنفسنا وصمتنا العالي نتآمر نحن المسلمين ضد أنفسنا.  فنحن في أزمة ونجرُّ بقية العالم معنا.  وإذا كانت ثمة ساعة لإصلاح اسلامي فقد أزفت هذه الآن.  أفتوني بالله عليكم ماذا نحن صانعون؟ 

 

قد تتساءلون مَنْ أكون حتى اخاطبكم بهذا الإسلوب.  أنا مسلمة رافضة.  وهذا لا يعني أني ارفض أن اكون مسلمة.  انه ببساطة يعني أني أرفض الانضمام الى جيش من البشر المبرمَجين باسم الله.  وأنا استعير هذا التعبير من الرافضين الأصليين ـ اليهود السوفيات الذين رفعوا راية الدفاع عن الحرية الدينية والحرية الشخصية.  فقد رفض أسيادهم الشيوعيون السماح لهم بالهجرة الى اسرائيل.  وكان جزاء محاولاتهم الرحيل عن الاتحاد السوفياتي أن كثيرا من الرافضين دفعوا الثمن أشغالا شاقة ، وأحيانا دفعوا الثمن بأرواحهم.  ولكن بمرور الزمن ساهم رفضهم الامتثال الى آليات السيطرة على العقل وتجريد الانسان من روحه في نهاية النظام التوتاليتاري. 

 

ونحن علينا أن ننهي توتاليتارية الإسلام لا بسبب 11 سبتمبر (ايلول) فحسب وانما بسببه على نحو أشد الحاحا ، لا سيما إنهاء الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان بحق النساء والأقليات الدينية.  ستريدون أن تؤكدوا لي أن ما اصفه في هذه الرسالة المفتوحة اليكم لا يمثل الإسلام "الحقيقي".  وبصراحة فان مثل هذا التمييز ما كان ليثير إعجاب النبي محمد الذي قال ان الدين هو سلوكنا نحن تجاه الآخرين ـ لا نظريا وإنما فعلا.  وقياسا على ذلك فان سلوك المسلمين هو الإسلام.  وكنس هذه الحقيقة تحت البساط يعني تحللنا من المسؤولية عن أبناء جلدتنا من البشر.  أو لا ترون السبب في نضالي؟

 

الخلل في الإسلام ، على ما أرى ، ان الأرواح صغيرة والأكاذيب كبيرة.  وأن نوازع توتاليتارية تكمن في التيار السائد من الإسلام.  وهذه لعمري تهمة خطيرة بحق ، كما أعلم.  فأرجوكم أن تسمعوني وسأُريكم ما أعني بقدر ما يمكنني من الهدوء.

 

*كل الدعاوى مشفوعة بمصادر تؤكدها في موقعي على الانترنت.  انظر

www.muslim-refusenik.com

 

 

هوامش المقدمة

 

1ـ الصديق الذي أُشير اليه هو علي أحمد ، المدير التنفيذي للمعهد السعودي ، وهو مؤسسة ذات توجه اصلاحي. 

ما نقله اليّ تؤكده شهادة الدكتورة أمل القحطاني أمام الكونغرس الأميركي في 4 يونيو ( حزيران ) 2002 التي فضحت فيها انتهاكات العربية السعودية لحقوق الانسان ضد المرأة.  وقالت الدكتورة القحطاني في افادتها:  "ان الذين احتفلوا بيوم الحب تعرضوا الى الاعتقال ، واصحاب المتاجر مُنعوا من بيع الورود الحمراء والنساء اللواتي ارتدين فساتين حمراء لاحقهن المطوعة ( الشرطة الدينية) بالمضايقات واحيان بالتوقيف.  وكانت الطالبات يُطرَدن من المدرسة إذا ضُبطن في حال خرق لمنع الاحتفال بيوم الحب.  بكلمات اخرى ان الحب قد أُعلن خطيئة في العربية السعودية".

2 ـ القرآن ، 32: 6 ـ 7.  ويجري تناول هذه الآية بمزيد من التفصيل في الفصل الأول. 

3 ـ Michel Houellebecq, Lire, September 2001, p. 4

ميشال اوليباك ، من نسخة على الانترنت بتاريخ سبتمبر ( ايلول ) 2001 ص 4.  انظر الموقع   www.lire.fr.