الفصل الثاني

 

سبعون حورية

 

منذ أن اصبحتُ ضحية من ضحايا المدرسة الدينية وأنا اصطرع مع السؤال الذي يعلو على كل سؤال سواه:  هل أُودِّع الإسلام؟ للإجابة عن هذه السؤال كان عليّ أن أُعالج مسألة إن كان ثمة شيء رئيسي ، شيء جوهري على نحو متأصل في الإسلام يجعله أكثر جمودا اليوم من نظيريه الروحيين ، المسيحية واليهودية. 

 

ما أصابني بالغم ليس مجرد قصة الفتاة النيجيرية التي كانت ضحية اغتصاب.  خذوا بلدا مسلما ، أي بلد مسلم ، وستقطِّع نياط قلوبكم أشد المهانات وحشية.  ففي باكستان تُقتَل في المتوسط امرأتان يوميا في "جرائم شرف" غالبا ما تُرتَكب بإسم الله على لسان السفاحين  (1).  وفي مالي وموريتانيا يقوم نصابون مسلمون بإغواء صبيان صغار لإيقاعهم في اسار العبودية (2).  وفي السودان يُمارس الرق على أيدي ميليشيات اسلامية(3).  وفي اليمن والاردن قُتل رميا بالرصاص من مسافة قريبة موظفون مسيحيون يعملون في منظمات انسانية.  وفي بنغلاديش سُجن فنانون لدفاعهم عن حقوق الأقليات الدينية أو طُردوا من البلاد أصلا (4).  وهذا كله موثَّق. 

 

آه ، أجل ، فأنا اخلط مرة اخرى بين الثقافة والدين.  ولكن أحقا أني افعل ذلك!.  فحتى في تورنتو التي تختلف ثقافتها اختلافا ظاهرا عن ثقافة بنغلاديش ينتعش إسلام قاس وفظ.  أبقوا معي لأقول لكم كيف أعرفُ ذلك. 

 

بعد تسلمي ظرف موسيس بوقت قصير أنتجتُ حلقة من برنامج "تلفزيون شاذ"

Queer Television  كان محورها واقع المسلمين المثليين والمسلمات السحاقيات.  وكان نجوم أحداث الحلقة مثلي غادر باكستان للإقامة في لندن ، وسحاقية هربت من وطنها ايران الى فانكوفر. 

 

الشرطة الدينية في وطن مريم السحاقية الصقت بها وصمة "المفسدين في الأرض".  وقد عرضتُ في البرنامج شريط فيديو مهربا من ايران لإثبات ما كان سيحدث لها لو انها بقيت وتعرضت الى الإعتقال.  عرض الشريط امرأتين مكفَّنتين وهما على قيد الحياة ، يجري انزالهما في قبرين حُفرا حديثا.  تجمَّع حشد من الرجال والأولاد حولهما وشرعوا يرجمون رأسي المرأتين بأحجار بحجم قبضة اليد (5).  كانت غالبية الأحجار تصيب هدفها وترتد لتكشف عن دفق قرمزي  اللون من وراء قماش الكفن. أوضحتْ مريم أن القانون ينص على أن كل راجم يُفترَض به أن يضع نسخة من القرآن تحت ابطه للتخفيف من قوة الرمية.  وكان هذا القانون لا يُراعى دائما.  وإذ كانت مريم لم تزل خائفة على حياتها فانها روت قصتها في الظل دون أن يظهر وجهها. 

 

 

عدنان ، المثلي المسلم ، وافق على الظهور أمام الكاميرا.  كان يؤمن بأن القرآن يحرِّم المثلية ولكنه عقد مصالحة بينه وبين هذا الحكم.  إذ لم يكن في نية عدنان تقديم صديقه الى المسلمين كافة وانما فقط الى والدته في باكستان.  والتزكية الدينية في الوقت الذي يكون توافرها خيرا على خير فانها ليست لازمة ـ ليس على أية حال في لندن المتحررة حيث كان وصاحبه يعيشان.  انتهت الحلقة بتعليق من مستشار لدى المركز الثقافي الاسلامي في لندن على ضرورة التحلي بالتواضع عند الحكم على المثليين والسحاقيات.  وقال ان الاسلام وإن كان لا يطيق المثلية ، على ما يبدو ، فان "كل شيء جائز" ، مع الله جلّ جلاله(6). 

 

أتعرفون ما حدث بعد بث البرنامج؟  من بين كل الشكاوى التي تلقيتها من المسلمين القاطنين في منطقة تورنتو كانت الشكوى الأكثر تواردا أن هؤلاء "الخنازير" و"الكلاب" المثليين الذين عرضتُهم في برنامجي كانوا ـ حضِّروا أنفسكم لما هو آت ـ  يهودا بلا أدنى شك.  دعكم من شريط الفيديو المريع عن ممارسة الرجم في ايران ، أو استعداد عدنان لقبول حكم لاهوتي ضد توجهه الجنسي ، أو دعوة المستشار الديني الى تواضع الجميع أمام الله ، فهذه كلها لم تترك أثرا في المستائين من المسلمين الذين كتبوا واتصلوا هاتفيا.  الشيء الوحيد الذي رسخ في الأذهان هو ان المثليين والسحاقيات لا يمكن بأي حال أن يكونوا من "طينتنا".  فالمثليون نتوءات ناشزة على نحو صارخ في نظر "هم".  وهذا كله بين ظهراني حاضرة من حواضر القرن الحادي والعشرين. 

 

شعرتُ بالغثيان.  فاياً تكن الثقافة التي يعيش المسلمون في كنفها ، ريفية أو رقمية ، وبصرف النظر عن الجيل ، أكان ممثلا بجامع للمهاجرين من عقد السبعينات أو بمدينة مربوطة اعلاميا لمواكبة الألفية الجديدة ،  فقد برز الإسلام قبَليَّا الى حد اليأس.  لم نكن ذات يوم بهذه الحاجة الماسة الى الإصلاح. 

 

ولكن ما معنى ذلك ـ قلتم "إصلاح"؟  الحقيقة لم تكن لديّ إلا فكرة في منتهى الضبابية.  ما كنتُ أعرفه أن المؤمنين في الديانات التي خضعت تاريخيا للاصلاح لا يتصرفون قطعا بعقلية القطيع كما يتصرف المسلمون. فالقادة المسيحيون يدركون التنوع الفكري في صفوفهم.  وفي حين ان لكل منهم أن ينفي صلاحية التأويلات الاخرى ـ والكثير منهم ينفونها ـ فلا أحد منهم ينكر وجود جملة كاملة من التأويلات.  اما اليهود فهم متقدمون بمسافة بعيدة عن الباقين.  والحق ان اليهود يشيعون الاختلافات القائمة بإحاطة نصوصهم المقدسة بالتعليقات ودمج المناظرات بالتلمود نفسه.  وعلى النقيض من ذلك فان غالبية المسلمين يتعاملون مع القرآن على أنه وثيقة تُحاكى ولا تؤوَّل ، خانقا قدرتنا على التفكير المستقل.    

 

حتى في الغرب يجري بصورة اعتيادية تعليم المسلمين بأن القرآن هو البيان النهائي لمشيئة الله حالا محل الكتاب المقدس والتوراة.  وبوصفه البيان النهائي فهو "النص الكامل" ـ الذي يقف فوق الشبهة أو التحليل أو حتى التأويل بل ينبغي الإيمان به فحسب.  والحق أن اول كلمة سمعها النبي محمد من الملاك جبرائيل الذي كان يتحدث بإسم ربه ، كانت "إقرأ!" وتُترجم أحيانا الى الانجليزية بكلمة

Recite!  التي تفيد معنى التلاوة.  وفي كلا الحالتين فان تلفظ الكلمات لغرض ترديدها هو أقصى ما تذهب اليه الغالبية منا.  وأي شيء أكثر سيكون...حسنا ، أنه سيكون تأويلا. 

 

ويصح الشيء نفسه على مصدر آخر من مصادر اللاهوت الإسلامي هو "الحديث".  والحديث عبارة عن تقارير "ذات مرجعية" تسجل أقوال النبي محمد وأفعاله طيلة حياته.  وأي سؤال لا يقدم القرآن إجابة جاهزة عنه ـ لاحظوا كلمة جاهزة ـ تقدمها الأحاديث النبوية على ما يُفتَرَض.  وعلى مر القرون اضطلع فقهاء أجلاء بجمع هذه الأحاديث وتصنيفها لاستهلاكنا نحن.  وكل ما علينا ان نفعله هو أن نحيلها عليهم ( أو بالاحرى على الفقهاء الذين ينتقيهم لنا أئمتنا ). أوه ، وماذا بشأن القضية البسيطة المتمثلة في ان النبي محمد كان بشرا على نحو متميز وعرضة لارتكاب أخطاء غير مقصودة في احكامه؟  سكوت! فبما أن الأحاديث تعكس حياة خاتم الأنبياء الذين ارسلهم الله الى البشر فان التشكيك فيها شر مستطير. 

 

هل ترون الى أين يمضي بنا في الواقع قطار الخير السريع هذا؟ الى وجهة اسمُها "موت العقل".  فعندما يحدث خرق برعاية الإسلام ، لا يعرف غالبية المسلمين كيف يُجادلون أو يُعيدون التقويم أو يُصلحون.  ويُقال لنا أن هذا من حسن الحظ لأن الخرق لا يمكن أن يقع طالما بقينا أوفياء للنص الكامل.  آه! يا له من منطق هروبي! أن قولبة الذهن مثل هذه القولبة الدائرية تكفي لتحويل ألمع العقول الى رؤوس فارغة ، بل ورؤوس خطرة بسبب خوائها. 

 

لكل عقيدة ، بالطبع ، مريدون مقلدون.  والفارق الوحيد ان الترديد الببغاوي في الإسلام هو الاتجاه السائد. بروس فايلر Bruce Feiler كاتب أميركي وقع على هذا الفارق خلال البحث الذي كان يجريه لتأليف كتابه الموسوم

Abraham: A Journey into the Heart of Three Faiths ( ابراهيم: رحلة في قلب ثلاث ديانات).  ففي القدس التقى فايلر بإمام المسجد الأقصى الشيخ يوسف ابو سنينة.  وأكد الإمام كمال الإسلام المفتَرَض.  وبلغة انجليزية مصقولة في لندن قال لفايلر "أن عليك ان تهتدي بخاتم الأنبياء" الذين أرسلهم الله (7) ، وإلا فان "الموت مصيرك" بنار الله مثلما اقدم هتلر على "شي اليهود أحياء" بموافقة إلهية.  شعر فايلر بالاشمئزاز بعد انتهاء المقابلة وروى الحادث فيما بعد لصحافي متخصص بالدين.  وقال الصحافي ، "الحقيقة المنكودة أن [ الشيخ سنينة ] يمثل التيار السائد في الإسلام حاليا.  قد تجد يهودا لديهم رسالة مماثلة في القومية اليهودية ولكن بأعداد صغيرة.  قد تجد مسيحيين يبشرون بيوم الدينونة ولكن عددهم يبقى محدودا.  اما إمامُك فهو يمثل الغالبية العظمى من المسلمين ، في هذا المكان على أقل تقدير"(8).

 

سنينة يجسد ذهنية الكثير من المسلمين ، لا في القدس فحسب وانما في المهاجر ايضا.  دعوني استشهد بتقرير صادر عام 2002 عن "أكاديمية تعلم الإسلام"

Academy for Learning Islam الكائنة في مدينتي ، ريتشموند.  فالأكاديمية تزعم ان هناك الكثير مما هو مشترك بين اصحاب المذهبين الرئيسيين في الاسلام ، السنة والشيعة.  كيف ذلك؟ لأن "كلاهما يؤمنان بالحقيقة المطلقة للقرآن المجيد وبكماله.  وكلاهما يعتبران محمدا خاتم الأنبياء المرسلين من الله ويكافحان من اجل تقليد أحاديثه وأعماله"(9).  وعندما يصبح التقليد هو الاتجاه السائد فان غالبيتنا سنعجز عن استقصاء ما لدينا من أحكام مسبَقة ـ أو الإقرار بأن لدينا أحكاما كهذه.  فنحن نؤمن بما يُفتَرَض بنا أن نؤمن به ، وكان الله يحب المؤمنين. 

 

رسائل الاستنكار التي اتلقاها بوصفي مقدِّمة برنامج "تلفزيون شاذ"

Queer Television  توضح ما أقصده.  فكلما كنتُ أبث تعليقات معادية للمثليين من مسيحيين يستشهدون بالكتاب المقدس ، كان من المحتم أن يعقبهم مسيحيون آخرون بتأويلات متسامحة ، مضادة.  هذا لم يحدث قط عندما كان مسلمون يتهجمون عليّ.  إذ لم يكن هناك شك ، على ما يبدو ، في أن المتهجمين ينطقون بإسم الإسلام ، كل الإسلام.  ولا يعني هذا ان المسلمين كافة ، دون استئناء ، يعترضون على المثليين.  فان "الفاتحة"  ( من الافتتاح الذي يفيد معنى الصدارة في الطليعة ) هو أسم مجموعة من المثليين المسلمين لديها فروع في مدن كبرى في عموم أميركا الشمالية وأوروبا.  وفي تورنتو على الأقل يحقق حفل عشائها السنوي حضور بعض الآباء والأمهات المسلمين.  ولكن حتى إذا كان الكثير من المسلمين لا يشاطرون اسلام الاتجاه السائد أحكامه المتحاملة فاننا لسنا بالعدد الكافي لفتح حوارات مع الاتجاه السائد.  وإلا كيف نفسر السبب في انه ما من مسلم واحد كتب الى برنامج "تلفزيون شاذ" أو اتصل به ليسوق تأويلا بديلا ـ رحيما ـ للقرآن؟

 

على هذه الخلفية شعرتُ أني مستعدة لا لمواجهة التحدي الذي طرحه موسيس فحسب بل والتوسع فيه ايضا.  وللشروع في التوثق مما إذا كان الإسلام جامدا على نحو لا رجاء فيه كان عليّ أن اتعامل مع مسألة "الآخر" في الإسلام ـ النساء ، أجل ، ولكن ايضا اليهود ، والمسيحيين ، والعبيد ، وكل من تجسد معاناتُه الوحشيةَ المتفشية في العالم الإسلامي اليوم.  ماذا يقول القرآن عن هذه المخلوقات التي صنعها الله؟  هل يؤيد بلا تحفظ ، أو حتى من باب الاحتمال ، جلد امرأة مغتَصَبة رغم كثرة الشهود على الجريمة المرتكبة بحقها؟  وما دمنا نخوض في الموضوع فهل حقا أن القرآن يحظر على المرأة أن تؤم الصلاة؟ 

 

خلال الأشهر التالية على ذلك أعدتُ قراءة كتاب الإسلام المقدس بأعين مفتوحة وروح اقتحامية أكثر من أي وقت سابق في حياتي. 

 

بادئ ذي بدء كانت هناك مسألة المرأة.  ايهما خلق الله أولا ـ آدم أو حواء؟  القرآن يلتزم صمتا مطبقا عن هذه التمايز.  فان الله نفخ الروح في "نفس واحدة(10) وخلق منها زوجها.  فأيهما النفس وأيهما الزوج؟  سؤال خارج عن الصدد(11).

 

زد على ذلك أنه ليس ثمة ذكر لضلع آدم الذي خُلقَت منه حواء ، بحسب الكتاب المقدس.  كما لا يوحي القرآن بأن حواء أغرت آدم بقطف الثمرة المحرَّمة وتذوقها.  خلاصة الأمر أنه ليس ثمة هنا ما ينطوي على حجة لصالح تفوق الذّكر ، بل العكس في حقيقة الأمر.  فالقرآن يحذر المسلمين مشددا عليهم أن يتذكروا أنهم ليسوا بمنزلة الرب وبالتالي على الرجال والنساء ان يكونوا منصفين في المطالبة بحقوقهم من بعضهم بعضا.  وتكليلا لهذا المقطع ثمة ما يبدو أنه صورة من صور البلاغة في الاعتزاز بالمرأة:  "واتقوا الله الذي تساءلون والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا"(12).

 

الغريب انه في السورة نفسها  ـ بعد اسطر قليلة لا أكثر ـ ينقلب القرآن في موقفه بالاتجاه المعاكس تماما.  ويقول "الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحاتُ قانتاتُ حافظاتُ للغيب ...والتي تخافون نشوزهم فعِظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن..."(13)

 

لنكن واضحين:  لكي تستحق المرأة الضرب لا يتعين عليها ان تعصي احدا بل يكفي ان يخاف الرجل نشازها أو عصيانها.  فان هواجس الرجل تصبح مشكلة المرأة.  لطيف.  أعلم أني أُغالي في التبسيط  ولكن التبسيط يسري معربدا في تشريع قوانين ما أنزل الله بها من سلطان.  سأعطيكم مثالا ملموسا.  ان مقطعا واحدا من القرآن ـ يقول فيه ان الرجال قوَّامون على النساء "بما أنفقوا من أموالهم" لإعالتهن ـ  ترك أثره في "اعلان القاهرة" ، الميثاق المزعوم لحقوق الانسان الذي اقرته الدول الإسلامية في عام 1990.  نعم ، أن فقرة من الميثاق تؤكد ان "المرأة مساوية للرجل في الكرامة الانسانية"(14) ولكن الفقرة التالية تنيط بالرجل رعاية الأسرة.  وهي لا تعبر عن "تفضيل" الرجل في موقع رب العائلة بل تعلن جهارا ان على "الرجل عبء الانفاق على الأسرة ومسؤولية رعايتها".  وبما ان القرآن يقول ان الرجال قوَّامون على النساء بما ينفقون لإعالتهن فان بإمكانكم أن تستنتجوا الباقي.

 

في ضوء قضية المرأة التي اغتُصبت في نيجيريا ، صعقني مقطع آخر من القرآن يقول فيه "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله.."(15) ها؟ انحكوا نساءكم أنَّى شئتم ، ثم قدموا لأنفسكم؟ هل النساء شريكات أم قطعة أرض تُستملك؟  انهن شريكات ، كما يصر جمال بدوي ، العالم الشهير في دراسة القرآن.  وهو يؤكد لي ان هذه الآية "المستنيرة جنسيا" تعتبر دفاعا عن المداعبات الجنسية التي تسبق المضاجعة تمهيدا لها(16).  والمرأة مثلها مثل الحقل بحاجة الى عناية تقوم على الحب والحنان لتحويل الحيوانات المنوية الى كائنات بشرية.  فـ "ان بذور الزارع لا قيمة لها من دون تربة خصبة تنمو فيها" ، كما يقول بدوي مقتنعا كل الاقتناع ، كما تدل سيماؤه ، بتفسيره التقدمي.  بيد انه لم يتناول إلا عبارة "فأتوا حرثكم".  ولكن ماذا عن "أنىَّ شئتم".  إلا تمنح هذه الكلمات المحدِّدة سلطة لا مبرر لها الى الرجل؟  ويبقى السؤال:  أي نموذج يدعو الله الى الاقتداء به ـ آدم وحواء بوصفهما رجلا وامرأة متساويين أو المرأة بوصفها حقلا يُحرث ( العفو ، تُلاطَف ) حسب الرغبة. 

 

الحقيقة هي أني كنتُ أعرف اياً من التفسيرين ابتغي ولكني لم أعلم علم اليقين ( وما زلت لا أعلم ) أياً منها يريد الله.  وبهذا الحجم من التناقضات المتلاطمة لا أحد يعلم.  فمَنْ يريد ان يجلد المرأة بأتفه التُهم يستطيع أن يجد ما يلزم من الإسناد في القرآن.  وكذلك مَنْ لا يريد للفتيات أن يئمَّن الصلاة.  ومن الجهة الثانية فان الباحث عن المساواة يمكن هو الآخر أن يجد سلواه. 

 

في محاولتي الإجابة عن كيفية التوفيق بين عقيدتي الإسلامية والجلد الهمجي لضحية اغتصاب خلصتُ الى أني لا استطيع التوفيق بينهما بثقة مطلقة.  وما كان بوسعي أن أقول متحذلقة ، كما سمعتُ العديد من النسويات المسلمات يفعلن ، أن القرآن ذاته يكفل العدالة.  وما كان في مقدوري أن اقول بفروسية ان اولئك الفقهاء النيجيريين المخبولين الذين يطبقون الشريعة لاطوا في ديانتي المساواتية بكل شفافية.  والقرآن ليس مساواتيا على نحو شفاف بالنسبة للمرأة.  وهو ليس شفافا إلا في غموضه وإبهامه.  ومع اعتذاراتي الى نعوم تشومسكي فان المسلمين هم الذين يصدرون صكوك الغفران بإسم الله.  والقرارات التي نتخذها على أساس القرآن لا تُملَى علينا من السماء بل نتخذها نحن بملء ارادتنا الانسانية. 

 

يبدو هذا بديهيا للمسيحي أو اليهودي من المنتمين الى الاتجاه السائد ولكنه ليس بديهيا للمسلم الذي تربى على الإيمان ـ مثلما تربت غالبيتنا ـ بأن القرآن يضع كل شيء أمامنا في "سراط مستقيم"  وان واجبنا الوحيد ، بل وحقنا ، أن نتبعه.  وهذه اكذوبة كبيرة.  أو لا تسمعون؟ اكذوبة كبرى ملتحية الوجه. 

 

ان القرآن بدلا من أن يكون كاملا ، انما يخوض حربا لا هوادة فيها مع نفسه حتى أن المسلمين الذين "يعيشون بموجب الكتاب" لا خيار عندهم سوى انتقاء ما ينبغي التشديد عليه وما يتعين تمييعه.  ولعل هذا هو الجزء السهل ـ فان أياً منا يستطيع أن يبرر مواقفنا المنحازة بتسليط الضوء على آية معينة وإغفال أخرى.  وهذا ، بالمناسبة ، ما يفعله الليبراليون بقدر المتزمتين مخففين من وطأة ضوضاء القرآن السلبية على الأقل مثلما يحذف خصومنا نصوصه الايجابية.  فنحن جميعا لدينا أجنداتنا ، التي بعضها أكثر مساواة من البعض الآخر. 

 

ولكن ما دمنا عالقين في هذا الشوط الأخير من لعبة اثبات ان عقيدتـ"نا" الجامدة متفوقة على عقيدتـ"هم" الجامدة ، فان التحدي الأكبر يغيب عن انظارنا ، أي وضع كمال القرآن موضع تساؤل لكي تخفَّ حمى السباق على التوصل الى استنتاج صائب عما "حقا" يقوله القرآن ، ويصبح ، بمرور الوقت ، تمرينا في المعرفة بدلا من النصية.  وفي هذه المرحلة فان الإصلاح لا يعني القول لعامة المسلمين ما ينبغي أن لا يفكروا فيه وانما اعطاء البليون مؤمن ممن نذروا أنفسم للإسلام إذنا بالتفكير. 

 

وللمضي أبعد بهذه الفكرة كان عليّ أن أرى ما إذا كان هناك نمط يسري خيطه في متناقضات القرآن الصارخة.  وبتعبير بسيط هل ان كتاب الإسلام المقدس يتسم بالابهام أو التناقض حول قضايا اخرى ايضا تتعلق بحقوق الانسان مثل الرق؟  وإذا كان الأمر كذلك فهل يتوافر المجال لإقدام مسلمي القرن الحادي والعشرين على خيارات تنمتي الى القرن الحادي والعشرين؟  فكرتُ في السودان ثم قرأتُ عن حجم تجارة الرقيق فيه.  ففي الخرطوم يخوض نظام حكم اسلامي أشبه بنظام طالبان جهادا أعلنه بنفسه على المسيحيين والوثنيين وغير المسلمين ، وذلك بحسب تشارلز جايكوبس Charles Jacobs رئيس المجموعة الأميركية المناهضة للعبودية ومدير الحملة السودانية.  ويلحظ جايكوبس ان "هجمة الخرطوم أحيت تجارة العبيد السود التي اوقفها ( تقريبا) المستعمرون البريطانيون قبل قرن من الزمان...[ و] بعد نحر الرجال تتعرض النساء والفتيات والصبيان الى عمليات اغتصاب جماعية ـ أو يُذبحون لمقاومتهم.  ويُقاد الناجون المرعوبون شمالا حيث يوزَّعون على أسياد عرب لتصبح النساء جواري والفتيات خادمات في البيوت والأولاد رعاة"(17).

 

فكرتُ مرة أخرى في شمال نيجيريا وهو مكان آخر فيه حكومات اسلامية تشجع استعباد المسيحيين.  حسنا ، أقرُ بأن الحرب الأهلية في نيجيريا أوثق صلة بالسياسة من الدين.  ولكن هذه السياسة المتخلفة كلها ما كانت لتُمارَس دون مساعدة ما من القرآن.  وكان سؤالي هو ما حجم هذه المساعدة.  عدتُ الى المصدر واكتشفتُ هذا المقطع:  "...والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا...(18)

 

واو! كان عليّ أن اتوقف لتحليل هذه الآية.  إقرؤها بعناية وستجدوا أن القرآن لا يوجهنا الى عتق جميع العبيد بل فقط اولئك الذين يقرر أسيادهم أن لديهم امكانية الارتقاء بمكانتهم.  أين هذا من مناشدة مشاعرنا الذاتية وموقفنا الأخلاقي وحريتنا في الاختيار؟  بكلمات أخرى يستطيع المسلمون اليوم أن يخلِّفوا القرن السابع وراءهم من خلال المراوغة ، بموافقة القرآن ـ إذا شئنا.  فالقرآن يمنح المشرِّعين النيجيريين خيار تحديث آفة الرق ، أو بكلمات أخرى القضاء عليها.  فكما المرأة كذلك الرقيق:  القرارات التي يتخذها المسلمون هي قراراتنا وحدنا ، ولا يمكن أن توضع على عتبة الله.

 

هل من الجائز أن الإسلام لا يتسامح مع المسلمين الأفراد الذين يفسرون القرآن لأنفسهم فحسب بل وأن مثل هذا العمل والاستطلاع ربما كان حتى الطريقة الوحيدة لأن "تعرف إسلامك"؟

 

إذ شعرتُ بنفحة من النشاط انتقلتُ الى ملف ضخم آخر من ملفات حقوق الانسان:  معاملة الذميين.  فبسبب التقاليد اليهودية ـ المسيحية التي يتحدر منها الإسلام فان لدى القرآن الكثير مما يقوله عن اليهود والمسيحيين.  وهو يكيل المديح على إبراهيم ، أب الديانات التوحيدية الثلاث.  وُيطري عيسى بوصفه "المسيح" أكثر من مرة(19).  ويأتي على ذكر مريم أم عيسى اليسوع إيجابا عدة مرات.  يضاف الى ذلك أن القرآن يذكِّرنا بكون اليهود ينتمون الى أمة "مُفَضَّلة" هي بنو اسرائيل(20)!  مفَضَّلون؟ اليهود؟ دققتُ في بعض الترجمات الانجليزية للتوثق.  إزاء هذه العواطف الحارة تجاه أجدادنا الروحيين يكون من المنطقي ان يشير القرآن على اليهود والمسيحيين بأن  يطمئنوا ، أن "لاخوف عليهم ولا هم يحزنون"(21) ما داموا مؤمنين بالله واليوم الآخر ، كما تنص عليه كتبهم المقدسة. 

 

من جهة اخر يعتبر القرآن بصراحة أن لا دين إلا الإسلام(22).  غريب.  أم يا تُرى أهو حقا غريب؟ فثمة فكرة في غاية الأهمية هنا ـ لا شيء يفوقها أهمية في اوقاتنا المشتتة ـ وهي تتعلق بسبب ظهور الإسلام أصلا. 

 

كل ما ينبغي ان يؤمن به المسلمون نزل على اليهود قبلنا بآلاف السنين.  وقد حدث ذلك عندما سار بعض اليهود في طريق الضلال عن الحقيقة المنزَّلة ، بتحولهم الى عبادة الأصنام ، مثل العجل الذهبي ، فاستثاروا عليهم غضب الله.  ( أدري ، أدري:  أي خالق هذا الذي يغار من مولود بقرة؟ أحسبُ أنه خالق يسعى الى الصلح بين قبائل في احتراب دائم مع بعضها بعضا من خلال المحور الجوهري المتمثل في ديانة مشتركة ).  نعود الى البقرة.  فان انبعاث الوثنية اقتضى ارسال واحد آخر من أبناء ابراهيم لتذكير عالم الساميين بحقيقة ربه. فكان مجيء اليهود.  وكذلك نزول الكتاب المقدس الذي يجمع كتب موسى العبرانية (تُعرَف عند المسيحيين بإسم العهد القديم ).  ولكن في النهاية بدأ بعض المسيحيين يدَّعون أن المسيح هو الله فضلا عن كونه إبن الله وليس رسولا آدميا اصطفاه الله الواحد الأحد.  لقد كانت الوثنية تهدد برفع رأسها ( أو رؤوسها ) من جديد. 

 

لذا في حوالي سنة 610 ميلادية عاد الله الى قائمة المرشحين للنبوة واختار محمدا ، وهو حفيد آخر من أحفاد ابراهيم ، لتطهير كلامه المنزَّل من الفساد الذي اعاثه فيه اليهود والمسيحيون.  واينما فتحتُ القرآن لم أكن قط بعيدة عن رسالة كثيرا ما تتكرر بأن ما سبقه من كتب مقدسة جدير بالتبجيل. 

 

مرحبا بكم الى الفكرة ذات الأهمية البالغة التي لمَّحتُ اليها قبل لحظات:  أن الجهل القَبَلي لا يمكن أن يكون حقيقة.  وعندما أعدتُ قراءة القرآن للتبصر في "الآخر" وجدتُ أن اليهود ليسوا كلهم الذين يُقال للمسلمين أن يجتنبوهم بل فقط اولئك الذين يسخرون من الإسلام بوصفه دينا كاذبا على نحو متأصل.  وينبغي على المسلمين أن لا ينكروا صحة الديانة اليهودية وإلا فانهم يسيئون الى دينهم ذاته. 

 

ولكن إذا كانت اليهودية والإسلام ديانة واحدة فما هي الحكمة في جعلهما كيانين منفصلين؟  وعلى الغرار نفسه ما الحكمة من الإبقاء على المسيحية؟  أو الهندوسية؟ أو البوذية؟ أو السيخية؟ ، ولكم أن تملأوا الفراغات التي تلي ذلك.  لماذا لا نتخلى عن احساسنا الدفين بالتفوق وننظر الى بعضنا بعضا على أننا من صنع خالق واحد؟  القرآن لا يتهرب من هذا السؤال الأكثر تنكيدا من الأسئلة الأخرى كلها.  فهو يقول أن الله جعل لكل قوم شرعة(23) لحفزهم على التسابق من أجل عمل الخير معترفا أن عمل الخير لن يكون ممكنا إذا اشتبكنا في خلافات على مَنْ هو "الأحق" في تنفيذ مشيئة الله.  أنا وأنتم لا علم لنا ، وعلينا أن نتخطى هذه المعضلة.  والقرآن يؤكد لنا أن الله سيتكفل بتسوية خلافاتنا المذهبية حين اليه نعود.  في هذه الأثناء فان التسابق على عمل الخير انما هو دعوة تحولت من الشطارة في عالم المال والأعمال الى الإبداع الفني في تناول الطينة المقدسة ذاتها والدأب على تحسين جمال ما صُنع منها.  ويتلازم مع هذه الممارسة الدافع الآخر لقرار الله ان يخلقنا أقواما ومللا شتى:  لكي نشعر بوجود حافز يغرينا بالتعارف على بعضنا بعضا.  فالأمر كما لو أن الخالق يريد لنا أن نستخدم الاختلاف كاسحة جليد بدلا من استخدامه ذريعة للانكفاء الى زوايا متقابلة. 

 

أقر بأن هذا ما بودي أن يكون المعنى من الألف الى الياء.  ولكن كل شيء مطروح للتأويل لأن القرآن يشير على المسلمين بأن لا يتخذوا من اليهود والمسيحيين اصدقاء لهم كيلا لا نصبح "منهم".  وهو يتحدث عنـ"هم" بوصفهم من "القوم الظالمين" الذين لا يهديهم الله.  وثمة كلام عن انزال أذى شديد وضرب رقاب وفرض الجزية على أهل الكتاب أتاوة لقاهريهم المسلمين(24).  كلام مخيف بحق ، وهذه المقاطع تضفي صدقية على اولئك المسلمين الذين يديرون ظهورهم الى الوئام بين الأديان.  وعند هؤلاء يجوز للذميين أن يوجدوا ولكن قطعا ليس على اساس من التكافؤ مع المسلمين ، وقطعا ليس على مستوى واحد معهم لأن الإسلام ليس مجرد دين آخر يضاف الى بقية الأديان بل يعلو عليها جميعا بحكم كونه دين الحق ورسوله خاتم الأنبياء في خدمة الواحد الأحد.  أنه لخيار ان يُقرأ القرآن على هذا النحو ، أو ليس كذلك؟  ولكننا لسنا واعين بهذا الخيار. 

 

لعل احدكم يحتج قائلا:  "تمهلي ، فأنا لا أختار هذا التأويل بالمرة.  وأنا لا أُريد أن اضرب جاري لاحتفاله بعيد هانوكا فلا تحسبيني على كارهي اليهود.  إني انسان حسن الطوية ، بحق السماء".  نعم ، انك على الأرجح حسن الطوية.  فلتسأل نفسك من باب هذه الطيبة:  هل اخترتُ أن اتحدى الاعتقاد الشائع بين مسلمي الاتجاه السائد بأن الإسلام متفوق على المسيحية واليهودية؟  اننا غارقون في نرجسيتنا الروحية حتى أن غالبية المسلمين لا يفكرون مرتين ، أو حتى مرة ، في الضرر الذي يمكن أن يلحقه هذا الموقف بالعالم.  نحن نتقبله فطريا مطلين بين حين وآخر من تحت الرمال حيث دفنَّا رؤوسنا لنلحظ وجود "المتطرفين" ،  وأحيانا لا نلحظ وجودهم حتى وقتذاك.

 

هل أُبالغ؟  قولوا لي بعد قراءة هذه القصة.  قبل اسابيع قليلة من 11 سبتمبر ( ايلول ) انضممتُ الى فريق من المسلمين على شاشة التلفزيون الوطني في ندوة حول "صور العالم الإسلامي"(25).  وإذ إعتَبَر زملائي المشاركون في الندوة ان هذه الدعوة الموجهة بصيغة مؤدبة هي تعبير ملطَّف عن اتاحة الفرصة "لإبداء شكوانا من الغرب" ،  راحوا يوجهون سهام الاستنكار المعهودة الى ثقافة البوب ( الشعبية ) في اميركا الشمالية:  هوليود تصورنا جميعا متعصبين ، والمتعصبون دائما يبدون ذوي بشرة داكنة ، وغير ذلك من المفردات النمطية المستقاة من قاموس الضحية.  وإذ شعرتُ بالملل من الجدال بهذه الاسطوانة المشروخة ، اقترحتُ زاوية نظر مغايرة هي أننا المسلمين لا نعطي الآخرين حافزا يُذكر ليغيِّروا رأيهم فينا القائل بأننا ذوو تفكير أحادي جامد.  وتساءلتُ ، أين كان المسلمون في تورنتو أو فانكوفر أو مونتريال عندما طوح طالبان تماثيل بوذا التي يعود تاريخها الى ما قبل الإسلام ، من حيث كانت تطل على وادي باميان في افغانستان؟  ان القرآن يقول "لا إكراه في الدين"(26).  ولم يكن بوسعنا ان نتوقع من حركة طالبان أن تغنِّي هذه المعزوفة ولكن لماذا لم يختر مسلمو الغرب غناءها بدلا من البقاء صامتين في الغالب؟  لماذا كانت الاحتجاجات الجماهيرية الاسلامية غائبة في شوارعنا؟

 

ورحتُ أنتظر. 

 

الرد الوحيد جاء من مسلمة اخرى ـ وهي فوق ذلك نسوية ناشطة.  قالت دون أن تفكر في ما تقول ، "منجي ، أو لا تعرفين ما يحدث للمسلمين في فلسطين؟"  العفو ، ماذا قلتِ؟ أعيدوني الى أرض الواقع أو انقلوا عجيزتي الى مكان آخر من المنظومة الشمسية حيث نستطيع التمييز بين العدالة والتبرير.  بيد أني أقر لها بالآتي:  من الواضح أن هناك علاقة ما بين صعود التوتاليتارية الاسلامية وتعقيدات السياسة في الشرق الأوسط.  ولكن كيف لهذه العلاقة المركبة أن تبرر صمت المسلمين في الغرب على نظام طالبان الذي يدعي التفوق العرقي على سُنَّة الله وينسف تماثيل بوذا ويظلم المرأة ويمنع الطائرات الورقية ويستطيب الإعدام؟. 

 

ان هذا ليس تبريرا.  وردُّ "اختي" كان تهربا.  ورغم كل تفكيرها النقدي تجاه الغرب فانها إرتَدَتْ إسلامها الذي لا يفكر ، كالبرقع الحاجب من قمة الرأس الى أخمص القدمين.  وإذا كان هذا أفضل ما لدى امرأة اعلنت نفسها ناشطة نسوية فإن فرائصي ترتعد من تصور الى أين نحن سائرون. 

 

الجميع يركز على تاريخ 11 سبتمبر ( أيلول ).  أنا أريد ان اركز على الأيام التالية من بعده.  ماذا أكدنا نحن المسلمين لوسائل الاعلام والسياسيين ولأنفسنا عن الإسلام؟  قلنا واجمين أن ديننا تعرض الى "الاختطاف"(27).  نعم يا أميركا ، تعرض الى الاختطاف.  واننا معك في خندق واحد يا ألمانيا.  نحن ايضا نحب حريتنا يا استراليا.  اننا في هذا الموقف معا يا بريطانيا.  فنحن ، وانتم معنا ، تعرضنا الى الاختطاف. 

 

لم أحتمل هذه الاستعارات المجازية.  فهي تعني ان الإسلام نفسه كان طائرة تحلق نحو مهبط ما لحقوق الانسان ، وانه لولا 11 سبتمبر ( ايلول ) لوصل المسافرون على طائرة الخطوط الجوية القرآنستانية الى وجهتهم الرائعة بلا أي مطبات ، وكان الله يحب المحسنين.  الإسلام تعرض الى الاختطاف! وكأن ديننا كان عابر سبيل بريئا في عنف المسلمين.  اختطاف.  كلمة مشحونة عاطفيا تعفي مسلمي الاتجاه السائد من مسؤولية النقد الذاتي.  أولا وقبل كل شيء ، أن النقد الذاتي يعني الإقرار بالجانب الفظيع من القرآن ، وكيف أنه يرفد الارهاب. 

 

بعد 11 سبتمبر ( ايلول ) كنتُ اسمع باستمرار هذه اللازمة من المسلمين:  أن القرآن يجعل من الواضح تماما متى يكون الجهاد ممكنا ومتى لا يكون ممكنا ، وان الارهابيين خرقوا هذه الضوابط بلا أدنى ريب.  وعلى حد قول واحد من مثل هؤلاء الشيوخ فان الله "يقول بمفردات لا تقبل اللبس أن من قتل نفسا بريئة كأنما قتل البشرية كلها"(28).  وأنا أقول ، أن هذا تزيين رغائبي.  أتعرفون مفردات السورة والآية المذكورتين على انها "لا تقبل اللبس"؟ انها في الحقيقة تتيح مجالا للمناورة.  واليكم نص الآية:  "من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه مَنْ قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"(29).  المحزن أن المسلمين المتطرفين يستطيعون استغلال الاستثناء الوارد في "بغير نفس أو فساد في الأرض" لإذكاء جهادهم. 

 

اسامة بن لادن ، على سبيل المثال ، أعلن الجهاد ضد الولايات المتحدة كلها في اواخر التسعينات.  والقرآن ساعده في ذلك.  عودوا الى عبارة "بغير نفس أو فساد في الأرض".  ألم تسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة ، ولكنها فرضتها امتثالا لمطالبة الولايات المتحدة ، ضد العراق هلاك نصف مليون طفل وما زال العدد آخذ في الارتفاع؟  هذا ما يعتقده بن لادن.  هل تُعد الآثار التي تتركها جزم الجنود الأميركيين على الأرض السعودية "فسادا في الأرض"؟  بلا أدنى شك عند بن لادن.  أما المدنيون الأميركيون فهل يمكن أن يكونوا أبرياء من القتل أو الفساد والضرائب التي يدفعونها تساعد اسرائيل على شراء دبابات لتسوية بيوت الفلسطينيين مع الأرض؟  هذه مسألة بديهية عند بن لادن.  وكما صرح لشبكة "سي ان ان" في عام 1997 فان حكومة الولايات المتحدة "ارتكبت افعالا ظالمة وفظيعة واجرامية للغاية سواء مباشرة أو عبر دعمها للاحتلال الاسرائيلي" في فلسطين. "وبسبب خضوعها لليهود فان غطرسة الولايات المتحدة بلغت حدا احتلوا معه الجزيرة العربية ، أقدس مقدسات المسلمين.  لهذا ولأعمال عدوانية وظالمة اخرى فقد أعلنا الجهاد ضد الولايات المتحدة"(30).

 

أنا وأنتم يمكن أن نتفق على أن اسامة بن لادن ، من الناحية الأخلاقية ، ينتمي الى انسان النيندرتال لتبنيه هذا الشكل من أشكال الجهاد.  ولكن هل يمكن لنا أن نتفق على أنه ومرتزقته كانوا مدعومين بنصوص مقدسة أيضا؟  كل ما أطلب هو الصدق.

 

ما هذا؟ هل عليّ أن افهم السياق الذي نزلت فيه آيات العنف في القرآن؟  تأكدوا أني قرأتُ الفقه الذي يفسر هذه الآيات "في سياقها" ، وأعتقد أن هناك لعبة متقَنَة تجري لممارسة التهرب والمناورة.  أنها ليست من إخراج مؤامرة مدبَّرة وانما نتاج افتراض عميق الجذور بأن القرآن كامل لا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه ، وبالتالي لا بد من وجود اسباب وجيهة تماما للكراهية التي كثيرا ما يُبشر بها. 

 

خذوا محاجَّة بارزة واحدة تدافع عن الإسلام "الحق" بوصفه دين سلام(31).  تذهب هذه المحاجَّة الى ان الله كان يشير على محمد في السراء والضراء ولذا فان آيات الشر في القرآن لا تعكس سوى اوقات الشدة التي واجهها محمد في السنوات الخمس والعشرين أو نحو ذلك التي امضاها في نشر الإسلام.  فقد بدأ محمد التبشير برسالته في مكة حيث تعلق العبيد والأرامل واليتامى والفقراء الكادحون برسالته غير التقليدية التي تدعو الى الرحمة.  والله يعلم أن هؤلاء المنبوذين كانوا بأمس الحاجة الى جرعة من الشفقة في العاصمة التجارية للجزيرة العربية بتقسيماتها الطبقية على اساس اقتصادي وتحللها الأخلاقي.  إذاً ـ في البداية نزلت آيات القرآن مشدِّدة على الرحمة. 

 

ولكن سرعان ما شعرت طبقة التجار المكية بالخطر الداهم الذي يهددها ـ فأخذت تتوعد بدورها.  شدَّ محمد وأتباعه الرحال وهاجروا الى المدينة لحماية أنفسهم.  وهنا ، من حيث الأساس ، تتحول رسالة القرآن الرحمانية الى رسالة قصاص وعقاب.  في المدينة رحب قسم من السكان بالمسلمين المهاجرين فيما كان للبعض الآخر موقف مغاير قطعا.  ومن بين الذين لم يرحبوا بهم أكبر القبائل اليهودية في المدينة ، التي تواطأت مع المشركين في مكة على اغتيال محمد وإبادة الذين اشهروا إسلامهم.  وقد فشلوا في مخططهم لأن الله أوعز الى محمد بتوجيه ضربة استباقية.  وتذهب المحاجَّة الى أن هذا هو مصدر القسوة في القرآن.  ولكن ، كما تمضي المحاجَّة ، ان المسلمين لم يبدأوا بروح القصاص هذه بل لجأوا اليها من أجل الحفاظ على أنفسهم ، ولبعض الوقت فقط.  ورسالة الإسلام "الحق" الأولى هي الرسالة التي دشن محمد دينه بها.  وهي رسالة عدل ومساواة ووحدة ـ وسلام. 

 

يا لها من سلوى عاطفية.  وفي حين كنتُ أتمنى أن اصدِّق هذا الطرح فإني كلما أمعنتُ في القراءة والتفكير تناقص فهمي لمعناه.  وابتداء ليس واضحا أي الآيات نزلت على محمد في هذا الوقت أو ذاك(32).  إذ يبدو القرآن مرتبا حسب حجم الآيات ـ من الأطول الى الأقصر ـ لا حسب التسلسل الزمني لنزولها.  كيف يمكن لأحد أن يعزل الآيات "الأبكر" ناهيكم عن أن يقرأ فيها الرسالة "الحق" التي ينطق بها الإسلام؟  علينا أن نعترف بحقيقة ان رسالة القرآن مبثوثة في كل ركن من أركان عالمنا التعيس.  الرحمة والاحتقار يتعايشان جنبا الى جنب.  أنظروا الى موقفه من المرأة.  فان آيات مفعمة بالأمل واخرى مشبعة بالكراهية لا تبعد إلا اسطرا عن بعضها بعضا ، والشيء نفسه يصح على التنوع الديني.  وليس هناك اتجاه واحد يمكن تشخيصه في هذا النص الذي يُزعم أنه كامل ، لا مراء فيه ولا لبس.  ان كمال القرآن هو في نهاية المطاف كمال مشكوك فيه. 

 

ياه ، هل تجاوزتُ الحد؟  ان تجاوزي أنا الحد يتوارى خجلا بالمقارنة مع تجاوز ارهابيي "القاعدة".  فهؤلاء ، بخلافي أنا ، يخرجون سعيا الى القتل.  وإذا كنا صادقين بشأن محاربة الاستبداد الخانق الذي يمثلونه فلا يمكن ان نخشى من السؤال:  وإذا لم يكن القرآن كاملا؟  وإذا لم يكن برمته كلام الله؟  وإذا كان ملغوما بالاحكام البشرية المنحازة؟ 

 

لنتعامل برهة مع هذا الاحتمال.  كتب محمد عطا ، قائد الانتحاريين الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر ( ايلول ) وصية قاتلة باسم عصابته.  وقال في الوصية:  "يكفينا أن [ آيات القرآن ] هي كلمات خالق الأرض والأجرام السماوية..." ليس مرة واحدة وانما ثلاث مرات اشار عطا الى انه يجد عزاءه في "كل ما وعد الله به الشهداء" ، وبخاصة:" اعلموا ان حدائق الجنة تنتظركم بكل جمالها ، وأن نساء الجنة ينتظرن مناديات "تعال الى هنا يا صديق الله""(33).

 

اسمحوا لي أن افك لكم مفاتيح هذه اللغة المألوفة في افلام الدرجة الثانية:  أن عطا والشباب كانوا يتوقعون أن يدخلوا بحرية مطلقة على عشرات العذراوات في الجنة.  وهم ليسوا وحدهم في ذلك.  فقبل شهر من 11 سبتمبر ( ايلول ) قال مسؤول عن كسب انصار لحركة حماس الفلسطينية التي تحولت من المقاومة الى الارهاب في تصريح لمحطة "سي بي اس" التلفزيونية انه يلوُّح بمرأى 70 حورية أمام المرشحين لتنفيذ عمليات انتحارية(34).  يبدو الأمر وكأنه رخصة أبدية للقذف عند بلوغ الذروة الجنسية مقابل الاستعداد للتفجير(35) ، وقد زُعم منذ زمن بعيد أن القرآن يعد بمجازاة المسلمين الذين يستشهدون. 

 

ولكن لدينا سببا للاعتقاد ان هناك متاعب في الجنة ، فان خطأ بشريا وجد طريقه الى القرآن.  إذ تفيد الأبحاث الجديدة ان ما يمكن للشهداء توقعه مقابل تضحياتهم ليس حوريات وانما زبيبات! ذلك أن الكلمة التي قرأها فقهاء القرآن طيلة قرون على انها كلمة "حور" قد تُفهم فهما أدق بمعنى "الزبيب الأبيض" ( لا تضحكوا ، ليس بافراط على أية حال. فالزبيب في الجزيرة العربية خلال القرن السابع كان من الطيبات الثمينة بما فيه الكفاية لأن يُعتبر طبقا من أطباق الجنة ).  ولكن أن يكون الزبيب هو المقصود بدلا من الحور؟  حاشى لله.  كيف يمكن للقرآن أن يرتكب مثل هذه الغلطة؟ 

 

المؤرخ الذي يسوق هذه الحجة ، كريستوف لوكسمبرغ Christoph Luxemberg ، خبير متخصص بلغات الشرق الأوسط.  وهو ينسب وصف القرآن للجنة الى عمل مسيحي كُتب قبل ثلاثة قرون على ظهور الاسلام في شكل من اشكال اللغة الارامية التي كان على الأرجح لغة المسيح(36).  وإذا كان القرآن متأثرا بالثقافة اليهودية ـ المسيحية ـ الأمر الذي ينسجم انسجاما تاما مع دعواه بأنه يعكس ما سبقه من كتب منزَّلة ـ فان الارامية كانت ستُترجَم بيد بشرية الى العربية ، أو تُساء  ترجمتها في حال كلمة "الحور" والله أعلم كم من الكلمات الأخرى. 

 

ماذا لو كانت عبارات وجُمل كاملة قد جرى تصورها تصورا مغلوطا؟  فان النبي محمد الذي كان تاجرا أميا ، اعتمد على كتّاب لتسجيل ما كان ينزل عليه من كلام الله.  وأحيانا كان النبي نفسه يبذل محاولات مضنية لفك أسرار ما كان يسمعه(37).  وهكذا ، على ما يُذكر ، نالت مجموعة من "الآيات الشيطانية" ـ مقاطع تؤلِّه الأوثان ـ قبول محمد وسُجلت على أنها نصوص حقيقية في متن القرآن.  وقد عمد النبي لاحقا الى إسقاط هذه الآيات متهما الشيطان وأحابيله بالمسؤولية عنها.  ولكن الحقيقة الماثلة في أن الفلاسفة المسلمين تناقلوا سرد هذا القصة على مر القرون ، تؤكد شكوكا غابرة القدم في كمال القرآن(38).  والآن أكثر من أي وقت مضى نحتاج الى احياء هذه الشكوك. 

 

ماذا كان سيحدث لو تربى محمد عطا على اسئلة تبحث في الروح عن اجابات بدلا من تربيته على يقينيات بسيطة؟  وعلى أقل تقدير ، ماذا لو عرف هذا الطالب الجامعي أن من الممكن المَراء في اصول كلمات مختارة ـ كلمات محورية عن الآخرة؟  وانها قد لا تكون بالمرة "كلمات خالق الأرض والأجرام السماوية"؟ وأن جزاء تدمير الذات ، ناهيكم عن القتل الجماعي ، سيكون مكافأة مشكوكا فيها؟  وأن وعد الجنة هو رجم في الغيب وليس وعدا مضمونا؟ ربما كان حينذاك سيغير رأيه ويتراجع.  ربما.  فالاحتمال يستحق النظر فيه باهتمام. 

 

ان فعل وضع القرآن موضع تساؤل هو ذاته جزء أساسي من حل لغز الاصلاح لأنه يشير الى الغناء خارج السرب.  وهو يعني عدم قبولكم بأن الاجابات معطاة ، أو أنها ستُعطى لكم. 

 

في الأشهر التي تلت 11 سبتمبر ( ايلول ) ظل سؤال يضايقني أكثر من أي اسلئة اخرى:  بما أن القرآن يفسح في المجال لممارسة الارادة الحرة  ، لماذا يبدو عباقرة الاسلام المتسلطون عازمين دوما على السقوط في ضيق الأفق؟  لماذا لا يختار المزيد منهم طريق الانفتاح؟ كان عليّ أن أذهب أبعد من القرآن.  كان عليّ أن اجد حاضنة المواقف البافلوفية المتحاملة عند المسلمين. 

 

وللقيام بذلك كان علي هتك مزيد من الأستار عن الأكاذيب التي نطلقها.

 

 

هوامش الفصل الثاني

1 ـ الدكتور رفعت حسن مستشهدا بمنظمة العفو الدولية في

Neva Welton and Linda Wolf, eds., Global Uprising:  Confronting the Tyrannies of the 21st Century:  Stories of a New Generation of Activists (Gabriola Island, British Columbia:  New Society Publishers, 2001), p. 214.

  2 ـ منظمة العفو الدولية Amnesty International  ومنظمة مراقبة حقوق الانسان Human Rights Watch ومنظمة "بيت الحرية" Freedom House  ومقالات محدَّدة بينها

Is Youssouf Male a Slave? By Michael Finkel, New York Times Magazine,   ، 18 نوفمبر ( تشرين الثاني ) ،  2001. 

3ـ "Why Israel and not Sudan, is singled out? Boston Globe, October 5, 2002 ، 5 أكتوبر ( تشرين الأول ) ، 2002 .

Ruth Baldwin, The Talibanization of Bangladesh, The Nation

( نسخة الانترنت ، 18 مايو ( أيار ) ، 2002 ).  انظر الموقع

www.thenation.com

5ـ للاطلاع على الأدلة المثيرة للقلق انقر هنا

Charles le Gai Eaton, QueerTelevision, Citytv, April 8, 2001 ، 8 ابريل ( نيسان ) ، 2001. 

Bruce Feiler, Abraham: A Journey into the Heart of Three Faiths (New York:  William Morrow, 2002 ), p. 180.

8ـ بروس فايلر Bruce Feiler مستشهدا بصحافي محلي ، المصدر السابق ، ص 181. 

9ـ تقرير:  اغسطس ( آب ) ـ ديسمبر ( كانون الأول ) ، 2002 ، أكاديمية تعلُّم الاسلام Academy for Learning Islam  ، ريتشموند ، بريتش كولومبيا.  أُعِدَّ التقرير لمناسبة اقامة معرض "روح الاسلام" في متحف الانثروبولوجيا ، جامعة بريتش كولومبيا ، فانكوفر. 

10ـ "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء..." ( 4:  1 ).  انظر ايضا الآية 4:  57 التي تقول :  "والذين آمنوا وعملوا الصالحات سنُدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ابدا لهم فيها أزواج مطهَّرة وندخلهم ظلا ظليلا".  لاحظوا أن كلمة "ازواج" ترد هنا ايضا بحياد يفيد معنى الجنسين معا دون تحديد أي منهما. 

11ـ وعليه فانه عندما يهتف المحتجون المعادون للمثليين ان "الله خلق آدم وحواء ولم يخلق آدم وحوّاس" ، ينبغي ان نتذكر أن القرآن قد لا يتفق مع هذا الموقف...

12ـ "...واتقوا الله الذي تَساءلون والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" ( القرآن ، 4 : 1 )

13 ـ "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم فالصالحات قاتنات حافظات للغيب بما حفظ الله والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن". ( القرآن ، 4:  34 ).

14 ـ الفقرتان 6 ( أ ) و 6 ( ب ) من اعلان القاهرة.  أنظر ايضا

Ann Elizabeth Mayer, Islam and Human Rights: Traditionand Politics (Boulder:   Westview Press, 1999)

15 ـ "نِساؤكم حرث ولكم فأتوا حرثكم أنىَّ شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملتقوه وبَشِّر المؤمنين". ( القرآن ، 2: 223 ). 

16 ـ ندوة تلفزيونية لبرنامج هوت تايب Hot Type في التلفزيون الكندي "سي بي سي" سُجلت في 5 مارس ( آذار ) ، 2003.

17 ـ تشارلز جايكوبس Charles Jacobs ، "Why Israel and not Sudan, is singled out " ، صحيفة بوسطن غلوب Boston Globe  ، 5 اكتوبر ( تشرين الأول ) ، 2002.

 

18 ـ  القرآن ، 24:  33.  ويمكن العثور على اشارة اخرى تبرر الرق في 4:  25. 

19ـ "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين" ( القرآن ، 3:  45 ) والآية التي تقول:  "وقولهم إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا" ( القرآن ، 4:  157 ). 

20 ـ "يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمتُ عليكم واني فضَّلتكم على العالمين" ( القرآن ، 2:  47 ) ومرة اخرى في 2:  122. 

21 ـ "ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرُهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ( القرآن ، 2:  62 ) ومرة اخرى في 5: 69. 

22 ـ "ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين أُوتو الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فان الله سريع الحساب" (3: 19 )

23 ـ "وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدِّقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتَّبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شَرعَة ومنها جاءوا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون" ( القرآن ، 5:  48 ). 

24 ـ "يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياءَ بعضُهُم اولياءُ بعض ومن يتولَّوهم فانه منهم والله لا يهدي القوم الظالمين" وكذلك في الآيات 61: 5 و 61: 6 و 61: 7 و 47: 4 و 39: 71 ـ 73 و 9: 29. 

وهناك آية مخيفة في سورة النساء تقول:  "إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدَّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما" ( 4: 56 ).

25 ـ برنامج باسم "غرفة الدردشة" The Chat Room ، محطة "سي تي في" ، بُث على الهواء في 19 يونيو ( حزيران ) ، 2001. 

26 ـ "لا إكراه في الدين قد تبيَّن الرشدُ من الغيّ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم" ( 2:  256 ). 

27 ـ كان لهذه الاستعارة المجازية من المصداقية في صحافة التيار السائد حتى انها استمرت في الاستعمال بعد عام على 11 سبتمبر ( ايلول ) ، 2001.  انظر على سبيل المثال شيما خان  Sheema Khan,

 The Language of Islam has been hijacked, The Globe and Mail, 17 December, 2002  ، صحيفة ذي غلوب اند ميل ، 17 ديسمبر ( كانون الأول ) 2002.

28 ـ مقتدر خان Muqtedar Khan في "مذكرة الى المسلمين الأميركيين"

Memo to American Muslims  من موقع   www.islamfortoday.com

أعتذرُ عن الاستشهاد بخان كمثال على التزيين ـ اعتذر لأن عمله يميل الى ان يكون مدروسا وأمينا.  وفي هذه الحالة يبين ما يمارسه خان من عملية تبييض وتنزيه انه حتى أكثر المسلمين صراحة يواجهون مشكلة في الاعتراف بدعم القرآن للعنف. 

29ـ "من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه مَنْ قتلَ نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما احيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون" ( القرآن ، 5:  32 ). 

30 ـ People in the News:  Osama bin Lden, CNN  ، مقابلة مع اسامة بن لادن بثتها شبكة "سي ان ان" في اطار هذا البرنامج بمناسبات عدة منذ 11 سبتمبر ( ايلول ) 2001. 

31 ـ المحاجَّة التي أُشير اليها هي محاجَّة عبد اللهي النديم

Abdullahi An Nadim في

The Islamic Counter-Reformation, New Perspectives Quarterly

شتاء 2002.  للاطلاع عليها انظر الموقع www.digitalnpq.org

32 ـ علماء كثيريون يؤيدون هذا الطرح منهم محمود أيوب من جامعة تمبل

Temple University انظر الفصل الممتاز الذي كتبه بعنوان التقليد الاسلامي

The Islamic Tradition, in Willard G. Oxtoby, ed.,World religions:  Western Traditions (Don Mills, Ontario:  oxford University Press, 2002 )

يكتب البروفيسور ايوب:  "ان الترتيب الأصلي لسور القرآن الذي وضعه جامعوه كان حسب الطول وان هذا الترتيب جعل من المتعذر تحديد التسلسل الزمني لآيات القرآن بصورة مؤكدة" ( ص 357 ). 

33 ـ وصية محمد عطا كما وردت في

Barry Rubin and Judish Kolp Rubin, Anti-American Terrorism:  A Documentary Reader ( Oxford, New York:  Oxford University Press, 2002 ), pp. 233-238. 

34 ـ ابن ورّاق Ibn Warraq  في صحيفة ذي غارديان ، 12 سبتمبر ( ايلول ) ، 2002 Virgins? What Virgins? The Guardian  

35 ـ قال لي ضباط مخابرات في تورنتو يعملون مع خبراء بمكافحة الارهاب في انحاء العالم ان الانتحاريين كثيرا ما يرتدون أكثر من لباس داخلي واحد أو يحشون المنطقة الحساسة من جسمهم بالجرائد لحماية اعضائهم التناسلية من قوة الانفجار. 

36 ـ وقت كتابة هذه السطور كان كتاب كريستوف لوكسمبرغ

Christoph Luxemberg, The Syro-Aramic Reading of the Koran

متوفرا باللغة الألمانية فقط ولذلك اعتمدتُ على اساتذة مختلفين من اساتذة اللغة الألمانية.  كما عدتُ الى دراسات ومقالات بينها عمل الكساندر ستل

Alexander Stille, Radical New Views of Islam and the Origins of the Koran, New York Times

في صحيفة نيويورك تايمز ، 2 مارس ( آذار ) ، 2002.

 

بالمناسبة قدم موقع www.badattitude.com قصة الزبيب والحوريات على الانترنت بعنوان مثير هو "أنباء طيبة للشهداء النباتيين!".  أحيانا لا يملك المرء إلا أن يضحك. 

37 ـ انظر على سبيل المثال وصف كارن ارمسترونغKaren Armstrong  في عملها

A History of God, pp. 139 and 148

38 ـ كما اختلف الفقهاء حول عدد العذراوات الموعود بهن.  إذا كان علم الرياضيات نفسه لا يمكن أن يكون دقيقا بوضوح فكيف يمكن لشيء أكثر ذاتيا ـ مثل معاني الكلمات ـ  أن يُعتبر في حكم المطلق؟ 

 

في الجزء القادم:  "متى توقفنا عن التفكير!"