بخصوص الاعجاز والقداسة: حقائق قرآنية مريرة



احدى آلازمات النفسية لمحمد كانت في تبرمه بجماعته من الفقراء، عند أنفة المشركين من مجالسته وهم معه. فيأتيه التحذير والتأديب: "واخفض جناحك للمؤمنين" (الحجر 88). لكنه يعود لمثلها، فيعود الوحي الى التنبيه والترهيب: "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" (الشعراء 215). وينص القرآن على تضايق محمد بأتعس المؤمنين كالاعمى واليتيم والسائل: "عبس وتولى، أن جاءه الاعمى..." (عبس 1-2)؛ "أما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر"(الضحى 9-10). وقد تشتد الازمة بمحمد فيطرد المؤمنين من مجلسه: "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه! ما عليك من حسابهم في شيء، وما من حسابك عليهم من شيء،
فتطردهم، فتكون من الظالمين" (الانعام 52). فيأمره الوحي بالصبر عليهم: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا، ولا تطع من أغفلنا قلبه من ذكرنا واتبع هواه، وكان امره فرطا" (الكهف 28). فكأن موقف محمد في ذلك مظاهرة للكافرين، فيردعه الوحي ردعا جميلا: " وما كنت ترجو ان يلقى اليك الكتاب، الا رحمة من ربك: فلا تكونن ظهيرا للكافرين، ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ نزلت اليك، وادع الى ربك ولا تكونن من المشركين" (القصص 86-87).

علق دروزة (سيرة الرسول 1: 282)على هذه الازمة المتواصلة بقوله: " ونعتقد ان آيات الانعام 52-53؛ والكهف 28-30؛ والاسراء 73-76؛ والقصص 85-88...تنطوي على مشاهد من
أزمات النبي ص. النفسية. إذ يصح أن يقال في صدد آيات الانعام والكهف ان النبي إذغ كان خطر على باله أن يهمل الفقراء والمساكين من ألمسلمين، أو يصرفه عنه، حينما احتج الزعماء وطلبوا لإقصائهم عنه ليجلسوا اليه ويتحدثوا معه، فانما كان هذا في ساعة من ساعات أزماته النفسية، ومبعثا عن حزنه الشديد لتمسك الزعماء بجحودهم ومعارضتهم ومتابعة الناس لهم، وعن آمله في انحياز المعتدلين الى صفه. وإذ يصح ان يقال هذا كذلك في صدد آيات الاسراء والقصص، وما يمكن أن يكون قد خطر على باله من التساهل والاستجابة لبعض مقترحات هؤلاء الزعماء".


فهذه الازمة ان دلت على شيء فهي تدل على بشرية محمد في شخصيته، وما يظهر فيها من انفعالات وثورات نفسية...كل هذا لا يدل على إعجاز او قداسة في الشخصية.

وفي المرة القادمة، سنتكلم عن الاغتيالات السياسية نتيجة شريعة الجهاد وعلاقتها بالتعجيز في الشخصية!

عودة