القرآن مخلوق

أعتقد أننا نعلم وانتم معنى قولنا أن القرآن مخلوق
الرد على من زعم أن القرآن مخلوق
أقول
من زعم أن القرآن مخلوق تعلق بمتشابه وهو على ضربين
1.
عقلي
2.
وسمعي
فالعقلي : إن صفة الكلام من جملة الصفات وذات الله عندهم بريئة من التركيب جملة
وإثبات صفات الذات قول بتركيب الذات وهو محال ، وعندهم الكلام لا يعقل إلا بأصوات وحروف وهو صفات المحدثات
والسمعي: ( الله خالق كل شيء) والقرآن إما أن يكون شيئاً أو لا شيئ.. ولا شيءعدم والقرآن ثابت
وهاتان الشبهتان أخذ بالتعلق بالمتشابهات
فإنهم قاسوا الباري على البرية ولم يعقلوا ما وراء ذلك فتركوا معاني الخطاب وقاعدة العقول
فتركهم لقاعدة العقول- لم ينظروا في قوله تعالى ( ليس كمثله شيء) وهذه الآية نقلية عقلية
وتركهم لمعاني الخطاب ( وهو السميع البصير) وما أشبه ذلك

بالنسبة للقول بخلق القرآن أوعدم خلقه:

لقد تعرفت على منهج أهل الحديث في كلامي السابق.. ويبدو أنك متفق معي على التعريف الذي تقدمت به..

انطلاقا من هنا أقول: بأن أهل الحديث لما كان منهجهم الأخذ بظواهر القرآن الكريم والسنة النبوية دون تأويل ولا إضافة عنصر العقل.. قالوا طبقا لهذا المنهج أننا لا نستطيع أن نقول بأن القرآن مخلوق.. ولا نستطيع أن نقول أيضا بأنه قديم.. وقالوا أن آيات القرآن والسنة لم تتعرضا لهذه المسألة ولذلك نحن لا نستطيع أن نبت فيها!.. وقالوا: كل الذي نستطيع أن نقوله بأن القرآن كلام الله غير مخلوق!..

هذا كلامهم طبق منهجهم.. لكن الغريب أن مسألة خلق القرآن وعدم خلقه لم يتعرض لها لا في القرآن ولا السنة فلماذا اختاروا أنه غير مخلوق!! رغم أن السنة وقبلها القرآن لم يقولا أن القرآن غير مخلوق فكان الأجدر بأهل الحديث طبق منهجهم أن يقولوا بأن القرآن مسكوت عنه لا نستطيع أن نقول بأنه مخلوق ولا أنه غير مخلوق لأن الحكم عليه بأحد هذين الوصفين لم يذكر لا في الكتاب ولا في السنة..

وحينما نتابع تاريخ مسألة القول بعدم خلق القرآن عند أهل الحديث قد نفهم شيئا آخر غير المتبادر إلى الذهن من هذا القول.. وذلك لأنهم امتنعوا أن يحكموا على القرآن بأنه قديم!!.. رغم أن الملازم عقلا من قولهم أن القرآن غير مخلوق هو أن القرآن قديم غير مسبوق بعدم لأن كل غير مخلوق فهو قديم غير مسبوق بعدم كما هو واضح..

والشيء المثير أن البعض من أهل الحديث كان سيتقبح كلمة خلق القرآن.. لأنها تعني لغويا أن القرآن مختلق وكذب لا أساس له من الصحة.. تماما مثلما نقول أن هذه الحادثة مختلقة ومخلوقة أي أنها لا أساس لها من الصحة وأنها ابتدعت من غير أساس واقعي..

وهذا يعني أنهم حينما يقولون بأن القرآن غير مخلوق يعني أنه غير مبتدع ولا مختلق من غير أساس واقعي..

ونجد أن الشيخ المفيد إمام الشيعة في عصره يقول كلاما موافقا لأهل الحديث في أحد كتبه فهو يقرر أن القرآن لا يقال له مخلوق.. لكنه حادث وغير قديم..

إذن ربما كان معنى مخلوق اللغوي سبب القول بعدم خلق القرآن بمعنى مختلف غير الذي يتبادر منه إلى الذهن.. وإلا فلو جئنا إلى كلمة مخلوق بمعنى حادث لا بمعنى مختلق لكان نسبة هذا المعنى إلى القرآن بديهيا لا يختلف فيه أي عاقل.. ولكن لما كانت لفظة مخلوق تحتمل معنيين أحدهما صحيح يمكن نسبته إلى القرآن الكريم وهو معنى حادث.. والآخر معنى فاسد لا ينسب إلى القرآن الكريم وهو معنى مختلق ومكذوب.. لذلك رأى بعض العلماء من بينهم الشيخ المفيد من أئمة الشيعة أن لا يطلق لفظ مخلوق على القرآن الكريم وذلك حتى لا يسبب اللفظ اشتباها لبعض الأذهان القاصرة..

ملاحظة: بعض علماء الحديث المتأخرين عن الإمام أحمد بن حنبل نص على أن القرآن غير مخلوق وعلى أنه قديم أيضا.. وهذا لم يرد في لسان علماء الحديث السابقين فقد اكتفوا بالقول أنه غير مخلوق وسكتوا عن القول بأنه قديم مما يشير إلى المعنى الذي ذكرناه..

------------------------------

بعد هذه المقدمة أحب أن أقول لك يا أخي الكريم.. إن كنت تقول بأن القرآن غير مخلوق بمعنى الاختلاق فهذا مما لا شبهة فيه ولن نختلف في هذا الأمر أبدا..

وأما إذا كنت تريد أن تقول لي بأن

القرآن كلام الله غير مخلوق بمعنى غير حادث ويلازم هذا القول بأنه قديم فهنا سنختلف لأن هذا القول باطل بل واضح البطلان.. وكلام الإمام أحمد بن حنبل لا يدل على هذا القول الباطل..

لكن لو كنت تقول به فعليك أن تجيب على هذا السؤال ولن أطيل عليك:

هل القرآن
كلام الله شيء غير الله أم أنه شيء داخل كجزء في الله تعالى؟..

هنا إن أجبت بأنه شيء غير الله فكل ما غير الله فهو مخلوق إجماعا.. وإن قلت بأنه جزء من الله فهل يعقل أننا حينما نتلو القرآن نتلو جزءا من الله عز وجل؟؟؟!!.. وهل يعقل أن يكون ما بين الدفتين في المصحف الشريف جزءا من الله تعالى؟؟!!!..

أكتفي بهذا المقدار حول مسألة خلق القرآن الكريم..

.

  عودة