النبوة لها معنيان: عام وخاص

بالمعنى العام:

 النبي هو الذي ينبيء عن الله، ويبلغ كلام الله. وما زلنا نسأل المسلمين عن الدليل على ان القرآن كلام الله!!!

دليل مثل؟

وهل الكتاب المقدس هو كلام الله؟ام بمسوقة الروح القدس والمفروض انها مع كل المؤمنين وليس يوحنا ومرقس وبلس فقط...صح؟

 

الدليل:-
يقول المسلمين ان القرآن كلام الله بدليل "الاعجاز". ولكن كما يقول الرافعي في (اعجاز القرآن ص 164) " وهل يُراد من اثبات الاعجاز للقرآن، إلا إثبات أنه كلام الله تعالى"؟ يعني انه منطق معكوس. ألمسلمون يثبتون ما يراد إثباته بدون برهان.

فما هو البرهان على ان القرآن هو كلام الله؟؟ وما البينه على صدق محمد انه ينقل كلام الله ذاته؟ وبما ان كلام الله لا يصلنا الا بواسطة بشر، وبكلام بشر، فالبينة على انه كلام الله لا تكون من ذاته. ولا تكون ايضا في واسطته، لئلا يشتبه الامر علينا بين كلام الخالق وكلام المخلوق، فالحقيقة في ذاتها واحدة، سواء كانت كلام الخالق ام كلام المخلوق.

والقول الفصل: إن كلام الله يأتينا على لسان بشر، وبلغة البشر، فلم يعد معجزا في ذاته. والقول بأن اعجاز القرآن معجزة له، لانه كلام الله، منطق معكوس، فهو يثبت بدون برهان ما يراد اثباته. فما البرهان أنه كلام الله؟؟؟ وما الدليل على صدق محمد في زعمه أنه كلام الله؟؟ " قل: هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين"!

وبالمعنى الخاص: النبي هو الذي ينبىء بالغيب المحجوب، غيب الخالق وغيب المخلوق. والقرآن واضح بشهادته لمحمد انه لا يعلم الغيب (الانعام 50) و(الاعراف 188).

فهذا الشرطين من شروط النبوة فشل فيها محمد.

هل المفروض أن يعلم النبي الغيب من تلقاء نفسه؟ام عن طريق وحي من الهام او وحي من الله؟فاذا كان جوابك هو عن طريق الله فما معنى"ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك"؟
اما اذا كان جوابك هو الثاني فهذا بالطبع سيعني دخولك في مجال الشرك عن طريق القول بأن الانبياء كانت لهم صفات الهيه نابعه من داخلهم وهم مصدره وليس مصدرها الله..

"ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك"؟؟؟ هل هذه مزحة؟

المشكلة أن قصص القرآن أكثره توراتي، لكنه يختلف أحيانا عما في التوراة. ومن السخف ضرب الكتاب ببعضه. فما سبب الفوارق القصصية ما بين القررآن والكتاب؟ يقول الاستاذ محمد عمر دروزة ( سيرة الرسول: 1:204): " القصص القرآني، منه ما كان عربيا غير توراتي كقصص هود وعاد، وصالح وثمود ومدين، ومنه ما كان توراتيا كقصص نوخ ولوط وموسى وفرعون مع بني أسرائيل، وداود وسليمان ويوسف الخ...وما ورد خصوصا في القرآن ولم يرد في التوراة من قصص أبراهيم ص. مع ابيه وقومه وأقوله ومواقفه ودعائه. وعدم ورودها في التوراة، مما يسوغ القول أنها كانت متداولا معروفا في أوساط العرب كمرويات ومنقولات عربية عن الاباء الى الابناء".

أجل، كانت متداولة معروفة في أوساط العرب، لكن ليس " كمرويات ومنقولات عربية عن الاباء الى الابناء" –
بل عن أهل الكتاب من يهود ونصارى اسرائيلين، الذين كانوا يروونها على حرف التلمود أكثر منه على حرف الكتاب. فما انفرد به قصص ابراهيم " مع ابيه وقومه وأقواله ومواقفه ودعاءه" عن التوراة، قد ورد مثله في التلمود. لذلك جاء القصص القرآتي ابن بيئته الكتابية العربية، أقرب الى التلمود منه الى الكتاب.

صلة القصص القرآني ببيئته العربية والكتابية:-

لم يكن القصص القرآني فكرة جديدة في بيئته العربية والكتابية. فالعربي مفطور على حب القصص والاساطير، وعلى حب الغزوات والرحلات وحديث السمر الدائم عليها. والشعر الجاهلي شاهد على تلك الميول؛ وقد وردت فيه اشارات الى قصص أحمر عاد، أو احمر ثمود، وقصص الجن مع سليمان " يبنون تدمر بالصفاح والعمد".

ولقد نقلت لنا الروايات كيف كان النضر بن الحارث يجلس الى الناس في فناء الكعبة، مثل محمد، ويقص عليهم اخبار فارس وقصص رستم واسفنديار، فيستحلون حديثه وينصرفون عن النبي.

وما جدال النبي والمسلمين والكتابين والمشركين في قصة أهل الكهف سوى دليل على ولع اهل مكة بالقصص والاساطير. واستفتاح بعض القصص بقوله: " ألم تر"
إشارة الى علم السامعين بالقصة المنقولة.

قال دروزة (القرآن المجيد): " إن ما ورد من قصص وأخبار متصلة بالامم السابقة وأحداثها:- "
لم يكن غريبا عن السامعين اجمالا، سماعا أو مشاهدة آثار، او اقتباسا، أو تناقلا، سواء منه ما هو موجود في الكتب المنزلةالمتداولة، مماثلا أو زائدا او ناقصا او مباينا لما جاءه القرآن وما لم يكن موجودا فيه".

ويقول دروزة (نفس المرجع ص: 166 و
170): " ولقد يرد سؤال عما اذا كان النبي يعرف ايضا القصص القرآنية قبل بعثته أو عن طريق الوحي ؛ وعما اذا لم يكن فيما نقرره تعارض معا مع نزول الوحي بها. والذي نعتقده أن النبي، خلافا لما قاله بعظهم، كان يعرف كثيرا مما يدور في بيئته من قصص الامم والانبياء السابيقن، وأخبارهم ومساكنهم واثارهم، سواء منها المذكور في أسفار التوراة والانجيل أو غيره ....بالاضافة الى ما كان يعرفه من أحوال سكان الجزيزة ايضا وتقاليدهم وافكارهم وعاداتهم واخبار اسلافهم. وان هذا هو المتسق مع طبيعة الاشياء".

" وان النبي قد اتصل قبل بعثته بالكتابين الموجودين في مكة وتحدث معهم حول كثير من الشؤون الدينية، وحول ما ورد في الكتب المنزلة، واستمع الى كثير مما احتوته....وحديث بدء الوحي البخاري صريح بأن النبي أجتمع بورقة بن نوفل الذي تنصر وقرأ العبرانية، وكان يقرأ الانجيل ويكتبه".

فالقصص القرآني متداول في بيئة النبي العربية الكتابية، وقول المشركين المتواتر أنه " أساطير الاولين
شاهد على ذلك.

وهذا المصدر الشعبي للقصص القرآني يحمل معه مشكلة أخرى: فمثلا، بعد قصة نوح
الشهيرة يقول القرآن: " تلك من انباء الغيب نوحيها اليك ، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر ان العاقبة للمتقين" (هود 49). وبعد قصة يوسف الشهيرة يقول: " ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك. وما كنت لديهم اذ جمعوا أمرهم وهم يمكرون" (يوسف 102). وبعد قصة مريم في آل عمران، وقد طبّقت آفاق الجزيزة، من الوف النصارى والمسيحين ، يقول: " ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك. وما كنت لديهم اذ يقولون ايهم يكفل مريم، وما كنت لديهم اذ يختصمون" (44). فكيف يقول انه من الغيب نوحيه اليك؟؟ وقد كانت متداولة بينهم من التوراة والانجيل، ومن التلمود والاناجيل المنحولة. وكيف يقول: " ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا" القرآن؟؟؟؟ وكيف يقول " لقد كان في يوسف واخوته آيات للسائلين ": انه اشكال ضخم كما يقول دروزة (القرآن المجيد ص 170): " إن في االايات الثلاث اشكالا ضخما يدعو الى الحيرة ولا يستطاع النفاذ الى الحكمة الربانية فيه نفوذا تاما".

وفي سورة الشعراء الايات 192، 196 و 197 عن مصدر القرآن يقول: إنه تنزيل رب العالمين بلسان عربي مبين، وانه لفي زبر الاولين (الجلالان: كتب الاوليين كالتوراة والانجيل) ويعلمه علماء بني اسرائيل:
فكيف هو تنزيل جديد وكيف هو في الوقت ذاته في زبر الاوليين؟؟؟ وما دخل علماء بني اسرائيل في القرآن، وكيف يعلمون ان القرآن في زبر الاوليين؟؟؟؟

المسيح كان يعلم الغيب من تلقاء نفسه، كما هو واضح في آيات كثيرة بالانجيل ( وبشهادة القرآن ايضا). . والغيب الذي نتكام عنه هو غيب المستقبل او غيب الماضي المحجوب الذي يحتاج الى الهام الهي او وحي لمعرفته. فالنبؤات الغيبية معجزة الهية من دلائل النبوة. ونحن بهذا الغيب لا نقصد بذلك " تنزيل" القرآن، بل ما يفرض ان يخبر به محمد من غيوب.

فقولك ان الغيب يتطلب الهام الهي للانبياء، وهذا ما نوافقك عليه، ولكن هذا الغيب الالهي لا دخل له بالقصص القرآني لانه لا يعتبر من علم الغيب لاسباب اوضحناها اعلاه.

وما يستخدمه المسامون مثل نبؤة ظهور الاسلام على الدين كله؛ استخلاف المسلمين في الارض؛ نبؤة النصر ببدر؛ الوعيد بهلاك كفار مكة، الخ الخ.... لا تدخل في دائرة علم الغيب لان القرآن واضح في تصريحه ان محمد لا يعلم الغيب. إنما هي من "متشابه" القرآن في اسلوبه البياني والصوفي.

وننقل لكم ما قاله الجويني في (الارشاد ص 331): " لا دليل على صدق النبي غير المعجزة. فإن قيل: هل في المقدور نصب دليل على صدق النبي
غير المعجزة؟ - قلنا: ذلك غير ممكن".

فما هي "معجزة محمد" لاثبات نبؤته؟؟؟؟؟؟؟

  عودة