من روائع التعجيز القرآنـــــــ (الضمائر) ــــــــــــي



في استعمال القرآن للضمائر اعجاز وتعجيز.

ففي الاتقان (للسيوطي 1: 178) قواعد ذكرها لاستعمال الضمائر:-

(
قاعدة) الاصل عود الضمير على اقرب مذكور. واختلف في قوله " أو لحم خنزير فإنه رجس" فمنهم من أعاده الى المضاف ومنهم من اعاده الى المضاف اليه.

(
قاعدة) والاصل توافق الضمائر في المرجع حذراً من التشتيت؛ ولهذا لما جوّز بعضهم في " ان اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم" ان الضمير في الثاني للتابوت وفي الاول لموسى؛ عابه الزمخشري وجعله تنافراً مخرجاً للقرآن عن اعجازه فقال: " والضمائر كلها راجعه الى موسى، ورجوع بعضها اليه وبعضها الى التابوت فيه هجنه، لما يؤدي اليه من تنافر النظم الذي هو أم اعجاز القرآن. وقال " ليؤمنوا بالله ورسوله ويعززوه ويوقروه ويسبحوه". ))) تضيع الضمائربين الله ورسوله(((؛ وقد يخرج عن هذا الاصل قوله: " ولا تستفتِ فيهم منهم احدا" فإن ضمير (فيهم) لاصحاب الكهف (ومنهم) لليهود، قاله ثعلب والمبرد. ومثله: " ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم، وضاق بهم ذرعا، قال ابن عباس: ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا باضيافه. وقوله: " الا تنصروهالاية" فيها اثنا عشر ضميرا كلها للنبي ص. الا ضمير (عليه) فلصاحبه، كما نقله السهيلي عن الاكثرين.

(
قاعدة) وجمع العاقلات لا يعود عليه الضمير غالبا الا بصيغة الجمع سواء كان للقلة او للكثرة نحو " والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن"؛ وورد الافراد في قوله: "والزوابع مطهرة" ولم يقل مطهرات.

(
قاعدة) اذا اجتمع في الضمائر مراعاة للفظ والمعنى بُدىء باللفظ ثم بالمعنى. هذه هو الجادة في القرآن...ولم يُبح في القرآن البداءة بالحمل على المعنى الا في موضع واحد " وقالوا: ما في بطون الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على ازواجنا" فأتت "خالصة" حملا على معنى (ما) ثم راعى اللفظ فقال "محرم".

(
قاعدة) في التذكير والتأنيث: التأنيث ضربان حقيقي وغيره. فالحقيقي لا تحذف منه تاء التأنبث من فعله غالبا، واما غير الحقيقي فالحذف مع الفصل احسن. وكل اسماء الاجناس يجوز فيها التذكير حملا على الجنس، والتأنيث حملا على الجماعه كقوله: "اعجاز نخل خاوية...اعجاز نخل منقعر...ان البقر تشابه علينا (وقرىء) تشابهت علينا. السماء منفطر به...اذا انفطرت السماء...جاءتها ريح عاصف...ولسليمان الريح عاصفة".

"
فإن القرآن العظيم، كما جاء في الآثر، لا تنقضي عجائبه" (الاتقان 2: 105).

 

 من روائع التعجيز القرآني (في التعريف والتنكير)

قال السيوطي: (قاعدة) اعلم ان لكل منهما مكاناً لا يليق بالآخر.
اما التنكير فله اسباب: ارادة الوحدة او النوع، والتعظيم او التحقير، والتنكير او التقليل، مثل قوله: { سبحان الذي اسرى بعبده ليلا}:
الليل كله ام جزء منه؟

واما التعريف فله اسباب: ارادة الاضمار او العلمية، او لتعظيم او اهانة، والتعريض او التعظيم بالبعد نحو { ذلك الكتاب لا ريب فيه}، او ارادة الخصوص او العموم، وللاستغراق حقيقة او مجاز –
وقد اشكل عليه قوله: {قل هو الله أحد، الله الصمد}: ما الحكمة من تنكير أخد، وتعريف الصمد؟ - في ذلك اقوال. وقد ينتج عن ذلك غموض ايضا مثل قوله: {الله الذي خلقكم من ضعف، ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة} فان المراد بالضعف الاول النطفة وبالثاني الطفولية وبالثالث الشيخوخة.

(القاعدة) انه اذا ذكر الاسم مرتين، وكان في كلتيهما معرفة الثاني هو الاول غالبا نحو {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين}.
وشذ عنها قوله: {هل جزاء الاحسان الا الاحسان} فإنهما معرفتان والثاني (بمعنى الثواب) غير الاول (بمعنى العمل)؛ وقوله {النفس بالنفس} الى آخر الاية، فالثانية عكس الاولى: القاتلة بالمقتولة؛ وقوله: { هل آتى على الانسان(آدم) حين من الدهر...إنا خلقنا الانسان (اولاد آدم) من نطفة امشاج} والثاني غير الاول؛ وقوله: {وكذلك انزلنا اليك الكتاب (القرآن) فالذين آتيناهم الكتاب} والثاني غير الاول.

(والقاعدة) ايضا ان كان الاسمان نكرتين فالثاني غير الاول غالبا،
وشذ عنها قوله: { وهو الذي في السماء إله، وفي الارض إله} ، وقوله {يسألونك عن الشهر الحرام: قتال فيه. (قل قتال فيه كبير) }: فإن الثاني غير الاول وهما نكرتان.

(والقاعدة) إن كان الاول نكرة والثاني معرفة فالثاني معرفة حملا على العهد نحو {ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول}.
وشذ عنها اقواله: {ان يصالحا بينهم صلحا. والصلح خير. ويؤت كل ذي فضل فضله. ويزيدكم قوة الى قوتكم. ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم. زدناهم عذابا فوق العذاب. وما يتبع اكثرهم الا ظنا إن الظن...} فان الثاني غير الاول.

ولهم في تفسير هذا الغريب اوجه واقوال،
واللسان العربي المبين لا يحتاج الى اوجه، وتعدد اقوال فيه.

{فإن القرآن العظيم، كما جاء في الاثر،،
لا تنقضي عجائبه} (السيوطي)

 

من روائع التعجيز القرآني ( تشابه النظم والمعنى)

"
في معرفة إعرابه" (الاتقان 1: 180)

يقول: " من فوائد (اعرابه) معرفة المعنى، لأن الاعراب يميز المعامي، ويوقف على أغراض المتكلمين"

ففي باب تشابه النظم والمعنى:-

وان "أول واجب عليه ان يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردا أو مركبا قبل الاعراب، فإنه فرع المعنى".

وقد تشابه قوله: " وإن كان رجل يُورتُ كلالةً" (النساء 12). قال: "انه يتوقف على المراد بها: فإن كان اسماً للميت فهو حالُ (يورث) خبر كان؛ أو صفة وكان تامة أو ناقصة وكلالة الخبر. أو للورثة فهو على تقدير مضاف اليه اي (ذا كلالة) وهو أيضا حال أو خبر كان كما تقدم. أو للقرابة فهو مفعول لاجله".

وقد تشابه قوله: "قالوا يا شعيب، أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آبائنا، أو نفعل في أموالنا ما نشاء" (هود 86) فظاهر اللفظ " أو نفعل في أموالنا ما نشاء" معطوف على "أن نترك"، وذلك باطل لانه لم يأمرهم ان يفعلوا بأموالهم ما يشاؤون، وانما هو عطف على ما هو معمول للترك، والمعنى ان نترك ان نفعل. "وموجب الوهم المذكور (أن) والفعل مرتين وبينهما حرف عطف".

وهناك امثلة اخرى لمن اراد المزيد، " فإن القرآن العظيم، كما جاء في الاثر، لا تنقضي عجائبــــــــــــــه"! (السيوطي).

كان الجاحظ، بعد معلمه النظّام، أول مَن أفرد لاعجاز القرآن فصولا، خاصة في رسالته "حجج النوة". وما نقله السيوطي عنه ما زالوا يتقولونه الى اليوم، كما يفعل عبد الكريم الخطيب (اعجاز القرآن: 1: 138): " بعث الله محمد ص. أكثر ما كانت العرب شاعراً وخطيباً، وأحكم ما كانت لغة، وأشد ما كانت عُدة، فدعا أقصاها وأدناها الى توحيد الله، وتصديق رسالته. فدعاهم بالحجة. فلما قطع العذر، وأزال الشبهة، وصار الذي يمنعهم من الاقرار الهوى والحمية، دون الجهل والحيرة، حملهم على حظهم بالسيف، فنصب لهم الحرب ونصبوا له. وقتل من عِلّيتهم وأعمامهم وبني اعمامهم، وهو في ذلك يحتج عليهم بالقرآن، ويدعوهم صباح مساء الى أن يعارضوه إن كان كاذبا، بسورة واحدة، أو بآيات يسيرة. فكلما ازداد تحديا لهم وتقريعا لعجزهم عنها، تكشّف عن نقصهم ما كان مستورا، وظهر منه ما كان خفيا. فحين لم يجدوا حيلة ولا حجة قالوا: أنت تعرف من أخبار الأمم ما لا نعرف فلذلك يمكنك ما لا يمكننا. فهاتوها مفتريات"!

ما يرددونه عن الجاحظ هو ما يجعل معجزة الاعجاز مشبوهة.

فمن المتواتر ان محمدا كان على ثقافة عالية " يعرف من اخبار الامم " ما لا يعرفون.

 

لكي يصح التحدي بشريعة كأنها معجزة، يجب ان تكون أحكامها من الشرع المنزل المحكم الذي لا مجال فيه لراي او اجتهاد.

 

 من روائع التعجيز القرآنـــــ في عامّه وخاصه ــــــــــــــــي

1- قال السيوطي (الاتقان 2: 16
): العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر. وصيغة: "كل" مبتدئة أو تابعة؛ "والذي والتيوتثنيهما وجمعهما، "وأي ما ومن" شرطاً واستفهاما وموصولا؛ والجمع المضاف؛ والمعرف بأل؛ واسم الجنس المضاف؛ والمعرّف بأل؛ والنكرة في سياق النفي والنهي، وفي سياق الشرط، وفي سياق الامتنان.

" والعام على ثلاثة اقسام: الاول الباقي على عمومه؛ قال جلال الدين البلقيتي: ومثاله عزيز اذ ما من عام الا ويتخيل فيه التخصيص. وذكر الزركشي في البرهان انه كثير في القرآن. هذا في الاحكام العامة، وذاك في الاحكام الفرعية سوى قوله "حرمت عليكم امهاتكم" فانه لا خصوص فيها. الثاني العام المراد به الخصوص؛ والثالث العام المخصوص. وللناس بينهما فروق: الاول لم يرد شموله لجميع الافراد لا من جهة تنازل اللفظ ولا من جهة الحكم، بل هو ذو افراد استعمل في فرد منها. والثاني أريد عمومه وشموله لجميع الافراد من جهة تناول اللفظ لها، لا من جهة الحكم. ومنها ان الاول مجاز قطعا لنقل اللفظ الى موضوعه الاصلي بخلاف الثاني فإن فيه مذاهب، اصحها انه حقيقة. ومنها ان قرينة الاول عقلية والثاني لفظية. ومنها ان قرينة الاول لا تنفك عنه وقرينة الثاني قد تنفك عنه. ومنها ان الاول يصح ان يراد به واحد اتفاقا، وفي الثاني خلاف.

ومن امثلة الثاني المراد به الخصوص قوله: " ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" والقائل واحد لقوله "انما ذلكم الشيطان"، فوقعت الاشارة بقوله "ذلكم" الى واحد. ومنها قوله: "أم يحسدون الناس" أي رسول الله. ومنها قوله: "ثم افيضوا من حيث أفاض الناس" المقصود ابراهيم. ومنها قوله: فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب" اي جبريل.

2- أما المخصوص فأمثلته في القرآن كثيرة جدا، وهي أكثر المنسوخ إذ ما من عام الا وقد خُص. ثم المخصص له إما متصل وإما منفصل. فالمتصل خمسة وقعت في القرآن، احدها الاستثناء نحو "والشعراء يتبعهم الغاوون الا الذين آمنوا"؛ الثاني الوصف نحو "وربابئكم اللاتي في حجوركم"؛ الثالث الشرط نحو "كتب عليكم – اذا حضر احدكم الموت، ان ترك خيراً، الوصية"؛ الرابع الغاية نحو " ولا تقربوهن حتى يتطهرن"؛ الخامس بدل البعض من الكل نحو "والله على الناس الحج، من استطاع اليه سبيلا". والمنفصل
: آية اخرى في محلّ آحر أو حديث أو إجماع أو قياس.

فمن امثلة ما خص (في القرآن): " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" خص بقوله "اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة"؛ وبقوله " وأولاتُ الاحمال أجهلن ان يضعن حملهن" و " حرمت عليكم الميته والدم" خص من الميته السمك بقوله " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيلرة"؛ ومن الدم: الجامد، بقوله " أو دماً مسفوحاً". و " آتيتم إحداهن من قنطار فلا تأخذوا منه شيئا" خص بقوله "فلا جناح عليها فيما افتدت به". ,"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة" خص بقوله " فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب". وقوله "فانكجوا ما طاب لكم من النساء" خص يقوله " حُرمت عليكم امهاتكم".

فهل التخصيص يأتي قبل التشريع، في محل آخر من القرآن، هل هو من الاعجاز؟


ومن امثلة ما خص (في الحديث) قوله "وأحل الله البيع" خص منه البيوع الفاسدة وهي كثيرة، بالسنّة. وحرم الربا، خص منه العرايا بالسنّة. وآيات المواريث منها القاتل والمخالف في الدين، بالسنّة. وآية تحريم الميته، حص منها الجراد بالسنّة. وآية "ثلاثة قروء" خص منها "الامة" بالسنّة. وقوله "ماء طهورا" خص منه المتغير، بالسنّة. وقوله "السارق والسارقة فاقطعوا" خص منه سرق دون ربع دينار، بالسنّة...

فهذا التخصيص بالسنّة على تشريع القرآن هل هو من الاعجاز؟

ومن امثلة ما حص بالاجماع آية المواريث: خص منها الرقيق فلا يرث بالاجماع، ذكره مكّي.

ومن امثلة ما خص بالقياس آية الزنا " فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة" خص منها العبد، بالقياس على الأمَة المنصوصة في قوله " فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" المخصص لعموم الآية، ذكره مكي ايضا.

قهل التخصيص بالاجماع او بالقياس على تشريع القرآن من معجز التنزيل؟



ثم يورد السيوطي فروعا منثورة تتعلق بالعموم والخصوص:

"الاول اذا سيق العام للمدح او الذمفهل هو باق على عمومه؟ - فيه خلاف ومذاهب."

"الثاني اختلف في الخطاب الخاص به ص. نحو "يا ايها النبي! يا ايها الرسول" هل يشمل الامة؟ فقيل نعم لان امر القدوة أمر لاتباعه معه عرفا. والاصح في الاصول المنع لاختصاص السغه به.

"والثالث اختلف في الخطاب "يا ايها الناس" هل يشمل الرسول؟ على مذاهب، اصحها وعليه الاكثرون: نعم لعموم الصيغه له، والثاني: لا لانه ورد على لسنانه لتبليغ غيره ولما له من الخصائص. والثالث ان اقترن "بقل" لم يشمله لظهوره على التبليغ وذلك قرينة عدم شموله، وإلا فيشمله".

"والرابع تلاصح في الاصول ان الخطاب " يا ايها الناس" يشمل الكافر والعبد لعموم اللفظ؛ وقيل لا يعم الكافر بناء على عدم تكليفه بالفروع، ولا العبد لصلرف منافعه الى سيده شرعا.

"والخامس اختلف في " مَن" هل يتناول الانثى؟ فالاصح نعم، خلافا للحنيفية لقوله " ومَن يعمل من الصالحات ذكر أو انثلى" فالتفسير دال على تناول "من" لهما. واختلف في جمع المذكر السالم هل يتناولهما؟ فالاصح لا، وانما يدخلن بقرينة. أما المكسّر، فلا خلاف في دخولهن فيه.

"والسادس اختلف في الخطاب " يا اهل الكتاب" هل يشمل المؤمنين؟ فالاصح لا، لأن اللفظ قاصر على مَن ذكر. وقيل ان شاركوهم في المعنى شملهم وإلا فلا. واختلف في " يا ايها الذين آمنوا" هل يشمل اهل الكتاب؟ فقيل لا، بنلء على انهم غير مخاطبين بالفروع؛ وقيل نعم لانه خطاب تشريف لا تخصيص".

فهل كل هذه الاختلافات في فهم القرآن من معجز البيان؟


"فإن القرآن العظيم، كما جاء في الآثر، لا تنقضي عجائبه" (الاتقان 2: 103.)

 

استعمال القرآن للضمائر

في استعمال القرآن للضمائر اعجاز وتعجيز.

ففي الاتقان (للسيوطي 1: 178) قواعد ذكرها لاستعمال الضمائر:-
(قاعدة) الاصل عود الضمير على اقرب مذكور.

واختلف في قوله " أو لحم خنزير فإنه رجس" فمنهم من أعاده الى المضاف ومنهم من اعاده الى المضاف اليه.

(قاعدة) والاصل توافق الضمائر في المرجع حذراً من التشتيت؛ ولهذا لما جوّز بعضهم في " ان اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم" ان الضمير في الثاني للتابوت وفي الاول

لموسى؛ عابه الزمخشري وجعله تنافراً مخرجاً للقرآن عن اعجازه فقال: " والضمائر

كلها راجعه الى موسى، ورجوع بعضها اليه وبعضها الى التابوت فيه هجنه، لما يؤدي اليه من تنافر النظم الذي هو أم اعجاز القرآن. وقال " ليؤمنوا بالله ورسوله ويعززوه

ويوقروه ويسبحوه". الضمائر لله تعالى، والرسول؛ وقد يخرج عن هذا الاصل قوله: " ولا تستفتِ فيهم منهم احدا" فإن ضمير (فيهم) لاصحاب الكهف (ومنهم) لليهود، قاله ثعلب والمبرد. ومثله: " ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم، وضاق بهم ذرعا، قال ابن عباس: ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا باضيافه. وقوله: " الا تنصروه – الاية" فيها اثنا عشر ضميرا كلها للنبي ص. الا ضمير (عليه) فلصاحبه، كما نقله السهيلي عن الاكثرين.

(قاعدة) وجمع العاقلات لا يعود عليه الضمير غالبا الا بصيغة الجمع سواء كان للقلة او للكثرة نحو " والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن"؛ وورد الافراد في قوله: "والزوابع مطهرة" ولم يقل مطهرات.

(قاعدة) اذا اجنمع في الضمائر مراعاة للفظ والمعنى بُدىء باللفظ ثم بالمعنى. هذه هو الجادة في القرآن...ولم يُبح في القرآن البداءة بالحمل على المعنى الا في موضع واحد " وقالوا: ما في بطون الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على ازواجنا" فأتت "خالصة" حملا على معنى (ما) ثم راعى اللفظ فقال "محرم".

 (قاعدة) في التذكير والتأنيث: التأنيث ضربان حقيقي وغيره. فالحقيقي لا تحذف منه ناء التأنبث من فعله غالبا، واما غير الحقيقي فالحذف مع الفصل احسن. وكل اسماء الاجناس يجوز فيها التذكير حملا على الجنس، والتأنيث حملا على الجماعه كقوله: "اعجاز نخل خاوية...اعجاز نخل منقعر...ان البقر تشابه علينا (وقرىء) تشابهت علينا. السماء منفطر به...اذا انفطرت السماء...جاءتها ريح عاصف...ولسليمان الريح عاصفة".

" فإن القرآن العظيم، كما جاء في الآثر، لا تنقضي عجائبه" (الاتقان 2: 105).

 

 

المبالغة أو الافراط في الصفة

وهي أن يذكر المتكلم وصفاً فيزيد فيه حتى يكون المعنى الذي قصده ابلغ وهي نوعان: معنوية بالوصف ذاته نحو " يكاد زيتها يضيء لو لم تمسه" أو " لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل من سم الخياط" ولفظية بالصيغة أي باحدى صيغ المبالغة وهي فعلان كالرحمان، فعيل كالرحيم، فعال كالثواب، وفعول كغفور أو ودود، وفعل كأشر أو حذر، وفعال كعجاب، وفعل مثل كبر، وفعلى كالعليا والحسنى والشورى والسوأى.

 

ورد أشكال على المبالغة القرانية في صفات الله على صيغ المبالغة: وُضعت للمبالغة ولا مبالغة في صفات الله. والمبالغة أن تثبت للشيء مما له وصفاته تعالى متناهية في الكمال والمبالغة تكون في صفات تقبل الزيادة والنقصان وصفات الله منزهه عن ذلك. فما معنى قوله: "والله على كل شيء قدير" وقدير من صيغ المبالغة فيستلزم الزيادة على معنى قادر وهو مستحيل في الله؟؟

عودة