يوحنا المعمدان: أو يحي المغطس

من بشارات متَّى ومرقس ولوقا ويوحنا

جبرائيل الملاك يبشر بولادته

كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا وامرأته من بنات هرون واسمها أليصابات. وكانا كلاهما بارين أمام الله ولم يكن لهما ولد إذ كانت أليصابات عاقرا وكانا كلاهما متقدمين في أيامهما. فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله في الهيكل، كان جمهور الشعب يصلون خارجا، فظهر له ملاك الله واقفا عن يمين مذبح البخور. فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف. فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا، و يكون عظيما أمام الله، وخمرا ومسكرا لا يشرب ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الله، ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ لله شعبا مستعدا. فقال زكريا للملاك كيف أعلم هذا لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها. فأجاب الملاك وقال له: أنا جبرائيل الواقف قدام الله، وأُرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا، وها أنت تكون صامتا ولا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذي يكون فيه هذا لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته. وكان الشعب منتظرين زكريا ومتعجبين من إبطائه في الهيكل. فلما خرج لم يستطع أن يكلمهم. ففهموا أنه قد رأى رؤيا في الهيكل. فكان يومئ إليهم، وبقي صامتا وبعد تلك الأيام حبلت أليصابات امرأته.

 

 

زيارة مريم العذراء لأليصابات وهي حبلى

فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا، ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات. فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت أليصابات من الروح القدس، وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن أين لي هذا أن تأتى أم ربي إلى، فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني، فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الله.

س: لماذا ارتكض يوحنا النبي وهو جنين في بطن أمه، أمام سيدنا المسيح وهو مازال في بطن أمه مريم؟ ارتكض يوحنا حبا وإجلالاً لروح الله وكلمته اللذين تجسدا في شخص السيد المسيح.

 

ولادة يوحنا

وأما أليصابات فتم زمانها لتلد فولدت ابنا، وسمع جيرانها وأقرباؤها أن الله عظم رحمته لها ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا، فأجابت أمه وقالت لا بل يسمى يوحنا. فقالوا لها ليس أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم. ثم أومأوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمى. فطلب لوحا وكتب قائلا اسمه يوحنا فتعجب الجميع، وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله. فوقع خوف على كل جيرانهم وصارت هذه الأمور موضوع الحديث في كل جبال اليهودية، فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين أترى ماذا يكون هذا الصبي. وكانت يد الله معه. وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلا: مبارك الله لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه يذكر عهده المقدس، القسم الذي حلف لإبراهيم أبينا، وأنت أيها الصبي نبي العلي تدعى لأنك تتقدم أمام وجه الله لتعد طرقه، لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم، بأحشاء رحمة إلهنا التي بها افتقدنا، أما الصبي فكان ينمو ويتقوى بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل.

س: لماذا أطلق لقب المعمدان (أو المغطس) على يوحنا النبي؟ لأنه كان يقوم بتعميد أو تغطيس الذين يطلبون التوبة ومغفرة خطاياهم. وذلك كرمز لتطهير قلوبهم.

 

شهادة يوحنا عن المسيح

وكان يوحنا يلبس وبر الإبل ومنطقة من جلد على حقويه ويأكل جرادا وعسلا بريا، وكان يكرز قائلا يأتي بعدي من هو أقوى مني الذي لست أهلا أن انحني وأحل سيور حذائه. أنا عمدتكم بالماء وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس. وفي تلك الأيام جاء المسيح من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن، وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السماوات قد انشقت والروح مثل حمامة نازلا عليه، وكان صوت من السماوات أنت ابني الحبيب الذي به سررت.

يوحنا شهد له ونادى قائلا هذا هو الذي قلت عنه أن الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان قبلي، ومن ملئه نحن جميعا أخذنا ونعمة فوق نعمة. لان الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فبالمسيح صارا. الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي هو في حضن الأب هو خبر. أنا صوت صارخ في البرية قَوِّموا طريق الله كما قال إشعياء النبي وفي الغد نظر يوحنا المسيح مقبلا إليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم وشهد يوحنا قائلا إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه، وأنا لم اكن اعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله. وفي الغد أيضا كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه، فنظر إلى المسيح ماشيا فقال هوذا حمل الله، فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا المسيح.

شهادة المسيح عنه

وابتدأ المسيح يقول للجموع عن يوحنا ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا؟ أإنسانا لابسا ثيابا ناعمة؟ هوذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيوت الملوك. أنبيا؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبي. فإن هذا هو الذي كتب عنه ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك. الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ولكن الأصغر، في ملكوت السماوات اعظم منه لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا. وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي.

تواضع يوحنا

فجاءوا إلى يوحنا وقالوا له يا معلم هوذا الذي كان معك في عبر الأردن الذي أنت قد شهدت له هو يعمد والجميع يأتون إليه. أجاب يوحنا وقال: لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئا إن لم يكن قد أعطى من السماء. انتم أنفسكم تشهدون لي أنى قلت لست أنا المسيح بل إني مرسل أمامه. ينبغي أن ذلك يزيد وأنى أنا انقص. الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الأرض هو أرضي ومن الأرض يتكلم الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع، وما رآه وسمعه به يشهد وشهادته ليس أحد يقبلها، ومن قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق، لان الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله ، الأب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله.

 

استشهاد يوحنا

هيرودس (رئيس الربع) أمسك يوحنا وأوثقه وطرحه في سجن من اجل هيروديا امرأة فيلبس أخيه، لان يوحنا كان يقول له لا يحل أن تكون لك. ولما أراد أن يقتله خاف من الشعب لأنه كان عندهم مثل نبي. ثم لما صار مولد هيرودس رقصت ابنة هيروديا في الوسط فسرت هيرودس، من ثم وعد بقسم انه مهما طلبت يعطيها. فهي إذ كانت قد تلقنت من أمها قالت أعطني ههنا على طبق رأس يوحنا المعمدان، فاغتم الملك ولكن من اجل الأقسام والمتكئين معه أمر أن يعطى. فأرسل وقطع رأس يوحنا في السجن، فأحضر رأسه على طبق ودفع إلى الصبية فجاءت به إلى أمها.

س: لماذا طلبت راقصة من الملك هيرودس قطع رأس يوحنا؟ لأن ذلك الملك كان يريد أن يتزوج أمها التي هي زوجة أخيه في نفس الوقت. الأمر الذي كان يوحنا يقول بأنه لا يجوز.

س: وكيف تصف موقف هيرودس وقت طلب الراقصة قطع رأس يوحنا؟ لابد وأنه أدرك ضرورة أن يختار بين التمادي في عناده أو التنازل عن كبريائه وتصحيح خطئه.

 

المسيح يبدأ خدمته

فتقدم تلاميذه ورفعوا الجسد ودفنوه ثم أتوا وأخبروا المسيح. فلما سمع المسيح انصرف من هناك في سفينة إلى موضع خلاء منفردا فسمع الجموع وتبعوه مشاة من المدن. في ذلك الوقت سمع هيرودس خبر المسيح، فقال لغلمانه هذا هو يوحنا المعمدان قد قام من الأموات ولذلك تعمل به القوات.

س: لماذا ظن هيرودس أن يوحنا قام من الموت، عندما بدأ سيدنا المسيح رسالته ومعجزاته؟ لأنه كان يعرف تقوى يوحنا واتصاله الوثيق بالله القادر على أن يقيم يوحنا من موته.

عودة للصفحة الرئيسية