هل البارقليط نبوة عن محمد (أو أحمد)؟

في المقارنة بين الكتاب المقدس والقرآن استفاض د. بوكاي (ص 125 - 129) في معالجة إنجيل يوحنا أصحاحات 14-16 التي تتحدث عن مجيء البارقليط. ولم تحظَ أية آيات كتابية أخرى من د. بوكاي بمثل هذه الاستفاضة إلا سلسلة النسب، وتكوين 1.

وفي هذه الصفحات الخمس، وبعد أن يقول د. بوكاي إنه اقتبس كل الآيات المتصلة بالموضوع، يقدم ستة انتقادات على صدق هذا النص الإنجيلي، فيقول إن بعض الحقائق قد غابت من الإنجيل، وإن بعض الكلمات قد أُضيفت، وإن الكلمات اليونانية استُخدمت بطريقة خاطئة، وإن معظم الترجمات للنص الأصلي خاطئة. وهذه انتقادات خطيرة قدَّمها د. بوكاي بمهارة حتى تحسب أنها مستندة إلى دراسات علمية صحيحة. ولذلك سندرس هذه الانتقادات الستة، ونضيف إليها ادّعاءً سابعاً باطلاً.

1 - خطأ في تهجئة كلمة بارقليط

يؤمن المسيحيون أن كلمة بارقليط (في اليونانية Paracletos) تشير إلى روح الله القدوس الذي يسكن في كل مؤمن ليعينه لينتصر على الخطية. وهو بالطبع ليس الملاك جبريل. ولكن علماء المسلمين قالوا إن هذه نبوَّة خاصة بمحمد، لأن سورة الصف 61:6 تقول: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي ا سْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ .

والاسم أحمد (الأكثر حمداً) ومحمد (المحمود) يجيئان من نفس جذر كلمة حمد . ولذلك يعتقد المسلمون أن هذه نبوة قالها المسيح عن مجيء محمد. وقاموا بدراسات مفصَّلة في هذا عبر السنين. وقال عبد الله يوسف علي (مترجم القرآن إلى الإنكليزية) تعليقاً على سورة الصف 6 أحمد أو محمد، أي المحمود هي ترجمة تقريبية للكلمة اليونانية Paraclytos , وفي إنجيل يوحنا الحالي 14:16 و15:26 و16:7 نجد كلمة المعزي ترجمة لكلمة Paracletos ويعتقد علماؤنا أن كلمة Paracletos قراءة محرّفة لكلمة Paraclytos أن في كلمات المسيح الأصلية نبوَّة بالاسم عن نبينا أحمد .

ولنا على هذا ثلاثة تعليقات:

معروف أن التشكيل في اللغة اليونانية يجيء كجزءٍ من كتابة الكلمة نفسها، فليس في اليونانية فتحة وكسرة، وعليه فإن تغيير كلمة Paraclytos لتصبح Paracletos يعني تغيير ثلاثة حروف موجودة في أصل الكلمة.

لا يوجد أي برهان على حدوث تغيير في القراءة الأصلية، فكل مخطوطة عندنا لإنجيل يوحنا، من أقدم مخطوطة ترجع إلى عام 200م وإلى يومنا هذا نجد القراءة Paracletos, وإذا تأملت صورة 7 (وهي للبردية P75 وتعود إلى عام 200م) سترى يوحنا 14:9-26 وقد جاءت الكلمة الأخيرة في الصفحة باليونانية Paracletos (وهي من آية 26). أما آية 16 فقد تلفت جزئياً، ولكن في منتصف السطر (وقد أشرنا إلى ذلك بسهمين) ترى Paracl, ففي الحالة الأولى ترى الكلمة كاملة. وفي الحالة الثانية ترى حرفين من الثلاثة يبرهنان صحة القراءة الحالية.

لقد ذكر هوميروس (الشاعر الإغريقي القديم) كلمة Paraclytos (ومعناها مشهور أو معروف) في كتابه الإلياذة والأوديسا باليونانية الفصحى في القرن العاشر ق م. ولكن هذه الكلمة لم ترد أبداً بأي صورة من الصور في العهد الجديد، ولا في ترجمة التوراة لليونانية المعروفة بالسبعينية. وعليه فلا يوجد أي برهان لغوي أو نصّي يساند القراءة Paraclytos,

2 - تعليقات لا معقولة:

نلاحظ اللامعقولية في تعليقات د. بوكاي المبدئية، كما نلاحظها في الآيات المبتورة التي اقتبسها من إنجيل يوحنا. ونناقش هنا هاتين النقطتين:

(أ) ملاحظات د. بوكاي المبدئية:

وضع د. بوكاي تعليقاته على كلمة Paraclet تحت عنوان رئيسي هو تناقضات وأمور غير معقولة في الروايات وهو بذلك يوحي لقارئه أن يفترض وجود التناقضات واللامعقول في ما سيقرأه. ثم يقول تلك الرواية التي لا نجد لها أثراً في الأناجيل الأخرى (مع أنها) تعالج مسائل أساسية وآفاق مستقبل ذات أهمية بالغة (ص 125). ثم يصل د. بوكاي إلى سؤالين انتقاديين:

هل كان النص موجوداً أولاً عند البشيرين الثلاثة الأوَّلين؟ ألم يُحذَف فيما بعد؟ .

وبدون أن يورد دليلاً واحداً على الحذف، يسارع بإضافة سؤال آخر:

ولماذا؟

وهكذا بدون حقائق، وبغير براهين على الاتهام، يختلق تناقضاً ويدَّعي أن المسيحيين حذفوا من الإنجيل!

ثم يقول: ولنقُل فوراً إنه لا يمكن الإتيان بأية إجابة. فاللغز مستغلَقٌ تماماً!

وفجأة، وبدون برهان ولا وجه حقّ يواجهنا د. بوكاي بأننا أمام لغزٍ. لاحظ أني لم أقُل بدون قوة بل قلتُ بدون حق فهناك كلمات قوية تؤثر في مستمعها، ولكنها بلا حق، لعدم وجود برهان يساندها. عن مثل هذه الكلمات الجوفاء قال المسيح كُلُّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ الدِّينِ (متى 12:36).

لقد أخطأ د. بوكاي في قوله إن هذه الحقيقة ذات الأهمية البالغة وردت في إنجيل واحد، رغم أن البشير لوقا (بغير أن يذكر كلمة Paraclete) يخبرنا عن وعد المسيح لتلاميذه بحلول الروح القدس، ثم تحقيق الوعد في سفر الأعمال أصحاحي 1و2.

يبدو أن د. بوكاي يظن أن الله القادر على كل شيء لا بد أن يكلّف أكثر من كاتب ليدوّن الحادثة الواحدة. وهو يتغافل عن أن القرآن كله جاء من خلال نبي الإسلام وحده، كما أنه يتغافل أن قصصاً كثيرة لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة، كقصة أهل الكهف مثلاً.. حتى ما جاء في القرآن عن أحمد ورد مرة واحدة!.. فهل نقول إن في هذا لغزاً مستغلقاً؟.. من يقبل منطق د. بوكاي هذا؟

ولو تعاملنا بمنطق د. بوكاي، سنقول: إن الحقيقة التي وردت في أكثر من إنجيل لا بد وأن تكون صادقة.. لقد وردت قصة الصليب لفداء البشر وغفران خطاياهم، وقيامة المسيح الظافرة من القبر، في كل الأناجيل بالإضافة إلى كتابات الرسول بولس! وهذه شهادة في غاية القوة على حقيقة موت المسيح الكفاري وقيامته المجيدة.

(ب) الآيات الإنجيلية التي اقتبسها د. بوكاي:

اقتبس د. بوكاي الآيات التالية عن البارقليط (ص 125 و126):

إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً (بارقليط) آخَرَ (يوحنا 14: 15 و16).

وَأَمَّا المُعَزِّي (البارقليط) الرُّوحُ القُدُسُ، الذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ (يوحنا 14:26).

فَهُوَ يَشْهَدُ لِي (يوحنا 15:26).

خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لَا يَأْتِيكُمُ المُعَزِّي (البارقليط) وَل كِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ العَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.. .

وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الحَقِّ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي .. ,

(يوحنا 16:7 و8 و13 و14).

ويختم د. بوكاي اقتباسه هذه الآيات بقوله: ويُلاحظ أن الفقرات التي لم تُذكر هنا من الأصحاحات 14-16 من إنجيل يوحنا لا تغير مطلقاً من المعنى العام للفقرات المذكورة (ص 126).

3 - النص صحيح

يقول د. بوكاي: إن وجود كلمتي الروح القدس في النص الذي نملكه اليوم قد يكون نابعاً من إضافة لاحقة إرادية تماماً، تهدف إلى تعديل المعنى الأول لفقرة تتناقض، بإعلانها بمجيء نبي بعد المسيح، مع تعاليم الكنيسة المسيحية الوليدة، التي أرادت أن يكون المسيح هو خاتم الأنبياء (ص 129).

ويقول أيضاً إن أي نقد جاد للنصوص يبدأ بالبحث عن الاختلافات النصية وهو يقصد بذلك أن يقول إن التعبير الروح القدس قد أُدخِل إلى النص في ما بعد. ولقد ناقشنا هذه النقطة في فصل 3 من القسم الثالث، ووصلنا إلى وجود أخطاء من بعض النسّاخ، تمَّ اكتشافها من مقارنة المخطوطات.

فهل هناك اختلاف في قراءة يوحنا 14:26؟ نعم. هناك اختلاف واحد، وذلك في الترجمة إلى السريانية في القرن الرابع أو الخامس الميلادي، لأنها تحذف الصفة، وتكتفي بكلمة الروح فقد جاءت بها قراءة الآية وأما المعزي، الروح، الذي سيرسله الآب باسمي.. . فما هو وزن هذا الاختلاف في الترجمة؟ لقد كتب يوحنا إنجيله باليونانية. فإذا فحصنا البرديات اليونانية القديمة بين عامي 200 و400م لوجدنا القراءة الروح القدس . وهكذا جاءت في النسخة السينائية والفاتيكانية (350م) والإسكندرية (450م). هذا يشبه وجود اختلاف في ترجمة القرآن إلى الفارسية قامت به لجنة عام 345 هـ ، لا زلنا نجد منها نسخاً إلى يومنا هذا. فما هي قيمة هذا الاختلاف الوارد في ترجمة القرآن للفارسية؟! أنه لا يؤثر على عقيدة ولا على شريعة ولا على ممارسة دينية. إنه مجرد خطأ مترجم أو ناسخ.

ويوافق د. بوكاي على إمكانية وقوع خطأ من النساخ، فيسأل:

فهل هذا مجرد نسيان من قِبَل الناسخ؟ . ولكنه أراد أن يقول إن الناسخ تعمَّد الخطأ، فمضى يقول أو أنه لم يجرؤ على كتابة ما بدا له أنه أمر غير معقول في مواجهة نص يدّعي أن الروح القدس يسمع ويتكلم؟ .

ولكن الكتاب المقدس والقرآن مليئان بالقول إن الله يتكلم ويسمع. فلماذا يرفض د. بوكاي أن الروح القدس يتكلم ويسمع؟

4 - الله يسمع ويتكلم

قال د. بوكاي يبدو أنه من غير المعقول أن ننسب إلى الروح القدس سلطان أن يتحدث وأن يقول ما يسمع.. الفعلان اليونانيان يعنيان فعلين ماديين لا يمكن أن يخصّا إلا كائناً يتمتع بجهاز للسمع وآخر للكلام. وبالتالي فإن تطبيق هذين الفعلين على الروح القدس أمر غير ممكن (ص 128).

واتّخذ د. بوكاي من هذا دليلاً على أن الفِعلين يدلان على رجل أو نبي آخر آتٍ.

ولكن بالرجوع إلى قاموس للغة اليونانية نرى أن الفعل يسمع يحمل معنى الفهم وقبول العقل لفحوى ما سُمع. كما أن العهد الجديد تحدث عن أن الله يسمع. جاء في يوحنا 9:31 وَنَعْلَمُ أَنَّ اللّه لَا يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَل كِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللّه وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ فَلِه ذَا يَسْمَعُ . وجاء في يوحنا 11:41 و42 فَرَفَعُوا الحَجَرَ حَيْثُ كَانَ المَيْتُ مَوْضُوعاً، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ: أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لِأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي . وجاء في لوقا 1:13 فَقَالَ لَهُ المَلَاكُ: لَا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لِأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا .

وواضح من هذه الآيات أن الله يسمع. وأول آيتين اقتبسناهما أعلاه هما من إنجيل يوحنا، الإنجيل الذي جاء فيه الحديث عن البارقليط.

وهناك آيات كثيرة تقول إن الله يتكلم مثل يوحنا 9:29 وأعمال 7:6 وعبرانيين 1:1 و 5:5 ومرقس 13:11 وأعمال 28:25. وإليك ثلاثة اقتباسات تقول إن الله يتكلم: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ اللّه (يوحنا 9:29).

اَللّهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ (عبرانيين 1:1).

حَسَناً كَلَّمَ الرُّوحُ القُدُسُ آبَاءَنَا بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ (أعمال 28:25).

وقد استخدمت ترجمة العهد القديم إلى اليونانية (المعروفة بالسبعينية) الفعلين سمع وتكلم عن الله. وقد أتمَّ هذه الترجمة علماء دين يهود عام 200 ق م. وكمثال لهذا لنقرأ الآيات التالية:

ثُمَّ قَالَ اللّه لِمُوسَى: أَنَا الرَّبُّ. وَأَنَا ظَهَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الإِله القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ (خروج 6: 2 و3).

أَصْنَامُهُمْ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلَا تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلَا تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلَا تَسْمَعُ. لَهَا مَنَاخِرُ وَلَا تَشُمُّ (مزمور 115: 4 - 6).

وَيَقُولُونَ: الرَّبُّ لَا يُبْصِرُ، وَإِله يَعْقُوبَ لَا يُلَاحِظُ. الغَارِسُ الأُذُنَِ أَلَا يَسْمَعُ؟ الصَّانِعُ العَيْنَ أَلَا يُبْصِرُ؟ (مزمور 94:7 - 9).

فهذه الآيات تسخر من الأوثان لأنها لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، بينما الله الواحد الأحد يرى ويسمع ويتكلم. وهذا يخالف افتراض د. بوكاي أن الروح القدس لا يسمع ولا يتكلم.

وقد ذكر القرآن أن الله يسمع ويتكلم. وإليك أربعة أمثلة على ذلك:

وَقَالَ رَبُّكُمُ ا دْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (سورة غافر 40:60).

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (سورة البقرة 2:30). ولاحظ هنا أن الله الكائن الروحي يكلم الملائكة، وهي كائنات روحية.

قَالَ لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (سورة طه 20:46).

هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (سورة آل عمران 3:38). ونلاحظ أن فكرة سمع الله لزكريا جاءت أيضاً في الإنجيل كما رواه القديس لوقا 1:13.

واضح من هذه الآيات التوراتية والإنجيلية والقرآنية أن فعلي السمع والكلام وردا عن الله الذي هو روح غير منظور، فيكون هجوم د. بوكاي على كلام وسمع الروح القدس هجوم على كل الكتب المقدسة.

5 - هل علَّمت الكنيسة أن المسيح هو خاتم الأنبياء؟

الإجابة الصريحة لهذا السؤال هي: لا! .

لقد علَّم الإنجيل أن أنبياء سيأتون بعد المسيح، فقد جاء في أفسس 4:11 وَهُوَ (المسيح) أَعْطَى البَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالبَعْضَ أَنْبِيَاءَ . ويذكر العهد الجديد رجالاً تلقّوا وحياً من الله بعد صعود المسيح، فبعد أن رأى الرسول بطرس صعود المسيح بخمسٍ وثلاثين سنة تلقَّى من ربه رسالتين (هما رسالتا بطرس الرسول الأولى والثانية). وبعد صعود المسيح للسماء بنحو خمسين أو ستين سنة كتب الرسول يوحنا إنجيله، كما كتب السفر الأخير في العهد الجديد (وهو سفر الرؤيا) نبوةً عمّا سيحدث عند مجيء المسيح ثانية إلى أرضنا ليدين الأحياء والأموات. وتنبأ النبي أغابوس عن مجاعة آتية على المسكونة (أعمال 11: 28). كما أن يهوذا وسيلا شجَّعا مستمعيهما باعتبارهما من الأنبياء (أعمال 15 و 32). ونقرأ في سفر الرؤيا 11:1-12 عن نبيَّين يجيئان في المستقبل، يقول الله عنهما: وسأُعطي لشاهديَّ فيتنبآن 1260 يوماً.. هذان لهما السلطان أن يغلقا السماء حتى لا تمطر مطراً في أيام نبوتهما (كما فعل إيليا)، ولهما سلطان على المياه أن يحوّلاها إلى دم (كما فعل موسى) .

واضح من هذه الآيات أن المسيحيين آمنوا بمجيء أنبياء بعد المسيح، وأن اثنين على الأقل سيجيئان بعد ذلك! فلماذا يحذف المسيحيون الأوَّلون نبوة عن مجيء محمد لو كانت فعلاً في كتابهم؟ إنهم لم يكونوا يعرفون ما سيقوله محمد أو لا يقوله، ولم يكونوا يعلمون العقيدة التي سيدعو لها.

وهكذا نرى أن قول د. بوكاي إن الكنيسة غيَّبت النبوة عن محمد هو اتهام بعيد عن الصحة، ولا أساس له.

6 - خطأ في ترجمة كلمة بارقليط

قال د. بوكاي في هامش ص 128

كثير من ترجمات الأناجيل والتعليقات عليها (يعني كتب التفسير)، والقديمة منها على وجه خاص، تترجم هذه الكلمة (بارقليط) بالمعنى (المعزي) وهذا خطأ تام .

ولسنا ننادي بأن المترجم معصوم، أما القول إن كثيراً من المترجمين والمفسرين في اللغات المختلفة مخطئون، فيعني أن د. بوكاي وحده هو المصيب! ولا غرابة، فقد قال وهو يتحدث عن التناسل الإنساني في القرآن : فأكثر ما قد يُضل الباحث، هنا أيضاً، هو مشكلة المفردات. فالواقع أن ترجمات وتفسيرات (القرآن) بعض الفقرات التي ما زالت منتشرة في عصرنا تعطي لرجال العلم الذين يقرأونها فكرة مغلوطة تماماً عن الآيات الخاصة بهذا الموضوع... وسنرى.. الأسباب التي من أجلها يقع مستعربون بارزون في مثل تلك الأخطاء، لافتقارهم للثقافة العلمية (ص 226 و227).

فأنت ترى أن د. بوكاي يعتبر مترجمي الإنجيل والقرآن مخطئون، كأن الصواب عنده وحده!

فكيف ترجم د. بوكاي كلمة البارقليط ؟.. إنه لم يترجمها، بل اكتفى بذكر الكلمة اليونانية!

والحقيقة أن كلمة بارقليط تعني الشخص الذي يمكن استدعاؤه لتقديم العون، سواء ليدافع عنك أو ليتبنَّى قضيتك. ويجيء المعزي إليك وقت الحزن. إنه الشفيع، والمحامي، والناصح، والمشجع، والمعزي. ولا توجد كلمة واحدة في العربية أو الإنكليزية أو الفرنسية تحمل كل المعاني التي تحملها كلمة بارقليط . لذلك نحتاج للرجوع إلى القرينة التي وردت فيها كلمة بارقليط لنفهم.

ومن قرينة يوحنا 14:18 ندرك أن البارقليط يجيء لليتيم ليعزّيه ويشد إزره. ومن قرينة 1 يوحنا 2:1 إن أخطأ أحد فلنا بارقليط عند الآب ندرك أن المعنى المقصود هو أن لنا شفيعاً عند الآب. ولقد جاءت كلمة Paraclete خمس مرات في العهد الجديد، ولكن تصريفاً منها وهو كلمة Paraklesis جاء 29 مرة، تُرجم في 20 مرة منها بكلمة معزي . أما الفعل وهو Parakaleo فمعناه يرجو، وينادي، ويعزي، ويشتهي، ويشجع. وقد ورد 107 مرة، تُرجم في 24 مرة منها بكلمة يعزي . وكنموذج نقرأ في 2 كورنثوس 1:3 و4 مُبَارَكٌ اللّه أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِله كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ التِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللّه .

وفي هاتين الآيتين تجيء بارقليط خمس مرات، تتطلب القرينة في كل مرة منها أن نترجمها تعزية، ويعزينا، ونعزّي، ونتعزّى. وهكذا يتضح أن تخطئة د. بوكاي لترجمة كلمة بارقليط بكلمة معزي هي تخطئة لا مكان لها من الصواب.

7 - هل اقتبس د. بوكاي كل الآيات التي ورد فيها ذكر كلمة البارقليط وهل قدَّم كل خلفياتها؟

بعد أن أورد د. بوكاي الآيات التي وردت فيها كلمة البارقليط من يوحنا 14-16 قال: ويُلاحَظ أن الفقرات التي لم تُذكر هنا من الأصحاحات 14-16 من إنجيل يوحنا، لا تغير مطلقاً من المعنى العام للفقرات المذكورة (ص 126).

وليس كل من يقرأ كتاب د. بوكاي يملك نسخة من الإنجيل، لذلك سنضع اقتباس د. بوكاي في العامود الأيمن، وفي العامود الأيسر نضع النص الإنجيلي، ونترك للقارئ أن يرى الفرق بنفسه:

 

يو 14:15 و16

15 إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي (المسيح) فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ .

يو 14:15-18

15 إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي (المسيح) فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ،16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ،17رُوحُ الحَقِّ الذِي لَا يَسْتَطِيعُ العَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَلَا يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لِأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. 18لَا أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ .

 

يو 14:26

26 وَأَمَّا المُعَزِّي، الرُّوحُ القُدُسُ، الذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ .

يو 14:26

26 وَأَمَّا المُعَزِّي، الرُّوحُ القُدُسُ، الذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ .

يو 15:26

26 فَهُوَ يَشْهَدُ لِي .

(حتى كلمة المعزي حذفها د. بوكاي!).

يو 15:26 و27

26 وَمَتَى جَاءَ المُعَزِّي الذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الحَقِّ، الذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي. 27وَتَشْهَدُون أَنْتُمْ أَيْضاً لِأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ .

يو 16:7 و8

7 إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لَا يَأْتِيكُمُ المُعَزِّي، وَل كِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ العَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ .

يو 16:7-12

7 إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لَا يَأْتِيكُمُ المُعَزِّي، وَل كِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ العَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلِأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلَا تَرَوْنَنِي أَيْضاً. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلِأَنَّ رَئِيسَ هذَا العَالَمِ قَدْ دِينَ. 12إِنَّ لِي أُمُوراً كَثِيرَةً أَيْضاً لِأَقُولَ لَكُمْ، وَل كِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ .

يو 16:13 و14

13 وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الحَقِّ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي..

يو 16:13-15

13 وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الحَقِّ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ. 15كُلُّ مَا لِلْآبِ هُوَ لِي. لِه ذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ ,

قال د. بوكاي إن الفقرات التي لم يوردها لا تعدّل مطلقاً من المعنى العام، ولكن مقارنة ما لم يورده بما أورده تظهر أن ما لم يورده يُدخِل تعديلاً كبيراً في المعنى العام.

وقال د. بوكاي إن عدم وجود كلمة القدُس وصفاً للروح القدس في مخطوطة تجهَّزت بعد المخطوطة الأصلية بثلاث مئة سنة يعني أن الاسم الروح القدس أُضيف في تاريخ متأخر، فقال (في ص 101):

وسندرك.. أن كلمة واحدة في إنجيل يوحنا خاصة بال Paraclet تُغيّر جذرياً معنى الفقرة، وتغيّر دلالتها رأساً على عقب من وجهة النظر اللاهوتية .

ولكن عندما نقرأ الآيات التي لم يوردها د. بوكاي نكتشف خطأ حكمه، فعقيدة الروح القدس المعزي لا تعتمد على ما جاء في يوحنا 14:26 فقط، لأن تسمية البارقليط روح الحق ورد ثلاث مرات في ثلاث آيات لم يوردها د. بوكاي، هي يوحنا 14:17 و15:26 و 16:13. وهذا يعني أن وصف البارقليط بأنه روح ورد أربع مرات في حديث المسيح. لقد اقتبس د. بوكاي يوحنا 14:16 هكذا وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ ولم يكمل الآية التي تمضي فتقول لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ . وحذف أيضاً من يوحنا 14:17 لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ (العالم لا يرى البارقليط) وَلَا يَعْرِفُهُ . وفي الآية نفسها يقول المسيح لتلاميذه عن البارقليط لِأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ فقد كان البارقليط ماكثاً مع بطرس ويعقوب ويوحنا ومتّى وسائر التلاميذ، وسيظل يمكث معهم إلى الأبد.

ومما حذفه د. بوكاي يوحنا 15:27 حيث يقول المسيح لتلاميذه إنهم يشهدون له، كما يشهد له البارقليط من الابتداء .

ولم يورد د. بوكاي يوحنا 16:9 حيث يقول المسيح إن البارقليط سيبكت العالم على خطية لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِي .

وكان يجب على د. بوكاي أن يورد آيات أخرى وردت في إنجيل يوحنا عن الروح القدس، وهي كالآتي:

يوحنا 1:33 وتقول إن المسيح سيعمِّد بالروح القدس.

يوحنا 7:39 وتتحدث عن الروح القدس الذي كان المؤمنون بالمسيح مزمعين أن يقبلوه.

وكان يجب عليه أيضاً أن يورد قول المسيح لتلاميذه: وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لَا يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ الذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي لِأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ القُدُسِ (أعمال 1:4 و5).

واضح من هذه الآيات أن البارقليط، الروح القدس، روح الحق، سيكون في التلاميذ الأحد عشر في ذات الوقت، وكان عليهم أن يبقوا في أورشليم إلى أن يحل عليهم أثناء حياتهم، ثم يمنحهم القوة أينما كرزوا بالمسيح، سواء تمت الكرازة بتوما في الهند أو ببطرس في روما.

الروح القدس كائن روحي

الكائن الذي يكون في التلاميذ الأحد عشر وفي كل مؤمن بالمسيح في الوقت نفسه، هو كائن روحي، ولا يمكن أن يكون موسى الذي جاء قبل هذا الوعد، ولا أن يكون بطرس الذي سمع الوعد، كما أنه لا يمكن أن يكون محمداً.

هل كان محمد مع بطرس وهو يعظ في أورشليم؟ وهل كان مع أيٍ من التلاميذ ليذكّره بكل ما قاله المسيح؟ وهل يمكن أن يُقال عن محمد إن المسيح هو الذي أرسله، أو إن العالم لا يراه، أو إنه يمكث مع التلاميذ إلى الأبد؟

الإجابة إذاً: لا!

ولكن هذا لا يُنقِص من قيمة محمد ولا من نجاحه كنذير. ولكن واضح أن د. بوكاي تعمَّد أن يتغافل القرينة، ويحذف بعض الآيات ليساند المعنى الذي أراده! وبذلك جعلنا نشكّ في أمانته العلمية، ولم يبرهن لنا أن البارقليط هو محمد.

الصفحة الرئيسية