نسخ قديمة من بعض أسفار العهد الجديد

برديات من بشارة يوحنا تعود إلى عام 135م

أقدم بردية معروفة للعهد الجديد هي لأجزاء من بشارة يوحنا، محفوظة في مكتبة جون رايلاند في مانشستر بإنكلترا ورقمها p52 وترى لها الصورة 4 وتحوي يوحنا 18:31-33، وفي الجانب الآخر آيتا 37 و38. وترجع أهمية هذه المخطوطة لسببين: لتاريخ كتابتها، ولمكان العثور عليها. ويقول عنها د. بروس متزجر:

اعتماداً على أسلوب كتابتها يُعيدها روبرتس (مكتشفها) إلى النصف الأول من القرن الثاني. ومع أن بعض العلماء يختلفون حول هذا التاريخ المبكر، إلا أن علماء عظماء يتّفقون مع روبرتس. ومع أن الآيات المكتشَفة من بشارة يوحنا قليلة، إلا أنها تكفي لتبرهن وجود واستعمال البشارة الرابعة في النصف الأول من القرن الثاني في مدينة على ضفاف النيل، بعيداً عن مكان كتابتها في أفسس بتركيا الحالية .

فلو قلنا إن عام 135م هو عام كتابة هذه البردية، قلنا إن المسيحيين في مصر كانوا يتعبَّدون بتلاوة بشارة يوحنا بعد 40-45 سنة من كتابة البشارة. وهذا برهان على وجود مئات النسخ من هذه البشارة بالكنائس عام 135م في أيدي آلاف المسيحيين. فإذا أراد أحدٌ أن يغيّر الإنجيل المكتوب أو يحرّف العقيدة الإنجيلية فكيف يقدر أن يغيّر المكتوب في كل هذه النسخ، والمسجّل في قلوب كل هؤلاء المؤمنين!

برديتان تعودان إلى عام 200م

ونقدم للقارئ برديتين يرجع تاريخهما إلى نحو عام 200م، رقم الأولى p75 موجودة في مكتبة بِدمر للآداب العالمية في كولوني من ضواحي جنيف في سويسرا، وهي تحوي بشارتي لوقا ويوحنا. وكان عدد صفحاتها 144 صفحة، وصلنا منها 102 صفحة (بنسبة 70%). وهي أقدم نسخة موجودة عندنا من بشارة لوقا، ومن أقدم ما عندنا لبشارة يوحنا. وبهذه المخطوطة آخر ثلاثة أصحاحات من لوقا وأول 13 أصحاحاً من يوحنا، كاملة. ومعروف أن أول أصحاح من يوحنا يتحدث عن الكلمة الأزلي الذي صار جسداً، وآخر أصحاحات لوقا تتحدث عن صلب المسيح وقيامته وثلاثة ظهورات له بعد القيامة. وفي صورة 5 تجد ما جاء في لوقا 24:31-50 وتذكر تلك الظهورات الثلاثة، وأولها لتلميذي عمواس، والثاني لبطرس، والثالث لكل التلاميذ ما عدا توما. وتجد في صورة 7 يوحنا 14:16 من نفس هذه البردية.

ولقد رأينا صورة المخطوطة الثانية واسمها p46 (صورة 1) وتتكون المخطوطة من 114 ورقة وصلنا منها 86 ورقة (يعني 75% من المخطوطة الأصلية) وهي اليوم في متحف تشستر بيتي في دبلن بأيرلندا، وتحوي عشراً من رسائل بولس بالترتيب التالي: رومية، العبرانيين، 1 و2كورنثوس، أفسس، غلاطية، فيلبي، كولوسي، 1و2تسالونيكي. وكما هو الحال في كل الكتب القديمة لا نجد أول المخطوطة ولا آخرها. غير أن 1كورنثوس التي كُتبت عام 55م والتي اقتبس منها أكليمندس عام 96م وبوليكاربوس عام 107م محفوظة بكاملها.

هذا يعني أن 70% من بشارتي لوقا ويوحنا، و75% من رسائل بولس موجودة منذ هذا التاريخ المبكر. فإن كانت هذه تتفق مع ما اكتُشف بعدها بمئة وخمسين عاماً (كما سنرى)، فيحقّ لنا أن نفترض أن ال25% وال30% غير الموجودة عندنا تتفق مع الأصل. كما أن هذه الموجودة عندنا تكوّن نحو 40% من كل العهد الجديد.

ولكن د. بوكاي يلغي هذه البرديات بعبارة واحدة، إذ يقول: فمن الوثائق السابقة على هذا العصر برديات يرجع تاريخها إلى القرن الثالث، وبردية أخرى قد ترجع إلى القرن الثاني (انظر P52 أعلاه)، ولكنها لا تنقل لنا إلا أجزاء منفصلة (ص 100). ولا شك أن د. بوكاي، كطبيب، لا يمكن أن يقول إن ما تبقى من رجل بعد بتر ساقيه إنه ليس إلا أجزاء منفصلة بالرغم من أنه يمثّل 75% منه. إن 70% من بشارتي لوقا ويوحنا ليس أجزاء منفصلة ولكنها أجزاء تبرهن أن الإنجيل المكتوب و العقيدة الإنجيلية هي صحيحة عام 200م كما هي صحيحة اليوم.

الصفحة الرئيسية