أدوار الإنجيل الأولى

قبل أن ندرس كيفية جمع الإنجيل ندرس معنى كلمة إنجيل . إنها كلمة معرَّبة عن اليونانية إيفانجليون وتعني الخبر المفرح وقد صارت كلمة إنجيل معروفة للعرب. أما الخبر المفرح فهو أن المسيح مات مصلوباً ليدبّر وسيلة مغفرة خطايا كل من يؤمن أنه المخلّص المتألم لأجله. ونحن نقول إنه بذل نفسه عنا و سفك دمه لأجل فدائنا وإنه فصحنا الذي ذُبح لأجلنا وإنه حمل الله الذي يرفع خطية العالم . وقد علّم المسيح هذا ليلة احتفاله بالفصح مع تلاميذه، فقد وَأَخَذَ الكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: ا شْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لِأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الذِي لِلْعَهْدِ الجَدِيدِ الذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الخَطَايَا (متى 26:27 و28). وسنطلق على هذه الفكرة العقيدة أ .

ونؤمن أن هذا الفداء ممكن لأن الله الواحد الخالق، الآب والابن والروح القدس، شاء أن الابن، كلمة الله الأزلي، يتجسَّد ليقوم بعمل الفداء. ويرتكز إيماننا هذا على ما قاله المسيح عندما مثل للمحاكمة أمام رئيس الكهنة، فسأله: أأنت المسيح ابن المبارك؟ فأجاب: أنا هو (مرقس 14:61 و62). فقد دعا نفسه ابن الله . وسنطلق على هذه الفكرة العقيدة ب .

ويهمّنا أن نوضح هنا أن الله تعالى علوا كبيراً على أن تكون له صاحبة . ونحن نؤمن بقول القرآن في سورة الأنعام 6:101 بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . فولادة ولد من صاحبة كفرٌ عظيم. لكننا نؤمن أن المسيح كلمة الله ذو وحدة أزلية مع الآب. وكل ما جدَّ عليه هو اتخاذ جسدٍ إنساني بالميلاد من العذراء.

وسأعتبر العقيدة أ والعقيدة ب العقيدة الإنجيلية . وفي تأملنا في التطور التاريخي للإنجيل سنتتبَّع النقل الشفاهي لهذه العقيدة الإنجيلية حتى تدوينها كتابةً.

وقد نشأ معنى جديد لكلمة إنجيل هو أنه التسجيل المكتوب لحياة المسيح وموته وقيامته . وقد كان المسيح يعرف القراءة والكتابة ، فقد جاء عنه في لوقا 4:16 دَخَلَ المَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ . ولكن المسيح لم يكتب الإنجيل بنفسه، إنما دوَّن قصة حياته على أرضنا أربعة رجال ملهَمين من الروح القدس وهو ما نعرفه ب الإنجيل حسب البشير متى أو الإنجيل حسب البشير لوقا . وبمرور الوقت بدأ المسيحيون يطلقون على هذه الروايات الأربع للإنجيل: الأناجيل الأربعة . وهذه التسمية توحي أن لكل واحد من هؤلاء الأربعة إنجيله، ولكن هذا ليس صحيحاً، فنحن نؤمن أن المسيح جاءنا بخبر مفرح واحد هو خلاصنا من خطايانا. وهذا هو الإنجيل الواحد الذي يرويه الأربعة.

وهناك تسمية أخرى هي العهد الجديد وهو كتاب يشمل الروايات الأربع للإنجيل الواحد، بالإضافة إلى رسائل النصح والعقائد التي كتبها رُسُل المسيح للجماعات المسيحية المختلفة.

والكلمة القرآنية إنجيل تعني كتاباً مكتوباً، ولكنها لا تجزم إن كان هذا الكتاب هو سيرة المسيح وتعاليمه، أو إن كانت تعاليم رسل المسيح متضمَّنة فيه.

ولنرجع إلى السؤال الرئيسي: كيف وصلَنا الإنجيل المكتوب؟.. نحن أيضاً نقول إنه أُعطي لنا من عند الله، وقد كتبه أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس . فإذا سُئلنا: كيف تعرفون هذا؟ نُجيب أيضاً بأن نوضح كيف تطوَّر

الصفحة الرئيسية