وفيما يلي رسالة صديقي احتراماً للرأي الآخر:

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الأستاذ والأخ الكريم محمد النجار

رداً على أفكارك التي هي نتيجة محصلة بحث طويل اهتداء إلى الحق، نود أن نعبر عن أفكارنا تجاه ما ناقشتمونا إياه، فإن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن عند الله تعالى يهدي من يشاء,

مقدمة تمهيدية

في الحياة يوجد خطان في القوة المستمدة التي تجسم الأصالة الحتمية,, والأصالة الحتمية معناها إما أن يكون الإنسان في ظلمات، وإما أن يكون في نور,, فالذي يستورد أصول معرفته من أصول غير ثابتة فإن صعوده الفكري يكون سفلي أرضي، والذي يستورد علوم معرفته من مورد ديني فمنطلق صعوده الفكري يكون تصاعدياً - من الكعبة - من أن بانيها جد الأنبياء إبراهيم، وهذا واقع يوضح أسباب الخلاف في العقائد والاختلاف في المعرفة,

ولا توجد قوة ثالثة تعرف فقط، نور، ظلمات، كفر، إيمان,

وحقيقة الأشياء تبقى كما هي، إلا أن الإنسان يتجه إما للعلم، وإما للجهل، والعلم ليس كلاماً منزلاً من السماء، وما علوم الإنسان إلا معرفة مكتسبة بالتجربة والخطأ,

فالجاهل يرى العلم جهلاً، والعالم يرى الجهل في الجاهل وأما عن الإسلام وغزواته فهذا له معنى آخر في التكوين المعرفي العقائدي للإنسان، كما سبق أن قلت أن الجاهل يرى في العلم جهلاً,, وعهد الرسول ص عرف شركاً ظلمانياً على أشده تبعاً لعادات الأجداد التعصبية,

إذ لا يمكن إرجاعهم عما هم عليه - بالمجادلة والنقاش السلمي - وخصوصاً وأنهم - بالإسلام - سيفقدون الشيء الكثير من الجاه, فكان الغزو والسيف كوسيلة للإسلام الجماعي القبائلي مع إذعان القوة العلطوية وبعد ذلك تأتي المرحلة الثانية من المحاجة والإقناع مع الإيضاح، بعيداً عن كل شعور بالقوة, فالإنسان بطبعه لا يتنازل عما يعتقده بسهولة وهو في مركز قوة, فالشعور بالقوة يعمي البصيرة، ويصيبه بالغرور، وهذا ما يؤكده الله تعالى:

وَرَدَّ اللَّهُ الذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ، لَمْ يَنَالُوا خَيْراً، وَكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ, وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً (سورة الأحزاب 33:25), صدق الله العظيم,

أما عن تطرقك لبعض الآيات والعجز الذي تراه فيها أو التناقض الخاص في وسائل التعبير وطرقها، لا سيما إذا كان المراد منها العبث بما قيل في الكتب المنزلة، فالفقر ليس في الإسلام، بل في المسلمين, إن حياة الإنسان فانية، ومشاكل الإنسان باقية مرارتها عند انكشاف أخطائها، ولنرجع إلى الآية 49 من سورة الحج:

هذه الآية التي لم يتقبلها العقل مشكلتها في عدم إعطائها صيغة تفسيرية صحيحة، إذ لا وجود لآيات يلقيها الشيطان في القرآن الآية:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ (سورة الحج 22:52),

إلى هنا فالله تعالى يتحدث إلى رسل وأنبياء مضت فالجملة هنا بصيغة الماضي، إذ لا يتحدث عن القرآن، إذ ما من رسول أرسله الله إلا وتمنى أو ادّعى مستغلاً الشيطان الفرصة ليلقي في أمنيته، فآدم وزوجه تمنيا بعد تنبؤ من الله تعالى أن لا يأكلا من الشجرة فألقى الشيطان في أمنيتهما فأكلا,, ونوح دعا على قومه فغرقوا، وموسى ألقى الشيطان في أمنيته فوكز منافسه فعيره فقتله, وهكذا دائماً مع الأنبياء، ولكن الله تعالى - ينسخ - ما يلقي الشيطان، ثم يحكم آياته والله غفور رحيم، وما من بشر إلا ويعبئ وسيلة دفاع عن نفسه إذا قامت القيامة, ربما يصف لخالقه وضعه ويظهر شقاءه دون أن يطلب رحمة، كأن الرحمة إجبارية، والمغفرة واجبة,, فهذا كلام الإنسان هو قائله، مجرد كلام، كما اعتبر الأشياء مجرد أشياء ظناً أنه خَُلقت عبثاً فلا غريب أن يعصبك بالإنسان، إذ كيف ينتظر الإنسان الخير وهو فاعل الشر وكيف تكون المغفرة والإنسان ينكر وجود الذنب (مبرراً الخلاص على يد المسيح),

مدعياً أن المسيح تحمل عقاب خطيئة الإنسان، تاركاً المجال مفتوحاً لارتكاب معاصي أكثر، كيف يهدأ الإنسان من الذنوب وهو يعلم أنه لا عقاب ولا نار طالما أن المسيح خلصه من كل هذا بصلبه، وأي خطيئة تحملها المسيح خطيئة الإنسان منذ خلقه أي خطيئة آدم، فآدم عوقب بإخراجه من الجنة وإنزاله الأرض,

الإنسان بطبعه شرير يميل إلى الدم وسفكه، فكان عيد الأضحى، حتى تنزاح انفعالات العقل البشري تجاه سفك الدم، سلوك الإنسان بدون خوف من عقاب المستقبل له يجعل فيه الطغيان والغرور طالما أن المسيح خلصه من قبل, فأنت يا صديقي محمد، متفق معي أن الله عادل،عدالته شملت كل البشر، كل الشعوب، فأنزل وأرسل الرسل إلى كل الشعوب بحسب لغتها, أفلا يعقل أن يبعث الله إلى هذا الشعب العربي ديناً على رسول عربي وكتاب عربي؟ فحتى الصينين بُعث فيهم (شيتاً) عليه السلام بعبادة سرّها في الحركات وحرفت وغيرت وأبدلت من بعد ذلك كوسيلة دفاعية عنيفة، مجرد رياضة إلى أن جاء الرسول عليه السلام مجدداً لعلم الحركات للعبادة, فكانت الصلاة بأربع حركات وقوف، ركوع، سجود، جلوس للاستمداد من قوى الطبيعة الأربعة الماء، الهواء، التراب، النار، ولن تجد قوة خامسة أبداً فكانت عبادة الطبيعة شركاً, وهذا نجده في الكعبة بأربعة أوجه مكعبة - لحصر قوى الطبيعة الأربعة,

والكعبة مغطاة برداء حتى لا يستمد الإنسان قواه من حجر الكعبة، وكذلك بالنسبة للزواج من أربع زوجات ليصارع بهن الرجل المسلم القوى الأربعة لطبيعته,

أتعتقد يا صديقي أن كل هذا مجرد صدفة؟

وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى ,

أرجو أن تعطيني اهتماماً لكل ما كتبت، وإن شاء الله تعالى سأحاول أن أجاوبك على كل أسئلتك الباقية,

أخوك

أ, ع

الصفحة الرئيسية