الحـــق المكتـــوم

       { و آمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم .. ..... و لا تلبسوا الحق بالباطل و تكتموا الحق و أنتم تعلمون}. . . .   ( البقرة 41 )

 

مقــدمـة :

هذه الآية السابقة و غيرها من الآيات التي تكلمت عن حقيقة الحق المكتوم  الذي تعلمناه من خلال دراستنا للقران أنه قد كُتم أو ألبس من قبل اليهود و النصارى ، و علمنا أيضاً أن هذا الحق إنما يتمثل في إطماس نبوات التوراة و الإنجيل التي تكلمت عن محمد ، و كذلك التحريف المتعمد في التوراة و الإنجيل لإبعاد كل ما يتعلق بمحمد و القرآن منهما ؛ و قد كان هذا الأمر مقلقاً لنا نحن جماعة ...... لأننا كنا قد اتخذنا قرار بالرد على حملات التبشير المسيحية من خلال إثبات حقيقتين يرفضهما النصارى بصفة خاصة تلك هي : صدق نبوة محمد و صدق وحي القرآن و إن كان الأمر كله يتعلق بمحمد لأنه لو ثبت بالدليل أن محمد نبي لثبت بدون عناء صدق كل ما أتى به ، و قد كنت من الذين كُلفوا بأعداد هذا البحث ، و الحقيقة أنني كنت في حيرة عندما طلب مني ذلك فإنني أقرأ يومياً و أحفظ عدة نصوص منها   {  الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الإنجيل ....} ( الأعراف 157)  ، و الآية التي فيها { و إذ قال عيسى أبن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم و مبشراً برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد .....} ( الصف 6 )  ، و كذلك الحديث الصحيح الذي يرويه أبن عمر [ قال رسول الله : أنا دعوة أبي إبراهيم ، و ترنيمة داود ، و بشارة عيسى ] رواه البخاري .

كل تلك النصوص كانت هي الخطوط الإرشادية لي في هذا البحث ، لكن بعد عناء شديد كانت نتيجة البحث ليس فقط فشلي في إثبات نبوة محمد و صحة القرآن بل كانت أنني قد قبلت المسيح ويتضح ذلك من خلال  كلمات السطور القادمة التي أكتب  فيها لماذا لم أجد تلك النصوص مطابقة لمحمد ؟  .

                                                                                                                                                                     الكاتب

1- الـدليـــل الأول :

جاء في سفر التثنية ( 18 : 17ــ 18)

 [ قال لي الرب قد أحسنوا في ما تكلموا . أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك و أجعل كلامي في فمه .......] .

وجه الاستدلال :

1.  إن اليهود حتى الذين عاصروا عيسى كانوا ينتظرون نبياً و قد وضح ذلك في حديث المرأة السامرية التي تقابلت مع عيسى عند البئر ، فعندما عرض عليها مساعدته قالت له : آ أنت النبي ؟ و هذا يعني أن اليهود وقت المسيح أيضاً كانوا ينتظرون نبي و لذا يكون محمد هو المعنى بهذا النص .

2.  أن النص فيه كلمة مثلك و هذا يدل على ضرورة أن يكون النبي من غير بني إسرائيل لقوله في تث 34: 10 [ ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه . ..]

3.   المعروف أن إسماعيل هو أخو إسحاق و قد بارك الرب إسماعيل كما بارك إسحاق و بناء على النقطة السابقة من عدم وجود نبي مثل موسى في إسرائيل فيكون المقصود بلفظ أخوتهم هنا هو أخوة إسماعيل و ليس من بقية أسباط إسرائيل  الإثنى عشر لأنهم وقت ذلك كانوا موجودين و لو أن  البشارة كانت تعنيهم لقال منهم بدلاً من " أخوتهم "  . ( إظهار الحق ج2ص245)

تلك هي أوجه الاستدلال التي كنت أستند إليها بخصوص هذا النص في الكتاب ؛ لكنني ما كان يجب علي أن آخذ تلك الحقائق ببساطة فلابد و أن أتحقق منها و جمع قرائن تخص لفظ النبوة هنا و نقصره على محمد حتى لا نضع مجالاً لشك أحد ، و لكني وجدت  الأتي :

1.  أن الخطاب في النص [ أقيم لهم ..] و الضمير هنا يعود على بني إسرائيل ، أي أن الله يعد بأن يقيم لبني إسرائيل نبياً ، و لو قلنا بإمكانية أن يكون محمد هو ذاك النبي فإننا نضع أنفسنا في مأزق حرج جداً  إذ  أن  كل نصوص القرآن أخبرت أن محمد كان رسولاً للأميين أي للعرب ، فلو كان محمد هو المعني بالنبوة لكان نبياً لبني إسرائيل و هذا يقودنا لنقطتين : أـ  أن هناك  نبياً آخر أسمه محمد جاء لبني إسرائيل  . ب ــ أن القرآن قد أخطأ عندما قال { ربنا و أبعث فيهم رسولاً منهم  يتلوا عليهم  آياتك .... } ( البقرة 129 ) وقالها إبراهيم عندما أسكن إسماعيل و هاجر موضع بالقرب من الصفا و كانت تلك دعوة إبراهيم لإسماعيل و ذريته .

2.  { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } (الجمعة 2)( أبن كثير ج1 ص625) و الأميين هم قبائل العرب و قريش . فهذه الآيات تعلن بصراحة أن محمداً قد كان إن صدق رسولاً للعرب الأميين لكن النص الذي في تث 18 : 18 يقول عن رسول لبني إسرائيل .

3.  إن رفض  قول اليهود و النصارى في إعلانهم أن هذا النبي هو يشوع بن نون فتى موسى ، آو المسيح الذي يقولون عنه أنه كان نبياً و ملكاً و إلهاً ، قد يجعلنا نسلم بالقول :  إذا كان محمد هو النبي و ليس عيسى لصحت وجهة نظر النصارى بألوهية المسيح و استبعاده من دائرة البشرية التي يتكلم عنها النص لأن وعد الله في تث : 18لابد و أن يتحقق و إذا لم يكن المسيح أو يشوع هو النبي فمن يكون المسيح إذاً ؟ هل نرفضه إلهاً و نبياً كذلك ؟ ! .

أن الاستناد لقول المرأة السامرية لا يعد صحيحاً خاصة و قد عرف  عن اليهود من التأويل و الكذب و الرفض حتى أن القرآن وصفهم بأنهم{ أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم و فريقاً تقتلون} (البقرة187) حتى أنهم رفضوا عيسى على اعتبار أن النبي المبشر به في تث:18 لم يأت بعد في حين كان عيسى في وسطهم ، و طبقاً للقاعدة الأصولية              ( ما تطرق إليه الاحتمال لا يصح به الاستدلال ) نضف إلى ذلك أن المرأة عندما رأت من المسيح ما لم تره من بشر مثله من قبل علمت بقرارة نفسها أن تلك الأعمال ليست من أعمال البشر بل بالطبع هي من أعمال أناس ذوي إمكانيات خاصة كإليا أو المسيح أو الأنبياء ، فقول السامرية ليس على سبيل النبوة والجزم بل على سبيل القياس والحصر        .

إن القول  بانطباق هذه النبوة على محمد من حيث أنه من نسل إسماعيل و إسماعيل هو أخو إسحاق فيه نظر فبالإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً نقول أن لفظ أخوتهم يجب أن يؤخذ في نطاقه الذي حدده الله في شريعة بني إسرائيل و بالبحث في ذلك وجدنا أن هناك نصوص عديدة تُبين أن لفظ الأخوة ليس مطلقاً فأبن العم لا يُدعى أخ مثل : [ لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك ] ( تك 17 : 14 ــ  16 ) . و بتحديد من هو الأجنبي وجدنا أن النص الذي في تث 15 : 12 [ إذا بيع لك أخوك العبراني أو أختك العبرانية و خدمتك ست سنين ففي السنة السابعة تطلقه حراً ..]  ، و من هنا وجدت أن القول بأخوة بني إسماعيل لبني إسحاق أخوة حقيقية لا يمكن قبوله في التوراة حتى وإن كان معمولاً به في القرآن لأننا لا نملك الحق في إدانة الآخرين بما هو ثابت عندنا ومرفوض عندهم  ، و عليه فإن هذا الدليل لا يرقى إلى مرتبة الدليل القاطع  ؛ و بذا لا يصح به الاستدلال فبدأت أبحث عن وجه أخر في النص و وجدت ذلك في قوله  " مثلك " , و بنيت الدليل على أن النصارى يقولون إن عيسى إله وبذلك يكون خارج دائرة النبوة المذكورة بالنص والتي نحن بصددها و بذلك فهو ليس مثل موسى و الأقرب إلى ذلك هو محمد (ص) .

إن قول النص أن هذا النبي سيكون مثل موسى لا يمكن أن ينطبق على أي فرد من بني إسرائيل لأن الله قد حدد و أوضح بأنه لن يقيم في بني إسرائيل من هو مثل موسى و ذلك في قوله [ و لم يقيم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه ..] ( تث 34: 10) ،

رد الاستــدلال  :

 بالبحث و التدقيق سواء من جهة ما يمكن أن يطعن فيه اليهود و النصارى في ذلك افترضنا أنهم قد يحتجون على ذلك بقولهم :

1.  إذا قلنا بأن يشوع و عيسى ليسوا مثل موسى فكان يجب أن يعمل الله على يد محمد من الآيات و المعجزات مثل ما فعل الله مع موسى ،و إن قلنا أن الله قد فعل معجزات مع محمد فما هي ؟ و إن نجحنا في إقناعهم بمعجزة شق الصدر و كلام الشجرة و نبع المياه من أصابعه رغم عدم وجود أدلة صحيحة تثبت ذلك فإننا قد نصطدم بالقول أن الله قد أنكر أنه قد فعل معجزات مع محمد لأن الناس من قبل قد أنكروا هذه الآيات مثل قوله في ( الإسراء 59) { و ما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ...} ، ( البقرة 118)  { و قال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية ...}   {و قالوا لولا نزل عليه آية من ربه ...} ، ( الأنعام 8) { و قالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه ...} ، ( الرعد 27){ و يقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه ...} .                                                                                                                     كل هذه النصوص تشهد و تثبت أن الله لم يفعل معجزة واحدة مع النبي محمد و إذا قلنا بأن القرآن معجزة فإنها معجزة مشروطة بصحة و ثبوت أن محمد نبي و بذلك يمكن تصديق كل ما جاء به أو أخبر عنه ، و الأمر الملفت للنظر أننا نعلم يقيناً أن الأعمال التي حسبت معجزات في حياة محمد لا تتوافر فيها الاتفاق من حيث إجماع رواة الحديث لها ، إذ أن البعض منها قد حدث قبل نزول الوحي مثل شق الصدر و الأخر قد حدث و لم يره أحد غير محمد مما دعا الناس و منهم عائشة زوجة النبي أن تشك في كل واحدة منها مثل قولها عندما سُئلت عن الإسراء و المعراج فقالت : أنها رؤيا رآها النبي ...( تفسير أبن كثير ج1تفسير سورة الإسراء ) ،وهذا يجعلنا نقول أن التماثل  بين محمد و موسى  أبعد من التماثل الذي يقال عنه بين موسى و يشوع .

2.  الجانب الثاني في قولنا بأنه  لا يمكن أن يكون عيسى أو يشوع أو أي فرد من بني إسرائيل مثل موسى طبقاً للنص الموجود في تث 34 : 10 فإننا قد نواجه بالاعتراض التالي : إن " لم " تنفي الفعل في الزمن الماضي و المضارع لكنها لا تنفي الفعل في الزمن المستقبل فيكون معنى النص أن الفترة التي تلت موسى لم يقم نبي مثله حتى وقت الحديث ؛ و لو كان المقصود نفي أن يكون هناك مثل موسى نبي لكان لابد و أن تتوقف النبوة عند موسى فلا عيسى و لا يشوع ولا محمد أنبياء . و قد يكون المقصود بالنفي " لم " في تلك الآونة أن الله لم يتعامل مع نبي آخر مثل تعامله مع موسى و  لذا لا يمكن أخذ ذلك في الاعتبار عند الحديث عن نبوة محمد .

ثم أتينا إلى الجزء الأخير من النص و هو [ و أجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه ، و يكون أن الإنسان الذي لا يسمع ....أطالبه ...] قلنا إن هذا يعني أن الله سوف يلقي على هذا النبي كتاب يتكلم من خلاله للناس بوصايا الله ، و لا يوجد سوى محمد ينطبق عليه هذا إذ أن عيسى لم يأت بشرائع في إنجيله ، و لم يأمر بالحدود لمن خالف تعاليمه ، أما هنا فإن الله قد توعد كل من يرفض كلام هذا النبي .

رد الاستـــــدلال  :

قد نواجه بالاعتراضات الآتية في هذا الشأن على سبيل المثال  : أن الله يخاطب بني إسرائيل و يعدهم بنبي يكلمهم بكل ما يقوله الله و عليه فلابد و أن يكون هذا النبي متكلماً بلغة من نفس لغة بني إسرائيل، هذا إذا استبعدنا أن يكون إسرائيلياً ،و الواضح أن هناك مشكلة في انطباق ذلك على محمد ، إذا أن محمد طبقاً لما جاء عنه لم يكن يعلم العبرانية ، التي كانت لغة بني إسرائيل و من الصعب عليهم أن يعلموا وصايا الرب أو أن يفهموا ذلك لاختلاف اللغة و اللسان ، و القرآن يقول  في ( إبراهيم : 4 ) { و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ...} . فليس من العدل أن يحاسب أو يعاقب الله بني إسرائيل عن عدم تطابق لغتهم مع لغة النبي الذي أرسله إليهم . و من هنا فإن القول بأن محمد هو النبي المشار إليه هنا سوف يجد صعوبة شديدة لدى الناس لفهمه و خاصةً اليهود و النصارى .

2- الدليــــل الثــــاني :

[ هم أغار وني بما ليس إلهاً أغاظوني بأباطيلهم فأنا أغيرهم بما ليس شعباً بأمة غبية أغيظهم ]

                                                                          ( تث : 32 ـــ  21)

وجه الاستـــدلال  :

كنا نقول أن اليهود و بني إسرائيل قد أغاظوا الله بالأباطيل و عبادة آلهة صنعوها لأنفسهم و من هنا فإن الله قد أراد أن يكسر غرورهم هذا و يغيظهم كما أغاظوه ، و الله يعرف كيف  تكون إغاظتهم مؤلمة فلم يكن من السهل على بني إسرائيل أن يملك عليهم ملك أجنبي  و من هنا كان ترتيب الله لإغاظتهم ، بأن يجعل عليهم أمة محتقرة في نظرهم ، و نبي ليس منهم يملك عليهم و معروف عن بني إسرائيل أنهم كانوا يميزون اليهود عن غيرهم تمييزاً كبيراً فكانوا يحتقرون كل الأمم غير اليهودية ، و حيث أن أمة العرب هي من تلك الأمم التي يحقرها بني إسرائيل ، إضافة إلى أن  جهل العرب و أميتهم تجعلهم هم المعنيين بقوله أمة غبية . فعليه تكون هيمنة هذه الأمة الغبية من خلال أن يبعث الله منهم هذا النبي لكي يملك عليهم ويهيمن على مملكتهم ، حتى يسبب لهم ذلك  الغيظ و الألم، فمحمد هو النبي و قريش هي الأمة الغبية [

رد الاستــدلال  :

 لا يمكننا أن نقف هكذا أمام هذا الدليل ، دون أن نتوقع نقض شديد لهذا التفسير و التأويل ،و قد وضعنا الاحتمالات الآتية :

1.   أن تخصيص معنى ( أمة غبية ) على أنه أمة جاهلة بالعلوم و الثقافة لا بد له من دليل يؤيده ، خاصة و أننا قد نواجه بعدة نصوص في التوراة توضح معنى الغباء ففي تث 32 : 6 [ أَلرب تكافئون بهذا يا شعباً غبياً ]  و قول المسيح في لوقا 11 : 40 [ يا أغبياء أليس الذي صنع الخارج صنع الداخل أيضاً ] .

2.  أن الله قد قال عن أمة العرب في القرآن { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر ...}  (آل عمران : 10) . و قول الله هنا عن أن أمة الإسلام التي هي أمة العرب خير أمة أخرجت للناس لا يمكن في هذه الحالة أن نصفها بالغباوة ، لأنهم لو كانوا أغبياء لما وصلوا إلى ما هم عليه ، و لو قلنا أن الأمة الغبية هي تلك الأمة من قريش و العرب قبل الإسلام لقلنا إننا بذلك نفسر الغباء كما فسره الكتاب المقدس من أنها الجهل بأوامر  الله ، و هذا ما قاله السدي و الحاكم و النسائي في تفسير هذه الآية في أبن كثير ج1 ص 230 إذ قال :  إن العرب اصبحوا بالإسلام من خير الأمم ، و هنا فلن تستطيع أن نقول أن العرب وحدهم كانوا هم الأمة الغبية بل سبقهم اليونانيين كما جاء في رسالة بولس لأهل غلاطية 3 : 3 [ أهكذا أنتم أغبياء ..] .

3.   ما يقال في هذا الدليل يشابه ما قيل في الدليل السابق ، إذا أن الأمر كله يخص بني إسرائيل ، حتى لو سلمنا بأن هذه الأمة الغبية هي أمة العرب و أنها هي التي ستغيظ بني إسرائيل لكننا سنواجه بتعارض الدليل الأول مع الدليل  الثاني، فالدليل الأول يقول عن النبي أنه نبي لبني إسرائيل ، و الدليل الذي نحن بصدده يتكلم عن نبي من أمة غبية ليغيظ به أمة إسرائيل أي أن النبي هذا من خارج إسرائيل  و هذا يعارض ما جاء في القرآن { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته } ( الجمعة :2 )  فالنص يقول أن محمد من الأميين و للأميين و ليس لبني إسرائيل .

4.  إذا أخذنا مسألة الإغاظة و ربطناها بالنبوة لأصبح ذلك مسار للتساؤل عن حكمة و هدف الله ، فالمعروف أن الله قال في القرآن { و ما نرسل المرسلين إلا مبشرين و منذرين ...} الكهف : 56 ، الأنعام : 48 . فالله قد حدد الهدف والغاية من إرسال الرسل و هو التبشير و الإنذار وليس للإغاظة ، و قد رأينا في الآية السابقة في سورة الجمعة : أن هدف الرسل هو التعليم و ليس الإغاظة . و بناء على ذلك و جدت أن الأمة الغبية ليست هي الأمة الفقيرة في الثقافة و العلوم بل هي كل أمة جاهلة دينياً و ليست أمة العرب و حدها في ذلك بل سبقها أمم كثيرة ، فلا يمكن الاستدلال بذلك على نبوة محمد .

و الواضح هنا أن القرآن يريد متعمداً فرض وقائع معينة سواء على مكة بأنها غبية أو محمد بأنه أمي ليتلاءم مع نصوص ليست مطابقة لهم و لا تخصهم ، فكيف تقول أن مكة أمة غبية و أمية و هي التي عاصرت مختلف الثقافات من خلال الهجرات التي توالت عليها من عتاولة الثقافة العالمية فقد وفد إليها الغساسنة و المناذرة و الحبش و السودانيون و المصريين و استوطنوها و تزوجوا و زوجوا منها بل أتخذهم الأمراء في مكة سدنة لهم و حماة و مخططون لهم في تجارتهم و من أمثلة ذلك ( أخبار مكة ج2 ص415) .

كذلك كيف تكون مكة أمة غبية و هم الذين أشترط عليهم محمد بعد غزوة بدر و حدث أن أسر الكثير من رجال مكة ففرض عليهم أن يطلق سراح كل رجل مكي يقوم بتعليم عشرة  من المسلمين  ( تاريخ الإسلام للإمام الذهبي ص28)

الدليل الثالث :

[ جاء الرب من سيناء و أشرق لهم من سعير و تلألأ من جبل فاران و أتى من ربوات القدس و عن يمينه نار شريعة لهم . . . ] ( تث 33: 1..3) .

وجه الإستدلال  : كنا نقول إن هذا النص هو أقرب النصوص قبولاً لمصداقية تنبأ التوراة عن محمد ، إذ أن الله هنا يذكر كتبه السماوية الثلاث ، من حيث أماكن نزولها على نبي كل أمة نزلت فمثلاً نجد أن الله بداية قد أستعلن و كلم موسى من طور سيناء ، و كان مجيئه للشعب من خلال إنزاله التوراة على موسى تحمل كل ما يريده الله من بني إسرائيل و بعد ذلك أشرق نفس النور الإلهي بعدما أضاع بنو إسرائيل التوراة و تكلم الله بالإنجيل من خلال عيسى فوق جبل سعير بالقدس ، و كان الختام بتلألئه بقرآن محمد الشامل الجامع عندما أنزله على جبل فاران بالجزيرة العربية ( مكة ) .

رد الاستــــدلال  :

 لو كان مطلوباً مني عدم الدقة أو تحقيق الأسماء و المناطق لما وصلت إلى ما وصلت إليه ، لكنه هو ترتيب الله ، إذ بعد أن قرأت هذا النص و رتبته انتابني شعور بالزهو و الافتخار لما وجدته ، إلا أن ذلك سرعان ما تبدل إلى غضب و يأس و شك بعدما تحققت من كل الأسماء و في مصادر صحيحة لا يتطرق إليها الاحتمال ووجدت الأتي :

1.  أول ما تطرقت إلى ذهني كان أمراً عجيباً حاولت التخلص منه إلا أنني لم أستطيع ذاك : أننا إذا ربطنا مجيء الرب و إشراقه و تلألئه بكتب سماوية و أنبياء لكان لابد و أن يكون هناك كتاب رابع و نبي رابع فمجيء الرب من سيناء يعني موسى و التوراة ، و إشراقه من ساعير يعني عيسى و الإنجيل ، و تلألئه من فاران يعني محمد و القرآن ، لكن هنا إتيانه من ربوات القدس ماذا تعني ؟ أي كتاب كان و على من مِن الأنبياء ؟ .

2.  لقد كان من المؤلم لنا حقاً أن نجد ما لا نتوقعه من حديث إثبات وجود هذه الأماكن المذكورة في النص في مواقع الأنبياء ، فسيناء معروفة و كذلك سعير ، لكن المفاجئة كانت في فاران التي لم نجد لها اسما على خريطة شبه الجزيرة العربية بل جاء أسمها ( فيران ، فيرن ، فارايان ، فاران ) في كتاب معجم البلدان و المواقع و كلها أسماء مختلفة لجبل واحد يقع في المنطقة ما بين مصر و الشام و على الأرجح في فلسطين [ معجم شبه جزيرة العرب : أبو الفدا ، في المؤرخ ج5 ، ص98] .                                                                                                                                                                     و قال أبو عبيد الله القضاعي في كتابه تخطيط مصر أن فاران ، و الطور كورتان من كور مصر القبلية ، و فاران من قرى صفد ، سمرقند و ينسب إليها أبو منصور الفاراني . [ تخطيط مصر للقضاعي ] . و لم يقل أن فاران جبل في مكة إلا ياقوت في كتابه [ المشترك وضعاً و المختلف صقعاً ] و لكنه لم يحدد يقيناً ذلك ، إذ أنه قال : أن فاران موجودة في أربعة محلات و هي مكة و الحجاز و مصر و بلاد فارس و لتخصيص أي منها يلزمنا قرينة ،  إلا أننا وجدنا القرائن تقول و تؤيد وجود فاران على حدود سيناء من خلال النصوص التالية :

·      تك 14 : 6 [ و في السنة الرابعة عشر أتي كدر لعومر و الملوك الذين معه و ضربوا الرفائيين في عشتروت قرنايم و الزوزيين في هام و الإيميين في شوى قريتايم ، و الحوريين في جبلهم سعير إلى بطمة فاران التي عند البرية ] . ففاران هنا ملاصقة لسعير التي هي مسكن الحوريين ، و لا يمكن أن نقول إن فاران في مكة لأن الحوريين لم يسكنوا مكة إطلاقاً .

·      تك 21 : 12 [ و سكن إسماعيل في برية فاران و أخذت له أمه زوجة من أرض مصر ] و هذا النص يوحي بأن فاران قرية من مصر و على هذا فيكون ذلك قرينة إثبات أن جبل فاران هذا هو ذاك الذي في مصر و ليس في مكة كما جاء في كتاب ياقوت .

·      عدد 10: 12 [ فأرتحل بنو إسرائيل في رحلاتهم من برية سيناء فحلت السحابة في برية فاران ] و المعروف أن تلك السحابة كانت تظل بني إسرائيل طوال ترحالهم . و لو قلنا أن فاران هذه هي تلك التي في مكة لكان ذلك دليلاً على دخول موسى و بني إسرائيل مكة و هذا ما لم نقرأه أو نعلم عنه في التاريخ سواء الإسلامي أو المسيحي .

·      عدد 13: 3 [ فأرسلهم موسى من برية فاران ] و هذا النص جاء بمناسبة إرسال موسى لبعض الجواسيس من كل سبط ليتجسسوا أرض كنعان فذهبوا و عادوا ثانيةً إلى فاران كما في عدد 26 [ فرجعوا إلى برية فاران ] و هذا أيضاً يعني أن فاران ليست في مكة إنما هي في  برية سيناء ، و عليه فلا يمكن الاستدلال  بذلك لا على القرآن و لا على محمد .

و نضيف إلى ذلك أننا لم نعرف لمكة اسما مثل فاران بل هي ( مكة ، بكة ، أم القرى  ) و أخيراً فإنه بتتبع سياق النصوص نجد أنها لم تكن من نوع النبوات و لكنها ذكر إحسانات الله و دائرة مجده في المناطق التي سكن فيها اليهود .

الدليـــل الرابــع  :

 تك 17 : 20 [وأما إسمـاعيـل فقـد سمعـت لك فيه . ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثـيراً جـداً  اثني عشر رئيسا يـلد وأجعله أمة كبيـرة ] .

وجه الاستـــدلال  :

إن الله قد وعد إبراهيم بأن يبارك إسماعيل بركة عظيمة ، و يكثر نسله كثيراً جداً ، و بما أن أمة محمد كانت أكبر أمم بني إسماعيل فيكون هو المعنى بالبركة .

إن كلمة جداً جداً تعني بلغة اليهود " بماد ماد " ، قوله " لشعب كبير " تعني لغوى جدول بلغتهم أيضاً و هذه بلغة الأرقام عند اليهود تساوي كلمة محمد إذا أن هناك     أ = 1 ، ب = 2 ، د= 4 ، م= 40 ، ح = 8 ، ك = 30 ، ج= 3 ، و = 6 ، ي = 10 .

م+ح+م+د = 40 +8 +40 +4 = 92

بمـادٍ مـاد = 2 +40 +1 +4 +40 +1 +4 = 92

رد الاستـــــدلال  :

عند التأكد و تحقيق ما ذكرناه سابقاً و هو خلاصة ما توصلنا إليه من كتابات رحمة الله الهندي ، و أبن حزم و القاضي عياض ، القرطبي ، فأننا وضعنا احتمالات رفض هذا الإثبات من الأوجه التالية  :

1.  إن النص الذي وجدناه في كتاب الملل و النحل و الذي به كلمة جداً جداً ، لشعب كبير ، مختلف تماماً عن النص الموجود في التوراة الآن و يبدوا إما أن هذه الكلمات مضافة عمداً أو ناتجة عن خطأ في الترجمة .

2.  أن النص الحقيقي مع ما قبله من نصوص يلغي كل توقعاتنا فمثلاً لو قال المعترض بأخذ ما يتعلق بذلك من نصوص أخرى مثل : [ و قال إبراهيم لله ليت إسماعيل يعيش أمامك . فقال الله بل سارة امرأتك تلد لك أبناً و تدعوا سمه أسحق . و أقيم عهدي معه عهداً أبدياً لنسله من بعده ......لكن عهدي أقيمه مع أسحق ] ( تك 17 : 18ــ 21) هنا يبدو إبراهيم و هو يتوسل إلى الله في بركة إسماعيل لكن الله يوضح له الحقيقة بأنه سيكون له إبن حقيقي من امرأته و هو الذي سيجعل الله معه العهد للأبد و العهد هو النبوة كما قال أبن كثير في تفسير سورة البقرة { و أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم } و البركة لا تعني النبوة و هي مجرد التكاثر و التناسل و هذا ما نجده و الغريب أن القرآن قد أستشهد أو أقر حقيقة مماثلة لذلك عندما أعترض الله على أخذ محمد زيد ابن حارثة أبناً ، و كذلك جعل الإسلام أبناء الإيماء بدون صفة شرعية من الوراثة كما للابن الحقيقي و هو نفس فكر الله في التوراة إذ لا عهد لأبن الأمة أو الجارية إنما العهد للابن من الأبوين . [ تفسير سورة الأحزاب : أبن كثير ج3 ص 482 ] .

3- أن كلمة بماد ماد ، لغوى غدوي هذه إن صحت و هذا فيه نظر لأن الرواية التي ذكرت ذلك غير صحيحة لأنها منسوبة لرجل يهودي أسلم إلا أنهم لم يحددوا اسمه و هذا في لغة أهل الحديث يسمى المجهول و هو مما لا يعمل به ، إضافة إلى أنهم قد أضافوا حرف الباء الذي ليس من الكلمة ليتطابق الرقم الكلي مع مجموع رقم محمد و هو 92 ، كذلك تم استبدال أحرف مكان أحرف وهذا يعتبر عند علماء الأصول تدليس ويبطل آي رواية إذا أنهم قد استبدلوا الغين " غ " بال " ج " ، لأن ال( ج ) = 3 ، الغين (غ) = 6 وهذا كله حتى وإن صدق فهو لا يعد دليل لأننا بصدد البحث عن نبوة من الكتاب لا من عند اليهود . ثم إن القول بأن " بماد ماد " هو اسم من أسماء محمد وكذلك " لغوى غدول " أو لجوى جدول " شئ فيه الكثير من التناقض لما جاء في تاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص24 إذا ذكر فيما يرويه عنه البخاري ص6 ص 403 عن محمد بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت النبي يقول إن لي أسماء : أنا محمد ,أنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي  ، وأنا العاقب " وفي رواية أخرى قال " أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الحاشر ، وأنا الماحي ، والخاتم ، والعاقب "

الدليـــــل الخامــس :

[ لا يزول قضيب من يهوذا ولا مشترع من بين رجليه ، حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب ....] تك : 49 : 10

وجه الاستـــدلال : - في بداية الأمر لم أستطع أن أصل إلى ما يثبت علاقة هذا النص بنبوة محمد ، لكن بعد الرجوع إلى الكتب التى تهتم بذلك وجدتهم يقولون أن النص السابق هو نفس النص المذكور في كتاب " الرسالة الهادية " وسياق النص كالأتي : [ لا يزول الحاكم من يهوذا ولا راسم من بين رجليه حتى يجئ الذي له واليه تجتمع الشعوب ] وعلى هذا يكون الحاكم هو موسى والراسم هو عيسى وشيلون هو محمد ، وزاد رحمة الله الهندي والحير عبد السلام وهو يهودي قد أسلم ، أن شيلون هو محمد لأنه من المعروف أن الملك قد زال من اليهود على يد نبو خذ نصر وظل اليهود بعد ذلك يتقلبون بين النصر والهزيمة حتى جاء النبي محمد الذي نشر الإسلام وسيطر على ديارهم ومزقهم كل ممزق ، ولا يمكن اعتبار عيسى هو شيليون لأن عيسى والنصارى هم طائفة من اليهود . لأن المقصود بالقضيب هو السلطة والمشترع هو الشريعة الدنيية .

رد الاستـــــدلال : -

1-بداية أريد أن أقول أنه كانت هناك مشكلة لغوية كنا دائماً نراها كشبح يهدد كل ما توصلنا إليه بخصوص هذا النص وهى أن لا النافية ، حتى المصدرية هما متلازمتا الحدوث فانتفاء المنفى يستوجب حدوث ما بعد حتى المصدرية كأن تقول " لا تبرح هذا المكان حتى أتى إليك " النحو الوافى " ، و عليه فقد قرأت في كتاب مرشد الطالبين للشيخ جعفر بن عبد الوهاب في الجزء الثاني و فصل 20 ص481 و طبعة ، 1852 ، أن الملك و الشريعة قد زالتا عن يهوذا [ إسرائيل ] عندما أمتلك أنتيكوس أورشليم و نهبها سنة 170 ق.م و تطور الأمر سوءاً على يد هيرودس الأكبر الذي سلب إسرائيل و كهنتها كل سلطة و عطل لهم شربعتهم و كان ذلك متزامنا مع ميلاد المسيح فلو لم يكن المسيح هو شيلون و قد تزامنت ولادته مع زوال القضيب و المشترع ، فهل يمكن أن ينطبق الأمر على محمد الذي جاء بعد المسيح بنحو 630 سنة ؟

2-قد يمكننا تجاهل ما سبق و الافتراض أن لفظ شيلون يعني محمد و بناء على ذلك فلا بد و أن تكون أعماله و سلوكياته تتوافق مع كونه شيلون التي تعني بالعربية ( رئيس السلام ) مع الأخذ في الاعتبار أن شيلون هذا لابد و أن يكون أولاً  محرراً لبني إسرائيل و معبداً للقضيب المفقود من يهوذا و المشترع الضائع منه، و حيث يذكر الهم إلا  التدمير و السبي و الإحراق ،و بنظرة سريعة على حياة محمد نجد أن هناك نقطة بل نقاط غاية في السواد و أظلم من الليل الدامس تنفي عنه أي صفة أو علاقة ممكنة بالانتساب إلى حتى مجرد عائلة السلام و ليس رئيس السلام تلك الحادثة و هي مشهورة عند الفقهاء و يحتفل بها العامة من  المسلمين ، هي غزوة بني قريظة  و ما تلاها إذ بعد غزوة الأحزاب توجه محمد بجيشه إلى يهود بني قريظة في خيبر قرب المدينة و حاصرها خمسة عشر ليلة ورماهم بالنبال و قطع عن أطفالها المياه و فوض سعد بن معاذ للحكم فيهم فأمر بسبي النساء والذراري وقتل الشباب وتقسيم أموالهم  و أقتسمها المسلمين و كان من بينهم صفية بنت حبي من أخطب التي كانت من نصيب أحد الصحابة فأخذها منه محمد لجمالها ،، و حرق المزارع ، و تشتيت الشيوخ ، و تشريد الأطفال ، هذا كان حكم سعد في اليهود ؛ ترى ماذا كان تعليق محمد على ذلك ؟ فقال محمد بالحرف الواحد : و الله يا سعد لقد حكمت حكماً صدقه الله من فوق سبع سموات ؟ هل يمكن أن يكون محمد بعد ذلك رئيساً للسلام  . ؟ ؟ ؟ ( الطبقات لابن سعد مجاد الثاني ص 76 )

الدليــــل السـادس :

[ فاض قلبي بكلام صالح  . متكلم أنا بإنشائي للملك ....أنت أبرع جمالاً من بني البشر  .تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار ...] ( مز 45 ) .

وجه الاستـدلال  : كان هذا النص غير واضح لدينا عند مطابقته على النبي محمد و لكن رأينا أن نقبل ما ذكره الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق من حيث انطباق هذا النص على محمد و قد استدل على ذلك بالتقاط بعض الصفات المذكورة في هذا المزمور و محاولة ثبات توافرها في محمد و هذه الصفات هي :

1ـ  أبرع جمالاً     ،   2ـ  أفضل البشر     ،   3ـ  النعمة منسكبة على شفتيه    ،   4ـ   مباركاً إلى الدهر   ،  5 ــ  متقلداً سيفه إذ قال ( أنا رسول الله بالسيف )   ،  6ــ  كونه ذو حق و صدق و وداعة    7ــ أبنائه رؤساء الأرض    ،  8 ــ  أسمه مذكوراً جيلاً بعد جيل    ،  9 ــ  مدح الشعوب إياه إلى دهر الداهرين  .

رد الاستــدلال  :

1- أبــرع جمـالاً : اعتمدنا على نسبها لمحمد على رواية أبي هريرة إذ قال [ ما رأيت شياً أحسن من رسول الله ، كأن الشمس تجري في وجهه و إذا ضحك يتلألأ في الجدار ...] و هذه لا تعد قرينة لأنها وجهة نظر شخصية لأبي هريرة و الأقوى في هذه النقطة هو ما أعترف به القرآن صراحةً بوصف عيسى أنه وجيهاً ( إذ قالت الملائكة يا مـريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهــاً في الدنيــا والآخـرة ومن المقربـين ) آل عمران 45. . .  ومن المنطقي جداً أن يكون وصف الله أصدق وأدق من وصف البشر فالذي نسب الوجاهة لمحمد هو أبو هريرة وهو من البشر لكن الذي نسب الوجاهة للمسيح هو الله فمن يكون أصدق ؟ و رواية القرآن عند السلمين تعد أقوى و أصدق من رواية أبي هريرة ، و في سورة الأحزاب يقول { فبرأه الله مما قالوا و كان عند الله وجيهاً } الأحزاب 69 .فيكون من الأولى والأصدق شرعاً أن  يكون عيسى أجمل من محمد باعتراف القرآن أذن هذه الصفة لا تنسب إلى محمد و بهذا لا يحق بها الاستدلال  .

2- القول بأن محمد هو أفضل بني البشر : فإثبات ذلك غير مؤكد إذ المستند الوحيد الذي لجأ إليه صاحب إظهار الحق هو نص سورة البقرة 253 ، 258{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ...}. فهذا نص عام و لا يخصص إلا بقرينة و القرائن كلها تؤيد كون عيسى هو المفضل إذا قسنا الأفضلية هنا بإحسانات الله و تعاملاته مع الأنبياء ، فمن من الأنبياء حمل به بروح الله { إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم ، و روح منه } النساء 171،في حين ما جاء عن محمد في القرآن نفسه النساء 171 لا يرقي إلى هذه المرتبة حتى باعترافه هو شخصياً فقال { قل إنما أنا بشر مثلكم  ...} الكهف 110{ و ما محمد إلا رسول ....}أل عمران 144. و هناك عشرات الآيات القرآنية التي تعدد فضائل المسيح التي لم و لا ولن يماثلها فضائل و من هذه الفضائل ( البشارة به كانت من الله قبل أن تحمل أمه به و لم يتحقق ذلك لمحمد ) فجاء في سورة أل عمران أية 45 أن الملائكة هي التي حملت البشارة بالمسيح { و إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه أسمه ...} كذلك فمن من الأنبياء قد أجرى الله على يده المعجزات و العجائب مثل ما حدث للمسيح و بشهادة القرآن  فقد جاء في سورة آل عمران الآيات 45ــ 47 { يكلم الناس في المهد ..} {يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيصير طيراً ..}{ يبرئ الأكمة و الأبرص ..}{  يحي الموتى ...} { يعلم الغيب ..}

و اعترف محمد نفسه بأفضلية عيسى في حديث يرويه الإمام أحمد جاء فيه [ كل مولود يولد يمسه الشيطان في جنبه إلا عيسى بن مريم ...] ترى من أفضل من منٌ هنا ؟ فهل يمكن الاستدلال على ثبوت نبوة محمد من خلال ذلك ؟

 القول بأن النعمة منسكبة على شفتيه [ يعني محمد ] لا يمكن الفصل في ذلك لأن صاحب إظهار الحق لم يذكر أي دليل على ذلك صحيحاً أم ضعيفاً لكن اكتفى بقوله : وقال الرواة في وصف كلامه أنه كان أصدق الناس ... “ وهذا حسب كل أصول الفقه واللغة لا يعد دليلاً على توافر هذه الصفة “ النعمة “ في محمد : لكن بالنظر إلى ما يماثل ذلك بالنسبة للمسيح وباعتراف القرآن نفسه نجد الآتي : { وأتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس } البقرة : 87 ،  أما الاستناد على آية سورة البقرة التي فيها  { ربنا وأبعث فيهم رسول منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ... } البقرة 129 ، فهي لا تمثل سوى أمنية لإبراهيم لا تفيد التحقيق لكن ما يتعلق بالمسيح فهو وعد سبق وأُعد من الله ، والله أصدق من إبراهيم فالله هو الذي علم المسيح الكتاب والحكم والنبوة إذا جاء في سورة  آل عمران 48 { و يعلمه الكتاب و الحكمة و التوراة و الإنجيل ...} أما محمد فمن علمه و ماذا تعلم ؟ .

كذلك القول بانسكاب النعمة من فمه و مدح الشعوب له هذا أمر عجيب فما هي النعمة التي انسكبت من فم محمد ( ص) [ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ....] أو هي في قوله لمصعب بن عمير : [ يا أبن عمير دع والدتك و قل لها كلي أو لا تأكلي فإن الله أحب الي منك ] أو هي في قوله لأبي عبيدة بن الجراح عندما علم محمد أنه( أبو عبيدة )  قد قتل والده الجراح بن حبيب [ و الله إنك لأمين هذه الأمة ] أو هي في قوله لأبي قحافة والد أبو بكر بعد إسلامه [ و الله لو أدركك أبنك لقتلك محبة لي ] أو هي في آيات نطق بها الوحي على لسانه مثل :  { قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ..} التوبة 14  { قاتلوهم و ليجدوا فيكم غلظة ..}التوبة 29{ قاتلوا أئمة الكفر أنهم لا إيمان لهم } التوبة 12 .[ البقرة 190 ، 244ن آل عمران 167، النساء 76] .

4- مباركاً إلى الدهر : قال صاحب كتاب إظهار الحق أن هذه الصفة تحققت في محمد من خلال قول الله إن الله و ملائكته يصلون على النبي ...} و الواضح هنا أن هناك لبس في مفهوم البركة  ؛ فالصلاة على النبي لا تعدوا كونها كلمات تردد بلا معنى وأبعد ما يمكن أن تصل إليه هي التزكية ، لكن أعتقد أن البركة أعم و أعمق من مجرد الصلاة . و لكننا إذا نظرنا إلى الآية التي تقول : { إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلي و مطهرك  من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ...} آل عمران 54 ترى هل يمكن أن تكون بركة محمد أعظم من بركة المسيح المذكورة في هذه الآية .

5ــ  متقلد سيفه على فخذه ... : قال رحمة الله الهندي أن هذا ينطبق حرفياً على محمد الذي قال عن نفسه ..[ أنا رسول الله بالسيف ] و لو قبلنا ذلك فنكون قد اعترفنا و أقررنا بمبدأ قيام الإسلام على السيف و الإجبار و الإكراه و الضغط و هو المبدأ الذي يرفضه عامة و خاصة المسلمين . و إذا كان كل من يتقلد سيفه و يقاتل هو المعنى بهذه النبوة حسب النص فلماذا تخصيص محمد بالذات و قد سبقه الكثير من الأنبياء و السلاطين الذين كان لهم مع السيف باع أطول من محمد مثل داود و الإسكندر الأكبر . ثم إن تخصيص السيف على المعنى المادي شئ صعب بالنظر إلى معطيات اللغة العربية و هذا ادعاء يحتاج إلى برهان ، و البرهان هو : إذ أعربنا جملة [ تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار ، جلالك و بهائك ، و بجلالك أقتحم ..] نجد أن جلالك و بهائك بدل من  سيفك وفي اللغة يعتبر ذلك عيناً للسيف بدليل قوله [ بجلالك أقتحم ] و هذا تفسير لمعنى السيف و الإنفال و بسيفك أقتحم فيكون السيف هنا هو سيف الروح و الكلمة ن و ليس السيف الحديدي الذي يتمايل يميناً و يساراً مطيحاً بأعناق الأبرياء .

ثانياً : إن بقية نصوص المزمور تعبير عن بقية أوصاف النبي :

 1ـ الله مسحه بدهن الابتهاج و هذا لم يحدث لمحمد

 2 ــ  كل ثيابه مر و عود و سلبخة

 3ــ سرته الأوتار من قصور العاج

 4ــ  بنات الملوك عنده

5-الملكة عن يمينه بذهب .

كل تلك الصفات ليس فقط لم تتوافر لمحمد بل الأهم من ذلك أن محمد نفسه حرمها على شعبه و على نفسه [ فنهى عن الأكل أو الشرب في آنية الذهب ] أبن القيم ج1 ص58 نهي عن الحرير و الذهب للرجال  ، جميع كتب السنة ، نهي عن استعمال الأوتار و آلات العزف  ، [ من جلس إلى قينه يستمع إليها يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة ] القينة المغنية ، الآنك الرصاص المصهور و هذا الحديث رواه كل كتاب السنة في كتاب الغناء و قال [ لعن الله المتخذين المعازق و الأوتار ] مسند الإمام أحمد . فهل يمكن أن تنطبق تلك الشروط على محمد ؟

ثانياً :

 بخصوص تمجيد الشعوب له : لا نعلم شعباً مجده سوى أهل قريش قومه الذين هم أولى به من كل الشعوب و لنسمع ما قاله أهل قريش لتمجيده [ إنا و الله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت لقد شتمت الأباء و فرقت الجماعة و ما بقي في مكة من قبيح إلا فعلته فإن كنت تحفظ ربك فاحفظ عرض أهلك ..] أبن كثير ج3 ص26 هل هذا هو تمجيد الشعوب له .

الدليـــل السابــع  :

 مز149 [ غنوا للرب ترنيمة جديدة ،  تسبيحتة في جماعة الأتقياء . ليفرح إسرائيل بخالقه . ليبتهج بنو صهيون بملكهم . يسبحوا أسمه برقص . بدف و عود ليرنموا له . لأن الرب راض عن شعبه . يحمل الو دعاء بالخلاص . ليبتهج الأتقياء بمجد ليرنموا على مضاجعهم . تنويهات الله على أفواههم و سيف ذو حدين في يدهم . ليضعوا نقمة في الأمم و تأديبات في الشعوب ز لأسر ملوكهم بقيود و شرفائهم بكبول من حديد . ليجروا بهم الحكم المكتوب . كرامة هذا لجميع أتقيائه ] 

وجه  الاستـــدلال  : يقول رحمة الله الهندي أن هذا الزبور ( المزمور ) ينطبق على محمد للأسباب الآتية : أن محمد هو الملك و أن أتباعه هم الأبرار و أنهم افتخروا بالمجد و ترفيع الله لهم ، و في أيديهم سيوف ذو حدين . وقالوا إن ذلك هو نفس ما جاء في سورة الفتح 29 { محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً . سيما هم في وجوههم من أثر السجود . ذلك مثلهم في التوراة } .

رد الاستـــدلال  : قد يمكننا تصديق كل ما قاله رحمة الله الهندي لكن بشرط أن يثبت لنا وجود علاقة بين :

1.   لفظ الملك و علاقته بمحمد .

2.  بنو صهيون و الأمة الأمية .

3- الرقص و الدف و العود و تحريم محمد لذلك كما أشرنا .

أولاً  :  إن أهل قريش قد طلبوا من محمد أن يجعلوه ملكاً عليهم فرفض و قال في حديثه رواه الإمام أحمد بن حنبل عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي [ عرض عليّ ربي ليجعلني رسولاً ملكاً أو نبياً عبداً ، و أن يجعل لي بطحاء مكة ذهباً ، فقلت لا يا رب : بل أكون عبداً و أشبع يوماً و أجوع يوماً ـــ  أو نحو ذلك ...] أبن كثير في سورة الإسراء ص64. فالواضح هنا أن محمد لم يكن في يوم ما ملكاً حتى على قريش فكيف يكون ملكاً على صهيون ؟ و إن قلنا إمكانية أن يكون ملكاً على صهيون فهذا يعني أنه ليس هو المراد بنبوات إبراهيم و عيسى .  إذ قالت تلك النبوات أن النبي سيكون في بلاد الأممين آي العرب ، أم أن هناك محمد أخر .

ثانياً :  يقول محمد في بدء الوحي كما جاء في طبقات بن سعد :

 أ ـ  [ إنما بعثت بين ظهراني هذين الأخشبين ] و الأخشبين جبلان في مكة . فهو يحدد مكان بعثته و ملكه إن كان سيملك فما علاقته بمملكة صهيون ؟ .

  ب ــ  لقد تركزت كل نبوات  محمد حول جعل مكة قرية أمية جاهلة ، غبية لتلائم بعض نصوص الكتاب ، و لم تكن صهيون على نفس الدرجة من الوصف ، و لو فرض  أن ذلك خبر سيتحقق في المستقبل لمحمد فهل ملك محمد أو غيره على أورشليم ، صهيون ؟

ج- : إن وصف مملكة صهيون أن التسبيح يحيط بملكها و الرقص بالدفوف و العود سيكون حال سبيلهم فكيف يكون ذلك لمحمد وهو الذي منع عائشة مجرد الفرجة على الحبش الذين كانوا يقومون بالرقص و الألعاب السحرية في الكعبة و قد سبق و ذكرنا موقف الإسلام من الدف و العود  .

الدليــل الثامــن : - 1 ش : 42 - 9 -32

[- هو ذا الأوليات قد أتت والحديثات أنا مخبر عنها . قبل أن تنبت أعلمكم بها ...... لترفع البرية ومدنها صوتها . الديار آلتي سكنها قيدار . لتترنم سكان سالع من رؤرس الجبال ليهتفوا  قد صمتّ منذ الدهر سكتّ تجلدت . أخرب الجبال والآكام وأجفف كل عشبها وأجعل الأنهار يبساً وأنشف الأجام وأسّير العمى في طريق لم يعرفوها . في مسالك لم يدروها أمشيهم أجعل الظلمة أمامهم نوراً والمعوجات مستقيمة ...]

 وجه الاستــــدلال : -

1 - إن هذا النص يخبر عن أمور حادثة في المستقبل ومن بين تلك الأمور ، وجود ترنيمة جديدة " شريعة جديدة " في البلاد التي سكنها قيدار " إبن إسماعيل " وهذا إشارة إلى شريعة الإسلام التي جاء بها محمد الذي هو من نسل إسماعيل

2 - أن تمجيد الرب والإخبار بتسبيحه من الجزائر إشارة إلى الأذان بالصلاة الذي يرتفع فوق كل مئذنة ليسبح الله .

3 - الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض ، هذه إشارة إلى فريضة الجهاد التي فرضها الإسلام

رد الاستـــــدلال : -

 إن القول بانطباق ذلك على محمد يعد من المهاترات التي ليس فقط نفتقد للدليل القوى والبرهان الصحيح ، بل هي مغالطات تاريخية  فليس هناك علاقة بين أن يخبر الله عن ترنيمة جديدة وبين نبي ما من أي جنس لكن كان ذلك بالطبع لوجود ترنيمة قديمة لم تفي بالفرص وإذا تجاوزنا عن ذلك وربطنا بين الترنيمة والنبوة فقصرها على محمد يحتاج إلى قرائن هذا بالإضافة إلى أن الله كان يتحدث إلى بنى إسرائيل من خلال إشعياء  والنبي محمد كما هو معروف لا علاقة له ببني إسرائيل إذا يقول " أنا أبن الذبيح " يعنى إسماعيل ونسل إسماعيل هم العرب كذلك قوله ( أنا دعوة أبى إبراهيم ) وتلك الدعوة التي يتحدث عنها جاءت على لسان إبراهيم في سورة البقرة أية 129 : { ربنا وأبعث فيهم رسول منهم يتلوا عليهم آياتك}  وجاء في تفسير بن كثير أن إبراهيم عندما كان في الحرم " مكة " دعا ربه أن يبعث في أهل الحرم نبياً منهم للأميين والأعجميين . وروى ذلك الإمام أحمد عن وهب وقال حديث حسن صحيح وقال بذلك البخاري والسدى .

 القول بانطباق النبوة على محمد استناداً إلى ذكر لفظ قيدار وحيث أن قيدار هو الابن الثاني لإسماعيل ، ومحمد من نسل إسماعيل هذا أمر عجيب حقاً إذا أن النص لا يحمل أي وعد لنسل قيدار ، ولا غيره فكل ما قاله أن البرية سوف ترفع صوتها مبتهجة بعمل الرب في الديار التي سكنها قيدار وهذا قد حدث من خلال المد المسيحي الذي وفد إلى كل بلاد العرب من خلال الهجرات المتعافية للغساسنة الذين قاموا بمساعدة فصي على هزيمة بنى عذرة والسيطرة على مكة ، في مقابل تنصر بنى قصي ( أخبار مكة ج2 ص121 ) ثم لماذا تخصيص محمد من بنى قيدار وقد سيفه الكثيرون مثل عمرو بن نفيل ، وسجاح بنت حبيب ، والنضر بن الحارث ، والأسود العنسي وغيرهم ممن عاشوا فترات طويلة في بلدانهم مدعين  النبوة والوحي وكان لهم كتب خاصة بهم ( أرجع إلى مخطوطة دار القلم ، المخطوطات المقدسة قبل الإسلام .

ونضيف إلى ذلك بأن القول بابتهاج البرية في الديار التي سكنها قيدار وتخصيص ذلك بالفترة التي ادعى محمد فيها النبوة أمر غاية في الغرابة لأنه من المعروف أن كل البلدان التي دخلها محمد أو أصحابه لم تكن ترنم مبتهجة بل كانت تصرخ مستغيثة من بطشه وبطش أصحابه .

ثالثــــاً : - الاحتجاج بانطباق النبوة على محمد بالادعاء بأن سالع تلك هي  مكة أكبر خطأ تاريخي وجغرافي فهناك معجم البلدان ، أطلس المدن والمواقع العربية للجزائري وكلاهما يقولان : إن سالع منطقة ذو جبال صخرية توجد في الشام وبالتحديد في منطقة بالأردن تسمى البتراء اليوم . ولا علاقة نهائياً بين مكة وسالع ولا تشابه حتى من النوع الذي قد يقرب من الشك

الدليــــل التاســـع : - أ ش 54 : 1-5

ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد أشيدي بالترنم أيتها التي لم تمخض لأن بنى المستوحشة أكثر من بنى ذات البعل قال الرب . أوسعي مكان خيمتك ، ولتبسط شقق مساكنك  لا تمسكي  ،  أطيلي إطنابك وشددي أوتادك يرث نسلك أمماً ... يعمر مدناً خربة ... لأنه كما حلفت أن لا تعبر مياه نوح على الأرض هكذا حلفت آلا أغضب عليك ولا أزجرك (9)

.قالوا :

 إن هذه بشارة خاصة بمكة وقد أطلق عليها العاقر لأنه لم يخرج فيها نبي على خلاف أورشليم التي ظهر فيها أنبياء كثيرين ، وقالوا إن بنى المستوحشة أي " هاجر " وأبناءها لأنها كانت أي هاجر أشبه بالمطلقة الخارجة عن البيت الساكنة البرية وهذا في منتهى الغرابة ، إذا أننا إن نحن قسنا النبوة بالمدن التي لم تنزل عليها لوجدنا الكثير من المدن المعروفة غير مكة أي أنها لم تكن وحدها هي العاقر فقد كانت هناك بصري ، دمشق ، وبابل وهى مدن عربية ثم إن القول بأن العاقر هي مكة لأنها لم يأت منها نبي يهدم كثير من الأفكار الإسلامية ذاتها ، لأنه بذلك علينا إما أن نلغي نبوة إسماعيل التي أقرها القرآن حتى يتحقق لمكة أن تكون عاقراً كما حدث وجعلناها أمية لتوافق النصوص الكتابية، وكذلك فالواضح أن النص يتكلم عن شئ ممتلك للرب إذا أن زوجها هو القدوس إله إسرائيل ، وهذا كثيراً ما كان يطلق على الكنيسة وجماعة المؤمنين ، ثم إن وعد الله لها ألا يغضب عليها ولا يزجرها غير مطابق لمكة التي تعرضت للجفاف والجوع أربعة مرات منها مرتان بعد الإسلام عندما تركها محمد وهاجر فحلت عليها مجاعة وأصابها الطاعون فأهلك الكثير منها . والثانية والمشهورة في كل كتب السيرة هي عندما ذهب محمد إلى ثقيف فشتموه وضربوه بالحجارة وأرسلوا وراءه الأطفال يعيرونه فأستند محمد على جزع شجرة ودعا عليهم فجاءة جبريل وقال له : يا محمد لقد سمع الله ما أنت فيه وقد أشتد غضب الله على هؤلاء " يعنى بنى ثقيف وهى قبيلة تبعد عن مكة حوالي 30 كم " وأرسلني لأطبق عليهم الأخشبين " تاريخ الإسلام للذهبى مجلد 17 ص 51 ألا يعد ذلك منافياً لوعد الله الذي أخذه على نفسه بألا يغضب على مكة ولا يزجرها ، ومن جهة الزجر فهل يعد هناك زجراً أكثر من أن، يتركنها محمد من قسوة أهلها حتى قيل عنها وعن أهلها " قساة القلوب وغلاظ الأفئدة " ثم إن البشارة تضمنت عدة وعود أخرى يستحيل انطباقها على مكة منها في العدد 13 ، 14 { وكل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيراً . بالبر تثبتين بعيدة عن الظلم ... } فأين هو سلام أبناء مكة الذين اشتهروا بالقسوة والقتل حتى من أسلم منهم فهاهو خالد بن الوليد الذي فتن الناس بغزواته وبكثرة قتله لغير المسلمين . وفي العدد 14 يقول أن، دعائم هذه العاقر وثباتها يعتمد على البر وهذا غير موافق لمكة التي أول ما أبتدأ محمد يعلمه للناس فيها " بعثت بالسيف بين يدي الساعة " " قولوا لا إله إلا الله تعصموا من دماءكم وأموالك " " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا .... " وهل هذا هو بر الله الذي به يثبت مدينته العاقر .

الدليل العـاشــــر : أش 65 : 1-6

[ أصغيت إلى الذين لم يسألوا وُجِدت من الذين لم يطلبوني قلت هاأنذا هاأنذا  لأمة لم تسم باسمي . بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره . شعب يغيظني بوجهي ... يجلس في القبور ويبيت في المدافن يأكل الخنزير ... ]

قالوا :

 إن المقصود من هذا النص هو أن الله قد سمع للأمة التي لم تسأله ولم تطلبه وجعل منهم نبيا ورد اليهود والنصارى عن ذلك متهماً إياهم بالسير في طرق غير صالحة ، يأكلون الخنزير .... " إن لفظة أصغيت لا يمكن تأويلها أو تحميلها على أنها إرسال نبي ، هذا من جانب ، والجانب الأخر فلم يكن العرب وحدهم الذين لم يسألوا ولم يطلبوا بل كان هناك الوثنيون وحيث أن النص عام فلماذا نقول أنه خاص بالمسلمين ؟ إذا كان الله قد رد اليهود والنصارى الذين ساروا في غير طرقه فهذا لا يعنى أن كل اليهود ساروا كذلك ، ولماذا لا يكون ذلك للعرب واليونانين الذين تنصروا وهم معروفون وأشهر من نار على علم ومنهم أبن ساعده وورقة بن نوفل وقديد الحضرمي ، مسيلمة بن حبيب ومما يؤكد ذلك أن الله قد قال في الآية ( 8  ،9 ) [ هكذا قال الرب كما أن السلاف يوجد في العنقود فيقول قائل لا تهلكه لأن فيه بركة هكذا أعمل لأجل عبيدي حتى لا أهلك الكل بل أخرج من يعقوب نسلاً ومن يهوذا وارثاً لجيالي فيرثها مختاري وتسكن عبيدي هناك هل يوجد لقوس منزع بعد ] .

الدليـــل الحادي عشر : دانيال 2 : 31

[ أنت أيها الملك كنت تنتظر وإذا بتمثال عظيم . هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قيافتك ومنظره هائل ...أنت أيها الملك ملك الملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتدار وسلطاناً وفخراً ..... وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس تتسلط على الأرض وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شئ وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب أخر وتسحق وتفنى كل هذه الممالك وهى تثبت إلى الأبد .. ]

وجــــه الاستــدلال :

 إن هذه النبوة لدانيال النبي أخبرت الملك عن ممالك أربعة هي

1- مملكة نبوخذ نصر

2- مملكة المادييين الذين ملكوا بعد مقتل بيلشاصر  بن نبوخذ نصر

3- مملكة الكيانيين

4- مملكة الأسكندر الذي تسلط على بلاد فارس قبل ميلاد المسيح ب 330 وكانت هذه المملكة قوية ثم ضعفت فأصبحت تارة قوية وتارة ضعيفة وفي تلك الآونة ظهر محمد بن عبد الله .

الــــــرد : هنا نجد خلطاً ومغالطات تاريخية متعمدة شأنها شأن النبوات السابقة وذلك لإثبات نبوة غير حقيقية فالمعروف أن محمد قد ظهر بعد الإمبراطورية الرومانية ب 250 سنة ، مما جعل القائل يتعمد الخلط حتى تتوافق تلك مع نبوة دانيال والأغرب من ذلك هو أنه يقسم المملكة الواحدة إلى ممالك أيضاً للوصول إلى هدفه إذا يعتبر تعدد أو اختلاف الملوك على الإمبراطورية الواحدة ممالك وإمبراطوريات وهنا ننقل ما قاله محقق كتاب إظهـار الحق الدكتور أحمد حجازي السقا الذي قال بالحرف الواحد " إن المؤلف قد نقل من الإصحاح الثاني من سفر دانيال أصل " ملكوت السموات " ولم ينقل ما جاء عن هذا الأصل أيضاً في الإصحاح السابع من نفس السفر ، ولم يفسر الممالك الأربعة بالتفسير المتفق عليه تاريخياً وحسب ما هو معلوم عند أهل الكتاب ، وبناءً على تفسيره لا تنطبق البشارة على نبي الإسلام . إظهار الحق ج2 ص269 وهنا نضيف للقارئ التقسيم التاريخي الحقيقي لهذه الممالك كما جاء في نبوة دانيال .

المملكة الأولى : هي المملكة البابلية الكلدانية ، الآشورية العظيمة المشار إليها في دانيال 2 : 31 ، 37 ،

المملكة الثانية : هي مادي وفارس المعبر عنها بالكبش كما جاء في النبوة " رأيت الكبش ينطح غرباً وشمالاً وجنوباً والنطح يدل على الانتصار ، والتاريخ يثبت أن هذه المملكة قد سيطرت على بلاد العراق وسوريا وأسيا الصغرى وأرمينيا وصولاً إلى بحر قزوين وفلسطين والحبشة ومصر وليبيا ورغم ذلك كانت تعد أصغر من سالفتها .

المملكة الثالثة : هي المملكة المكدونية و أسسها الإسكندر أبن فيلبس المشار إليه بالتيس الذي جاء من المغرب ( دانيال 8 : 5، 21)

 والتيس ذو القرن الواحد دائماً كان يشير إلى المملكة المكدونية كما كان يشير الكبش ذو القرنين إلى المملكة الفارسية " الكامل في التاريخ لأبن الأثير  ص1101 وقد غزا الإسكندر بلاد فارس سنة 334 ق .م وفي موقعة جرانكوس سنة 333 انتصر على الفرس ، وقهر درابوس الأكتع سنة 331، و في سنة 328 قهر ملك الهند حتى دخل نهر الكنج حتى أصبح يقال عنه أنه قد تسلط على كل الأرض ، وعندما مات الإسكندر قسمت المملكة بعده على قواده الأربع .

المملكة الرابعة : المملكة الرومانية ولا يمكن أن يكون غيرها إذا أنها كما قالت النبوة ستكون صلبة كالحديد بعد أن عبر عن الأولى بالذهب والثانية بالفضة والثالثة بالنحاس من الضروري أن تكون أقوى من اللواتي سلفن ، ويثبت التاريخ ذلك بذكر غارات الرومانيين المستمرة التي كانت لا تنقطع والحروب المتتالية على المكدونييين حتى اخضعوا كل بلادهم وحدث ذلك ما بين سنة 168 ق . م ، 30 وامتلكوا جنوباً القيروان ومصر وفي الشرق الفرات ، نصيين وقد أخضعت هذه الإمبراطورية كل الممالك وداست كل شرف وقوة وصارت في مدة ثلاثة قرون إمبراطورية عظيمة مؤلفة من أوربا ، وأسيا ، وأفريقيا وفي هذه الأيام ولد المسيح لا محمد ، على عكس التاريخ الذي يثبت أن مجيء الإسلام قد كان بعد الإمبراطورية الرومانية ب 250 سنة

الدليـــل الثـــاني عشر :

 يهوذا ، 1 : 14 ، 15

" هو ذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع ويعاقب فجارهم على جميع أعمال فجورهم ..... "

 وجــه الاستــدلال :

 إن لفظة الرب هنا هي بمعنى المخدوم أو المعلم ، لفظ المقدس فهو يطلق على المؤمن الموجود على الأرض ، وعليه يكون المقصود بالرب هو محمد ، القديسين هم صحابته .

رد الاستــــدلال :

 نقول ، هناك نوع من الكتّاب حقاً يجادلون بالباطل ، فيثبتون المعلومة وقت ما يحتاجون إليها وينفونها في غير ذلك خاصة أولئك الذين قالوا أن لفظ الرب هنا  يعنى واحداً من البشر وهو محمد ، لكنهم عندما يتعرضون لنفس هذا الموقف بالنسبة للمسيح يكشرون عن أنيابهم متجاهلين كل قواعد الأصول والفقه واللغة التي منها إن لفظة الرب عندما تعرف ب " 1 ، ل " العهد سواء في العهدين القديم والجديد ، لم تأت مطلقاً ولا يمكن أن تأت بمعنى البشر , لكنها عند الإضافة يمكن أن تطلق على كثيرين حيث تعينها قرينة الإضافة على ذلك وفي هذا النص نجد أن " ال " العهدية غير مبدلة وغير مضافة فلا تطلق إذا على غير الله إضافة إلى ذلك كيف يمكن أن نقول أن محمد هو الرب ولم يأت في السيرة أو التاريخ أن محمد كان يحمل اسماً ضمن أسمائه المعروف بها هو الرب " ولو كان كذلك لبينه للناس حتى لا تكون هناك صعوبة في تطابق النصوص المبشرة به ، كذلك جاء في آيات عديدة عن محمد أنه قال { قل سبحان ربى هل كنت إلا بشراً رسولاً .... } الإسراء 93 { قل إنما أنا بشر مثلكم .....} فصلت :6

ثانيــاً : أن من صفات هذا المبشَر به أنه يأتي ليصنع دينونة على الجميع ، ويدين الفجار على أعمال فجورهم ..... " وهذا ما لم يتحقق لمحمد ولا أثبته له القرآن ، إذ نفى عنه أي سلطة في أكثر من 20 أية قرآنية يعلمه الله فيها صفته أنه مجرد رسولاً فقط ، فنراه يقول عن سلطاته هو في النصوص التالية { قل لا أملك لنفسي نفعاً وضراً ..... } الأعراف 188

                 { قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً ..... } يونس 49

                 { قل لا أملك لكم ضراً ولا شدا ..... } الجن 21  

                 { إن الحكم إلا معه يقص الحق .......} الأنعام 57 .

 فهل بعد ذلك يمكن أن تقول أن تلك نبوة عن محمد 

الدليـــل الثــالث عشـــر : " مت 3 : 3 "

" توبوا لأنه قد أقترب ملكوت السموات . فإن هذا هو الذي قيل عنه بأشعياء النبي القائل : صوت صارخ بالبرية أعدو ا طريق الرب .... " مت 3 : 2-4

وجــه الاستـــدلال :

هذا إعلان واضح عن الدولة الإسلامية التي أسسها النبي محمد إذا أن يوحنا والمسيح والحواريين والتلاميذ جميعهم قد بشروا بملكوت السموات ، وهذا يدل أن هذا الملكوت لم يكن ظاهراً في عهد يوحنا أو المسيح أو التلاميذ أو الحواريين ، وهم لم يكونوا سوى مبشرين به ويعنى ذلك أن الملكوت لم يكن هو طريقة النجاة التي جاء بها المسيح بل هو طريقة محمد وملكوته يعنى السلطة التي لمحمد ، السموات هي الكتاب السماوي وقد تعدد الكلام عن الملكوت هذا في مت 12 ، مت 6 ، مت 10 ، لوقا 9 ، لوقا10

رد الاستـــدلال :

إن الحديث عن نبوة مثل هذه لا يكون بهذه الصورة من التلاعب بالمعاني والألفاظ ،إذا أن صاحب إظهار الحق يقول عن ملكوت السموات ذاك أنه ما قرأناه عالياً وكان الأولى به أن يأتي بالقرائن التي تثبت احتجاجه ، لكنه عن عمد تجاهل نصوص كثيرة بخصوص الملكوت لو أنه قد سمح لنفسه بقراءتها لما أحتاج لهذا كله ولكنها عادته كما رأينا من نصوص سابقة ، مع العلم أنه أيضاً عن عمد ينقل النصوص الكتابية محرفة الكلمات مدعياً أن تلك هي الترجمة الصحيحة ورغم ذلك فنحن بمشيئة الرب نرد حتى على النصوص التي أصطنعها .

أولاً:  لو أننا وافقنا رحمة الله الهندي على تفسيره للملكوت بأنه شريعة أو كما يسميها " طريقة النجاة " فالقول أن ذلك ينطبق على شريعة محمد بعيد كل البعد عن الصواب

1- في الدليل الثاني عشر بخصوص الممالك الأربع والمملكة التي ستتواجد في أيام المملكة الرابعة كما جاء في( د : 2 )وجدنا أنه في زمان الإمبراطورية الرومانية جاء المسيح وجاءت المسيحية وبالعودة إلى سفر دانيال الإصحاح( 7 : 13 ) " كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل أبن الإنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام ، فقربوه قدامه فأُعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة " (د 7 :13 ) ورغم أن رحمة الله الهندي قد نوه عن هذا النص السابق أخذاً لفظ " ابن إنسان " والحاقة بمحمد لكننا نقول له :

1- إن محمد لم ولن يأتي في سحب السماء إذا لم يأت ذكر لذلك لا في القرآن ولا في السنة بل كل ما جاء عن محمد هو ،  مجرد أنه إنسان عادى وأخيراً قال له وحيه " إنك ميت وأنهم ميتون " الزمر : 30 أما الكتاب المقدس بعهديه فملئ بألفاظ المسيح التي هي أبن الإنسان ففي (رؤ 1 : 13 )" وفي وسط السبع المنابر شبه أبن إنسان متسربلاً " كذلك في (مت 26 : 64 )" وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون أبن الإنسان جالساً عن يمين القوة " إضافة إلى ذلك نجد العلماء المسلمين الصادقين قد أقروا بأن المسيح هو الذي يأتي في السحاب والغمام وهو الذي يدين العالم كعلامة من علامات الساعة ، فقال الشهرستاني في كتابة الملك والنحل ص 27 ، إن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة " وهو المراد بقوله { وجاء ربك والملك صفاً صفاً }  الفجر 22، وهو الذي يأتي في ظلل من الغمام على السحاب . البقرة 210

وهو الذي قال عنه النبي محمد  " إن الله تعالى خلق أدم على صورة الرحمن " المسيح " .

الدليـــــل الرابـــع عشر : مت 21 : 33 - 45

[.. اسمعوا مثلاً أخر .. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار راس الزاوية .. و من سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه ] .

وجــه الاستــدلال :

 إن هذا الحجر هو بشارة محمد وذلك لأن اليهود كانوا يحتقرون أبناء إسماعيل ورب البيت كناية عن الله ، الكرم كناية عن الشريعة كذلك فإن هذه البشارة تنطبق على محمد لأنه جاء بالسيف ليسحق كل الأشرار والفجار أما المسيح فقد قال [ لم آت لأدين العالم بل لأخلص ] ( يو 12 )

رد الاستـــدلال :-

 1- من حيث اللغة والفقه فهذه ليست لا نبوة ولا بشارة لكنه بكل وضوح كما هو ظاهر في النص " أسمعوا مثلاً أخر " فهذا مثل ساقه المسيح للشعب والتلاميذ لتقريب المعاني آلتي يريد أن يعلمهم إياها ولو أننا أخذنا كل مثل اعتبرناه نبوة لكن هناك أكثر من محمد

2- إن القول أن هذا المثل ينطبق على محمد تطابقاً مع رفض النباؤون له : مناف تماماً لقواعد الفقه واللغة والشرع : إذا أنه كان ينبغي أن يكون الفعل في المستقبل ليخبر عن شئ آت كنبوة إما قوله يعنى وجود هذا الحجر ولم يكن موجود محمد آنذاك إذا جاء بعد ذلك ب 700 سنة . ثم إننا لو تغافلنا عن ذلك فكيف يمكن الربط بين نبوة لليهود أن يكون لهم نبياً من إسماعيل المحتقر ، أتقرأن يحدد أن محمد ليس إلا نبياً للعرب .

3- القول بأن رب البيت كناية عن الله ، الكرم كناية عن الشريعة ترى فالابن يكون كناية عن من ؟ ؟ ؟ إلا ينطبق ذلك بعينه على المسيح أبن الله أم أنكم ستغيرون معتقداتكم وتقولون أن محمد هو أبن الله ...... ؟

4- القول بأن هذه النبوة تنطبق على محمد لأنه هو الذي يسحق من يسقط عليه " يرفضه " تطبيقاً لقوله [ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ...... ] أما المسيح فلم يأت إلا ليخلص . نقول هذا باطل وشر عظيم فكما ذكرنا من قبل ليس هناك علاقة بين محمد واليهود لأن هذا الحجر إن سقط فسوف يسقط على اليهود آنذاك وليس العرب ثم من قال أن المسيح لم يأت ليدين كل من يرفضه فقد قال " من أمن وأعتمد خلص ومن لم يؤمن يدان . [ جئت لألقى ناراً على الأرض  ]( لو 49 -52 )

[ كلا  ...بل انقساما ....]  .

أخيراً إن الضمير في النص " رفضه " يعود على أقرب المذكورين ترى من يكون أقرب المذكورين المسيح أم محمد ؟

الدليـــــل الخـامس عشــر :

 [ ومن يغلب ويحفظ أعمالي إلى النهاية فسأعطيه سلطاناً على الأمم . فيرعاهم بقضيب من حديد ...] رؤ 2 : 26

وجــه الاستــدلال :

إن هذا الغالب الذي أعطاه الله سلطانا على الأمم هو محمد ، وكان يلقب بصاحب الهراوة وأنه عندما  ولد  أنشق إيوان كسري انو شروان وسقط من ذلك أربعة عشر شرفة ..... "

رد الاستــدلال :

يقول علماء الأصول الفقهية أن النص يؤخذ على عمومه ما لم تكن هناك قرينة تحصصة" فهذا النص عام ومن يقول بانطباقه على شخص ما ، على مكان ما عليه أن يأتي بالقرائن آلتي تؤيد ذلك وتؤكده والقول بأن الذي يعنيه النص هنا هو محمد يفتقر إلى الدليل حتى الضعيف منها للأسباب الآتية : بخصوص ذات النص فقد كان موجهاً إلى كنيسة ثياتيرا بالقرب من تركيا ، وهو المكان الذي لم يكن لمحمد أي موطئ قدم هناك ولم يغلب أبداً ، وأن الذي أرسل هذه الكلمات كما جاء في عدد 17 وأكتب إلى ملاك الكنيسة التي في ثياتيرا هذا  يقوله أبن الله الذي له عينان كلهيب نار ..." فهذا الخطاب موجه من أبن الله لأناس يؤمنون به إلى كنيسة في ثياتيرا وهنا نقول

1- هل آمن محمد بالمسيح كابن لله وأنه مات وقام حتى ينطبق الكلام عليه؟ 

2- هل كان للمسلمين كنيسة في ثياتيرا توجه إليها الرسالة ؟

3- إن الله لم يعط محمد سلطانا على الأمم وهو لفظ لم يكن معروفاً عند قريش بل كان يقصد به غير اليهود

4- القول بانطباق النص على محمد في قوله [ ويرعاهم بقضيب من حديد ..] أقرب إلى الخيال وما يقولونه من أنه كان يلقب بصاحب الهراوة وأنه يوم ولادته حدث انشقاق لإيوان كسرى كل تلك أقاويل بلا سند حتى ولو كان هناك سند لها فهي تؤخذ ضد نبوة محمد لا معه إذ أنهم بذلك يثبتون أنهم متناقضي الفكر والاستدلال فقالوا عن ( أشعياء 60 : 1 ) [  أصغيت إلى الذين لم يسألوا .. ] وقالوا إن ذلك يعنى محمد وقريش لأنهم لم يسألوا الله النبوة ، في حين النص الذي نحن بصدده الآن يتكلم عن قضيب من حديد وبالعودة إلى شاهده في (مزمور 2 : 7 ، 8)"  اسألني أعطيك الأمم ميراثا لك وأقاصي الأرض ملكاً لك . تحطمهم بقضيب من حديد .... "( مر 2 : 7 ، 8 ) ، فالله يقول عن صاحب القضيب اسألني أعطيك وهم أي " قريش " يقولون إنهم لم يسألوا طبقاً لأشعياء 65 : 1 ، فلماذا هذا التحول في الفكر والتذبذب العشوائي حول أدلة لا تمت إلى محمد بشيء ؟

الدليـــل السـادس عشـر : -

[ إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد ... ] يو 15 : 15 ، [ وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الله باسمي فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم ...] يو 15 : 26

 وجــه الاستــدلال :

أن المعزى هنا هو بمعنى " فارقليط " وأن تلك هي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1821 في لندن ، وقد أدعى غير واحد أنه الفارقليط الذي بشر به عيسى إلى أن جاء نبي الإسلام وسمى محمد فكانت محمد في اليونانية أقرب للفارقليط فكان محمد هو المعنى بهذه البشارة .

رد الاستــدلال :

إن هذا يدل على عدم فهمه حتى لغة مصدر الاستدلال حتى أنهم قالوا إن الإنجيل قد حرف واستبدل كلمة " فارقليط " بكلمة المعزى ، وهنا نقول لهم إن قواميس اللغة اليونانية موجودة حتى الآن والنسخ اليونانية من الإنجيل أيضاً موجودة والكلمة مثار  البحث معناها أو هي HAPAKAHTOE   وليست HEPIKAHTOE

وبالمعنى الإنجليزيparacleetos و ليست paricletos .

وإننا نقول انه سواء كانت ا لكلمة بارقليط ، بار قليتس فالسؤال الآن هل هي أحمد ، محمد ؟ إن الذي بين أيدينا في سورة الصف أن عيسى قال لبنى إسرائيل " وإذا قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد " وقال المسلمون أن اليهود يعبرون عن الكلام بلغة الأرقام ، ح = 8 ، م ، 40 ، أ = 1 ، د = 4

فيكون أحمد = 1 + 8 + 40 + 4 = 53

فيكون محمد = 40 + 8 + 40 + 4 = 92

فيكون محمود = 40 + 8 + 40 + 6 = 94

فأحمد غير محمد غير محمود ، فمن منهم كان النبي ؟

2- أن لفظ يوحنا يقول " يمكث معكم إلى الأبد " وهذا يدل على أن المعزى هذا ليس بشراً إنما هو شئ روحاني كتعاليم أو غيرها ولو قلنا أن المعزى هنا هو محمد لكان معنى ذلك أنه لابد لمحمد أن يمكث للأبد والثابت أن محمد قد مات عام 618 م ودفن في المدينة ويقول  القرآن " وما جعلنا لأحد من قبلك الخلد أفإن  مت فهم الخالدون ...."   غافر   " إنك ميت وهم ميتون " غافر كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ... " الرحمن

3- إن المعزى هذا سيرسله الأب وما دام هناك أب فلابد أن يكون هناك إبن فهل يقبل المسلمون ذلك

4- في عدد 26 : يقول يرسله الله باسمي يذكر، يعلم ،فهذا جميل جداً ، وهذا يعنى أن محمد قد أرسل بأسم المسيح ليعلم ويذكر الناس بكل ما قاله المسيح وهذا يتفق مع ما جاء في القرآن { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا } ( المائدة 5 : 44) . وهنا نقول : إذا كان محمد هو المعزى المرسل باسم المسيح ليعلم الناس كل شئ ويذكرهم بكل ما قاله المسيح فهل بلغ محمد الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، وكشف الغمة : هل أقام التوراة والإنجيل ؟ الثابت عكس ذلك بل هاجمها وأنتقدها وقتل من تمسك بها وسبى نساءهم وحرق مزارعهم وذلك يعنى أنه لا بارقليط ولا مارقلبط .

عودة