الحياة اليومية في عصور الكتاب المقدس

. كان الآباء كإبراهيم والباقين إنصاف بدو. عاشوا في الخيام وتنقلوا مع قطعانهم ومواشيهم سعياً وراء الماء والمراعي النضرة. وشابهت حياتهم إلي حد كبير حياة البدو في عصرنا الحاضر. غير أن شعب بني إسرائيل استقر في أرض فلسطين بعد الخروج من مصر. وشاهدت حياته منذ ذلك الوقت قليلاً من التغيير بشكل يثير الانتباه رغم التغيرات السياسية وبروز النظام الملكي وانقسام المملكة بعد ذلك

الحياة البيتية

. تمركزت الحياة في تلك العصور علي البيت والمنزل، وهذا كان يبنى بطريقة تلائم المناخ والوضع الاقتصادي وتوافر المواد الأولية. مناخ فلسطين حار وجاف معظم السنة ولا يقطع الأيام المشمسة سوى المطر المبكر أول الخريف وأكثر أيام الشتاء والمطر المتأخر في نهاية الربيع. المياه نادرة، وبخاصة في الجنوب، حيث يقل المطر. كانت البيوت تبنى بشكل يحمي سكانها من الحر، وكانت أكثر بيوت الفقراء من غرفة واحدة جدرانها من اللبن، وأساسها أرض محجرة، وبعدها استعملوا الحجارة الكلسية في البناء. كانت السطوح المستوية تستعمل للتخزين والجلوس، يصعدون إليها علي درج خارجي. والنوافذ كوي صغيرة مشتبكة أو مصاريع تحول دون المتطفلين وتسمح بمرور الهواء

كان الجو داخل المنزل بارداً وظليلاً. وفي جانبه منصة مرتفعة للنوم والطعام، وباقي المساحة السفلى تستعمل للتخزين ووضع الجرار والأواني ومطحنة اليد، ومساحة أخرى للحيوانات. كانت بيوت من هم أكثر يسراً تبنى بمواد أفضل من اللبن وتلبس بالحجارة وبمشبكات معدنية في النوافذ. بعضهم رفع البناء بحيث أضاف إلي المنزل،

. وبعضهم وسع البناء إلى خارج ليضم إلي المنزل ساحة أو أكثر، وكثيرون أنشأوا فيها حدائق جميلة. أما البدو سكان الصحراء فكانوا الأسوأ حالاً يقطنون في خيام من شعر الماعز حسب تقليد يعود إلى زمن إبراهيم

. داخل المنزل، كان الفقراء من السكان يقعدون وينامون علي حصر، واستعملوا قناديل للإضاءة بزيت الزيتون. بالمقارنة استعمل الأغنياء الموائد للطعام والأسرة للنوم وكان لهم خدم لتهيئة الطعام الفاخر وأسباب اللهو والموسيقى، بدلاً من لبن الماعز، والزيتون وخبز الشعير – الطعام الدائم عند غيرهم

الطعام والثياب

. كان علي الفلاحين أن يعملوا لكسب رزقهم، الرجال في الحقول أو الحرف القروية، والنساء والأولاد في تدبير شؤون المنزل وإحضار الماء من بئر القرية في أوعية من جلد الماعز باكراً قبل حر النهار. بعد ذلك يقومون بتنقية القمح لئلا يبقي فيه حبوب قد تكون سامة، ويشوون بعضه فريكاً علي رقيقة معدنية ويطحنون الباقي ويصنعون منه شرائح من الكعك يخبزونها في أفران توقد بنار الأعشاب. وكانوا يجعلون الخبز يرتفع بالنار بواسطة الخميرة وهي جزء من عجين اليوم السابق ترك ليختمر

. كان الناس يستعملون الثياب المناسبة للطقس. فيرتدون الأردية الطويلة الفضفاضة يحافظون بها علي برودة أجسامهم. أما نوع الأقمشة وخياطتها فبحسب وضع المرء الاقتصادي. كان الفلاحون يرتدون المئزر أو قميصاً يشدونه عند أوساطهم وفوقه العباءة. كان القميص من القماش الأبيض يتدلى إلي الركبتين وعند العمل أو الجري يلف إلي الوسط: العمل المعروف "بشد الحقوين". وثوب النساء كان مشابهاً لثوب الرجال إلا أنه كان أكثر إتقاناً وأزهى ألواناً. وقبل البدء بالعمل ترفع أكمام الثياب. والعباءة الخارجية كانت رداء طويلاً من الصوف ذا أقلام سوداء وبنية مشقوقة عند الكتفين لدخول الذراعين. وحيث أن أنوال النسيج عند اليهود كانت بعرض ثلاثة أقدام فقط، كانوا يخيطون قطعتين من القماش معاً ليحصلوا علي الطول المطلوب للرداء – إن رداء يسوع المنسوج غير الموصول (قطعة واحدة) كان شيئاً شاذاً عن القاعدة

. كان بوسع الأغنياء لبس الثياب المصبوغة بالألوان الزاهية وكانوا يضعون سترة (جاكيت) فوق القميص. وكانت الثياب في الغالب تدل علي عمل الإنسان. فالكهنة والمعلمون (الرابيون) كانوا يلبسون ثياباً خاصة واشتهروا بثيابهم ذات الأهداب الزرق. وكان الفقراء، إذا تيسر لهم لبس الأحذية، يصنعونها خفافاً من جلد البقر المدبوغ ويشدونها إلي الكاحل بيسر من جلد يمر بين الأصبع الأكبر والذي يليه في الرجل، بينما الأغنياء يلبسون خفافاً من الجلد الطري. كان الرأس يحمى من الشمس بعمامة أو بمنديل مربع يشد إلي الرأس بعقال. ولم يكن للناس العاديين ألبسة مزخرفة خاصة للنوم، كانوا يفكون مآزرهم ويلتحفون بعباءاتهم

حياة العمل

. كان المجتمع زمن بني إسرائيل مجتمعاً زراعياً، الأمر الذي جعل العمل يدور حول محورين: الزراعة والحرف اليدوية القروية

الزراعة

. كانت الزراعة من أهم الأعمال. فعندما ترطب أمطار الخريف المبكرة التربة تأخذ سكة الفلاح الخشبية التي يجرها ثوران تشق الأرض استعداداً لزرع البذار، الذي كان الفلاحون يرشونه باليد بين الأثلام وينتظرون أمطار الربيع المتأخرة التي تنمي الحصاد. وعند القطاف كانوا يقلعون النبات بكامله أو يقطعون سيقانه بمناجل من خشب ثبتت فيها حجارة صوان مسننة. بعد الحصاد يأخذون الحب إلي أرض صلبة لدراسته حيث تمر عليه حوافر الثيران أو نوارج الثيران لفصل التبن عن الحنطة. وعند هبوب الريح يبدأون بالتذرية وذلك برمي الحب في الهواء بواسطة مذراة ذات شعب، فتحمل الريح التبن بعيداً، حيث يجمع بعد ذلك في رزم للاستعمال في وقيد الأفران المنزلية. وتتم عملية التذرية باستعمال الغربال الذي به يزال التراب والحصى من الحب المدروس المذري فيغدو نقياً فيكيلونه ويضعونه في أكياس لبيعه أو استعماله

. أما المواسم الأخرى فكانت العنب والزيتون والتبن. كان معظم العنب يعصر ويخمر لحفظه. والزيتون كذلك لاستخراج زيته. وزيت الزيتون سلعة مرغوبة للطبخ والإنارة والتنظيف والطبابة

صيد السمك

. ما كان صيد السمك عملاً رائجاً في أزمنة العهد القديم، وبنو إسرائيل أنفسهم ما كانوا ماهرين في الملاحة، لهذا اقتصر صيد السمك علي الأنهار والبحيرات القليلة في فلسطين وأشهرها بحيرة طبرية أو بحر الجليل. وكان السمك وافراً في طبرية بحيث يمكنك أن تقف إلي الشاطئ وترمي شبكة ثم تشدها ملأى بالسمك. والوسيلة الأكثر اتباعاً في الصيد كانت شبكة تدلى عمودياً في الماء، وفي أطرافها السفلية مثقلان من الرصاص وفي أطرافها العلوية فلين بين قاربين يدوران في الماء ويحجزان السمك داخل الشبكة في وسط البحيرة، أو يتجهان إلي الشاطئ لحصر السمك في المياه الضحلة. يباع السمك بعد الصيد مباشرة أو يحفظ في الملح

. كان صيد السمك يجري أيضاً بالرمح والصنارة. ومهنة الصيد كانت خطرة بسبب الأعاصير المفاجئة التي تجتاح البحيرة. منها ما يأتي من الرياح الباردة المندفعة من سفوح جبل الشيخ (حرمون)، وأحياناً بسبب الهواء الساخن المتصاعد من منطقة غور الأردن الأدنى من سطح البحر، الذي يصطدم بالهواء البارد الآتي عبر التلال من البحر الأبيض المتوسط

الرعاية

. رعاية المواشي كانت أيضاً من الأعمال الأساسية من قديم الزمان. كان علي الراعي أن يقود قطيعه إلى المراعي ويهتم به، وهذا يتطلب منه التنقل والتجوال الدائم وبخاصة في فصل الصيف الحار. وفي كل مساء يعد الراعي خراف قطيعه ويدخله الحظيرة وينام عند المدخل جاعلاً من نفسه "باب الخراف". كان علي الراعي أن يبقى يقظاً لئلا تأتي بعض الوحوش البرية كالأسود والذئاب من وعر وادي الأردن لتعتدي علي القطعان. كانت القطعان في الغالب تتألف من خليط الضأن والماعز. يتقدم الراعي الخراف أما الماعز فيسوقها أمامه. صوف الخراف وشعر الماعز كلاهما مواد ضرورية لصناعة الملابس وحياكة الخيام. الماعز تدر اللبن وكلاهما مصدر أساسي للحوم

حرف القرية

. عرفت حياة القرية كل أنواع الحرف والصناعات حتى في الأزمنة القديمة. فكان النجارون يصنعون أدوات الفلاحة والتذرية وأثاث البيوت ويرممونها. وكان الخشب نادراً لقلة الأشجار في فلسطين. بينما البناؤون يستخرجون الحجارة الكلسية المتوافرة في صخور فلسطين ويصقلونها قليلاً لاستعمالها في البناء. واستحضر الخزافون الطين لصنع الأواني المنزلية من الفخار. وكان دولاب تشكيل الطين يدار باليد أولا، ثم تطور فأصبح بالرجل. واستعملوا الأفران البدائية لحرقه وتقسيته. عمل الدباغة كان مهماً أيضاً، لكن بسبب الرائحة كان يجري عمل الدباغة خارج القرية وقرب مياه جارية حيث كانت تصنع الأحذية والأحزمة من جلد الماعز

الحياة الاجتماعية والأعراف

. في حياة كل عائلة من بني إسرائيل في ذلك الزمان، كانت تبرز في الذاكرة ثلاثة أيام: يوم الولادة ويوم الزفاف ويوم الممات

يوم الولادة

. عدم إنجاب الأولاد كان يعتبر كارثة في الشرق، ولا يزال. تحسب سعادة المرء، هنا، بعدد أولاده ولا سيما الذكور. عندما يولد الابن البكر تصبح أمه: أم فلان عوضاً عن: ابنة فلان. ما كانوا يرحبون بولادة البنات لسبب وضاعة مركزهن في المجتمع، كانت البنات نافعات للعائلة فقط كعاملات

. عند الولادة، كانوا يفركون جسم الطفل بالملح ليشتد جلده، ويشدونه بالأقمطة لتنمو أوصاله مستقيمة، ويعتنون بالغ العناية باختيار اسم له يتضمن ما يفترضونه فيه مستقبلاً من مزايا جسدية أو خلقية. وكانوا يختنون الصبي بعد ثمانية أيام من ولادته. ويفتدي البكر بعد شهر من ختانه بتقدمة مالية تقدم للكاهن. وما كانوا يفطمون الرضيع إلا بعد بلوغه سنته الثانية أو الثالثة

يوم الزفاف

. الزواج هنا مسألة يتدبرها الوالدين لا الأولاد، إذ كانت العلاقة الاجتماعية بين الفتيان والفتيات شبه معدومة، والزواج واجب علي كل واحد. ولأنهم كانوا ينظرون إلي المرأة كعاملة مفيدة، كان الزوج يدفع ثمنها – مهرها

. أول خطوة رسمية وملزمة في طريق الزواج كانت الخطبة وتبادل الهدايا. وليلة الزفاف يذهب العريس وصحبه إلي منزل العروس في موكب حيث تكون العروس وأهلها في انتظارهم. يبارك أهل العروسين ولديهم المتعاقدين، ويأخذ العريس عروسه إلي منزله بينما يصطف الضيوف المدعوون في موكب حاملين المشاعل. وكان يتبع ذلك مأدبة كبيرة تدوم أسبوعاً، في حدها الأقصى

يوم الممات

. عندما يتوفى أحد تدخل العائلة مرحلة مناحة منظمة. وأحياناً يستأجر ندابون محترفون للبكاء والعويل. وبسبب حر المناخ ينبغي دفن الجثمان خلال 24 ساعة. كانوا يغسلون جسد الميت ويلبسونه ثيابه – في زمن العهد الجديد كانوا (نادراً) يدهنونه بالأطياب ويكفنونه بلباس خاص للدفن، مع منديل من كتان يلف به الرأس. كان الفقراء يدفنون في قبور عادية أو مغاور، والأغنياء في قبور خاصة منحوتة في الصخر تسد بصخور مدورة (في زمن العهد الجديد كان الصخر الذي يسد القبور منحوتاً بشكل دولاب)

الثقافة العدالة

. في عصور التوراة لم يكن ثمة "مدارس" لأولاد الناس العاديين. كانوا يتعلمون يوماً فيوماً المهارات المعروفة لدى والديهم. وكانت مهمة الأهل تعليم أولادهم الشريعة وفرائض الأعياد. في زمن المسيح كان تعليم الفتيات يقع علي عاتق الأمهات بالكلية، غير أن الصبيان كانوا يذهبون إلي المدارس الملحقة بالمجمع عند بلوغهم السادسة. كانت كتب التدريس كتب التوراة يتعلم فيها التلميذ التاريخ والجغرافية وآداب شعبه وشريعته. وكان الذكي من التلامذة يرسل إلي أورشليم ليجلس عند قدمي رابي (معلم) متعمق بعلوم التوراة فيتشرب منه تعاليمه. فضلً عن تعلم الشريعة كان علي الصبي اليهودي أن يتعلم مهنة. وهذا الواجب.‏، مع تعلم معاني الأعياد، كان يقع علي عاتق والده. عندما كان الصبي يبلغ الثالثة عشرة، كان يطلق عليه لقب "ابن الشريعة". ويعتبر عندها، لأسباب دينية، إنه أصبح رجلاً. وهذا يؤهله لأن يعتبر واحداً من مجلس العشرة الذكور الذين من دونهم يستحيل القيام بالخدمة الدينية في المجمع. وفي السبت الذي يلي تأهيله يقرأ فصلاً من التوراة باللغة العبرانية في المجمع وينال بركة الرئيس

تنفيذ أحكام الشريعة

. ما كان ثمة فجوة كبيرة بين القوانين المدنية والدينية في إسرائيل. كان الكهنة واللاويون والشيوخ يعملون لغاية واحدة وتقاسموا مهام تطبيق العدالة. أما المحاكم فكانت تقام عند أبواب المدن والقرى حيث تبلغ المظالم والشكاوي فيبت بها رسمياً

. في زمن العهد الجديد كانت المحكمة العليا عند اليهود مجلس السنهدرين. وهو مؤلف من سبعين عضواً يجتمعون في الهيكل. أذنت السلطات الرومانية لهذا المجلس بإصدار كل الأحكام المتعلقة بالشريعة اليهودية، ما عدا حكم تنفيذ الإعدام. وبقي القضاة المحليون يبتون بالقضايا الصغرى في أبواب القرى كما في القديم

الحياة الدينية

تمحورت الحياة الدينية في إسرائيل في البداية حول خيمة الاجتماع، ثم بعد ذلك حول الهيكل، وسارت وفق أحكام الشريعة في ما يتعلق بتقديم الذبائح والقرابين والأعياد السنوية الكبرى. وكان يقوم بتنفيذ هذه الأحكام الكهنة اللاويون.

. كان أعظم أعياد السنة يوم الكفارة – وهو المناسبة الفريدة التي فيها يدخل الكاهن مرة في السنة إلي قدس الأقداس في الهيكل ليكفر عن خطاياه وخطايا الشعب. ثم عيد الفطير وعيد الفصح اللذان يستذكر فيهما الهرب من مصر. ثم عيد الأسابيع (يوم الخمسين) يحتفل فيه ببدء الحصاد. ثم عيد المظال يحتفل فيه بالحصاد. ثم عيد الأبواق والفوريم للاحتفال بذكرى نجاة اليهود علي يد أستير. كانت الشريعة تطلب من أفراد الشعب الحضور إلي الهيكل للمشاركة في الأعياد ثلاث مرات في السنة، غير أن القاطنين في أمكنة نائية كانوا يجيئون مرة في السنة. كانت هذه الأعياد مناسبات تقام فيها المحافل المقدسة والاحتفالات البهجة

. غير أن قلب الحياة الدينية في الأمة كان يوم السبت من كل أسبوع. كان السبت يوم راحة، تتوقف فيه جميع الأعمال ويتذكر فيه الشعب جود الرب، ويتلذذون بما تعبت فيه أيديهم من جني طوال الأسبوع. كان يوم السبت مهماً في حياة إسرائيل بحيث أن الأنبياء كانوا يقيسون حرارة الأمة روحياً بمستوى محافظة الناس العاديين علي هذا اليوم وتقديرهم له

الهيكل والمجمع

. بين نهاية العهد القديم وبداية عصر العهد الجديد طرأ تطور بارز في الحياة الدينية الرسمية لدى اليهود. فالعبادة صارت تجرى في المجامع المحلية باستمرار بدلاً من الذهاب إلي الهيكل – هذه العادة نشأت في أيام السبي عندما كان اليهود بلا هيكل. اقتصر القيام بالخدمة الدينية في المجمع علي الرجال، أما النساء والأطفال فكانوا يجلسون في جناح خاص. كان يشرف علي برنامج العبادة رئيس المجمع الذي ينتخبه شيوخ القرية. وكانت تتلى في خلال خدمة العبادة نصوص إيمانية عقيدية وصلوات وقراءات من كتب الشريعة والأنبياء. يتبع ذلك خطبة دينية وبرهة يناقش أثناءها الحاضرون ما جاء فيها. كان في الجدار خلف المنبر فجوة تغطيها ستارة تحوي صندوقاً توضع فيه أدراج الكتب المقدسة. هذه الأدراج يفتحها علماء الشريعة فقط. بين هذه الفجوة والمنبر كان يجلس القراء في مواجهة العابدين، وحولهم معلمو الشريعة الكبار الذين كانوا يجلسون علي كراس مرتفعة تعرف بكراسي موسى

. كان الناس حسب الإمكان يزورون الهيكل في أورشليم الذي أعاد بناءه هيرودس. كان هيكل هيرودس مبنياً حسب خطة هيكل سليمان لكن علي مدى أوسع جداً. كان الهيكل كناية عن مساحة واسعة مفتوحة مقسمة إلي ساحات بسلسلة من الجدران. كان يحق لغير اليهود الدخول فقط إلي الساحة الخارجية التي كانت معبراً إلي المدينة وسوقاً لبيع الماشية والصيرفة. أما اليهود فيدخلون إلي الباحات الداخلية، وبإمكان الرجال منهم مراقبة تقديم الذبائح من باحة مجاورة لباحة الكهنة. وكان يسمح لصاحب الحظ من الكهنة، في يوم واحد فقط من عمره، أن يدخل إلي قلب الهيكل ليقدم البخور المقدس. أما قدس الأقداس (كان خالياً من تابوت العهد في زمن العهد الجديد) فكان يدخله رئيس الكهنة مرة واحدة فقط في السنة

. وهكذا نرى أن قصة الكتاب المقدس تعكس خلفية مجتمعية ريفية وعائلية، لم تتغير علي مدى قرون. وتعكس أيضاً تاريخاً لإمبراطوريات تتحارب وللحياة المتعددة الجنسيات العالمية للإمبراطورية الرومانية في القرن الأول الميلادي. ويسوع جاء ليشارك الناس عيشهم في هذه الوضعية الاجتماعية في جميع أوجهها

الصفحة الرئيسية