شارك برنابا الآخرين بأملاكه

بعد قيامة المسيح وموعظة بطرس الأولى، عقب حلول الروح القدس يوم الخمسين، آمن برنابا القبرصي الأصل على أثر التبشير الرسولي. ونقرأ في أعمال 11:24 أنه كان رجلاً صالحاً. بيد أنه لم يكتفِ بكونه مسيحياً صالحاً، فأراد أن يعبّر عن إيمانه الحيّ المُخْلص بطريقة جليّة معيّنة. لم يكن من الممكن أن يصبح فيما بعد مُرسلاً، كما صار في الواقع، لو لم يبِع أملاكه ويعطيها للمحتاجين.

قال يسوع وهو يحزن على الشاب الغني: »مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الْأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللّهِ!« (مرقس 10:23) بعدما أوصاه »بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ« مرقس 10:21). فما لم يفعله ذلك الشاب فعله برنابا. باع كل ما له وتبع يسوع بلا رجوع.

يكون البعض مسيحيّين ممتازين إلى أن تمسّ جيوبهم! وبعدئذٍ يتحوّلون إلى بخلاء وبؤساء. أَليس هذا ما نتعرّض له في شرقنا الأوسط، ولهذا تعرج كنائسنا وتترنّح.

عمليّة برنابا تشبه في سخائها تقدمة تلك المرأة المجهولة التي أقبلت إلى يسوع بقارورة طيب من الناردين الخالص كثير الثمن (مرقس 14:3) وسكبت محتوياتها على رأسه. فقال عنها الرب: »حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهذَا الْإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ، يُخْبَرْ أَيْضاً بِمَا فَعَلَتْهُ هذِهِ، تَذْكَاراً لَهَا«. وحيثما يُكرَز بكلمة الله هناك يسمع الناس بما فعله برنابا. لقد قبل يسوع تلك التقدمة المندفعة من المرأة الرقيقة الفؤاد، وقبل أيضاً سخاء برنابا العملي.

قال الفيلسوف برتراند رَسِل إن الشيوعيّة استمدّت اهتمامها بالكادحين المظلومين من المسيحيّة، كما أنها استمدّت رؤيتها بأن العالم سوف ينعم نوعاً ما بأحوال مثاليّة فاضلة. واستند الاشتراكيّون المسيحيّون إلى هذه الفقرة لتبرير موقفهم. ولكن علينا أن نلاحظ ثلاثة أمور في هذا المجال. إنّ اشتراكيّة أعمال الرسل كانت:

(أ) محدودة ضمن نطاق عدد معقول من المشتركين، كانوا كلّهم مؤمنين.

(ب) كانت الشركة تطوُّعية وليست إجبارية.

(ج) كان الدافع الأصيل إليها المحبّة للمسيح وللآخرين.

مع كلّ هذا فلم يتلقَّن معظم المؤمنين درس العطاء ومشاركة إخوتهم الفقراء في الخيرات التي منحها الربّ لهم. وعلى قول أحدهم »المال كالسماد لا يصلح إلاّ إذا توزّع على الأرض« البخيل يتمسّك بماله وتفوح منه رائحة كريهة، والمبذِّر يبذّر ماله مسبِّباً الضرر لنفسه. أمّا المسيحيّ المتكامل الحكيم فيشارك الآخرين بماله، وهكذا يحرز أرباحاً اجتماعيّة وروحيّة كبيرة.

رنّم داود في المزمور الثالث والعشرين عدد 1 »اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلَا يُعْوِزُنِي شَيْءٌ«. شاركت الكنيسة الأولى بثروتها »لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً« أعمال 4:34).