شهود يهوه ذئاب خاطفة

شهود يهوه ذئاب خاطفة

تأليف عطا ميخائيل

مقدمة الكتاب
ينكرشهود يهوه التوبة وجهنّم
مايكل جاكسون
أساليب شهود يهوه الجهنّمية
تعاليم شهود يهوه تتناقض مع المسيحية
معلومات عامة عن شهود يهوه
مراجع الكتاب

 

مقدمة الكتاب

منذ نشأة الكنيسة، وهي عرضة لغزوات أهل البدع، الذين كانوا ولا يزالون يدسّون بدع الهلاك للكثيرين ضعيفي الإيمان، والمؤسف جداً أن عامة المسيحيين ليس لهم إلا معرفة سطحية في حقائق الكتاب المقدس الثمين، الذي هو دستور لإيماننا، والمصدر الوحيد لعقائدنا، الأمر الذي يسهّل مهمة الغزاة المضلّين، ويتيح لهم أن يبذروا الزوان بين القمح الجيد، ليفسدوا الزرع..

لعل أخطر البدع على الإطلاق التي واجهتها كنيسة المسيح في تاريخها الطويل هي: بدعة شهود يهوه، التي يتميز أتباعها بمحاجّة الناس في إيمانهم، والطعن بالعقائد المسيحية التي تسلّمتها الكنيسة من رسل الرب القديسين.

في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ وطننا الحبيب لبنان، وبوجود هذه الغابة الفسيحة من الجهل الروحي التي تمتاز بها مناطقنا المسيحية… وفي وسط هذه الغابة، هناك آكلة ترعى، وجدت تربة خصيبة فيها، فأخذت جذورها تمتد في تلك التربة أكثر فأكثر، لتطال معظم المناطق. ومما يجب ملاحظته، هو أن شهود يهوه يتمتعون بجرأة مدهشة على اقتحام المنازل في وقت مناسب وغير مناسب، لبث سمومهم وأفكارهم المبدعة، ولهم من الأساليب الناعمة.وهي أقرب إلى الرياء منها إلى المحبة، ما يخولهم لجذب المستمعين، الذين لا يلبث أن ينضم معظمهم إلى الحركة.

إنني لا أرى فوق وقاحتهم، إذ أن سياستهم الجهنمية، لا تؤول إلا إلى مهاجمة السلطات الزمنية والروحية، والأديان عامة، بحجة أنها مؤسسات شيطانية.

تتهجم وتتحرّش عن قصد للطعن بأسمى العقائد المسيحية، وتستخدم لذلك أحدث الطرق الدعائية لبث دعوتها الهدّامة والوصول إلى مآربها ونشر تعاليمها المخرّبة والمضلة.

العجيب في أمر هذه البدعة، أنها جمعت فيها مختلف البدع التي جابهتها كنيسة المسيح منذ نشأتها حتى يومنا هذا…

فكم من نفوس ساذجة بريئة غير مسلّحة بالمعرفة الكتابية، قد وقعت في أشراك تعاليم شهود يهوه.. لا تتعجبوا أبداً، أن المسيح يسوع نفسه قد سبق وحذّرنا من مثل هؤلاء قائلاً: (احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتون بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة... من ثمارهم تعرفونهم..) (متى 7: 15- 16).

ما أكثر التنبيهات التي وردت على صفحات الكتاب المقدس، والتي تحذرنا من هكذا مدّعين.. فالكنيسة الرسولية الأولى، وبوجود مؤسسيها أحياء على الأرض وقتئذ، اصطدمت بكثير من بدع الهلاك، أو على الأقل إن الرسل، أدركوا هذه المشكلة، نعم إنهم أدركوا عظم هذا الشر الذي ستواجهه الكنيسة على مرّ الأجيال فكتبوا منذرين:

الرسول بولس

-احترزوا إذاً لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي افتداها بدمه لأني أعلم هذا أنه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجذبوا التلاميذ وراءهم.. (أعمال 20: 28- 30).

الرسول بطرس

-ولكن كان أيضاً في الشعب أنبياء كذبة كما سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة الذين يدسّون بدع هلاك وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً وسيتبع كثيرون تهلكاتهم..) (2بطرس 2: 1- 2).

الرسول يوحنا

-(أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امنحوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم..) (يوحنا 4: 1).. وأيضاً..

-(أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة، وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي.. قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة، منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا لكن ليظهروا أنهم ليسوا منا.. ) (يوحنا 2: 18- 19).

إن جل ما تتوخاه من بحثنا هذا، هو كشف القناع عن شهود يهوه وفضح تعاليمهم الكاذبة، دون أن ندينهم كأفراد، واضعين عقائدهم تحت منظار كلمة الله الحقّة ليمتحنها لنا، فنرى بجلاء إن كانوا على صواب أم على ضلال، فيتمكن المؤمن خصوصاً والمسيحي عموماً من أخذ الحذر والحيطة، والرد على أشهر اعتراضاتهم... ولا ينتظرن أحد بأننا سوف نبحث هنا جميع تعاليمهم ونفنّدها، أبداً، بل هذا من المستحيلات، إذ أن المؤسسين أنفسهم لم يتفقوا إلى الآن عن دستور كامل ونهائي لمعتقداتهم، فهي في تطوّر مستمر، وما أكثر الخلافات القائمة فيما بينهم حول عدد لا يحصى من المواضيع الأساسية والمهمّة في عقائدهم...

إنه يتوجب على جميع الذين يؤمنون بتجسّد ابن الله من العذراء مريم المباركة، وموته وقيامته فداء عنا، لكي يخلصنا من خطايانا ويعطينا الحياة الأبدية، علينا جميعاً أن نتكاثف لصدّ هذا الخطر القديم الجديد، ولا يكفي هذا التآزر الجماعي لمجابهة أخطر بدعة عرفها التاريخ المسيحي، إن كنا غير مسلحين بالمعرفة، معرفة الكتاب المقدس، كلمة الله الحيّة...

والجدير بالذكر هنا، هي الروحية التي هم بها هذا البحث ألا وهي روح المحبة المسيحية، التي بدونها لا تنفع شيئاً، والتي على كل مؤمن أن يتحلى بها في حربه هذه، إذ أن كتابنا لا يعترف بأي سلاح آخر سواها فيقول: (إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون هادمين ظنوناً وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح..) (2كورنثوس 10: 4- 5).

عزيزي القارئ، هناك من يعامل شهود يهوه بالقوة، والضرب والإهانة.. هناك من يحرّض على العنف معهم... القوة والعنف ليسا من شيم المسيحية أبداً... ولا ننسى هذا الأمر المهم جداً، إذ أن الاضطهاد يجعل صاحب أي عقيدة يتشبث بعقيدته أكثر فأكثر، مما يسبب تحرّك عطف وحنان الناس نحوهم، فيتساءلون قائلين: لو لم تكن عقائدهم صادقة لما تعلقوا بها بهذا الشكل، فينجذبوا إلى ضلالهم، ونكون نحن باستعمال القوة معهم قد نصبنا لهم الفخ فوقعنا فيه... هناك سلاح آخر، وليس غيره تستطيع أن نستعمله ضد شهود يهوه، وهو الرجوع إلى الرب يسوع كما يقول لنا الرسول بولس (أستطيع كل شيء في المسيح...) (فيليبي 4: 13)... تعال إلى يسوع، لأنه به وحده تستطيع أن تهدم جميع حصون إبليس وأتباعه.

جميعنا لنا أقارب أحباء على قلوبنا وأصدقاء، قد انجذبوا ووقعوا في فخ إبليس وانضموا إلى هذه البدعة، وهم في طريق الهلاك لا محالة، مما يولد ثقلاً في قلوبنا لإعادتهم إلى الحظيرة، إلى راعي الخراف الوحيد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح... ربما لست من شهود يهوه، كما أنك لست سوى مسيحي اسمي فقط، لا تحمل المسيحية سوى تذكرة الهوية، فلم لا يكون هذا الكتاب سبباً لانطلاقة جديدة نحو المسيحية الحقيقية، مسيحية الكتاب المقدس...؟

تصنيف "شهود يهوه"

قال عنهم (أدولف هتلر): (إن شهود يهوه حركة صهيونية شيوعية سرية، من أهدافها تدمير جميع الأمم على الأرض في معركة هرمجدون وإزالة جميع الفوارق والحدود بين القوميات، وفرض شريعة يهودية صهيونية على الجميع، تدّعي العمل بفرائض الدين، وليس لها أقل علاقة بدين ما، إنما تتخذه ستاراً لتحقيق مراميها واستغلال نشاطها...).

قال بعضهم: (إن شهود يهوه حركة تهدف إلى ترويج مبادئ الشيوعية، وإلى نشر الفوضى بتقويض كل احترام للسلطات الزمنية، إنهم عملاء للصهيونية العالمية، فهم مأجورون بأموالها، ولهم اتصال وثيق بالمنظمات الإرهابية... الخ..)

وأما نحن، فبعد الإطلاع على كتاباتهم، نعرفهم بما يلي: (إنهم منظمة تتستر بوشاح الكتاب المقدس لهدم كنيسة المسيح، التي اقتناها بدمه، ونشر الأضاليل... إنهم يعلمون ديانة سهلة المنال والممارسة، لأنها لا تحوي عقائد إيمانية ولا شرائع ولا وصايا ينبغي العمل بمقتضاها...)

شهود يهوه: واحدة من مئات بل من آلاف البدع التي نشأت في صلب كنيسة المسيح، وبالتحديد في صلب البروتستانية، وانبثقت من المبدأ الشهير لدى مذاهب الإصلاح، ألا وهو: كل مسيحي يستطيع فهم الكتاب المقدس على نور الروح القدس الذي أوحى به، فبديهي هنا أن هذا المبدأ خصب التربة بخلق البدع والشيع الكثيرة كما سبق، فكتب الرسول بطرس محذراً: (واحسبوا أناة ربنا خلاصاً كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضاً بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضاً متكلماً فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسيرة الفهم يحرّفها غير العلماء وغير الثابتين كما في الكتب أيضاً لهلاك أنفسهم...) (2بطرس 3: 15- 16).

أما من حيثية كل مسيحي يستطيع فهم الكتاب المقدس على نور الروح القدس الذي أوحى به، فلا يطعن في صحة هذا المبدأ، إذ أن الكتاب مليء بعشرات بل مئات الآيات التي تثبت هذا المبدأ، كقول الرسول بولس: (ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل مما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات...) (1كورنثوس 2: 12- 13).

إن السبب الوحيد الذي يسبب خلق البدع والشيع المختلفة في الكنيسة، ليس سوى عدم الثبات في الروح، هذا الروح الذي لا يرى إلا بعين الإيمان الذي ينقص عند أكثرية المسيحيين الاسميين المتعلقين بالطقوس والتقاليد والذين تركوا دستور إيمانهم الأوحد ألا وهو الكتاب المقدس، فيكلمهم الرسول بولس مجدداً كاتباً لهم وقائلاً: (فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح حتى إذا جئت ورأيتكم أو كنت غائباً أسمع أموركم أنكم تثبتون في روح واحد مجاهدين معاً بنفس واحدة لإيمان الإنجيل...) (فيليبي 1: 27). فالحل الوحيد إذاً هو في أن نعيش فقط كما يحق لإنجيل المسيح، لا بانضمامنا إلى هذه الطائفة أو تلك... والبرهان على ذلك هو: عندما بدأت البدع تظهر على مسرح التاريخ المسيحي، لم يكن هناك طوائف متعددة، بل طائفة واحدة وهي (المسيحية)- (ودعي التلاميذ مسيحيين في إنطاكية أولاً...) (أعمال11: 26)... إن البدع بنظري ضرورية جداً، وما وجودها في وسطنا إلا لعلة واحدة كما أوضح لنا السبب الرسول بولس قائلاً: لأنه لا بد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكون ظاهرين بينكم...) (1كورؤنثوس 11: 19).

كل ما يبحث في نشأة حركة شهود يهوه، لا بد من أن يجد خيوطاً توصله إلى عدة بدع ظهرت في القديم، وقامت على تفاسير مغلوطة لبعض نصوص الكتاب المقدس، وكانت هذه البدع تصطدم دائماً بمقاومات عنيفة من قبل المؤمنين المخلصين، حتى تنهزم أمام الحق، فتلسم فلولها، وتنظم صفوفها لانطلاقة جديدة، تحت اسم آخر، تنتحله للتستر عن أعين المراقبين. لذلك علينا أن ندرك ما هي علاقة حركة شهود يهوه بالمبتدعين عبر الأجيال، وعن تطوراتها ونشاطاتها في أيامنا هذه...

الأبيونية

شيعة من النصارى، نادت بضرورة تمسك المسيحيين بناموس موسى، وأنكرت ميلاد المسيح المعجزي من عذراء، ولم تعترف ببولس رسولاً... أما من جهة اعتقادهم بالمسيح، فقد اعتبروه إنساناً عادياً، وإنما تبرر بسبب فضيلته السامية، وفي اعتقادهم أن الاحتفاظ بطقوس الناموس الموسوي ضروري جداً، على أساس أنهم لا يستطيعون أن يخلصوا بالإيمان بعمل المسيح الكفّاري على الصليب فقط...

الآريوسية

نسبة إلى العقيدة التي علم بها آريوس أسقف الإسكندرية، التي ظهرت حوالي سنة (315) ميلادية، إلا أن المسيحيين رفضوها في مجمع الإسكندرية سنة (319) ثم في أول مجمع مسكوني، ضم حوالي الـ (2500) أسقف من سائر أنحاء العالم وبحضور الإمبراطور (قسطنطين) والقديس (اثناسيوس) فأقروا قانون الإيمان الشهير، وذلك في مدينة نيقية سنة (325).

أما مذهب آريوس، فقد كان محاولة لتخفيض منزلة الابن والروح القدس، فالآب وحده في نظر آريوس يستحق لقب الإله، أما الابن فلم يكن سوى إله أدنى منزلة من الآب مخلوق من العدم بإرادة الآب. ولما اتسع انتشار الآريوسية اتخذت لنفسها اتجاهاً متطرفاً جداً حتى نفت ألوهية المسيح.

السوسيانية

نسبة إلى فستس سوسينيوس، الإيطالي الأصل. تزعم هذه الشيعة أن يسوع المسيح كان مجرد إنسان، وإنما دعي ابن الله لكونه حبل به من الروح القدس...

نرى في ما تقدم أن محور الضلالات تدور حول شخص المسيح يسوع، ونكران لاهوته، ووضعه في مصاف البشر، وهذا ما تنادي به حركة شهود يهوه، إنها ضلالة قديمة، تعود نشأتها إلى الأبيونيين، ثم انتقلت إلى الآريوسيين، فالسوسيانسسن، فشهود يهوه...

مؤسسو بدعة شهود يهوه

1- تشارلز تاز روسل

ولد (تشارلز روسل) سنة (1852) في بلدة بتسبرغ- ولاية بنسلفانيا، من أبوين ايرلنديين أعضاء في الكنيسة البروتستانتية المشيخية (البرسبيتيريان).

انتسب تشارلز إلى إحدى الجمعيات المسيحية التي تعتني بالشباب آنذاك (جمعية الشبان المسيحية)، واستسلم إلى نشاط كبير في صفوفها، وكان عمره آنذاك ستة عشر عاماً.

حضر روسل صدفة، في أحد الأيام، اجتماعاً لجماعة تطلق على نفسها اسم (الادفنتيست- أي السبتيين) وهي بدعة تقول بضرورة حفظ السبت، والامتناع عن بعض الأطعمة، كالنجوم مثلاً... وكسر هكذا فرائض تستوجب دينونة الله، إلى آخره من الهرطقات السخيفة. مؤسس هذه البدعة هو: (وليم هيلر) (1782- 1849). استمع روسل يومها بانتباه إلى عظة كان يلقيها القس (جوناس واندل)، ذلك الواعظ الشهير المبتدع، والذي كان يدس سموم تعاليم بدعته، التي حدّدت مرتين عملية مجيء المسيح الثاني إذ أن معلمه ميلر، الذي أوصلته دراسته للنبوات الخاصة بمجيء المسيح ثانية، إلى نظرية غريبة مفادها أن المسيح سيأتي في العام (1843). ولكن لما مر ذلك العام، ولم يأتي المسيح، منيت حركته بخيبة مريرة، إلا أنها سرعان ما انتصبت من جديد، تحت اسم (المجيئين)، وحددت العام (1890) تاريخاً جديداً لمجيء المسيح، ولكنها فشلت أيضاً لأن المسيح، كما هو معلوم لم يأت حتى الآن...

كانت هذه التأكيدات المُسكَّن القوي للكرب والحيرة اللتين كان روسل يتخبط بهما، فظن أنه عثر على دعوته الإلهية، وأن الواجب يدعوه إلى هجر تجارته، والانصراف إلى مطالعة الكتاب المقدس، فأضحى شغله الشاغل... ابتدأ من ذلك اليوم يحرّر الناس من أوهام ومخاوف جهنم النار وكشف القناع عن اختلاسات وأضاليل وتضليلات الديانات القائمة ومنها بل وأهمها الكاثوليكية والبروتستانية.

سنة (1872) هجر روسل المجيئين، فوجّه دعوة إلى أصدقائه، وابتدأ يقيم نظاماً دينياً جديداً خاصاً به، مبنياً على تفسيرات للكتاب المقدس بحسب استحسانه الشخصي، فاجتمعوا في مدينة بتسبرغ، وانكّبوا على دراسة شاملة للنبوات التي تتكلم عن مجيء الرب الثاني فاتفقوا على إقامة ملكوت الله على الأرض، وبعد الدرس الموسع، حدّدوا عام (1874) تاريخاً أكيداً لمجيء المسيح...

سنة (1876) ولكي يغطي روسل فشله الذي أصابه من جرّاء تعيينه موعداً لمجيء الرب زعم أن المسيح قد جاء فعلاً، وإنما بصورة سرّية غير منظورة، ولكن محاولاته لم تنجح، لأنها اصطدمت بالحقائق الكتابية التي سنأتي على ذكرها لاحقاً في ما يخص هذا الموضوع.

سنة (1880) أصدر روسل منشوراً، حدد فيه نهاية هذا العالم، وذلك سنة (1914) لكن للأسف الشديد، هذا التاريخ صار فخاً لكثيرين، بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، فانجذبوا إلى تصديق زعمه الباطل، فحدث اضطراب لديهم، مما حملهم على تصفية أعمالهم والتصرّف بثرواتهم، بحيث لم يبقوا معهم من المال إلا ما ظنّوه كافياً إلى الوقت المحدد، وما إن افتضح أمره حتى اضطر لأن يفسّر كذبة بشيء آخر... وبديهي أن يحصد خيبة مؤلمة كهذه، لأنه في تفسير النبوات، لم يقم وزناً لأقوال الرب يسوع، حيث أنه أكّد أكثر من مرة أن أحداً لا يعلم ذلك اليوم وتلك الساعة التي سيأتي فيها...

أطلق روسل في بادئ الأمر على أتباعه اسم (فجر الحكم الألفي) ثم (تلامذة التوراة) ثم (برج المراقبة) ثم (حركة روسل) وأما اليوم فيطلقون على أنفسهم اسم (شهود يهوه). ومن العجيب العجّاب في الأمر، كيف أن الناس يتبعون شهود يهوه، الذين لم يستقروا على اسم ثابت لدعوتهم، بل أنهم غيّروه أكثر من خمس مرات في أقل من ماية سنة...؟

نشر روسل وأعوانه نظامهم الديني نشراً مدوياً ناجحاً، فأسسوا في سنة (1879) مجلة (برج المراقبة) وفي سنة (1881) أسس روسل (جمعية برج المراقبة) المعدة بترويج مطبوعاته.

دعاه مشايعوه (القس) منذ ارتداده إلى الفكرة الدينية، وأغدقوا عليه الألقاب الأكثر فخراً كـ (مصلح القرن العشرين) أو (المعلم الأعظم بعد الرسول بولس) الخ...

وأقام روسل فريقاً للمحاضرات الكتابية مؤلفاً من سبعين عضواً، شغلهم الشاغل هو أن يجوبوا العالم كحجّاج لنشر أفكاره وتوزيع مؤلفاته، كما أنه أضاف إليه مكتباً مساعداً يضم (700) عضو، يشدّون إزر الحجاج السبعين.

وكان روسل داعية لا يكل... نعم هذا هو الوتر الحساس الذي ضرب عليه روسل، فلو كان عندنا الحماس والغيرة على تعاليمنا وعقائدنا السامية، كما كان عند روسل وكما هو عند أتباعه اليوم في نشر دعواتهم، لما اضطر أحد من صغار النفوس أولئك إلى ترك الإيمان المسيحي الصحيح، واللجوء إلى تلك البدعة الهدامة... من أيام روسل إلى يومنا هذا، وهم لا يتعبون ولا يعيون، وبينما نحن متكاسلين مسترسلين لشهواتنا، متكلين على طقوسنا وتقاليدنا المهترئة يدل أن نهبّ هبّة واحدة لدرء هذا الخطر، ورفع راية واحدة ألا وهي خدمة من مات عنا وفدانا واشترانا بدمه الكريم، وأرسلنا نحن كي نكون له شهوداً، ربنا ومخلصنا يسوع المسيح له كل المجد...

ألّف روسل (50000) صفحة، في مواضيع كتابية مختلفة، وألقى أكثر من (30000) عظة، وقام بجولات واسعة في جميع أنحاء المعمورة، يعلن مبادئه ويحث مستمعيه على اعتناقها.

هل كان روسل قدوة صالحة في حياته كي يستحق أن نتبع تعاليمه وأن نعتنق مبادئه...؟

سنكتفي هنا بثلاث حوادث فقط عن حياته الخاصة، المليئة بالشوائب والشذوذ..

كذبه وخداعه:

ادّعى روسل أنه يحسن اللغة اليونانية، إحدى اللغتين الأصليتين اللتين كتب بهما الكتاب المقدس، فكان يسرد مقاطع كثيرة منها بالنص اليوناني، فظنه الناس ضليعاً باللغة اليونانية، وبهذا كان يثير إعجاب الجهّال، ويثبت أن الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانية قد حرّفت النص الأصلي... ولكن الشك حام حول معرفته تلك اللغة، فقدّم للمحاكمة في (هملتون) ولاية (انتاريو) سنة (1913)، فاعترف أمام لجنة التحقيق أنه يجهل اللغة اليونانية جهلاً تاماً، ولا يعرف حتى حرفاً واحداً من حروف الهجاء فيها... وكم كانت خيبة أمله عظيمة جداً حين قدّم له القاضي الكتاب المقدس باللغة اليونانية، فما كان منه إلا أن حمله بين يديه رأساً على عقب...

زواجه وطلاقه:

تزوج روسل لأول مرة عام (1880) وبعد 27 سنة من زواجه، ربحت زوجته دعوى الطلاق عليه عام (1906) على أساس علاقة مشبوهة بسيدة تدعى (روز بول). وفي سنة (1909) حكمت عليه المحكمة بدفع مبلغ (6076) دولاراً لزوجته المطلقة بغية إعالتها، فتهرّب من الدفع بتحويله جميع ممتلكاته باسم أشخاص آخرين، كان على علاقة مشبوهة بهم أيضاً، وقبل وفاته عام (1916) كان روسل قد تزوّج ثلاث مرات، وانتهى كل زواج بطلاق، وكان تعيساً وبلا رجاء عند وفاته في القطار الحديدي الذي كان يقله من (سانتافيه) إلى (كنساس سيتي)، فأسعده الحظ ألا يضم إلى خيباته خيبة أمل أخرى...

نفاقه واختلاسه:

في أحد الأيام، ادّعى أمام فلاحين بسطاء، أنه يملك قمحاً ذا مردود عجائبي، فباعهم الإثني عشر كيلو ونصف الكيلو منه بسعر (60) دولاراً وقتئذ، ولكن بعد حين، تبيّن أن مردود الحب لم يكن عجائبياً كما كانوا يظنون وينتظرون، فأصدرت المحكمة بحقه حكم (نفاق واختلاس)، وطلبت منه رد المال المسلوب ظلماً...

فهل يعقل أن يرسل الله إلى العالم رجلاً كهذا لإبلاغهم إرادته ومقاصده...؟ ومن جديد هل يستحق مثل هذا الرجل، بعد أن قرأنا مقتطفات من حياته الخاصة المخجلة والتي هي نقطة في بحر حياة مليئة بالشوائب والشذوذ، أن نتبعه، حتى ولو كانت تعاليمه ومبادئه حقة...؟ احكموا...

2- جوزف فرنكلين روزفورد

ولد جوزف روزفورد في ولاية (ميسّوري) الأميركية في 8 تشرين الثاني 1869، فوقع في أشراك لاوسل وتتلمذ على يده، وكان له معواناً جباراً في كل مضمار، فأضحى خليفته الأول.

أُعجب روسل بروزفورد لنشاطه الكبير وحسن تصريفه للأعمال، فأوكل إليه تحرير أوراق الدعاوى في المخاصمات المتعددة التي نشبت في أيامه بسبب تصرفاته الشاذة- ثم اشتغل ككاتب في المحكمة المدنية، فتمكن وبمزاولة هذه المهنة من أن يقف على شؤون كثيرة تتعلق بالقوانين وتفسيرها وتطبيقها، وتسلح بما اكتسبه بالخبرة والممارسة ليطالب الالتحاق بنقابة المحامين في (بونفيل) ولاية (ميسوري) وذلك سنة (1892).

كان نظام تلك المقاطعة في نقابة المحامين يقضي بأن يُنتخب واحد منهم ليقوم مقام القاضي الأصيل إذا تغيب لمدة قصيرة، فاتفق مرة أن المحامين انتخبوه لهذا المنصب المؤقت فناب عن المحاكم أربعة أيام، نظر في أثنائها في حادثين بسيطين، فنال من موقفه هذا لقب قاض (القاضي جوزف فرنكلين روزفورد)- فراح يقدم لقبه على اسمه في صدر مؤلفاته العديدة، ويتذرع به لتعظيم شأنه في نظر الشعب البسيط الساذج.

نشاطاته:

ساهم روزفورد مع روسل في توطيد حركة (تلامذة التوراة) لمدة عشر سنوات- وفي سنة (1917) انتخب بالإجماع خلفاً لروسل في رئاسة الحركة- انصرف في همّة حازمة واندفاع كبير يدبر شؤون البدعة الجديدة وينظمها ويثبت لها الدعاوة في القارة الأميركية وخارجها بسيل من النشرات والكتب والخطب، وفي جميعها لا ينفك يضرب على سندان واحد ألا وهو: (كل سلطة دينية أو زمنية هي من صنع إبليس...).

أصدر سنة (1918) مجلة جديدة اسمها (العهد الذهبي)- في سنة (1921) نشر تعليماته بشأن التنظيم ليقوي مركزية الحركة في بروكلين. في سنة (1931) أهمل أتباعه اسم (تلامذة التوراة) الذي وهبهم إياه روسل واتخذوا لهم اسماً جديداً ألا وهو (شهود يهوه).

في سنة (1938) أعلن (إحياء نظام الحكم الإلهي) الذي توج تنظيم مركزية الحركة وأخضع جميع نشاطاتها لإدارة (بروكلين)، حيث يوجد ما يسمى (ببرج المراقبة) أي الإدارة الرسمية بحكم يهوه الأرضي.

فاق القاضي روزفورد كثيراً روسل بالتأليف، فكتب (18) كتاباً يتسع كل واحد منه لثلاث مئة وخمسين صفحة- و(32) نشرة، تضم كل واحدة منها (64) صفحة- سجل على أسطوانات خطبه الشهيرة، ففاق عددها المئة ألف أسطوانة، تحمل جميعها غضبته ونقمته الجامحة على الكنائس والديانات الأخرى والسلطات...

نبواته الكاذبة:

تنبأ القاضي روزفورد بأن مجيء المسيح سيتم سنة (1914) وبما أنه لم يأت، عين موعداً آخر سنة (1916) و (1918) و (1920)- ولكن هذه السنوات سجلت على (شهود يهوه) هزائم متكررة في ميدان التنبؤ، ولكي يبرّروا فشلهم هذا، ادّعى روزفورد، أنه دارت في السماء معركة هائلة سنة (1914)، كان من عواقبها تدهور إبليس وملائكته على الأرض، ونزول المسيح واستيلاؤه على العرش، وفي سنة (1918) حسب زعم روزفورد، دخل يسوع هيكل الله باحتفال مهيب... ولكي يغطي فشله بل نفاقه، ادعى بأن كل هذه النبوات قد تحققت ولكن بطريقة غير منظورة وسرّية.

تنبأ بأن العالم سيكون شاهداً لعودة الآباء كابراهيم واسحق ويعقوب، وغيرهم من مؤمني العهد القديم، ليمثلوا النظام التيوقراطي الجديد على الأرض، وذلك سيكون سنة (1925)- انقضى التاريخ ولم يرجع أحد من الآباء على الأرض- ولعودتهم بنى روزفورد في (سان دياغو) (ولاية كاليفورنيا) قصراً فخماً، أسماه (بيت ساريم) أي قصر الأمراء، وبما أن الآباء لم يكونوا متحمسين للعبور إلى الأرض والسكن في ذاك القصر، سكنه هو، فكان يقضي فيه مع امرأته وابنه فصل الشتاء...

حياته الخاصة:

لم تكن حياة روزفورد الشخصية أفضل من حياة معلمه القس روسل- ففي سنة (1918)- ألقي القبض عليه وسيق إلى القضاء لبثه روح التمرد والخيانة في صفوف القوات الأميركية المسلحة، وحكم عليه بالسجن مدة عشرين سنة، إلا أنه لحسن حظه، أطلق سراحه في عفو عام على أثر الحرب العالمية وإعلان النصر لأميركا والحلفاء، ففي (16 آب 1919) خرج القاضي من السجن، ولكنه بوقاحته المعروفة، أبى أن يكون من الشاكرين لبلاده التي غفرت له جرمه، فراح في كل مناسبة دون مهادنة ولا كلل، يصبّ على حكومته ووطنه وحكومات العالم أجمع، كأس غضبه وافترائه ونقمته...

في السنين (1894- 1895- 1897) أقيمت عليه عدة دعاوى لتصرفاته المخالفة لأصول مهنة المحاماة...

ومات روزفورد عن عمر يناهز (72 سنة) في بيت ساريم- قصر الآباء- في سان دياغو- كاليفورنيا، حيث انتظر عودة الآباء- ودفن في (روسفيل- ولاية نيويورك)...

3- ناثان هومركنور

خلف ناثان هومركنور القاضي روزفورد في منصب الرئاسة العليا للحركة سنة (1923) وكان عمره آنذاك (37 سنة)، فأخلص للبدعة كل الإخلاص.

شغله الشاغل كان نشر مؤلفاته سلفه روزفورد بكل الوسائل الممكنة، من عقد المؤتمرات، وتسجيل الأسطوانات الفونوغرافية وقتئذ، والمطبوعات على أنواعها وتوزيعها بلا حساب- ورغم كسله في الكتابة، أصدر سنة (1960) ترجمته الخاصة للكتاب المقدس من حيث جعلها موافقة لروح الحركة (ترجمة العالم الجديد The new world Bible) بهذه الترجمة وضعت نقطة سوداء على تاريخ ترجمات الكتاب المقدس، إذ أن تاريخ الكنيسة مليء بأخبار الترجمات والمترجمين من كل الطوائف وفي كل العصور وجميعها كانت أمينة للنص الأصلي، ما خلا بعض الأغلاط في النسخ، أو حتى في النصوص وكان ذلك سهواً، ما عدا هذه الترجمة المليئة بالتناقضات والأغلاط اللاهوتية، وكل ذلك كان معتمّداً من ناثان كنور كي تتوافق نصوص ترجمته مع تعاليم ومبادئ شهود يهوه.

إبان الحرب العالمية الثانية، أنشأ كنور في بروكلين أول مدرسة كتابية للشهود تحت اسم (جلعاد)- ففي تلك المدرسة يتخرج منذ سنة (1943) الدعاة النشيطون وقادة الحركة_ واللقب الذي يحمله المتخرجون هو: (جلعادي).

طوّر كنور (جمعية برج المراقبة) حتى أصبح عدد طبقاتها (سبعاً)- وضم إليها سنة (1949) بناء إضافياً مؤلفاً من ثماني طبقات، يصنع فيها كل ما هو ضروري للطباعة والنشر.

سنة (1956) شاد كنور بالقرب من البناءين المذكورين، بناء ضخماً مؤلفاً من (12 طبقة) مخصّصاً لطبع مجلة (برج المراقبة) ومجلة (استيقظوا) اللتين كانتا تصدران مرتين في الشهر ويطبع منها (10 ملايين نسخة) آنذاك.

إن كنور كأسلافه داعية عظيم الشأن، لا يكل ولا يتعب، دائب الغيرة على بدعته- فقد زار سنة (1951) عواصم أوروبا الغربية، ورئس في باريس مؤتمر لشهود يهوه انعقد بين 9و 12 آب من العام نفسه، فصفّق له ما يزيد عن (8000) شخص من المؤتمرين لما هاجم بعنف كنيسة المسيح.

وترأس كنور سنة (1956) في باريس أيضاً مؤتمراً ثانياً للشهود بلغ عددهم يومئذ (16000) اثني عشر ألفاً من الفرنسيين وأربعة آلاف من باقي الدول الأوروبية.

أصبحت حركة (شهود يهوه) بفضل كنور، مؤسسة كبيرة، قوية، ذات موارد ضخمة، ومجهزة بمطبعة جبارة ومكتب دعاية دائم الغيرة والاندفاع والسهر... فلا عجب تحت تأثير كل هذا أن يرتفع عدد الشهود إلى الملايين في العالم، ولاسيما في لبنان حيث فيه الآن عدد لا بأس به منهم، متحمّسين مندفعين يشنّون الآن حملة ضارية على جميع الأديان والكنائس وعلى الدولة...

فمن الضروري إذن قبل استفحال الخطر أن نتآزر جميعاً لصد هذا التيار الجارف الذي يهدد صغار النفوس وما أكثرهم في هذا البلد، المتعلقين بالطقوس والتقاليد البائدة التي لا تنفع البتة لا جسدياً ولا روحياً. ألا يكفينا خراباً ودماراً وتهجيراً وقتلاً...؟ لكي تنصب علينا قذائف من نوع آخر وأفتك منها إذ أن (شهود يهوه) هي بالتحديد، أكبر بدعة شيطانية عرفتها الكنيسة على مر العصور... وما هو الدواء يا ترى...؟ عندما نحرص هنا على محاربة (شهود يهوه)، لا نعني أبداً (بالشتم أو الضرب أو الإهانة أو القتل أو بزجهم في السجون الخ..). إذ أن هذه ليست من شيم المسيحية أبداً، بل نعني أن يعود كل واحد منا إلى نفسه، إلى رشده، ويعاهد الرب من جديد بأن يدرس كلمته بكل تجرد وموضوعية لأن (كلمة الله هي كسيف ذي حدّين) يقول عنها الرسول بولس، فلنتسلح بها، أليس المسيح يسوع هو كلمة الله...؟ فإن كان الله معنا فمن علينا....؟

أسماء الله

 

بما أن الكتاب المقدس هو إعلان الله عن ذاته، فلما لا نفحص أسماء الله التي سرّ أن يعلن بها ذاته لنا في التوراة العبرانيّة وهي:

ايل

ومعناه (القدير) ومترجم في توراتنا العربية (اله أو الله) ... وقد ورد أحياناً في توراتنا العربية بنطقة العبراني كقوله: (ايل بيت ايل) (تكوين 35: 7)، أي (قدير بيت القدير)، أو مضافاً إلى اسم شخص كـ (اسرائيل) الذي معناه (أمير الله أو القدير يصارع)، وإلى اسم مكان مثل (فنيئيل) أي (وجه القدير)...

ايلوهيم

ومعناه الحرفي (المقتدرين) وهو صيغة جمع للاسم العبراني السالف (ايل) والذي معناه القدير، ولاسم عبراني آخر هو (ايلوه) ومعناه (يقسم أو يتعهّد)، فالاسم (ايلوهم) إذن يتضمّن معنى القدرة والأمانة معاً، ومفرده العبراني هو (ايلوه)...

اهيه الذي اهيه

لا فارق بين هذا الاسم واسم (يهوه) إلا في أن الأول بصيغة المتكلّم ولم يرد بنطقة العبراني في توراتنا العربية إلا في (خروج 3: 14و 15)... أما الثاني أي (يهوه) فهو بصيغة الغائب، وكثيراً ما ورد بنطقة العبراني في توراتنا العربية، وكل من الاسمين مشتق من الفعل العبراني (هافاه) الذي تفسيره (يوجد أو يكون أو يصير...) الاسم (اهيه) مترجم في حاشية التوراة العربية (أكون)، والفعل (يهوه) مترجم (يكون) ومعناهما (الكائن أو السرمدي أو القائم بذاته أو الواجب الوجود...)، فلما قال تعالى بصيغة المتكلّم (اهيه الذي اهيه) كان قصده أن يقول: (أنا هو الذي أنا هو أو أنا أنا أو أنا هو هو أو أنا الذي لا غيري ولا تغيير لي ولا تعبير عني ومن المستحيل فهم كنهي بأكثر مما أعلن به نفسي...) وهذا عين ما قصده في الاسم (يهوه) فقط بضمير الغائب، وكل من ذينك الاسمين مفرد وليس له جمع، ولم يستعمل لغير الله...

يهوه

هذا هو اسم الله في علاقته مع الإنسان، كما أن اسمه تعالى (ايلوهيم) في علاقته مع الخليقة، فعليه كما كان الاسم (ايلوهيم) هو الاسم المستعمل في الخليقة (سفر التكوين 1و 2و 3) كذلك في علاقته تعالى مع الإنسان أعلن الله عن ذاته باسم (يهوه) وبالتحديد لبني اسرائيل... إن اليهود حتى اليوم، في قراءتهم للتوراة، لا يجترِئون على النطق بهذا الاسم، ويستعيضون عن النطق به بالقول: (الاسم) أو (الاسم العظيم المهوب)، وشهود يهوه جعلوا من هذا الاسم مهزلة، حتى كفر به الناس بسبب جهلهم...

ياه

وهو اختصار اسم يهوه، وله طبعاً نفس المعاني، ولم يستعمل لغير الله، وقد ورد عدة مرات بنطقة العبراني في توراتنا العربية، كما أنه ترجم في أغلب الأحيان بـ (الرب) وهو اسم مفرد وليس له جمع، وكثيراً ما أدخل في تركيب الكلمات وهو المقطع الأول من اسم ربنا الجليل (يسوع) الذي في العبراني (يشوع) اسم مركّب من كلمتين (ياه) و (شوع) أي (يهوه مخلّص)...

شداي

جمع كلمة (شاد) أي (قوة أو قدرة)، فيكون المعنى لهذا الاسم الجمع (القوات أو أصحاب القدرة أو المقتدرون) ومترجم في توراتنا العربية (القدير)، إنه اسم الله الذي أعلنه للآباء (تكوين 17: 1) لم يكن هذا الاسم هو الذي سرّ تعالى أن يعلنه لبني اسرائيل عن نفسه، أو بمعنى آخر، لم يكن هو الاسم الذي يخصّهم هم...

ادوناي أو ادونيم

جمع الاسم (ادون) ومعناه (السيد) أو (المولى) ولم يرد في توراتنا العربية بنطقة العبراني، وقد استعمل بمفرده لله كما وبالإضافة إلى أسماء أخرى من أسماء الجلالة كاسم (يهوه) في قول ابراهيم مثلاً: (ادوناي يهوه) المترجم في توراتنا العربية (السيد الرب) (تكوين 15: 2)...

ليكن اسم الرب مباركاً...

اسم شهود يهوه

عقد ممثلو شهود يهوه مؤتمراً دولياً عام (1931)، الهدف منه تقرير اسم جديد لحركتهم التي حملت عدة أسماء سابقاً، فقرروا أن تسمى حركتهم باسم يعينه الرب نفسه كما ادعوا... فاهتدوا إلى آيتين من سفر اشعيا، تقول: (أنتم شهودي يقول يهوه...) (اشعيا 43: 10و 44: 8).

إن أتباع روسل وروزفورد وكنور، يقولون باعتزاز وفخر، إن الله اسمه يهوه، وما نحن سوى شهود له... يدّعون أن الله نفسه قد فرض عليهم هذا الاسم في سفر اشعيا...؟

إن اسم يهوه هو ولا شك أحد أسماء الله العلم، لكن شهود يهوه نسوا أن الله قبل أن يعرّف نفسه لموسى ولبني اسرائيل بهذا الاسم، عرّف عن نفسه لآدم ولابراهيم واسحق ويعقوب والأنبياء بأسماء أخرى...

أول آية في الكتاب المقدس تعرفنا على أحد أسماء الله (في البدء خلق الله (ايلوهيم في النص العبري) السموات والأرض...) (تكوين 1: 1)، فمن البديهي أن يكون آدم قد عرف الله آنذاك باسم (ايلوهيم). سأله (يعقوب) ابن اسحق، وهو الذي غيّر له الرب اسمه من يعقوب إلى اسرائيل، سأله عن اسمه، فأجابه قائلاً: لماذا تسألني عن اسمي...؟) لم يقل له اسمي يهوه....؟

لاحظوا هذا الأمر العجيب، أن يعقوب أي (اسرائيل) وهو أبو أسباط بني اسرائيل الإثني عشر، لم يكن يعرف الله باسم يهوه... تغرّب نسله في مصر، ومكثوا هناك نحو (400) سنة، فتكاثروا وأضحوا شعباً عظيماً جداً، ثم حان وقت افتقادهم، فأرسل لهم الرب موسى لكي يخلصهم، فقال موسى لله: (ها أنا آتي إلى بني اسرائيل وأقول لهم إله آبائكم أرسلني إليكم فإذا قالوا لي ما اسمه فماذا أقول لهم...؟) فقال الله لموسى: (هكذا تقول لبني اسرائيل أن يهوه إله آبائكم إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم... هذا هو اسمي إلى الأبد هذا هو ذكري إلى دور فدور...).

هنا ابتدأ الله يتعامل مع شعبه بميثاق جديد، فأعلن لهم فقط عن اسمه الذي عليهم أن يسمّوه به طوال مدة تعامله معهم... وكم كانوا بالحقيقة محتاجين لكي يعرفوا أنا إلههم اسمه (يهوه) أي (الكائن الذي كان والذي سيأتي القادر على كل شيء...).

لم يكتف موسى بالسؤال عن اسم الرب فحسب، بل طالبه بالأكثر فقال: (أرني وجهك) فقال له الرب: (لا تقدر أن ترى وجهي يا موسى، لأن الإنسان لا يراني ويعيش...). نعم إن موسى طلب أن يتعرّف على وجه الرب شخصياً فلم يقدر لا هو ولا بني اسرائيل... عرفوا اسمه فقط. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف أن شهود يهوه يشهدون لإله لا يعرفونه. إذ أن خاصته في القديم لم تعرفه، ولم يطلب منها قط أن تبشّر بهذا الاسم، بل أن تشهد بإحسانات الرب عليها، وعن فضله في تخليصهم من ضيقات كثيرة مرّوا بها عبر التاريخ... ومن المستحيل أن يكرز اليهودي بيهوه وبيهوديّته، لأنه من المستحيل أيضاً أن يعتنق الإنسان الدين اليهودي إلا إذا كان قد تفرّع من أحد أسباط بني اسرائيل الإثني عشر....؟

لكن الله برحمته الغنية، أراد أن يعرّفنا على ذاته، فنزل في أحشاء مريم العذراء، فحبلت به من الروح القدس، فتجسّد، وصار إنساناً، وعاش بيننا، جاع وعطش، بكى وتألم، تحسّس آلامنا، صُلب ومات وقُبر، ثم قام منتصراً من بين الأموات... فمن هو هذا الشخص العجيب...؟

الملاك جبرائيل يبشر مريم قائلاً: (لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع...) (لوقا 1: 30- 31). إن اسم يسوع هو الاسم الآرامي للكلمة العبرانية (يشوع)، وكلمة يشوع هي اسم عبراني مركب من كلمتين (ياه وشوع) الذي تفسيره: (يهوه مخلص) كما سبق وذكرنا...

آه ما أغبى شهود يهوه، إذ أنهم يشهدون لشخص لا يعرفونه سوى بالاسم... فلو دروا أن ذلك الشخص هو يهوه نفسه الذي حل في أحشاء العذراء مريم، لما بقوا في غبائهم، لكنهم سيظلون أغبياء طالما أنهم مصرّين على نكران الله المتجسد، الذي اشتراهم، وطالما أنهم يشهرّون بكنيسته التي اقتناها بدمه الطاهر...

إن المسيحي الحقيقي، هو الشاهد الأمين والوحيد ليهوه المخلص، الذي هو المسيح يسوع وهو الذي طالب بفمه المبارك، تلاميذه قبل انطلاقه إلى السماء قائلاً لهم: (لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض...) (أعمال1: 8).

نعم، نحن شهود ليسوع الذي نعرفه، وليس ليهوه الذي لا نعرفه... والفرق بيننا وبينهم، أنهم من حين إلى آخر يفتشون عن اسم جديد ينتحلونه لحركتهم ثم يغيّرونه إلى أن قرّروا أخيراً اسمهم الحالي... لكن المسيحي بالحق لا يحمل اسماً، اسمه في ثمره، اسمع الرب يقول معرّفاً عن أتباعه: (من ثمارهم تعرفونهم...). الكنيسة الرسولية الأولى كانت بلا اسم... (ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكيا أولاً...) (أعمال 11: 26)، نعم دُعيوا مسيحيين من قِبَلْ الآخرين، نسبة إلى تشابه حياتهم بحياة سيدهم.

الكتاب المقدس هو نِعْمَ المصدر، الذي بواسطته نستطيع أن نزن الأمور على حقيقتها. يعرّفنا الكتاب أن الرسل والتلاميذ، لم يكونوا معروفين باسم شهود يهوه أبداً، ولا حتى بأي اسم آخر إلا (مسيحيين)، ويؤكد لنا مرة أخرى هذه الحقيقة، حتى كان بولس يحاجّ الملك اغريباس: (فقال اغريباس لبولس: بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً...) (أعمال 26: 28).

لا تتعجبوا أيها الأحباء، إن جاء يوم وسمعنا أن الشهود انتحلوا اسماً جديداً لهم، إذ أن لهم سوابق في هذا المضمار، فسمّوا أنفسهم تارة (أتباع روسل) وتارة أخرى (فجر الحكم الألفي) و (العهد الذهبي) و (برج المراقبة) و (تلامذة التوراة) فـ (شهود يهوه). اسمعوا ما يقوله الرسول يعقوب عن مثل هؤلاء: (رجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه) (يعقوب 1: 8).

فإذا كان حقيقة كما يدعون، بأن هذا الاسم الذي اختاروه مصدره الله، فكيف يكون ولماذا لم يعط فوراً منذ بدء حركتهم...؟

هل أن الله متقلقلٌ في الرأي...؟

حاشا وكلا أن يكون الله هكذا...اسمعه يقول: (أنا الرب لا أتغير...) (ملاخي 3: 6).

ينكر شهود يهوه الثالوث الأقدس

يشتهر شهود يهوه باقتباس آيات الكتاب المقدس الذي هو كلمة الله الحيّة، ولكن استعمالهم لهذا الكتاب المبارك هو بصورة جزئية ومشوّهة، وجميع تفاسيرهم التعليمية هي من اجتهادهم الخاص لتلائم عقائدهم البائدة الباطلة...

إن شهود يهوه، أعداء لدودون لعقيدة الثالوث، وقد ركّزوا عليها حملات عنيفة، فيها الكثير من الكلام الجارح للمسيحيين... ومما تجدر ملاحظته هو: أن السواد الأعظم من المسيحيين يسودهم الجهل في موضوع عقيدة الثالوث وألوهية المسيح وألوهية الروح القدس.... فهذه العقائد الثلاث هي أهم العقائد في كنيسة المسيح منذ تأسيسها على الإطلاق.

يدّعي شهود يهوه أن إبليس هو منبع هذا التعليم، ومصدره خرافات تعود إلى البابليين والمصريين القدماء، وقد أدخلت في الديانة المسيحية. يقولون: لا وجود لكلمة ثالوث في كل الكتاب المقدس، من أول سفر التكوين إلى آخر سفر الرؤيا، وإن كلمة ثالوث لم تتسرب إلى الكتابات والمؤلفات الدينية إلا في أواخر القرن الثاني ميلادي، وفي مجمع نيقية بالذات، المنعقد سنة (325)، جعل الثالوث العقيدة المركزية للديانة المسيحية، التي اعتُرف بها يومئذ ديانة رسمية للحكومة، وأيد عقيدة الثالوث، الإمبراطور الوثني قسطنطين، الذي كان رئيساً لذلك المجمع، وعلاوة على الاعتبارات السياسية التي حدت بالإمبراطور إلى مناصرة عقيدة الثالوث، فإنه استسهل أمر تأييدها لأنها جزء من فلسفة أفلاطون الوثنية المنتشرة في ذلك الحين... الخ...

إن أول شخص صاغ هذه العبارة (ثالوث) هو: (ترتليانس) الذي عاش في القرن الثاني ميلادي. ثم أن هناك مصدر آخر يقول أن أول من استعمل كلمة ثالوث ومشتقاتها هو: (تاوفيلوس الأنطاكي) سنة (181) ميلادية، بمعنى آخر، أن هذين الشخصين كانا معاصرين للكنيسة التي أتت مباشرة بعد الكنيسة الرسولية الأولى التي تعاليمها تعتبر ركيزة إيماننا المسيحي. والسؤال هنا: أين كان الله عز وجل، كي يسمح أن تضل كنيسته التي اقتناها بدمه وهي في المهد...؟ ولماذا لم يتدخل لكبح جماح المضلين...؟

لنسمع رأي الكتاب المقدس في هذا الأمر، حين ألقي القبض على بعض الرسل بتهمة أنهم يروّجون بدعة جديدة بين اليهود: (فقام في المجمع رجل فرّيسي اسمه غمالائيل معلم للناموس مكرّم عند جميع الشعب وأمر أن يخرج الرسل قليلاً ثم قال لهم: أيها الرجال الإسرائيليون احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس في ما أنتم مزمعون أن تفعلوا لأنه قبل هذه الأيام قام ثوداس قائلاً عن نفسه أنه شيء الذي التصق به عدد من الرجال نحو أربعمئة الذي قتل وجميع الذين انقادوا إليه تبدّدوا وصاروا لا شيء بعد هذا قام يهوذا الجليلي في أيام الاكتتاب وأزاغ وراءه شعباً غفيراً فذاك أيضاً هلك وجميع الذين انقادوا إليه تشتتوا والآن أقول لكم تنحوا عن هؤلاء الناس واتركوهم لأنه إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف يُنتقض وإن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه لئلا توجدوا محاربين لله...) (أعمال 5: 34- 39).

ونسأل أيضاً: هل المسيحيون الذين اتخذوا قانون مجمع نيقية دستوراً لهم، جميع المسيحيين من أرثوذكس وكاثوليك وإنجيليين، هل هؤلاء كانوا على ضلال طوال (17 قرناً) وما زالوا، وشهود يهوه الذين ظهروا على مسرح التاريخ المسيحي منذ حوالي الـ (120 سنة) هم على حق....؟

إن عدم وجود كلمة ثالوث في الكتاب المقدس، أمر لا يطعن في صحته أبداً. ولكن بالرغم من ذلك، هناك آيات ومقاطع عديدة تشهد لصحة هذه العقيدة ولوجود الثالوث وإن بصورة مبطّنة شبه مستورة... ومن هذا المنطلق نسأل شهود يهوه، لماذا إذن بعد اعتناقهم البدعة يعتمدون (باسم الآب والابن والروح القدس)...؟ إنه لمن الواضح تماماً لأي شخص، ولو كانت ثقافته بسيطة، أن يلاحظ بأن (واو العطف) في هذه الآية، تعطف الكلمة اللاحقة على سابقتها دون أي تمييز أو تفريق، واضعة بذلك الأسماء الثلاثة في مرتبة واحدة يستحيل تفريقها...

(عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس) يدل هذا القول على حقيقة التوحيد، كما يدل على تثليث الأقانيم، لأنه قال: (باسم) أي بصيغة المفرد لا الجمع، مع أنه ذكر الأقانيم الثلاثة كلاً على حدة، ومن هذه العبارة نفهم أنه لا يمكن أن يكون الابن والروح القدس مخلوقين، بدليل أنهما مقرونان باسم الآب كشيء واحد، بخلاف عدم ملاءمة الاسم نفسه لما يكون مخلوقاً، فإن كلمة (ابن الله) و (الروح القدس) لا يصح أن يسمى بهما الشيء المخلوق... هذه حقيقة ظاهرة لمن يتأمل...

عند التدقيق جيداً، نرى الثالوث متجلٍ بكل عظمة في الكتاب المقدس: (فلمَّا اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه وصوت من السموات قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت...) (متى 3: 16- 17) الأقنوم الثالث (أي الروح القدس) نزل على الأقنوم الثاني (أي الابن)، في حين صرّح الأقنوم الأول (أي الآب) قائلاً: (هذا هو ابني الحبيب...).

(هذا هو الذي أتى بماء ودم يسوع المسيح لا بالماء فقط بل بالماء والدم والروح هو الذي يشهد لأن الروح هو الحق فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد...) (1يوحنا 5: 6- 8).

إن شهود يهوه يعترضون على المقطع الموضوع تحته خط، بحجة أنه لم يرد في الأصل اليوناني... فيقولون: إنها الآية أي (1يوحنا 5: 6- 8) المحببة إلى الثالوثيين، والمستخدمة منهم أكثر من غيرها من الآيات لدعم عقيدتهم، وذلك لأنها الآية الوحيدة التي تورد (الآب والكلمة والروح القدس) ثم تقول: و (هؤلاء الثلاثة هم واحد)، لكن هذه الآية قد ثبت أنها مضافة ومدسوسة إلى الأصل كما يشهد بذلك جميع علماء الكتاب المقدس المحدثين...

إن اعتراضهم هذا غير مقبول البتة، لأن الآية الأخيرة من المقطع تكون مبهمة في حال غياب الآية المعترض عليها، فـ (واو) العطف في بداية الآية الأخيرة، يجب أن يكون لها سابق، وإلا كانت بلا معنى، فمن هنا أدخلت الآية من قبل المجامع الكنسية للتوضيح والتسهيل في فهم كنه هذا المقطع الجوهري والحسّاس.

إن مجمع (كارتاج) الذي انعقد سنة (397) ميلادية، أقر قانونية كل الأسفار المتداولة آنذاك في كنيسة المسيح، وما زالت حتى يومنا هذا، هي نفسها المتداولة بين أيدينا... والسؤال هنا: إن كان الكتاب المقدس بترجمته المتداولة اليوم في جميع الكنائس، غير أمين للنص الأصلي، فلماذا يعتمده الشهود ويقتبسون من آياته...؟ وما موقف الذين يسمعونهم، إذ أنهم يبشرونهم من كتاب مليء بالدسائس والتناقضات...؟

لا يخفى أن حقيقة الثالوث ترى أيضاً من أول وهلة في الكتاب المقدس، وفي أول فصل فيه بقوله: (نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا...) (تكوين 1: 26)، وإن قال شهود يهوه، إن هذا القول هو من قبيل التعظيم، يدحض ادّعاؤهم بقوله تعالى: (هوذا الإنسان قد صار كواحد منا، عارفاً الخير والشر...) (تكوين 3: 22)، ففي ذلك كما لا يخفي أكبر دليل على وجود أقانيم في ذاته تعالى... إن العبارة (كواحد منا) تدل على أن الكائن المتكلم، كان يخاطب كائناً أو أكثر من نوعه، وإلا لكان الأصح أن يقول: (هوذا الإنسان صار مثلي...).

(هلمّ ننزل ونبلبل هناك لسانهم، حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض...) (تكوين 11: 7) فلفظة (هلمّ) تتضمن نوعاً من الدعوة، يفرض وجود متكلم ومخاطب. ونفهم من القالب التي صيغت فيه العبارة، أن الآب الخالق، دعا الابن والروح القدس، لمرافقته إلى الأرض لكي يبلبل الألسن.

نعم إن تعليم عقيدة الثالوث وارد بكثرة في صفحات الكتاب المقدس، وإن كان بصورة مبطّنة، وهذا ما لا يروق لشهود يهوه..

ينكرشهود يهوه ألوهية الرب يسوع

إن يسوع المسيح ابن العذراء مريم، هو الله بالذات، المتجسد والذي حبل به في أحشاء مريم المباركة، وصار إنساناً، وأخذ له طبيعتين، وهو الذي أعلن لنا ذلك حين كان يعطي لنفسه صفة (ابن الله) و (ابن الإنسان)، وبينما هو على الأرض بالجسد، كان مساوياً للآب في الجوهر، إذ يعلمنا الرسول بولس ويعلن لنا هذا السر العظيم حين قال: (... فإنه فيه (أي في المسيح) يحل كل ملء اللاهوت جسدياً...) (كولوسي 2: 9)، فعليه يتضح لنا بأن المسيح يسوع وبينما هو بالجسد، لم ينقصه شيء من ألوهية الآب، فكان والآب واحد، وكان يهوه بالذات، هكذا مكتوب، وهكذا نؤمن...

يقول الرسول بولس: (لأنه و إن وجد ما يسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون...) (10 كورنثوس 8: 5). يتخذ شهود يهوه هذه الآية كحجة لوجود عدة آلهة لكي يبرروا عقيدتهم القائلة بأن المسيح اله أدنى مرتبة من يهوه، فيا لغبائهم فلو تأملوا قليلاً بالآية التي قبلها، بدلاً من أن يتمسكوا بنصف الآية التي حرفوها لتناسب تعليمهم المضل، فتقول: (نعلم أن ليس وثن في العالم وأن ليس إله آخر إلا واحد...) (1كورنثوس 8: 4).

نعم إنهم ينكرون لاهوت المسيح يسوع، مستندين بذلك على ترجمتهم للنص اليوناني، الوارد في الآية الأولى من الفصل الأول من إنجيل يوحنا: (في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله...).

يقول راسل: (إن (ال) التعريف الموجودة في كلمة الله الأولى في الآية (والكلمة كان عند الله)، يجب ألا تكون في كلمة الله الثانية من الآية نفسها، وبحسب زعمه، يجب تصحيح جميع الترجمات، بحيث تصبح (وكان الكلمة إلهاً)، وبحسب منطقهم، إلهاً صغيراً، أدنى مرتبة من يهوه، فليس هو الله إذاً...

كيف نصدق تفسيرات شخص، قد سبق فحكم عليه قانونياً، لأنه ادّعى معرفة اللغة اليونانية، وهو كان يجهلها تماماً، أو كيف بالحري نتجرأ على اتهام علماء اللغة والترجمة جميعاً بارتكاب هذا الخطأ الفاضح، وهم على إلمام وإطلاع كاملين باللغات، وخصوصاً اللغة اليونانية وقواعدها... والسؤال هنا، من نصدق، هؤلاء العلماء أم ذلك الدجَّال...؟

لنعود إلى اللغة اليونانية وقواعدها، مع أنني أجهلها تماماً، ولكن فضولي حمّسني على ملاحقة هذا الموضوع، واللجوء إلى مراجع مختصّة، لكشف هذا الالتباس... إن علم النحو اليوناني يقول: إن (ال) التعريف تتقدّم المبتدأ وتُهمل في الخبر... إن كلمة الله في (وكان الكلمة الله) خبراً، فتهمل فيه إذا (ال) التعريف... ومن قواعد تفسير النصوص الأساسية، أن الكلمة الواحدة (الله) في العبارة الواحدة، لا تؤخذ في معنيين مختلفين، إلا إذا دلت القرائن على ذلك... والحال أن القرائن في الفصل الأول من إنجيل يوحنا، تجمع كلها على نسبة الألوهية للكلمة بالمعنى المطلق، أي أن كلمة (الله) المستعملة في الجزء الثاني من الآية (وكان الكلمة الله)، ولا إشارة ما من البشير يوحنا الذي كان مسوقاً من الروح القدس وهو يكتب هذه النصوص، تدل على تضييق أو تحجيم معنى (الله) في الشطر الثاني من الآية... ولإزالة أي شك تابع الرسول فكتب: (كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان...) والمعلوم أن الله هو الخالق (في البدء خلق الله السماوات والأرض...) (تكوين 1: 1) فعليه يكون يسوع المسيح هو الخالق، إذاً يسوع هو الله، هو يهوه بالذات.

إن الوحي المقدس ينسب إلى يسوع صفة الأزلية... (في البدء كان الكلمة...) أي أن الكلمة كان موجوداً قبل أن تبدأ كل الخلائق أياً كانت في الوجود، ومن المعلوم والمؤكد في علم اللاهوت، أن الأزلية تنسب إلى الله وحده، فمن يكون يسوع، غير الله المتجسّد...؟

ومما يستحق الاعتبار هو: إن لفظة (كلمة) بصيغة التأنيث، تذكّر في كل من الإنجيل والقرآن، لدى الكلام عن المسيح ككلمة الله، مما اضطر ركيزة اللغة العربية، إلا وهو القرآن، إلى الشذ عن القاعدة عندما تكلم عن هذا الشخص الفريد قائلاً: (إذ قالت الملائكة يا مريم أن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين...) (آل عمران 45)، إن هذه الحقيقة جديرة بأن تلفت فكر القارئ النبيه إلى سمو هذا الشخص الفريد...؟

عودة إلى تلاعبهم الفاضح في نصوص الكتاب، وفي رسالة الرسول بولس الأول إلى تلميذه تيموثاوس والفصل الثالث والعدد (16) يعلن لنا الرسول عن هذا السرّ العظيم ألا وهو تجسّد الله نفسه في المسيح يسوع فيقول: (وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرّر في الروح تراءى لملائكته كُرز به بين الأمم أومن به في العالم رُفع في المجد...) ولكي يدحض شهود يهوه حقيقة ألوهية المسيح في هذه الآية المباركة من الكتاب المقدس، يتلاعبون فيها بشكل مفضوح، فيضعون الفاصلة (،) بعد كلمة (الله)، مع حذف (ال التعريف) من كلمة (تقوى)، لتصبح (تقوى الله)، فتقرأ الآية بهذا الشكل: (وبالإجماع عظيم هو سر تقوى الله، ظهر في الجسد، تبرّر في الروح... الخ...) من هنا يصبح تفسيرهم الكاذب، بأن تقوى الله هو الذي ظهر في الجسد، وليس الله بالذات...

وكم يتهرّب الشهود، ويخالجهم الشكّ في داخلهم عندما تقرأ أمامهم موعظة الرسول بولس التي ألقاها على مسامع قسوس وأساقفة مدينة أفسس، عندما استدعاهم إلى مليتس، وأتى على ذكر هذا المقطع المهم جداً في ما يخص موضوع ألوهية المسيح، والذي به يدحض بدوره نكران شهود يهوه هذه الألوهية فيقول: (احترزوا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه...) (أعمال 20: 28) والسؤال هنا موجه لشهود يهوه: (من كان هذا الإله الذي اقتنى كنيسته بدمه...؟ هل كان يهوه الآب، أم أنه كان يهوه الابن الذي مات على الصليب، واقتنى كنيسته بثمن غال جداً ألا وهو دمه الطاهر حباً بها...؟).

ومن أدرى من الرب يسوع نفسه في تعريفنا لهذه الحقيقة، كونه ابن الله بالجسد، فهو الله بالذات، لنسمعه يُعلنها لنا حقيقة باهرة، إعلاناً سماوياً عن كون الابن إلهاً وإنساناً، يقول: (إن قلت لكم الأرضيات ولستم تؤمنون فكيف تؤمنون إن قلت لكم السماويات... وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء...) (يوحنا 3: 12- 13) من يا ترى هو هذا الشخص الذي يستطيع أن يتواجد في السماء وعلى الأرض في آن واحد، إلا الله وحده...؟

إن كلمة (يهوه) التي هي إحدى أسماء الله العلم والتي تعني: (الكائن الذي كان والذي سيأتي القادر على كل شيء...) بمعنى آخر، إنه أزلي لا بداية له ولا نهاية، فنرى هذا التعبير نفسه مُعطى للرب يسوع في سفر الرؤيا (نعمة لكم وسلام من الكائن والذي كان والذي يأتي...) (رؤيا 1: 4) وأيضاً قول الرب يسوع عن نفسه: (أنا هو الألف والياء والبداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي يأتي القادر على كل شيء) (رؤيا 1: 8)، لنسمع أيضاً الأربعة والعشرين شيخاً المذكور عنهم في سفر الرؤيا أيضاً، يقولون للمسيح: (قائلين نشكرك أيها الرب الإله القادر على كل شيء الكائن والذي كان والذي يأتي لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت...) (رؤيا 11: 17)، وقول الملاك: (وسمعت ملاك المياه يقول: عادل أنت أيها الكائن والذي كان والذي يكون لأنك حكمت هكذا...) (رؤيا 16: 5).

فهل هنالك على ضوء ما سردنا من آيات، حجة في الكتاب المقدس تثبت لنا أن المسيح يسوع الذي عرّف عنه رسوله هكذا بأنه هو ذلك الكائن الذي كان معروفاً قديماً بـ (يهوه)...؟ نعم إن هناك الكثير من الحجج والبراهين على أن يسوع هو ذلك الكائن الذي كان والذي سيأتي والقادر على كل شيء... هو يهوه بالذات... إليكم البرهان...

(مزمور 82: 5- 6) يقول يهوه لبني اسرائيل: (لا يعلمون ولا يفهمون في الظلمة يتمشّون تتزعزع كل أسس الأرض أنا قلت أنكم آلهة وبنو العلي كلكم...) وما كان من الرب يسوع إلا أن أكّد هذه الحقيقة في (إنجيل يوحنا 10: 34) (أجابهم يسوع أليس مكتوباً في ناموسكم أنا قلت أنكم آلهة...) كأنه أراد أن يقول لهم، بأن يهوه الذي قال لهم أنهم آلهة، كان هو بالذات.

في (سفر العدد 21: 4- 9) (وارتحلوا من جبل هور (أي بني اسرائيل) في طريق بحر سوف ليدوروا بأرض ادوم فضاقت نفس الشعب في الطريق وتكلم الشعب على الله (إن كلمة الله هنا في النص العبري هي: يهوه) وعلى موسى قائلين: لماذا أصعدتمانا من مصر لنموت في البرية لأنه لا خبز ولا ماء وقد كرهت أنفسنا الطعام السخيف فأرسل الرب (وأيضاً كلمة الرب هنا في الأصل العبري هي: يهوه) على الشعب الحيَّات المحرقة فلدغت الشعب فمات قوم كثيرون من اسرائيل فأتى الشعب إلى موسى وقالوا: قد أخطأنا إذ تكلمنا على الرب (يهوه) وعليك فصلّ إلى الرب (يهوه) ليرفع عنا الحيَّات فصلى موسى لأجل الشعب فقال الرب (يهوه) لموسى: اصنع لك حيَّة محرقة وضعها على راية فكل من لدغ ونظر إليها يحيا فصنع موسى حيَّة من نحاس ووضعها على الراية فكان متى لدغت حية إنساناً ونظر إلى حية النحاس يحيا...).

لا يخفى على أحد، بعد قراءة هذا النص من العهد القديم، إنه يعرفنا بأن بني اسرائيل في القديم، جرّبوا الله (يهوه)، ولكن هناك حقيقة أخرى جديرة بالتأمل، حين كتب الرسول بولس هذه الآية معلقاً على هذه القصة بالذات (... ولا نجرب المسيح كما جرّب أيضاً أناس منهم، فأهلكتهم الحيّات) (1كورنثوس 10: 9) فعليه يُعلن لنا الرسول في العهد الجديد، بأن يهوه الذي جُرّب في العهد القديم، لم يكن سوى يسوع نفسه...

يقول النبي اشعيا: (في سنة وفاة عزيّا الملك رأيت السيد جالساً على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل...) يعلق الرسول يوحنا على هذه الحادثة قائلاً: (ومع أنه (أي يسوع) كان قد صنع آيات هذا عددها لم يؤمنوا به ليتم قول اشعيا النبي الذي قال: يا رب من صدّق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الرب لهذا لم يقدروا أن يؤمنوا لأن اشعيا قال أيضاً: قد أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فاشفيهم قال اشعيا هذا حين رأى مجده وتكلم عنه...) (يوحنا 12: 37- 41).

يعلق المطلعون من شهود يهوه على هذه الآية بقولهم: إن اشعيا رأى فقط مجده... فهذا عين الصواب، إذ أن لا أحد يرى يهوه ويعيش، ولكن ما هو تعليقهم على قوله (أنا الرب (يهوه) هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر...) (اشعيا 42: 8)... آه ليكن الله وحده صادقاً، الذي أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم عن معرفة هذا الشخص المبارك، شخص الرب يسوع المسيح، إذ ما الفرق ليت شعري بين القول بان أرى الشخص أو مجده...؟

فاشعيا الذي أخبرنا بأنه رأى السيد (يهوه)، ويهوه هذا، لم يكن سوى يسوع بحسب ما أخبرنا به يوحنا... إن كان شهود يهوه يجهلون إلههم حتى الآن، فنحن هنا نعرّفهم به، فيهوه الذي يعبدونه وهم يجهلونه، ليس بالحق سوى يسوع المسيح الذي نعرفه نحن، له كل المجد... (قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا قال له يسوع: أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ...) (يوحنا 14: 8)... آيات تتكلم لوحدها، والذي ينكرها يشبه إنساناً ينكر الشمس في رائعة نهارها...

المسيح يسوع هو الله المتجسّد، وقد برهن عن ألوهيته بطرق عدة نأتي على ذكرها:

(1)- عصمته الكاملة والمطلقة عن الخطيئة. ألم يسأل اليهود مرة: (من منكم يبكتني على خطيئة؟) فلم يستطع أحد الإجابة على هذا السؤال... ومن هو ذلك الشخص المعصوم عن الخطأ، سوى الله عز وجل...؟ فالمسيح من هذه الحيثية لا شك هو الله.

(2)- قبوله السجود والعبادة من البشر. كلنا يعلم الوصية: (للرب إلهك وحده تسجد...) فعليه يتضح أنه لا يحق السجود والعبادة إلا لله وحده، لكن المسيح قَبِل السجود من كثيرين، (ولما جاؤوا إلى الجمع تقدم إليه رجل جاثياً وقائلاً: يا سيد ارحم ابني فإنه يصرع ويتألم شديداً الخ...) (متى 17: 14).

فلما رأى يسوع من بعيد (مجنون كورة الجدريين) ركض وسجد له...) (مرقس 5: 6) (ولما نزل من الجبل، تبعته جموع كثيرة وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً: يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني...) (متى 8: 1- 2).

(فقال: أومن يا سيد وسجد له...) قصة الأعمى... (يوحنا9: 38).

وخير دليل على ذلك، تصريح الرسول توما المشكك بانذهال، ساجداً وصارخاً: (ربي وإلهي...) (يوحنا 20: 28). فعليه، يكون المسيح الذي قبل السجود والعبادة من الناس هو الله.

(3)- سلطانه المطلق على غفران الخطايا. كلنا يعلم قصة المرأة الزانية التي ألقي القبض عليها وهي تزني في ذات الفعل، والمذكور عنها في (إنجيل يوحنا 8: 2- 11) (وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحداً سوى المرأة قال لها: يا امرأة أين هم أولئك المشتكون عليك أما دانك أحد...؟، فقالت لا أحد يا سيد فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك اذهبي ولا تخطئي أيضاً...) هذا ما جاء في نهاية الرواية... كأنه أراد أن يعلن لها هذه الحقيقة، بأنه الوحيد القادر على إدانتها، لكنه قال لها، لا أدينك... ولنلاحظ هنا فعل الأمر الذي استعمله يسوع مع الامرأة حين قال لها: (اذهبي ولا تخطئي أيضاً...) نعم إنه القادر أن يغفر الخطايا، وأن يعطي القوة كي لا نخطئ فيما بعد... إنه الله.

(4)- الله وحده كلّي المحبة. هكذا يعرّف عنه الرسول يوحنا بقوله: (الله محبة) (1يوحنا 4: 8) ومن هو يا ترى الذي أظهر المحبة كاملة فوق خشبة الصليب، دافعاً عنا أجرة خطيئتنا إلا الرب يسوع وحده، اسمعه يقول: (ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه...) (يوحنا 15: 13). من هو يا ترى هذا الإله، الذي لم يحبنا بالكلام فحسب، بل إنه بذل نفسه على الصليب حتى آخر نقطة من دمه، إلا يسوع المسيح، رب المجد.

أخيراً وبعدما تحدثنا بالبراهين القاطعة عن ألوهية الابن، نختم هذا الموضوع، باقتباس تصريح للمسيح كما ورد في (يوحنا5: 21- 23) (لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحي كذلك الابن أيضاً يحي من يشاء لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن لكي يكرّم الجميع الابن كما يكرمونه الآب من لا يكرّم الابن لا يكرّم الآب الذي أرسله...).

فعلى ضوء هذا التصريح، نسأل شهود يهوه هذا السؤال التحدي: هل يكرّمون الابن بالنسبة ذاتها التي يكرمون بها الآب...؟ هل يضعون الابن بذات مستوى الآب...؟ هل مقياسهم للابن تماماً كمقياسهم للآب...؟

بكل تأكيد أن الجواب هو: لا لا لا وألف لا.... فنسأل الله أن يهديهم إلى سواء السبيل علّه يفتح قلوبهم وأذهانهم إلى معرفة ذلك الشخص المذخرّة فيه جميع كنوز المعرفة والحكمة والفهم.... آمين.

ينكر شهود يهوه ألوهية الروح القدس

لا وجود لما يسمّى بالأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس، بحسب زعم شهود يهوه. فهو ليس شخصاً حقيقياً كشخص الآب والابن مثلاً، ولا هو مساوياً لهما في الجوهر، فهم يعتقدون أن الروح القدس هو مجرّد (تأثير) أو (قوة) أو (نفوذ) أو (إحدى العطايا الموهوبة من يهوه لذاك الإله الصغير يسوع...).

للكتاب المقدس رأي آخر، وتعليم يختلف تماماً عمّا يدّعي شهود يهوه، حتى في أول سفر من أسفار الكتاب، يعلن لنا الوحي بكل وضوح أن روح الله هو شخص، لا مجرّد قوة أو تأثير أو نفوذ... الخ... (فقال الرب: لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد...) (تكوين 6: 3). أفليس واضحاً جداً في هذه الآية، أن الذي يدين هو شخص، وليس شيء آخر...

(1)- هل القوة تحزن...؟

هل يمكن للإنسان أن يحزن قوة ما...؟ فقد يحزن الإنسان صديقه، أباه، أمه، أخاه الخ... ولكن لا يمكنه أن يحزن محرّك سيارته ذا القوة الهائلة... كتب النبي اشعيا متكلماً عن الشعب القديم قائلاً: (... ولكنهم تمرّدوا وأحزنوا روح قدسه فتحوّل لهم عدواً وهو حاربهم...) (اشعيا 63: 10).

الرسول بولس في العهد الجديد تكلّم عن هذا الموضوع قائلاً: (لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء...) (أفسس4: 30). فاحكموا على ضوء هذه الآيات إن كانت القوة تحزن...

(2)- هل القوة تقاوم...؟

في نهاية عظته الصارمة الموجهة إلى اليهود قال استفانوس، شهيد المسيحية الأول، موبخاً اليهود: (يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح القدس كما كان آباؤكم كذلك أنتم...) (أعمال الرسل7: 51- 52).

فهل يمكن لإنسان ما أن يقاوم فكرة أو نزعة أو عقيدة ما، إلا إذا كانت متجسّدة في شخص ما...؟ فمن إذاً قاوم الروح القدس... اليهود... وماذا كان الروح القدس لكي يقاوم من قبلهم أكان مجرّد قوة...؟

(3)- هل القوة تعزّي...؟

ومن أدرى بالروح القدس أكثر من الابن الحبيب نفسه الذي جاء وخبّر: (إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزِّياً آخلا ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم...) (يوحنا 14: 15- 17).

بحسب مفهومنا لعلم اللغة، فإن كلمة (معزّي) لا تنسب إلا إلى شخص... هذا هو عمل شخص الروح القدس، أن يكون معزّياً آخر، فهل كان يسوع قد استعمل تعبيراً كهذا، للكلام عن سلطان أو قوة، ليس لها شخصية إلهية كما يزعم شهود يهوه...؟ فعليه يكون الروح القدس شخص، وبالتحديد الأقنوم الثالث من الثالوث.

(4)- هل القوة تعلّم وتذكّر...؟

يضيف الرب يسوع قائلاً: (وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم...) (يوحنا 14: 26). وأيضاً (وأما الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء) (يوحنا14: 16).

(5)- هل القوة تشهد...؟

ومتى جاء المعزّي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي...) (يوحنا15: 26).

(6)- هل القوة تبكّت (أي توبِّخ)...؟

كان الرب الحبيب يسوع ينظر ويشاهد تلاميذه والحزن مرتسم على وجوههم، لأنه سبق وأنبأهم بأنه سيمضي عنهم، حتى أضاف قائلاً: (لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزّي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم ومتى جاء ذاك يبكّت العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة...) (يوحنا16: 7- 8).

(7)- هل القوة ترشد وتتكلم وتسمع وتخبّر...؟

(وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور كثيرة...) (يوحنا 16: 13).

عزيزي القارئ، لنلاحظ معاً الاسم والأفعال المستخدمة في هذه النصوص الكتابية، والمقتبسة من قبلنا، فقد أطلق الرب يسوع على الروح القدس اسم المعزي عدة مرات، فهل تستطيع قوة ما بأن تعزي، أو التأثير بأن يلهم الرجاء ويمنح السلوان...؟

أما الأفعال المستخدمة هنا فهي (ثمانية): يعلم- يذكّر- يشهد- يبكّت- يرشد- يتكلّم- يسمع- يخبّر- والسؤال هنا هو: هل القوة تمتاز بهذه الصفات، أو هل التأثير والنفوذ يتمتعان بهذه التخصّصات...؟ أبهذا المقدار هم أغبياء، حتى يفتكروا هذا الفكر الباطل...؟ أو أنه ليس هناك من دارسين وباحثين في الكتاب المقدس غيرهم...؟ أم أنهم بهذه السهولة يُخدعون ويَخدعون ...؟ ولكن للأسف، إنهم عمداً يصمّون آذانهم عن السمع، وقصداً يغلقون عقولهم عن الفهم، وتعصّباً يعمون قلوبهم وقلوب الآخرين عن الإدراك...

وأخيراً إلينا بهذا المقطع الكتابي الذي يبرهن ويؤكد لنا بلا جدل، بأن الروح القدس هو ليس فقط الأقنوم الثالث من الثالوث، بل هو الله بالذات... (ورجل اسمه حنانيا وامرأته سفيّرة باع مُلكاً واختلس من الثمن وامرأته لها خبر بذلك وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل فقال بطرس: يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل أليس وهو باق كان يبقى لك ولما بيع ألم يكن في سلطانك فما بالك وضعت في قلبك هذا الأمر أنت لم تكذب على الناس بل على الله...) (أعمال الرسل 5: 10 4).

نلاحظ هنا أن خطيئة الكذب، كانت محور هذه الحادثة المؤلمة، فقد تحدّاه بطرس قائلاً: (لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس...؟) والأهم من ذلك، أضاف قائلاً: (أنت لم تكذب على الناس، بل على الله...) فمن الواضح جداً هنا بأن كلمة (الله) في آخر الآية الأخيرة، هي: نائب المفعول به (الروح القدس) في السؤال التحدي الموجّه من بطرس لحنانيا، فعليه يكون حنانيا قد كذب على : (الله الروح القدس...).

أيها القارئ العزيز، إن محور عبادتنا كمسيحيين حقيقيين على مرّ العصور كانت، هذا الثالوث المجيد، الذي أُظهر لنا نحن الذين آلت إلينا أواخر الدهور، فعرّفنا عليه الرب يسوع نفسه، ودُعينا مسيحيين على هذا الأساس... والعجيب في الأمر، أنك لا تستطيع أن تعرف الأقنوم الأول (أي الآب) والأقنوم الثالث (أي الروح القدس)، إلا بتعرفّك الشخصي على الأقنوم الثاني ألا وهو الرب المخلّص يسوع المسيح، وتتخذه لنفسك ربّاً ومخلصاً شخصياً. إن أردت أن تعرف الله، فلا تحوّل وجهك عن يسوع، إن كنت غير راسخ بمعرفة هذه الأمور، فما العتب بعد اليوم على شهود يهوه إن كانوا ينكرون هذه العقائد، ولا ينكرونها فحسب، بل يقودونك إلى إنكارها بسبب جهلك لهذه الحقائق الروحية الثمينة.

يسوع المسيح هو الملاك ميخائيل

يقول شهود يهوه أن يسوع هو الملاك ميخائيل؟....

إن أمر نكران الثالوث وألوهية الروح القدس الخ.... من المواضيع التي تكلّمنا عنها، ليس احتقاراً على شهود يهوه فحسب، بل أمر سبقهم إليه الكثيرون قبلهم كما تبيّن لنا في بداية البحث، ولكن كون المسيح يسوه هو الملاك ميخائيل، أمر أستطيع تأكيده بأنه لم يسبقهم في التاريخ أحد في إطلاق هذه البدعة المضحكة... ورداً على ذلك نقول: إنه ثابت من كل ما فات من الحديث أن الابن الوحيد، هو هو يهوه بالذات بأسمائه وأوصافه وأفعاله، فلا يمكن أن يكون في أي شكل من الأشكال الملاك ميخائيل، وإليكم البرهان:

قيل عن الملاك ميخائيل: (وأما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجاً عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم افتراء بل قال: لينتهرك الرب...) (يهوذا: 9)... وأما عن الابن الوحيد الحبيب فقيل: (لأنه بسلطان يأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه...) (مرقس 1: 27).

(ثم دعا تلاميذه الإثني عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف...) (متى 10: 1)... في إنجيل لوقا يعلّق البشير قائلاً: (فرجع السبعون بفرح قائلين: يا رب حتى متى الشياطين تخضع لنا باسمك فقال لهم: رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيّات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء...) (لوقا 10: 17- 19)... فعليه، يكون الملاك ميخائيل الذي لم يكن له أي سلطان على الشيطان، لا يمكن أن يكون هو يسوع الابن الوحيد الذي له كل السلطان الشخصي على الشيطان، بل ومانح حق وقوة ممارسة هذا السلطان لتلاميذه.

في سفر دانيال قيل عن الملاك ميخائيل ما يلي: (وهوذا ميخائيل واحد من الرؤساء الأولين...) (دانيال 10: 13) وفي نفس السفر ولكي لا نذهب بعيداً يقول دانيال النبي عن المسيح: (فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس...) (دانيال 9: 25)، وكلمة رئيس هنا جاءت مقرونة بال التعريف، جازمة بأنه الرئيس الوحيد وليس غيره... قيل عنه في الإنجيل: (ولد لكم اليوم مخلّص هو المسيح الرب...) (لوقا 2: 11)، وأيضاً هنا جاءت كلمة الرب مقرونة بال التعريف جازمة بأنه الرب الوحيد والأعلى الذي الكل دونه... فمن ثم يستحيل على الملاك ميخائيل ولو أنه واحد من الرؤساء الملائكيين الأولين، أن يكون هو نفسه المسيح يسوع، الذي هو بدون أدنى شك إله الآلهة ورب الأرباب...

في سفر الرؤيا قيل عن الملاك ميخائيل: (وحدثت حرب في السماء ميخائيل وملائكته حاربوا التنّين وحارب التنّين وملائكته...) (رؤيا 12: 7)... وفي نفس السفر تكلّم الوحي عن الابن قائلاً: (واختطف ولدها إلى الله وإلى العرش...) (رؤيا 12: 5)، هذه الآية لا شك تتكلّم عن الابن الحبيب الذي له العرش، إذ أن كاتب الرؤيا يحدد ملكيّة ذلك العرش فيقول: (عرش الله والخروف يكون فيها وعبيده يخدمونه...) (رؤيا 22: 3)... فبينما الابن الوحيد جالساً على العرش الإلهي، كان الملاك ميخائيل واقفاً أمام الله والخروف محارباً إبليس وملائكته، فمن المحال إذاً للملاك ميخائيل الجندي المحارب الذي حارب التنيّن وخدم الرب الإله أمام عرشه أن يكون هو يسوع المسيح الجالس في ذات الوقت مع الله أبيه في عرشه الإلهي...

إنه في كل مرة ذكر فيها الملاك ميخائيل، لم يوصف قط بالأوصاف الإلهية كأوصاف عدم المحدودية في الوجود والقدرة والعلم وغير ذلك، ولم ينسب إليه أي عمل إلهي، كالخلق أو العناية أو الفداء أو القضاء أو الملك... الخ...

أما عن الابن فقيل الكثير من هذا القبيل... (قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن...) قال يسوع عن نفسه... (أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء...) (رؤيا 1: 8)... (كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة...) (يوحنا1: 3- 4) (الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما يرى... الكل به وله قد خلق الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل...) (كولوسي1: 15- 17)... يدعى في سفر الرؤيا أيضاً: (ملك الملوك ورب الأرباب...) نعم كل الكتاب يشهد له وعنه وليس عن ميخائيل، ومن أدرى من يسوع حين قال: (فتّشوا الكتب لأنكم تظنّون أن لكم فيها حياة أبدية وهي التي تشهد لي...) (يوحنا 5: 39)...

الكتاب المقدس هو لا شك كلمة الله الحية الصادقة، هو كجبل شامخ لا يعلى عليه، وكأن بالوحي الإلهي هنا يدرك خطورة هذا الموضوع في مستقبل الأيام، فيدوّن لنا على صفحاته هذه الآيات المباركة: (لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا اليوم ولدتك وأيضاً أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نار وأما عن الابن كرسيّك يا الله إلى دهر الدهور... ولمن من الملائكة قال قط اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك...) (عبرانيين 1: 5- 14). فكاتب الرسالة إلى العبرانيين وضع حداً للمزايدين في هذا الموضوع، وعليه لا يكون ولا يقبل في أن يكون يسوع هو الملاك ميخائيل، بل هو الله بالذات..

ينكر شهود يهوه قيامة المسيح بالجسد

إن أهداف شهود يهوه، هو وضع الظلال على أمجاد الرب يسوع، وإنزاله إلى مستوى الإنسان... يقولون أن يسوع لم يقم بالجسد، بل أنه قام بالروح فقط، أما جسده فبقي في باطن الأرض، في مكان ما بقي مجهولاً من الجميع....

إن الكتاب المقدّس يصرّح عكس ذلك، إذ أن يسوع بعد قيامته من الأموات... (وقف في الوسط وقال لهم: سلام لكم ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب...) (يوحنا 2: 19- 21) وأيضاً قال لهم: (انظروا يديّ ورجليّ إني أنا هو، جسّوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي) (لوقا 24: 39).

فالرب يسوع المسيح المعروف بقداسته المطلقة، حاشا وكلا أن يكون خدّاعاً فإنه عندما يَعِدْ، يفي بالوعد، وعد بأنه سيقوم من القبر، فهو حقاً قام، ولم يقم بالروح كما يزعم شهود يهوه، بل قام بالجسد، وما قوله لتوما الرسول، الذي كان في شك من هذا المر: (هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديّ وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً) (يوحنا 20: 27)، وما سبب ظهور الرب يسوع للتلاميذ بنفس الجسد الذي تألم به، وحمل عليه آثار الطعن والمسامير، إلا ليؤكد لهم بأن القيامة قد تمّت فعلاً، وهو باكورة الراقدين.

فلا تتعجبوا من وجود أناس في أيامنا هذه كشهود يهوه، ينكرون أمر هذه القيامة المجيدة، التي هي أساس إيماننا المسيحي، ورجاء كل مؤمن. إن هذه المشكلة كانت موجودة منذ نشأة الكنيسة وبوجود الرسل على الأرض، فكتب الرسول بولس محذراً: (لكن إن كان المسيح يُكرَزُ به أنه قام من الأموات فكيف يقول قوم بينكم أن ليس قيامة أموات فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضاً إيمانكم ونوجد نحن أيضاً شهود زور لله لأننا شهدنا من جهة الله أنه أقام المسيح وهو لم يقمه إن كان الموتى لا يقومون لأنه إن كان الموتى لا يقومون فلا يكون المسيح قد قام وإن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم أنتم بعد في خطاياكم إذ الذين رقدوا في المسيح أيضاً هلكوا إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فإننا أشقى جميع الناس ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين...) (1كورنثوس 15: 12- 20).

المسيح يسوع إذا قام من بين الأموات، واعتراضهم باطل ولا أساس له على ضوء كلمة الله التي هي وحدها مقياس لصحة أي تعليم نسمعه من هنا أو من هناك. فعلى ضوء هذه الحقائق المعلنة في هذه الآية المباركة، نحكم أن كرازتهم وتعليمهم بهذا الخصوص باطل، إذ أنهم يكرزون بيسوع العاجز عن القيامة من القبر بالجسد...

(بعد قليل لا يراني العالم أيضاً وأما أنتم فتروني أني أنا حي فأنتم ستحيون) (يوحنا 14: 19) بحسب زعم شهود يهوه، تؤكد هذه الآية، عدم قيامته بالجسد بل بالروح.

إن المسيح الذي سبق فتبيّن لنا أن له طبيعتين (لاهوت وناسوت)، هو ابن الله وابن الإنسان أيضاً، هو إله وإنسان، فعليه يقول في (متى 24: 30) (ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير...)، لنتأمل جيداً بهذه الآية المباركة التي أعلنت لنا هذه الحقيقة، إذ أن المسيح عند عودته الثانية إلينا، سيعود كإنسان، كما سبق فعرف في الماضي من الجميع بجسده، فيضيف الوحي مسجلاً في (رؤيا يوحنا 1: 7) (هوذا يأتي على السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض....)، والعجيب في الأمر هنا هو: كيف أن الذين طعنوه سيتعرّفون عليه...؟ أليس لأنه سيكون حاملاً نفس الجسد الذي فعلوا به ذاك الفعل...؟

إن حجتهم أيضاً بأن يسوع لم يقم من الأموات بالجسد هي: ظهوره بعد القيامة بهيئات مختلفة، فعليه يكون المسيح مخلوق روحي، يستعير جسماً من عناصر المادة متى شاء...

إن ردنا على هذه الحجة هو: أن يسوع قبل موته كان يتخذ مثل هذه الهيئات، ولم يشك أحد بجسده البشري، ولا جاء الكتاب المقدس على ذكر أي ملاحظة بهذا الخصوص... فمثلاً: في ناصرة الجليل، عندما ثار عليه مواطنوه، وأرادوا أن يطرحوه من قمة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه، يقول (لوقا 4: 29) (فقاموا وأخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنيّة عليه حتى يطرحوه إلى أسفل أما هو فجاز في وسطهم ومضى...).

في الهيكل، وبينما كان يسوع يكلمهم قائلاً: (قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن...) فلم يكن لهذا الكلام وقع جيد على مسامعهم، (فرفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا...) (يوحنا 8: 58).

كلنا يتذكر الحادثة المذكورة في (متى 14: 25- 27)، حيث مشى يسوع على المياه ولم يغرق، حتى أن الرسل أنفسهم خافوا فظنوه خيالاً...

وفي جبل التجلّي حيث كان يسوع مع بطرس ويوحنا ويعقوب... (وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور...) (متى 17: 1- 2).

والسؤال هنا هو: إذا استطاع الرب يسوع أن يتصرّف بجسده البشري وهو حي بالطرق العجيبة الغريبة التي تكلمنا عنها هنا، فهل يصعب عليه أن يتصرّف بجسده الممجّد بعد قيامته، ويظهر به للرسل والتلاميذ بهيئات مختلفة...؟

وما نكران شهود يهوه لقيامة المسيح بالجسد، سوى أنهم يريدون تثبيت عقيدتهم القائلة بأن النفس تموت مع الجسد... وبذلك ينكرون وجود جهنم النار، إحدى أهم عقائدهم المضلّة والتي سنأتي على ذكرها لاحقاً.

يقولون أن النفس لا تتميّز عن الجسد وتموت معه... إن الحيّة في الفردوس والمذكور عنها في (سفر التكوين 3: 4) قالت لحواء: (لن تموتا...)، فالحية المتجسّد فيها إبليس، اختفت مفهوم الخلود الملازم للنفس الروحية، وهذا التعليم يشكل الخدعة الكبرى التي نشرها الشيطان في العالم، ليضل البشرية، ويخضعهم للديانات المختلفة التي هي كلها قائمة على هذا الادعاء الواهي الواهم... ببساطة، إن كل من يؤمن بأن نفسه ستكون خالدة في السماء، أو في جهنم النار، فهو مخدوع من الشيطان...

إن هذا الكلام يبيّن مبلغ الشطط الذي تردى فيه شهود يهوه، فهو يخلطون بين النفس والجسد، ويتجاهلون القسم الثالث من كياننا وهو الروح. ويبدو أنهم قد تناسوا ما قاله الرسول بولس في هذا الشأن (وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح...) (1تسالونيكي 5: 23).

لا تتوقف فلسفتهم هنا، إذ أنهم يضيفون في تعليمهم المضل، أن الإنسان ليس له نفس متميزة عن الجسد، بل هو مركب من جسد ونسمة حياة، فاتحاد الجسم بنسمة الحياة هذه، يعطي الإنسان أو النفس، فالإنسان والنفس مترادفان، والحال أن الإنسان مائت حسب ما تثبته الخبرة، فالنفس إذاً مائتة...

يقول كاتب سفر التكوين (تكوين2: 7) (وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض2 ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية...)، يستند شهود يهوه على هذا النص الكتابي، ويزعمون أن الإنسان تراب هو من الأرض تحييه نسمة حياة، وهذان العنصران (أي التراب ونسمة الحياة) يشكلان نفساً حية أو خليقة تدعى (الإنسان)، ويضيفون أنه لا يُرى في كل الكتاب المقدس نص واحد يقال فيه أن الله منح الإنسان نفساً متميزة عن الجسد، خالدة، إذ أن النفس في اللغة العبرية تدل على الوظائف المختلفة الحيّة، ولا تدل على أن النفس تتميز عن الجسد...

(1)- سبق وبرهنّا أن روسل، كان جاهلاً كلياً اللغات الأصلية التي كتب بها الكتاب المقدس (أي العبرية واليونانية)، وها هم يعودون إلى علم اللغة في تحليلاتهم... إن النفس البشرية بحسب قواعد اللغة العبرية تدل على كائن حي، أو على شخص، أو على فرد مؤلف من نفس وجسد، إن وجود الروح في الجسد، هو الذي يبعث فيه الحياة، وتواريها عنه يجلب له الموت، أو بمعنى آخر، يتفكّك المركّب الإنساني والذي مرادفه النفس... وبالإضافة إلى ذلك، عندما خلق الله النفس أو الروح، فذلك معبّر عنه في الكتاب بشكل رمزي فيقول: (نفخ في أنفه نسمة حياة...) (تكوين 2: 7) فمن الواضح هنا، أن الله الروح الغير محدود، ليس له قياسات بشرية لينفخ في التراب... فإذا نفخ (النسمة) خلق الروح.

(2)- إن شهود يهوه لا يدركون مركزهم في شخص الله تعالى، هم كأتباع نظرية (داروين) الإلحادية، الذين وإن كانت نظريتهم ما زالت في موضع النظرية فقط، وستظل كذلك، إنهم لا يريدون أن يعترفوا بعلة وجودهم إلا حسب نظرية فيلسوفهم وهي. أن أصل الإنسان قرد... لكن الله بمحبته الغنية، حين خلق الإنسان، بكل تأكيد ميّزه عن باقي خلائقه، فقال: (نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طيور السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه) (تكوين1: 26- 27).

نرى الفرق الكبير هنا بين الله الإنسان، وخلق غيره من الكائنات الحيّة وعنها قال الكتاب: (لتخرج الأرض ذوات أنفس حيّة كجنسها بهائم ودبابات ووحوش أرض كأجناسها وكان كذلك...)، نعم خرجت نفس البهائم بقوة مادية من الأرض حين قال: (لتُخرج الأرض...)، لم يتدخل مباشرة في خلقها، ولا نفخ فيها نسمة الحياة، إن الله خلق الإنسان فقط على صورته ومثاله، والحال أن الله روح، فوجه الشبه الوحيد بين الله والإنسان هو الروح العاقل، لا الجسد المادي، إن هذه النفس الثمينة أو الروح، لا تجد أصلها ومصدرها في الأرض المادية التي هي في نظر الله بلا قيمة، بل إنها تجد مأواها في الله، إذ النفس التي تصدر من التراب، إلى التراب تعود، أما النفس العاقلة، فإن الله الروح الخالد مصدرها، فهي إذن خالدة بخلوده، وإلا فما معنى قول الرب يسوع: (لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه...) (متى 16: 26).

ليس من المنطق أبداً أن الله الذي ميّز هذا الإنسان عن باقي خلائقه، فخلقه على صورته ومثاله وسلّطه على الحيوان والنبات، وكل ما في الأرض، يعود ويحط من مقامه، ويجعله في مصف البهائم...؟ وإذا كان الإنسان كالبهيمة، ليس له نفس روحية متميّزة ومستقلة عن الجسد، فما معنى تجسّد ابن الله وصلبه وموته على الصليب فداء عن جنسنا البشري...؟ فهل من الحكمة أن يرسل الله ابنه الوحيد لكي يفدي أناساً مستواهم بمستوى البهائم...؟ حاشا وكلا أن يتصرّف الله الكليّ الحكمة بغير حكمة... والكتاب المقدس يعرّفنا على مركزنا في الله فيقول: (لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية...) (يوحنا 3: 16)، نعم إن الله أحبّنا، أحبّنا إلى المنتهى، ومحبته هذه لم تكن كلامية فحسب، بل تجلت لنا بكل عظمة على صليب الجلجلة، إذ أنه لم يبخل علينا بابنه الوحيد الحبيب، فبذله عنا أجمعين.... فكيف من الممكن ألا ندرك هذه المحبة ونستهين بها...؟

وهنا نسأل شهود يهوه، إن كان الإنسان عند موته يكون بمصاف الحيوان، فلم لا يكون للبهائم نصيب في القيامة الأرضية التي يعدون بها أتباعهم، والتي سنأتي على ذكرها لاحقاً...؟

ينكر شهود يهوه مجيء المسيح ثانية بالجسد

ينكر شهود يهوه مجيء الرب الثاني بنفس الجسد الذي ارتفع به إلى السماء، إذ أن إحدى عقائدهم تقول أنه لم يَقمْ أصلاً بجسده كما ذكرنا سابقاً، لأنه لو حصل، لأصبح يسوع أدنى قيمة من الملائكة، يقولون وهذا هو النص الكتابي الذي يستندون عليه: (الذي هو في يمين الله (أي المسيح) إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له) (1بطرس 3: 22).

لكن الرسول بطرس، الذي أبدع بوصف مجيء المسيح الثاني، علّم أن هذا الأمر من أصعب الأمور للفهم والإدراك، فكتب محذراً إيانا من الذين سيأتون معلمين بهذا الموضوع العسر على الفهم والإدراك، والذي إن دخلنا في متاهاته وفسّرناه بحسب أس استحسان منا، أو بما يتفق مع معتقداتنا، لأصبح هلاكنا أكيداً. فبعدما كتب الرسول معلناً لنا بروح النبوة عن ذاك الحدث البهيج الذي سيتم في مستقبل الأيام، (أي مجيء الرب الثاني) لم ينسى الوحي الإلهي أن يدوّن لنا هذه الفقرة: (... كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضاً بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضاً متكلماً فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرّفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضاً لهلاك أنفسهم.) (2بطرس 3: 15- 16).

سبق ووضّحنا سابقاً بالبراهين المقنعة ومن الكتاب المقدس نفسه، إن يسوع المسيح قام من بين الأموات بالجسد، ويسوع هذا الذي ظهر للرسل والتلاميذ بطرق وأوقات شتى، وأراهم جسده الحامل آثار المسامير، كما أنه أكل وشرب معهم، ومسّه الكثيرون منهم، وخصوصاً الرسول توما متأكداً من أن له لحم وعظام، وأنه ليس روحاً فقط، كان لا بدّ أن يصعد إلى أبيه في المجد، ويجلس عن يمين عرش العظمة، وفي آخر يوم معهم وبينما هو يحدثهم... (ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض وقالا: أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء...) (أعمال1: 9- 11).

نعم إن المسيح يسوع ربنا سيعود ثانية لكي يأخذنا إليه... (هوذا يأتي على السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض...) (رؤيا1: 7). يحدد الرسول يوحنا هنا الذين سينظرونه فيقول: (الذين طعنوه)، أي أن الذين طعنوه سيتعرّفون عليه بواسطة الجروح التي سببّوها له في جسده. ويؤكد ذلك النبي زكريا المتحدث أيضاً عن مجيء الرب الثاني، حين سيسأله اليهود الذين صلبوه ويقولون له: (ما هذه الجروح في يديك...؟ فيقول: هي التي جرحت بها في بيت أحبائي...) (زكريا 13: 6).

نعم إن النبي زكريا تنبأ عن هذا الأمر، حتى قبل مجيء المسيح الأول إلى عالمنا هذا بنحو (550سنة)، ومضت حوالي الـ (2000) سنة، والرب يسوع ما زال محتفظاً بجسده المجروح وهو جالس عن يمين الله يشفع فينا، مما ينقض اعتراض شهود يهوه بقولهم: (يسوع قام مخلوقاً روحياً، إذ أنه لا يليق أن يدخل السماء بجسده المشوّه بالجروح وآثار المسامير...).

نسأل هنا: إن كان يسوع يرتضي في مجده أن تظهر علامات آلامه، دينونة للذين استهتروا بها وما زالوا، فَلِمَ تكون غيرتهم على كرامته أكثر من غيرته هو على كرامته...؟

كيف يدرك هذا الإنسان بعقله المحدود، ذلك الإله الغير محدود...؟

أترانا معلمين لله، أم علينا أن نخضع لمشيئته، إذ أنه هكذا شاءت حكمته أن يكون...؟

نعم أن الرب يسوع سيأتي ثانية، وبجسده المجروح، الذي سيكون دينونة للذين رفضوا معنى هذه الجراح، والذين رفضوا أن يعطوه كل المجد، ويعترفوا بأنه رب لمجد الله الآب...

لنسمع قول النبي اشعياء، موضحاً فكرة المسيح المتألم، الصاعد إلى السماء لكي يشفع فينا طوال السنين الماضية، ولكن دون تجاوب من قبل الكثيرين، فسينقلب ذلك الحنّان المحب، من الشفيع إلى الديّان، وهذا الجسد المجروح، سيتشوّه أكثر فأكثر، بسبب رفضهم على أن يملّكوه على عرش حياتهم، فسيبطش بهم... (من ذا الآتي من ادوم بثياب حمر من بصرة هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد فدستهم بغضبي ووطئتهم بغيظي فرشّ عصيرهم على ثيابي فلطّخت كل ملابسي لأن يوم النقمة في قلبي وسنة مقديّي قد أتت فنظرت ولم يكن معين وتحيّرت إذ لم يكن عاضد فخلَّصت لي ذراعي وغيظي عضدني فدستُ شعوباً بغضبي وأسكرتهم وأجريت على الأرض عصيرهم...) (اشعياء 63: 1- 6).

نعم إن الرب يسوع سيأتي عن قريب، وهو الذي تحدث لنا بإسهاب على صفحات الكتاب، عن العلامات التي ستسبق وسترافق مجيئه المبارك، كي يكون المؤمنون المخَلَّصون والمفديّون بدمه، على أتم الاستعداد لتلك المفاجأة الخطيرة التي ستذهل العالم بأسره... وإحدى هذه العلامات التي ستسبق مجيئه تقول: (ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين...) (متى24: 11).

نعم إن العلامة المميزة قبيل مجيء الرب هي: (روح الضلال) الذي سيقع فريسته الكثيرون وما شهود يهوه سوى تلك الآنية التي تحمل روح الضلال هذا...

لماذا ينكر شهود يهوه مجيء المسيح الثاني بالجسد...؟

الجواب بسيط جداً،... لأنهم سبق فعيّنوا عدة تواريخ لذلك المجيء، لكن الرب خيّب آمالهم لأنهم بعملهم هذا، أرادوا تكذيبه وهو الذي قال لتلاميذه منبهاً: (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلا أبي وحده...) (متى24: 36)، فإخفاءً لفشلهم هذا، أطلقوا عنان هذه العقيدة (أي أن المسيح أتى بالروح، وبطريقة غير منظورة...).

فيا لوقاحتهم... إذ أنه رغم فشلهم المتكرّر، بتعيينهم عدة مواعيد لمجيء الرب في الماضي، نراهم اليوم يعيّنون موعداً جديداً وهو في (شباط 1986) (على ذمّة أحدهم...؟)، ناسين قول الرب لهم: (ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد الذي أمرت به...) (ارميا 11: 3).

إن يسوع سبق وحذّرنا بأن ذلك اليوم وتلك الساعة، فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة ولا حتى هو كابن الإنسان، لا يعرف ذلك التاريخ... أيعلمون هم...؟

إن المسيحي الحقيقي، يؤمن أن المسيح قد صعد إلى السماء بجسده الممجّد، وجلس عن يمين العظمة محتفظاً بآثار المسامير، شهادة للآب على قدرته وحقّه بالشفاعة، إذ أنه أتّم كل العمل عنّا على الصليب، وأصبح قادراً أن يرثي لضعفاتنا، كما يؤكد لنا الكتاب ذلك على فم الرسول يوحنا فيقول: "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفّارة لخطايانا...) (1يوحنا2: 1- 2).

فعلى ضوء هذه الحقيقة، إني أسأل شهود يهوه هذا السؤال التحدي، بعد أن يقرأوا هذا النص الكتابي ويتمعّنوا به جيداً... يقول الرسول بولس: (لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح...) (1تيموثاوس 2: 5)... هل شفيعنا ووسيطنا الأوحد، ذلك الإنسان يسوه المسيح، الموجود بدون شك الآن عن يمين الآب يشفع فينا، هل هو روح أم جسد...؟ وليحدّدوا لنا علمياً ومنطقياً وروحياً، مما يتركب ذلك الإنسان الذي يتكلم عنه الرسول هنا...؟

القيامات: الصف السماوي

يقول شهود يهوه ألا قيامة حقيقية للبشر، إذ أن نفوسهم ستعود إلى العدم، وأجسادهم ستتفكك، فيجري الله يومها خلقاً جديداً للنفوس والأجساد... عندئذ، سيكون هناك صف سماوي، هؤلاء هم المختارون جسد المسيح أو عروس الخروف، وعددهم بحسب القرار الإلهي الصادر في سفر الرؤيا (144000) (رؤيا 7: 4). وأما البقية فهم من الصف الرضي، الذين بفضل الأعمال الحسنة التي يؤدونها للملكوت السماوي، فلن يكونوا من المختارين، إنما سيسكنون هذه الأرض التي ستحكمها السماء بواسطة المسيح والصف السماوي...

من مّنا لم يقرأ قول السيد الرب: (لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية). (يوحنا 3: 16).

هل هذا ممكن...؟ هل نستطيع أن نصدق هذا الزعم عن الله الفائق المحبة...؟ وهل يليق ببرّه وحقّه أن يقتصر عدد المخَلَّصين على (144000) فقط، الذي لا يقرّه المنطق السليم...؟ حاشا لله أن يقرّر هذا، وإلا فما معنى قوله: (التفتوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض لأني أنا الله وليس آخر) (اشعياء 45: 22).

إن سكان السماء بحسب زعم شهود يهوه لن يزيد عن الـ (144000) المؤلفين من الرسل والأنبياء والقديسين المختارين على مرّ العصور... لكن هذا العدد المعيّن سابقاً في الكتاب، لم يكمل بعد، إذ أنه سيكمل بالبقية الصغيرة الباقية من قادرة شهود يهوه النافذين الذين هم أحياء حالياً هذه هي القيامة الأولى بحسب زعمهم، والتي دشّنها المسيح عندما جاء بطريقة غير منظورة...؟

إن شهود يهوه يعلّمون باطلاً بأن عدد سكان السماء هو فقط (144000)، فعليه يتّضح لنا أن معظمهم بلا رجاء بالنسبة إلى دخول السماء. يا لغبائهم، فلو كان هذا هو بالتحديد عدد ورثة السماء، فلماذا تابع كاتب سفر الرؤيا قائلاً: (بعد هذا نظرت وإذا جمع كثير لم يستطع أحد أن يعدّه من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف (أي المسيح) متسربلين بثياب بيض وفي أيديهم سعف النخل وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف...) (رؤيا7: 9). نعم إن سكان السماء أو الحياة الأبدية مع الرب يسوع، جمع كثير لا يستطيع أحد أن يعدّه، وكم نشكر الرب لأجل هذه الآية المعزية، التي قرأناها والتي يتجنّب عمداً شهود يهوه قراءتها، لأنها تفضح وتدحض تعليمهم بهذا الخصوص.

إن الأعداد في الكتاب المقدس في معظم الأحيان هي رمزية، لا تعني ضبطاً وحصراً، بل مقصداً خفياً يريد الوحي المقدس أن يوجه انتباهنا إليه... لقد تخبّط شهود يهوه تخبّط العشواء في تفسيرهم لما كتبه الرسول يوحنا في (رؤيا7) أو بالحري أنهم في سبيل دعم تعليمهم الباطل، حوّروا الحقيقة بالحذف كما هو مشهور عنهم، وكل من يقرأ هذا الفصل من سفر الرؤيا، لا بد وأن يحكم بعدم أمانتهم في النقل، فالعدد (144000) ليس سوى عدد رمزي للمختارين من أمة اليهود، إذ أن يوحنا ذكرهم بأسماء أسباطهم في (العدد 4- 8). إن كان هذا العدد ليس برمزي، فكيف نفسّر أن عدد المختارين من اسرائيل هو فقط (144000) لا أكثر ولا أقل.

سؤال آخر نطرحه فيما يخص رمزيّة هذا العدد: ألم يكن بين هؤلاء المختارين نساء...؟ هل سارة ورفقة وراحيل وراعوث واستير الخ... هل هذه النسوة غير مختارات، لسْنَ من الصف السماوي...؟

يصنّف كاتب الرؤيا الـ (144000) بقوله: (هؤلاء هم الذين لم يتنجّسوا مع النساء لأنهم أطهار). (رؤيا 14: 4). إذاً الآية تقول حرفياً أنه ليس للنساء مكان في السماء إذا أخذنا على حرفيّتها، مع العلم بأن كل هذا النص رمزي.

ونسأل أيضاً، ألا يوجد بين النافذين من شهود يهوه المعاصرين نساء مختارات...؟

عجيب هو، كيف أن الصدف شاءت بأن يكون من عداد الـ (144000) المختارين للقيامة الأولى في لبنان بحسب زعمهم عدد لا باس به من النساء، المستأهلات للتقدّم مرة واحدة في السنة وأكل جسد الرب، مما يدحض تعليمهم الفاسد بهذا الخصوص. الكتاب المقدس يعلّمنا بأنه لن يكون هناك تمييز بين الجنسين في القيامة، النساء كالرجال سيقبلن أيضاً في الملكوت السماوي (لأنهم متى قاموا من الأموات لا يزوّجون ولا يتزوّجون بل يكونون كملائكة في السموات...) (مرقس 12: 25)...

فعلى كل ذلك، نجزم بأن العدد (144000) هو عدد رمزي، له تفسيره الخاص، وليس له أي علاقة بما يسمّونه الصف السماوي أو القيامة السماوية الأولى الخ... وبالضبط إنه يرمز إلى اليهود الذين سيؤمنون بالمسيح في الضيقة العظيمة التي ستسبق معركة هرمجدّون الشهيرة...

يقول الرسول بطرس: (سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببرّ إلهنا والمخلص يسوع المسيح...) (2بطرس 1: 1)، لمن يا ترى يكتب بطرس...؟ ومن هم الذين نالوا معه نفس الإيمان الثمين...؟ إنه يعني المؤمنين على مرّ الأجيال، ويثبت بطرس هنا أن إيمانهم هو بنفس مقدار إيمانه وبقية الرسل. وهل أن الله غير عادل، كي يهب حصّة مضاعفة لفريق دون فريق آخر...؟ أي أناس صف سماوي، وأناس صف أرضي، ومستوى الإيمان عند الجميع مبني على أساس واحد ألا وهو برّ المسيح، وهو لا يتجزأ أبداً...

(لأنه به (أي المسيح) لنا كلينا قدوماً في روح واحد إلى الآب فلستم بعد غرباء ونزلاء بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله) (أفسس2: 18- 19). والسؤال هنا أين هو مسكن الله، أليس في السماء كما يقول الكتاب...؟ فجميع المؤمنين إذاً أهل ذلك البيت... فالمسيحي بالحق هو من أهل بيت الله مع جميع القديسين بدون تمييز...

وبعد سرد هذه الآيات المباركة، من يمكنه أن يصدّق بأن المختارين المخلّصين، الورثة للحياة الأبدية، الذين يؤمنون على رجاء القيامة، هم هذا العدد الضئيل من أسباط بني اسرائيل، وأن بقية الأمم، رغم تعدادهم بالمليارات، ليس لهم محل في القيامة السماوية...؟

القيامات: الصف الأرضي

يعنون بذلك، خرافاً أخر، يطلقون عليهم اسم خراف (يهوناداب)، تيمناً بالرجال الذين أقامهم يهوناداب رفيق ياهو الملك، لإبادة عبدة البعل (سفر الملوك الثاني10: 15- 27)- أو خراف الرب الآخر بحسب (إنجيل يوحنا 10: 16)، وهم يخدمون الآن على الأرض كشهود ليهوه، ولكنهم لا يرجون السماء، لأن الوعد الذي أعطي لهم يقتصر فقط على الحياة على هذه الأرض (سنتكلم عن هذا الموضع لاحقاً)، وسيكون لهم الامتياز بأن يُخضعوا الأرض ويحمّلوها، ويملأوها بالنسل، بشرط وحيد هو أن يثبّتوا عملياً أمانتهم كشهود يهوه، وذلك قبل نشوب معركة هرمجدّون. هذه هي القيامة الثانية أو القيامة الأرضية الفضلى كما يسمونها...

إن شهود يهوه كما تقدّم، لا يرجون الذهاب إلى السماء، أي أنه ليس لهم جميعاً الرجاء الواحد، بخلاف مختاري الرب يسوع، الذين وصفهم الرسول بولس أنهم في (رجاء دعوة واحدة) (أفسس4: 4) والمسيح نفسه قال: (ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضاً فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد) (يوحنا10: 16).

عام (1918) جاء المسيح بطريقة غير منظورة وأقام من لهم نصيب في القيامة الأولى، أي القطيع الصغير المؤلف من (144000) عضواً، والذي سيُكمل قريباً بالنافذين من شهود يهوه، وسوف لا يبعثون مطلقاً بالجسد، بل يقومون بالروح، وهذه الكائنات الروحية ستكون مثل المسيح غير المنظورة من الناس... نعم هذه أولى القيامات، والأهم بالنسبة لشهود يهوه.

القيامة الثانية، أي القيامة الأرضية الفضلى، أي الخراف الأخر، الذين يموتون الآن، سيحسبون من صف فعلة الخير، ويتوقع أن يقوموا بعد معركة هرمجدّون بوقت قريب...

إن شهود يهوه يتكلمون عن ثلاث قيامات، تكلمنا عن اثنين منها، والثالثة تدعى القيامة الأرضية العامة، تقتصر هذه القيامة على الذين أثموا عن جهل ومن غير قصد، هؤلاء سيقومون جميعهم بأعداد خيالية، هؤلاء هم الذين لم تعط لهم فرصة في الماضي لسماع كرازة شهود يهوه، فإن هذه البشارة ستقدّم لهم عند قيامتهم، كفرصة أخيرة للتوبة وللانتماء إليهم، وبهذا الانتماء ينالون الحياة الأبدية على هذه الأرض... أما الرافضون الأشرار المقاومون لمقاصدهم، فهم مدّخرون للموت الثاني، وللعذاب في بحيرة النار المتقدة، قبل عودتهم إلى العدم...

ومما لا يخفى على أحد أنه لا وجود في الكتاب المقدس لهذه القيامات الثلاثة التي يدّعونها بل هناك قيامتين فقط لا غير... (لا تتعجبوا من هذا (يقول الرب يسوع) فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة...) (يوحنا 5: 29).

القيامة الأولى أو الاختطاف:

الاختطاف هو تعزية المؤمن وهو في بريّة هذا العالم الفاسد، حيث أن الشر كَثُر، والخطيئة ازدادت كثيراً، الحروب والعنف يملآن الدنيا، كرب أمم بحيرة، الناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة، رعب الحرب النووية يعم العالم الخ... فما مصير المؤمنين المخلَّصين بدم المسيح، هل أن مصيرهم كالباقين...؟

أبداً أنهم عروس المسيح كما يقول عنهم الرسول بولس: (خطبتكم لرجل واحد لأقدّم عذراء عفيفة للمسيح...) (2كورنثوس11: 2). نعم إنهم عروس للمسيح العريس، وهذه العروس هي بانتظار عريسها الذي سينقذها من الغضب الآتي، أليس هو الذي وعد بفمه المبارك قائلاً: (ومتى ابتدأت هذه تكون فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم إلى فوق لأن نجاتكم تقترب...) (لوقا 21: 28).

الحقيقة تقال، بأننا في آخر الأيام قبل الاختطاف، كل الدلائل تشير إلى ذلك، وتقريباً معظم النبوات والعلامات التي أعطيت لنا في الكتاب المقدس قبل مجيء المسيح، قد تمّت على أكمل وجه، إلا واحدة، وهي: مجيء المسيح الثاني لاختطاف كنيسته المحبوبة التي اقتناها بدمه الطاهر. إن الملايين من المؤمنين الراقدين (أي المائتين) سيقومون من القبور، وكذلك الملايين من المؤمنين الأحياء، سيخطفون في اللحظة عينها لملاقاة الرب في الهواء...

للأسف إن معظم الكنائس المسيحية أهملت هذا التعليم المبارك، مع أنعم يردّدون النصوص الكتابية المتعلّقة بهذا الموضوع في كل جنازة، وما أكثرها في أيامنا هذه، ولكنهم عنه غافلون... ألم يحن الوقت كي نلتفت جميعاً كمسيحيين، نحن الذين اجتزنا بضيقات كثيرة، على الأقل إن لم يكن لأجل إيماننا، فذلك لأننا نحمل اسم المسيح، ألم يحن الوقت كي نلتفت إلى كتابنا العزيز، ونستخلص منه العبر والتعاليم والعقائد النافعة لنا روحياً وزمنياً، ولاسيما هذا التعليم العظيم ألا وهو الاختطاف، الذي ليس لنا عنه بديل كمعزٍ، في أيامنا العصيبة هذه التي نمر بها...؟

هذا هو النص الذي يقرأ في جميع الكنائس بدون استثناء عند الجنازة: (ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين (أي الأموات في المسيح) لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً معه فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب أننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولاً ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب لذلك عزّوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام...) (1تسالونيكي 4: 13- 18).

نعم إن الاختطاف هو تعزيتنا ورجاؤنا كما يعلّمنا الرسول بولس، نحن الذين آلت إلينا أواخر الدهور... كما أنه يضيف قائلاً: (هوذا سرّ أقوله لكم لا نرقد كلنا (أي إننا لن نموت كلنا) ولكننا كلنا نتغيّر في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير فإنه سيُبَوَّق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغيّر...) (1كورنثوس 15: 51- 52).

فلنلاحظ هذا البوق، الذي تردد ذكره في الآيتين، والذي ما هو سوى صرخات المؤمنين في كل مكان، في المواعظ في الكنائس، في توزيع المنشورات الروحية، في الإذاعات، في توزيع الكتاب المقدس... الخ... كل هذه ليست سوى البوق الأخير قبل أن يأتي المنتهى... إنها البشارة التي تعمّ العالم أجمع اليوم، قبل الحدث التاريخي العظيم، الذي سيذهل العالم بأسره، ألا وهو الاختطاف...

لنلاحظ من الكتاب نفسه، آخر علامة من العلامات التي أعطانا إياها المسيح قبل مجيئه حين قال: (... ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم، ثم يأتي المنتهى...) (متى 24: 14).

نعم عند البوق الأخير، سيقوم الراقدون لينضمّوا إلى المسيح، ومن ثم، سيلحق بهم الأحياء لكي يكونوا في كل حين مع الرب المبارك. نعم هذا هو الترتيب الإلهي، هكذا شاءت مشيئته أن يكون، لكي يخلّص كنيسته المحبوبة من الغضب الذي سيحل على المسكونة.

ربما هناك من يسأل: والأحياء غير المؤمنين الباقون على الأرض، ما مصيرهم...؟ (لأنه سيكون ضيق عظيم (يقول الرب) لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون...) (متى 24: 21).

في اليوم التالي من الاختطاف، سيستفيق العالم بذهول، لكي يروا أن الملايين من البشر قد اختفوا من على وجه الأرض، ومنهم الأخ أو الأخت أو الأب أو الأم أو الحبيب الخ... فلم لا تكون عزيزي القارئ من عداد المختطفين، وتخلّص نفسك، وتهرب من الغضب الآتي، وتضمن حياتك الأبدية...؟

الاختطاف هو القيامة الحدث الأولى، التي ستسبق قيامة الأشرار، وليس ثالث لهما، هذا ما يقوله الكتاب، وهكذا نؤمن... فعليه، لن يكون بعد القيامة الأولى فرصة خلاصية ثانية بعد الموت، كما يدعي شهود يهوه بأن الكثيرين سيقومون من الذين لم تعط لهم فرصة لسماع كرازتهم... هناك فرصة واحدة لا غير، ستعطى لليهود الأحياء الباقين للضيقة العظيمة، إذ أن الله سيعود لافتقادهم، كي يرجعوا عن نكرانهم لمسيحهم، وسيصبحون مسيحيين، ولكن هذه المرة وهم في وسط الضيق، حيث سيفنى الثلثان وسيخلص الثلث... (ويكون في كل الأرض يقول الرب: إن ثلثين منهما يقطعان ويموتان والثلث يبقى فيها وأدخل الثلث في النار وأمحّصهم كمحص الفضة وأمتحنهم امتحان الذهب هو يدعو باسمي وأنا أجيبه أقول هو شعبي وهو يقول الرب إلهي...) (زكريا 13: 8- 9).

هذا ما ورد عن الموضوع في العهد القديم، ولكن ما هو رأي الرسول بولس...؟ (فإني لست أريد أيها الأخوة أن تجهلوا هذا السر لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء إن القساوة قد حصلت جزئياً لإسرائيل (أي أنهم رفضوا المسيح يسوع إلى حين بسبب قساوتهم) إلى أن يدخل ملؤ الأمم وهكذا سيخلص جميع اسرائيل...) (رومية 11: 25- 26). هؤلاء هم الـ (144000) الذين تكلم عنهم سفر الرؤيا والذين لم يرضخوا للمسيح الكذاب الذي سيظهر في وسط الضيقة، هؤلاء هم الذين ستفتح أعينهم، ويدركون أن يسوع المسيح الذي جاء منذ حوالي الألفي سنة، هو مسيحهم الحقيقي ومخلصهم الذي صلبوه، هؤلاء هم الذين سيبقون أحياء على الأرض بعد الحرب النووية الطاحنة المسماة في الكتاب بحرب هرمجدّون، والتي ستنهي سبع سنين الضيقة العظيمة، حيث سيأتي المسيح من جديد ليحكم عليهم كملم الملوك ورب الأرباب ولمدة ألف سنة، سيحكم مع ربوات قديّسيه طوال هذه المدة (أي مع الكنيسة المختطفة) (هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف (أي المسيح) يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون...) (رؤيا 17: 14).

في نهاية الألف سنة من حكم المسيح الأرضي، ستبدأ محاكمة الأشرار، فيقومون من الأموات، ويصف الرسول يوحنا هذا المشهد قائلاً: (ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم وسلّم البحر الأموات الذين فيه وسلّم الموت والهاوية (أي القبور) الأموات الذين فيهما وكل من لم يوجد مكتوباً في سفر الحياة طرح في بحيرة النار...) (رؤيا 20: 12- 15). هذه هي القيامة الثانية... قيامة الدينونة.

عندئذ بعد انتهاء كل هذه المراحل، سيقدّم لنا نحن المفديين، الملكوت الذي وُعدنا به، والذي ذهب الفادي لكي يعده لنا، منذ ما يقارب الألفي سنة... (ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد في ما بعد وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيأة كعروس مزيّنة لرجلها وسمعت صوتاً عظيماً من السماء قائلاً: هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعباً والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت...) (رؤيا 21: 1- 4).

الحياة الأبدية على هذه الأرض

بما أن الباب للدخول إلى السماء قد أغلق، إلا على القلّة الباقية من النافذين منهم، ينادي شهود يهوه بملكوت الله الأرضي المخصص للصف الأرضي، وإن الدخول إليه بسيط جداً، ليس عليك سوى اعتناق تعاليمهم، والانتساب إلى نظامهم الجديد. وهم يركّزون عقيدتهم هذه على الصلاة التي علّمها الرب يسوع لتلاميذه والقائلة: (ليأت ملكوتك، كما في السماء كذلك على الأرض...).

صحيح أن للمسيح مملكة، لكنه يصرّح بكل وضوح أنه أولاً يملك في قلوب المؤمنين الحقيقيين، الذين يصبحون رعايا ملكوته الروحي فور تجديدهم بالروح القدس الذي يحل فيها ويعطيها حياة جديدة. ثانياً، عن ملكوته العتيد أن يستعلن، يصرّح المسيح قائلاً: (مملكتي ليست من هذا العالم لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدّامي يجاهدون لكي لا أسلّم إلى اليهود...) (يوحنا 18: 36).

ومن أدرى من الرب يسوع نفسه في تحديد طريقة الدخول لملكوته...؟ (... الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله قال له نيقوديموس كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد؟ أجاب يسوع الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو الروح...) (يوحنا 3: 3- 6).

نعم إن دخول ملكوت الله يتم بواسطة الولادة الروحية فقط، لا باتّباع نظام شهود يهوه البشري، هذا ما معناه حلول الروح القدس على الإنسان الخاطئ بعد تصميمه القلبي على التوبة الحقيقية عن خطاياه، وقبول المسيح مخلصاً شخصياً لحياته.

العجيب في الأمر هو، كيف أن الكثيرين ينقادون وراءهم، رغم كون عقيدتهم خالية من أي رجاء، إذ أن كل ما يعدون به هو أرضي وزمني، تصوّروا أن أتباع شهود يهوه لا يدرسون مهنة الطب، على أساس أنه في ملكوتهم الموعود، لن يكون هناك مرض... بل بالحري يدرسون مهنة الهندسة على أساس أن هناك فرص عمل كثيرة في انتظارهم في ذلك الملكوت...؟ والذي بحسب زعمهم سيكون على هذه الأرض بالذات.

بالحقيقة هناك من حولنا ديانات تعد أتباعها بجنّات تجري من تحتها الأنهار، وبالحوريات بأعداد كثيرة الخ... مما هو مغرٍ جداً، ولكن أكثرهم على شك من هذا الأمر... فكم بالحري إن وجّهت أنظار الناس، كي يلقوا رجاءهم على هذه الأرض الملعونة بالذات من قبل الله نفسه، اسمعه يقول لآدم: (ملعونة الأرض بسببك... وشوكاً وحسكاً تنبت لك...) (تكوين 3: 17و 18)... أفالقي رجائي عليها، أنا الذي قرّرت أن أترك كل مباهج هذا العالم الفاني، لكي أعيش بتقوى وقداسة لمن مات عني وفداني؟ أفالله غير أمين لهذه الدرجة...؟ حاشا وكلا... وإلاّ فلماذا وعدنا قائلاً: (أنا أمضي لأعدّ لكم مكاناً وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً...) (يوحنا 14: 2- 3). نعم هذا هو المكان الذي سنقضي فيه الحياة الأبدية، والذي نطمح إليه. فبعد أن أعطيت لنا كل هذه المواعيد المباركة، أنعود ونوّجه أنظارنا نحو هذه الأرض التي ليس فيها أي شيء صالح يعزي قلوبنا ويجذبنا إليها، عجيب هذا الأمر، كيف أن شهود يهوه متعلّقون بها...؟

ومما هو جدير بالملاحظة هنا هو: أن هذا الكون الفسيح، قد استغرق خلقه من قبل الرب، ستة أيام فقط، فكم بالحري هو بهيج بما لا يقاس ذلك الملكوت الذي استغرق صنعه من قبل الرب، ما يقارب الألفي سنة، وما يزال يعدّه لنا، من حيث سيأتي عن قريب لكي يأخذنا إليه... (فنحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتيّة وأما التي لا ترى فأبدية...) (2كورنثوس 4: 18). (ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البر...) (2بطرس 3: 13).

بالحقيقة، ما أجلى هذه الحقائق الكتابية على مسامعنا، وما أغبى شهود يهوه في نكرانها! إنهم يستندون على بعض الآيات من الكتاب المقدس، محرّفين إياها على هواهم... كاستنادهم على الآية الموجودة في (سفر الجامعة 1: 4) (دور يمضي ودور يجيء والأرض قائمة إلى الأبد...) واستنادهم أيضاً على (المزمور 37) حيث أن عبارة (يرثون الأرض) تردّدت خمس مرّات، وحجّتهم أن هذه الأرض التي تحدّث عنها المرنّم هي ذاتها القائمة إلى الأبد، والالتباس هنا هو في كلمة (إلى الأبد)، إن شهود يهوه يعرفون جيداً أن كلمة إلى الأبد تعني الكثير في الكتاب المقدس، فتارة تعني إلى أبد الآبدين، حيث لا نهاية، وتارة أخرى تعني إلى أجل محدود، كقول موسى لبني اسرائيل أن يقيموا الفصح فريضة إلى الأبد، ونسألهم هنا، إن كانت كلمة إلى الأبد تعني إلى ما لا نهاية، فلماذا لا يذبحون الفصح كل سنة كفريضة أبدية كما أمر موسى...؟ وكقول حنّة أم صموئيل النبي حين ولد ابنها: (قالت لرجلها متى فطم الصبي آتي به ليتراءى أمام الرب ويقيم هناك إلى الأبد...) (1صموئيل1: 22) والسؤال هنا أين صموئيل النبي وأين خيمة الاجتماع التي أقام فيها...؟ فإذا أردنا أن نأخذ كلمة (إلى الأبد) بحرفيّتها فالمفروض أن يكون صموئيل ما زال حيّاً حتى يومنا هذا...

إن كان لنا رجاء في هذه الدنيا، فإننا أشقى جميع الناس يقول الرسول بولس. كما أريد أن أطمئن شهود يهوه إن كان فاتهم هذا النص الكتابي عن مصير هذه الأرض، حين تحدّث لنا عنها الرسول بطرس قائلاً: (ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها...) (2بطرس3: 10).

إن شهود يهوه متعلّقون بل متشبّثون عن غباء بهذه الأرض بالذات وبشكل جنوني، وكما سبق وذكرنا، إنهم يحرّضون أتباعهم على دراسة الهندسة في كل المجالات، لكي يستطيعوا إعادة بناءها في المستقبل بعد أن يرثوها... آه ما أسخفهم أمام نور الله التي تقول: (لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد أبدي...) (2كورنثوس 5: 1).

نعم هذا هو رجاء المسيحي، إنه يؤمن بأن الرب نفسه سيصنع ويعدّ له ذلك المكان البهيج، ولكن بيديه المباركتين هذه المرّة، لا من صنع بشر..

ينكرشهود يهوه التوبة وجهنّم

لا وجود لشيء اسمه جهنّم، في تعاليم شهود يهوه، كمكان عذاب أبدي أعدّه الله للذين عصوا. إن الجحيم في العهد القديم، يقول عنه شهود يهوه، أنه بيت منام مؤقت للأموات بانتظار يوم القيامة. وفي العهد الجديد، إن جهنّم أو وادي (هنّم)، واد في أورشليم، كانت تحرق فيها النفايات في أيام المسيح وقبله، وكانت ناره لا تهدأ نهاراً وليلاً، ويسوع كان يتّخذه رمزاً لعقوبات جهنّم الأبدية، أي الفناء التام والاضمحلال...

إن ما يعطي بعض الرونق الخارجي والجاذبيّة في تعليمهم عن هذا الموضوع، هو نكرانهن وجود جهنّم النار، مما يجعل من عقيدتهم، ديانة سهلة رخيصة المنال، إذ ما أروع أن يقال لي: إن كنت أحد أتباع شهود يهوه، فأني أرث الملكوت الأرضي... وإن لم أكن، فمهما مارست من الشرور، لن أجازى عليه، فنفسي الخاطئة تتلاشى وتضمحلّ بعد الموت، فهي معفاة من الحساب والعقاب...

إنهم يبنون عقيدتهم هذه على جود الله وإحسانه نحو الخاطئ، فيدّعون أن الله المحب والحنون، لا يستطيع أن يتحمّل رؤية الإنسان الخاطئ وهو يتعذّب في نار جهنّم... هذا ما يجعلهم يستخفّون بالخطيئة، ويتنصلّون من متطلبات الله الأدبية لحياة نقيّة وطاهرة، وسلوك قويم مستقيم.

لا شك أبداً بأن إحدى صفات الله، هي كماله في المحبة (الله محبة) يقول عنه الرسول يوحنا. وزيادة على ذلك أقول: إنه لم يحبنا بالكلام فحسب، بل أنه أرسل ابنه لكي يموت عنا على خشبة الصليب. فلو كانت محبة الله وحنانه ورحمته كافية، فلماذا تجسّد المسيح وتألم وصلب ومات وقام منتصراً من القبر...؟ أليس لكي يحمل عنا جزاء خطيئتنا، ويخلصنا من دينونة جهنّم...؟

هل إن الذي عمله المسيح هو مجرّد تمثيلية لا معنى له...؟

إن الله أراد أن يعلن لنا وجهه الآخر، أو إحدى صفاته التي من المستحيل أن يتخلّى عنها ألا وهي قداسته وعدالته... فبالمسيح أظهر لنا الله رحمته وعدالته، فصدق قول الرسول يوحنا: (أما النعمة (أي الرحمة) والحق (أي عدالته) فبيسوع المسيح صارا) (يوحنا 1: 17).

إن الله القدّوس الذي يمقت الخطيئة بشدّة، من رحمته ومن محبّته الكثيرة، رأى أننا عاجزون عن دفع الدين الذي علينا بسبب خطايانا، أرسل ابنه وحيده لكي يموت عنّا، فكل من قبل مخطط الله هذا، اعترف بأن الله قدّوس وعادل ومحب ورحوم، فينال بذلك الحياة الأبدية بالإيمان، وكل من اعترف بناحية واحدة من صفاته يجعله كاذباً وغير أمين، وحاشا لله أن يكون كذلك.

إن كون الله محب ورحوم وكثير الرحمة والرأفة، يتحنّن على الخطاة ويريد أن يخلّصهم ويمنحهم الغفران والحياة الأبدية، إنه يعطيهم الفرصة بعد الأخرى، يتأنى عليهم، ولكن إلى حين، فكيف ننجو إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره، وازدرينا بدم ابن الله الطاهر الكريم، الذي دفع به لله الآب ثمن خطيئتنا لكي ننال رضاه ومحبّته ورحمته بالحياة الأبدية...؟ الله يريد أن يوصل الإنسان إلى نقطة تحوّل مهمّة في حياته ألا وهي: (التوبة)... (يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة) (2بطرس 3: 9).

والتوبة الحقيقية معناها أن نترك الخطيئة وننبذها وندينها في داخلنا، ونتخلّى عنها كليّاً ونهائياً. ربما قال لي قائل: أريد أن أتوب ولكنني عاجز عنها... هذا اعتراف حسن ومقبول لدى الله، إذ أننا بقوّتنا وتقوانا ى نستطيع أن نتوب عن خطيئة واحدة من خطايانا... فما العمل...؟

الكتاب المقدس هو الحل، هو كلمة الله الحيّة والفعّالة والأقوى من كل سيف ذي حدّين، هو وحده يتكفّل بإعطائنا الجواب والإرشاد الذي يقودنا إلى الطريق الفضلى للتوبة.

كلنا يعلم أن العهد القديم كان مبنيّاً على ناموس موسى، حيث أن الله أعطى الوصايا، وكل من كان مخلاً بإحدى هذه الوصايا، قد صار مجرماً في الكل... نرى أن الإسرائيلي كان يجاهد ليل نهار لكي يحفظها، ولكن للأسف لم يستطع أحد أن يحفظ ولو وصيّة واحدة، لم يكن الله بظالم حتى يعطي الناس ناموساً لا يستطيع أحد أن يحفظه. لكن كان قصده تعالى أن يوّجه أنظارهم نحو الذبيحة التي كانوا يقدّمونها في الهيكل، وهي التي كانت ترمز إلى المسيح، لكنهم لم يدركوا هذا الأمر، إلى أن جاء المسيح ووجّه أنظارهم إليه قائلاً لهم: (فتّشوا الكتب (أي كتب العهد القديم) لأنكم تظنّون أن لكم فيها حياة أبدية وهي تشهد لي...) (يوحنا 5: 39).

أما اليوم في العهد الجديد، وبينما الخطيئة ما زالت خطيئة، مع بعض التطوّر في ممارستها، نسمع الرسول بولس يقول: (لكن حيث كثرت الخطيئة ازدادت النعمة جداً) (رومية5: 20). إن الشخص الذي صمّم على التوبة ولا يستطيع أن يتوب، يرى الحل في النعمة... لكن للأسف الشديد، إن أكثر المسيحيين ما زالوا يفرضون على أنفسهم ناموس العهد القديم، ناسين أنهم في عصر اسمه عصر النعمة، حيث أن المسيح يسوع حمل عنّا الناموس وسمّره على الصليب، الذي به غلب العالم، وهو مستعد أن يعطيك نعمة القوّة هذه للانتصار على الخطيئة... لنقرأ معاً إرشاد بولس الرسول لنا إلى طريق التوبة بالإيمان: (لأنكم بالنعمة مخلّصون بالإيمان وذلك ليس منكم وهو عطيّة الله ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدّها لكي نسلك فيها...) (أفسس2: 8- 10).

نعم إننا لا نستطيع شيئاً بقوّتنا، كما كان بني اسرائيل في القديم، وما كان أشقاهم لو لم يرتّب لهم الرب عمليّة الذبيحة التي كانوا يقدّمونها في الهيكل كفّارة عن خطاياهم، والتي كانت ترمز إلى المسيح، لكنها كانت ترفع عنهم كابوس الخطيئة إلى حين فقط... أما اليوم (أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس...) يقول الرسول بولس في (1كورنثوس6: 19). لا يلزمنا أن نذهب إلى الهيكل بعد اليوم، ونحن لسنا كبني اسرائيل أعوزنا أن نتقدّس مراراً عديدة وبذبائح كثيرة، بل (نحن مقدّسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرّة واحدة) وإلى الأبد (عبرانيين 10: 10) وكل ذلك لا يتم إلا بالإيمان، لا بالعيان كما يفرض أكثرية المسيحيين على أنفسهم إقامة الذبائح مراراً كثيرة وممارسة طقوس وتقاليد وفرائض هم بغنى عنها، إذ أن ناموس المسيح أعتقنا منها.

كتب بولس الرسول إلى أهل غلاطية موبّخاً إياهم إذ أنهم تركوا ناموس الحرية في المسيح، وعادوا إلى الناموس والفرائض والطقوس والتقاليد اليهودية البائدة... (أريد أن أتعلّم منكم هذا فقط أبأعمال الناموس أخذتم الروح أم بخبر الإيمان أهكذا أنتم أغبياء أبعدما ابتدأتم بالروح تكمّلون بالجسد ـهذا المقدار احتملتم عبثاً إن كان عبثاً فالذي يمنحكم الروح ويعمل قوّات فيكم أبأعمال الناموس أم بخبر الإيمان...) (غلاطية 3: 2- 5)، وأيضاً (إن كان بالناموس بر فالمسيح إذاً مات بلا سبب...) (غلاطية2: 21).

نعم هنا يكمن السر، أي موت المسيح وقيامته من أجلنا، الذي إن آمنا بهذه الحقيقة، يحلّ الروح القدس بالإيمان في قلوبنا، ويجدّدها (إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً...) (2كورنثوس5: 17).

عندما يحل المسيح في قلوبنا، لا يعود اتّكالنا على أنفسنا، بل على نعمة الله الحافظة إيانا من شرور الخطيئة، كما يعلّمنا الرسول بطرس قائلاً: (لذلك، منطقوا أحقاء ذهنكم صاحين فألقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها إليكم عند استعلان يسوع المسيح...) (1بطرس 1: 13). هذه هي التوبة... أي الاتكال على نعمته كي لا نخطئ فيما بعد، وننال النصرة والقوة على الشر والخطيئة، عندئذ، نستطيع أن نردّد مع الرسول بولس (أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّيني...) (فيليبي4: 13).

كل ذلك يبدو خيالياً بالنسبة للشخص الذي لم يختبر نعمة الله، والاختبار يكون بالولادة الجديدة، هذه الأعجوبة التي بدونها لا نستطيع أن نكون مسيحيين حقيقيين، ولا نستطيع أن ندخل ملكوت الله. فعلى ضوء هذه الحقيقة الكتابية، ليس الله هو الذي يطيح بالخاطئ على قرارة جهنّم، الله ليس بظالم أبداً، فلو لم يرتّب لنا طريقة نستطيع بها أن نهرب من الغضب الآتي، لألقينا عليه بعض اللوم، لكن السبب كامن في ذلك الإنسان الخاطئ الذي يرفض التوبة إلى الله والرضوخ لمشيئته، وقبول خلاصه العجيب الذي أمّنه له بموت ابنه الحبيب الرب يسوع المسيح وقيامته من الأموات.

عزيزي القارئ، إن الرب يسوع تكلّم عن جهنّم أكثر منه عن السماء، ومن جملة أحاديثه المرعبة في هذا الموضوع أسمعه يقول: (لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنّم...) (متى10: 28). وأيضاً، (فإن كانت عينك... أو يدك... تعثرك فاقطعها وألقها عنك لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كلّه في جهنّم). (متى5: 29- 30).

كلنا يتذكر قصة لعازر والغني، المذكورة في (لوقا16: 19- 31)، وكلنا يتذكر هذا المقطع (فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن ابراهيم ومات الغني ودفن فرفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب...).

إن شهود يهوه يواجهون هذا المقطع باعتراض شديد اللهجة، كي لا نقول يائسين. فحجّتهم أن المسيح كان ينطق بأمثال، وليس عن حقائق، ولكن يا ترى، هل المسيح باستعانته بالأمثال كان يملأ حياته بكلام ثرثار، وأقوال فارغة، لا قيمة لها ولا وزن...؟ أم أنه كان يستخدمها لكي نستخلص منها دروساً وعبراً روحيّة لحياتنا... فهكذا نرى أنهم ينكرون النصوص التي تثبّت وجود العذاب الأبدي لأنها تزعج أفكارهم، وتنقض تعاليمهم، وتبعاً لذلك يغطّون كل شيء ببهلوة التفاسير. ويحاولون حمل الكتب المقدس على أن يقول ما ليس فيه، فهم يفعلون ذلك لإسكات الضمائر المحتجّة، وإشاعة الطمأنينة في النفوس المضطربة التي يخيفها قصاص جهنّم النار، الذي أعدّ بكل تأكيد، لكل من لا يعترف بأن يسوع هو رب لمجد الله الآب...

وما تفسيرهم هذا الذي سنأتي على ذكره هنا، سوى كمن يتّهم المسيح بالثرثرة وصفّ الكلام عشوائياً وبلا معنى. يقولون في قصّة لعازر والغني: إنها في الحق مثل، لا أكثر ولا أقل، وهذا المثل يخفي وراءه حقيقة مختلفة تماماً عن مفهوم الكثيرين، لأنه من غير المعقول أن يذهب إنسان إلى العذاب الأبدي لعلّة أنه غني ويتنعّم بأفخر الملابس وأطيب المآكل، مع العلم أن هذا الغني في المثل، لم يرتكب ذنباً غير السكن في قصر فخم، ولبس الحرير، وأكل الطيّبات... وإنه لمن المضحك الزعم أنه من مؤهلات دخول السماء، أن يكون الإنسان متسولاً، شحّاذاً يلبس رث الثياب، ويضطجع في أسفل سلّم أحد الأغنياء ليلتقط فتات الخبز الساقط من مائدة ذلك الغني، وإن يكون جسمه مصاباً بالقروح، معصّب الرأس والساقين، تحيط به الكلاب لتلحس قيح جروحه وصديد قروحه... ويضيفون، لقد كان هذا المثل صورة نبويّة، رسم فيها أشياء ستتم في نهاية العالم، وهو يمثل صنفين من الأحياء على وجه الأرض اليوم.. فالغني يمثل المسيحية الأنانية التي بلغت من البعد عن الله ما حرمها عطفه ورضاه، وصاروا بهذا المعنى أمواتاً لنعمته، أما لعازر المسكين، فيمثّل الودعاء الذين هم أعضاء جسد المسيح.

إن المسيحي الأصيل، لا يحتاج إلى وقت طويل لكي يدرك بأنه أمام جماعة من المضلّين، لا يؤمنون بوجود سعادة أبدية للمفديين المخلّصين بدم المسيح، ولا يعتقدون بوجود عذاب أبدي للأشرار الذين ازدروا بهذا العمل الكفّاري العجيب الذي تجلّى لنا على خشبة الصليب.

إن قصة لعازر والغني، كونها مثلاً أم حقيقة، إننا نقول بل نجزم بأنها ليست مجرّد مثل ذو مغزى روحي فحسب، بل إنها حادثة حقيقية قد جرت في ماضي الأيام.

إن الرب يسوع كان يستخدم الأمثال في حديثه مع الناس، أمر لا يطعن في صحتّه أبداً... كمثل الزارع (متى 13: 1- 9) ومثل الزرع الجيّد والزوان (متى 13: 24- 30) ومثل حبّة الخردل (متى 13: 31- 32) ومثل الخميرة (متى13: 33- 35) ومثل الكنز المخفي (متى13: 44- 50) نعم إن هذه أمثال ذات مغزى روحي عميق جداً... لكن عندما كان الرب يسمّي الأشياء والأماكن والأشخاص بأسمائها، فكان يخرج ذلك الأمر عن نطاق المثل إلى حقيقة حدوث الأمر، كمثل الجليليين الذين خلط بلاطس دمهم بذبائحهم... والثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام... (لوقا13: 1- 5)، فهل كان هذا مثل فقط، أم حادثة حقيقية حدثت أيام المسيح، واستخدمها الرب ليعلمنا عن التوبة، إذ قال بعد أن ذكر هذه القصص: (إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون...) (لوقا13: 5).

وما مثل لعازر والغني إلاّ قصّة حقيقية، أراد الرب من خلالها أن يعلن لنا حقائق وثوابت عظيمة لا يستطيع أحد إنكارها أو تحريفها، إذ أنه عندما يسمي شخص الفقير باسمه، كان يعني بأن ذلك الشخص سبق فوجد على هذه الأرض في وقت من الأوقات، وعندما يحدد بأن لعازر كان في حضن ابراهيم والغني كان في الهاوية، فإنه كان يعني بذلك بالتمام... أي أن هناك مكان لنعيم أبدي ومكان آخر لعذاب أبدي، هذا هو مغزى المثل الروحي... ولنسلّم جدلاً بأن هذه القصة لم تكن سوى مثلاً، فهل هذا يغيّر الحقيقة أو المغزى الروحي له...؟ وهل هذا بالتالي يلغي حقيقة العذاب الذي وجد الغني نفسه فيه...؟

فيا أخي القارئ العزيز، إنني أسألك برأفة الله أن تصغي قبل كل شيء إلى كلمة الله، وأن لا تخدع نفسك بأي تحليل فلسفي بشري، وخصوصاً تعاليم شهود يهوه، ولا تنس أن (الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله...) (يوحنا3: 36).

فعلى ضوء كلمة الله، اتضّح لنا بأن على الإنسان أن يتوب عن شرّه وعن خطيئته، ومكافأةً لتوبته هذه ينال الحياة الأبدية، وإن رفض التوبة هناك دينونة رهيبة تنتظره في جهنّم النار الأبدية.

مايكل جاكسون

قد تتعجّب أيها القارئ العزيز، من إدراج اسم هذا المغنّي الأميركي الشهير في فصل كامل من هذا الكتاب، وقد تتساءل ما علاقته بكل هذا الموضوع...؟

بالحقيقة لم يخطر على بالي قط إدراج هذا الفصل في الكتاب، إلا أن مشيئة الرب شاءت ذلك. وبينما أنا أنهي فصوله جاءني صديق من الولايات المتحدة الأميركية، ويا لدهشتي حين قال لي: أتدري أن مايكل جاكسون هو الرجل الخامس في تسلسل قادة شهود يهوه النافذين في العالم، وهو أحد المسؤولين في قاعة الملكوت الضخمة في بروكلين، يقود اجتماعاتها ثلاث مرات في الأسبوع...؟

فصعقت عند سماع هذا الخبر، الذي شكرت الرب عليه، لسبب واحد ألا وهو: ليكون شهادة أخرى تضاف إلى سجل أولئك المضلّلين...

ففي اليوم التالي ذهبت لشراء ما طالت يدي من صحف ومجلات وكتب تتحدث عن حياة هذا المغنّي الشاب الذائع الصيت، والملقّب بأسطورة الغناء في القرن العشرين، والذي وصلت تذكرة واحدة لحضور إحدى حفلاته الخلاعية والهستيرية على (700 دولاراً). فبدأت أقرأ وأطالع عن حياته الخاصة علها تكون أفضل من سيرة أسلافه روسل وروزفورد، ولكن مع الأسف الشديد فقد صدق عليه المثل القائل: (... وكم من تلميذ فاق معلّمه...) ومايكل أشطر من الشر منهم لدرجة أنه غطّى عليهم جميعاً.

لنقرأ معاً مقتطفات مما جاء عنه في كبار الصحف الأميركية والعالمية... فبعد أن أكدت إحداها بحقيقة انتمائه لجماعة شهود يهوه كتبت عنه وذلك سنة (1977) متّهمةً إياه بأنه على علاقة مشبوهة مع ممثلة شابة تدعى (تاتم اونيل)، وأنه شوهد معها مجرّداً من ثيابه في بيت (هو هوفنر) أحد أصدقائه الشاذين جنسياً، ورويت القصة في الصحيفة كالتالي: إن تاتم اونيل دعت مايكل لمشاهدة فيلم فيديو عندها وعنوانه (الجذور)، وبعد انتهاء عرض الفيلم، شوهدا معاً في مكان منعزل، مجرّدين من ثيابهما الخ...

كتبت صحيفة أخرى قائلة: أن مايكل جاكسون، أجرى عمليّة تغيير للأعضاء التناسلية، أو أنه في طريقه لإجراء هكذا عملية...؟

وكتبت ثالثة ورابعة: أنه على علاقة شاذة بـ (كليفتون ديفنز)، كاتب الأغاني والمسرحيّات، والتقطت له صور في لاس فيغاس في (قصر سيزار) مع هذا الأخير، تؤكد هذه العلاقة...؟

إن أحد ألقابه هو (الفتى المخنّث)، ومما كتب عنه أيضاً أنه مدمن على المخدرات الخ... إنني اضطررت هنا تجاوز حدود اللياقة في سرد ما ورد عنه من قصص مخجلة، مع الاختصار الكبير في سرد الكثير منها، لعدم ملاءمتها في مثل هذا الكتاب الروحي.

الحقيقة تقال أن كل الأسماء التي ذكرت هنا هي غريبة عني، ولا أعلم أي شيء عنها ولا يهمني أمرها، لولا رغبتي في معرفة المزيد عن هذا المغنّي، وكل ما كتبت هو على ذمّة الصحف والمجلات الأجنبية، وأقول هنا بأنه مهما كانت الأخبار عن ذلك المغني مبالغاً فيها، فإنه لا بد وأن يصدق عليه المثل العامي القائل: (ما في دخّان بلا نار...) وتكفيه واحدة منها ليكون في عداد الفاسقين...

نعم إنه قد فاق أسلافه روسل وروزفورد بالأخبار المخجلة الفاسدة والمفسدة، بينما الكتاب مليء بالتحريض الذي يدفعنا كي نكون دائماً في سيرة مقدسة وتقوى... (فإن سيرتنا نحن هي في السموات...) (فيليبي3: 20) وأيضاً (بل نظير القدّوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قدّيسين في كل سيرة...) (1بطرس1: 15).

ماذا تنتظر أن ترى وتسمع عزيزي القارئ عن أناس لا يؤمنون بوجود ما يسمّى خطيئة وتوبة وجهنّم إلا الذي أنت تراه وتسمعه اليوم عنهم لو كانوا بالحقيقة مرسلين من الله لسلكوا في سيرة مقدّسة وتقوى كرجال الله الأبرار القدّيسين، ولكان اتّباعهم حق... لكن أن يتبع الناس هكذا أشخاص... عجيب هذا الأمر...؟ أمر بالحقيقة جعلني أتأمل لفترات طويلة، والأعجب من ذلك، أنه رغم معرفتهم بكل صفات قادتهم السيئة، أشخاص مملوءة حياتهم بتعدد الزيجات والطلاق والاختلاسات والاحتيالات والشذوذ الخ... تراهم يطالعون مثلاً كتاباً هاماً لهم ينتصحون منه، عنوانه- (جعل حياتكم العائلية سعيدة) تأملوا....

وبينما أنا في هذه الحيرة وإذا الكتاب المقدس يجيبني عن هذا الأمر، ويروي غليلي الظمآن إلى معرفة سبب ابتعاد هؤلاء عن الطريق القويم فيقول: (لأنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلّمين مستحّكة مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق وينحرفون إلى الخرافات...) (2تيموثاوس4: 3- 4).

فعليه يتّضح لنا من خلال كلمة الله، أن أتباع شهود يهوه، ليسوا بأحسن حال من معلّميهم وقادتهم، إذ أنهم استأهلوا هكذا قادة وقد انتقوهم بحسب استحسانهم، ليشبعوا من خلال تعاليمهم المضلّة شهوات قلوبهم..

أساليب شهود يهوه الجهنّمية

على ضوء كل هذه البيّنات من كلمة الله، آن الأوان لشهود يهوه ليعيدوا النظر في بدعتهم السخيفة هذه ويحلّلوا عقائدهم تحليلاً جذرياً ويضعوا تعاليمهم الحمقاء على مائدة التشريح، ليروا أنفسهم كم هم على خداع وضلال، وبعد أن يعتنقوا الإيمان الصحيح المعلن فقط في شخص الرب يسوع المسيح.

إن الكتاب المقدس ينذرهم من استحقاق غضب الله ونقمته، ويحذرهم من لظى نار جهنّم التي ستبتلعهم إلى أبد الآبدين... فالتحذير واضح تماماً في (سفر الرؤيا 22: 18- 19) (لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوّة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب...).

ينتمي شهود يهوه إلى تلك الفئات التي دأبت على غش وتحريف الكتاب المقدس، فهم يتجنّون على قواعد وقوانين التفسير المتّبعة من رجال الاختصاص والخبرة في دراسة الكتاب. إنهم يتّبعون البهلوة في استعمال ترجمات الكتاب المقدس العديدة، مختارين من بينها العبارات التي يظنّون أنها تدعم مبادئهم... فمثلاً: نراهم يستشهدون بـ (توراة أورشليم- The Jerusalem Bible) لأنها حوت على اسم يهوه (6500 مرة) تقريباً، ويتكلمون عنها بكل حماس، وذلك لتسهيل عمليات التلاعب بالنصوص، وهم يعلمون جيداً أن هذه الترجمة النفيسة جداً هي المرجع الأول للطائفة الكاثوليكية، والتي بنظرهم هي أكبر طائفة شيطانية على وجه الأرض... تأملوا...؟

للتضليل في موضوع ألوهية المسيح، يستعملون اللعب على اللغتين العبرية واليونانية، فيقولون مثلاً: إن كلمة (ايلوهيم)، (ايل) أو (اله) العبرية، أو (تيوس) في اليونانية، تعني القدير، القوي، وهي تنطبق على المسيح، وعلى الملائكة وعلى البشر أيضاً، كما أن هذه العبارة استعملت أكثر من مائتي مرّة في التعبير عن الآلهة الكاذبة... لقد كلفوا أنفسهم كل هذا العناء الطويل، كما رأينا، لكي يقولوا أن المسيح عندما ذكر عنه الكتاب المقدس أنه إله لم يكن إلا كأحد الملائكة أو البشر أو حتى إله كاذب... وهم في ذلك يناقضون أنفسهم بشدّة، عندما يسندون رأيهم بما جاء في رسالة (يوحنا5: 20) (ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية...).

لقد علمنا من كتاباتهم أن مجيء المسيح الثاني قد تم بصورة غير منظورة وسرّية، وذلك لتغطية فشلهم في تعيين تاريخ معيّن لمجيئه العلني، وفي محاولتهم لإثبات هذا الادعاء، استعملوا اللعب على الكلام بالشكل التالي مستندين على الآيات التي تدعم ادعاءهم الكاذب: (ملكوت الله لا يأتي بمراقبة) (لوقا 17: 20)، (لا أترككم يتامى إني آتي إليكم بعد قليل لا يراني العالم أيضاً وأما أنتم فستروني أني أنا حي فأنتم ستحيون) (يوحنا 14: 18- 19) و (ها أنا آتي كلص طوبى لمن يسهر... ) (رؤيا 16: 15).

أمام هذا التصرّف، يجب على كل من يقرأ كتابات شهود يهوه، أن يتخذ جانب الحيطة والحذر، لئلا ينجذب بأقوالهم المعسولة وتعاليمهم المضلّة، وخير ما يفعله أن كان يريد أن يقرأها، هو أن يفتح كتابه المقدس، ويراجع نصوصه في كل موضوع.

لكي ينكروا قيامة المسيح بالجسد، ورجوعه إلينا بالجسد، يقولون: إنه ليس ثمة موجب لأن يكون المسيح منظوراً حتى نثبت مجيئه الثاني، لأن أباه غير منظور من البشر، فبذلك يوفّقون بين الحقيقة الكتابية وآراءهم الشخصية... فانسجاماً مع هذه النظرية، يفسرون مثلاً (أعمال 1: 11) هكذا (إن يسوع الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء...) إن هذه الآية لا تعني بأنه سيأتي منظوراً في الجسد، بل سيأتي بالطريقة عينها كما ذهب بلا ضجّة ولا مهرجان ولا صوت بوق، بل بهدوء وسكينة مثل اللص، وقبل انطلاقه قال لتلاميذه: (وتكونون لي شهوداً...) (أعمال1: 8)، فشهوده فقط رأوه يذهب، ولا غرو في أن الشهود الأمناء (أي شهود يهوه) يكون لهم امتياز رؤياه. أن رجوعه سيكون منظوراً من عيون القلوب المستنيرة بإعلانات الكلمة الإلهية، متحججين بالآية (مستنيرة عيون أذهانكم...) (أفسس1: 18).

جواب الكتاب صريح جداً من هذه الناحية إذ يقول: (هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وتنوح عليه جميع قبائل الأرض...) (رؤيا 1: 7)، فالذين طعنوه ليسوا هم شهود يهوه الحقيقيين، وكذلك حين يقول الكتاب أن كل عين ستراه، لا يعني هنا عين الذهن... الخ...

في كتابهم المسمّى (من الفردوس المفقود إلى الفردوس المردود) أدرجوا آية تحت عنوان الكتاب، ولأن هذه الآية تدحض تعليمهم فيما يخص القيامات، حرّفوها بشكل مدهش جداً، مما يدل على حنكة ودهاء هذه الجماعة المضلّة. (ثم قال ليسوع (أي اللص على الصليب) اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك فقال له يسوع الحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس...) (لوقا23: 42- 43). أي إنسان ولو بثقافة بسيطة، يدرك بأن الرب يسوع عنى للصّ وهو على الصليب بأنه عند قيامته في اليوم الثالث سيقوم معه ويصعد معه إلى الفردوس...

فهذا النص الكتابي لم يلق استحسان عند شهود يهوه فحرّفوه بهذا الشكل: (... فقال له يسوع الحق أقول لك اليوم، ستكون معي في الفردوس...) فوضعوا (،) بعد كلمة اليوم وأضافوا السين (س) إلى كلمة (تكون) فتغيّر كل معنى الآية، وفُهمت بهذا الشكل، أي أن يسوع الذي كان يكلّم اللص في ذلك الحين، وعده بأنه سيفتقده في المستقبل الأرضي، إذ أنه من غير المعقول أن يكون ذلك اللص من عداد الـ (144000).

وكم نشكر الرب إذ أنهم يستعملون في تبشيرهم في لبنان والعالم العربي الترجمة الإنجيلية، المعروفة بترجمة (فان دايك- اليازجي) هذه الترجمة النفيسة المستعملة في المشرق العربي من الطوائف الإنجيلية والأرثوذكسية والقبطية، لكنهم لو ترجموا كتابهم الإنجليزي (ترجمة العالم الجديد The New World Bible) لأضلّوا أضعاف أضعاف ما أضلّوا من ضعاف النفوس...

هذه آية بسيطة اخترتها لأقدمها للقارئ، نموذجاً على ما يقومون به من ضروب التزوير في النصوص المقدسة: (ليس الله بفظ ولا بقاس، لذلك لا يمكن أن يحكم على الشرير العاجز عن إصلاح نفسه، بالعذاب، بل يحكم عليه بالموت، أي الملاشاة الأبدية أو الاضمحلال، وعدم القيامة...) (ترجمة العالم الجديد- متى25: 46).

أما نص الآية الأصلي فهو كما يلي: (يمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية). (متى25: 46). فشهود يهوه حرّفوا النص بإبدال كلمة عذاب أبدي بكلمة (ملاشاة أو اضمحلال) مما يوافق تعليمهم بعدم وجود جهنّم، فمن هنا يرى أن سوء أمانتهم لا يقف عند حد.

تعاليم شهود يهوه تتناقض مع المسيحية

حين ينام المسيحيّون، يستيقظ إبليس عدو النفوس، ويحرك عملاءه لتوزيع منشوراتهم المضلّة، في المدن والقرى، فيطوفون البيوت لنشر مبادئهم الهدّامة، متسترين بوشاح المسيحية، مستشهدين بالكتاب المقدس، وفي معظم الأحيان لا يعرف أعضاء الكنائس الموقف الواجب اتخاذه حيالهم، فينجح هؤلاء في حملاتهم التبشيرية في غفلة من القادة الروحيين الذين تلهيهم الأمور الإدارية والنشاطات الاجتماعية عن نشر البذار الجيّد في قلوب الرعيّة.

يقنعون الناس باطلاً بأنهم مسيحيّون... هناك حقيقة تقال بأن كل البدع مجتمعة منذ بدء التاريخ المسيحي حتى يومنا هذا، كانت تصنّف بالطوائف المسيحية، إلا بدعة شهود يهوه، إنهم أقرب إلى الإسلام منه إلى المسيحية، مع كل احترامي للدين الإسلامي المعترف به كدين مستقل بذاته له كتابه وله نبيّه...

ينكر شهود يهوه الثالوث الأقدس، والإسلام ينكره أيضاً: (لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة...) (سورة المائدة 73).

ينكر شهود يهوه أن يسوع المسيح هو الله، والإسلام ينكر ذلك أيضاً: (لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح ابن مريم...) (سورة المائدة 72).

ينكر شهود يهوه قيامة المسيح بالجسد، والإسلام ينكر ذلك أيضاً فيقول القرآن: (شبه به...) أي أنه لم يمت أصلاً لكي يقوم، فشبه له بشخص آخر...

يؤمن شهود يهوه بالجنّة الأرضية هذه، والإسلام يؤمن أيضاً بجنات تجري من تحتها الأنهار الخ... أي أن المعتقدين ما زالا في مستوى الأرضيات (المنظور والملموس)، فرجاءهم إذاً واحد.

من هنا حتمت الضرورة على قادة الكنائس أن يبذلوا كل الجهد ليكون في كل بيت كتاب مقدس واحد على الأقل، وأن يقودوا حملة توعية لتوجيه أفكار الناس، إلى وجوب دراسة الأسفار الإلهية المقدسة، حتى إذا تعرّضوا لغزوات أهل البدع، عرفوا كيف يصدّونهم بالحق الإلهي.

طلب أحد المبشرين في إحدى جولاته التبشيرية من أحد الأشخاص أن يأتي بكتابه المقدس، لكي يريه آية منه قد دار بحثهم حولها، فما كان من صاحب البيت إلا أن أعطاه كتاب (ليكن الله صادقاً- أخطر كتاب لشهود يهوه إطلاقاً) ظناً منه أنه الكتاب المقدس... إنه عنوان مدهش حقاً، ولكن من خداع العناوين، لأن بين دفّتيه تكمن معظم مغالطات شهود يهوه... تصوّروا جهل هذا الشخص.

عزيزي القارئ، على ضوء هذه الحقائق الكتابيّة، عليك أن تؤمن أن يسوع المسيح هو الله المتجسّد في أحشاء مريم العذراء المباركة، وأنه أخلى نفسه طوعاً، صائرً في شبه الناس، آخذاً صورة عبد، وأطاع حتى الموت، موت الصليب... كل ذلك كان لأجلك... لا تكن كأكثرية المسيحيين الذين قال عنهم المسيح: (يقترب إليّ هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً وباطلاً يعبدونني وهم يعلّمون تعاليم هي وصايا الناس...) (متى 15: 8- 9). والعجيب في الأمر كما سبق وذكرنا، أنك لا تستطيع أن تتعرّف على الله الآب وعلى روحه، إلا بتعرفك الشخصي على الابن المتجسّد، اسمع الرسول يوحنا يعلن لنا هذه الحقيقة:

(الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبّر...) (يوحنا1: 18).

وأيضاً: (الذي رآني فقد رأى الآب...) (يوحنا14: 9).

وأيضاً: (صدقوني إني في الآب والآب فيّ...) (يوحنا14: 11)... عزيزي التفت إلى يسوع أنت الذي تقول أنك اعتمدت باسم الآب والابن والروح القدس الإله الحق الواحد؟ اصرخ له من أعماق قلبك علّه يغفر لك شر قلبك هذا ويتغاضى عن أزمنة الجهل التي قضيتها بعيداً عنه، واعترف بأنه هو وحده الفادي والمخلّص والقادر أن يخلّصك شخصياً ويقيمك من القبر منتصراً على الموت كما قام هو، ويعطيك الحياة الأبدية التي وعدنا بها لا في هذا العالم الفاني، بل في مكان يقول عنه الرسول بولس: (ما لم ترى عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه...) (1كورنثوس 2: 9).

ارفع عينك عن الأرضيات والتفت إلى السماويات، إن كنت ما زلت من هذا العالم... المسيحي الحقيقي ليس من هذا العالم، مع أنه عائش فيه لعلّة واحدة ألا وهي: ليكون شاهداً لذاك الذي مات عنه واشتراه بدمه الثمين... اسمع الرب يسوع يناجي الآب قائلاً: (لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم... كما أرسلتني إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم... ) (يوحنا17: 15- 18).عزيزي القارئ، اترك كل شيء وكن من (شهود يسوع)... اترك الشر والخطيئة، اترك كطقوسك وتقاليدك، بل إني اذهب أبعد من ذلك فأقول: اترك أباك وأمك إن كانوا حجر عثرة في طريق مسيرك مع الفادي... اسمعه يقول لك: (من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني...) (متى 10: 37).

اتبع يسوع... إنني أعلم جيداً أن هذا الأمر صعب ومكلف في نفس الوقت، إذ عليك أن تترك شرّك وعصيان قلبك وتتوب إلى الله، بل إن التوبة أمر مستحيل أن يقدم الإنسان عليه بقوّته، انوي في قلبك واصرخ، كما صرخ إليه النبي ارميا في القديم قائلاً: (توّبني فأتوب...) إنه يسمع ويستجيب بكل تأكيد، اسمعه يقول لك: (من يقبل إليّ لا أخرجه خارجاً...) (يوحنا6: 37).

في يقيني أن شهود يهوه، لم ولن يحملوك إلى أحد هذا التعليم الصحيح، الذي نادى به ربنا المبارك يسوع، لأنهم يجحدون لاهوته، كما أنهم ينكرون تجسّده وموته الكفّاري، هذا التعليم البهيج، هذه البشارة المفرحة التي نادى بها الكتاب المقدس.

كلمة أخيرة يضيفها الكتاب على ضوء نكران شهود يهوه هذه الحقيقة التي نادى بها، وهي بمثابة نصيحة لك يا عزيزي فيقول: (كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتياً في الجسد هذا هو المضل والضد للمسيح انظروا إلى أنفسكم لئلا نضيّع ما علمناه بل ننال أجراً تاماً كل من تعدّى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام لأن من يسلّم عليه يشترك في أعماله الشريرة...) (2يوحنا 7: 11).

بصريح العبارة، إن الذي ينكر أن يسوع هو الله المتجسّد، عليك ألا تقبله في بيتك وألا تقول له سلام، لأنك إن فعلت، تكون قد اشتركت معه في عمله الشرير هذا...

والرب يباركك.

معلومات عامة عن شهود يهوه

أصبح عدد شهود يهوه في العالم أكثر من (3000000) عضو- (700000) في الولايات المتحدة الأميركية- (135000) في نيجيريا- (125000) في البرازيل- (125000) في ألمانيا الغربية- (100000) في المكسيك- (100000) في بريطانيا- (95000) في الفليبين- (10000) في لبنان... الخ...

إنهم غزوا (210) بلدان ومقاطعة في العالم.

إن كتابهم: (الحق الذي يقودكم إلى الحياة الأبدية)، قد سجّل رقماً قياسياً في المبيع، وهو رابع كتاب يباع في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها، بعد (الكتاب المقدس) وكتاب (سياحة المسيحي) وكتاب (النبي) لجبران خليل جبران، إذ أنه يطبع منه سنوياً ما يزيد عن ال_ (75000000)نسخة وبـ (80) لغة.

إن مجلّتهم (برج المراقبة) التي تصدر في بروكلن، يطبع منها ما يزيد على الـ (10000000) نسخة وبـ (80) لغة، توزّع في العالم أجمع.

على كل عضو من أعضاء شهود يهوه أن يصرف على الأقل (10) ساعات في الشهر في دراسة منشوراتهم، والتعمّق في تعاليمهم، وأن يجول قارعاً أبواب الناس مبشرّاً إياهم بهذا العقائد، وبائعاً كتبهم ومنشوراتهم، وأن يقدّم تقريراً مفصّلاً عن نشاطاته... إن هذه الطريقة في البداية، كانت بحسب اعتقادهم معطّلة لخدمتهم، لكن مع مرور الزمن، أعطت عكس النتائج المرتقبة، فرفعت عددهم من (106000) سنة (1942) إلى الإحصاء الحالي أي (3000000).

لا يشترك شهود يهوه في أي نشاط اجتماعي- ولا خيري- ولا انتخاب- ولا وظيفة حكوميّة- لا خدمة علم- لا يحترمون علم بلادهم- لا يعطوا دم لمريض، ولا يأخذوا دم لأنفسهم عند أي حاجة مرضيّة...

أهم مركز اجتماع عندهم هو: (قاعة الملكوت) في بروكلن، والتي تعقد فيها أهم اجتماعاتهم بقيادة النافذين منهم، حيث تبحث فيها آخر التقارير الواردة من جميع أنحاء العالم...

في (14نيسان) من كل سنة، يتقدّم النافذون منهم إلى مائدة الرب، ليكسروا الخبز ويشربوا الخمر، على أساس أنهم وحدهم مستأهلين لهذه الفريضة، هم الصف السماوي الـ (144000).

أهم كتبهم: (الحق الذي يقودكم إلى الحياة الأبدية)- (ليكن الله صادقاً)- (الحق يحرركم)- (نظام الدهور الإلهي)- (قيثارة الله)- (الخلاص)- (الخليقة)- (المصالحة)- (الحكومة)- (الوقاية)- (الغنى)- (من الفردوس المفقود إلى الفردوس المردود)- (جعل حياتكم العائلية سعيدة)- (أين هم الأموات)- (المعركة النهائية)- (جهنّم)- (القيامة)- وترجمتهم الفاسدة للكتاب المقدس (ترجمة العالم الجديد)...

إنك تصادفهم في الشارع اثنين اثنين، أو ثلاثة ثلاثة، إنهم يمتازون بحمل محفظة متوسّطة الحجم أو (شنطة)، يضعون فيها كتبهم المخصّصة للبيع بالإضافة إلى الكتاب المقدس، لأنهم يخافون حمله علناً لعدم لفت النظر إليهم.

إنهم يتجنبون الإفصاح عن اسمهم كشهود يهوه، إلى أن يتأكّدوا من أنه لا خطر عليهم من الذين يسمعونهم.

إنهم لا يوجّهون الدعوة إلى أي شخص لحضور اجتماعاتهم، والتي لها طابع السرّية في أغلب الأحيان، إلا بعد التأكد بأنه لن يجلب لهم المتاعب... في هذه الاجتماعات، تقام تمثيليّات حيّة بشكل دروس تطبيقيّة، عن كيفيّة توصيل البشارة (بشارتهم الهدامة) إلى الناس، مع ملاحظات عديدة في سياق التمثيليّات عن ما قد يصادفهم من تشجيع أو رفض من قبل الناس...

عزيزي القارئ، قد يصادفك أن تقع بين يدي مبشر ما، الرجاء ألا تقع فريسة الالتباس، إذ أنه ليس كل حمراء جمر، ولا كل ما يلمع ذهباً... وما هذا الكتاب الذي انتهيت من قراءته الآن سوى إحدى الوسائل التي استخدمها الله لكي يرشدك إلى الطريق الصحيح في بريّة هذا العالم المظلم، وفوق كل ذلك لا تنسى كتابك المقدس، الأداة الوحيدة المخلصة الصادقة والأمينة، القادرة وحدها أن ترشدك إلى كل الحق الذي في المسيح يسوع ربنا له كل المجد.

مراجع الكتاب

لكتاب المقدس

كتب شهود يهوه

الموسوعة العالمية (Encyclopedia Britannica)

كتاب: (يهوه) بقلم برسوم مخائيل

صحف ومجلات أجنبية: كتبت عن مايكل جاكسون:

(Herald Tribune- Time- Newsweek)

قاموس الكتاب المقدس

كتاب تاريخ الكنيسة

القرآن

 الصفحة الرئيسية