يوم قبل وفاة محمد

مقدمـــــة



أعترف، إنني لما بدأت بوضع أبحاث هذا الكتــاب، قبل نحو عشر سنوات، كان ما زال في نفسي أثر لذلك التحدي الذي طالعني في كتاب "قس ونبي"، فالمؤلف "أبو موسى الحريري "أعلن أسفه، لأنه " ما من مسلم متدين استطاع الإفراج عن الحقيقة، وليس من جريء مغامر هانت عليه حياته ليعلن ما يضمر. والآن وقد اكتمل هذا الجهد، وخبرت الحياة الإسلامية والمسيحية بفاعلية، أود أن أقدم هذا الكتاب بملاحظة قصيرة إلى الإخوة المسيحيين، هي أن صاحب التحدي في كتاب "قس ونبي" لم يجرؤ هو نفسه، أن يوقع الكتاب باسمه الحقيقي عندما حاول أن ينوب عن المســلم بالإفراج عن الحقيقة.
وإذا كان كتابي هذا يشرح للمسلمين لماذا أطالبهم بوقف نشاطات الدعوة في كل مجالاتها، ريثما تتسنى إعادة النظر في موروثهم الديني والثقافي، فإنني أستبق ذلك بدعوة مماثلة لهيئات التبشير المسيحي، ذلك أنه كما الهوة واسعة وعميقة بين نبي الإسلام وكثير من فقهاء المسلمين، كذلك هي بين السيد المسيح ,وبعض رجال الفكر المسيحي، وردم هذه الهوة لا يتم بالتمنيات وحدها.
إن كلا من الطرفين يتهم عقل الآخر بأنه منوم لا يفهم ما يقول أو يقال له في المسجد أو الكنيسة، وأعتقد جازما أن كلا الطرفين على حق، ولغير العلة التي يرونها.
وإذا كان من شأن كتابي هذا أن يشرح السبب للمسلمين، فإنني سأكتفي في هذه المقدمة بذكر بعض الأسباب التيجعلتني أطالب هيئات التبشير المسيحي بوقف نشاطاتهم، ريثما تتم إعادة ترتيب البيت المسيحي من جهة، والى أن تتسنى إمكانية فهم عقيدة المسلم على حقيقتها من جهة ثانية، وربما من شأن كتابي هذا أن يساعد على ذلك.
من بين هذه الأسباب أن "إسرائيل" احتلت أراض عربية منذ العام 1948، وما زالت تحاول التمسك بما احتلته في الحروب الثلاثة. فكيف يتقبل عقل العربي المسلم الخبر المفرح والسار من فم مبشر يعطي ل "إسرائيل" الأفضلية عليه بما قد يصل إلى تبرير احتلال أرضه ؟!
مثال ذلك، ما جاء في رد القس الدكتور لبيب ميخائيل، رئيس مجمع الكنائس المعمدانيه في القاهرة، على ما كتبه الدكتور مصطفى محمود بمجلة “أكتوبر المصرية (1). فمع أن التوراة والقرآن يقرران تفضيل “إسرائيل” على الأمم، فإنما يتحدثان عن حيّز زماني معين اقتصرت معرفة الله فيه على”بني إسرائيل.”
ومع ذلك، ها هو أحد أكبر القساوسة المصريين يكاد يعطي شرعية للاحتلال الإسرائيلي، أو أعطاها فعلا، لأن "تفضيل إسرائيل على العالم ما زال قائما حتى الآن لأن الله لا يغير عهده الذي قطعه على نفسه مهما تغير الناس" (2). وليس هنا مجال الرد، إذ تضمنه - في جملة ما تضمن - كتابي الذي سيصدر قريبا تحت عنوان "وقال لي يسوع وإنما أردت مثالا يقتضي المسيحيين إعادة نظر في عديد من الأمور؛ ليس فقط في البون الشاسع بين "أرض الموعد" و "الأرض الموعودة"، بل في وضع الكنيسة التي سرق منها دورها، وفي مفهوم الكنيسة أساسا، وفي العلاقة بين العهدين، القديم والجديد.
لقد تحول بعض الكنائس - للأسف –إلى سوق)سوبر ماركت) تباع فيها "الروح القدس" عبر طقوس أشبه بحفلات "الزار" (3) الشعبية المصرية. مع أن الأناجيل الأربع تركزعلى واقعة طرد السيد المسيح للصيارفة واللصوص وباعة الحمام من الهيكل. والكنيسة كما هو معلوم - نظريا على الأقل - ليست مجرد بناء للخلوة والصلاة فقط ، بل هي بناء ، حجارته من البشر، وحجر الزاوية فيه هو السيد المسيح. وهي بهذا المعنى مؤتمر يضمن لكل مؤمن حق المشاركة في كل شيء.
إذا كان الفكر المسيحي في بعض اتجاهاته الراهنة لا يميز بين كنيسة يقتصر دورها على الطقوس والمواعظ والنشاطات الإجتماعية، وبين "الكنيسة المؤتمر، فذلك مرده إلى ثقافة فقهية تسربت إليها البراغماتيه" لتصبح أولى مهماتها تغييب نظام الكنيسة بالذات. وسيزعم الكثيرون أن المسيحية لم تعرف أبدا سوى المكان المخصص للصلاة والوعظ والنشاط الخيري والاجتماعي. وأنا أدعو هؤلاء إلى قراءة واعية ومتعمقة لأخبار الكنيسة الأولى في عهد الرسل.
ثم إن المسيحية كما أرادها السيد المسيح ليست حركة حياة جديدة خارج الجسد فقط، وإنما التأهيل لذلك يتطلب حركة حياة جديدة داخل الجسد أيضا. والمسيح لم يطالب الناس بأداء الشعائر ثمنا للجنة بعد موت الجسد، بل طالبهم أولا بأن يكسبوا لأنفسهم جنة على الأرض، تقع بوابتها تحت لافتة "المحبة"، وفي ذلك قوله: "كيف تقول أنك تحب الرب إلهك وأنت لا تراه ، فيما أخوك الذي تراه لا تحبه"(4) والمحبة هنا مسؤولية الناس أنفسهم، وهي مسؤولية لها قواعد محددة، منها أن يكون لهم صوت مسموع ، لكي يضمنوا لأنفسهم تحقيق المحبة بضوابط العدل والمساواة.
لقد تبنى قسم لا يستهان به من الكنائس منهجا يفصل الكنيسة عن روح الحياة المسيحية الأولى. وهذا المنهج اقتضى أن تكون هذه الكنيسة قادرة على إرضاء ضمير المسيحي بغض النظر عما يحدث للمسيحيين. هذا المسيحي الذي صنعه بعض رجال الدين المسيحي على هواهم ، قد صار عمره الآن حوالي ألفي عام من دون أن يبلغ سن الرشد، فهو - شأنه في ذلك شأن المسلم - ما زال إنسانا معفياّ من مسؤوليته عن حياته.
والخطأ المميت الذي وقع فيه بعض الكنائس، أنها نجحت في التعويض عن الكل بالجزء ، ونجحت في إقناع الإنسان المسيحي بقبول هذه الخسارة ، ونجحت في تمرير الخسارة نفسها باعتبارها فوزا أبديا في حياة أخرى خارج الجسد ، ولكن مشكلة هذا النجاح المستمر أنه نجاح في زيادة الخسائر.
وما يؤخذ على المسيحية المعاصرة أنها لا تقوم على قواعد الكنيسة الأولى ، بل تقوم على قاعدة كنائس متعارضة ومتنافرة ، بل ومتنافسة ، ومن خلال هذا الإختلاف استطاعت أن تعفي الناس من مسؤولياتهم تجاه أنفسهم ، مع أن الناس هم الذين يدفعون نقدا قائمة الحساب في نهاية المطاف.
إن كنيسة تقوم على أنقاض ماض لا يعيشه الناس هي كنيسة خرافية بالضرورة، لأنها لا تستقرئ الحاضر والمستقبل ، بل تقرأ الماضي. كنيسة لا يهمها ازدياد انتشار زواج القاصرات وولادات السفاح، ولا العنف تحت لافتة الرياضة ، ولا الشذوذ الجنسي باسم الحرية، ولا سرقة المواطن باسم الفوائد المركبة للقروض، بل يهمها أن تؤكد للمسيحي بأن الإتجاهات العلمية الحديثة كفر ، مع أن هذه الاتجاهات جاءت نتيجة انفتاح على الروح القدس.
إن مثل هذه الكنيسة - شأنها شأن الجامع أو المسجد - لا يقرأ الحاضر الواقع بل يقرأ ما يقال عن الماضي ، ويبني للمسيحي وللمسلم واقعا مسحورا لا يسكنه من أحياه المسيح بل تسكنه شخصيات العهد القديم وحدها. وأصبح المؤمنون يعيشون في الكنيسة والجامع على هيئة رموز صامتة ، مثل أسمائهم في قوائم المراسلات.
إن مشكلة اللغة - في المسيحية كما في الإسلام - أن كلماتها لا تنقسم إلى صحيح وخطأ ، بل تنقسم إلى كلمة حية وأخرى ميتة - كما يقول "الصادق النيهوم" (5 ). وهو انقسام حقيقي وشامل، بيد أن قواعد اللغة لا تستطيع أن تتبيّنه، لأنه لا يظهر في بناء اللغة ، بل يكمن وراء سلوك الناس ، وعلامة الكلمة الميتة أنها مطوعه تاريخيا لخدمة أغراض السحرة ، فعبارة "العالم الآخر" التي نحتت من لغة الناس لا تعني طموحا دنيويا يتطلب سلوكا وبرنامج عمل ، بل تعني عالما آخر مجهولا ، أول صفاته أنه غائب عن عيون الناس ، وهي مغالطة شفوية لتعاليم المسيح ، ولكنها ضمنت للبعض أن يحتكر تفسير الشرائع حتى يومنا هذا. ولو أن السيد المسيح عاد في هذه الأيام لردّوه قائلين: "عد إلى مكانك ، ولا تفضحنا بجهلك وطيبة قلبك". ولأضافوا قولهم: "ثم ، دعنا نعمل من أجلك".
وثاني صفات هذا العالم الآخر، أنه عالم حي ، لكن بوابته الوحيدة تقع وراء الموت ، مما يعني أن مستقبل الناس الأحياء يبدأ فقط بعد أن يموتوا. وثالث صفاته أنه عالم خارج سنن الطبيعة ، وهي صياغة تريد أن تقول إن عالم الناس الأحياء ليس عالما حقيقيّا .
وردا على هذه الخدعة الشفوية بالذات ، جاءت لغة السيد المسيح ، وتميز ميلادها بظهور تعاليم لها لغة مقدسة تختلف عن لغة البعض من كنائس اليوم. ففي لغة المسيح تكلم الإله الحي، وسكت الصنم الميت ، وبات العالم قابلا للتفسير بلغة الأحياء فقط.
لقد رأى تلاميذ يسوع ، وخلفاؤهم المباشرون ، الذين دونوا كتب العهد الجديد أن المسيح لم يأت ملكا ليحقق آمال "إسرائيل" وحدها، بل جاء من أجل كل الأمم ، وكل العالم. أما عندما يقرأ العهدان، القديم والجديد معا ، في ضوء الإيمان بالشعب الإسرائيلي وحده ، في ضوء فضله وتميزه وتفرده، فذلك هو المأزق الحقيقي الذي يصعب الفكاك منه ، ولا يصح معه أن يستمر تبشير المسلمين ، فلا بد من إعداد البيت وتأهيله ، ولو أن غالبية المسيحيين يمارسون تعاليم المسيح فعلا ويعيشونها يقينا ، لأصبحت بيوتهم قبلة المسلمين بدون أدنى شك . وهذا ما يذكرني بما قاله "غاندي" في مجلس العموم البريطاني: "أعطوني مسيحكم ، وخذوا مسيحيتكم".
أما مطالبتي بوقف الدعوة الإسلامية - وهي موضوع هذا الكتاب ، فلأن المسلمين يواجهون عصرا لم يولدوا فيه حتى الآن ، وقد آن الأوان ليحل التاريخ محل المأثور، ذلك أن مجمل البناء الذي انتهى إلى المسلمين قد بدأ يتآكل ، وتكفي الاشاره هنا إلى أن للعصر القديم سحره الأخّاذ ، فما أن يتسرب اليأس من الحاضر إلى صدور الناس حتى يلتفتوا إلى الماضي ، بوصفه العصر الذهبي ، فحين لا يتبقى من الماضي سوى الملامح المبهمة التي يتشكل منها الموروث ، يجد الفقيه لذة كبرى في سدّ ثغرات الذاكرة.
لقد حرص نبي المسلمين على التناقل الشفهي للخطاب القرآني من جهة، ولأحاديثه من جهة ثانية ، فقد ثبت أنه أراد للقرآن أن يكون محفوظا فقط في صدور القرّاء ، وحذّر من تدوين أحاديثه والافتراء عليه لأن الرواية المكتوبة لا يمكن أن تسلم لمدة طويلة من عبث العابثين وتزوير المزوّرين ، فيما التناقل الشفهي وهو المأثور الذي يصبح موروثا يمكن أن يظل حصينا لمدة أطول ، سيما وأنه لا يخضع كما يخضع المدوّن لميول ونوازع الكاتب والمحرر . وبالفعل ، فقد بقي الإسلام موروثا شفاهيا للعشرات من السنين بعد وفاة رسول المسلمين ، إلى أن تم تدوين الحديث. وبعد مئتي سنة تقريبا أعقبت وفاته ، عليه السلام ، اكتشف البخاري 592795 حديثا مكذوبا كان قد أسند إلى نبي الإسلام من أصل ستمائة ألف حديث.
لقد كان على الفقه الإسلامي ، منذ العصر الأموي ، وربما قبله، أن يختار واحدا من طريقين ، فإما أن يموت فقهاء المسلمين أو أن يموت الإسلام نفسه ، ورغم أن بعض فقهاء المسلمين اختار طريق الجنة، إلا أن أغلبهم كان ومازال مضطرا للعودة إلى بيوتهم في آخر النهار. .... وهكذا ، فانه لا بد من مراجعة شاملة قبل مواصلة واستمرار الدعوة الإسلامية لأنه لم يتبق من الماضي سوى ملامح مشوهة.... لا ، ليست مشكله السلفيين أنهم مروعون بفقدان الذاكرة ، وإنما العلة أنهم يتذكرون أكثر مما ينبغي.
إن الشيطان الذي يرجمه مئات ألوف الحجاج المسلمين كل عام ، وهو نفسه الشيطان الذي يحذر منه القساوسة في معظم الكنائس اليوم، قد اكتسب مقاومة أكبر. إنه اليوم أكثر خداعا لأنه يكمن في طريقة الحساب، والتعداد والتقييم ، وذلك برغم كل الحجارة التي تنهال على رموزه ، وبرغم كل التعويذات التي كانت ألقت بالشيطان خارجا.
المشكلة أن الشيطان يكمن في آلاتهم الحاسبة الصغيرة التي يستخدمونها عند الحساب. إنه في رؤوسهم ، بل في طريقتهم في الحساب، في الاستهلاك، في الشراء، وفي العدّ، حتى عندما يعدون الله أحدا،) مع أنه اله واحد.(
ومن أجل رفع تحدي الشيطان يجب أن نقاتل على أرضية الحاضر. ولكن تحدي الشيطان هو تحدي النفس. أليس عملا شيطانيا أن ننزلق بشكل طفولي نحو الأصل؟! نحو ماض مخدّر؟ ننزلق كبهلوان على حبل مشدود إلى زمن سيء ، …… زمن يتجه صوب الأموات لا الأحياء ؟!....، صوب القبور في أعماق الأرض وليس نحو السماء ؟!
إن استضافة السلفويين المسلمين لجدودهم من وقت لآخر ، قد يمكن أن يثري حياتهم لبرهة. ولكن هؤلاء الجدود يستقرون بينهم بشكل نهائي ، ولهذا فهم يفترسون صباحهم وشمسهم وليلهم. صحيح أن مستقبل أجسادهم هو الموت ، ولكن كيف يمكن إنقاذ أرواحهم في الوقت المناسب ؟…
يقينا ، لن يكون هذا الإنقاذ ممكنا إلا إذا بدأنا بنبش الماضي ، لكشف كل الحيل المسرحية التي انطلت على آبائنا ، وبدون ذلك ستبقى الحياة غير مبررة. ومن هنا ضرورة إعادة النظر في كل شيء ، التدقيق في "المقدسات" دون مبالاة بكل هالات القدسية ، إلى أن يتم التأكد مما هو مقدس فعلا ، وتمييزه عن ما كان مقدسا باختيار الجدود الذين تم تنويمهم قبل أن يموتوا.
وبالطبع ، فإنه ليس كل من يقرأ الماضي مؤهل لنقده، مطلوب منا أن نناقشه ، وليس أن نتلوه كصلاة سحرية. ومن أجل قراءة نصوص قديمة يجب أن نتجذر في الحاضر ، وأن لا نسقط مشاكلنا على النصوص السلفوية.
نعم، إنني أدعو إلى توجيه أبصارنا نحو الماضي، لا لنعيشه، إنما بغية نقده، وردم الهوة السحيقة بينه وبين حاضرنا. وبدون ذلك سنبقى نواجه عصرا لم نولد فيه حتى الآن. وهذا ما دفعني لكتابة هذا المؤلف.

محمّد حسـّــان المنيّــــر

هوامش المقدمة
1- العدادان 13 تموز/ يوليو، و 3 آب /أغسطس 1997.
2- "الرد الكامل على الدكتور مصطفى محمود “مطبوعات دار الكرازة - كولورادو سبرنغ - عام 1997.
3- من كتاب للمؤلف سيصدر قريبا تحت عنوان " شهادات مسيحية في زمن إسرائيل". "..وقال يسوع"
4- إنجيل يوحنا.
5- من كتابه "السلام في الأسر" مطبوعات "دار الريس".

حمل هذا الكتاب

الصفحة الرئيسية

 مقدمـــــة

مدخــــل

ما هي هذه الحكمة الخفية

صورة الفكر اليهودي والمسيحي إبان ظهور الاسلام

وضع اليهود عامة إبان ظهور الإسلام

الإسرائيليات في الإسلام

الأسفار الحكمية والحديث

صورة الفكر النصراني قبيل وإبان ظهور الإسلام

مأساة الكنيسة

هل كان محمد نصرانيا

متاعب الكنيسة في الغرب

الحنيفية والكسائية

موقف نبي الاسلام من المسيحية

والقرطاس عليه الصليب

الصليب ليس وثنا

الآثار النصرانية في العبادات الإسلامية

الانجيل في الحديث والأمثال والحكم

الوثنية قبيل وإبان ظهور الإسلام

مواطن تأثر الإسلام بالوثنية

المرأة وتعدد الزوجات

تمييز العربي عن غيره

خاتمة الجزء الأول

الصفحة الرئيسية