سيرة المسيح في القرآن

الأسماء الحسنى للمسيح في القرآن

نسب المسيح المعجز في القرآن

الميلاد الإعجازي للمسيح في القرآن

حداثة المسيح في القرآن

رسالة المسيح في القرآن

موت المسيح وصلبه في القرآن

المجئ الثاني للمسيح في القرآن

دور المسيح في يوم الدين ، بحسب القرآن

الأسماء الحسنى للمسيح في القرآن

يرد اسم المسيح في القرآن مراراً وتكراراً ، على أشكال وهي

باسم " عيسى " وحدهفي ( 2 : 136 ؛ 3 : 52 و 55 و 59 و 84 ؛ 4 : 162 ؛ 5 : 49 و 81 ؛ 6 : 85 ؛ 33 : 7 ؛ 42 : 13 ؛ 43 : 63 ) أي اثنتي عشرة مرة

باسم " المسيح " وحده في ( 4 : 171 ؛ 5 : 75 ؛ 9 : 31 ) أي ثلاث مرات

باسم "ابن مريم" وحده في ( 23 : 51 ؛ 43 : 57 ) أي مرتين

باسم " عيسى ابن مريم " فقط في ( 2 : 87 و 253 ؛ 5 : 113 و 115 و 117 و 119 ؛ 19 : 34 ؛ 57 : 27 ؛ 61 : 6 و 14 ) أي عشر مرات

باسم " المسيح ابن مريم" فقط في ( 5 : 19 مرتين و 75 و 78 ؛ 9 : 32 9 أي خمس مرات

باسم " المسيح ، عيسى ، ابن مريم "- وهو الاسم الكامل - في ( 3 : 45 ؛ 4 : 156 و 170) أي ثلاث مرات

باسم " كلمة الله "يرد صفة ولقباً في قوله :" إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته" ( النساء : 170) ؛ وعلماً في قوله :" يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله " ( آل عمران: 39 ) ، وفي آيتين نختلف في قراءتهما :" وصدقت بكلمة ربها " أي مريم ( التحريم : 12 ) ؛ " يؤمن ( النبي الأمي ) بالله وكلمته " ( الأعراف : 157 ) ؛ وعلى الصفة والعلمية معاً في قوله :" إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم " ( آل عمران : 45 ) وفي قوله على الترادف :" ذلك عيسى ابن مريم ، قول الحق، ال1ي فيه يمترون" ( مريم : 34) 

وهكذا يرد خبر المسيح في ست عشرة سورة ، من بينها ثلاث من السور الكبار اتخذت اسمها من سيرته : مريم و آل عمران و المائدة . بينما إبراهيم لا تحمل اسمه إلا سورة واحدة ؛ ومحمد لا تحمل إلا سورة واحدة اسمه ، مع سورة أخرى على الترادف : طه . كما تحمل سورة اسم نوح ولقمان وهود ويونس. فالقرآن يميز المسيح بالأسماء والألقاب على سائر الأنبياء والرسل

من أين جاء القرآن بصيغة الاسم " عيسى"؟

نسب المسيح المعجز في القرآن

المسيح ، بذاته ، هو خاتمة الذرية المصطفاة على العالمين . ونجد أن القرآن يفتتح قصص المسيح بقوله :" إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ذرية بعضها من بعض " ( آل عمران : 33 ) . وقد فسر ذلك البيضاوي :" إن الله اصطفاهم بالرسالة والخصائص الروحانية والجسمانية ، ولذلك قووا على ما لم يقو عليه غيرهم ن لما أوجب طاعة الرسل ؛ وبين أنها الجالبة لمحبة الله . وعقب ذلك ببيان مناقبهم تحريضاً عليها . وبه يستدل على فضلهم على الملائكة ... وآل عمران موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر بن قاهث ن بن لاوي ، بن يعقوب ، وعيسى ، وأمه مريم بنت عمران ، بن ماثان ، بن اسعاذا ، بن ابيود ، بن يورن ، بن زربايل ، بن سالثان ، بن يوحنا ، بن اوشا ، بن أموزن ، بن مشكي ، بن حارفار ، بن آحاد ، بن يوتام ، بن عزريا ، بن يورام ، بن ساقط ، بن ايشا ، بن راحبعيم ، بن سليمان ، بن داود ، بن ايشا ، بن عريد ، بن سلمون ، بن ياعر ، بن يخشون ، بن عميار ، بن رام ، بن خضروم ، بن فارض ، بن يهوذا ، بن يعقوب عليه السلام . وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة"

فالمسيح عيسى ابن مريم هو ثمرة وختام الذرية المصطفاة على العالمين أولاً بأمه:" إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين " ( آل عمران : 42 ) ؛ ثم بذاته لأنه ختامها ، ومسك الختام " ولقد آتينا موسى الكتاب ، وقفينا من بعده بالرسل ، وآتينا عيسى البينات وأيدناه بروح القدس" ( البقرة : 87)، " يكلم الناس في المهد ، وكهلاً ، ومن الصالحين " ( آل عمران : 46). فكأن الله ، في نظر القرآن ، ما فضل بني إسرائيل على العالمين :" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتى التي أنعمت عليكم ، وأني فضلتكم على العالمين " ( البقرة : 47 و 122 ) قابل ( الأعراف : 139 ، الإسراء : 70 ، الجاثية : 15 ) إلا بسبب المسيح ، ولأجله ، لأنهم بعد المسيح صاروا " شر البرية " ( البينة : 6 ) . فقبل المسيح فضل الله بني إسرائيل على العالمين ؛ وفي بني إسرائيل فضل آل عمران ، ومريم بنت عمران ، على المفضلين في العالمين . فالمسيح في نسبه ، ذروة الفضل في العالمين ، بنص القرآن القاطع . فهو آية الله في خلقه ، بنسبة المعجز

الميلاد الإعجازي للمسيح في القرآن

وهنا نورد النصوص القرآنية فيه ، ونكتفي بذكر اسم السورة وبداية الآيات ورقم انتهائها

سورة مريم : 15 - 32

سورة آل عمران : 45 - 48 

سورة الأنبياء : 91

سورة التحريم : 12

تلك هي النصوص القرآنية في البشرى بعيسى ومولده . ويترتب عليها مسائل ومشاكل ، نقتصر منها على ما تيسر

المسألة الأولى كان الحبل بالمسيح معجزة ، أي بغير أبٍ . وإجماع النصوص ، وبإجماع المفسرين المسلمين يدفع تخرصات البعض الذين زعموا أن جبريل قام مقام الأب في مولد المسيح ، إستناداً إلى بعض المفسرين المسلمين . وقد استند هذا البعض إلى قوله :" لأهب لك " ( مريم : 18) ، وفاتهم قراءة " ليهب لك " ، والقرائن القريبة والبعيدة ، إذ أن الملاك نفسه يفسر قوله :" قال : كذلك ! قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس" ( مريم : 20 ) . فسره الجلالان :" قال : كذلك أي الأمر ، كذلك من خلق غلام منك من غير أبٍ" . وما حمل هؤلاء البعض على الشطط هو قول القرآن :" فنفخنا فيها من روحنا " ( الأنبياء : 91 ) ، " فنفخنا فيه من روحنا " ( التحريم : 12 ) ، كما فسره الجلالان " فنفخ جبريل في جيب درعها فأحست بالحمل في بطنها مصوراً" ( مريم : 20 ) ؛ والبيضاوي :" فحملته بأن نفخ في درعها فدخلت النفخة في جوفها"

وفات هؤلاء وأولئك صريح آية آل عمران :" قالت : أنى يكون لي ولد ، ولم يمسسن بشر؟ قال ( هو ) كذلك : الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمراً فإنما يقول له : كن ! فيكون " ( آل عمران : 47) . فالمسيح كون في مريم بأمر خلاق من دون واسطة على الإطلاق ، حتى نفخه جبريل في درع مريم ! ويؤيد قوله في آية النساء " وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" ( النساء : 170) 

وهكذا تنسجم كل القرائن القرآنية ، وتتضح عقيدة القرآن في الحبل المعجز بالمسيح ن بدون واسطة مخلوق على الإطلاق . ومعجزة تكوين المسيح تشبه معجزة تكوين آدم :" ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ، ثم قال له : كن ! فيكون" ( آل عمران : 59) . إذ أنه في الحالين بلا واسطة 

المسألة الثانية" مدة الحمل"ظاهر القرآن يجعل الحمل والولادة متلاحقين كأنه لا زمن بينهما :" فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً، فأجاءها المخاض " ( مريم : 21 - 22 ) . فقا المفسرين :" والحمل والتصوير والولادة في ساعة!" ( الجلالان) ؛ " وكانت مدة جملها سبعة أشهر ، وقيل سنة ، وقيل ثمانية ، ولم يعش مولود وُضع لثمانية غيره ، وقيل ساعة" ( البيضاوي) . وقال غيرهم : ثلاث ساعات

ولا حاجة لكل هذه التخرصات ؛ فأسلوب الإيجاز في القرآن يختصر القصص ، فتذوب فيه الأوقات والمسافات . فالأصح أن نقول : إن القرآن لا يذكر مدة الحمل . وبحسب ظاهره ، فمدة الحمل القصير معجزة أخرى

المسألة الثالثة : ولادة المسيح هل كانت طبيعية أم معجزة مثل الحمل ؟ ، والمفسرين المسلمون الذين يجعلون من ابن عباس "ترجمان القرآن" " الحمل والتصوير والولادة في ساعة " يجعلون الولادة معجزة مثل الحمل. فنجد البيضاوي يقول :" كما حملته نبذته " ( مريم ) أي بمعجزة ، فظلت مريم بتولاً في الحمل 

كما يظن بعضهم أن الولادة كانت طبيعية لقوله :" فأجاءها المخاض " ( مريم : 22 ) . يفسره الجلالان :" وجع الولادة" ، وتفسير البيضاوي أصح :" المخاض مصدر مخضت المرأة ، إذا تحرك الولد في بطنها للخروج " فليس في أصل اللغة معنى وجع الولادة في المخاض ، لكنه العرف والعادة ، ونحن في مولد المسيح مع عالم المعجزة :" كما حملته نبذته" . والقرائن تدل على أن مريم لم تقاس وجع الولادة ؛ فهي حال الولادة " تهز بجذع النخلة " ( مريم : 24 ) ؛ وتأكل وتشرب وتقر عينا ( مريم : 25 ) ؛ وللحال أتت به قومها تحمله ( مريم : 26 ). فكلها إشارات إلى حال لا تدل على وجع الولادة

وفي الحديث عن عدم صراخ المسيح الوليد عند ولادته :" ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد ، فيستهل ( صارخاً ) من مسه ، إلا مريم وابنها" دليل على أن المسيح في مولده لم يقاس مع أمه ألم المخاض ، ولا وجع الولادة

المسألة الرابعة : نطق المسيح منذ مولدهفي سورة مريم :" قالوا : كيف نكلم من كان في المهد صبياً؟ قال : اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً" ( مريم : 28 - 29 ) ، وفي آل عمران :" يكلم الناس في المهد وكهلاً " ( آل عمران : 46 ) . وقد فسره البيضاوي :" إني عبد الله ، أنطقه الله به ... وقيل أكمل الله عقله واستنبأه طفلاً" ( مريم : 29 ) . نطق المسيح في المهد بنص القرآن القاطع ، وولادته نبياً صريحة أيضاً ، بنص القرآن القاطع ( آل عمران : 46 ) . وفي هذا يقول البيضاوي :" يكلمهم حال كونه طفلاً ، وكهلاً ، كلام الأنبياء ، من غير تفاوت " ( آل عمران : 46 ) . فنبؤة المسيح في المهد ، مثل نبؤته في كهولته ورسالته . معجزتان انفرد بهما على الرسل

المسألة الرابعة : " مثل عيسى كمثل آدم " ، كان مسيحيو نجران يجعلون من مولد المسيح المعجز دليلاً على لاهوته وبنوته لله ، فأجابهم القرآن :" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ، ثم قال له : كن! فيكون" ( آل عمران : 59 )وهنا نجد مقارنة القرآن ، في الرد عليهم ، الغريب بالأغرب : المسيح ولد بدون أب ، وآدم كان بدون أب ولا أم ! فكما أن مولد آدم لا يجعله إلهاً ، كذلك مولد المسيح لا يجعله ابن الله . هذا منطق القرآن ومنطوقه

فالقرآن لا ينكر فضل المسيح على المرسلين ، بمولده المعجز الذي انفرد به على العالمين ، إنما ينكر لاهوت المسيح . لذلك نستغرب قول الذين لا يرون للمسيح فضلاً على المرسلين أجمعين بمولده المعجز ، ونستغرب استشهادهم بهذه الآية . فإن خلق آدم بدون أب ولا أم ليس معجزة ، إذ المعجزة خرق للعادة ، فخلق آدم بدء لناموس الطبيعة البشرية ، ولا خرق فيه لهذا الناموس ؛ أما مولد المسيح من أم بلا أب ، فهو خرق للعادة وهو المعجزة عينها . وبما أن الله قد خص المسيح بمعجزة مولده من دون المرسلين أجمعين ، فقد فضله عليهم أجمعين . لا ينكر القرآن ذلك ، بل يستنكر البرهنة به على بنوته ولاهوته

فختم قصص مولد المسيح المعجز باستجماع المعجزات التي تمت فيه

تمثل جبريل ، رئيس الملائكة ، لمريم بشراً سوياً وكلمها شفاهاً عياناً ( مريم : 16 ) 1
بشرها " بغلام زكي " أي " طاهر من الذنوب " ( البيضاوي) منذ الحبل ( مريم : 16 ) 2
يتم الحمل بالمسيح بمعجزة إلهية ، بدون واسطة مخلوق 3
مدة الحمل بالمسيح معجزة ، بإجماع المفسرين المسلمين 4
كيفية الولادة معجزة أيضاً " كما حملته نبذته" ( البيضاوي) 5
" فناداها من تحتها ألا تحزني " (مريم : 13 ) - من المنادي ؟ " جبريل كان يقبل الولد" ( البيضاوي ) . فالمسيح وحده في العالمين ، قام جبريل مقام القابلة في مولده . أو كان المولد الوحيد الذي حضره جبريل 6
معجزة النخلة :" وهزي إليك بجذع النخلة تُساقط عليك رطباً جنياً"( مريم : 25). " روي أنها كانت نخلة يابسة ، لا رأس لها ولا ثمر ، وكان الوقت شتاء ، فهزتها ، فجعل الله تعالى لها رأساً وخوصاً ورطباً"( البيضاوي) 7
معجزة النهر السري :" قد جعل ربك تحتك سرياً". قال الجلالان:"ناداها جبريل وكان أسفل منها : ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ، أي نهر ماء كان قد انفقطع". وقال ازمخشري:" لم تقع التسلية بهما من حيث أنهما طعام وشراب ، ولكن من حيث أنهما معجزتان تريان الناس أنهما من أهل العصمة" 8
نطق المسيح منذ مولده ن ولم يحصل ذلك لأحد من العالمين 9
نبؤة المسيح منذ مولده 0 مريم : 30 ؛ آل عمران : 46 ) . وحده ولد نبياً 10
هذه النبؤة تقتضي كمال العقل في المهد :" أكمل الله عقله واستبأه طفلاً"( البيضاوي) 11
ينال كمال الوحي والتنزيل منذ مولده:" ويعلمه الكتاب والحكمة ، والتوراة والإنجيل"( آل عمران : 48) . و " يكلم الناس في المهد وكهلاً" على حدٍ سواء 12
معجزة التكليف بالفرائض الدينية وهو طفل " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً" ( مريم : 30) يقولها المسيح في المهد 13
معجزة القداسة والعصمة منذ مولده :" وجعلني مباركاً أينما كنت "( مريم : 30 ) فهو وحده " المبارك" في كل زمان ومكان 14
معجزة نبؤته بموته وبعثه ، حين مولده :" والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"( مريم : 32). 15

فهل جري شئ من ذلك لأحد من العالمين ، وأكابر المرسلين مثل إبراهيم وموسى ومحمد؟ حقاً لقد انفرد المسيح بمولده ، وبمعجزات مولده على العالمين وعلى المرسلين أجمعين .. فالمسيح وحده آية الله الكبرى في مولده

حداثة المسيح في القرآن

رواها القرآن في آية :" وجعلنا ابن مريم وأمه آية! وآويناهما إلى ربوة ذات قرار معين ؛ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ، إني بما تعملون عليم" ( المؤمنون : 51 - 52 ). فسرها البيضاوي :" ربوة: أرض بيت المقدس ، فإنها مرتفعة أو دمشق أو رملة فلسطين أو مصر ، فإن قراها على الربى" . ولماذا لا نقول مع الإنجيل : تلك الربوة الغناء هي الناصرة؟ ، فهي " ذات قرار ومعين " . القرار يعني أنها ذات ثمار وزروع ، فإن ساكنيها يستقرون فيها لأجلها . ومعين : ظاهر جار ... وصف ماؤها بذلك لأنه الجامع لأسباب التنزه وطيب المكان"

" يا أيها الرسل : خطاب لجميع الأنبياء ... أو حكاية لعيسى وأمه عند ايوائهما للربوة ، ليقتديا بالرسل في تناول ما رزقا . وقيل : النداء له ، ولفظ الجمع للتعظيم" . " كلوا من الطيبات : إن إباحة الطيبات للأنبياء شرع قديم ! ... والطيبات ما يُستلذ من المباحات . وقيل : الحلال الصافي القوام ، فالحلال ما لا يُعصي الله فيه ، والصافي ما لا يُنسي الله فيه ، والقوام ما يُمساك النفس بحفظ العقل". إذاً ، فهي حداثة معجزة في السكينة والطمائنينة ، وفي طيبات الحياة . وفيها صدى لخياة المسيح في الناصرة ، ولقول الإنجيل :"وجاء ابن الإنسان يأكل ويشرب" ( لوقا 7 : 34 ) . فالمسيح آية أيضاً في حداثته على " ربوة ذات قرار ومعين " .

رسالة المسيح في القرآن

المسيح وحده من دون المرسلين أجمعين ولد نبياً ، نطق في المهد وقال :" إني عبد الله ، آتاني الكتاب وجعلني نبياً " ( مريم : 29 ) . تنبأ في المهد ، وكهلاً ( آل عمران : 46 ) ، وهذه ميزة أخرى انفرد بها على المرسلين . وقد استجمع الله فيه الوحي كله :" ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل " ( آل عمران : 48 )، وهذه أيضاً ميزة انفرد بها على الرسل أجمعين

وكانت رسالته بالكلمة والقدوة والمعجزة ؛ فرسالته صورة لسيرته ؛ وسيرته مثال لرسالته ؛ وهو في كليهما معجزة :" ورسولاً إلى بني إسرائيل : إني جئتكم بآية من ربكم " ( آل عمران : 49 ) . وفي هذا الإجماع ميزة خاصة به على المرسلين. كما ميزه الله ، وفضله على العالمين والمرسلين أجمعين بتأييد روح القدس له في سيرته ورسالته :" وأيدناه بروح القدس " ( البقرة : 87 و 53 ؛ المائدة : 113 ) فكانت رسالة المسيح معجزة الرسالات . فالمسيح آية الله في رسله

للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع : رسالة المسيح في القرآن

موت المسيح وصلبه في القرآن

كما دخل المسيح بمعجزة لا مثيل لها في تاريخ المرسلين ، خرج من العالم بمعجزة لا مثيل لها في تاريخ الرسل والعالمين : إنه رُفع حياً إلى السماء

ونصوص القرآن في آخرة المسيح ، كلها صريحة في هذا المعنى ؛ إنما الخلاف قائم بينهما في تعارض آ ( النساء : 156 ) مع آيات ( مريم : 33 ؛ آل عمران : 55 ؛ المائدة : 120) . فالمسيح منذ مولده يتنبأ عن آخرته :" والسلام على يوم ولدت ! ويوم أموت ! ويوم أُبعث حيا!" ( مريم : 33 ) . فالمسيح وحده دون المرسلين أجمعين عرف مصيره منذ مولده . وهو وحده ، دون العالمين والمرسلين ، حي خالد في السماء عند الله ، بينما هم أجمعون ينتظرون يوم يبعثون! .. فآخرة المسيح أيضاً معجزة ، بل معجزة المعجزات . فالمسيح برفعه حياً إلى السماء آية الله في المرسلين والعالمين

للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع : موت المسيح وصلبه في القرآن

المجئ الثاني للمسيح في القرآن

وهذه أيضاً ميزة أخرى ينفرد بها المسيح على العالمين والمرسلين أجمعين :" وإنه لعلم للساعة " ( الزخرف " 61 ) ؛ أي " شرط من أشراطها ... أو علامة لها " ( الزمخشري ) . سيرجع المسيح إلى الدنيا ، ورجوعه علامة على قيام الساعة . فعلم الساعة من خصائص الله :" تبارك الله الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما ، وعنده علم الساعة ، وإليه تُرجعون " ( الزخرف : 85 ) ؛ والمسيح عنده علم الساعة وهو علم لها

رجوع المسيح قبل يوم الدين عقيدة قرآنية ، توسع في الحديث النبوي . وهذا الدور الفريد للمسيح في العالمين يجعله آية المرسلين آجمعين ، وخاتمهم

دور المسيح في يوم الدين ، بحسب القرآن

لا يعترف القرآن بالشفاعة في يوم الدين إلا لمن ارتضى من الملائكة ، وللمسيح وحده دون العالمين والمرسلين أجمعين 

الشفاعة في يوم الدين لله وحده : " لله الشفاعة جميعاً " ( الزمر : 44 ) ، " يومئذ لا تنفع الشفاعة " ( طه : 109 ) ؛ " ولا تنفع الشفاعة عندع " ( سبأ : 23 ). ففي يوم الدين : " لا يقبل منها شفاعة " ( البقرة : 48 ) ؛ " ولا تنفعها شفاعة " ( البقرة : 123 ) ، " يوم لا بيع ولا خلة ولا شفاعة " ( البقرة : 254 ) . فيوم الدين " لا تملك نفس لنفس شيئاً ، والأمر يومئذ لله " ( الانفطار : 7 )

وبحسب القرآن لا يسمح الله بشفاعة إلا للملائكة المقربين ، ضمن حدود وقيود:" وكم من ملاك في السماوات لا تغني شفاعاتهم شيئاً ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى " ( النجم : 26 ) ، " يوم يقوم الروح والملائكة صفا ، لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " ( النبأ : 37 ) ، " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ، وهم من خشية مشفقون" ( الأنبياء : 26 )؛ " الذين يحملون العرش ، ومن حوله ، يسبحون بحمد ربهم ، ويؤمنون به ، ويستغفرون للذين آمنوا : وسعت كل شئ رحمةً وعلماً ، فاغفر للذين تابوا وقهم عذاب الجحيم" ( غافر : 7 ). فالذين يجملون العرش ، ومن حوله من الملائكة ، لهم وحدهم السماح بالشفاعة لمن يرضى: وهم الملائكة المقربون . فوحدهم لهم شفاعة مشروطة

ويستند أهل السنة والجماعة إلى ثلاث آيات ليثبتوا الشفاعة لمحمد في يوم الدينوهي

( الإسراء : 79) ، والآية تعني القمام المحمود في الدنيا بنصرة الله له . وهبها تعني المقام المحود في الآخرة ، فلا شئ يوحي فيها بالشفاعة 1
( الضحى : 1 - 5). القرائن كلها تدل على أن الآخرة المذكورة هي الآخرة في سيرة محمد ودعوته ، لا الآخرة في يوم الدين . وهب أنها تعني الآخرة في يوم الدين ن فعطاء الله للنبي فيرضى لا يقتضي حكماً بالشفاعة لأن صريح القرآن ينفيها عن الحلق ، إلا الملائكة المقربي 2
( التحريم : 8) فالنبي ومن معه يستغفرون لأنفسهم في يوم الدين حتى يُتم الله لهم نوره فيعبرون الصراط المستقيم إلى الجنة ؛ فكيف يشفعون بالآخرين؟ 3

ولجؤ القوم إلى هذه الآيات المتشابهات لإثبات الشفاعة لمحمد في يوم الدين ، دليل على أن محكم القرآن وصريحه لا يقول بشفاعة لمحمد في يوم الدين :" أفمن حق عليه كلمة العذاب ، افأنت تنقذ من في النار ؟" ( الزمر : 19 ).. وبعد القرآن ، لا عبرة بما جاء في الحديث

فهل يقول القرآن بالشفاعة للمسيح؟

في البشارة بالمسيح تقول الملائكة :" يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه ، اسمه المسيح ، عيسى ، ابن مريم : وجيهاً في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين " ( آل عمران : 45 ). أي " ذا جاه عند الله في الدنيا بالنبوة ، وفي الآخرة بالشفاعة والدرجات العلا ! " هكذا فسره جميع المفسرين من الزمخشري إلى البيضاوي إلى الرازي إلى الحلالين . ولنا في الآية قرينة على صحة التفسير ، من جعل المسيح " من المقربين" أي الملائكة الذين يحفون بعرش الله ، " ويستغفرون لمن في الأرض" .

وفي محاكمة الرسل يوم الدين يسوجب الله عيسى في عبادة الناس وتأليهه ، فينكر بأدب جم نسبتها له ، ويقول :" إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ( المائدة : 113 - 121). هذا مثال حي من القرآن على شفاعة المسيح في يوم الدين . ولا نرى في القرآن أحداً من الملائكة ولا من الرسل يقف هذا الموقف الاستغفاري الاستشفاعي إلا المسيح وحده. فالمسيح الشفيع في يوم الدين آية للعالمين والمرسلين

تلك هي سيرة السيد المسيح في القرآن ، لا تدانيها سيرة من سير الأنبياء ولا سيرة نبي القرآن. فقد استجمع الله في سيرة مسيحه . سيرة الأنبياء ، تقوم على دعوتهم ولا تتخطاها إلى ما قبلها وما بعدها في الزمن إلى يوم الدين . افلمسيح وحده ، في نظر القرآن ، كانت سيرته معجزة في مولده من الذرية المصطفاة على العالمين ، وفي رفعه حياً إلى السماء ، وفي رجوعه لليوم الآخر علماً للساعة ، وفي دورة في الدين . وحده يتخطى دوره ورسالته في زمانها . وحده استجمع الله في سيرته عظيم معجزاته ، حتى كانت سيرته " آية للعالمين " من دون المرسلين أجمعين


أول الصفحة

أرغب في توجيه سؤال لكم

صفحات أخرى ذات صلة بالموضوع

هل حقاً أتى الله تعالى في جسم بشر؟

ماذا عن يسوع؟

هل من تثليث في القرآن؟

هل علم الكتاب المقدس عن التثليث؟

 الرجوع إلى قائمة " ركن الأسئلة المشهورة"