تأليف: الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق
(1)
اليهود أعداء دائمون لهذه
الأمة منذ بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم رسالته والى أن يخرج الدجال:
{وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم
ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن
كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى
يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا
يحب المفسدين..} [المائدة: 64].
ومن ظن أن الحرب والعداوة توضع
(تزول)
بين المسلمين واليهود فهو مكذب بوعد الله، ودينه، ومن عمل لإزالة هذه
العداوة والبغضاء بين المسلمين واليهود فهو كافر بالله سبحانه وتعالى،
فإن أصل الإيمان الحب في الله والبغض في الله، ولا يجوز
لمسلم أن يجمع في قلبه بين حب الله والمؤمنين وموالاة أعدائه {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ
قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله
كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده}
[الممتحنة: 4].
فلا مودة بين المسلم والكافر إلا أن يصبحا كافرين أو مسلمين.. فإما
أن يدخل الكافر في الإسلام فيكون
أخا لنا نحبه ونواليه، وإما أن يخرج المسلم من الإسلام فيكون محبا وأخا للكافر
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى
أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم
الظالمين} [المائدة: 51].
(2) الأصل في العلاقة بين المسلمين والكفار هي العداوة والحرب
الأصل في العلاقة بين المسلمين والكفار هي العداوة والحرب وذلك لقوله
تعالى : {وقاتلهم حتى لا
تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [الأنفال: 39]، وقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون
ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية
عن يد وهم صاغرون} [التوبة: 29]، والآيات
والأحاديث في هذا كثيرة جدا وكلها تأمر أن يباشر المؤمنون القتال حتى يكون خضوع
الجميع لدين الله وشرعه إما طوعا
وإما ذلا وقهرا.
(3) متى يدعوا المسلمين إلي
السلم
ولم يسمح الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام أن تدعوا إلى السلم مع
الكفار إلا في إحدى حالتين:
(أ) أن يذل الكفار ويضعفوا وتخور قواهم ويجنحوا إلى السلم
فعند ذلك يكون السلم في صالح المسلمين لأن عقيدتهم أقوى، وفعلهم
أكبر، وبذلك يفتح المجال لدخول الناس
في الدين كما كان الشأن بين الرسول صلى
الله عليه وسلم وقريش، فإن النبي صلى الله عليه
وسلم بدأ حربهم في بدر ثم أحد ثم الخندق ثم الحديبية، وقد بايع أصحابه على الموت
في الحديبية لما أخبر بأن قريش قد قتلت سفيره عثمان بن عفان رضي الله عنه ولم يجنح
الرسول إلى السلم مع قريش إلا بعد أن جنحوا لهم، وأرسلوا عروة بن مسعود الثقفي،
وهذا لقوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله} [الأنفال: 61]. وكان هذا الصلح والسلام في صالح المؤمنين تماما فقد دخل أكابر الناس في
الإسلام في مدة الصلح.
(ب) أن يكون الصلح من باب ارتكاب أخف الضررين
فيلجأ المسلمون إليه
دفعا لمصيبة أعظم ((معنى الكلام أن صلح المسلم
لغير المسلم مصيبة)) كما هم الرسول
صلى الله عليه وسلم أن يصالح غطفان على نصف ثمار المدينة حتى يفك تحالفهم مع قريش،
وينفرد النبي بقتال قريش بعد ذلك..
أما في غير هاتين الحالتين فإنه لا يجوز للمسلمين الدعوة إلى السلام
كأن يكون ركونا للدنيا وكراهة للجهاد أو خوفا من كثرة الكفار، وذلك أن أهل الإيمان
ينصرون مع قلتهم على الكفار على كثرتهم، وهذه سنة الله الجارية أبدا في عباده {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}
[البقرة: 249]، {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا
نصيرا* سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا}
[الفتح: 22 - 23].
(ج) وأما الدعوة إلى السلم بمعنى ترك الحرب نهائيا، ومصالحة الكفار
أبدا ونبذ الحرب والقتال مطلقا، فهذا كفر
وأما الدعوة إلى السلم بمعنى ترك الحرب نهائيا، ومصالحة الكفار أبدا
ونبذ الحرب والقتال مطلقا، فهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة الإسلام، وإلغاء
لفريضة الجهاد التي جعلها الله فرضا على كل مسلم إلى يوم القيامة كما قال تعالى:
{كتب عليكم القتال وهو كره لكم} [البقرة: 216]، وكتب بمعنى فرض، وقول النبي صلى
الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية)
[رواه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي]. فالجهاد ماض بعد
فتح مكة إلى يوم القيامة، وهو إما خروج بالنفس وهذا الفرض العيني، وإما نية دائمة
لكل مسلم يجب أن يصحبها دائما، ويموت عليها، فيكون
مستعدا لمزاولة القتال في كل حال، قائما به في حالة
الوجوب العيني، وإلا أثم إذا ترك الفرض العيني.
للحيثيات والمبررات الآتية:
بعد
المقدمات الضرورية السابقة نقول بأن
الاتفاقيات الثلاث التي عقدت بين اليهود وبعض الساسة العرب هي اتفاقيات ومعاهدات
باطلة شرعا لايجوز للمسلم اعتقاد صحتها،
ولا تنفيذ شيء منها إلا مكرها مجبرا.............
الأدلة
على هذا الحكم ما يلي:
ج
(1) في هذه المعاهدات.. وضع الحرب إلى الأبد بين المسلمين واليهود
وهذا شرط باطل:
لا
يجوز للمسلم أن يشارط الكفار يهودا كانوا أو غيرهم على وضع
الحرب إلى الأبد بين المسلمين وبينهم، فإن القتال فريضة قائمة إلى يوم القيامة، ولا يجوز إلغاءه من
التشريع، ومن اعتقد عدم وجود الجهاد، أو سعى إلى إلغاءه أو إبطاله فهو كافر بالله
سبحانه وتعالى كفرا مخرجا من ملة الإسلام، ومكذبا بمعلوم من الدين ضرورة. فالقتال
فريضة ماضية إلى يوم القيامة وقد قامت أدلة القرآن والسنة وإجماع الأمة على ذلك في
كل عصورها، ولكن يجوز وضع
الحرب فقط دون تحديد سنوات. أما النص على أن الحرب انتهت بين المسلمين والكفار، وأن هذا عهد للسلام
الدائم والشامل فهو إبطال لفريضة الجهاد وإقرار للكافر على كفره، ولا يجوز هذا
لمسلم أبدا، إلا أن يكفر بالله ورسالاته.
(2) المعاهدات نصت على إزالة أسباب العداوة والبغضاء وإزالة كل نصوص
التشريع التي تبقي هذه العداوة..
وهذا الشرط باطل لأنه يخالف أصل الإيمان الذي يقوم على التفريق بين المسلم
والكافر وأن الكافر عدو لله أبدا حتى يسلم ويتخلى عن كفره، وقد
حرم الله على المؤمنين موالاة الكفار ومودتهم حتى لو كانوا آباء أو أبناء أو أخوة
أو عشيرة أو أزواجكما قال تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله و باليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو
إخوانهم أو عشيرتهم}
[المجادلة: 22].
وهذه
المعاهدات نصت على وجوب إزالة العداوة وأسبابها مطلقا، بل حرمت الاستشهاد بآيات القرآن وأحاديث السنة التي تؤصل هذه العداوة،
وأمرت يحذف أحداث التاريخ التي تذكر تاريخ العداوة بين اليهود والمسلمين، وذلك لسلخ المسلمين عن دينهم وتاريخهم وتراثهم.
(3) هذه المعاهدات أقرت اليهود على ما أخذوه من أرض الإسلام عنوة
وغدرا، وهذا لا يجوز:
هذه
المعاهدات أقرت اليهود على ما اقتطعوه من أرض الإسلام في فلسطين وهي أرض فتحها
المسلمون ودخل أهلها في الإسلام. وأصبحت بذلك من أرض الإسلام التي لا يجوز
للمسلمين التخلي عنها. بل يجب على القتال لاستردادها من اليهود، ولا شك أن إقرار
اليهود عليها وإعطائهم عهدا وصكا بملكيتها، وأنهم قد أصبحوا أصحابها وملاكها
والمتصرفين عليها، وهذا خيانة لله ورسوله ولهذه الأمة، وتفريط فيما ملك الله المسلمين
إياه، وما بوأهم من ملك الأرض، وأكبر من ذلك التفريط في المسجد الأقصى الذي رده
الله إلى أمة الإسلام أعلانا بانتقال إمامة الدين، وقيادة الناس إلى أمة الإسلام.
وإقرار
اليهود على ملك أرض فلسطين باطل، لأن الكافر لا يجوز إقراره على ملكه الذي نشأ فيه إلا إقرارا مؤقتا، فكيف
يعطى ما كان بأيدي المسلمين ملكا مؤبدا؟! إن هذا قرين الكفر والخروج من دين الله، ومثل هذا لا يجوز لمسلم
اعتقاده قط، بل يجب الاعتقاد أن اليهود مغتصبون ما ليس لهم، وأن ما تحت أيديهم من
أرض فلسطين ليس ملكا لهم. بل أخذوه بطريق الغصب، والغفلة من المسلمين،
ويجب رفع أيديهم القذرة عن هذه الأرض إلى الأيدي الطاهرة: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون* إن في
هذا لبلاغا لقوم عابدين} [الأنبياء: 105 - 106].
(1) العهد الباطل لا يجوز
ومعلوم أنه لا يجوز للمسلم أن يعقد عقدا باطلا، ولو كان فيه بعض
المنافع الدنيوية، فعقد الربا فيه نفع دنيوي لكل من المقرض والمقترض، ولكن منافعه
ملقاة لأن الله حرمه، وكذلك عقد الزنا هو منفعة متبادلة بين الزاني والزانية،
فالزاني يستمتع ويقضي شهوته، وهي تستمتع وتأخذ أجرتها، وكذلك في عقود الميسر، وبيع
الخمر حيث فيها ولاشك بعض المنافع الدنيوية ولكن لما كان الله قد حرمها فإن
منافعها الدنيوية تلغى ولا ينظر إليها. وهذه المعاهدات التي أبرمت مع اليهود إذا احتج محتج بمنافعها الدنيوية،
قلتا أن العقد المحرم يقع باطلا وإن كان فيه بعض المنافع الدنيوية، وجدال من يجادل
في منافع الصلح مع اليهود كجدال من يجادل في منافع الزنا والربا والقمار وبيع
الخمر ... الخ. والعقود المبرمة مع اليهود أشد بطلانا من هذه العقود المحرمة، لأنها
عقد على إسقاط الجهاد، وإسقاط العداوة للكفار، وإخراج المسلم من الإسلام، وسلخه عن
أمته ودينه بل وتاريخه وحضارته. ولاشك أن هذا أكبر إثما من التعاقد على الربا
والزنا والقمار وبيع الخمر.
(2) هذه المعاهدات ستفسد دنيا المسلمين وليس دينهم فقط:
قد
يجادل في صحة هذه المعاهدات وجواز الأخذ بها من يظنون
أنها ستحقق خيرا للمسلمين في الدنيا، وأنها يمكن أن تجعل عند المسلمين فسحة من الوقت ليستعدوا لعدوهم،
وقد يقول من يقول ممن باع آخرته بدنياه بأن ثمرات السلام كبيرة جدا، وأن هذا
السلام المزعوم سيأتي بالخير والرخاء على شعوب المنطقة كما يقولون. والصحيح أن الفساد الدنيوي والمادي، والآثار الضارة لهذه المعاهدات
كثيرة جدا، يربو أضعافا مضاعفة على ما يلوح ويظن من المنافع.
ومعلوم شرعا أنه لا يجوز للمسلمين
أن يعقدوا صلحا مع عدوهم تربو فيه سيئاته على حسناته، وهذا في الشروط الجائزة، لأن مثل هذا يكون تفريطا في حق
المسلمين، وضياعا لأموالهم، ودنياهم، ومصلحتهم.
وهذا أحد مبطلات العقد مع الكفار كما نص الأئمة على ذلك من حيث أنه
لا يجوز إبرام عقد ليس في صالح المسلمين، فكل عقد تزيد خسائر المسلمين فيه على منافعه لا يجوز لهم أن يعقدوه
لأنه يكون تفريطا في حق الأمة، وإعطاء للأعداء بغير سبب للإعطاء، وتقويتهم على
المسلمين.
(3) أنها تطلق يد اليهود في أموال المسلمين،
وتفتح أسواق المسلمين لهم، وترفع الحصار الاقتصادي عنهم
(4) دخول اليهود ليكونوا عضوا في جسم
الدولة العربية والأمة الإسلامية بعد أن نزعوا عنها مسمى الإسلام والعروبة؛
(5) إن حقيقة المنافع التي لوح بها اليهود للمسلمين من وراء هذه المعاهدات إما أنها مضار
خالصة، أو شيء تافه لا يقوم بما أخذوه وحصلوا عليه؛
فالتخلي عن حرب اليهود وعداوتهم هو مضرة خالصة لأنه ترك للدين، وإبطال
للشرائع وهذا ضرر محض على المسلم،
(1) الواجب الأول هو اعتقاد بطلانها؛
وأنها
لما تضمنته من الشروط الباطلة وقعت باطلة، وولدت يوم ولدت ميتة، لأن المسلم لا يجوز أن يشارط الكفار على
ترك الجهاد وإسقاط فرضه، ولا على ترك عداوة اليهود، وإيجاب محبتهم ومودتهم، فإن
هذا مخرج من الملة، وتضمنت كذلك وجوب حجب آيات القرآن، وأحاديث الرسول صلى الله
عليه وسلم التي تعلن هذه العداوة لليهود وهذا تواطؤ مع الكفار على كتمان الدين
والعلم وتعطيل آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تبين
حقيقة العلاقة الواجبة مع اليهود، وهذا في حقيقته إخراج للمسلمين من الإسلام، وسلخ
للأمة عن عقيدتها وتاريخها. ولما
كانت هذه المعاهدات قد تضمنت هذه البنود، ونصت نصا صريحا عليها فإنها بذلك تعد
باطلة ولا يجوز للمسلم الاعتقاد بها.
(2) الواجب الثاني أن يعتقد المسلم أن هذه المعاهدات لا تلزمه
ولا يجوز له تنفيذ شئ من محتواها إلا إجبارا وضرورة فيما يجوز فيه الاضطرار... وذلك
لما سلف من تضمنها للشروط الباطلة، ولأنها عقدت عن غير رضا منه ومشورة من أهل
الدين والعلم والرأي، ولأنها ستفسد دينه
ودين أبنائه وذريته، وتفسد كذلك دنياه.
(3) الواجب الثالث هو العمل على إسقاطها.
(4) والواجب الرابع اعتقاد أن اليهود ما داموا متمسكين بدينهم الباطل، ومحاربين للإسلام وأهله فهم أهل أمة
قد غضب الله عليها
ويجب حربهم ومقاومتهم ما ظلوا على مسلكهم في حرب الإسلام والكفر
به، والعدوان على المسلمين، إن بغضهم دين يجب
على المسلم أن يدين الله به.
(5) وجوب توحيد الأمة نحو
هذا الهدف في القضاء على علو اليهود في الأرض وبطشهم بالمسلمين وأسرهم لمسرى
رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى.
لينك تنزيل الكتاب
http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=019640.pdf