(4) شهادة آيات القرآن للكتب السماوية

 

الفصل الأول:: في أن تلك الكتب حسب شهادة القرآن منزلة وموحى بها

الفصل الثاني:: في أن القرآن أتى مثبتاً لتلك الكتب ومصدقاً لها

الفصل الثالث:: في إن القرآن قد حكم على اليهود والمسيحيين بوجوب إقامة التوراة والإنجيل

الفصل الرابع:: في أن القرآن لا يوجب على أهل الكتاب فقط أن يقبلوا التوراة والإنجيل  بل يحكم على أهل الإسلام بقبولهما

 

 

الفصل الأول

 

في أن تلك الكتب حسب شهادة القرآن منزلة وموحى بها

(أولاً) في إنزال التوراة:

قال في سورة الأحقاف: "ومن قبله كتاب موسى إمامً ورحمة"

وفي سورة المؤمن: "لقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولى الألباب".

وفي سورة الأنعام: "قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس. قل الله".

وفي سورة السجدة: "ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل".

وفي سورة الجاثية: "ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة".

وفي سورة الصافات: "ولقد مننا على موسى وهرون... وآتيناهما الكتاب المستبين".

وفي سورة الأنبياء: "ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياءً وذكراً للمتقين"

وفي سورة البقرة: "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون"

فيتضح من هذه الآيات المقتبسة أن التوراة منزلة من لدن الله جل جلاله ولا ريب في ذلك.

 

(ثانياً) نزول الزبور:

قال في سورة الأنبياء "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون".

وفي سورة الإسراء "ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً".

 

(ثالثاً) في إثبات الإنجيل: 

قال في سورة مريم "قال (المسيح) إنى عبد الله آتاني الكتاب (الإنجيل) وجعلني نبياً".

وفي سورة الحديد " ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل".

وفي سورة آل عمران (أن الله) "يعلمه (المسيح) الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل".

وفي سورة المائدة "إذ (قال الله) علمتك (المسيح) الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل".

 

فيتضح من الآيات المتقدمة أن التوراة والزبور والإنجيل تلك الكتب المعروفة عند المسيحيين بالكتاب المقدس هي كتب موحى بها من لدن الباري سبحانه وتعالى، ولكن لقطع الشك بتاتاً

نردفها بشهادة أخرى تأييداً لها.

 

قال في سورة المائدة " كيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله...إأنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما أستحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء... ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون... وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة... وهدى وموعظة للمتقين وليحكم أهل الإنجيل بما انزل الله فيه "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون".

إذاً قد أخبرنا القرآن أن الكتاب المقدس الذي هو العهد القديم والعهد الجديد أنها الكتب المنزلة هو "حكم الله" "وكتاب الله" وعلاوة على ذلك فقد أطلقت عليه كلمة "فرقان" وهي من الأسماء المنسوبة للقرآن نفسه. إذاً فأي محل للشك في إنزال كتاب المسيحيين، فمن لم يحكم بما أنزل الله (أي التوراة والزبور والإنجيل) فأولئك هم الكافرون.

 

الفصل الثاني

في أن القرآن أتى مثبتاً لتلك الكتب ومصدقاً لها

 

وذلك واضح مما يأتي:-

أولاً ـ سورة المائدة. "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه". وانه غير خاف إن هذه الآية تفيد إنزال القرآن تصديقاً للتوراة والإنجيل وحفظاً لهما.

ثانياً:- من مقابلة سورة الشورى ""وشرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى... فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع هواءهم وقل آمنت بما انزل الله من كتاب".

ثالثاً:- من سورة طه قوله "وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى".

رابعاً:- من سورة الأنعام قوله "وهذا كتاب أنزلناه بارك مصدق الذي بين يديه".

وضيق المجال يمنعنا عن الزيادة إنما وجدت آيات كثيرة شبيهة بما نقلناه حرفاً ومعنى ومفادها هو أن القرآن انزل ليس لنقض الكتب الأولى ولا لإبطالها بل تصديقاً لها وليكون مهيمنا عليها.

 

الفصل الثالث

في إن القرآن قد حكم

على اليهود والمسيحيين بوجوب إقامة التوراة والإنجيل

 

والدليل على ذلك ما يلي من سورة المائدة "ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم في جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم... قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما انزل إليكم من ربكم".

 


الفصل الرابع

في أن القرآن لا يوجب على أهل الكتاب فقط أن يقبلوا التوراة والإنجيل

بل يحكم على أهل الإسلام بقبولهما

أمعن نظرك في ما يأتي

أولاً ـ من سورة البقرة

"وآلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون. إن الذين كفروا... ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة".

إن هذه الآية تفيدنا عمن هم المهتدون وعن واجباتهم فالمتقون من أهل الإسلام عليهم ما يأتي:-

(1) أن يؤمنوا بالغيب.

(2) أن يقيموا الصلاة.

(3) أن ينفقوا من أرزاقهم.

(4) أن يؤمنوا بما أنزل قبل القرآن، أي أنهم لا يكتفون بالقرآن وحده بل يعتقدون بالتوراة والزبور والإنجيل، الكتب التي أتى بها موسى وداود والمسيح وغيرهم من الأنبياء الذين سبقوا محمداً.

(5) أن يعتقدوا بالآخرة.

فإذاً لا يصح لأحد من المسلمين أن ينبذ الصحف الأولى كما لا يصح له نبذ القرآن وإلا فيحسب كافراً ويكون له عذاب عظيم.

 

ثانياً ـ من سورة آل عمران

" ونزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان أن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد".

إن هذه الآية تفيد أن القرآن وكتب أهل الكتاب جميعها آيات الله، وأنه يجب على جميع المسلمين أن يعتقدوا بها ولا يفضلون أحدها على الآخر وإلا فيكون لهم عذاب شديد.

 

ثالثاً:- من سورة المؤمن

" الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون".

فعلى من يقع هذا العقاب المريع؟ هل على الذين لا يؤمنون بالقرآن فقط أم على الذين يكذبون جميع الكتب التي أرسل بها الرسل، إنه بلا ريب واقع على الذين لا يعتقدون اعتقاداً مثمراً بالصحف الأولى التي يحتوي عليها الكتاب المقدس.

رابعاً: من سورة آل عمران أيضاً

(1) "قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم".

(2) من سورة البقرة "وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون ربهم لا نفرق بين أحد منهم".

(3) من سورة العنكبوت "قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وانزل إليكم" (أي أهل الكتاب). يتضح من هذه الآيات بأجلى بيان أنه واجب على المسلمين الذين يدعون بالإيمان الصحيح أن يقبلوا الكتاب المقدس والقرآن على حد سواء ولا يفرقون بين أحدهما.

(4) " إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً وأعددنا للكافرين عذاباً مهيناً والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم".

فإن كل مسلم يقول " إني مؤمن بالقرآن الشريف ولكني غير مؤمن بالكتاب المقدس أي التوراة والزبور والإنجيل" فحكم هذه الآية عليه هو أنه كافر "وله عذاب مبين".

(5) من سورة النساء أيضاً

 " لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً ".

أنه وعد بعظيم الأجر للذين لم يكتفوا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والتصديق بالله تعالى واليوم الآخر بل يستوفون أيضاً الشرط الأول وهو قبول كتاب القرآن "وما أنزل من قبله" أي الكتاب المقدس.

(6) من سورة النساء

"يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله... والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيدا ً"، فقد ظهر جلياً أن المؤمنين هم من آمنوا بالقرآن والكتاب المقدس ومن لا يؤمن بهذه الكتب جميعها "فقد ضل ضلالاً بعيداً".

(7) من سورة الحديد

"والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم".

ليس كفراً أفظع من التكذيب بآيات الله وقد رأينا في سورة آل عمران (راجع وجه 11) أن آيات الله هي التوراة والإنجيل والقرآن والآية الأخيرة أفادتنا بأن الذين يكذبون تلك الكتب "أولئك هم أصحاب النار".

فقد تبين مما تقدم أن القرآن قد أوجب على المسلمين الذين يدعون لإيمان الصحيح قبول الكتب المقدسة وتصديقها كما يصدقون القرآن وقد توعد ذلك القرآن بنار جهنم من رفض من المسلمين الكتب

 

 


موقع روم الحوار المتمدن

منتدى روم الحوار المتمدن