مقدمة لسفر عبرانيين
من المتعارف عليه بوجه عام أن بولس هو كاتب هذه الرسالة. ولكن الكاتب الحقيقي لكل أسفار الكتاب المقدس هو الروح القدس.
وموضوع هذه الرسالة هو أفضلية المسيح. فهي توضح كيف أنه أسمى بكثير من الأنبياء، والكهنة، وموسى، والناموس، وأيضا الملائكة. فهو رسم جوهر الله [أي ذات جوهر الله] وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته (عبرانيين 3:1). والكاتب أيضا يعظم كلمة الله المعصومة من الخطأ (عبرانيين 1:1؛ 12:4).
وكلمة "أفضل" (أي أسمى) هي من الكلمات الواضحة في رسالة العبرانيين وهي تقارن بين بركات العهد القديم وبين الامتيازات التي لنا في المسيح. فنحن لنا رجاء أفضل (عبرانيين 19:7)؛ ومواعيد أفضل (6:8)؛ وعهد أعظم (6:8). فالوصايا العشر كانت مكتوبة على لوحين من الحجر، أما عهد المسيح فهو مكتوب على قلوبنا (10:8)؛ والمؤمن له اليقين من جهة مال أفضل (عبرانيين 34:10). فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة (35:10). وتوجد مناشدة قوية من جهة الحق الذي سمعناه لئلا نتحول عنه ونضل طريقنا (1:2).
ولكي يعبد بنو إسرائيل الله في العهد القديم كان لا بد من تقديم دم الحيوانات البريئة يوميا من أجل الخطية. ولكن لم تكن هناك ذبيحة يمكن تقديمها من أجل الخطايا الإرادية أو العمدية (عدد 30:15).
وهذا المبدأ الرئيسي لا زال ساريا اليوم في العهد الجديد. نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها؟ (رومية 1:6-2). فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا (عبرانيين 26:10-29).
وبالمقابلة الواضحة مع العهد القديم برئيس كهنته وبذبائحه التي لا تنتهي، نجد العهد الجديد الذي لا يتطلب سوى ذبيحة واحدة: دم المسيح المرشوش في قدس الأقداس السماوية للتكفير عن خطايانا (عبرانيين 12:9؛ 1:10-29). وهو الآن جالس عن يمين الله رئيس كهنتنا، إذ هو حي في كل حين ليشفع فينا (25:7
مقدمة لسفر يعقوب
كاتب هذا السفر الصغير يعرف نفسه بأنه يعقوب عبد الله والرب يسوع المسيح (يعقوب 1:1).
فلقد ولدت أم يسوع أبناء آخرين بعد يسوع، وكان اسم أحدهم يعقوب (متى 55:13؛ مرقس 3:6). وهو لم يكن واحدا من الاثني عشر (متى 2:10-4). قال بولس عنه أنه يعقوب أخو الرب (غلاطية 19:1).
وربما كان يعقوب هذا هو الشيخ القائم على الكنيسة في أورشليم (أعمال 17:12) وبصفته قائدا لمجلس الرسل والشيوخ، فلقد أعلن رأيه عند انتهاء المناقشة (أعمال 13:15).
وقد قيل عن الأشخاص المرسلين من كنيسة أورشليم إلى أنطاكية أنهم أتوا من عند يعقوب (غلاطية 12:2)، وقد أعطى بولس تقريرا ليعقوب عن كل ما فعله الله بين الأمم (أعمال 18:21-19).
وقد اقتبس يعقوب مرارا من كتابات العهد القديم لتأكيد رسالته. وكان يقوم بعد ذلك بتطبيق هذه الكتابات على الحياة المسيحية (يعقوب 8:2،23؛ 5:4).
وتقدم رسالة يعقوب سلسلة اختبارات عملية نستطيع بها أن نتأكد من صدق إيماننا. وقد حرض يعقوب المؤمنين أن يحفظوا أنفسهم بلا دنس من العالم (يعقوب 27:1)؛ وقد أقر أيضا أن التجارب هي اختبارات لازمة للنضج (2:1-4). ووصف الذين يجارون العالم بأنهم زناة [لأنهم خانوا عهد ارتباطهم بالله] تعبيرا عن عدم أمانتهم للمسيح وعن التصاقهم بالعالم (4:4).
ويذكرنا بأن نكون أبناء روحيين لله بكلمة الحق . وكأبناء له يجب أن نكون عاملين بالكلمة لا سامعين فقط (18:1،21-23،25). ويطلق يعقوب عدة أسماء على كلمة الله مثل الكلمة، الشريعة، الحق، ويطلب منا أن نفحصها ونسمعها ونقبلها ونعمل بها.
تحرض رسالة يعقوب المؤمنين على الصلاة، وتقدم لهم إيليا مثالا لفاعلية الصلاة وقوتها - فقد كان إيليا إنسانا مثلنا ولكنه آمن أن الله سيستجيب صلاته (5:1-8؛ 13:5-18).
مقدمة لسفر بطرس الأولى والثانية
يسمي بطرس نفسه رسول يسوع المسيح ... والشيخ رفيق الشيوخ والشاهد لآلام المسيح (1 بطرس 1:1؛ 1:5)، وهو يذكر أنه قد أرسل هذه الرسالة من بابل (13:5). لقد كتب للمسيحيين على الساحل الشمالي من آسيا الصغرى حيث لم يكن بولس قد بشر - إلى المتغربين من شتات بنتس وغلاطية وكبدوكية وآسيا وبيثينية المختارين (1:1) - وهم ربما قد تشتتوا نتيجة للاضطهاد العظيم الذي أجبر المؤمنين أن يرحلوا من أورشليم (أعمال 1:8-4). وعلى مر التاريخ تعرض المسيحيون لكل أنواع الآلام: لأنكم لهذا دعيتم فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته (1 بطرس 21:2).
وقد اقتبس بطرس مرارا من العهد القديم لتوضيح حقائق العهد الجديد. على سبيل المثال، يقول: لأنه مكتوب، كونوا قديسين لأني أنا قدوس (1 بطرس 16:1؛ لاويين 44:11-45).
ومحور هذه الرسالة هو أهمية كلمة الله المقدسة التي ترشدنا نحو الحياة الجديدة في المسيح: مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد (1 بطرس 23:1). فإننا مثل أطفال حديثي الولادة يجب أن نشتهي كلمة الله لكي تغذينا (1 بطرس 2:2).
في الفترة بين الرسالتين تعرضت الكنيسة إلى حالة حرجة جدا. لذلك حذرهم بطرس قائلا: سيكون فيكم أيضا معلمون كذبة (2 بطرس 1:2-3).
وقد كان بطرس مهتما بألا ينخدع المسيحيون بالتعاليم الفاسدة والمعلمين الكذبة فناشدهم قائلا: هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة ... لذلك بالأكثر اجتهدوا أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين، لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلوا أبدا (2 بطرس 4:1-10).
مقدمة لسفر يوحنا الأولى
كاتب هذا السفر لم يعرّف بنفسه. ومع ذلك فالكثيرون يعتقدون أنه التلميذ الذي كان يسوع يحبه (يوحنا 23:13).
والهدف من كتابة هذه الرسالة هو هدف خماسي.
أولا ، لكي نمتلئ بالفرح (1 يوحنا 4:1).
ثانيا ، ليذكرنا بأن المحبة هي الصفة المميزة للمسيحي. وكلمة محبة تأتي أكثر من 40 مرة في هذه الرسالة القصيرة. فإن محبة الله الساكنة في المؤمنين تُحدث تغييرا جوهريا في حياتهم، فتولّد فينا الرغبة لكي نحيا طائعين بالكلية لكلمة الله وفي نتشبّه بالمسيح في علاقتنا بالآخرين مهما كانت أفعالهم تجاهنا.
ثالثا ، كتبت هذه الرسالة لكي ندرك أهمية القداسة (1:2). كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر (3:3).
رابعا ، حتى لا ننخدع ونضل. فالرسول يوحنا يحذرنا من التعاليم الكاذبة التي تهدف إلى زعزعة ولائنا للمسيح ولكلمته. والموضوع الرئيسي أمام كاتب الرسالة هو الكلمة، فهو يقول أنه شاهد بعينيه كلمة الحياة، وأن من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب وليس الحق فيه. وأما من حفظ كلمته فحقا في هذا قد تكملت محبة الله، بهذا نعرف أننا فيه (1:1؛ 4:2-5،26).
تزدهر الضلالات الكتابية عندما نهمل الكتاب المقدس ولا نعطيه قدر أهميته، فنختار أجزاء معينة من الكتاب لنقرأها دون أجزاء أخرى. لكن يوحنا يخبرنا كيف نميز الأرواح لأن كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله (3:4).
والهدف الخامس من الرسالة هو أن نعرف كيف نتأكد أن لنا حياة أبدية (13:5). إن أعدادا هائلة ممن يدعون المسيحية يجرون وراء كل ما في العالم، شهوة الجسد [اشتهاء الملذات الحسية] وشهوة العيون [أطماع الذهن] وتعظم المعيشة [الكبرياء الباطلة] - ليس من الآب بل من العالم ... وأما الذي يعمل مشيئة الله فيثبت إلى الأبد (16:2-17).
مقدمة لسفر يوحنا الثانية والثالثة ويهوذا
يشير كاتب يوحنا الثانية إلى نفسه باسم "الشيخ"، والرسالة موجهة إلى السيدة المختارة (2 يوحنا 1:1). ويعتقد البعض أنه نظرا للاضطهاد الشديد في وقت كتابة الرسالة كان الكاتب في الواقع يكتب إلى كنيسة مسيحية وأعضائها المشار إليهم بالأولاد (1:1،4). وقد أكد على أهمية تعليم كلمة الله. وتستخدم كلمة "حق" خمس مرات في الأعداد الأربعة الأولى. ويحرض الرسول يوحنا المؤمنين على فحص آرائهم ومعتقداتهم ودوافعهم لكي يتأكدوا أنهم يعيشون طبقا لحق كلمة الله.
وفي رسالة يوحنا الثالثة، تستخدم كلمة "حق" 7 مرات في الـ 14 عددا المكونة للرسالة. ونتعرف في الرسالة على ثلاثة أشخاص: ديمتريوس، وهو شخص يمدحه يوحنا؛ وغايس، وهو ذو نفع عظيم في خدمة الرب؛ وديوتريفس، وهو رجل ذو قدرات فذة ولكنه عائق للخدمة. هؤلاء الرجال يمثلون الكثيرين في وقتنا الحالي، فالناس إما يساعدون أو يعيقون خدمة المسيح ولا يوجد شخص محايد.
ويشير يهوذا إلى نفسه بأنه عبد يسوع المسيح، وأخو يعقوب (يهوذا 1:1). ولكونه أخا ليعقوب، فإن يهوذا يعتبر أيضا أخا أصغر للرب. ويهوذا ليس هو المذكور في يوحنا 22:14 ولكنه هو المذكور في متى 55:13 ومرقس 3:6.
وتخصص هذه الرسالة كلها لموضوع الارتداد. فلقد كشف يهوذا عن النتائج المخيفة لاتباع التعاليم الخاطئة، ورأى أنه من الضروري أن يحذر من أنه قد دخل خلسة أناس... يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة ... هؤلاء يفترون على ما لا يعلمون ... يفسدون... سالكون بحسب شهواتهم (يهوذا 4:1،10،16). إنهم متدينون، ولكنهم إلى الأبد هالكون.
والمرتد هو شخص مثل قايين، أو بلعام، أو قورح (11:1)، أو يهوذا الإسخريوطي الذي أبصر النور ولكنه رفض الحق بأكمله (2 تسالونيكي 10:2).