في خطابه الثاني، ركز موسى، وهو المشرع والنبي العظيم، على ضرورة الأمانة والإخلاص في كل جوانب الحياة. لقد حذر من أساليب الغش والخداع واستغلال الآخرين. وصور ذلك بمثل البائع الذي لديه نوعان من الموازين والمكاييل - واحد للبيع وآخر للشراء: لا يكن لك في بيتك مكاييل مختلفة كبيرة وصغيرة. وزن صحيح وحق يكون لك ومكيال صحيح وحق يكون لك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك. لأن كل من عمل ذلك كل من عمل غشا مكروه لدى الرب إلهك (تثنية 14:25-16).
إن كل واحد منا سيجد أمامه الفرصة من آن لآخر إما أن يطبق مبادئ العدل والحق وإما أن يستغل الآخرين. وقد يكون ذلك في شكل عدم أمانة في العمل، أو بأخذ ما لا يخصنا، أو معاملات تجارية غير أمينة، أو كذب أو غش. إن جميع أنواع الخداع هي مكروهة لدى الرب. وعلى العكس فإن الحياة المبنية على مبدأ الأمانة في كل شيء تعطينا العمر الطويل والرخاء والسلام (تثنية 15:25).
استمر موسى في التأكيد على أن الله يكره الغش والخداع والرشوة، وأن غضبه يستقر ليس فقط على الشخص بل أيضا على الأمة التي تجعل هذه الممارسات أسلوبا لحياتها. وهذا ما يؤكده أيضا الرب يسوع إذ قال: كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضا بهم (متى 12:7). وهذا المبدأ موضح أيضا في قصة عخان الذي أدت سرقاته إلى موت 36 رجلا (يشوع 1:7-12). إن الأمانة تتخطى حدود ناموس موسى وتنطبق على جميع مظاهر السلوك المسيحي اليومي، كما هو ملاحظ في العطية "السخية" بل العطية الخادعة التي قدمها حنانيا وسفيرة والتي أدت إلى موتهما (أعمال 1:5-10). والأشياء المادية ليست هي الأشياء الوحيدة التي نشتهيها. فإننا كثيرا ما نشتهي الاهتمام الشخصي أو المدح أو الكرامة.
إننا نحتاج أن نتعامل مع الطبيعة العتيقة وكل صفاتها حتى تقدر الطبيعة الجديدة أن تنمو في داخلنا. فالأمانة ليست هي فقط السياسة الأفضل، ولكنها الأٍسلوب الوحيد للحياة المسيحية. فلا يمكن أن تستقر بركة الرب على أي معاملات تتضمن الخداع، سواء كان بأفواهنا أو بأفعالنا - وإلى أدق تفاصيلها. فيجب علينا أن نتجنب كل إغراء بالكذب أو الغش أو السرقة. فالمسيحية تتغلغل إلى صميم طبيعتنا وتحدد لنا المقاييس في جميع تصرفاتنا. فربما تكون لنا أفكار مرارة أثناء قيامنا بأعمال جيدة - أي أن نقول كلمات محبة بينما تكون دوافعنا واتجاهاتنا الداخلية خاطئة. إن علاقتنا مع الله ومع الآخرين تصل إلى ما هو أعمق من الكلمات أو الأفعال، فهي تصل إلى مركز أفكارنا لتكشفها لنا على حقيقتها.
ومثل عخان، الذي ظن أنه يستطيع أن يحتفظ لنفسه بما يخص الرب أصلا، فإن الكثيرين منا ينخدعون اليوم إذ يظنون أنهم يستطيعون أن يغتنوا بأن يحتفظوا لأنفسهم بعشور الرب ويستخدمونها لصالحهم الشخصي.
تعلن لنا كلمة الله أن حياة المؤمن يجب أن تكون معبرة عن صدق وعدل المسيح. ففي جميع المعاملات يحق لنا أن نصلي قائلين: ما الذي كان يسوع سيفعله؟ وستكون إجابته في كل أمور الحياة: فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا فافعلوا كل شيء لمجد الله (1 كورنثوس 31:10).
إعلان عن المسيح: من خلال تحرير بني إسرائيل من عبودية مصر وعبودية فرعون (تثنية 8:26). لقد ترك يسوع بيته في السماء لكي يحررنا من عبودية الشيطان وسلطته علينا.
أفكار من جهة الصلاة: اسجد أمام الرب بتواضع وبقلب منسحق في الصلاة (عزرا 5:9-6).