مقدمة لسفر 1 صموئيل

سفر صموئيل الأول هو تكملة لسفر القضاة، ولكنه أيضا بداية عصر جديد في التاريخ العبري. ويغطي هذا السفر مرحلة التحول من زمن القضاة، عندما كان الرب يقود الحكم من خلال الأنبياء، إلى النظام الملكي الذي أدى في النهاية إلى سقوط الأمة. ونجد سردا تفصيليا لقيام وسقوط المملكة الإسرائيلية في أسفار صموئيل الأول والثاني وملوك الأول والثاني وأخبار الأيام الأول والثاني.

ويغطي سفر صموئيل الأول فترة حوالي 120 سنة - ابتداء من ولادة صموئيل وحتى موت شاول، أول ملوك إسرائيل.

بعد موت عالي وهزيمة بني إسرائيل على يد الفلسطينيين، أصبح صموئيل كاهنا ونبيا، ثم آخر وأعظم قاضٍ على إسرائيل. فقد اشتهر بصفته المصلح الروحي لزمنه، الذي علّم شعبه كلمة الله بأمانة وقادهم إلى أعلى مستويات الطاعة لله والتقوى في العبادة التي لم تحدث منذ أيام يشوع. لقد أسس صموئيل أول مدرسة للأنبياء. ونتيجة لذلك بدأت راية إسرائيل ترتفع بين الأمم.

كان صموئيل هو أول من وحد جميع الأسباط في مملكة واحدة. ولكنه عندما تقدم في السن، جاء إليه جميع شيوخ إسرائيل إلى الرامة وذكروه كيف أن ابنيه لا يصلحان أن يأخذا مكانه في القيادة، وطلبوا منه أن يجعل لهم ملكا ... كسائر الشعوب (1 صموئيل 5:8). وحيث أن الفلسطينيين كانوا يمثلون تهديدا مستمرا من الجانب الغربي والعمونيين من الجانب الشرقي (9:12،12)، قرر بنو إسرائيل أنهم يحتاجون إلى ملك. وهذا يبين ضعف إيمانهم بالله، الذي كان ملكهم الحقيقي. لقد نسوا أنه بعد موت عالي، تدخل الله وهزم الفلسطينيين عندما قاد صموئيل الشعب في الصلاة. ونسوا أيضا أن موسى كان قد حذرهم من جهة هذه الطلبة (تثنية 14:17-20).

ولكن الله كلم صموئيل قائلا: اسمع لصوتهم وملك عليهم ملكا (1 صموئيل 22:8)، لأنهم لم يرفضوك أنت بل إياي رفضوا حتى لا أملك عليهم (7:8). وبحسب المظهر الخارجي،كان شاول أجمل وأطول من كل الشعب (2:9). وكما هو الحال دائما، فإن رحمة الله ورأفته فاقت جميع التوقعات إذ أعطاه قلبا آخر.. وحل عليه روح الله (6:10-10). كذلك فإن الرب قد مس قلب جماعة من الرجال البواسل لكي يتبعوه بأمانة (26:10). وابتدأ ملك شاول بانتصار عسكري مجيد (6:11-13).

ولكن بمجرد أن استقر على عرشه، بدأت تظهر في حياة شاول نقاط ضعف خطيرة جعلت صموئيل يوبخه بشدة قائلا: لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك (23:15،26). وقد كانت هذه هي نقطة التحول في حياة شاول، إذ نقرأ بعد ذلك: وذهب روح الرب من عند شاول (14:16). وأمر الرب صموئيل بأن يمسح داود ملكا.

وإذ كان داود يزداد شعبية في أعين الشعب، كان شاول يزداد غيرة. وبسبب غيرته وإرادته العنيدة، قام شاول بمحاولات عقيمة لقتل داود في ثلاث مناسبات. واضطر داود أن يعيش مختبئا حتى وقت موت شاول في المعركة المأسوية على جبل جلبوع (أصحاح 16-31).

مقدمة لسفر 2 صموئيل

يسجل سفر صموئيل الثاني فترة الأربعين سنة التي ملك فيها داود. فبعد موت شاول قام سبط يهوذا فورا بتنصيب داود ملكا عليهم. كان داود ابن ثلاثين سنة حين ملك وملك أربعين سنة. في حبرون ملك على يهوذا سبع سنين وستة أشهر (2 صموئيل 4:5-5). ولكن أبنير قائد جيوش شاول قاد الأسباط الأخرى لقبول إيشبوشث ابن شاول ملكا عليهم. وبعد مقتل إيشبوشث، اعترف سائر الأسباط بداود قائلين: قد قال لك الرب أنت ترعى شعبي إسرائيل وأنت تكون رئيسا على إسرائيل (2:5) - وهكذا اعترفت جميع الأسباط بداود ملكاً على المملكة الموحدة.

وكانت أولى معاركه ضد اليبوسيين الذين كانوا لا زالوا يسيطرون على يبوس (أورشليم) (1 أخبار 4:11-5).

وقد نقل داود عاصمته من حبرون إلى أورشليم وعاش في منطقة صهيون الحصينة. بعد ذلك تلقى داود نبوة عن المسيا: كرسيك يكون ثابتا إلى الأبد (2 صموئيل 11:7-16). وقد أكد إشعياء فيما بعد الحقيقة بأن المسيا سيكون من نسل داود قائلا: لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد (إشعياء 7:9؛ 1:11؛ إرميا 5:23؛ حزقيال 25:37). وقد أنبأ أيضا الملاك جبرائيل العذراء مريم قائلا: هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية (لوقا 32:1-33).

وخلال العشرين سنة الأولى من ملكه انتصر داود على الفلسطينيين في الغرب؛ والأشوريين في الشمال؛ والعمونيين والموآبيين في الشرق؛ والأدوميين والعمالقة في الجنوب (2 صموئيل 8-10). ولم ينهزم داود أبدا. وكان السر وراء انتصاراته المذهلة أنه كان دائما يطلب الرب قبل أن يتقدم نحو الأعداء فأصبح يُعرف بأنه رجل بحسب قلب الله (1 صموئيل 14:13؛ قارن مع أعمال 22:13).

إن أوقات الرخاء والراحة تكون دائما أوقات خطر وتعرض للتجارب. ولم يُستثنَ داود رجل الله من هذه القاعدة. فقد سقط في التجربة في أحد أوقات الاسترخاء عندما ألقى ببصره من أعلى قصره فرأى بثشبع الجميلة وهي تستحم، وقاده ذلك إلى ارتكاب الخطية العظمى الوحيدة في حياته. ثم ندم داود على خطيته أشد الندم، ويمكننا أن نقرأ عن توبته الصادقة واعترافه بهذه الخطية في مزمور 51. ولكن خطية داود أدت إلى كثير من المعاناة خلال العشرين سنة الأخيرة من ملكه. لقد غُفرت خطيته، لكنه كما هو الحال دائما فإن نتائج الخطية لا يمكن تجنبها

عودة للفهرس

/html>