الديانة المسيحية

هنا نستمر على نفس المسار الذي رسمناه لأنفسنا ، وبخاصة عند كلامنا عن الأديان التي تواجدت في الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام . فلسنا هنا نقدم عرضاً للمسيحة كما نعرفها الآن بل نحاول أن ندقق في تلك الفترة الزمنية – الجاهلية – من تاريخ العرب ، محاولين استكشاف المؤثرات الثقافية والدينية في العقلية العربية ، والتي أصبحت فيما بعد إسلامية . ولسنا ندعي بأنها كل المؤثرات ، ولكننا نقول بأنها مقدمة لمؤثرات تلت ، من خلال الفتوحات الإسلامية ، والمواقف السياسية والإستراتيجية لظهور الدعوة وتطوراتها . كما يجب الالتفات إلى أننا لسنا أمام جماعة مسيحية واحدة ولا أمام موقف موحد في داخل الجماعات الفرعية : المشارقة من السريان ( النساطرة) ، المغاربة من السريان ( اليعاقبة) أو الروم الملكيون . ويجب ألا نغفل ما حوته تلك الحقبة – وبخاصة ما قبل الإسلام من صراعات بين تلك الفرق ، وخلافات لاهوتية بلغت آثارها التكوين اللاهوتي الإسلامي ذاته . لذا لزم علينا البقاء بقدر الإمكان بجوار النصوص والكتابات التي ترصد هذه الفترة .

من هم ..؟

لقد عُرف " أتباع المسيح " بالمسيحيين والناصريين " النصارى" في كل الأجيال . فلماذا دعوا كذلك ؟ ومن أين أتتهم هذه التسمية ؟

مما لا شك فيه أنهم سُموا " مسيحيين " نسبة إلى المسيح " له كل المجد" . والمسيح سُمي كذلك لأنه مفرز ومكرس للخدمة والفداء ([1]). ودعي المسيح " ناصرياً " لأن الملاك بشر به ، مريم العذراء ، في مدينة الناصرة ([2]) ، وإلى هذه المدينة عاد يسوع مع مريم أمه ويوسف خطيبها من مصر ([3]) . وفيما صرف يسوع القسم الأكبر من الثلاثين سنة الأولى من حياته ([4]) ، ولهذا لقب ناصرياً ، نسبة إليها ([5]) ، كما لقب تلاميذه بالناصريين ، أيضاً ، ومن بعدهم وإلى يومنا هذا عُرف المسيحييون بهذا الاسم . وقد كُتب فوق رأسه على خشبة الصليب " يسوع الناصري ملك اليهود" ([6]) . هذا عن تسمية أتباع المسيح كما ورد بالكتاب المقدس .

أما القرآن فقد سماهم " النصارى " ، وقد ذُكر اسمهم في سورة البقرة ([7]) ثماني مرات ، وفي سورة المائدة ([8]) خمس مرات ، ومرة واحدة في سورتي التوبة والحج ([9]) ، " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى" ([10]) .

دخولهم الجزيرة العربية ..

فيما يلوح البعض من الباحثين المعاصرين عن عدم قدرتهم في تحديد يقيني لتاريخ بداية " تغلغل النصرانية في شبه الجزيرة العربية " ([11]) ، بل ويعتبر أن زيارة بولس الرسول إلى بلاد العرب زيارة غامضة ، وبخاصة بعد تحوله إلى النصرانية مباشرة . إلا أنه يرجح أن تاريخ إنتشارها يبدأ بعد القرون الثلاثة الأولى ، معللاً ذلك بقوله :" ففي القرون الثلاثة الأولى بعد الميلاد ، على الأقل ، لم تكن المسيحية قد إنتشرت بعد في جزيرة العرب ، ولكن من المرجح إنتشارها فقط في المناطق التي عاش فيها العرب جنباً إلى جنب مع عناصر يونانية أو رومانية "([12]) . وهذا الرأي يتفق معه الكثير من الباحثين ، وبخاصة أن العرب لم يعرفوا التدوين التاريخي إلا في عصور متأخرة تلت الإسلام . وحتى كتابات الأخبار من الاخباريين لا ترصد لنا تاريخ دخول المسيحية ، أو المسيحيين إلى الجزيرة العربية . لكن من المؤكد أنها إنتشرت بين كثير من قبائل العرب قبل ظهور الإسلام ، فالشعر الجاهلي يتضمن كثيراً من الشواهد على إنتشارها ([13]) . لذا فالمراجع الإسلامية لا تفيدنا في تحديد تاريخ دخول المسيحية إلى الجزيرة العربية . فماذا تقول المراجع المسيحية ؟

يشير الكتاب المقدس إلى وجود صلات بين العرب واليهود ، سكان فلسطين ، كما يستنتج أيضاً من الدراسة التاريخية بأن بعض سكان فلسطين كانوا عرباً . والإشارة الإنجيلية التي يمكن الركون إليها في هذا الشأن هي يوم الخمسين يوم حلول الروح القدس على تلاميذ المسيح ونطقهم بلغات شتى كان من بينها العربية ، والتي ميزها قوم عرب ، كانوا حضوراً شهوراً على هذه الحادثة ([14]) . وربما كانوا عرباً من اليهود ، إذا أن حضورهم كان لحضور مراسم دينية وهو الاحتفال بيوم الخمسين اليهودي . وهكذا نرى أن أساسات النصرانية قد وضعت من خلال قوم يهود قد بدأوا بالتنصر ثم تلاهم الأمم ([15]) . ثم تلى ذلك دور الرسول بولس " شاول"([16]) في توصيل بشرى النصرانية إلى أمم الأرض المعروفة آنذاك ، وبخاصة بعد تحوله من مضطهد للمسيحيين ([17]) إلى مدافع عنهم من بعد تنصره ([18]) ، إذ أنه قصد العربية وأقام فيها ثلاث سنوات ([19]) ، ولم يحدد الكتاب المقدس في أي منطقة من العربية أقام بولس ، أفي شمالها حيث كانت مملكة الأنباط تسود أم في عمقها .. والمهم هو أن بولس الرسول اتصل بأُناس عرب لدى إنتقاله من دمشق إلى أورشليم ، ولا شك أنه كان يبذر بذاره ، الذي تلقاه من سيده " المسيح" ، ومن معلمه النصراني الدمشقي " حنانيا" ، في نفوس من اتصل بهم وصادفهم في مسيرته هذه . وإذا كان الشئ بالشئ يذكر فإن مقام حنانيا لا يزال معروفاً في دمشق حتى الآن ، والكوة التي أنزل منها بولس في " زنبيل " لا تزال أيضاً معروفة في سور دمشق ([20]) .

ولكن إنتشار المسيحية لاقى من العوبات ما يحده عن سرعة التقدم ، فسار سير السلحفاة في القرون الثلاثة الأولى للميلاد . وما ذلك إلا لوقوف الوثنيين من جهة وعلى رأسهم أباطرة روما ، والعبرانيين من جهة أخرى ، وتعصبهم ليهوديتهم . وكلا الفريقين رأى في الدين الجديد انهياراً لمعتقدات آبائه وأجداده . ولكن قطار المسيحية لم يتوقف في هذه القرون الثلاثة ، وإن كان يسير بطيئاً ، فقد انتشرت المسيحية في كل أرجاء المملكة الرومانية في آسيا وأفريقيا وأوربا . وقد ساح أحد معلمي الاسكندرية في النصف الأول من القرن الثالث واسمه " أوريجان " في العربية واعظاً ومبشراً ، ومن جملة من وعظهم أحد أمراء العرب ([21]) . ولما استتب الأمن والسلام للمسيحية وأخذت حرية تحركها بمرسوم إمبراطوري من قسطنطين الكبير (عام 313م.) ([22]) بدأت تقيم لها مراكز دينية ثابتة ينتشر منها المبشرون إلى من جاورهم من الأمم . وقد كان هناك ثلاثة مراكز نصرانية مجاورة لبلاد العرب ، هي : سورية في الشمال الغربي ، والعراق في الشمال الشرقي ، والحبشة في الغرب والجنوب ([23]) . فمن بيت المقدس ودمشق وانطاكية انطلق المبشرون إلى حيث العرب ، وبدأنا نسمع عن أساقفة بصرى وتدمر ، وذلك قبل نهاية القرن الثالث الميلادي ([24]) وانتشرت المسيحية بين العرب المقيمين في بلاد الشام ، عمال بيزنطية ، عنيت بهم الغساسنة والذي قال في مدحهم حسان بن ثابت :

لله در عصابة نادمتهم           يوماً بخلق في الزمان الأول ([25])

وفي الشمال الشرقي من الجزيرة العربية ، تأصلت المسيحية في الرها ونصيبين وإربل وجنديسابور وسلوقية طيسفون التي أصبحت مركزاً لبطاركة " النساطرة" ([26]) . ومن هناك انتشرت في بلاد البحرين وعمان ، وتحول الكثير من عرب الحيرة إلى المسيحية وعُرفوا بالعباد ([27]) وقد دان بالنصرانية بعض قبائل العرب النازلة بجوار الحيرة وبلاد الشام ؛ منهم : غسان وتغلب وتنوخ ولخم وجذام وسليح وعاملة([28]) .

كما كان للهاربين من المملكة البيزنطية ، بسبب الاضطهاد " الهرطقي " ، فضل كبير في نشر المسيحية في البلاد العربية . وفي القرنين الرابع والخامس للميلاد امتدت جذور المسيحية إلى أقصى جنوبي غربي الجزيرة ، إلى اليمن ، فقد أشار تاريخ الكنيسة إلى أن الإمبراطور " قسطنطين " قد أرسل (في عام 320م.) تيوفل الهندي ، الذي تربى في القسطنطينية تربية مسيحية آريوسية ([29]) بعد أن سيم أسقفاً ، إلى اليمن إلى " الحميريين " القبيلة المتحضرة ، وذلك لتأمين حرية المعتقد للتجار المسيحيين وقد نجح هذا الرسول واستطاع أن يُنصر رئيس القبيلة على الطريقة الآريوسية ([30]) . أما النساك ساكنو القفار ، والرهبان ، فقد استطاعوا تنصير الكثير من القبائل العربية البدوية ، نذكر منهم " موسى الناسك " الذي نصر بعض البدو حتى إن ملكة إحدى القبائل " ما في " والتي كانت في حالة حروب مع الرومان ، طلبت تنصيبه أسقفاً عند عقد الصلح معهم ( عام 372.) . وكذلك فعل " أفتيموس البار " في بداية القرن الخامس الميلادي ، فقد نصر قائد إحدى القبائل العربية ، وعمل على سيامته أسقفاً تحت اسم بطرس " للكنائس الحربية " ([31]) ، والمقصود بالكنائس الحربية القبائل الغازية وغير المستقرة . هذا فضلاً عن رهبان جبل سيناء وما قاموا به من بشارة بين من جاورهم من القبائل العربية . وكذا "سمعان العامودي " ناسك حلب الذي أدهش البدو بورعه وتقواه ، فنصر الكثيرين منهم ([32]) .

وقد وصلت المسيحية إلى بلاد الحبشة في أفريقيا . والحبشة جارة الجزيرة العربية من الغرب ولها صلات قديمة بها ([33]) ومن الحبشة انتقلت المسيحية إليها ، كما وردها بعض المبشرين من الشمال للتبشير فيها ، نذكر منهم " فيمون الراهب " الذي حمل أهل نجران على النصرانية وأسس بها كنيسة يعقوبية ([34]) . وقد تركزت المسيحية في نجران وصنعاء وخاصة عند الغزو الحبشي الثاني لليمن ( عام 525م.) . ولقد أراد أبرهة الحبشي أن يجعل من كنيسة نجران " كعبة " يحج إليها العرب ليصرف أنظارهم عن " كعبة مكة . والسبب المباشر لمجئ حملة أبرهة إلى اليمن فيما يبدو هو قتل أهل نجران النصارى ، الذين بشرهم " فيمون " ، على يد ذي نواس الحميري اليهودي المتعصب " صاحب الأخدود" ، الذي ذكره القرآن " قتل أصحاب الأخدود ، النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعود . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ..." ([35]) .

وقد روى " ابن هشام " أن ابن اسحاق قال :" كان فيمن قتل ذو نواس عبد الله بن الثامر ، رأسهم وإمامهم . وقد وجدت رفات ابن الثامر هذا في خربة من خرب نجران زمن عمر بن الخطاب ، والرجل قاعد يضع يده على ضربة في رأسه ، فإذا أزيحت يده سال الدم من موضع الضربة ، وإذا تركت أمسك الدم ، وفي يده خاتم مكتوب في " ربي الله " ، وكتب إلى عمر في أمره ، فأمر أن يقروه على حاله ويردوا عليه الدفن كما كان عليه ([36]) . وبقصة عبد الله بن الثامر وإيجاد جسده بعد زمن ولم يبل ، وبروايات أخرى رواها الأخباريون عن حمزة بن عبد المطلب وغيره ، قارن القول مع قول القرآن " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يُرزقون " ([37]) .

وهكذا نرى النصرانية بدأت تتسرب من الشمال والجنوب الغربي إلى أواسط الجزيرة العربية عن طريق من ذكرنا من المبشرين والتجار النصارى . وهذه هي "دومة الجندل " في عهد محمد الذي تصالح مع أميرها " الأكيدر " النصراني على الجزية بعد أن افتتحها خالد بن الوليد ([38]) . أما مدينة " أيلة " الواقعة  على ساحل بحر " القلزم"([39]) الأحمر فقد كان اسم صاحبها على زمن محمد " يوحنا بن رؤبة " ومن اسمه يُستدل على نصرانيته ، وقد تصالح يوحنا هذا مع محمد على الجزية ([40]) . وقد ورد اسم يوحنا في بعض المجامع الدينية على أنه أسقف أيلة والشراة ([41]) .

ومدينة يثرب ! ألم تدخل النصرانية إليها ؟ إنه كان يسكنها بعض المسيحيين وبقوا فيها حتى الهجرة وبعد موت محمد ، وهذا ما نفهمه من شعر لحسان بن ثابت الشاعر المخضرم في رثائه للنبي :

فرحت نصارى يثرب ويهودها                     لما توارى في الضريح الملحد ([42])

كما كان أيضاً من بين سكان مكة ، عند ظهور الإسلام ، غرباء مستوطنون بعضهم من النصارى ، ومن الرمجح أنهم دخلوا هذه المدينة تجاراً ومبشرين وحرفيين ، وأيضاً أرقاء . وكان بعضهم يعرف القراءة والكتابة ولا يستبعد أن يكونوا قد أثروا في محيطهم ونصروا البعض من أهل مكة . فقد كان الناس يختلفون إلى مجالسهم ومساكنهم لسماع قصص الأقدمين من الأنبياء . ومن المرجح أن محمد كان يعرجج على منازل بعضهم كما يروي ابن هشام : "وكان رسول الله – فيما بلغني – كثيراً ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلام نصراني يقال له " جبر " عبد لبني الحضرمي ، فكانوا يقولون : والله ما يعلم محمداً كثيراً مما يأتي به إلا جبر النصراني " ([43]) وقد اتهم من أهل مكة ، إنما يتلقى رسالته من جبر هذا الذي سماه بعضهم سلمان ، ويسار ، ويعيش ، وبلعام ([44]) . وقد رد القرآن على القرشيين بقوله :" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ، وهذا لسان عربي مبين " ([45]) . إذا ، لقد كانت مكة عند ظهور الإسلام تحتوي على عدد كبير من العبيد من جملتهم الأحباش النصارى ، وقد ترك هؤلاء أثراً في لغة مكة تدل على أثرهم في المجتمع . وقد أشار العلماء إلى ورود بعض ألفاظهم في القرآن والحديث ([46]) . كما كان في مدينة الطائف نفر من الموالي النصارى منهم " عداس " النينوي الأصل ، والذي كان مملوكاً لعتبة بن ربيعة ، والذي قابل الرسول عند ذهابة إلى ثقيف ([47]) . أما اليمامة والتي عدها ياقوت الحموي من نجد وسماها ( جوا ) ([48]) فقد دخلتها المسيحية ووصلت إلى حكامها ، ونستدل على ذلك من شعر للأعشى يمدح فيه " هوذة بن علي " حاكمها الذي من على الشاعر ففك وثاق قوم من تميم يوم الفصح تقرباً لإلهه :

بهم تقرب يوم الفصح ضاحية              يرجو الإله بما سدى وما صنعا ([49])

أما العربية الشرقية فقد دخلتها المسيحية من الشمال من الحيرة ومن البحر من تجار الروم ، فوجدت سبيلاً إلى البحرين وقطر وهجر وبعض جزر الخليج ، وكانت النصرانية في هذه البلاد على المذهب النسطوري ، مذهب نصارى العراق وفارس. والذي كان منتشراً في تلك البقاع ، وكان لأتباعه عدة أساقفة في مواقع من الخليج العربي ([50]) . أما العربية الجنوبية فقد رأى بعضهم أن " ثيوفيلوس " رسول قسطنطين الكبير ملك بيزنطية ، هو صاحب الفضل الأكبر بحمل رسالة النصرانية إلى تلك البقاع . فقد نصر هذا الأسقف عرب اليمن وأنشأ كنيسة في ظفار وأصبح رئيس أساقفتها مما يوحي بأنه أقام أساقفة آخرين للإهتمام بشئون الكنائس المنشأة ومن ظفار كان يشرف على كنائس اليمن والعربية الجنوبية والخليج ومن ضمنها كنيسة نجران ([51]) .

نظامهم الديني في الجزيرة العربية ..

لقد كان للعرب النصارى تنظيم خاص بدور العبادة وبالتعليم والإرشاد أخذوه من التنظيم الكنسي العام ، ومن التقاليد المتبعة والموروثة عن آباء الكنيسة منذ أوائل البشارة النصرانية . وللكنيسة رتب ودرجات ، وللقيمين على شئونها منازل وسلالم ، فلها رئيس أعلى ، وتحته جماعة من رجال الدين ، وله وللجماعة ملابس خاصة تتناسب مع درجاتهم ([52]) . ولهم معابد وبيوت وأوقاف وسيطرة على أتباعهم . فمن الدرجات والرتب التي عُرفت عند نصارى العرب في العصر الجاهلي ، درجة " بُطرك " أو بطريق ، أو بطرك ، وعرفه ابن منظور بـ " مقدم النصارى "([53]) .

ويلي البطرك في الدرجات الكهنوتية ( المطران ) وقد وسمه " القلقشندي " ، بأنه القاضي الذي يفصل الخصومات بين النصارى ([54]) . أما الأسقف ، فقد قال عنه " ابن منظور " ، أنه سمي أسقفاً لأنه يتخاشع ، وهو رأس من رؤوس النصارى في الدين ، والجمع أساقف وأساقفة ([55]) . أما "ابن خلدون" فيسميه نائب البطرك وخليفته ، إذ يقول :" وكان صاحب هذا الدين والمقيم لمراسيمه يسمونه البطرك وهو رئيس الملة ، يبعث نوابه وخلفاءه إلى ما بعد عنه من أمم النصرانية ويسمونه الأسقف أي نائب البطرك ، ويسمون الإمام الذي يقيم الصلاة ويفتيهم في الدين بالقسيس ، ويسمون المنقطع الذي حبس نفسه في الخلوة للعبادة بالراهب ، وأكثر خلواتهم في الصوامع "([56]) .

وقد روى صاحب السيرة النبوية عن ابن اسحاق قصة وفد نجران ، ومباهلتهم للرسول وامتناع الرسول عن المباهلة ، مسمياً أشراف الوفد بالسيد والعاقب والأسقف . فالأيهم هو السيد وصاحب الرحل ، وعبد المسيح هو العاقب ، أمير القوم وصاحب الرأي والمشورة ، وأبو حارثة بن علقمة هو الأسقف والحبر والإمام ([57]) . إن كلمة أسقف وكما تروي لنا كتب التواريخ والسير قد وردت في شروط الصلح الذي عقد بين الرسول وأهل نجران " لا يغير أسقف عن أسقفيته ولا راهب عن رهبانيته "([58]) . فالأساقفة هم حرز الرعية ورعاتها حسب قول الرسول بولس ، يأتون إلى محمد ، وهو صاحب دعوة ورسالة جديدة ، تغاير عقيدة النصارى في بعض الشئ ، ليدافعوا عن عقيدتهم وإيمانهم ، كما أننا نرى الأساقفة يتوافدون من كل حدب وصوب إلى مجامع عُقدت في القسطنطينية ونيقية وأفسس وخلقيدونية للنظر في بعض الهرطقات والبدع التي ظهرت هنا وهناك تارة تشكك في ( ألوهية ) الابن وطوراً تبحث في ماهية ( الروح القدس) وجوهره في عملية التثليث . وقد حضر تلك المجامع واشترك في جدالها ومناقشاتها ووقع على قراراتها ومحاضرها بعض الأساقفة المبشرين بين العرب ، وبعض أساقفة الخيام العرب ([59]) . منهم الأسقف بطرس الذي وقع على أعمال مجمع أفسس بصفته " أسقف محلة العرب " ، وتاتيموس ، الذي وقع على أعمال مجمع أنطاكية ، بصفته " أسقف العرب " ([60]) . ويبدو من اسم أسقف القدس في نهاية القرن الخامس الميلادي وكان اسمه ( الياس ) أن هذا الأسقف من أصل عربي ([61]) .

وقد أسهم الأساقفة الذين كانوا يديرون أمور النصارى العرب في الجدل الديني الذي قام أكثره على بحث موضوع طبيعة المسيح ، واشتركوا فيها ، فنقلوا إلى العرب " من حيث لا يقصدون " هذه الأبحاث التي عملت على تفريق المؤمنين وعدم جمع كلمتهم وتوحيدهم . وانعكس هذا التصرف على رؤساء الأديار وعلى الأكليروس بمختلف درجاته ورتبه ، كما وصل هذا الجدل الديني الفلسفي إلى المؤمنين وغيرهم . وقد وضع رؤساء أديرة أقليم العربية ([62]) رسالة وجهوها إلى يعقوب البرادعي ([63]) ، ردوا فيها على رأي يحى النحوي الذي قال بتثليث الجوهر الفرد ، وضمنوا هذه الرسالة دستور إيمانهم ([64]) . لقد كثر الجدل بين النساطرة ([65]) ، واليعاقبة ([66]) وكانت الرها عاصمة النساطرة ، وفيما تعلم عرب العراق وعلى رأسهم بعض أهل الحيرة المذهب النصراني النسطوري ، ومن الحيرة انتقل هذا الإيمان إلى جزيرة العرب ([67]) . وإلى العربية الشرقية إلى قطر وجزر البحرين وعمان واليمامة . وقد اشترك في مجامعهم أساقفة كانوا يديرون شئون نصارى العرب على المذهب النسطوري ، وقد انتقلت النسطورية إلى نجران واليمن بواسطة المبشرين وقوافل التجار ، وقد شجعها الفرس بعد دخولهم إلى اليمن ([68]) .

وقد بقيت النصرانية النسطورية قائمة في اليمن بعد الإسلام ، وقد كان مار بطرس أسقفاً لنجران وصنعاء في القرن الثامن الميلادي ، كما كان أساقفة نساطرة في مواضع متعددة من اليمن وعدن في القرن الثالث عشر للميلاد ([69]) . أما اليعاقبة أنداد النساطرة ومخالفوهم في المذهب بالنسبة لطبيعة المسيح ، فقد انتشر مذهبهم بين عرب بلاد الشام والبادية وخاصة بين عرب " بني تغلب " الذين بشرهم أحد تلاميذ يعقوب المسمى " أحودمي" والذي أقام بين التغلبيين كهاناً ورهباناً وبنى الأديار وأنشأ أسقفيتين ([70]) ، أسقفية العرب ، وأسقفية التغلبيين ([71]) .

وإلى جانب الخلافات القائمة بين النساطرة واليعاقبة ورؤساء مذهبيهما الأساقفة ، فقد كان لأسقف أنطاكية ( بولس السميساطي ) رأي آخر في المسيح ، وقد قيل أنه رأى نفسه بمنزلة المسيح ، فحكمت عليه الكنيسة بالهرطقة ، وحرمته ، وخلعته ، وقد كان منالمقربين إلى الملكة ( الزباء) .

ويحدثنا ياقوت الحموي عن نجران ، وعن الذين بنوا كعبتها فيقول : " بني كعبة نجران بنو عبدالمدان بن الديان الحارثي لتضاهي الكعبة التي في مكة ، وعظموها وسموها " كعبة نجران " وكان فيها أساقفة معتمون ، وهم الذين جاءوا إلى النبي للمباهلة "([72]) . مما يشير إلى أنالأسقف يومئذ كان يضع على رأسه العمامة ، ولعلها كانت لباس الرأس إلى زمن متأخر ، بعكس ما نراه اليوم إذ يعتمر بعض أساقفة النصارى " القلنسوة " وربما تطور لباس الرأس من عمامة إلى قلنسوة . كما يخبرنا ابن هشام : أن عاقب نجران – في أيام النبي – هو " عبد المسيح" رجل من كندة ، وسيد نجران " الأيهم" ، والأسقف هو " ابن حارة" أحد بني بكر بن أوائل ([73]) ، مما يدل على أن الرئاسة عند النصارىالعرب لم تكن تتبع عرفاً قبلياً في الزعامة ، بل ومن الأرجح ، أن تكون عملية الاختيار تتم بمقياس ومعيار ، لعله الإيمان والعلم والعمل الصالح .

ومن الدرجات الدينية عند النصارى "القسوسية " وقد فسر ابن منظور " القس " نقلاً عن أبي عبيدة رالرئيس من رؤساء النصارى في الدين والعلم ، وهو الكيس العالم ، وأنشد أبو عبيدة :

لو عرضت لأيبلي قس

أشعت في هيكله مُندس

حن إليها كحنين الطس([74])

وقد وردت لفظة " قسيسين " في القرآن :" ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى . ذلك منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون " ([75]) . ويدل قول القرآن على أن النصارى كانوا يضمرون الحب والوفاء إلى المسلمين الأوائل ... إذ تعلموا ذلك من قسيسيهم ورهبانهم ، وهم رجال دينهم .

ويلي القس في الرتب الكنسية " الشماس " . وقد قال عنه ابن منظور أنه من رؤوس النصارى : الذي يحلق وسط رأسه ويلزم البيعة . وقد قال ابن سيدة : وليس بعربي صحيح ، والجمع شمامسة ([76]) . ولفظة شماس لفظة قديمة وحديثة ، وردت في الكتاب المقدس ([77]) بمعنى خادم البيعة ومساعد الأسقف والقسيس في آداء الخدمات الدينية وخاصة في تقديس القداس .ولم تقتصر الشموسية على الرجال فقط بل كانت النساء أيضاً تؤدين هذه الخدمة ، قد قامت نساء في هذه الخدمة الدينية منذ عصر مبكر للكنيسة الرسولية ([78]) . ولا يزال بعضهن يخدمن الكنائس حتى هذا التاريخ . كما لا يزال بعض الشمامسة في بعض الطوائف يحلقون أواسط رؤوسهم ويتركون ما حولها . ومن الألفاظ التي تدل على رتب دينية وقد وردتنا من الزمن الجاهلي : " واقف " ([79]) أي المشرف على الأمور الإدارية والمالية ، و ( الوافه ،والواقه ، والواهن ) ([80]) وربما عنت الألفاظ الثلاثة " خازن الصليب الذي يحفظه من السرقة . والساعي ، ويقصد بها الرئيس ، وقد وردت في حديث حذيفة في الأمانة :" إن كان يهودياً أو نصرانياً ليردنه على ساعيه " ([81]) .

أما الراهب ؛ فهو المتعبد في الصومعة الذي يخشى الله ، أحد رهبان النصارى ([82]) . والرهبانية مصدر الراهب ، وقد ورد في القرآن :" وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ، ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله "([83]) . كما قال ابن الأثير ايضاً : هي من رهبنة النصارى ، واصلها من الرهبة ، كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا ، وترك ملاذها ، والزهد فيها ، والعزلة عن أهلها ، وتعهد مشاقها ، حتى أن منهم من كان يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه ، وغير ذلك من أنواع التعذيب "([84]) .

لقد عرف الجاهليون العرب الراهب بتولاً ، وعندما جاء الإسلام شهد على ذلك نافياً عن أتباعه صعوبة التبتل مستعيضاً عنها بالجهاد المقدس ، وقد روي عن الرسول قوله :" لا صروة في الإسلام "([85]) .. لقد سُمي الراهب الذي ربط نفسه عن ملاذ الدنيا " الربيط " كما سُمي " الحبيس "([86]) كما قيل له أيضاً " المقدسي" و "المقدس " ([87]) ومن المرجح تسميته بهذا الاسم لأنه زار بيت المقدس وفيها قبر السيد المسيح الفارغ ، لذلك فإن الصغار يتسارعون إليه ويلمسون ثوبه للتبرك ، وربما تمزق الثوب لتمسكهم به . ويقال للراهب أيضاً " النهامي " ([88]) بكسر النون ، كما قيل له " الأبيل " وهي لفظة سريانية " أبيلو Abilo" ومعناها الزاهد والناسك والراهب ([89]) .

لقد كان ، إذاً ، العرب وبخاصة شعراء الجاهلية على معرفة تكاد تكون تامة بجميع نواحي حياة الرهبان ، فمن بتولية إلى تقشف وتعبد في الصوامع وقلل الجبال ، إلى قواعد صلاة إلى لباس ومأكل ، ومن ثم إلىما استعمله أولئك الرهبان في الإضاءة وقت الصلاة ([90]). كما عرف الشعراء العرب الجاهليون " الكنيسة " ، وأطلقوا عليها ألفاظاً مختلفة ، ودخل بعضهم إلى داخلها وصلى فيها .

فكيف كانت كنائس الجاهليين ؟ .. ما هي صفاتها ؟

يقول جواد علي :" وقد زوق النصارى كنائسهم ، وجملوها ، وزينوها بالصور والتماثيل ووضعوا الصلبان على أبوابها وفي داخلها . ووضعوا بها المصابيح لإنارتها في الليل ، وكانوا يسرجون فيحا السرج ، وجعلوا بها النواقيس لتقرع فترشد المؤمنين باوقات الصلاة ، ولتشير إليهم بوجود مناسبات دينية ، كوفاة ، أو ميلاد مولود "([91]) . ومن الألفاظالتي اشارت إلى معبد النصارى " الكعبة " ، وقد اطلقت على " كنيسة نجران"([92]) وهي من أشهر كنائس نصارى الجاهلية العرب، يقول الأعشى:

وكعــبة نجران حتم عليك                     حــتى تناخي بأبــــوابها

نزور يزيد ، وعبد المسيح                وقيساً ، هم خير أربابها

إذا الحبرات ، تلــوت بهم                  وجروا أســــافل هُدابها

فإلى جانب ذكر اسم بيعة نجران وتسميتها بالكعبة ، فإن الأعشى يذكر القيمين على شئونها كما يبين ما كانوا يرتدونه من ثياب بإعطائها اسم الحبرات ، التي قال عنها المفسرون بأنها ضرب من برود اليمن ، وربما قصد الأعشى بالحبرات لباس الحبر وهو أحد رؤساء النصارى .

والهيكل لفظ آخر يعني معبد النصارى ، يقول حسان بن ثابت في مدح الحارث الغساني :

ولقد يراني مُعدي كأنني                في قصر دومة أو سواء الهيكل ([93])

ويقول الأعشى :

وما أيبلي على هيكل              بناه وصلب فيه وصارا ([94])

أما لفظة " بيعة " فقد وردت في نص أبرهة الشهير ، الذي وجد على بقايا سد مأرب . وقد جاء فيه :" وقدس بعتن " [ وقد البيعة ] ([95]) . كما ذكرها حاتم الطائي ([96]) – أما ورقة بن نوفل فإنه يدخل إلى البيعة ، متى أراد فيصلي ويكثر الأدعية مباركاً الله ، على أنه يهدي إليه الكثيرين الذين يكثرون الدعاء باسمه ومنهم زيد بن عمرو بن نفيل الذي نبذ عبادة الأوثان في الجاهلية واهتدى إلى عبادة الله وقال :

أرباً واحداً أن ألف رب                    أدين إذا تقسمت الأمور

فيجيبه ورقة قائلاً :

رشدت وأنعمت بن عمرو وإنما              تجنبت تنوراً من النار حامياً

إلى أن يقول :

أقول إذا صليت في كل بيعة               تباركت قد أكثرت باسمك داعياً([97])

وفي العربية لفظة أخرى لمعبد النصارى ، ألا إنها لفظة " القليس "([98]) . وهي بيعة للحبش كانت بصنعاء . وقد ذكر القرآن لفظة " بيع " بعد لفظة " صوامع" :" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع "([99]) . وصومعة النصارى تبنى في " قلل الجبال " دقيقة الرأس يقيم فيها الرهبان للصلاة والتعبد ([100]) . ويدل ورود اللفظة في القرآن بصورة الجمع على أن الجاهليين القريبين من العصر الإسلامي كانوا على معرفة بالصوامع مكان إقامة الرهبان ، وبالبيع أيضاً مكان تجمع النصارى للصلاة والتعبد .

وترد لفظة " قلية " في كتاب أهل الشام النصارى إلى عمر بن الخطاب لما صالحوه " إنا لا نحدث في مدينتنا كنيسة ولا قلية ولا نخرج سعانين ولا باعوثا"([101]) . وقد تطورت اللفظة لتصبح " قلاية " وتطلق على مكان إقامة المطران أو البطرك ، وحتى يومنا هذا . أما لفظة " الدير" ، فهي من اللفاظ المشهورة عند النصارى قديماً وحديثاً ، وقد عرفها عرب الجاهلية . وذلك لإنتشارها في مواضع كثيرة من بلاد الشام والجزيرة العربية . فعرج عليها التجار واصحاب القوافل للراحة والزود بالماء . والدير كما عرفه ياقوت الحموي : بيت يتعبد فيه الرهبان ، ولا يكون إلا في الصحاري ورؤوس الجبال ([102]) . وكما كانت هناك أديرة للرجال ، فقد كانت للراهبات أيضاً أديرة ، يقول الثرواني :

يا دير حنة عند القائم الساقي                     إلى الخورنق من دير ابن براق ([103])

ويقول الثرواني أيضاً ذاكراً ديراً آخر سمي باسم إمراءة وهي " أشموني":

أشرب ، على قرع النواقيس ،             في دير أشمــــــــــــوني بتفليس

إلا على قــــــرع النواقيــــ                    ـس ، أو صوت قُسان وتشميس([104])

والمحراب من الالفاظ التي استعملها النصارى العرب في أمور دينهم ، إذ أطلقت على صدر الكنائس . وقدذكرها القرآن ([105]) كما وردت في أشعار الجاهليين () ، وهناك ألفاظ تدل على بيوت العبادة للنصارى كـ " التامور " و " الغربال " و " الأسطوانة "([106]) . وقد كان أبرز ميزة لمعابد النصارى – زمن الجاهلية – الناقوس ، الذي ينصب فوق سطوح المعابد لإعلان فروض الصلاة ن ولدعوة المؤمنين للإجتماع عند حدوث أمر مهم يستلزم الاجتماع  .

أعياد النصارى ..

1- عيد السعانين :

لقد كان للنصارى العرب أعياد يحتفلون بها ، وكانت لهذه الأعياد طقوس معينة وعادات وتقاليد مختلفة ، لا يزال بعضها متبعاً إلى اليوم . من هذه الأعياد عيد (السعانين) ، ويسمى اليوم عيد الشعانين ، وقد ذكره النابغةالذبياني بشعر مدح به أحد ملوك غسان النصراني ناعتاً إياه بيوم السباسب ، يقول :

رقاق النعال طــيب حجــــزاتهم                 يحيون بالريحــــــــــــــان يوم السباسب

تحييهم بيــض الولائـــد بينـــهم            وأكســـــــــية الأضريج فوق المشاجب

يصونونأجساداً قديماً نعيمــــها،            بخالصة الأردان ، خضر المناكب([107])

وكأنى بأولئك القوم يخرجون في هذا العيد ، وفي يد الباعوث كما سنرى ، خارج دور عبادتهم يحملون قُضب الريحان ، وربما أغصان السباسب([108]) أيضاً ، وأعواداً تعلق عليها أكسية الإضريج وبين صفوفهم بيض الولائد ، وربما عنى الشاعر بذلك الفتية والفتيات الذين يرتدون الملابس البيضاء في عيد الشعانين. وهذا التقليد لا يزال متبعاً إلىاليوم في أكثر كنائس المسيحيين . إذ يرتدي الأولاد لباساً أبيض يحملون " الشعانين " وهي كناية عن شمعة تحيط بها أغصان الزيتون وقضب الريحان وأغصان النخل ، ويخرجون خارج الكنيسة بمسيرة يسمونها " الزياح". وقد وردت كلمة شعانين وباعوث في صحيفة صلح " عمر" مع نصارىالشام ، أن لا يحدثوا كنيسة ولا قلية ، ولا يخرجوا سعانين ولا باعوثا([109]) . والذي نستخلصه من هذا القول ، أن المسيحيين كانوا يخرجون خارج المعابد في عيدي السعانين والباعوث ، وهذا ما يفعله النصارى الشرقيون إلى اليوم . وقد قال ابن الأثير : السعانين عيد للنصارى يقع قبل عيدهم الكبير بأسبوع([110]) . وهذا هو التقليد المتبع إلى هذا التاريخ.

2- العيد الكبير (الفصح)

أما خميس الفصح فهو عيد يلي السعانين ، إذ يأتي بعده بثلاثة ايام ، ويسبق الفصح ، ويذهبون فيه إلى الكنائس والبيع([111]). ثم يأتي العيد الكبير ، حسب تعبير ابن كثير ، ألا وهو عيد الفصح . وقد احتفل به نصارى الجاهلية ، فأوقدوا فيه المشاعل ، وعمروا القناديل ، وأضاءوا الكنائس بالسرج بعد أن أموها للإحتفال بالفصح الذي قال فيه عدي بن زيد العبادي :

  بكروا على بسحـرة فصحبتهم           بإناء ذي كـــــرم كعقب الحالب

بزجاجة ملء اليـــــدين كأنها             قنديل فصح في كنيسة راهب([112])

وعن تهيئة المصابيح لعيد الفصح يقول أوس بن حجر:

عليه كمصباح العزيز يشبه                 لفصح ويحشوه الذُبال المفتلا ([113])

وفي الفصح يطلق الملوك وذوو السلطان من النصارى أسراهم تقرباً إلى الله ورجاء . وقد ذكر الأعشى في مدح هوذة بن علي :

  ففك عــن مائة منـــهم وثاقهم ،            فأصبحــــــــــــــوا كلهم من غُلة خُلعا

بهم تقرب يوم الفصح ضاحية              يرجو الإله بما سدى وما صنعا([114])

وعنالتقاليد المتبعة في الفصح والتهيئة والإعداد له يقول حسان في مدح جبلة بن الأيهم :

  قد دنا الفصح فالولائد ينظمن              سراعا اكلة المرجان ([115])

ومن التقاليد المتبعة زمن الجاهلية ، هي زيارة الأضرحة والمقابر أيام الأعياد ، يصلون قربها ، طلباً لراحة الموتى ، وإظهار لشعورهم ، بأن المفارق لا يزال حبه في القلوب ([116]) . وهو عرف متبع في كنائس النصارى الشرقيين إلى هذا التاريخ .

بعض الأحكام الدينية عند النصارى..

لقد أشير في أشعار الجاهليين إلى تعبد النصارى وصلواتهم ، وخاصة منهم الرهبان والنساك الذين اعتكفوا في الصوامعوالبيعوالأديرة والأديرة النائية يعبدون الله بتلاوة "الإنجيل" والصوم والصلاة . يقول عدي بن زيد العبادي :

  وأوتينا الملك والإنجيل نقرؤه             نشفي بحكمته أحلامنا عللا ([117])

وماداموا يقرؤون الإنجيل فلا بد أنهم عرفوا الصلاة والصوم ، يقول أمية بن أبي الصلت :

  صدت كما صد عما لا يحل له              ساقي نصارى قبيل الصبح صوام ([118])

ولقد صلى النصارى ركوعاً ؛ يقول المضرس الأسدي :

  وسخال ساجية العيون خواذل              بجماد لينة كالنصارى السجد([119])

كما صلى النصارى وهم واقفون ، يقول البعيث :

  على ظهر عادي كان أرومه           رجال يتلون الصلاة قيام ([120])

ولقد كان النصارى يصلون فرادى وجماعات ورتلوا المزامير بأنغام وألحان شجية ، وقد عرف ترتيل القسيسين بـ ( الهينم) وهو النغم بأصوات خافتة ، يقول رؤبة :

  لم يسمع الركب بها رجع الكلم              إلا وساويس هيانيم الهنم ([121])

 

كما عرفوا التلحين في الصلاة . يقول ابن منظور : اللحن ؛ التطريب وتجيع الصوت وتحسين القراءة ، وإن النصارى يقرؤون كتبهم نحواً من ذلك ([122]) .

ولقد عرف الجاهليون العرب " التصبيغ " اي التعميد ، يقول الأزهري : وسمت النصارى غمسهم أولادهم في الماء صبغاً لغمسهم إياهم فيه ([123]) . ويقول الفراء : إنما قيل صبغة لأن بعض النصارى كانوا إذا ولد المولود جعلوه في ماء لهم كالتطهير والختانة ([124]) .

عقيدة النصارى كما صورها القرآن ..

لقد أفردنا شروحاً مفصلة لجوانب العقيدة المسيحية ، راجع في ذلك :

-         هل يقول القرآن بتحريف الكتاب المقدس ؟

-         هل تنبأت التوراة والإنجيل عن محمد؟

-         هل يحارب القرآن الثالوث كما يعلنه الكتاب المقدس؟

-         هل من تثليث في القرآن؟

-         ما الذي يقوله القرآن عن يسوع المسيح ؟

-         من أين جاء القرآن بصيغة الاسم " عيسى"؟

-         على ماذا تدل ألقاب السيد المسيح في القرآن؟

أثر النصارى في الجزيرة العربية ..

لقد كان للنصرانية أر في ميادين مختلفة من نواحي الحياة ، لم تمحه الأزمان ولم يعف عليه الدهر . فالنصارى العرب يتواجدون في أكثر من مكان في أرض العرب ، وهم على صلات شبه مستمرة بأتباع دينهم من الروم والأحباش وغيرهم . وهذا التواجد والاتصال ترك بصماته في عرب الجاهلية ، في الفكر أو اللغة أو العقيدة أو في الخلقية والاجتماعية والفنية أيضاً.

لقد ورد فيشعر عدي بن زيد العبادي ،الشاعر الذي برع في العربية وبرز في الفارسية ، بعض المعربات مما يدل على أثر الفارسية والآرامية فيه ([125]) كما ورد في شعره الشئ الكثير في الزهد وترك الدنيا التي لا تدوم على حال ، يقول :

ليس شئ على المنون بباق                 غير وجه المسبح الخلاق ([126])

ويقول للنعمان بن المنذر ، وهما يمران بظاهر الحيرة على المقابر : أبيت اللعن أتدري ما تقول هذه المقابر ! إنها تقول :

أيها الركب المخبون                    على الأرض المجدون

كما أنتم كنـــــــــا و                 كما نحــــن تكونون ([127])

ولعل نصارى الجاهلية قد حدثوا غيرهم بحكايات العهد القديم من الكتاب المقدس ، فعرف العرب الوثنيون منهم قصة خلق الأرض والإنسان . يقول عدي بن زيد في نهاية قصيدة يفصل فيها خلق الله للأرض والسماء والإنسان :

قضى لستة أيام خلائقه                  وكان آخرها أن صور الرجلا

دعاه آدم صوتاً فاستجاب له                     بنفخة الروح في الجسم الذي جبلا ([128])

كما حدثوا بالعهد الجديد وما فيه من معاني الزهد في الحياة وعدم الاهتمام بها . ألم يقل السيد المسيح :" لا تهتموا بما للغد و لا بما تأكلون وتشربون " وهذا حاتم الطائي يقول بهذا المعنى :

كلوا الآن من رزق الإله ، وايسروا                     فإن الرحمان ، رزقكم غدا ([129])

ويقول أيضاً :

إذا كان بعض المال رباً لأهله             فإني بحمد اللهمالي مُعبد ([130])

وهذا يتوافق وقول الإنجيل " لا تعبدوا ربين إما الله وإما المال ".

فهذه الشذرات الإلهية ،من أين أتى بهاشعراء الجاهلية ؟ لو لم يطلعوامن أهلالكتاب ، وخاصة النصارى ، على إيمانهم وما يشمله هذا الإيمان من التقرب لله إبتغاءمرضاته ، من أعمال للبر والتقوى وأخذ بالمعروف ونهي عن المنكر ، يقول أمرؤ القيس :

أقبلت مقتصداً وراجــــعني                حلمـــــــــــي وسدد للتقى فعلي

والله انجــــع ما طلبــت به               والبـــــــــــر خير حقيبة الرحل

ومن الطريقة جائر وهـــدى              قصد السبيل ومنه ذو دخل ([131])

أما المنقب العبدي الشاعر الجاهلي القديم فيطالعنا بشعر فيه مناداة " بنعم نعم ولا لا " ومن زاد على ذلك فهو من الشرير ، كما ورد في الكتاب المقدس . كما أن فيه الكثير من الحرص على رضا الناس ، وتحاشي الغيبة وتجنب الرياء ن والحلم على الجهال . إنه نفحة في رياض الله ، فيقول :

لا تقولـــــن إذا لم تـــــــــــرد                     أن تتم الوعــــــد في شـــئ " نعم"

إن "لا" بعد "نــــــعم" فاحشة                     فبـ"لا" فابـــدأ إذا خفــــــــت الندم

لا ترائي راتعـــاً في مجلــــس                   في لحــــــوم الناس كالسبع الضرم

إن شر النـــاس من يكشــر لي                  حيـــن يلقـــــــــاني وإن غبت شتم

وكلام    سئ    قد      وقرت               أذني  عنه وما بي من صمم ([132])

إن الله فاحص القلوب والكلى يعرف خفايا القلوب ومكنونات الصدور وسيكشف لكل إنسان أعماله وما اقترفت يداه في يوم الحشر ن يوم الحساب ، وهو المنتقم الجبار ، يقول زهير في ذلك:

فلا  تكتمن الله  ما في نفوسكم               ليخفى  ومهما  يُكتم  الله   يعــلم

يؤخر  فيوضع في كتاب فيدخر          ليوم الحساب أويُعجل فينقم ([133])

أما إرادة الله في خلقه ، يحي من يشاء ويميت من يشاء ، في زمن معين ومكان فقد اطلع العرب الجاهليون على ذلك ولعلهم عرفوه ، وبعضهم آمن به ، من أهل الكتاب وخاصة النصارى لتواجد الكثير من القبائل النصرانية العربية في أكثر من مكان ، أديرتهم مفتوحة لكل غاد ورائح وقاطع سبيل وخاصة قوافل التجار يميلون إليها للإستراحة والتزود بالماء ، وللإستماع إلى أقوال الرهبان والقسيسين . ومحمد نفسه وقصة لقاءه ببحيرة الراهب معروفة للجميع ، ولا تكاد تخلو منها سيرة للرسول .

ولكي لا نطيل ، فدواوين الشعراء الجاهليين مليئة بعقائد تدل على تأثرهم بما علموه من اليهود ، وبخاصة النصارى ، فقد أثرت النصرانية في عرب الجاهلية من ناحية الفن ، غذ أدخلت إليهم فناً جديداً في البناء ، هو بناء الكنائس والأديرة والمذابح والمحاريب والزخرفة ، كما أدخلت النحت والتصوير ([134]) .


[1] - قاموس الكتاب المقدس ، ص 860

[2] - لوقا 1 : 26

[3] - متى 2 : 23

[4] - لوقا 3 : 23 و مرقس 1 : 24

[5] - متى 21 : 11 و مرقس 1 : 24

[6] - يوحنا 19: 19

[7] - البقرة 2 : 62 و 111 و 113 و 120 و 135 و 140

[8] - المائدة 5 : 14 و 18 و 51 و 69 و 82

[9] - التوبة 9 : 30 ، الحج 22 : 17

[10] - المائدة 5 : 82

[11] - د. السيد عبد العزيز سالم ، تاريخ العرب قبل الإسلام ، ذاكرة الكتابة(12) ، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مصر ، ط2 ، ص 439

[12] - المرجع السابق ، ص 439

[13] - نفس المرجع السابق

[14] - أعمال 2 : 1 - 12

[15] - المقصود بالأمم ؛ كل إنسان غير يهودي ، من أي جنس أو عرق أو نسب كان

[16] - شاول اسم بولس الرسول قبل تنصره ( أعمال 8 : 3 )

[17] - أعمال 8 : 3

[18] - أعمال 9 : 2 وما بعدها

[19] - غلاطية 1 : 16 - 22

[20] - كنيسة القديس حنانيا حيث كان يقيم ، والكوة قرب " باب شرقي " في سور دمشق

[21] -  تاريخ الكنيسة ، عربه عن الروسية الكسنروس مطران حمص ، ص 40

[22] - المرجع السابق ، ص 64

[23] - تاريخ العرب قبل الإسلام ، مرجع سابق ، ص 430

[24] - نفس الرمجع السابق

[25] - معجم البلدان ، 2 / 154 ، صادر

[26] -  نسبة إلى نسطور ، بطريرك القسطنطينية ، قال بالطبيعة الواحدة الإنسانية للمسيح ، حكم عليه بمجمع أفسس عام 431م.

[27] - أديان العرب في الجاهلية ، محمد نعمان الجارم ، القاهرة ، 1923 ، ص 204

[28] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام ، جواد علي ، 6 / 599

[29] - نسبة إلى آريوس الذي لم يقتنع بأن الاب والابن من جوهر واحد ، إذ أن المسيح مخلوق وقد حكم عليه في مجمع نيقية ( عام 325م.) . ول ديورانت ، قصة الحضارة ، ترجمة محمد بدران ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، مكتبة الأسرة 2001، القاهرة ، 11 / 395

[30] - تاريخ الكنيسة ، مرجع سابق ، ص 195

[31] - تاريخ الكنيسة ، مرجع سابق ، ص 195

[32] - نفس المرجع السابق

[33] السيرة النبوية لابن هشام ، 1/33 وما بعدها

[34] - نفس الرمجع السابق

[35] - سورة البروج 4 - 8

[36] - السيرة النبوية ، مرجع سابق ، 1/36

[37] - سورة آل عمران 3 : 169 ، والسيرة النبوية ، المرجع السابق ، 1/37

[38] -  معجم البلدان ، 1/487

[39] - المرجع السابق ، 1/292

[40] - نفس المرجع السابق

[41] - لويس شيخو ، النصرانية وآدابها ، ص 448

[42] - ديوان حسان ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، ص 64

[43] - السيرة النبوية ، مرجع سابق ، 1/393

[44] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/103

[45] - سورة النحل 16 : 103

[46] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/606

[47] - السيرة النبوية ، مرجع سابق ، 1/421

[48] - معجم البلدان ، مرجع سابق ، 5/442

[49] -  ديوان الأعشى ، المؤسسة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ، ص 110

[50] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 2/648

[51] - المرجع السابق ، 3/457

52 -  المفصل في تاريخ الجزيرة ، مرجع سابق ، 6/638

[53] -  لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، 10/410

[54] - أبي العباس أحمد بن علي القلقشندي ، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، المؤسسة المصرية العامة ، 5/473

[55] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 9/156

[56] -  مقدمة ابن خلدون ، دار القلم ، بيروت ، ط1 ، 1978 ، ص 233

[57] - السيرة النبوية ، مرجع سابق ، 1/573 وما بعدها

[58] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/639

[59] - النصرانية وآدابها ، مرجع سابق ، 1/33 وما بعدها

[60] - المرجع السابق ، 1/34

[61] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع اسبق ، 6/626

[62] - يمتد من شرقي بلاد الشام إلى نهر الفرات . النصرانية وآدابها ، 1/105

[63] - مؤسس طائفة " اليعاقبة"

[64] -  النصرانية وآدابها ، مرجع سابق ، 1/105

[65] - نسبة إلى نسطور أسقف القسطنطينية الذي قال بطبيعتين للمسيح ، حكم على هرطقته في مجمع أفسس

[66] - نسبة إلى يعقوب البرادعي ، والقائل بالطبيعة الواحدة للمسيح

[67] - المفصل في تاريخ الجزيرة ، مرجع سابق ، 6/628

[68] - النصرانية وآدابها ، مرجع سابق ، 1/59 وما بعدها

[69] - المرجع السابق ، 1/67

[70] - راجع معنى الأسقفية بالكتاب المقدس ( 1 تيموثاوس 3 : 1 – 7 )

[71] - المفصل في تاريخ الجزيرة ، مرجع سابق ، 6/632 ، عن ذخيرة الأذهان 1/303

[72] - معجم البلدان ، مرجع سابق ، 5/268

[73] - السيرة النبوية ، مرجع سابق ، 1/573

[74] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 6/174 ، مادة (قس)

[75] -  القرآن (سورة المائدة : 82)

[76] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 6/114 ، مادة ( شمس)

[77] - الكتاب المقدس ( 1 تيموثاوس 3 : 8 – 13 ، فيلبي 1 : 1 وما بعدها )

[78] - الكتاب المقدس ( رومية 16 : 1 وما بعدها )

[79] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 9/360 ، مادة ( وقف)

[80] - المرجع السابق ، 13/561

[81] - المرجع السابق ، 14/387

[82] -  المرجع السابق ، 1/437 ، مادة ( رهب)

[83] - القرآن ( سورة الحديد : 27)

[84] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 1/438

[85] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/646

[86] - معجم البلدان ، مرجع سابق ، 2/213

[87] -  لسان العرب ، مرجع سابق ، 6/169

[88] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 12/594 ، مادة ( نهم)

[89] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/648

[90] - المفضليات ، دار المعارف ، مصر ، ص 99

[91] -  المفصل في تاريخ الجزيرة ن مرجع سابق ، 6/650

[92] - معجم البلدان ، مرجع سابق ، 5/268

[93] - ديوان حسان بن ثابت الأنصاري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ص 184

[94] - ديوان الأعشى ص 84 ، ولسان العرب ، 11/7 ، مرجع سابق

[95] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/651

[96] -  فلو كان ما يُعطى رياء لأمسكت             به جنيــــــات اللوم ، يجذبنه جذبا

 ولكنما يبــــــغي به الله وحــــده                 فأعط فقد أربحت في البيعة الكسبا

الديوان ، ص 30 ، دار بيروت

[97] - الأغاني ، مرجع سابق ، 3/16

[98] - لسان العرب ، مرجع سابق ن 6/180 ، مادة ( قلس)

[99] - القرآن ( سورة الحج : 40)

[100] -  لسان العرب ، مرجع سابق ن 8/208

[101] - لسان العرب ، مرجع اسبق ، 15/201

[102] -  معجم البلدان ، مرجع سابق ، 2/495

[103] - معجم البلدان ، مرجع سابق ، 2/496

[104] - نفس المرجع السابق ، وأنظر ما ذكره ياقوت عن الأديرة فيما يلي من صفحات

[105] - القرآن ( آل عمران : 37، 39 و مريم : 11, 12)

[106] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/656

[107] - ديوان النابغة الذبياني ، المؤسسة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ، ص 12 و لسان العرب ، مرجع سابق ، 1/460

[108] - أنظر شرح كلمة السباسب في لسان العرب ، مرجع سابق ، 1/459

[109] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 15/201 ، مادة (قلا)

[110] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 13/209 ، مادة (سعن)

[111] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/660 ، عن النصرانية وآدابها ، مرجع سابق ، ص 216.

[112] -  الأغاني ، مرجع سابق ، 9/53

[113] - الديوان ، دار صادر ، بيروت ، ص 84

[114] - الديوان ، ص 110

[115] - ديوان حسان بن ثابت الأنصاري ، مرجع سابق ، ص 252

[116] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/661

[117] - الحيوان، الجاحظ ، تحقيق فوزي عطوي ، دار صعب ، بيروت ، ص 80

[118] - النصرانية وآدابها ، مرجع سابق ، 179

[119] - المرجع السابق ، ص 177

[120] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 2/471.

[121] - لسان العرب ، مرجع سابق ، 12/623

[122] - المرجع السابق ، 13/383

[123] -  المرجع السابق ، 8/437

[124] - المرجع السابق ، 8/438

[125] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ن 6/664

[126] - الأغاني ، مرجع سابق ، 2/26

[127] - المرجع السابق ، 2/34

[128] - الحيوان ، مرجع سابق ، 4- 7، ص 80

[129] - ديوان حاتم الطائي ، دار بيروت ، 1974 ، ص 41

[130] - المرجع السابق ص 35

[131] - ديوان أمرؤ القيس ، دار صادر ، بيروت ، ص 152

[132] - المفضليات ، مرجع سابق ، قصيدة رقم 77 ، ص 293 - 294

[133] - شرح المعلقات السبع " للزوزني " ، دار الجيل ، بيروت ، ص 110

[134] - المفصل في تاريخ الجزيرة العربية ، مرجع سابق ، 6/690