أسئلة متفرقة

varied Problems

البابا شنوده الثالث

سنوات مع أسئلة الناس الجزء السادس

مقدمة الكتاب

1فشل البرنامج الروحى

2إنهار مثله الأعلى

3لماذا اسقط ؟

4صلاة لم تستجيب

5روحيات الخماسين

6الخوف وطاعة الوصية

7أسلمهم إلى ذهن مرفوض

8الحب والمغفرة

9الايقونات وغرفة النوم

10مشلكة طالبة رهبنة

11اطلب دمكم لأنفسكم

12مدرسة تقدم خدمة

13التهريج والتزمت

14تزوجت ضد إرادتها

15يعزون الأسقف

16نظامنا في الميراث

17هل الدفاع عن الإيمان خطية إدانة ؟

18تعميد النساء الكبيرات

19هل ورثنا الخطية الجدية ؟

20هل أخطأ أم أبواه ؟

21هل تعذبوا في الجحيم ؟

22هل انتهى عمل المسيح بالفداء ؟

23الفرق بين الأسقف والقمص

24هل اتقفنا مع البروتستانت في المعمودية ؟

25من أين أتت الوثنية ؟

26سلامة الإنجيل من التحريف

27غير متأكده من عمادها

28من ارتد وعاد

29تناول السواح

30بأنواع وطرق شتى

31الروح كلمنى

32كيف عرف التلاميذ ؟

33هل استمر في الصوم ؟

34لماذا لا نطلب المواهب

35اللوح المقدس المكرس

36الخوف من الموت

37كتابات الآباء والأنبياء

38الشيطان تحت قدامى !

39هل خرب الشيطان الأرض ؟ وأعاد الله تكوينها في السته أيام

40واعظ يركز على الدم

41هل نحن على عرش الله ؟!

42هل كل مرض من الشيطان ؟

43الفرح والانسحاق

44هل الله يستخدم الشيطان ؟!

45يتغذى بالشيطان !!

46من يشتكى عليك

1) مصادر الأفكار الشريرة

2) الحسد

3) هل يعطي العشور للأقارب

4) احتياطي المال ودفع العشور

5) الفضول و التطفل

6) هل هذا النذر حلال أم حرام

7) أول خطية

8) المسئولية عن خطية لم ترتكب

9) الخدمة الاجتماعية عمل الكنيسة أم الدولة

10) التراتيل بأنغام الأغاني الشعبية

11) كيفية مقاومة الأفكار

12) محبة الأعداء

13) العقوبة وعصر النعمة

14) ما معني صرت لليهودي كيهودي

15) كيف تعالج المشاكل

16) السرعة أم التروي

17) في الخفاء أم العلانية

18) النقد والإدانة

19) هل الأسرار تباع

20) ما معني امسكتك عن أن تخطئ

مقدمة الكتاب

نشرنا لك أيها القارئ العزيز الاجابة على 219 سؤالاً في الأجزاء الخمسة السابقة ، حاولنا بقدر الإمكان أن نصفها .

فكان الجزء الأول عن أسئلة كتابية ، يختص بآيات في الكتاب المقدس تحتاج إلى توضيح وفهم . والجزءان الثاني والرابع اجابة عن أسئلة عقائدية وطقسية . والجزء الثالث كان خاصاً بالأجابة على أسئلة روحية . والجزء الخامس للأجابة على منوعات غالبيتها أسئلة روحية .

وهذا الجزء السادس الذي بين يديك يحوي الأجابة على أسئلة منوعة .

ولكن الجزء في هذا الجزء على 46 سؤالاً ، فتكون مجموعات الأسئلة حتي الآن هي 265 وهدفنا من مجموعات هذه الكتب أن يكون للجميع فكر واحد في مواجهة المسائل الكتابية والعقائدية والروحية وغيرها . وأن يكون هذا الفكر مؤيداً بآيات الكتاب المقدس . ولازال أمامنا رصيد كبير من الأسئلة ، تمت الإجابة عليها في الاجتماعات العامة وفي أثناء المحاضرات اللاهوتيه بالكلية الإكليريكية . ونرجو أن نتابع نشرها بالتوالي حسبما يعطينا الرب من قوة ونعمة .

وإلى اللقاء في الكتاب السابع ، إن أحبت نعمة الرب وعشنا .

البابا شنودة الثالث

( 1 )

فشل البرنامج الروحي

سؤال

بدأت في تنفيذ برنامج روحي بكل حماس . ولكن لم تمض بضعة أيام ، إلا وأصابني فتور ولم استمر ... أرجو المشورة .

الجواب

اعلم أن كل تدريب روحي تمارسه ،

يقابله حسد ومقاومة من الشياطين .

فالشياطين لا يريحهم أن تفلت من أيديهم بتنفيذ برنامج روحي ، لذلك يقاومونك حتى تفشل وتقع في اليأس ، وتبطل عملك الروحي ولا تستمر ، كما حدث لك . أما أنت ، فعليك أن تصمد وتقاوم ، وتستمر في برنامجك مهما كانت الحروب الخارجية . فهذا هو الجهاد الروحي ... قاوم التعب ، وقاوم الفتور . ولا تظن أن كل البرامج الروحية لابد أن تمر سهلة !!

وإذا انكسر التدريب الروحي ، لاتيأس . قم وابدأ من جديد .

نقطة أخري : وهي أن التدريب الروحي ، يجب أن يكون في مستوي قدرتك ، وفي مستوي درجتك الروحية .

فمن الجائز إن سلكت في تدريب صعب بالنسبة إليك ، أن تتعب ولا تستمر ولذلك كان الآباء الروحيين يتدرجون مع أبنائهم . يعطونهم تداريب في مقدورهم . فإن نفذوها ، واستمروا فيها فترة طويلة ، حتي صارت طبيعية بالنسبة إليهم ...

حينئذ يرفعونهم قليلاً قليلاً ، درجة درجة .

بزيادة بسيطة ممكنة ، حتى يتقونها تماماً ، فيزيدونها قليلاً ولفترة طويلة ، وهكذا يأخذون بأيديهم خطوة خطوة حتى يصلوا ، وليس بطفرة أو قفرة عالية مرة واحدة ..! فليس هذا هو المنهج الروحي السسليم . سهل جداً أن يستمر شخص يومين في تداريب صعب ، ثم يفشل ... ولعل لبعض يحفظ هذا المثل المعروف :

قليل دائم ، خير من كثير منقطع .

إذن لا تبدأ بوضع مثالي خيالي لا تستمر فيه . بل ابدأ بالوضع الممكن علمياً ، لا يرهقك ولاتسلك فيه بمشقة زائدة لاتستطيع أن تحتملها طويلاً ... سواء في تداريب الصلاة أو الصوم أو الصمت أو القراءة أو الوحدة ... ولا تحاول أن تنفذ الدرجات التي ذكرت في البستان ، وقد وصل إليها الآباء بعد جهاد طويل لم يسجله تاريخهم .

كذلك فإن الطفرات السريعة ، ربما تتسبب في حروب المجد الباطل .

على الرغم من أنها صعبة ، وغير ثابتة ... أما التداريب التدريجية بالاتفاع البطئ ، فهي أكثر ثباتاً ، ولا تجلب لك حروباً وافتخار الذات . ولتكن تداريبك تحت إرشاد من أب مختبر . وليكن الرب معك .

( 2 )

إنهار مثله الأعلى

سؤال

ماذا يفعل الإنسان ليستعيد الثقة في الناس ، بعد أن إنهار أمام عينية مثله الأعلى ؟

الجواب

أول نقطة أحب أن أقوالها لك هي :

ليكن مثلك الأعلي هو السيد المسيح نفسه ، وسير القديسين

حتي بالنسبة إلى القديسين ، ذكر لنا الكتاب ، إنهم بشر مثلنا معرضين للسقوط ، وسجل بعض خطايا الآباء والأنبياء . بل قال الكتاب عن إيليا الذي أغلق السماء وفتحها ، والذي صعد إلى السماء في مركبة نارية ... قال عنه :

إيليا كان إنساناً تحت الآلام مثلنا " ( يع5 : 17 ) .

ومع ذلك " صلى صلاة أن لا تمطر السماء ، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر . ثم صليى أيضاً فاعطت السماء مطراً " ...

لذلك ليكن قلبك حنوناً على الناس .

ولاتقل " إنهار مثلي الاعلى أمام عيني " !! إن بطرس لم يحدث أنه إنهار كمثل أعلى أمام المسيح وأمام التلاميذ ، لما انكر الرب أمام جارية ، ولعن وحلف وقال لا اعرف الرجل ( مت26 : 9674 ) . وداود النبي لم يسقط كمثل أعلى ، لما زني وقتل ولجأ إلى طرق ملتوية من الخداع ( 1صم11 ) . وهكذا في باقي خطايا الأنبياء ... لذلك ما أصعب قولك إن مثلك الأعلى إنهار أمام عينيك !! إن داود يقول عن الرب في مغفرته " لأنه يعرف جبلتنا ، يذكر أننا تراب نحن " ( مز103 ).تذكر أن القديسين معرضون لحروب شديدة . وقد قال الكتاب عن الخطية إنها طرحت كثرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء " ( أم7 : 26 ) . ومع أنهم سقطوا قتلي ، إلا أن الكتاب قال عنهم إنهم أقوياء ... على الرغم من سقوط شمشون أمام إغراء دليلة ، إلا أن الرسول ذكره ضمن رجال الإيمان ( عب11 : 32 ، 33 ) .

أما كيف نستعبد ثقتك بمثلك الأعلي ؟

فعليك أن تتذكر أعماله الفاضلة القديمة التى من أجلها إتخته كمثل أعلى وأيضاً لا يجوز أن تلغي شخصيته كلها من أجل عمل واحد ... أو قل لنفسك ( لكل إنسان ضعفاته ) أو صل من أجله ...

وإذا حدث أمامك خطأ من مثل أعلى ، لاتفقد الثقة بكل الناس .

ربما توجد أمثلة عليا أخرى ، تعرفها أو تعرفها ... فلا تعمم المشكلة التي واجهتك ، ولا تتعقد من جهة جميع الناس . وهناك نقطة أخرى أقولها لك وهي :

كثير من الأبرار الذين سقطوا ثم تابوا ، رفعتهم التوبة إلى درجات أعلى بكثير من حالتهم الأولى .

من الجائز أن مثلاً أعلى قد سقط . ونعمة الرب لا تتركه ، مادام يتضع أمامه . وما أسهل أن تقوده النعمة إلى توبة فيها انسحاق قلب واتضاع يرفعانه إلى درجة أعلى بكثير مما كان .

وعلى أية الحالات ، خذ سقوط هذا المثل درساً لك ...

( 3 )

لماذا أسقط ؟

سؤال

كلما أريد أسير في طريق الله ، يحاربني الشيطان بشدة . وأنا أطلب إلى الله أن يتدخل . ومع ذلك ففي ساعة التجربة ، اشعر أن الله تركني ، فافقد المقاومة بعد حين بسيط وأسقط . فلماذا ؟

الجواب

إن الله لا يتركك . ولكن أنت الذي تتركه .

أما محاربة الشيطان لك كلما سرت في طريق الله ، فهذا شئ طبيعي ، لأن الشيطان يحسد أولاد الله ، ولا يحب لهم الخير . ولكن لماذا أنت تطيع الشيطان ، وتستسلم لحروبه ، وتفقد سريعاً وتسقط .

في الواقع أنت لا تطيع الشيطان ، وإنما تطيع رغبة موجودة في قلبك .

إنها رغبة في داخلك لم تتخلص من سيطرتها بعد . لم يتنق قلبك منها ومن محبتها . فهي تمثل خيانة داخلية . الواضح أنك لم تترك الخطية من قلبك ، فهي موجودة في داخلك وفي وقت التجربة ، حبنما تحاربك الخطية من الخارج ، تجد في قلبك اشتياقاً لها . تجد نداء لها من الداخل ... فتسقط لأن الحرب أصبحت حربين : أحدها من الخارج ، والأخري من الداخل ...

ولو أن الخطية حاربتك ، ولم تجد استجابة لها في داخلك ، لتركتها ومشت .

لو زحفت عليك نار من الخارج ، ولم تجدك مادة قابلة للاشتعال ، فإنها لا تؤذيك بشئ ...

أما لو وجدت في قلبك ما يتفق معها ، فإن الطيور على أشكالها تقع . الخطية حاربت يوسف الصديق ، ولم تجد في داخلك لا يزال ضعيفاً ؟

أقول لك : قاوم بكل ما تسيطيع ، واصمد .

وعندما يجدك الله متمسكاً به ، سيرسل لك نعمة تنقذك . ولا تنسي ما قاله بولس الرسول إلى العبرانيين من جهة هذه المقاومة . لقد وبخهم قائلاً " لم تقاوموا بعد حتي الدم ، مجاهدين ضد الخطية " ( عب12 : 4 ) .

قاوم إذن واصمد . وليكن الرب معك .

ومن الآن حاول أن تقوي قلبك من الداخل حتي لا يخونك .

[ اقرأ الفصل الخاص بهذا في كتاب حياة التوبة والنقاوة ]

( 4 )

صلاة لم تستجب

سؤال

ألم يقل الرب " اسألوا تعطوا ، اطلبوا تجدوا " ( مت7 : 7 ) . وأنا قد صليت كثيراً ، والله لم يستجيب ! فلماذا لم يستجيب الله صلاتي ؟ وما هي الصلاة التي يستجيبها الله ؟ وكيف ؟

الجواب

1أولاً ، لابد أن تكون صلاتك حسب مشيئة الله .

ونحن نقول في صلاتنا الربية باستمرار " لتكن مشيئتك " وقد يكون الطلب الذي تريده خيراً . ولكن ربما يكون الله قد جهز لك بدلاً منه ما هو أفضل . الله دائماً يعطينا ما يصلح لنا ، وليس حرفية ما نطلبه .

2من الجائز أنك محتاج من الصبر وطول الأناة .

والله لم يستجيب لك بسرعة ، لأنه يريد أن علمك الصبر وطول البال ، فلا تتضايق . لذلك آمن ن وانتظر الوقت المناسب . ابراهيم أبو الآباء طلب ابناً ، واستجاب الرب لصلاته ، ولم يعطه هذا النسل الصالح إلا بعد 25 سنة ، علمه خلالها بطلان استدم الوسائل البشرية . وايليا صلي من أجل نزول المطر ، حسب مشيئة الله ، ولم يستجيب له الله إلا بعد الصلاة السابعة ، ليعلمه اللجاجة . من رأيي أن تطلب ما تشاء ، وتثق أنه في يد الله ، وأن الله يعطي العطية في حينها الحسن .

3من الجائز أنك تصلي ، وبينك وبين الله خصومة تحتاج إلى مصالحة .

وذلك بسبب خطايا معينة ، ينتظر الله أن تتوب عنها ، ثم يعطيك ما تطلب . على الأقل في هذه المناسبة التي تطلب فيها .

والكتاب المقدس يعطينا أمثلة كثيرة لطلبات لم يمنحها الله إلا بعد توبة ومصالحة ...

4ربما يريدك الله أن تصحب الصلاة بصوم أو بنذر مثلاً .

مثلما فعلت حنة أم صموئيل حينما صلت وهي صائمة إلى الرب ، وبكت بكاء ، ونذرت نذراً .. " ( 1صم1 : 10 ، 11 ) . على شرط أن يكون النذر في احتمالك ويمكنك أن تنفذه .

5على أية الحالات لا تشك في محبة الله .

ولاتشك في استجابته . فإن الإيمان لازم لاستجابة الصلاة .

( 5 )

روحيات الخماسين

سؤال

كيف احتفظ برحياتى في فترة الخمسين يوماً بعد القيامة ، حيث لا صوم ولا مطانيات ؟ أنا بصراحة معرض للفتور .

الجواب

الروحيات ليست مجرد صوم ومطانيات . هناك عناصر أخري يمكن أن تساعدك .

· يمكنك أن تزيد قراءاتك الروحية ، وتأملاتك واء في الكتاب المقدس ، أو في سير القديسين . وثق أن هذه القراءات والتأملات يمكن أن تلهب روحك ...

· كذلك تفيدك جداً التراتيل والتسابيح والآلحان ، وبخاصة ألحان القيامة وما فيها من ذكريات .

· الفرح بالرب في هذه الفترة ، وبالعزاء العميق الذي قدمه لتلاميذه وللبشرية كلها ، وبخاصة الفرح بالوجود في حضرة الرب .

· [ اقرأ كتابنا عن الوجود مع الله ، الخاص بفترة الخماسين وأمثالها ] .

· يفيدك أيضاً أن عدم الصوم ليس معناه التسيب في الطعام ، فنحن لا ننتقل من الضد إلى الضد تماماً . إنما يمكن أنك لا تكون صائماً ، ومع هذا تحتفظ بضبط النفس . وكل هذا يبعدك عن الفتور.

· من المفيد لك جداً في فترة الخماسين أن تزيد صلواتك ومزاميرك . وتتدرب على الصلاة بعمق وروحانية ، مع تدريب الصلوات القصيرة المتكررة والصلوات القلبية . وثق أن التأثير الروحي لهذا سيكون عميقاً جداً ، ولا يمكن أن تحارب بالفتور مع تداريب الصلاة .

· تذكر أننا في الأبدية سنتغذي بالفرح الإلهي ، وبحب الله . وسوف لايخطر على بالنا موضوع الصوم والمطانيات . ونحيا في حياة روحية عميقة ، مصدرها الفرح والتأمل والحب والوجود مع الله ...

( 6 )

الخوف وطاعة الوصية

سؤال

أنا ملتزمة بوصايا الله خوفاً من العقاب في الآخرة ، وليس حباً للمسيح . أرجو تصحيح ذلك .

الجواب

لا مانع أن تبدأ حياتك الروحية بالمخافة ثم تتطور إلى المحبة .

فالكتاب المقدس يقول " بدء الحكمة مخافة الرب " ( أم9 : 21 ) ، " ورأس الحكمة مخافة الرب " ( مز111 : 10 ) . ومخافة الله لم يمنعاا الكتاب . بل أنه قال " لا تخافوا من الذين يقالون الجسد ، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلونه أكثر . بل أريكم ممن تخافون . خافوا من الذي بعد ما يقتل ، له سلطان أن يلقى في حهنم . نعم أقول لكم : من هذا خافوا " ( لو12 : 4 ، 5 ) . فكرر مخافة الله ثلاث مرات ...

ولكن المخافة هي أول الطريق . ثم تتطور . وكيف ذلك ؟

بمخافة الله تطعين وصاياه . وبممارسة الوصايا ، تجدين لذه فيها ، فتحبين الوصايا ، ثم تحبين الله معطيها .

وهكذا تقودك المخافة إلى المحبة . وقد لا تكون محبة الله هي أول الطريق عند كثيرين . ولكنها تكون قمة ما يصل إليه الإنسان من روحيات ، وتتخلل كل عمل رووحي يعمله . ومن غير المعقول أن تبدئي بالقمة ...

وقد يبتعد الإنسان عن الخطية خوفاً من نتائجها .

وباستمرار البعد عنها ، يصبح ذلك طبعاً فيه ، ولا يبذل جهداً لمقاومة مثل هذه الخطية . وبالتالي يسير في حياة الفضيلة المقابلة لها . فلا تتضايقى من البدء بالمخافة . اعتبر مجرد مرحلة تتطور إلى المحبة ، وتبقى بعد ذلك في القلب هيبة نحو الله ، واحترام وتوفير وخشوع ، وطاعة لوصاياه ، مع وجود الحب .. إن الكتاب وصف قاضي الظلم بأنه لا يخاف الله ( لو18 : 2 ، 3 ) .

( 7 )

أسلمهم إلى ذهن مرفوض

سؤال

ما معني قول بولس الرسول إلى أهل رومية إلى ذهن مرفوض ، ليفعلوا ما لا يليق " ( رو1 : 28 ) " أسلمهم الله إلى اهواء الهوان " ( رو1 : 26 ) .

الجواب

معني أسلمهم إلى ذهن مرفوض ، أي أسلمهم إلى ذهن مرفوض من النعمة .

أى مرفوض من عمل الله فيه . تركهم إلى شهواتهم وإلى أفكارهم الخاصة الدنسة يفعلون ما لا يليق . تركهم إلى أهوائهم . إنه لون من تخلي النعمة عنهم .

لأنهم هم أنفسهم " لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم " ( رو1 : 28 ) . فتركهم إلى معرفتهم الخاصة ، إلى ذهنهم الذي تسيطر عليه الشهوات . رفضوه فرفضهم .

( 8 )

الحب والمغفرة

سؤال

أرجو أن تفسر لي قول الرب " والذي يغفر له قليل ، يحب قليلاً " ( لو7 : 47 ) ؟ فكيف إذن أحب الرب إن كنت مدققاً في حياتي ؟

الجواب

هذه العبارة قالها السيد الرب في المقارنة بين سمعان الفريسي ، والمرأة الخاطئة التي بللت قدمي الرب بدموعها ومسحتها بشعر رأسها . وأحبت كثيراً ، لأنها شعرت أن الرب قد غفر لها الكثير . فأنت كلما تشعر أن ديونك للرب كثيرة . وقد تنازل لك عنها ، حينئذ تحب كثيراً . وهذا يحتاج إلى دقة في محاسبة النفس ، مع مقارنتها بدرجات الكمال التى يطالبها الرب بها ...

وليس معني هذا ، أن تخطئ كثيراً فيغفر لك الرب الكثير ، فتحب كثيراً ... فهناك أسباب عديدة جداً تدعوك إلى محبة الله .

· تحب الرب من أجل احساناته . من أجل أنه خلقك . ومن أجل أنه فداك .

· تحبه لأنه يرعاك باستمرار .

· تحبه من أجل وعوده الكثيرة ، وبخاصة دعوه لك بالنعيم الأبدي .

· تحبه ، لأنه أبرع جمالاً من بني البشر .

· تحب الله من أجل قداسته غير المحدودة .

· تحبه من أجل محبته غير المحدودة ، ما يقدمه لك من قوة ومعونة .

· وما أكثر الأسباب التى تدعوك إلى محبة الله .

وليست المغفرة هي السبب الوحيد لمحبة الله ، كما حدث للمرأة الخاطئة .

( 9 )

الأيقونات وغرفة النوم

سؤال

هل تعليق الأيقونات في غرفة النوم حرام أم حلال ؟

الجواب

بداءة نفرق بين الأيقونات والصور الدينية .

فالأيقونات هي صور المدهونة بالميرون ، والتي نحتفظ بها في الكنيسة ، ويبخر الكاهن حولها . وهذه لها كرامة خاصة ، من أجل تقديسها بالميرون المقدس .

وهذه الأيقونات المدهونة بالميرون لا توضع في حجرة النوم .

لأن الأيقونة المدهونة بالميرون إن وضعت في البيت ، إنما توضع في مكان مخصص للعبادة ، وليس في حجرة النوم وعموماً يندر أن توجد في البيوت أيقونات مدشنة بالميرون ... لعلك إذن تقضد الصور الدينية ...

فالصور الدينية العادية يمكن أن تضعها في أية حجرة .

ليس في هذا شئ من الحرام ، لأنها مصدر لتأملات روحية

( 10 )

مشكلة طالبة رهبنة

سؤال

أنا فتاة حاصلة على مؤهل فوق المتوسط . تقدمت لأحد أديرة الراهبات منذ خمس سنوات ، وأنا في الرابعة والعشرين من عمري . وفكرة الرهبنة ثابته في قلبى منذ الصغر ، وقد نذرت نفسي أيضاً . وحتى الآن لم آخذ رداً بالقبول أو بالرفض ، وبالرغم من ترددي المستمر على الدير . فماذا أفعل .

الجواب

اديرة الراهبات لا تقبل فتيات أكثر من 28 سنة من العمر .

وأنت الآن عمرك 29 سنة . فلماذا تأخرت حتى الآن في الأنتظار ، لمدة 5سنوات ؟ لماذا وضعت امالك كلها في دير واحد لم يعطك رداً حتى الآن على الرغم من ترددك ؟ لماذا لم تذهبى إلى أديرة أخرى غير هذا الدير ؟ بحيث إن لم يقبلك دير ، يمكن أن تقبلك أديرة أخرى .

كان الأمر يحتاج إلى صراحة مع الأم الرئيسة .

بحيث لاتبقيك معلقة ، لاقبول ولا رفض ، إلى أن تجتازي السن المحدودة . وإن كانت تجد فيك عيباً يمنع رهبنتك ، من المفروض أن تصارحك به . فإما أن تعالجيه في نفسك ، أو تشعري بأن هناك عائقاً منك . المفروض أن تعرفي إن عدم قبولك على مدي خمس سنوات ، هو لون من الرفض ...

أحياناً لا يلجأ البعض إلى رفض الصريح ، وإنما يستخدمون الرفض الضمني . وأنا شخصاً كنت أود أن يصارحوك فهذا أفضل ، حتى تدبري أمرك ... وطبعاً ماداموا لم يقبلوك ، فكان يجب أن تستنتجي أنهم يرفضونك ...

ما كان يجب أن تنتظري على فراغ ، بدون وعد ...

ونصيحتي أن تذهبي إلى الأم الرئيسة ، وتصارجيها بحالتك وانتظارك ، وأن تسمعي منها الرد الحاسم بأسبابه ...

وإن ضافت أمامك كل أبواب الرهبنة ، يمكن أن تجربي مثلاً الحياة كمكرسة ، قد وهبت ذاتها للمسيح.

أما عبارة نذرت نفسي ، فهي عبارة غير سليمة .

لكي أن تنذري ما هو في يدك وفي سلطانك ، وليس ما هو في يد غيرك وسلطانه !! إنك تذكرينني بشاب ينذر نفسك أن يكون مطراناً مثلاً !! وليس في يده أن ينفذ النذر ... فهل أنت كنت ضامنة أن الدير سيقبلك راهبة فيه ، حتي تنذري أن تكوني راهبة ؟!

وعموماً أنا لا أوافق أن ينذر الشباب نفسه للرهبنة .

فليقدمهت رغبة إلى الله ، مجرد رغبة لا نذر . فإن كانت حسب مشيئة الله ، فلحققها الله لم . وإن لم تكن ، فلتقل للرب " لتكن مشيئتك " . لنفرض أن الله اختار له طريق آخر ، فلماذا تكون النتيجة . هوذا ارميا النبي يقول :

عرفت يارب أنه ليس للإنسان طريقة .

ليس لإنسان يمشي أن يهدي خطواته ( أر10 : 23 ) .

كم من إنسان نذر نذراً ، ولم يستطيع أن يوفيه ، فعاش متعباً . بينما يقول الكتاب " أن لا تنذر ، خير من أن تنذر ولا تفي " ( جا5 : 5 ) . وكم من نذر قيل في ساعة انفعال معينة ، أو في ساعة تأثر روحي . ثم زال الانفعال أو التأثر ، وبقي الارتباط بالنذر بغير قدرة على التنفيذ ، يبسس صراعاً نفسياً متعباً ... وهذا التوجية : تقديم الأمر كرغبة لا نذر ، ليته يكون ارشاداً روحياً يقدمه آباء الاعتراف ، ويقدمة خدام الشباب في خدمتهم .

( 11 )

أطلب دمكم لأنفسكم

سؤال

ما معني قول الرب في سفر التكوين " وأنا أطلب دمكم لأنفسكم " ( تك9 : 5 ) .

الجواب

قال الله في مناسبة التصريح بأكل لحم الحيوان لأول مرة ( تك9 : 3 ) . فصرح بسفك دم الحيوان لأكله . ولكن لا يؤكل بدمه " غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه " ( تك9 : 4 ) . وفي العهد الجديد أيضاً منع أكل الدم ( أع15 : 29 ) .

ومنع الله سفك دم الإنسان ، إلا في عقوبة القاتل .

فقال " سافك دم الإنسان ( بيد ) الإنسان يسفك دمه " ( تك9 : 6 ) . ويعتبر هذا تصريحاً بأعدام القاتل ، لأنه سفك دم إنسان ، فينبغي أن يسفك دمه عقاباً له . ولكن ماذا عن المقتول ؟ يقول الرب :

" وأطلاب أنا دمكم لأنفسكم " ( تك9 : 5 ) .

فكل إنسان يقتله غيره غدراً ، الله يطالب بدمه .

كما قال الله لقايين أول قاتل على الأرض " صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض . فالآن ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها ، لتقبل دم أخيك من يدك " ( تك4 : 10 : 11 ) .

وهكذا قال الله لليهود " يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض ، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح " ( مت23 : 35 ) . وهكذا ايضاً قال الشهداء في سفر الرؤيا " حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من المساكين على الأرض " ( رؤ6 : 9 ، 10 ) .

وأنتم قتلوكم غدريقول الربفأنا سأطلب دمكم .

أي أطالب قاتليكم بهذا الدم الزكي ، كما طالبت قايين .

على أن هذه العبارة لا تقال فقط حرفياً على قتل الجسد وسفك دمه ، وإنما أيضاً على القتل الروحي .

أي قتل الإنسان روحياً بالغواية أو الأهمال في الرعاية .

وقد ورد هذا المعني في سفر حزقيال النبى بصراحة ، إذ قال الرب لمن جعله رقيباً على الناس .

" إذا قيلت للشرير موتاً تموت ، وما أنذرته أنت ولا تكلمت انذاراً للشرير من طريقه الرديئة لإحياء ، فذلك الشرير يموت بإثمه . أما دمه فمن يدك اطلبه . وإن أنت انذرت الشرير ولم يرجع عن شره ، ولا عن طريقه الرديئة ، فإنه يموت بإثمه . أما أنت فقد نجيت نفسك " ( حز3 : 18 ، 19 ) .

وتكررت نفس العبارة في ( حز33 : 8 ) .

" وأما دمه ، فمن يدك أطلبه " .

كأنه قتيل روحي . والله يطلب دمه .

هذا الكلام لا تقوله فقط لرجال الكهنوت ، وإنما أيضاً للآباء والأمهات الذين لايربون أبناءهم فيهلكون . فيطالب الله آباءهم وأمهاتهم بدم هؤلاء الأبناء ... وهكذا فعل الله مع عالي الكاهن ، وعاقبه على خطيئة أولاده ( 1صم2 ) .

ولعل هذا يقال أيضاً عن العثرات التي نسببها للناس ، ويهلكون بها روحياً .

إنسان يتسبب في خطية إنسان آخر فيهلك ، فيطالبه الله بدمه ، لأنه كان السبب في هلاكه .

ولعلك تذكر كل ذلك في صلاتك حينما تقول في المزمور الخمسين " نجني من الدماء يا الله إله خلاصي " ( مز50 ) . بينما أنت لم تقتل أحد جسدياً . ولكن نجني يارب من الدماء التي تطالبني بها ، التي أعثرتها فسقطت . أو إنسان تعذر به أو تظلمه ، أو توقعه في كارثة ، وأنت من خدام الكنيسة ، فيترك الله والكنيسة بسببك . وهذا أيضاً يطالبك الرب بدمه .

( 12 )

مدرسة تقدم خدمة

سؤال

أنا فتاة أعمل مدرسة ، وأريد أقدم خدمة لربنا وللكنيسة ، لأني مديونة لربنا بالكثير ، فماذا أفعل ؟

الجواب

نحب أولاً أن نشكرك على هذا الشعور . ومن جهة الخدمات :

· توجد في كثير من الكنائس فصول تقوية للتلاميذ في دروسهم . فمن الممكن أن تساهمي في لقاء دروس تقوية حسب اختصاصك .

· بصفتك مدرسة ومتعودة على حفظ النظام في الفصول ، يمكن ان تساهمي في حفظ النظام في النادي التابع للكنيسة .

· إن كانت لك مواهب أخري غير التدريس ، يمكن أن تشتركي بها في أنشطة الكنيسة المتعددة .

· إن كان يتبع الكنيسة التى تخدمين بها ، أو الكنائس المجاورة ، بيوت إيواء ، مثل بيوت الطالبات المغتربات ، او بيوت المسنات ، أو فصول للحضانة ، يمكن أيضاً أن تشتركي في خدمتها .

· المهم أن تعرضى خدمتك ، وثقي أن أوبواباً كثيرة تنفتح أمامك . وليكن الرب معك .

( 13 )

التهريج والتزمت

سؤال

أنا أحب الطريق الروحي . وكلما أصعد درجة ، أرجعها مرة أخري وأزيد . فأنا أعمل في شركة ، وكل زملائي يحبون التهريج والكلام غير اللائق . إن لم اشترك معهم ، يقولون " دمي ثقيل غير مقبول في وسطهم " . وإن اشتركت معهم ، ضميري يؤلمني ، ولا أصلى في هذا اليوم كله . فماذا أعمل معهم ؟

الجواب

لا تشترك معهم في التهريج . ولكن كن لطيفاً في باقي المعاملات . فلا تكن متزمتاً ، ولا مكتوماً ، ولا مقطب الوجة ، سواء في حالة الفكاهات أو غيرها . إنما كن لطيفاً وخدوماً ومبتسماً وبشوشاً . إنما في ساعة التهريج غير اللائق ، لاتشترك . وسوف لا يرون دمك ثقيلاً ، لأنك في غير أوقات التهريج تكون لطيفاً ومحباً لهم ... فيتعودون طبعاً .

( 14 )

تزوجت ضد إرادتها

سؤال

احدي قريباتي تمت خطبتها رغم إرادتها . وذلك بالضغط عليها من أهلها . وهربت من المنزل كثيراً لهذا السبب . وفي كل مرة كنت أرجعها إلى أهلها . وطلب وكيل المطرانية خطابات من خطيبها ليفك الخطوبة ، علماً بأنه يعمل بالخارج . والوكيل لا يريد أن يفك الخطوبة . ونخشي على هذه الابنة من تكرارالهروب . فماذا تفعل ؟

الجواب

1الخطبة ليست قيداً ، ولست عقداً .

ولا يشترط لفكها رضاء الطرف الآخر .

هي مجرد وعد بالزواج . وفترة الخطوبة هي فترة إختيار ، ليري فيها طرف إن كان يستطيع أن يحيا في الزيجة طول العمر مع الطرف الآخر أم لا . هي إذن ليست قيداً عليه . إن أراد أن يفك ، يمكنه ذلك .

2وليس من حق وكيل المطرانية أن يرفض فك الخطوبة .

ولا يتوقف الأمر على رضا الخطيب . كل ما في الأمر أن الخطيبة إذا طلبت فك الخطوبة ، تفقد الشبكة والهدايا الثابته غير المستهكلة . ويمكن لوكيل المطرانية أن يأخذ عليها تعهداً برد الشبكة والهدايا ، أو تركهما في المطرانية كوديعة إلى أن يأخذهما الخطيب عندما يرجع من الخارج .

3كذلك فإن تأخير فك الخطوبة ، يضيع فرصاً على الخطيبة في خطبة أخري .

والمعروف أن البنات ظروفهن غير الرجال في الزواج ، سواء من جهة السن ، أو من جهة الفرص المتاحة . فتأخير فك الخطوبة ليس من صالح الفتاة . وفيه ضرر يحيق بها ، لا يجوز لرجل الدين أن يسمح به .

4لذلك يمكن للفتاة أن تقدم شكوي إلى أسقف الإيبارشية أو إلى البطريركية .

وذلك إذا أصر وكيل المطرانية على عدم فك الخطوبة . أو تقدم شكوي إلى المجلس الإكليريكى لفك هذا النزاع . واعطاء الفتاة الحق في أن تتزوج من تريد في حدود وصايا الرب .

5إن الزواج لا يمكن أن يتم بالإرغام

وعدم الرضا سبب لبطلان الزواج .

أي أنه يجب أن يثبت رضا الطرفين في عقد الزواج . وإذا حدث الزواج بالإرغام ، يمكن أن يحكم القضاء ببطلانه . فكم بالأولي الخطبة ... ولا يصح أن يعلق الفتاة ، وتضيع عليها الفرص بدون وجه حق . ولا يجوز لخطيب أن يظلم خطيبته ويعلقها . وبالحري لا يجوز لرجل الدين أن ينضم إلى مثل هذا الخطيب ، ويطلب موافقته أو يشترط ذلك ...

6أما إن كانت بينهما مشاكل مالية ، فهذه لا علاقة لها بالخطوبة ...

المشاكل المالية موضوع مستقل تماماً عن موضوع الخطوبة . وتوجد طرق أخري لحله . ومن حق الخطيب أن يرفع قضية للحصول على ماله ، إذا لم تستطيع الكنيسة بطرقها الروحية أن تعطية حقوقه . وهروب الخطيبة من البيت ، لا يدل على أنها السبب في هذه المشاكل . ربما تتعلق هذه المشاكل باسرتها ...

7إن هروب الفتاة درس لكل أبوين . في عدم ارغام ابنتهما على الزواج .

ليس من حقها أن تطيعهما الابنة في الزواج بمن لا تريده ولا تحبه . ولا يصح أن يرغمها أحد الأبوين إرغاماً مادياً أو أدبياً أو نفسياً . أو أن يهدداها بمرض أحدهما ، أو بضياع الأسرة أو بالعقوق . لأنه لا يجوز أن تكون الفتاة ضحية لضغط أو لتهديدي الوالدين . فلو فرض وضغطت على نفسها وأطاعتهما . ثم فشل الزواج وعاشت تعيسة فيه ، على من تقع المسئولية في تعاستها ؟ وهل يستريح ضمير الوالدين لذلك ؟ أم أن الله يطالبهما بدم هذه الفتاة ؟!

ولا يقل أحد أن المحبة ستأتي بعد الزواج !!

كلا ، فهذه مغامرة غير مضمونة مطلقاً ... ولا يصح أن يعلق مستقبل حياة بأكملها على مثل هذا الافتراض ، الذي غالباً لن يتحقق ، وخصوصاً مع فتاة هربت من البيت لهذا السبب ...

وإن ضرب البعض أمثلة بحالات أخري ، تم فيها الزواج بالإرغام ، واستمر نقول لهم :

ربما كان ذلك خضوعاً للأمر الواقع ، مع عذاب داخل القلب . وهذا عمل غير إنساني .

( 15 )

يعزون الأسقف

سؤال

هل الآب المطران أو الأسقف له أب غير السيد المسيح ، وأم غير الكنيسة ؟! ما هذا الذي يكتب إذن في الجرائد عنتد وفاة أب أو أم أحد المطارنة والأساقفة في صفحة النعي والعزاء .

الجواب

طبعاً من الخطأ أن ينشر أحد لكي يعزي الأسقف ، فالأسقف هو الذي يعزي الناس .

والأسقف طبعاً غير مسئول عما ينشره الناس في الجرائد .

والأسقف أن هؤلاء ينشرون تعزية لأسرة الأسقف لا لشخصه .

أما من جهة عبارة " أب الأسقف وأمه " ، فعلى الرغم من أن الأسقف قد مات في رهبنته عن العالم ، وأصبحت له قرابة روحية مع شعبه ، إلا أننا لا ننكر أنهما أبواه بالجسد .

والسيد المسيح نفسهوهو على الصليباهتم بأمه .

ولما انتقلت من هذه الأرض ، أصعد جسدها إلى السماء . ونحتفل نحن بهذا العيد في بشنس ( 22 أغسطس ) من كل عام . وأجلسها عن يمينه في السماء ، كما يقول المزمور " قامت الملكة عن يمينك أيها الملك " ( مز45 ) ... واعطانا في هذا ، درساً في اكرام الأم .

الأسقف إذا لم يكرم أباه وأمه في وفاتهما ، لا يعطي الناس قدوة في إكرام الوالدين .

فمهما وصل منصبه الديني ، لا يجوز أن ينسى أن هذه الأم هي التي أرضعته وربته وهو طفل . وأبوه هو الذي اهتم به وعلمه وانفق عليه . ولا يمكنه أن ينسى فضلهما عليه . ولا يجوزوهو في رتبة الأسقفيةأن يكون غير وفي لوالديه . وإلا فإنه يعثر الناس في حفظ هذه الوصية التى هي أولي الوصايا في العلاقات البشرية ، وأول وصية بوعد ( خر20 : 12 ) ( أف6 : 1 ، 2 ) .

( 16 )

نظامنا في الميراث

سؤال

ما هو موقف الكنيسة في تقسيم الميراث بين الرجل والمرأة ؟

الجواب

الكنيسة لم تضع للميراث نظاماً محدداً .

جاء أحدهم إلى السيد المسيح يقول له " يا معلم ، قل لأخي أن يقاسمنى الميراث " . فأجابة " من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً ؟ " ... ثم قال " انظروا ، تحفظوا من الطمع " ( يو12 : 1315 ) .

المسيحية لم تضع قوانين مالية ، إنما وضعت مبادئ روحية ، في ظلها يمكن حل المشاكل المالية وغيرها . وينطبق هذا عهلى موضوع الميراث .

إن وجدت بين الأخوة محبة وعدم طمع ، يمكن أن يتفاهموا بروح طيبة في موضوع الميراث .

بل كل واحد منهم يكون مستعداً أن يترك نصيبه لأي واحد من أخوته أو أخواته يري أنه محتاج أكثر منه . انظر كيف كانت الأمور تجري في الكنيسة أيام الرسل ، بنفس هذه الروح :

" لم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله له ، بل كان عندهم كل شئ مشتركاً " " ولم يكن فيهم أحد محتاجاً " " وكان يوزع على كل أحد ، كما يكون له احتياج " ( أع4 : 3235 ) .

هكذا عاشت الكنيسة مرتفعة عن مستوي القانون تدبر أمور أولادها في محبة وقناعة ...

حالياً نحن نسير حسب قانون الدولة في الميراث .

ولكن يمكن التصرف قبل وفاة أحد الوالدين .

فمثلاً أن وجد الأب أن أولاده موسرين وأغغنياء ، وانبته محتاجة ، يستطيع قبل وفاته أن يكتب لها جزءاً من اليراث ، أي أن يتنازل عن جزء بطريقة شرعية تسجل في الشهر العقاري . وتصبح مالكة لهذا الجزء في حياته ولا علاقة له بالميراث . أو يعطيها حق الرقبة في جزء ، بحيث يصبح ملكاً لها بعد وفاته ، بالأضافة إلى نصيبها في الميراث ...

أي أنه يوجد نوع من التصرف باسم القانون ، لتعديل أنصبة الورثة قبل وفاة أحد الوالدين .

فالأمور يمكن أن تحل بالمحبة والقناعة ، أو بالحكمة ، أو بالتصرف القانوني السيلم لإقامة العدل بين الورثة ، وليس بتنفيذ حرفية القانون .

( 17 )

هل الدفاع عن الإيمان خطية إدانة ؟!

سؤال

أجد أمامي أخطاء ضد الإيمان والعقيدة ، من خدام داخل الكنيسة ، فهل لو أظهرتها للناس ، وشرحت لهم ما فيها من خطأ ، أكون قد وقعت في خطية إدانة ؟ وهل أصمت ، لكي تمر الأمور في هدوء ، يكون من الحكمة والروحانية ؟

الجواب

ينبغي أن نفرق بين الحكم على الخطايا الشخصية ، والحكم على الأخطاء العقيدية أو الإيمانية .

ليس من حقنا أن نخوض في حياة الإنسان الشخصية ، ونلوك سيرته بأفواهنا . مثل إدانة الفريسى للمرأة الخاطئة التى بللت قدمي المسيح بدموعها ( يو7 : 39 ) ، أو طلب لتناولهم الطعام بأيد غير مغسولة ( مت15 : 2 ) .

خطية الإدانة تتناول التصرفات الشخصية والحياة الأدبية ...

وهي التي تتعلق بها وصية الرب " لا تدينوا لكي لا تدانوا بالكيل الذي به تكيلون ، يكال لكم " ( مت7 : 2 ) .. لأن كل إنسان له خطاياه الشخصية . وعن هذه الخطايا ، قال السيد المسيح في صقة المرأة الضبوطة في ذات الفعل " من كان منكم بلا خطية ، فليرجمها بأول حجر " ( يو8 : 7 ) وعن التصرفات الشخصية ، قال القديس بولس الرسول " من أنت الذي تدين عبد غيرك ؟ هو لمولاه ، يثبت أو يسقط . ولكنه سثبت ، لأن الله قادر أن يثبته ( رو14 : 4 ) .

أما أمور الإيمان ، فلا تدخل في خطية الإدانة . بل على العكس الدفاع عن الإيمان واجب مقدس .

هوذا القديس يوحنا الحبيب ، الذي هو من أكثر الناس حديثاً عن المحبة ، يقول من جهة الأمور الإيمانية " إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم ، فلا تقبلوه في البيت ، ولا تقولوا له سلام . لأن من يسلم عليه ، يشترك في أعماله الشريرة " ( 2يو10 ) ... هل يقع من يرفض السلام على مثل هذا الإنسان في خطية الإدانة ؟! حاشا . بل لو أنه قبل هذا المنحرف ، يقع في خطية ... وهكذا يقول القديس بولس الرسول :

الرجل المبتدعبعد الأنذار مرة ومرتيناعراض عنه . عالماً أن مثل هذا قد انحرف وهو يخطئ ، محكوماً عليه من نفسه ( تى3 : 10 ، 11 ) .

ويقول أيضاً " انذروا الذين بلا ترتيب " ( 1تس5 : 4 ) . وأيضاً :

" نوصيكم أيها الأخزة باسم ربنا يسوع المسيح : أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب ، وليس حسب التعليم الذي أخذه منا " ( 2تس3 : 6 ) . هنا تعليم الرسل لا يكتفي بمجرد الادانة ، بل يتطور أكثر إلـى انذار الشخص المنحرف ، والاعراض عنه ، وتجنبه ، وعدم قبوله في البيت ، وعدم السلام عليه ...

المبتدع ، والمنحرف إيمانياً أو عقيدياً ، يجب إدانته . وعدم إدانته خطية .

لأن عدم إدانة المنحرف ، تجعل تعليمه المنحرف ينتشر ، ويأخذ دائرة أوسع ويؤثر على مجموعة أكبر من الناس . ونكون نحن مقصرين من جهة الإيمان الذي قال عنه الرسول " اكتب إليكم واعظاً أن تجتهدوا لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين " ( ية3 ) .

وهنا يبدو فرق جوهرى بين الخاطيا الشخصية والانحرافات العقيدية .

الخطايا الشخصية تنحصر كا منها في شخص معين بالذات ، وخطرها واقع عليه ، وربما يمتد إلى دائرة ضيقة جداً . أما خطايا الفكر والعقيدة فإنها تنتشر بسرعة وسط مجموعات كثيرة وربما تؤثر على الكنيسة كلها ، إلى جوار أنها تمس الإيمان . فيجب مقاومتها ومحاربتها .

كل الكنيسة اكليروساً وشعباً أدانت أريوس وأوطاخي ، وأمثالهم .

ولم تكن خطية إدانة . إنما هي إدانة لكل تفسير منحرف لآيات الكتاب المقدس . والذين تزعموا إدانة المنحرفين في العقيدة ، اعتبرتهم الكنيسة من أبطال الإيمان ، أمثال القديس أثناسيوس ، والقديس كيرلس الكبير ، والقديس باسيليوس ، والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات ... وكذلك الشعب الصامد المتمسك بإيمانه ، الذي رفض تلك البدع .

هل نفصر إذن في الدفاع عن الإيمان بحجة الإدانة ؟! حاشا .

هناك فرق بين اإدانة الواجبة ، وخطية الإدانة .

أترانا لا ندافع عن الإيمان ضد بدع شهود يهوه والسبتيين وأمثالهم ، خوفاً من خطية الإدانة ؟! وإذا وقع أحد داخل الكنيسة في خطأ إيماني أو عقيدى ، هل نجامله على حساب الإيمان ؟! وهل نتخوف من الوقوع في الإدانة ؟ كلا ، فإدانته فضيلة . وعدم إدانته تقصير في حق الإيمان .

إن الحديث عن الإدانة هنا ، حديث عن أمر في عكس موضعه .

( 18 )

تعميد النساء الكبيرات

سؤال

وصلنا سؤال طويل من سيدة كبيرة السن ، ملخصه خجلها من عمادها وهي كبيرة ... ونتيجة لذلك تطلب آية أو دليلاً من الكتاب يثبت أن العماد يكون بالتغطيس .

الجواب

أحب أن أطمئنك أننا حينما نعمد إمرأة كبيرة ، لا تنزل إلى جرن المعمودية عارية تماماً كالأطفال .

إننا لا نسمح بأن نخدش حياءها في أقدس أيام حياتها .

إنما تجحد الشيطان ، ثم تتلو الإيمان اقرار الإيمان ، وهي لابسة كل ملابسها ... ثم نتركها في حجرة المعمودية ونخرج . وحينئذ تخلع ملابسها تونية أو رداء أبيض ، وتجلس على كرسي إلى جوار المعمودية . ثم يدخل الكاهن ، فتصعد من على الكرسى ، وتهبط في جرن المعمودية ويعمدها الكاهن بأن يغطسهاا في الماء ثلاث مرات باسم الثالوث .

وتخرج من جرن المعمودية بمساعدة الكاهن أو إحدي الشماسات .

ويخرج الكاهن من حجرة المعمودية إلى أن تخلع التونية أو الرداء الذي نزلت به في المعمودية ، وتجفف نفسها ، وتلبس ملابيسها الجديدة . وبعد أن تلبس ملابسها يدخل الكاهن ، ليدهناها بالميرون في الأجزاء الظاهرة من ملابسها مثل رأسها ووجهها ويديها .. ويمنحها الروح القدس . وإن كان أحد الآباء الساقفة حاضراً ، يضع يده على رأسها ، وينفخ في وجهها ، ويقول لها " اقبلي الروح القدس " .

وكما ترين لا يوجد ما يدعو للخجل في كل هذا .

أما عن العماد بالتغطيس ، فله أدلة عديدة منها :

1بعض أمثلة في الكتاب مثل عماد الخصي الحبشي ، الذي عمده فيلبس قيل في ذلك " فنزل كلاهما إلى الماء ، فيلبس والخصي ، فعمده . ولما صعدا من الماء ، خطف روح الرب فيلبس " ( أع8 : 38 ، 39 ) . ولا شك أن عبارة " نزلا إلى الماء " ، " صعدا من الماء " تدل على التغطيس .

2كذلك فالمعمودية موت مع المسيح ، دفن معه ، وقيامة معه . كما يقول الرسول " مدفونين معه بالمعمودية " ( كو2 : 12 ) . وأيضاً " أم تجهلون أننا ، كل من اعتمد ليسوع المسيح ، اعتمدنا لموته ، فدفنا معه بالمعمودية للموت " ( رو6 : 3 ) .

وطبعاً عملية الدفن تتم بالتغطيس وليس بالرش .

3كلمة معمودية Baptisma باللاتينية تعني صبغة ، ولا تكون صبغة ، ولا تكون الصبغة مطلقاً بالرش ، إنما بتغطيس ما نريد أن نصبغة ، في ماء الصبغة .

4المعمودية هي ولادة ثانية ، كما ورد في قول السيد المسيح لنيقوديموس " الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله " ( يو3 : 5 ) .

والولادة عبارة عن خروج جسد من جسد .

وتتم هنا بخروج جسد الإنسان من جرن المعمودية . أما الرش فلا يمكن مطلقاً أن يمثل عملية ولادة ...

5المعمودية هي غسل من الخطايا ، كما قال حنانيا الدمشقي لشاول الطرسوسي " أيها الأخ شاول ، لماذا تتواني ؟ قم واعتمد واغسل خطاياك " ( أع22 : 6 ) . وكما قال القديس بولس في رسالته إلى تيطس .. " ولكنه بمقتضى رحمته خلصنا ، بغسيل ( بحميم ) الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس " ( تى3 : 5 ) .

والغسيل أو الحميم لا يتم بالرش بل بالتغطيس .

6كذلك كل من ينظر إلى أبنية الكنائس القديمة ، يجد فيها جرنا للمعمودية وهذا دليل على أنها كانت تتم بالتغطيس . لأن عملية الرش لا تحتاج إلى جرن .

7لا ننسى أن عيد العماد ، نسميه عيد الغطاس .

فالسيد المسيح نفسه تعمد بالتغطيس . كما يقول الكتاب " فلما اعتمد يسوع ، صعد للوقت من الماء " ( مت3 : 16 ) ( مر1 : 10 ) .

( 19 )

هل ورثنا الخطية الجدية ؟

سؤال

هل ورث الإنسان خطية آدم نفسها ، أم ورث الطبيعة الفاسدة التي نتجت عن هذه الوصية ؟

الجواب

استطيع أن أقول : ورث كليهما ...

انظر ماذا يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلى رومية : " كأنما بأنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم ، وبالخطية الموت . وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس ، وإذ أخطأ الجميع " ( رو5 : 12 ) .

لاحظ عبارتي " دخلت الخطية إلى العالم " " أخطأ الجميع " .

ويقول أيضاً " ... بخطية واحد مات الكثيرون " ( رو5 : 15 ) ويقول كذلك " بخطية للواحد قد ملك الموت " ( رو5 : 17 ) " بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة " ( رو5 : 18 ) . وانظر بالأكثر إلى هذه العبارة الواضحة :

" بمعصية الإنسان الواحد ، جعل الكثيرون خطاة " ( رو5 : 19 ) .

هنا لايتكلم عن فساد الطبيعة البشرية ، وإنما عن خطية الواحد ، ومعصية الواحد ، وعن خطية واحدة . وبسببها اجتاز الموت إلى جميع الناس ... أما عن الفساد فتعبر عنه عبارة " دخلت الخطية إلى العالم " ( رو5 : 12 ) .

ولعلك تقول : وما ذنبنا نحن ؟ فأجيبك بأمرين :

1لقد كنا في صلب آدم حينما جزء أخطأ .

فنحن لسنا غرباء ، وإنما جزء منه .

وبنفس التفسير يتحدث بولس الرسول عن افضلية الكهنوت المالكي صادقي على الكهنوت الهاروني بأن هارون " كان بعد في صلب أبيه حين استقبله ملكي صادق " ( عب7 : 10 ) . كذلك حينما بارك ملكي صادق ابراهيم ، كان هارون في صلبه وعندما دفع العشور لملكي صادق كان هارون في صلبه ( عب7 ) .

2عملية الفداء تحل مشكلة عبارة " ما ذنبنا نحن ؟ " .

اذكر أيضاً قول داود النبي في المزمور الخمسين :

" لأني هأنذا بالإثم حبل بي ، وبالخطية اشتهتني أمي " ( مز50 ) .

إن الزواج مكرم ، وهو سر من أسرار الكنيسة . ولكن أمهاتنا ولدننا والخطية الأصلية فيهن ...

وإلا ، فإننا نسأل سؤالاً عقيدياً هاماً ، وهو :

لماذا إذن نعمد الأطفال ؟

لماذا ورثوا الخطية الأصلية الجدية ، وعاقبتها الموت ...

والإنسان الكبير السن حينما ينال سر المعمودية ، ينال غفران الخطية الجدية ، التى ورثها عن جدية آدم وحواء . وأيضاً الخطايا الفعلية التى ارتكبها قبل المعمودية بسبب فساد طبيعته البشرية .

( 20 )

هل أخطأ أم أبواه ؟

سؤال

الذين ينادون بعقيدة عودة التجسد Reincarnation وينادون بوجود سابقللإنسان ( قبل ولادته ) pre – existence يعتمدون على قول التلاميذ للسيد المسيح عن الرجل المولود أعمي " يا معلم ، من أخطأ : هذا أم أبواه ، حتى ولد أعمي " ( يو9 : 2 ) . ويأخذون من هذا السؤال دليلاً على احتمال أن هذا الإنسان يكون قد أخطأ في حياة سابقة ... فما هو التفسير الصحيح ؟

الجواب

مثل هذه الأفكار انتشرت في اليهودية ، زاحفة من بلاد الشرقكالهند مثلعن طريق التجارة أو الرحلات ...

وهي ليست أفكاراً سليمة ، ولا عقائد إلهية .

ومثلعا أيضاً ... حينما سأل السيد المسيح تلاميذه " ماذا يقول الناس إني أنا ابن الإنسان ؟ " فأجابوه " قوم ( يقولون ) يوحنا المعمدان ، وآخرون ايليا ، وآخرون ارميا ، أو واحد من الأنبياء " ( مت16 : 13 ، 14 ) .. كما لو كان السيد المسيح له حياة سابقة في ايليا أو أرميا مثلاً ... وقد عاد إلى التجسد في صورة المسيح ...

نفس الأفكار الخاطئة الواردة من الشرق الأقصى . والسيد المسيح لم يناقشها لوضوح زيفها . ولأنه يريد التركيز على الايجابيات .

وبنفس الفكر الخاطئ المنتشر في الوسط اليهودي " لما سمع هيرودس خبر يسوع ، قال لغلمانه : هذا هو يوحنا المعمدان قد قام من الأموات ، ولذلك تعمل به القوات " ( مت14 : 1 ، 2 ) ... كما لو كانت ليسوع المسيح حياة سابقة في شخص يوحنا . أو أن يوحنا عاد إلى التجسد في شخص يسوع !!

أفكار خاطئة ، كما تداولها الملك والشعب ، تداولها التلاميذ أيضاً .

ورد عليهم السيد المسيح في إيجابية هادئة هادفة " لاهذا أخطأ ولا أبواه . لكن لتظهر في هدوء ... هذا هو أسلوبه الرقيق . السيد المسيح لم يكن يناقش فلسفات خاطئة في أيامه ، إنما كان يرسي القواعد العقائدية في هدوء ... هذا هو أسلوبة الرقيق

وبنفس الرقة أجاب على طلب اللص اليمين .

قال اللص " اذكرني يارب متي جئت في ملكوتك " . فلم يقل له من الخطأ أن تطلب الملكوت معي في الفردوس " ( لو23 : 42 ، 43 ) . فأبدل كلمة الملكوت بكلمة الفردوس ، دون نقاش أو حوار ، ودون إظهار الأخطاء ...

( 21 )

هل تعذبوا في الجحيم ؟

سؤال

نحن نعلم أن كل الآباء والأنبياء كانوا ينتظرون في الجحيم ، حتى تم الفداء ، وأخرجهم الرب من هناك ، وأصعدهم إلى الفردوس ( أف4 : 810 ) . وكما قيل عن الرب إنه " ذهب فكرز للأرواح التي في السجن " ( 1بط3 : 19 ) . والسرال الآن هو :

هل كان الآباء والأنبياء مثل آبائنا ابراهيم ونوح وأيوب وموسي وغيرهم يتـعذبون في الجحيم قبل الفداء ؟!

الجواب

طبعاً لا . ويسهل عليك الأمر إن عرفت الحقيقة الآتية :

الجحيم هي مكان للانتظار ، وليست مكان للعذاب .

أما مكان العذاب فهو جهنم النار . كما قال السيد عن الخاطئ " يكون مستوجب نار جهنم " ( مت5 : 32 ) . وقوله للكتبة والفريسيين " كيف تهربون من دينونة جهنم " ( مت23 : 33 ) ، وكرر عبارة " جهنم النار " في ( مت18 : 9 )

أما الجحيم فكانت مجرد مكان انتظار قبل الفداء . وعنها قال المرتل في المزمور " لاتترك نفسي في الجحيم ، ولا تدع قدوسك يري فساداً " ( مز16 : 10 ) .

لم يكن أبونا ابراهيم إذن في عذاب ، بل في انتظار . وأبونا ابراهيم قال عنه الرب لليهود : أبوكم ابراهيم تهلل أن يري يومي ، فرأى وفرح " ( يو8 : 56 ) .

( 22 )

هل انتهي عمل المسيح بالفداء ؟

سؤال

جاءنا هذا السؤال من أحد أبنائنا يقول : هل انتهي عمل السيد المسيح بالفداء ، إذ أتم خلاص العالم ؟ وقال " قد أكمل " ، وأرسل لنا الروح القدس ، وأصبحت الكنيسة الآن في يد الروح القدس ... ؟

الجواب

عمل السيد المسيح في الفداء قد أكمل . ولكن عمله في الرعاية لا يزال مستمراً ، ويبقي إلى الأبد . وله عمل آخر في نهاية الزمان وهو الدينونة وتسليم الملك للآب .

فبعد اتمام الفداء ، قام السيد المسيح بعمل آخر ، وهو تثبيت إيمان التلاميذ ، وإزالة شكوكهم ، فظهر لهم وأراهم شخصه وجسده القائم ، إذ ظنوه روحاً أو خيالاً ( لو24 : 3643 ) . وكذلك ظهر لتوما وعالج شكه ، وقال له " هات يدك وضعها في جنبي ، ولا تكون غير مؤمن .. " ( يو20 : 2629 ) . وفتح ذهن التلاميذ ليفهموا ما في الكتب " ( لو24 : 45 ) . وقضى معهم أربعين يوماً ، يظهر لهم ويحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله ( أع1 : 3 ) . وهكذا وضع لهم أسس الإيمان .

عمل الروح القدس في الكنيسة ، لاتعني اطلاقاً عدم عمل المسيح فيها :

فالروح القدس يعمل ... والمسيح أيضاً يعمل . وقد شرح لنا الكتاب أعمالاً كثيرة قام بها المسيح بعد إرسالة الروح القدس في يوم الخمسين ... وحقق وعده للتلاميذ في قوله لهم :

" ها أنا معكم كل الأيام ، وإلى أنقضاء الدهر " ( مت28 : 20 ) .

ومن أوضح الأمور على هذا قول الكتاب " ثم أن الرب بعد ما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله . وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان . والرب يعمل معهم ، ويثبت الكلام بالآيات التابعة " ( مز16 : 20 ) . وواضح أنهم لم يكرزوا إلا بعد حلول الروح القدس عليهم " ( أع1 : 8 ) . وظل الرب بعد ذلك يعمل معهم ...

ومن أمثلة ذلك عمله مع بولس الرسول :

هو الذي ظهر له في الطريق إلى دمشق ، وعاتبه ، ودعاه ليكون رسولاً للأمم ... وهو الذي أرسله إلى حنانيا . وهو الذي ظهر إلى حنانيا وكلمة بشأنه ( أع9 : 116 ) . وهو الذي قال لبولس " اذهب فإني سأرسلك وقال له " لاتخف ، بل تكلم ولا تسكت . لأنى أنا معك ولا يقع بك أحد ليؤذيك . لأن لي شعباً كثيراً في هذه المدينة " ( أع18 : 9 ، 10 ) . وهو الذى وقف ببولس وقال له " كما شهدت بما لي في أورشليم ينبغي أن تشهد في رومية أيضاً " ( أع23 : 11 ) .

ولا ننسي وقوف الرب في وسط الكنائس السبع في آسيا :

كما رآه يوحنا في سفر الرؤيا ، وهو وسط المنائر السبع ، وقد أمسك في يمينه سبعة كواكب التى هي ملائكة الكنائس السبع ( رؤ2 : 1 ) . وكيف أن الرب أرسل إلى هذه الكنائس التى في آسيا سبع رسائل أمر رسوله يوحنا بكتابتها لهم ( رؤ2 ، 3 ) ، مما يدل على عمله ، ومراقبته لهم ورعايته لهم ، بل مكافأته وعقوباته أيضاً . إنه يقول لواحد منهم " اذكر من أين سقطت وتب ... وإلا فإنى آتيك عن قريب ، وأزحزح منارتك من مكانها " ( رؤ2 : 5 ) . أليس هذا عملاً ؟ كذلك ما يفعله بالخاطئة ايززابل ( رؤ2 : 22 ) ... وما أكثر أعمال الرب التى يسشرحها سفر الرؤيا ...

ومن عمل الرب في الرعاية ، قوله أيضاً :

" ها أنا واقف على الباب وأقرع . من يفتح لي أدخل واتعشى معه ... " ( رؤ3 : 20 ) .

إن السيد المسيح الذي أدخل اللص إلى الفردوس بعد الفداء حسب وعده ( لو23 : 43 ) هو الذي تقبل روح الشهيد اسطفانوس بعد حلول الروح القدس بسنوات ( اع7 : 59 ) . وهو أيضاً الذي وعدنا بقوله :

" حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي ، فهناك أكون في وسطهم " ( مت18 : 20 ) .

بل إنه يقول أيضاً " عن احبني أحد يحفظ كلامي ، ويحبه أبي . وإليه نأتى ، وعنده نصنع منزلاً " ( يو14 : 23 ) . أي يحل في قلبه ، مع الآب . ولعله اثباتاً لهذا قال بولس الرسول :

" أحيا لا أنا ، بل المسيح يحيا في " ( غل2 : 20 ) .

فإن كان المسيح يحيا في اتقيائه ، فكيف نقول أن عمله قد انتهي ؟! وإن كان يقرع على أبواب الآخرين ، فكيف يقال إن عنمله قد انتهي . بل هو الذي يمنح القوة للعاملين ، كما قال بولس الرسول :

" استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني " ( فى4 : 13 ) .

إنه يعمل فينا كما قال " أبي يعمل حتى الآن ، ، وأنا أيضاً أعمل " ( يو5 : 17 ) . وهو يعمل أيضاً في سر الافخارستيا ، الكائن معنا كل يوم على المذبح .

وهو يعمل في ظهوراته المستمرة لقديسيه ، كما حدث مع القديس الأنبا بيشوي ، والقديس الأنبا بولا الطموهي ، ومع عديد من الشهداء والرعاة ...

وهو يعمل من خلال نعمته .

كما يقال في البركة " نعمة ربنا يسوع المسيح ... مع جميعكم " ( 2كو13 : 14 ) . ويمكن تتبع عبارة نعمته هذه في رسائل القديس بولس مثلاً .

كذلك سيعمل في المجئ الثاني والدينونة .

حيث يأتي في مجده ومجد أبيه مع ملائكته القديسين ( لو9 : 26 ) ويجلس على كرسي مجده ويدين الأمم والشعوب ( مت25 : 3146 ) ويجازى كل واحد بحسب أعماله ( مت16 : 27 ) . وتفاصيل كل هذا كثيرة في الكتاب . وفي كل ذلك يرسل ملائكته ليجمعوا مختاريه ( مت24 : 31 ) ويجمعوا المعاثر والخطاة ( مت13 : 41 ) .

إنه يعد لنا مكاناً ، ويأتي ليأخذنا إليه ( يو14 : 2 ، 3 ) .

وبعد أن يخضع كل شئ . يسلم الملك للآب ( 1كو 15 : 24 ) . متىأبطل كل رئاسة وكل قوة وكل سلطان ، ويخضع جميع اعدائة تحت قدميه ...

أخيراً أقول لك : إن الآب يعمل ، والآبن يعمل ، والروح القدس يعمل ... ولا يوجد عمل لاقنوم عمل اقنوم آخر ...

( 23 )

الفرق بين الأسقف والقمص

سؤال

هل حقاً كل ما يفعله الأسقف ، يفعله القمص ، ما عدا فقط وضع اليد الذي يتميز به الأسقف ؟!

الجواب

هذا الكلام غير صحيح .

فالأسقف مثلاً هو الذي يقوم بكل أعمال التدشين .

هو الذي يدشن الكنائس ، والمعموديات ، والمذابح ، والأيقونات ، وكل الأواني الكنيسة المستخدمة في الهيكل ...

هو الذي يمنح الروح القدس في السيامات وفي التدشين .

سواء بوضع اليد أو بالنفخة المقدسة . فهو الذي ينفخ في فم الكاهن عند سيامته قائلاً " اقبل الروح القدس " . بينما يقول الكاهن " فتحت فمي واقتبلت لي روحاً " ..

وهكذا تقول قوانين الكنيسة " إن كان من يقول لأخية يا أحمق ، يستحق نار جهنم " حسب تعليم الإنجيل ( مت5 : 22 ) ، فكم بالحري من يقول كلمة سوء على أسقفه ، الذي بوضع يده ينال الروح القدس .

وهكذا في سر المسحة المقدسة بالنسبة للنساء كبيرات السن ، يمكن أن ينلن الروح القدس بوضع يد الأسقف ونفخة فمه ، بدلاً من دهنهم بالزيت ، يمكن أن ينلن الروح القدس بوضع يد الأسقف ونفخة فمه ، بدلاً من دهنهم بالزيت دهناً كاملاً . بل يدهنها بزيت الميرون في الأجاء الظاهرة من جسمها ، كالرأس واليدين ، والباقي يحل محله وضع اليد ...

والأسقف هو الراعي ، وليس القس أو القمص .

لذلك فإن الأسقففي يوم سيامتهيتسلم عصا الرعاية من يد البطريرك ، بينما يصيح الشماس تسلم عصا الرعاية من يد أبينا البابا البطريرك أنبا .." . والبطريرك يتسلم عصا الرعاية من فوق المذبح ، بينما يصيح القائم مقام قائلاً " تسلم عصا الرعاية من يد راعي الرعاة ربنا يسوع المسيح ..".

والقس أو القمص لا يتسلم عصا رعاية في يوم سيامته .

ولا يحق له أن يحمل عصا ، ولا أن يدعو نفسه راعياً لكنيسة . إنما يسمي " كاهن كنيسة .." أو " خادم كنيسة كذا .. " . وباعتبار الأسقف راعياً ، هو الذي يحمل الحية النحاسية ، التي لا يجوز أن يحملها قمصاً أو قس .

والأسقف خدمته أوسع ، تشمل إيبارشية لا كنيسة :

لأنه هو المسئول عن كل الإيبارشية بكل ما فيها من مدن وقري ، بينما خدمة القس أو القمص محصورة في كنيسة معينة .. لذلك فالأسقف هو الذي يؤسس الكنائس الجديدة ، لأن هذا من صميم اختصاصه ..

وعلاقته بالكاهن ليست مجرد وضع اليد في سيامته ..

فهو يرسم الكاهن ، يحدد له خدمته ، ومكان عمله ، ويتشرف على عمله ، ويحاسبه ، يرقيه إن استحق الترقي سواء من الناحية الكهنوتية أو الناحية الإدارية ، أو يعاقبه إن استحق العقاب ، بايقافه عن ممارسة الأسرار الكنيسة كلها أو سر واحد أو أكثر منه . ويمكن أن تصل العقوبة إلى شلحه ..

والأسقف هو الذي يأذن للقس بالصلاة .

في وجود الأسقف ، لا يستطيع القس أو القمص أن يصلى إلا إذا أذن له الأسقف وقال له " صل " ( إشليل ) . ولا يشترك في خدمته القداسفي حضورهإلا إذا ارشم له ملابسه الكهنوتية .

والقس أو القمص لا يبارك في وجود الأسقف .

سواء تلاوه البركة ، أو الرشم بالبركة . ولا يستطيع القس أن يبارك في وجوده ، ولا أن يرشم الشعب ، ولا حتى أن يحمل في وجوده صليباً في يده . وحينما يذكر إسم الشعب في أية صلاة طقسية يصليها القس أو القمص ، يتوقف لكي يلفظها السقف بنفسه ، لأنه هو المسئول عن الشعب ...

وهكذا لا يصلى القمص أو القس أوشية الاجتماعات في وجود الأسقف ...

كذلك لا يستطيع القس أو القمص أن يتلو التحليل في وجود الأسقف .

فالأسقف هو الذى يحالل الشعب ، وكل الإكليروس ، سواء في نهاية القداس أو نهاية أي اجتماع ، أو في قراءة تحليل الخدام أثناء القداس . بل حتى في غياب الأسقف ، حينما يكون القمص أو القس وحده ، ويقرأ التحليل على الشعب ، يقول في نهايته ، ومن فم أبينا البطريرك ( .... ) وشريكه في الخدمة الرسولية أبينا الأسقف ( .... ) " .

ويذكر إسم الأسقف في أوشية الآباء ، بينما لا يذكر إسم القمص أو القس .

سواء تليت أوشية الآباء في القداس الإلهي ، أو رفع بخور باكر أو عشية ، او في أية لاة طقسيه أخري ... ويكون ذلك في جميع الكنائس التبعة لإيبارشية هذا الأسقف ...

وخدمة الأسقف هي خدمة رسولية .

وليست كذلك خدمة القمص أو القس .

لأنها ليست مجرد خدمة ، كهنوت ، وإنما رئاسة كهنوت ... وهكذا كان آباؤنا الرسل .. ولذلك في أوشية الآباء ، حينما يذكر إسم البابا البطريرك في أوشية الآباء في أية إيبارشية ، ويذكر إسم السقف إلى جواره مع لقب " وشريكة في الخدمة لرسولية " . والقس ليس له هذا اللقب...

ومادام الأسقف من رؤساء الكهنة ، لذلك يلقب البابا البطريرك يلقب " رئيس رؤساء كهنتنا " .

ولأن الأسقف من رؤساء الكهنة ، لذلك يكون عضواً في المجمع المقدس .

وليس كذلك القمص أو القس ...

ولكن كاستثناء ، يسمح مجمنا المقدس بأن يكون رؤساء الأديرة أعضاء في المجمع المقدس حتى لو كانوا قمامصة .. ، باعتبارهم رؤساء آباء أو رؤساء مجامع رهبانية .

فإن هزلوا من هذه المسئولية ، أو استقالوا منها ، لاتكون لهو عضوية في المجمع المقدس . فالعضوية هنا مرتبطة بالوظيفة والمسئولية ، وليس بالدرجة الكهنوتية .

والأسقف هو نائب عن المسيح في الكنسية .

ولذلك فعندما يدخل إلى الكنيسة يستقبل بلحن إب أورو أي ( يا ملك السلام ، أعطنا سلامك ) . وهذا كلام موجه إلى السيد المسيح ، يقال في حضور نائبة الأسقف وكذلك لحن إكسماراؤت ...

وهو كملك يلبس تاجاً أثناء الخدمة الكهنوتية .

وهو تاج رئاسة الكهنوتية ، ويمثل فيه المسيح الملك .

وليس كذلك القمص أو القس .

كذلك ما أكثر الألحان التى تقال في استقبال الآباء الأساقفة كممثلين للسيد المسيح .

ومن ضمنها ما يقال عن تلاوة الإنجيل . إنه لحن يقال للسيد المسيح صاحب الإنجيل في وجود نائيه الأسقف " فليرفعوه في كنيسة شعبه ... أنت هو الكاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق " .

وختاماً أحب أن أقول كلمة بسيطة وهي :

إن البروتستانتوبخاصة البلاميسلهم أفكار في هذا الموضوع ، لا يمكن أن يقبلها الفكر الأرثوذكسي ، ويستعينون على ذلك بترجمة لآيات الكتاب لا نقبلها أيضاً . فعلى المؤمنين الاحتراس من هذا الفكر وأمثاله .

( 24 )

هل اتفقنا مع البروتستانت في المعمودية ؟

سؤال

جاءنا من أحد ألآباء الكهنة في الاسكندرية الؤال الآتي : من واقع ما نشر من قبل عن نقاط التلاقى بيننا وبين الأخوة البروتستانت في المعمودية ، فهل هذا يعني أنه قد تم الاتفاق بين كنيستنا وبينهم في المعمودية ؟

الجواب

لقد وافق الأخوة البروتستانت على الآتي :

1أنه يمكن تعميد الأطفال على إيمان والديهم .

2أنه يمكن أن تكون المعمودية بالتغطيس . وفي نفس الوقت المعمودية بالرش جائزة أيضاً .

3إن المعمودية تكون باسم الثالوث القدوس .

4إن المعمودية يسميها الأرثوذكس سراً ، ويسمونها هم فريضة .

ولكن هناك أمور جوهرية جداً في المعمودية ، لم يوافق عليها البروتستانت حتى الآن وهي :

1أنه لابد أن يجرى المعمودية كاهن شرعي .

فالبروتستنانت لا يؤمنون أصلاً بالكهنوت البشري . ويرون أن هناك كاهناً واحداً في السماء وعلى الأرض هو الرب يسوع . وغيره لا يوجد كهنوت بين الناس . وبالتالي لا يقوم كاهن عندهم بعملية التعميد . وهذا أمر أساسي جداً بالنسبة إلى عقيدتنا .

2لا يعتقد الأخوة البروتستانت بلزوم المعمودية للخلاص .

ولا يفهمون قول الرب " من آمن واعتمد خلص " ( مر16 : 16 ) على أن المعمودية لازمة للخلاص . ولا كذلك ما ورد في ( 1بط3 : 20 ، 21 ) ، ولا ما ورد في ( تي3 : 5 ) . بل يرون أن الخلاص يتم أن الخلاص يتم بالإيمان فقط .

3كذلك كل ما نؤمن به من مفعول للمعمودية ينسبونه إلى الإيمان وحده .

فنحن نؤمن بأن المعمودية لازمة لمغفرة الخطية الأصلية والخطايا السابقة للمعمودية ( أع12 : 38 ) . وأن الإنسان بالمعمودية يغتسل من خطاياه ( أع22 : 16 ) ، ( تى3 : 5 ) ، وبها يولد ولاده جديدة ( يو3 : 5 ) ، ويتبرر من خطاياه ، ويولد ولاده جديدة ( رو6 : 4 ) . وهكذا بها نلبس المسيح في بره ( غل3 : 27 ) . ولكن البروتستانت ينسبون كل هذه المفاعيل الروحية إلى الإيمان .

ويرون أن الإنسان يولد الولاده الجديدة بالإيمان . ويتبرر من كل خطاياه بالإيمان . فكأن المعمودية في كل هذا بلا مفعول .

4وكأن المعمودية عندهم مجرد علامة ، أو هي إعلان أمام الكنيسة أنه قد دخل في الإيمان . ونحن لا يمكن أن نوافق أن المعمودية هي مجرد علامة ، وليس لها في ذاتها أي مفعول .

ومع أن لوثر مؤسس البروتستانتية ، كان يؤمن بأن المعمودية لازمة للخلاص ، إلا أن الإنجيليين في مصر ، لا يوافقون لوثر !! ولا يربطون بين الخلاص والمعمودية ويتبعون في ذلك كلفن أكثر من لوثر .

هل سوف يأتى الوقت الذي نتفق فيه في كل هذا ؟!

نرجو .. فغير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله ( لو18 : 27 ) . ولكن لابد طبعاً من الاتفاق في موضوع الكهنوت الذي به تتم المعمودية .

( 25 )

من أين أتت الوثنية ؟

سؤال

من أين أتت الوثنية ، على الرغم من أن الإنسان كان في الأصل يعرف الله ؟ وكيف تطورت الوثنية وتشكلت ؟

الجواب

كان الإنسان منذ خلقه يعرف الله . ولكن بعدما تفرقت الشعوب في الأرض ، بعد برج بابل وتبلبل الألسنة ، بمضي الوقت نسوا الله ، أو بعدوا عنه ببعدهم عن التقليد السليم .

ولما كان الله غير منظور لهم ، بدأوا يتخيلونه في قوي أخري منظورة :

إما في قوى هي مصدر الخير لهم ، مثل الشمس مصدر النور والحرارة ، في علوها وجمالها واشراقها .. أو مثل النهر ، الذي يعطيهم الماء مصدر الحياة أو الري للإنسان والحيوان وللنبات . أو صاروا يعبدون ملوكهم ، مظهر القوة و العظمة والسيطرة واإرادة أمامهم ، الذين كانوا يستطيعون أن يحكموا عليهم بالموت ، أو يبوقهم في الحياة ، أو يمنحوهم من خيرات الدولة ومناصبها . وصار أيضاً يعبدون كائنات يخافون ، ويقدمون لها القرابين استرضاء لها حتى لا تؤذيهم ، مثل النار أو الحية ، أو بعض الوحوش ، أو الأرواح ، وما إلى ذلك ..

وبعضهم كان يتخيل لكل معنى هام إلهاً ..

فمثلاً هناك إله للجمال ، وإله للحرب ، وإله للخصب .. ويعطون لكل من هذه الآلهة إسماً ، ويحيكون حوله أسطورة يتداولها الناس ، وتصبح جزءاً من عقيدتهم يسلمها جيل إلى جيل ..

ولكن يثبت الأمر في حسهم ، يتخيلون لهذا الإله صورة ، وينحتون له تمثالاً ..

ثم يقيمون له شعائر للعبادة ، تتفق مع الأسطورة الخاصة به .

أما ما يختص بهذه الشعائر من مذابح وذبائح ، ومن صلاة وسجود ، ومن بخور وتسبيح وترتيل ، فكلها أمور تعلموها في جوهرها من فترة ما قبل التشتت والتفرق ، مما كان يقدم للإله الحقيقي وحده من عبادة قبل الطوفان وبعده ..

وهم في الواقع لم يعبدوا التماثيل كأحجار ، وإنما لأنها تمثل آلهة ..

وهذه الآلهة الوثنية ، ما كانوا فيها يعبدون الحيوان أو افنسان كحيوان أ و إنسان ولكن لأنه مثال للإله الذي في ذهنهم بما حوله من أساطير ..

وتمثال الإله الذي يقدم له العبادة يسمي وثناً .

فليس كل تمثال القدماء كان وثناً . إنما الوثن هو التمثال الذي كان يعبد . وبعض هذه الأوثان كانت ضخمة تقام في المعابد . بينما بعضها كان صغيراً يحتفظ به الناس في بيوتهم ، ويأخذونها معهم في أسفارهم . والآلهة ( بوتو ) أي الحية كان يضعها الفراعنة في تيجانهم ، كجزء من التاج ..

وفي تلك الأساطير تخيلوا آلهتهم ، ولهم قصص عائلية كما للبشر .

فمثلاً الإله أوزوريس تزوج الإلهة إيزيس ، وأنجب منها إبنها الإله حورس . وتخيلوا أيضاً قصص صراعات وحروب تدور بين هذه الآلهة . والبعض منم يموت ، ثم يوجد من ينتقم له . وهذه الآلهة يوجد منها إله خير وآخر شرير ..!

لقد استبغوا على آلهتهم صوراً من الحياة البشرية التى يحيونها أو يرونها ..

وقصص الإلهة كانت تعبر أحياناً من بلد إلى آخر ، وتأخذ اسماء أخرى .

وهذه الحركة في التاريخ يسمونها cencetism . فمثلاً قصة الإله أوزوريس تعبر من مصر إلى بلاد اليونان ، ليأخذ هذا الإله أسم ديونسيوس ، في قصة شبيهة . وهذا الأمر له قصص تكاد تتشابه بين آلهة الهند والصين وبلاد الشرق الأقصى

إننا نؤمن بإله واحد ، كل الضيقات المثالية .

أما العالم الوثني فتصور لكل صفة إلهية إلهاً .

وهكذا عندهم تعدد الآلهة ، بحيث يمثل كل إله صفة من صفات الألوهية ، أو عملاً من أعمالها .. وفي التاريخ المصري القديم ، حاول إخناتون أن ينشر عقيدة التوحيد ، داخل نطاق عبادة الشمس ، ولكنه لم ينجح طويلاً ، وعاد تعدد الآلهة يسيطر على معتقدات الناس .

وطبعاً هناك فرق كبير بين الوثنية والإلحاد .

فالإلحاد معناه عدم الإيمان بوجود إله على الإطلاق ، كما يقول الوحي الإلهي في سفر المزامير ط قال الجاهل في قلبه ليس إله " ( مز14 : 1 ) . أما الوثنيون فكانوا يؤمنون بفكرة الألوهية . ويعبدون إلهاً ، أو عدداً من الآلهة ، أو أسرة إلهية ، أو عدداً من الآلهة لهم كبير . كما نقول إن زيوس هو كبير آلهة اليونان ، وجوبتر هو كبير آلهة الرومان ، ورع هو كبير آلهة المصريين ..

والوثنية كانت تنتشر بالخلطة وبالتزاوج .

ولذلك كان الله في العهد القديم يمنع الخلطة بالأمم والتزواج معهم ، حتى لا يعبد الشعب آلهتهم . ولعل من أخطر الأمثلة في التاريخ لسوء الاختلاط الأميين ، هو تزوج سليمان الحكيم بزوجات موآبيات وعمونيات وصيدونيات ...( 1مل 11 : 1 ، 2 ) . وهكذا " بني سليمان مرتفعه لكموش رجس الموآيبينى على الجبل الذي تجاه أورشليم ، ولمولك رجس بنى عمون . وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتى كن يوقدون ويذبحن لآلهتهن " ( 1مل11 : 7 ، 8 ) .

لكل ذلك أرسل الله الأنبياء ، ليثبتوا الشعب في عبادة الإلهه الحقيقى .

وزود هؤلاء الأنبياء بالوحي ، وبالمعجزات . وكان سفر الشريعة يقرأ على الناس في المجامع كل سبت . كما كانت الأعياد والمراسم والذبائح تذكرهم أيضاص بعبادة الرب حتى لا يضلوا ..

ومع كل ذلك نسمع عن وجود وثنية في أيام الآباء والأنبياء .

ومع كل ذلك نسمع أن راحيل زوجة أبي الآباء يعقوب ، وابنة رفقة التى تزوجها أبونا اسحق بن ابراهيم ، على الرغم من أنها متدينة ، قيل عنها في مفارقتها لأبيها لابان " فسرفت راحيل أصنام أبيها " ( تك31 : 19 ) .. ولما زحف لابان وراءهم ، كان مما قاله ليعقوب " لماذا سرقت آلهتى ؟! " ( تك31 : 30 ) .

ونسمع أن بني اسرائيل لا تأخر عليهم موسي النبى على الجبل مع الله ، اجتمعوا على هرون وقالوا له " قم اصنع لنا آلاهة تسير أمامنا " ( خر32 : 1 ) .

ونزع كل الشعب أقراط الذهب التى في آذانهم ، وصنعوا عجلاً مسبوكاً ، وبنوا له مذبحاً ، واصعدوا محرقات وذبائح سلامة . وقالوا " هذه آلهتك يا اسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر " ( خر32 : 36 ) .. فمذا نقول في ذلك ، بعد كل المعجزات التى حدثت أمامهم وفعلها الرب على يد موسى النبى .

أهو جهل ؟ أن تأثير الأمم الوثنية ؟ أم حروب الشيطان وضلالاته ؟ أم كل ذلك معاً .

ولا ننسي أن الروح القدس لم يكن يعمل في قلوب الناس كما في أيامنا .. كذلك لا ننسى أيضاً في تاريخ الوثنية أمراً آخر يضاف إلى أساطيرها المتوارثة هو :

تأثير الفلسفة الوثنية وأفكارها على الناس .

وهؤلاء الفلاسفة الوثنية كان تأثيرها على العالم الوثني ، لا يقل عن تأثير الأنبياء على شعب الله . وكانوا هم الذين يشكلون عقائد الشعب . يضاف إلى هذا تأثير كهنة الوثنية ومعلميها ، وتأثير الأسرة على أبنائها .

وأمر له خطورته في الريخ الوثنية ، هو سلطة الملوك الوثنيين .

وصدق ما قيل في المثل عن تلك العصور " الناس على دين ملوكهم " . وقد شرحنا مثلاً كيف أن أخناتون نشر ديانة جديدة استمرت في أيامه . وسجل الكتاب كيف كان داريوس ملك فارس يصدر أوامره في ما يعبده الشعب ، حتى أن دانيال لما لم يشترك في تلك العبادة ألقى في جب الأسود ( دا6 ) . وتاريخ الاستشهاد معروف كيف أن ديوقلديانوس مثلاً كان يقتل المسيحيين في وحشية إذا لم يعبدوا آلهته . ومن قبله في عصر الرسل وخلفائه طوال حوالي ثلاثة قرون ..

( 26 )

سلامة الأنجيل من التحريف

سؤال

بماذا نرد على من يقول إن الإنجيل قد حرف ؟

الجواب

هذا الموضوع يمكن الرد عليه من نواح متعددة منها :

1من الذي حرفه ؟ وفي أي عصر ؟ وهل كتب ذلك في أي تاريخ ؟!

إن حادثة خطيرة كهذه ، ما كان يمكن أن تمر دون أن تثار حولها ضجة كبري لابد أن يسجلها التاريخ . وواضح أن التاريخ المدني لم يسجل أية إشارة عن مثل هذا الإتهام الخطير . لا في التاريخ المدني المسيحي بتحريف الإنجيل ، ولا أي اتهام لكنيسة معينة ، ولا تاريخ لذلك ...

2كذلك كانت نسخ الكتاب المقدس قد وصلت إلى كل أرجاء المسكونة .

فالمسيحية بعد حوالي 35سنة منذ صعود السيد المسيح ، انت قد انتشرت في آسيا وأوربا وافريقيا . فانتشرت في فلسطين وسوريا وبلاد ما بين النهرين وفي تركيا ، ومالطة وامتدت غرباً إلى الهند . وفي افريقيا وصلت إلى مصر وليبيا وامتدت جنوباً . وخلال القرون الثلاثة الأولي كانت قد وصلت إلى بلاد المسكونة . وكل تلك البلاد ، كانت عندها نسخ من الأناجيل ...

كما تمت ترجمة الأناجيل إلى اللغات المحلية .

ومن أقدم ترجماته : الترججمة القبطية في مصر ن والترجمة السريانية في سوريا التى عرفت بالترجمة البسيطة ( البيشيطو ) ، والترجمة اللاتينية القديمة ...كل ذلك في الرقن الثاني ، غير الترجمات التى انتشرت في باقي البلاد ، غير اللغة اليونانية الأصلية . يضاف إلى هذا الترجمة السبعينية للعهد القديم التى تمت في عهد بطليموس الثاني ( فيلادلفوس ) في القرن الثالث قبل الميلاد .

فكيف كان يمكن جمع نسخ الإنجيل من كل بلاد المسكونة ، وجمع كل الترجمات ، وتحريف كل ذلك معاً ؟!

ألا يبدو الأمر مستحيلاً من الناحية العملية ؟! هذا لو فكر أحد في ذلك أصلاً !!

3ثم من يجرؤ على ذلك ؟ وهل من المعقول أن يتفق كل مسيحيى العالم على تحريف كتابهم المقدس ، ثم يؤمنون به بعد ذلك ؟!

المعروف أن الميسحية حينما قامت ، كانت تتربض بها اليهودية التى طالما اتهمت المسحيين عند الحكام الرومان . فلو حرف المسيحيون إنجيلهم ، لفضحهم اليهود . كذلك كان فلاسفة الوثنيين في صراع مع المسيحيين الذين ينمون في العدد على حسابهم . وكانوا يدرسون الإنجيل للرد عليه . فلو حرف المسيحيون الإنجيل ، لفضحهم الوثنيون وفلاسفتهم .. يضاف إلى كل هذا انقسامات داخل صفوف المسيحيين ، فانحرف البعض منهم عن الإيمان المسيحى ، وأسمتهم الكنيسة بالهراطقة ، وحربتهم فكرياً كنسياً . فلو قامت الكنيسة بتحريف الإنجيل ، لوقف ضدها الهراطقة وشهروا بها ..

ولو قامت كنيسة معينة بتحريف بعض نسخها أو كلها ، لحرمتها الكنائس الأخري .

ولقد شهد القرن الرابع هرطقات عنيفة هزت أركان العالم الميسحى ، ومن أمثلها الهرطقة الأريوسية التى انعقد بسببها المجمع المسكونى الأول الذى اجتمع فيه 318 أسقفاً مندوبين عن كنائس العالم كله سنة 325م وقرروا حرم أريوس . وبقي الأريوسيون شوكة في جسد الكنيسة وبخاصة لسلطتهم بالأمبراطور ، مما جعلهم يقدرون على نفي القديس أثناسيوس وعزله أربع مرات .. فهل كان أولئك سيسكتون على تحريف الإنجيل ؟!

حدثت بعد ذلك هرطقات عديدة مثل ، هرطقات سابليوس وأبوليناريوس ، ومانى ، ومقدونيوس ، ونسطور ، وأوطاخي ، وغيرهم . كل ذلك في القرن الرباع وأوئل القرن الخامس . فهل كان اولئك سيسكتون لو حدث تحريف شئ من الإنجيل ؟!

ومن غير المعقول أن تتفق كل كنائس العالم ، مع الهراطقة الذين حرمتهم الكنيسة ، على تحريف الإنجيل الذي يؤمن به الجميع ؟!

4يوجد كذلك في المتاحف نسخ للإنجيل ترجع إلى القرن الرابع تماماً كالأنجيل الذي في ايدينا الآن .

ونقصد لها : النسخة السنائية ، والنسخة الفاتيكانية ، والنسخة الافرامية ، والنسخة الاسكندرية . وكل منها تحوي كل كتب اعهد الجديد التى في أيدينا ، بنفس النص بلا تغيير . وهي مأخوذة طبعاً عن نسخ أقدم منها . ويسطيع أي إنسان أن يرى تلك النسخ القديمة ، ويرى أنها نفس إنجيلنا الحالى .

5كذلك نحب أن نذكر ملاحظة هامة أساسية وهي :

كلمة تحريف لا يمكن اثباتها علمياً إلا بالمقارنة :

أى مقارنة الإنجيل الأصلى بالإنجيل الذى يقال بتحريفة . والقارنة تظهر يوجد ذلك التحريف ؟ في أي فصل من فصول الإنجيل ؟ وفي أى الآيات ؟

أما إذا لم تحدث مقارنة كهذه ، يكون هذا الإتهام الخطير ، بلا بينة ، بلا دليل ، بلا اثبات ، بلا بحث علمى .. وبالتالى لا يكون مقنعاً لأحد .

( 27 )

غير متأكدة من عمادها

سؤال

مشكلتى الأساسية أنى غير متأكدة هل تعمدت أم لا ؟! فبما تنصحنى ؟ مذا أفعل ؟

الجواب

طبعاً أول نصيحة هي سؤال الأقارب الكبار : الأب ، الأم ، الأعمام ، الأخوال ، الجدة .. وأمثالها . هل كل هؤلاء أيضاً غير متأكدين ؟ أم غير موجودين ؟

فإن كان الأمر موضع شك فعلاً ، يمكن أن تنالى سر المعمودية بضمير مستريح .

لأنه لا يمكنك أن تتركي موضعاً للشك أمراً يتعلق بخلاص نفسك ( مر16 : 16 ) ( يو3 : 5 ) ( تى3 : 5 ) .

فإن كنت فعلاً يقيناً لم تتعمدي ، تنالين بركة هذا السر المقدس ، وتنالين أيضاً راحة فكرك ، وتقطعين الشك باليقين . وإن كنت نلت العماد ، وأنت تجهلين ذلك ، ويجهله كل أقاربك . فتكون تلك المعمودية هي الأصل ، والثانية كأن لم تكن ، لا يحاسبك الله عليها وقوانين الكنيسة تأمر بهذا ..

( 28 )

من ارتد وعاد

سؤال

ما حكم الكنيسة في إنسان ترك دينة ، ثم رجع إليه مرة أخرى ؟ هل يعتبر هذا تجديفاً على الروح القدس ؟ كيف تقبل الكنيسو عودته ؟

الجواب

لايتعبر هذا الأمر تجديفاً على الروح القدس . اطمئن .

لأنه حدث أثناء الاضطهاد الرومانى العنيف في القرون الثلاثة الأولى للمسيحية وبداية اقرن الرباع ، أن ارتد كثيرون عن المسيحية ، وبعضهم بحر للأصنام ، أو قدم لهم ذبائخ ? فلما صدر مرسوم بالتسامح الدينى سنة 313م ، عاد هؤلاء إلى الكنيسة ، فقبلتهم مع قانون تأديب على ارتدادهم .

ونظمت هذا القبول وقتذاك قوانين مجمع انقرا سنة 314م وقيصارية الجديدة سنة 315 . ويعتمد قبولها أيضاً على قول السيد المسيح .

" من يقبل إلى ، لا اخرجة خرجاً " ( يو6 : 37 ) .

ومثل هذا الإنسان الراجع إلى الإيمان لا تعاد معموديتة ، بل يكفى له سر التوبة .ولا يعتبر قد جدف على الروح القدس لسبب بسيط هو :

لا شك أن رجوعه دليل على استجابته لعمل الروح القدس فيه .

وهذا دليل على شركة مع الروح القدس . وهذا بلا شك ضد التجديف على الروح القدس .

( 29 )

تناول السواح

سؤال

القديس الأنبا بولا أول السواح ، قضى في وحدته عشرات السنوات لا يرى وجه إنسان ، فكان بعيداً عن أسرار الكنيسة . مذا إذن عن بعده عن سر التناول ، هو وأمثاله من الآباء السواح ؟ وهل يمكن أن يبتعد أحد منا مثلهم عن التناول بلا ضرر ؟

الجواب

لا تستطيع أن تقلد السواح ، لأنك تختلف عنهم في الحالة وفي الدرجة .

هم في درجة روية عالية ، وفي شركة عميقة مع الروح القدس ، وفي صلة دائمة مع اللعه في حياة الصلاة والتسبيح . وليس أحد من أهل العالم في هذا المستوي الروحى . وهم أيضاً ساكنون في البرية الجوانية ، تائهين في البرارى والقفار . ولا يعرفون طريقاً إلى كنيسة يتناولون فيها من الأسرار المقدسة .

ولو أتيحت لهم فرصة للتناول من الأسرار المقدسة ، لاستغلوها بلا شك .

بدليل أن القديسة مريم القبطية . لما حدث وقاد الله القديس زوسيما القس إليها ، طلبت إليه أن يناولها في الزيارة المقبلة . وهكذا تناولت من الأسرار المقدسة قبل أن تنتقل من هذا العالم . وهنا يختلف السواح عن الذين يعيشون في المدن ، وإلى جوارهم الكنائس ، ولديهم الفرصة متاحة للتناول ، وععلى الرغم من ذلك لا يتناولون ..

والسواح حينما كانت تتاح لهم فرصة للاعتراف كانوا يعترفون .

كما اعترف القديس تيموثاوس بقصته وسقطته على القديس ببنوده الذي زانره قبل وقاته . وكما اعترف القديس موسي السائح بكل قصته وكيف أضله الشيطان مرات عديدة بسبب بساطته . وكما اعترف انبا غاليون السائح بأن الشياطين أضلوه واخرجوهخ من وحدته متظاهرين أنهم سواح .. ولالو كل تلك الاعترافات ، ما وصلت قصصهم إلينا ...

على أننا نقرأ في سير بعض السواح ، أنهم كانوا يجتمعون معاً في بعض الأحيان ، ويقيمون القداس الإلهي في كنيسة مهجورة في البرية ويتناولون .

يحدث هذا طبعاً ، إن كان بعضهم قد نال رتبة الكهنوت قبل أن يخرج للسياحة كما نسمع في بعض الأوقات أنهم كانوا يحضرون خفية إلى كنيسة في المدينة ، ويصلون فيها ويتناولون دون أن يشعر بهم أحد .

إن حياتهم فيها الكثيرمن الأسرار . الله هو الأعلم بها .

ونختم اجابتنا بأن قوة التناول الذي مارسوه قبل السياحة ، تظل عاملة فيهم .

( 30 )

بأنواع وطرق شتى

سؤال

كيف حدث أن الروح القدس كلم آباءنا الرسل ؟ بأية صورة ؟ وكذلك كيف كانه الله الآب يكلم الأنبياء في العهد القديم وغيرهم ؟

الجواب

من الصعب أن نحدد طريقة واحدة كان يكلمهم بها .

· أحياناً كان الله يكلمهم فماً لأذن ، كما كلن يفعل مع موسي النبى .

· وأحياناً كان يكلمهم في رؤي أو أحلام ، كما كان يفعل مع هرون وغيره ونرى الطريقتين واضحتين في قول الرب لهرون ومريم موبخاً " إن كان منكم نبى للرب ، فبالرؤيا واستعلن له ، في الحلم أكمله . وأما عبدي موسي فليس هكذا ، بل هو أمين في كل بيتى . فماً إلى فم وعياناً أتكلم معه " ( عد12 : 68 ) .

· وأحياناً كان يكلمهم في ظهورات إلهية ، كما ظهر لأبينا ابراهيم قبل حرق سادوم وتكلم معه ( تك18 : 92333 ) . وكما كلم موسى من العليقة ( خر3 : 26 ) .

· ومن الجائز أن روح الله كان يكلم الناس كان يكلمهم عن طريق الوحي ، عن طريق صوت في داخلهم كان يوحجي إليهم . أو كما قال السيد المسيح للرسل " لستم أنتم المتكلمين ، بل روح أبيكم هو الذى يتكلم فيكم " ( مت10 : 20 ) .

· أو يكلمهم بصوت واضح ، كما حدث في وضع اليد على برنابا وشاول . يقول سفر أعمال الرسل " وفيما هم يخدمون الرب ويصومون ، قال الروح القدس : افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذى دعوتهما إلية " ( أع13 : 2 ) . ونقرأ في هداية فيلبس للخصى الحبشي الذى كان جالساً في مركبته يقرأ اشعياء " قال الروح لفيلبس : تقدم ورافق هذه المركبة " ( أع8 : 29 ) .

· وفي يوم الخمسين ، تكلم الروح القدس على أفواه الرسل ، بألسنة من نار حلت على كل واحد منهم " وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى ، كما أعطاهم الروح أن ينطلقوا " ( أع2 : 3 ، 4 ) .

· حقاً بعد ما كلم الآباء بالأنبياء بأنواع وطرق شتى ..." ( عب1 : 1 ) .

( 31 )

الروح كلمنى !

سؤال

كثيراً ما أجلس إلى شخص روحي فيقول " الروح قال لي .. " ارشدني الروح القدس أن أفعل كذا .. " فما رأيكم في هذا الكلام ؟ وهل من الممكن أن يتكلم الروح القدس مع أحد مباشرة في أيامنا ؟

الجواب

نظرياً ممكن . ولكن الأمر يحتاج إلى فحص وتدقيق .

أولاً : ما هي درجة هذا الشخص ؟ وهل وصل إلى مستوي روحي يكلمه فيه روح الله ؟ زهل هي رسالة إلهية في أمور جوهرية ؟ وهل الكلام الذي يقوله قد تحقق كما قيل ؟

ذلك لأن البعض ممن يثقون بأنفسهم أو بمركزهم الروحي ، يقول عن كل فكر يأتى إليه ، إنه من روح الله قد أتى !!

وقد يكون فكره الشخصى ، أو فكراً نابعاً من اقتناعه الخاص ، أو يكون صادراً من عقله الباطن ، ومتأثراً بتأملاته أو قراءاته والأمر يحتاج إلى إفراز شديد ، وإلى صلاة وإلى موهبة تمييز الأرواح ...

لئلا يكون ههذا الفكر هو محاربة من عدو الخير ...

ما عمق قصة القديس مقاريوس الكبير الذي قال " أتاني فكر أن أذهب إلى البرية الجوانيى لأرى الأخوة السواح . فبقيت مقاتلاً هذا الفكر ثلاث سنوات لأرى هل هو من الله أم لا " . فكيف يقول إنسان بسهولة " الروح القدس قال لي .. " ؟! إن القديس يوحنا الرسول يقدم لنا تعليماً هاماً فيه :

أيها الأحباء ، لا تصدقوا كل روح ، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله .." ( 1يو4 : 1 ) .

فكم من مرة قال شخص " الروح قال لي .. " ثم أتيت اليام بعد ذلك ، عكس ذلك تماماً .. لذلك علينا أن نضع أمامنا عبارتي الرسول " لا تصدقوا كل روح " ( امتحنوا الأرواح " ..

وما نقوله عن " الروح قال .. " نقوله عن الرؤي والأحلام .

يحتاج الأمر إلى افراز شديد ، لمعرفة هل هي من الله أو لا ؟ وهل هي محاربات من العدو ؟ وبستان الرهبان يحكى لنا قصصاً عديدة عن محاربات الشياطين في هذا المجال ، وعن ضلالاتهم التى يحاولون بها أن يخدعوا أولاد الله ، وبعضهم من القديسين !! وصدق القديس بولس الرسول حينما قال عن الشيطان وأعوانه :

" لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبة ملاك نور .. " ( 2كو11 : 14 ) .

ويكمل الرسول قائلاً " فليس عظيماً إن كان خدامه أيضاً ، يغيرون شكلهم كخدام البر "( 2كو11 : 15 ) . ونصيحتى للشخص الذى يكلمه الروح ، حتى لو كان هذا حقاً ، أو يحتفظ بذلك في قلبه ، بروح التواضع ن ولا يحدث الناس قائلاً " الروح قال لي .." ( لأن مثل هذه التصريحات تجلب له محاربات روحية كثيرة . وربما تكون أيضاً صادرة عن محاربات ..

( 32 )

كيف عرف التلاميذ ؟

سؤال

كيف عرف بطرس موسي وإيليا أثناء التجلي مع السيد المسيح ، علماً بأنه لم يرهما قبلاً بالجسد ، ولا أظن أنه كانت هناك صور يعرفها بها ؟

الجواب

· ربما يكون قد عرفها من مخاطبتها لبعضها بالاسم ، أو من مخاطبة الرب لكل منها باسمه .

· أو من الكلام الذي كانا يتكلمان به .

· أو من مظهرهما . فمثلاً ايليا النبى كان مظهره معروفاً .

· أو كانت معرفة بالروح ، كما سنعرف القديسين في العالم الآخر .

· من غير حاجة إلى صور أو إلى القديسين باسمائهم . ويسمعهم من حولها يقولون " هوذا القديس فلان .. "وهوذا القديس فلان .. وهوذا أيضاً فلان .. " .

يعرفون بالروح ، أو يكسف الرب لهم .

· والروح تعرف أشياء كثيرة .. وهناك ما يقوله عنه الرسول " أعلنه الله لنا بروحه " ( 1كو2 : 10 ) . فربما كان في قصة التجلي ، نوع من الكثف الإلهى للتلاميذ الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا . أو لون من استناره الروح ، لوجودهم في حضرة الله واثنين من انبيائة العظام ..

( 33 )

هل أستمر في الصوم ؟

سؤال

مع أننى أصوم يومى الأربعاء والجمعة بصفة دائمة ، إلا أننى أفطرت صباح اليوم ( الأربعاء ) سهواً .. فهل كان يجب أن استمر في الصوم ؟ أم أكمل اليوم بطعام فطاري لأن الصوم قد كسر فعلاً !

الجواب

احفظ صومك كما هو . وخذ هذا درساً لنفسك . لكي تكون أكثر تحفظاً في الأيام المقبلة . واحذر من أم يحاربك الشيطان بأن تستمر في كسر الصوم .

لقد كسرت الصوم بغير إرادتك .

فلا تكمل اليوم افطاراً ، بارادتك !

لئلا تكون وراء ذلك شهوة ظاهرة في آكل الطعام الفطاري .. أو على رأي المثل العامي الذي يقول " الحصان لما يقع ، يعلمها تمريغة " .. لاتسمح للشيطان أن يوقعك في اليأس وتفطر . بل اقنع نفسك بقولك " ما فعلته بغير إرادتى ، لاأكمله بإرادتى " ..

والأجدار أن تعوض سهوك بصومك يوم آخر .

كأن تصوم يوم الخميس ، تعويضاً عن الأفطار السهوى في صباح الأربعاء . أو أن هذا الطعام الفطاري بالذات الذى كسرت بالذات الذي كسرت به صومك ، تصوم عنه اسبوعاً ، لاتأكل منه لمذة أسبوع .. وثق أن هذا الصوم التعويضى سيرسخ في عقلك الباطن ، ويمنعك من تكرار هذا السهو . وبه أيضاً ترد على نفسك في اشتهائها الطعام الفطاري ، وترد به خطأ آخر .. لعلك تسأل ما هو ؟ فأقول لك :

المفروض في الصوم : عنصر الانقطاع ، فلا تفطر صباحاً .

ولأنك كسرت هذا المبدأ وهو الإنقطاع عن الطعام وأكلت ، أمكن أن تقع في ذلك السهو ، وهو أن تأكل طعاماً غي نباتى . وقطعاً لو انقطعت عن الطعام ، لكنت تذكرت تماماً أنك في يوم صوم . فإن أكلت ، لا تأكل سوي طعام نباتى ..

( 34 )

لماذا لا نطلب المواهب ؟

سؤال

لماذا لا نطلب المواهب ، بينما الرسول قد قال " جدوا للمواهب الروحية ، وبالأولى أن تتنبأوا .. " ( 1كو14 : 1 ) .

الجواب

قال الرسول " جدوا للمواهب .. ولكن أريكم طريقاً أفضل " ( 1كو12 : 31 ) . ثم تحدث عن هذا الطريق الأقفضل ( المحبة ) في أصحاح كامل ( 1كو13 ) .

واظهر أن المحبة أفضل من الإيمان الذي ينقل الجبال ، وأفضل من النبوة ، وأفضل من التكلم بألسنة ( 1كو13 : 1 ، 2 ) .

ثمار الروح وأولها المحبة ( غل5 : 22 ) ، لازمة الخلاص نفسك . أما المواهب الفائقة للطبيعة ، فلا تلزمك لخلاصك . وكثيرون نالوا مواهب ، وصنعوا معجزات وهلكوا !! ( مت7 : 22 ، 23 ) .

من الجائز أن يعطيك الله مواهب تصنع بها المعجزات ، ثم لا تحتمل الموهبة ، فيكبر قلبك وتسقط .. تصور أنك تضع يدك على ميت فيقوم ، أو على مريض فيشفي ... هل تضمن مشاعرك من الداخل ؟! ربما تظن أنك صرت قديساً وأعظم من جميع الناس . وبهذا الشعور تهلك ، كما قال الكتاب : " قبل الكسر الكبرياء ، وقبل السقوط تشامخ الروح " ( أم16 : 18 ) .

إن المواهب تحتاج إلى تواضع يحمى صاحبها .

ولهذا قال ماراسحق " إذا اعطاك الله موهبة ، فاطلب منه أن يعطيك تواضعاً لكي تحتملها ... وإلا ، إن لم يكن عندك هذا التواضع ، فاطلب من الرب أن ينزع عنك هذه الموهبة لكي لا تهلك بسببها " ...

إذا كنت حقاً جاداً في طلب المواهب ، لا بسبب مجد باطل ، إنما بسبب نمو ملكوت الله ، فلزمك اعداد قلبك للمواهب . وهذا اإعداد يكون بالتواضع ...

تعد نفسك لقبول الموهبة ، بتواضع القلب .

فإن امتلأ قلبك بالاتضاع ، سوف لا تطلب الموهبة .

لأنه حقاً ، لماذا تطلب الموهبة ؟ لماذا مثلاً نقاوة القلب ؟ لماذا لا تطلب الحكمة كما طلبها سليمان ؟ لماذا لا تطلب شركة الروح القدس وثمر الروح في قلبك ؟ لماذا طلب المواهب بالذات ؟ أليس لأن هناك فارقاً واضحاً ملموساً وهو :

المواهب ظاهرة للناس . وثمار الروح مخفاة في القلب .

وهذه المواهب تجلب لك مجداً وفخراً أمام الناس ... هوذا قد صرت صانع معجزات . ينظر الناس إليك ، باعتبارك رجل الله ... يطلبون بركاتك ، يجرون وراءك ، يسعدهم لمس ملابسك ، أو سماع دعاء من فمك ... إنها عظمة عالمية ، لا أدرى إلى أين توصلك ..!! كل ما أدرية أنها ليست لازمة لخلاص نفسك ، بل هي على العكس خطرة عليك .

ومع ذلك إن أردت العظمة ، سأضرب لك أعظم مثل لها :

قيل عن المعمدان إنه أعظم من ولدته النساء ( مت11 : 11 ) . وقيل أيضاً إنه " لم يصنع آية واحدة " ( يو10 : 41 ) .

إن العظمة ليس مصدرها صنع الآيات ...

إن الرب اختار يوحنا ، ليكون الملاك الذى يهيئ الطريق قدامه ، ذلك لأنه كان إنساناً متواضعاً يقول " ينبغى أن ذاك يزيد ، وأنى أنا أنقض " ( يو3 : 30 ) ويقول " لست مستحقاً أن انحنى وأحل سيور حذائه " ( مر1 : 7 ) . واختار العذراء أعظم نساء العالم ، لأنه " نظر إلى اتضاع أمته " ( لو1 : 48 ) . وهذه القديسة المتضعة ، نقول عنها " ارتفعت يا مريم الشاروبيم ، وسموت يا مريم فوق السارافيم " .

إن طلبت من الله موهبة ، فاسأل نفسك لماذا تطلبها ؟

أتريد أن تتنبأ ؟ لماذا ؟ أتريد أن تتكلم بألسنة ؟ لماذا ؟ هل لكي تبشر بها في بلاد تأكل لحوم البشر ، وأنت لا تعرف لغتها ؟‍ أم ليقول عنك البعض أنك قد وصلت للملء ‍‍‍‍!! إن الامتلاء بالروح القدس ليست علامته الألسنة .. " والألسنة آيةللمؤمنينبل لغير المؤمنين " ( 1كو14 : 22 ) .كان القديس بولس الرسول يتكلم بألسنة أكثر من الجميع ( 1كو14 : 18 ) . ومع ذلك لم تكن الألسنة هي سر عظمته . وإنما تكمن في تعبه لأجل نشر الإيمان ، وإحتماله الأم والتعب في خدمة الكرازة ...

( 35 )

اللوح المقدس المكرس

سؤال

سمعت في عظة لأحد الآباء الكهنة عن " اللوحة المقدسة " ، وأنه لا يجوز الصلاة على المذبح إلا في وجودها . فأرجو توضيح ما يختص بهذه اللوحة . وهل يجوز ارتباط صلاة القداس بوجود لوحة خشبية على المذبح ؟

الجواب

لعل هذا الأب الكاهة يتكلم عن المذبح غير المدشن .

فالمفروض أن يكون المذبح مدشناً ، لكي يمكن أن نصلى عليه القداس الإلهى وتدشين المذابح وتقديسها عبارة عن أمر إلهى ، أمر به الرب موسى النبى منذ القديم . فلما أمره بصنع " دهن المسحة المقدس " قال له " تمسح به خيمة الاجتماع وتابوت الشهادة ، والمائدة وكل آنيتها ، ومذبح البخور المحرقة وكل آنيته وتقدسها فتكون قدس أقداس " ( خر30 : 2529 ) .

والمذبح يدشن بزيت الميرون المقدس ، لتقديسة ، وإعداده للصلاة عليه ...

يقوم بهذا التدشين البابا البطريرك ، أو أسقف الإيبارشية ، بصلوات تستغرق حوالى ساعة ونصف . ويتم تدشين المذبح أيضاً كل أوانى المذبح ، وكرسي المذبح ، وايقوناته ، والمجامر .. إلخ .

وبتدشين المذبح ، يمكن تقبيله ، والسجود أمامه ، والدوران حوله ، واقامة القداسات عليه .

وبدشين المذبح ، لا نحتاج إلى اللوح المقدس . ولذلك عند تدشين المذبح ، ينبغى أن يكون مسطحاً تماماً ، وليست فيه فجوة يوضع فيها لوح مقدس . لأننا نستخدم هذا اللوح المكرس في حالة عدم تدشين المذبح ليحل محله ، كما نقول في طقس تقديس هذا اللوح " يكون عوض مذبح مبني بالحجارة " .

إذن اللوح المكرس ، يستخدم عوضاً عن المذبح .

ويكون استخدامه تقريباً في حالتين :

حالة وجود مذبح غير مدشن .

بحالة عدم وجود مذبح على الاطلاق ، كخدمة المذابح المنتقلة مثلاً .

( 36 )

الخوف من الموت

سؤال

أخاف من الموت ، بل ارتعب منه . فبماذا تنصحنى ؟

الجواب

يخاف من الموت ، الشخص الذي لا يستعد له .

أما الذى يستعد له بحياة التوبة ، وبالعشرة مع الله ، فإنه لا يخاف . بل يقول مع القديس بولس الرسول " لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ، فذاك أفضل جداً " ( فى1 : 2 ) أو كما قال سمعان الشيخ " ألان يارب تطلق عبدك بسلام ، فإن عينى قد أبصرتا خلاصك " ( لو2 : 29 ، 30 ) .

الخوف من الموت في الواقع ، هو خوف من المجهول .

خوف من طبيعة الموت والاحساس به ، وكيفية خروج الروح وما يصحبها . وكلها أمور مجهولة منا .

بخوف مما يحدث بعد الموت ، من مصير الإنسان بعده .

نصيحتى لك أن تكون مستعداً باستمرار .

وأن تقرأ عن كيفية انتقال القديسين من العالم .

كما قيل في الكتاب " لتمت نفسي موت الأبرار ، ولتكن آخرتي كآخرتهم ( عد23 : 10 ) .

وتعرف عن الرؤي المعزية التى كان الأبرار أثناء انتقالهم ، وبعض الظهورات الروحانية . وبعضهم كان يسمع كلمات تعزية ، أو يشم رائحة بخور . وكما قيل في المزمور " كريم أمام الرب موت أتقيائه " .

أحد هؤلاء الأبرار ، كنت اسمعه يقول في صلاته :

" لا تأخذنى يارب في ساعة غفلة " ..

اقرأ أيضاً عن السماء والملائكة وأوشليم السمائية ، مسكن الله مع الناس ، وعن الملكوت ، وعن النعيم الأبدي ، وعشرة القديسين .

( 37 )

كتاب الآباء والأنبياء

سؤال

أهدانى أحدهم كتاباً كبيراً اسمه " الآباء والأنبياء " وكتاب آخر اسمه " مشتهى الأجيال " . وقد قال لى أحد الآباء الأساقفة إنهما كتابين غير مسيحيين ، مع أن فيهما آيات كثيرة عن المسيح . فما السبب ؟

الجواب

هذان الكتابان هما للسبتنيين الأدفنتست ، وضعتهما ايلين هوايت التى تدعي نبية السبتيين .

ومهما من أهم وأخطر كتبها . وتذكر فيها أن السيد المسيح هو الملاك ميخائيل . وتحاول أن تستدل على ذلك بآيات من العهد القديم ، وببعض الظهورات التى ظهر فيها الله بصورة ملاك الرب .

ويتضمن هذان الكتابان كثيراً من معتقدات السبتيين الخاطئة .

وقد قرر المجمع المقدس في جلسته سنة 1989 أن شهود يهوه والسبتيين ليسوا من المسيحيين .

وذلك لأنهم ينكرون العقائد المسيحية الأساسية التى وردت في قانون الإيمان المسيحى ، كما ينكرون خلود النفس ، ووجود الروح في الفترة ما بين موت الإنسان والقيامة . ويعتقدون بأن الملكوت الأبدي سيكون على هذه الأرض ، وليس ملكوتاً سمائياً .. ألخ .

نصحتى لك هي عدم قراءة هذين الكتابين وعدم الاحتفاظ بهما .

يمكن أن تسلمها لأب اعترافك أو لأي كنيسة ( مع هذه الإجابة ) أو تحرقها . وهكذا باقى ما يصلك من نفس المصدر .

( 38 )

الشيطان تحت قدمى

سؤال

ما رأيكم في هذه العبارات وهذه الصلوات التى قرأتها في كتاب يحمل إسم أرش\ثوذكسي ؟

· " أجلسنا معه في السماويات فوق كل أعدائنا . ابليس تحت أقدامنا ، هللويا " .

· في كل حروبى مع قوى الظلمة ، ذكرنى أيها الآب السماوي ، أننى جالس فوقها ، جالس مع المسيح ، وأدوس عليها بقدمى " .

· لابد أن نعلن سلطاناً . لابد أن نهتف أمام ابليس ، صارخين في وجهة : أنت عدو مهزوم . أنت مهزوم بالكامل مكانك تحت أقدامنا " .

· أيها الآب السماوى : إننى أفرح لأن لى كامل النصرة في اسم ابنك . ولأن ابليس صار قدمى . هللويا " .

هل يحق لى أن أصلى هكذا ؟

الجواب

حقاً إن السيد المسيح الرب أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو ?

ولكن كيف ندوسها ؟ ندوسها بالإتضاع .

الشيطان سقط بالعظمة والكبرياء ، حينما قال " أرفع كرسي فوق كواكب الله .. أصير مثل العلى " ( اش14 : 13 ، 14 ) . فهزمه السيد المسيح بالاتضاع ، لما أخلى ذاته وأخذ شكل العبد " ( فى2 : 7 ) . وهكذا فإن ماراسحق في ميمره عن الاتضاع ، قال : أريد أن أتكلم عن الاتضاع ، ولكنى خائف كمن يتكلم عن الله . لأن الاتضاع هو الحله التى لبسها اللاهوت لما جاء لأجل خلاصنا .. والشيطان حينما يري إنساناً لابساً حله الاتضاع هذه ، يرتعب منه ، لأنه يرى فيه صورة خالقه الذى هزمه وهو لابس هذه الحله عينها ..

أنظر كيف أن القديس الأنبا أنطونيوس هزم الشيطان باتضاعه .

كان في محاربة الشياطين له ، يقول لهم " ايها الأقوياء ، مذا تريدون منى أنا الضعيف ؟! " . وكان يصلى إلى الله قائلاً " انقذنى يارب من هؤلاء الذين يظنون أننى شئ . وأنا أضعف من أن أقاتل أصغرهم " . قلما كان الشياكين يرون هذه الصلاة المملوءة إتضاعاً ، كانوا ينحلون كالدخان ..

كيف تقول للشياطين أنتم تحت قدمي ، بينما يقول لهم القديس الأنبا أنطونيوس : أيها الأقوياء ماذا تريدون منى أنا الضعيف ؟!

قال القديس الأنبا أنطونيوس : أبصرت فخاخ الشياطين مبسوطة على الأرض كلها . فصرخت " يارب من يفلت منها ؟ فجاءنى صوت من السماء يقول : المتضعون يفلتون منها ..

فهل من الاتضاع أن تقول للشيطان : أنت تحت قدمي ؟!

هل تظن أنك تستطيع أن تحارب الشيطان بنفس سلاحه ؟!

ما أسهل أن الشيطانفي حربه معكيحب أن يجذبك إلى نفس الأسلوب الذى انهزم به ، أعنى التعالى الذى سقط به رئيس ملائكة .. اعرف إذن أنه :

كما انتصر القديس الأنبا أنطونيوس على الشياطين بالاتضاع ، هكذا بنفس الاتضاع انتصر عليهم أنبا مقار .

لقد ظهر السيطان للقديس مقاريوس الكبير ، وقال له " ويلاه منك يا مقاره . أي شئ أنت تفعله ونحن لا نعلمه ؟! أنت تصوم ، ونحن لا نأكل . أنت تسهر ، ونحن لا ننام .. ولكن بشئ واحد تغلبنا " فسأله مقاريوس عن ذلك ، فأجاب :

بتواضعك وحده تغلبنا ..

كيف يا ابنى تسمح لنفسك أن تقول إن الشيطان تحت قدمي ؟! هل أنت فوق حروب الشياطين وخداعهم ؟ ألم تسمع ما قيل عن الخطية إنها " طرحت كثرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء " ( أم7 : 26 ) .

صدقنى يا ابنى ، إن قلت هذا الكلام ، تكون في خطر !! بل تكون في خطرين اثنين :

خطر الكبرياء والشعور بالذات ، كأنك أصبحت فوق مستوي السقوط ، وفوق مستوي الحروب ، وفوق مستوى القديس أنطونيوس الكبير الذى قال للشياطين " أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم " ..

والخطر الثاني ، هو خطر تحديك للشيطان بغير داع!! كما لو كنت تثيرهم ، وتحفزهم للقتال ضدك وتجربة الحرب معك .

هناك فرق كبير بين أن الله أعطانا سلطاناً ، وبين أن نفتخر بهذا السلطان ونتحدي !!

وذلك بعبارة " لابد أن نعلن سلطاننا . لابد أن نهتف أمام ابليس صارخين في وجهة .. مكانك تحت أقدامنا .

الكتاب المقدس يذكر أن ميخائيل رئيس الملائكة لم ينتهر الشيطان ، بل قال " لينتهرك الرب " ( يه9).

كذلك ملاك الرب الذى عمل على انقاذ يهوشع الكاهن العظيم من يد الشيطان لم ينتهره مباشرة ، بل قال له :

" لينتهرك الرب يا شيطان ، لينتهرك الرب " ( زك3 : 2 ) .

فهل يتعالى إنسان أكثر من رئيس الملائكة في انتهار الشيطان ؟

أيقول إنسان إن القوة هي من الرب لا منى .. حسناً ولكن القوة لا تستطيع أن تستخدمها إلا بالاتضاع .. وإن فقد أحد اتضاعه ، فقد قوته ولعبت به الشياطين . ما معنى " ابليس صار تحت أقدامنا . هللويا " ؟!

إنك لا تزال في حرب مع قوي الظلمة . ولا تدري ما نتائجها .

إن القديس بولس لرسول يقول " البسوا سلاح الله الكامل ، لكى تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد ابليس .. لكي تقدروا أن تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير .. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذى به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة " ( أف 6 : 1116 ) .

هى حرب إذن : تحتاج إلى سلاح الإيمان ، لكي تقدروا أن تقاوموا وأن ، لكى تقدروا أن تقاوموا وأن تثبتوا ..

وليست مجرد دوس كل قوي الظلمة تحت الأقدام !!

والقديس بطرس الرسول يقول " اصحوا واسهروا ، لأن ابليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو . فقاوموه راسخين في الإيمان .. " ( 1بط5 : 8 ، 9 ) . ولم يقل أحد أن مقاومة الأسد الذى يزأر ويجول ليبتلع ، هي أن تقول له " أنت تحت قدمي " .. !!

بل هو جهاد يقول فيه القديس بولس الرسول للعبرانيين " للأخو القديسين ، شركاء الدعوة السماوية " ( عب3 : 1 ) .

" لم تقاوموا بعد حتى الدم ، مجاهدين ضد الخطية " ( عب12 : 4 ) .

فهل المقاومة حتى الدم هو أن تعلن للشيطان أنه تحت قدميك ؟! ما أصعب هذا الكلام وما أخطره ..!

غالباً هذا الكلام هو نتيجة قراءة أو ترجمة كتب غريبة ، من التى تحل أسلوب الكبرياء هذا . أما الروحيات الأرذوكسية فيه مبنية على الاتضاع .

نحن لا نخاف الشياطين . ولكن في نف الوقت ى ننتفخ عليهم ، ولا ننتهرهم في احتقار ، ولا يقول لهم أنتم تحت أقدامنا . إنما ننتصر عليهم بالاتضاع وانسحاق النفس . نعم بهاتين الصفتين اللتين تجعلان قوة الله معنا ، تحاربهم بسبب ضعفنا .

( 39 )

هل خرب الشيطان الأرض ؟! وأعاد الله تكوينها في الستة أيام ؟!

سؤال

قرأت في أحد الكتب الروحية ، أن الأرض حينما خلقها الله لم تكن خربة ، وإنما خربت بسبب خطية الشيطان . فلما سقط ألقاه الله إلى الأرض فخربها ، وأحاطها بظلمته .. وأن كل ما عمله الله في الستة الأيام ، هو أنه جدد الأرض مرة أخرى ، كما قيل في المزمور " ترسل روحك فتخلق ، وتجدد وجه الأرض " ( مز104 : 30 ) . وكان ذلك بعد تدمير شاكل وثع على الأرض بسبب الظلمة . وكانت الأرض قبل هذا الخراب عامرة رائعة الجمال . وقد أعادها الله إلى ذلك الجمال في ستة أيام الخليقة ..! فما رأيكم في هذا الكلام ؟ وهل هو التفسير السليم ؟

الجواب

لماذا هذه الآراء التى تبلبل الأفكار ، بلا داع ، وبلا أية فائدة روحية تعود على القراء ، إلا رغبة الكاتب في أن يقدم شيئاً جديداً من تفسيات شيئاً جديداً من تفسيرات غريبة وغريبة قد قرأها .. ومع ذلك سنناقش هذا الفكر ونثبت خطأة :

1ليس لهذا الفكر أي سند من الكتاب المقدس .

ولا يجوز للكاتب أن يعتمد على ترجمة معينة للكتاب المقدس فهناك ترجمات عديدة جداً . وأشهر ترجمة king james فيها : and the earth was void and formless أي أنها كانت خالية ( خاوية ) وبلا شكل الحرارة . وهذا يمثل الحالة الأولى لها قبل أن يشكل الله اليابسة والماء ، وحينما كانت الحرارة الشديدة جداً تحول المادة إلى أبخرة . ثم بدأت تستقر الأمور بالتدريج . ولما أعد الله كل شئ لسكنى الإنسان خلق الإنسان ، خلق الإنسان أخيراً .

أما عبارة أن الأرض كانت عامرة ورائعة الجمال ، ثم خربتها خطية الشيطان ، فأمر عليه انتقادات كثيرة منها :

2كانت الأرض عامرة بمن ؟ ببشر أم بملائكة ؟!

طبعاً لم تكن عامرة بملائكة ، فالملائكة كانوا في السماء .

أما إن كانت عامرة ببشر ، فمن هم أولئك البشر ؟ وهل كان هناك بشر قبل آدم الذى يسميه الكتاب " الإنسان الأول " ( 1كو15 : 45 ) ، ويسمية أيضاً " الإنسان الواحد " ( رو5 : 19 ) . فعبارة كانت الأرض عامرة ، قبل خلق آدم وجواء ، عبارة خاطئة . كما أنه من الناحية العلمية : حينما انفصلت الأرض عن المجوعة الشمسية ، لم تكن حرارتها الشديدة جداً تسمح بأي نوع من أنواع الحياة ، لا بشر ، ولا نبات ، ولا حيوان ..! فمن أين أتت عبارة " كانت الأرض عامرة ورائعة الجمال ، قبل الأيام الستة ..؟!

3كذلك ما هي قوة الشيطان التى يستطيع بها أن يخرب أرضاً خلقها الله ؟!

ما هي قوته التى يخرب بها أرضاً عامرة ورائعة الجمال ؟! ويفسد عمل الله في الخليقة ، بينما يري الكاتب نفسه أن " الشيطان تحت الأقدام " ؟!

إن الشيطان في تجربة أيوب الصديق لم يستطيع أن يعمل شيئاً لأذية إنسان واحد وهو أيوب إلا بعد أن أخذ سماحاً من الله بذلك ، وكان سماحاً في حدود ( أي1 : 11 ، 12 ) ، ( اى2 : 5 ، 6 ) . فكيف إذن يستطيع أن يخرب الخليقة كلها ، بحيث يعيد الله تكوينها في ستة أيام ..!!

4أم أن خطية الشيطان تلقائياً خربت الأرض . وهذا مستحيل لأن الشيطان حينما أخطأ كان في السماء .

كان ملاكاً من ملائكة السماء ، وكان أحد رؤساء الملائكة . كان كاروباً ( خر28 : 14 ، 16 ) . والكاروبيم جماعة من الملائكة بسته أجنحة تقف مسبحة أمام الله .. فإن كانت خطية الشيطان تسبب خراباً ، فهل سبب خراباً للسماء التى كان يسكنها ؟! وما ذنب الأرض ؟! وإن كان قد سبب خراباً للأرض التى القي إليها ، فالمعروف عنه أنه سمى " برئيس سلطان الهواء " ( أف2 : 2 ) . فبالأكثر يكون قد سبب خراباً للهواء لا للأرض !! وإن كان كما يقول عنه الكتاب " انحدر إلى الهاوية إلى أسافل الجب " ( اش14 : 15 ) . فالتفسير المنطقى حسب اسلوب الكاتب أن يكون قد خرب الهاوية ، وليس كل الخليقة التىحسب قولهكانت عامرة ورائعة الجمال .

5حينما أخطأ آدم قال له الله ملعونه الأرض بسببك .

أصابتها اللعنة ، ولكنها لم تخرب ، وظلت باقية . واللعنة شئ ، وفناء الخليقة بحيث يعاد تكوينها شئ آخر .. والله لم يعلن السماء لما أخطأ الشيطان ، لأن السماء كلها لم تخطئ . إنما طرد منها الشيطان ، كما طرد الإنسان الأول من جنة عدن ( تك1 : 23 ) ..

أما عبارة " تدمير شامل أصاب الأرض ، جعلها مقفرة وموحشة " . فهي عبارة لا يوجد ما يسندها مطلقاً من آيات الكتاب ، ولا تتفق مع حفظ الله لخليقته .

6الله هو الذى له الحق أن يخلق وأن يبيد ، وليس الشيطان .

عندما لعنت الأرض بسبب خطية آدم ، كانت تلك عقوبة أوقعها الله الذى خلقها ولم تعلن تلقائياً بغير إرادة الله . وعند تخرب الأرض في نهاية الزمان ، سب قول الرب " السماء والأرض تزولان " ( مت5 : 18 ) . وحسبما ورد في سفر الرؤيا " ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة ، لأن السماء الأولي مضتا ، والبحر لا يوجد فيما بعد " ( رؤ21 : 1 ) .. وسيكون هذا كله بأمر الله وبمشيئته ، وليس بسبب الشيطان أو الإنسان ، وليس أمراً تلقائياً ..

7يقول الكاتب : إن الأرض حينما خرجت ، عمتها الظلمة ، ظلمة الشيطان ، لأنه سلطان الظلام .

فهل كان روح الله يرف على ظلمة الشيطان ( تك1 : 2 ) .

لأن الكتاب يقول " كانت الأرض خربة وخالية ، وعلى وجه الغمر ظلمة . وروح الله يرف على وجه المياه " ( تك1 : 2 ) . وواضح أن هذه الظلمة كانت ظلمة الضباب الكثيف المتكون من تبخر المياه . وكان روح الله يرف على كل ذلك ، لتخلق فيه الحياة حسب مشيئة الله . ومحال أن نصدق أن روح الله يرف على ظلمة الشيطان !!

8أما عبارة ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض ( مز104 : 30 ) .

فلا علاقة لها بأيام الخليقة الستة اطلاقاً . ويمكن لأي قارئ أن يعود إلى مزمور 104 من آية 25 إلى 30 ليري أن المرتل يتأمل في الخليقة الموجودة حالياً . فيقول للرب " كلها اياك تترجي لترزقها قوتها في جينه .. تحجب وجهك فترتاع . تنزع أرواحها فتموت ، وإلى ترابها تعود . ترسل روحك فتخلق ( مبنية للمجهول ) وتجدد وجه الأرض

والمعروف أن الحياة تتجدد باستمرار على وجه الأرض .

نبات ينمو ويحصد ، ويتجدد بنبات غيره . بشر وحيوان يعيشون ويموتون ، ويتجدد وجه الأرض ببشر وحيوان .. وهكذا دورة الحياة . ولا علاقة لهذا كله بأيام الخليقة ولا تدل آيات الكتاب على خراب الخليقة واعادة تكوينها مرة أخري .

ولا نستطيع أن نأخذ آية مفردة من الكتاب ، وننزعها تماماً عن الموضوع الذى قيلت فيه ، لنصقها بموضوع آخر من عندياتنا لا علاقة لها به .. ومن له أذنان للسمع فليسمع ..

9سؤال آخر أحب أن أضعه في هذا المجال :

إن كانت خطية الشيطان قد تسببت فى دمار شامل للأرض ، فلماذا لم يتكرر هذا الدمار مرة أخرى بل مرات .

والمعروف أن الخطية تتكرر وتتعدد ملايين المرات كل يوم ، والشيطان يجول مثل أسد يزأر ليبتلع الناس ( 1بط5 : 8 ) . والحرب قائمة مع قوي الظلمة والأرواح الشريرة ( أف6 : 12 ) . والخطية طرحت كثيرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء " ( أم7 : 26 ) . ولماذا لم يخرب الأرض ايام الوثنية التى شملت الأرض كلها ؟!

لكي يعود الله ويجدد وجه الأرض مرة أخرى !!

10أخيراً احذر من قراءة الفكار الغريبة ونقلها إلى الناس ..

وصدق معلمنا يعقوب الرسول حينما قال " لاتكونوا معلمين كثيرين يا أخوتى ، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا " ( يع3 : 1 ) . كما أنصح القراء أن يكون لهم في القراءة افراز وتمييز ، كما قال الكتاب " لاتصدقوا كل روح ، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله .. " ( 1يو4 : 1 ) .

( 40 )

واعظ يركز على الدم وحده !!

سؤال

ما رأيك في واعظ يترك الحيث عن التوبة وكل عمل صالح ، ويركز على الدم :

الخلاص بالدم ، والتطهير بالدم ، والانتصار بالدم ، وابليس ينهزم بالدم ، والمغفرة بالدم . وفي ذلك يقول :

· ابليس عدو حبيث . مستعد أن يشجعك على الصلاة والصوم وعلى كل الأمور الصالحة ، إذا نجح أن يحول قلبك عن الثقة بالدماء الثمينة .

· نعم لقد صارت مملكة الظلمة تحت أقدامنا بسبب هذا الدم .

· هل أنا سئ ، سئ جداً . أشكرك يارب لأنك تعلن لي أنك تحب المسيئين .. ستقبلي كنا أنا . ستمحو إثمى . دمك يطهرنى .

· تعال إلى المخلص . تمسك بدمائه المسفوكة . تمسك بكفارته ، فيسقط حق ابليس في اتهامك .

· مع كلام كثير من هذا النوع ..

فهل أنا لا عمل لي في حياتى الروحية سوي التمسك بالدم ؟!

الجواب

اعلم يا ابني أن هناك قاعدة منطقية تقول :

إن أنصاف الحقائق ، ليست كلها حقائق .

فنحن لا ننكر أهمية الدم في المغفرة ، إذ يقول الكتاب " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة " ( عب9 : 22 ) . ولكن لابد إلى جوار الدم ، نضع التوبة ، فقد قال السيد المسيح " إن لم تتوبوا ، فجميعكم كذلك تهلكون " ( لو13 : 3 ، 5 ) . وبدء كرازة ربنا يسوع المسيح ، يرويها مارمرقس الإنجيلى قائلاً " وبعد ما اسلم يوحنا ، جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله . ويقول : قد كمل الزمان ، واقترب ملكوت الله . فتوبوا وآمنوا بالإنجيل " ( مر1 : 14 ، 15 ) .

هل يستطيع أحد أن يغفل أهمية التوبة ؟

هل يمكن أن يخلصك الدم بدون توبة ؟!

في هذه الحالة نقول إن دم المسيح قادر على خلاصك ، ولكنك لا تريد لنفسك الخلاص بعدم التوبة .

وقول الكتاب عن دم المسيح إنه يطهرنا ، المقصود به أنه يطهرنا إن قدمنا توبة .. أما نص الآية فهو " .. إن سلكنا في النوركما هو في النور فلنا شركة مع بعضنا البعض . ودم يسوع المسيح إبنة يطهرنا من كل خطية " ( 1يو1 : 7 ) . فلا يجوز لهذا الواعظ أن يذكر نصف الآية بالتطهير بالدم ، ولا يذكر الشرط القائل " إن سلكنا في النور " ويعني ترك الخطية بالتوبة .

كما أن الرسول يضيف بعد ذلك : " إن اعترفنا بخطايانا ، فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ، ويطهرنا من كل إثم " ( 1بط1 : 9 ) .

إذن شرط التطهير بالدم هنا ، هو أمران : اعترافنا بخطايانا ، والتوبة بالسلوك في النور .

أما المقتبسات المذكورة هنا ، فهي تتحدث عن فاعلية الدم فقط ، دون أي ذكر للاعتراف والتوبة والسلوك في النور .

اما عبارة " تمسك بدمائه المسفوكة ، تمسك بكفارته ، فيسقط حق ابليس في اتهامك " .. فهي بلا شك عبارة من الناحية اللاهوتية . فإلى جوار التمسك بالكفارة والدم ، ينبغى وجود التوبة ، لأنه بدونها لا يخلص أحد ، كما قال رب المجد نفسه :

" إن لم تتوبوا ، فجميعكم كذلك تهلكون " ( لو13 : 3 ، 5 ) .

أما عبارة " أشكرك يارب لأنك تعلن لى أنك تحب المسيئين ، ستقبلنى كما أنا ستمحو إثمى " ( فهى عبارة خاطئة تماماً . لأن الله لا يقبل المسيئين كما هم في أساءتهم ، إنما يقبلهم إذا تلبوا ، كما قبل الآبن الضال ( لو15 ) . انظر التعبير الارثوذكسي الدقيق ، كما هو في الطلبة الأخيرة لكل ساعة من صلوات الأجبية ، الذي يقول فيه المصلى عن الرب " الذي يحب الصديقين ، ويرحم الخطاة الذين أولهم أنا " . وانظر التفريق بين كلمتى يحب ، ويرحم .

إن محبة الله للخطاة ، هي في قيادتهم للتوبة ، وبها يمحو خطاياهم .

أما " تقبلنى كما أنا " في خطيتى .. وتحب المسيئين .. فهي عبارة غير مقبولة أرثوذكسياً ، وغير مقبولة كتابياً .. إن رحمة الله بالخطاة ، تعنى حسب قولنا في صلواتنا " إنه لا يشاء موت الخاطئ ، مثلما أن يرجع ويحيا " . وذلك حسبما قال الرب في سفر حزقيال النبى " هل مسرة أسر بموت الشرير .. إلا برجوعه عنم طرقة فيحيا " ( حز18 : 23 ) . ويكرر الرب هذا الكلام فيقول " حي أنا يقول السيد الرب : إنى لا أسر بموت الشرير ، بل أن يرجع الشرير عن طريقة ويحيا . ارجعوا ارجعوا عن طريقكم الرديئة . فلماذا تموتون " ( حز33 : 11 ) .

إذن الرجوع عن الخطية أمر أساسي لحياة الإنسان ، كما يقول الكتاب .

واغفال هذا الأمر ليس تعليماً أرثوذكسياً ولا كتابياً . واغفال الحديث عن التوبة ، والاكتفاء بالدم للتطهير ، مع عبارة " يقبلنى كما أنا " وعبارة " ويحب المسيئين " .. هو مفهوم خاطئ لمحبة الله ، وتجاهل كامل لعدل الله الذى على أساسه تم سفك الدم الكريم .. إنه أيضاً أسلوب أنصاف الحقائق .. وله أضراره الروحية أيضاً .

ولعل أحد البروتستانت ممن يرددون أمثال هذا الكلام ، يسأل :

هل أنا أخلص بالتوبة ؟ أم أخلص بالدم ؟

أقول له الخلاص بالدم ، بشرط التوبة .

وبدون التوبة لايمكن أن تخلص . الخلاص هو بالدم ، ولكن هناك وسائل تعتبر شروطاً أساسية لازمة : هي الإيمان والمعمودية والتوبة والثمر الصالح ، أقصد الأعمال الصالحة .

كثير من البروتسستانت ينادون قائلين الخلاص بالإيمان ...

وأنا أقول لهم : كلا يا أخوتي : الخلاص هو بالدم . ولكن الإيمان وسيلة أساسية وقد جمع الكتاب هذين الأمرين في آية واحدة هي " هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به . بل تكون له الحياة الأبدية " ( يو3 : 16 ) . ففي عبارة " بذل إبنه الوحيد " نري فاعلية الدم . وفي عبارة " كل من يؤمن به " نري شرط الإيمان .

وكما أن الإيمان شرط للخلاص بالدم ، كذلك المعمودية شرط ، والتوبة شرط آخر .

والرب يقول صراحة " من أمن واعتمد خلص " ( مر16 : 16 ) . وقد قال بطرس الرسول في يوم الخمسين لليهود الذين آمنوا ونخسوا في قلوبهم " توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا ، فتقبلوا عطية الروح القدس " ( أع2 : 38 ) . وهنا اجتمع الإيمان والتوبة والمعمودية.

إن الحديث عن الدم ، نقدمه لغير المؤمنين .

لأنه " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة " ( عب9 : 22 ) ، مهما كانت هناك توبة وأعمال صالحة ...ولكن هذا الواعظ يكلم جماعة من المؤمنين ، سواء في عظاته أو كتبه ...

لماذا إذن اغفال الحديث عن التوبة ، وعن الاعتراف ، وعن السلوك في النور ؟ ولماذا اغفال الحديث عن الكنيسة ودورها في كل ذلك ؟!

إننا نركز على أهمية الدم وفاعليته في كرازتنا لغير المؤمنين .

وهؤلاء المؤمنون يتوفر لديهم عنصر الإيمان ، وهم أيضاً معمدون . في روحياتهم يحتاجون إلى حديث عن حياة القادسة ، ومعرفة الله ومحبته ، والنمو الروحيى الدائم ، وحياة النصرة ، ومقاومة الفتور ، وما شابه هذا ...

لماذا إذن اغفال كل ذلك ، والتركيز على الدم وحده ؟ وكأن السامعين لم يؤمنوا بعد ..!

ولماذا اغفال الحديث عن الكنيسة ودورها ، وعمل الكهنوت والأسرار ؟

ولماذا اغفال الأعمال الصالحة ولزومها للخلاص ؟!

ألا يقول الرسول في شرط التطهير بالدم " إن سلكنا في النور ، كما هو في النور .. دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية " ( 1يو1 : 7 ) . ألم يقل أيضاً " من قال إنه ثابت فيه ، ينبغى أنه كما سلك ذاك ، يسلك هو أيضاً " ( 1يو2 : 6 ) . لماذا لا يركز الواعظ على السلوك المسيحى وأهميته للخلاص ؟ ألم يقل المخلص الفادي :

" ليس كل من يقول لي يارب يارب يدخل ملكوت السموات ، بل الذي يفعل إرادة أبى الذي في السموات " ( مت7 : 21 ) .

هنا يركز الهمية على العمل ، عملنا لإرادة الآب السماوي . وركز على العمل أيضاً في قوله يوم الدينونة العظيم : كنت جوعاناً فأطعمتمونى .." ( مت25 : 35 ) .. كذلك ركز على العمل أيضاً في حديثه عن مجيئة الثاني " إن ابن الإنسان سوف يأتى في مجد أبيه مع ملائكته . وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله " ( مت16 : 27 ) .

أنستطيع أن نقول له في ذلك اليوم " هل أنا سئ جداً .. ستقبلنى كما أنا " ؟ ! أم نسرع الآن بالتوبة ، ونحث الناس على التوبة .. حتى عندما يجئ الرب نكون " بلا لوم قدامه " ( 1تس5 : 23 ) ( 1كو1 : 8 ) " لنكون قديسين وبلا لوم قدامه " ( أف1 : 4 ) " قديسين وبلا لوم ولا شكوى قدامه " ( كو1 : 22 ) .. وما أكثر الآيات المتشابهة ...

أليس الناس يموتون ، وأعملهم تتبعهم " ( رؤ14 : 13 ) .

فلنهتم إذن باعمالنا لكى تكون مرضية أمام الله . إن الفادي المحب قد قدم لنا دمه الكريم ، فيجيب أن نقدم له حباً وقداسة وطاعة وخضوعاً وأعمالاً تليق بالتوبة ولا يجوز أن نحدث الناس عن الدم ، دون أن نحدثهم عن القداسة المطلوبة منا .

وحينما نحدثهم عن الدم ، إلا نحدثهم عن التناول منه .

وأهميتة ذلك لمغفرة الخطايا ( مت26 : 28 ) وللثبات في الرب ( يو6 : 56 ) وأهميته للحياة الأبدية ( يو6 : 54 ) .

( 41 )

هل نحن على عرش الله ؟

سؤال

قرأت في نفس الكتاب قول المؤلف :

· " الشيطان سلطان الهواء .. لقد صرنا فوق قوي الظلمة ، وأعلى منها بمسافات لاتقاس . لقد صعدنا إلى الرعش الإلهى ، وجلسنا مع المسيح وفي المسيح عن يمين العظمة " .

· يجب على المؤمن أن يثق أن المسيح أقامنا معه ، وأجلسنا معه في السماويات ( أف2 : 6 ) .. يثق أنه جالس في السماويات ، جالس في عرش الله . ولن يقدر أحد أن يخرجه من هناك .

· أنت في قصر الملك . أنت في عرش الله . أنت في السماء جالس مع المسيح فقلك سلطان أن تسحق كل قوى الظلام .

· أنا جالس . وأين ؟ في السماء . فوق كل رياسة وسلطان وقوة ( أف1 : 21 ) . وكلام كثير من هذا اللون . فما عقيدة الكنيسة في كل ذلك ؟ وهل نحن حقاً جلوس في عرش الله في السماء .

الجواب

1الجلوس عن يمين العظمة على العرش الإلهى خاص بالسيد المسيح وحده ، لمساواته للآب .

وفي ذلك قال عنه القديس بولس الرسول " الذى بع عمل العالمين ، الذى وهو بهاء مجده ، ورسم جوهره ، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته ، بعد ما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا ، جلس في سمسن العظمة في الأعالى ، صائراً أعظم من الملائكة ...

وصعود السيد المسيح إلى سالماء ، وجلوسه عن يمين الله ، تثبته آيات كثيرة في الكتاب ، منها رؤيا القديس اسطفانوس الشماس الأول ( أع7 : 56 ) ومنها شهادة انجيل مرقس الرسول ( مر16 : 19 ) ...إلخ .

ولايجوز أن نطلق على أنفسنا ما يختص بالسيد المسيح وحده ، وبالذات ما يختص بلاهوته ..

والصعود إلى السماء ، والجلوس عن يمين العظمة ، عن يمين الله ، أمور تختص بالمسيح وحده وبلاهوته .. ونحن لا نستطيع أن نجاسر وننسب لأنفسنا ما للمسيح .

2وبالمثل عبارة " فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة " هي أيضاً خاصة وهكذا قيل عنه إنه فوق " كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة ، وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط ، بل في المستقبل أيضاً ، واخضع كل شئ تحت قدميه " ( أف1 : 21 ، 22 ) . كون أن المسيح شابهنا في الناحية البشرية ، ليس معنى ذلك أن نشابهه في طبيعته اللاهوتية . لأن الله قد قال عن لاهوته " أنا الرب . هذا اسمي . ومجدي لا أعطية لآخر " ( اش42 : 8 ) .

ولعل الكاتب فهم خطأ معنى عبارة " نحن في المسيح "

3فما معني اللاهوتى لعبارة نحن في المسيح ؟

أو قول السيد المسيح للآب " أنا فيهم ، وأنت في " ( يو17 : 23 ) وقوله " أنا الكرمة وأنتم الأغصان . الذي يثبت في وأنا فيه ، هذا يأتى بثمر كثير " ( يو15 : 5 ) . هذا معناه أننا نثبت في محبته ( يو15 : 9 ) . وليس في لاهوته .

حينما نكون في المسيح ، بالإيمان بالحب ، ويكون المسيح فينا ، كما قال بولس الرسول " مع هذا أن المسيح صعد إلى السماء ، فنحن نصعد فيه إلى السماء !! أو المسيح جلس على عرش الله أو عن يمين الله ، فنحن فيه قد جلسنا على عرش الله وعن يمين الله ..! كلا .

4فالكنيسة جسد المسيح ، ونحن أعضاؤه ، وهو الرآس .

ولكن الجسد على الأرض ، والرأس في السماء .

ومع ذلك فنحن فيه ، في جسده الذى على الأرض . أما رأسنا فهم\و عن يمين العظمة . هو جالس مع الآب في عرشه . هو الرأس ولسنا نحن ...

نحن نجاهد على الأرض . والمسيح يحل بالإيمان في قلوبنا ، كما قيل في نفس الرسالة إلى أفسس ( أف3 : 17 ) .

5وعندما نكمل جهادنا على الأرض ، لانصعد إلى عرش الله ، وإنما إلى الفردوس .

وبهذا الوعد قال الرب للص اليمين " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو23 : 43 ) وليس في عرش الله ، ولا في يمين العظمة .

وإلى الفردوس اختطف بولس الرسول ( 2كو12 : 4 ) . والفردوس هي السماء الثالثة ( 2كو12 : 2 ) . وليست هي سماء السموات ( مز148 : 4 ) ( 1مل8 : 27 ) التى هي كرسي الله وحده ( مت5 : 34 ) . والتىقال عنها السيد المسيح لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلى السماء ، إلا الذى نزل من السماء ، ابن الانسان الذى هو فى السماء " ( يو3 : 13 ) أيريد الكاتب أن يشترك مع المسيح في مجده ، ويشترك فيه جميع المؤمنين أيضاً ، ويصيرون كالمسيح ، ولا فرق ..؟!

6وهنا تواجه الكاتب مشكلة ، وسؤال نسأله :

إن كان المؤمنون حالياً في عرش الله ، في سماء السموات ، فهل بعد أن يكملوا جهادهم ، ويذهبوا إلى الفردوس ، ويكونون قد نزلوا درجة أو درجات ؟!

ذلك لأن الفردوس بلا شك أقل من عرش الله بما لايقاس . فكيف هم في فترة الجهاد يكونون جالسين في عرش الله ، وبعد أن ينتصروا تكون مكافأتهم أن ينزلوا من يمين العظمة ليعيشوا في الفردوس ..

ألا يبدو الكلام غيرلا منطقى ؟!

إن وعود الله شئ ، وموعد تحقيقها شئ آخر . فما هي وعود الرب لنا في هذا المجال ؟ إنه يقول :

من يغلب ، فسأعطية أن يجلس معي في عرشي ، كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبى في عرشة " ( رؤ3 : 21 ) إذن هذه المكافأة سوف تكون في الأبدية للذين غلبوا وانتصروا في فترة جهادهم على الأرض ، مثلما مثل باقى المكافآت التى وردت في الرسائل إلى الكنائس السبع .

إننا لسنا الآن في الأبدية السعيدة ، ولا في أمجادها . وحتى في هذه الأمجاد فرق الرب بين عبارة عرسي وعرشه . ولعله يقصد بكلمة عرشي ، أقصى ما يمكن أن تكافأ به الطبيعة البشرية ، الكنيسة التى هي جسد المسيح ، غير عرش اللاهوت ...

8نصحيتى للكاتب أن يتضع ، ويدعو الناس إلى الاتضاع .

ما أخطر أن نقول إننا في السماء ، فوق ، عن يمين العظمة ، على عرش الله ؟ هل تألهنا ، ونريد أن نؤله الناس ؟!

إننا تراب ورماد ، كما قال أبو الآباء ابراهيم عن نفسه ، وهو يخاطب الله ( تك18 : 27 ) . وأريد أن أضع أمام الجميع كمثال : الشخص الذى صعد فعلاً إلى السماء الثالثة ، أعنى بولس الرسول ، فماذا تراه قال :

9مثال القديس بولس الذى صعد إلى السماء الثالثة :

قال : " أنا لست أحسب أنى قد أدركت " " ولكنى أسعى لعلى أدرك الذى لأجله أدركنى أيضاً المسيح يسوع " ( في3 : 12 ، 11 ) . وقال أيضاً " ويحى أنا الإنسان الشقى ، من ينقذنى من جسد هذا الموت " ( رو7 : 24 ) . وقال القديس بطرس الرسول " إن كان البار بالجهد يخلص ، فالفاجر والخاطئ أين يظهران ؟! " ( 1بك4 : 18 ) . لأجل هذا قال القديس العظيم " سيروا زمان غربتكم بخوف " ( 1بط1 : 17 ) .

وإن كنا مازلنا نجاهد ، وفي كل يوم نقع ونقوم . وحتى الإنسان البار الصديق يقول عنه الكتاب " الصديق يسقط سبع مرات ويقوم " ( أم24 : 16 ) . وهنا يقف أمامى سؤال :

10أيها الجالسون في السماء ، على عرش الله ، ألا تخطئون ؟!

وإن كنا نخطئ ، فهل نخطئ ونحن على عرش الله ، وعن يمين العظمة ؟! وهل توجد خطية على العرش الإلهى ؟! حاشا . أم هم نزول مؤقت من على يمين العظمة في حالة السقوط ، ثم الرجوع مرة أخرى إلى يمين العظمة في الأعالى .

هل الذى يخطئ وهو على عرش الله ، ينجس العرش ؟! حاشا .

تواضعوا ، وعيشوا معنا على الأرض . فالجلوس على العرش ليس الآن موعده وحتى في الأبدية ، ستكون لكم عروش إن غلبتم . ولكن ليست هي عرش الله ...

( 42 )

هل كل مرض من الشيطان ؟!

سؤال

هل كل مرض من الشيطان ، بسبب الأرواح الشريرة ، ننتهرها فيذهب المرض . كما قيل في شفاء جماه سمعان إن السيد المسيح " انتهر الحمى فتركتها " ( لو4 : 39 ) . وكما نقول في أوشية الراقدين " روح الأمراض أطرده " ..؟

الجواب

هناك أمراض بسبب الشيطان ، وبسماح من الله .

ولكن ليست كل الأمراض من الشيطان ...

* فمن جهة الأمراض التى من الشيطان الضربة التى أصابت أيوب البار منه بسماح من الله " فخرج الشيطان من حضرة الرب ، وضرب أيوب ردئ من باطن قدمه إلى هامته " ( أى2 : 7 ) . ونلاحظ هنا أموراً هامة : أن ضربة الشيطان عنيفة قاسية . وكانت الضربة لقديس عظيم ، وبسماح من الله . وأن الشفاء كان من الله ، وليس بانتهار الشخص للشيطان .

* مثال آخر : مرض بولس الرسول ، إذ يقول " ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات ، أعطيت شوكة في الجسد : ملاك الشيطان ليلطمنى لئلا ارتفع . من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقنى . فقال لى : تكفينك نعمتى .. " ( 2كو12 : 79 ) . ونلاحظ هنا أيضاً أن الضربة لقديس عظيم . وكان رفعها بيد الله ، إن أراد ، وليس بانتهار الشيطان . والضبة كانت قاسية بحيث شكا منها القديس العظيم بولس الرسول ...

نقطة أخرى ، أحب أن أسجلها هنا :

قبل صلب السيد المسيح ، وقبل انتشار الإيمان ، وفي عصر انتشرت فيه الوثنية ، كان للشيطان عمل أكبر من ايام النعمة الحالية ...

كثيرون كانت تصرعهم الشياطين ، مثل لجيئون ( مر5 : 9 ) . وكانت تضربهم بأمراض شديدة وعاهلت صعبة : مثل إنسان أخرس مجنون ، لما آخرج منه الشيطان تكلم الأخرس ( مت9 : 32 ، 33 ) . ( لو11 : 14 ) . وإنسان آخر أصابة روح نجس بالخرس والصم ، وكان يمزقه فيزيد ويصر بأسنانه وييبس .. وكثيراً ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه .. هذا انتهر الرب الروح النجس الذى فيه " قائلاً له : أيها الروح الأخرس الأصم ، أنا آمرك اخرج منه ولا تدخله .. وشفاه ( مر9 : 1727).

هذه حالات غير أيامنا هذه .

التى يصاب فيها بمرض ، أو يحتاج فيها إلى عملية جراحية . أو يصاب إنسان في حادث ، أو في كارثة كفيضان أو زلزال ، أو تلوث الجو بالدخان .. ما شأن كل هذا بالأرواح النجسة ؟!

وهنا أمراض كثيرة ، تحدث عنها الكتاب ، ولا دخل للأرواح النجسة فيها ..

· من أمثلة ذلك مرض القديس تيموثاوس تلميذ بولس الرسول ، الذى قال له معلمه القديس " لاتكن فيما بعد شريب ماء ، بل استعمل قليلاً من الخمر لأجل معدتك واسقامك الكثيرة " ( 1تى5 : 23 ) . ولم يقل له انتهر روح أمراض المعدة فلم يكن مرض القديس تيموثاوس من الشيطان ..

· مثال آخر أبونا يعقوب أبو الآباء ، بعدما صارع مع الله وغلب وأخذ البركة ، يقول الكتاب :

· إن الله " ضرب حق فخذه فاخلع .. " وصارعع يعقوب " يجمع على فخذه " ( تك32 : 25 ، 31 ) .. أنستطيع أن نقول إن هذا المرض الذى أصابه عرق النسا ، كان من الشيطان ؟! بينما كلام الوحي الإلهى صريح أن ضرب يعقوب ..! وهناك أمثلة أخرى في الكتاب لا داعى لذكرها الآن .

هناك أمراض طبيعية لأسباب صحيحة ، لا دخل للشيطان بها .

إنسان يخرج من حمام ساخن ، ويتعرض لهواء بارد ، فيصاب برشح ، أو زكام ، أو يتطور إلى انفلونزا . أنقول له بدلاً من الدواء ، انتهر روح الزكام ، انتهر روح الانفلونزا !!

إنسان لاسباب وراثية يصاب بالسكر مثلاً ، أنقول له انتهر روح السكر فتشفى شخص آخر يهمل في غذائه فيصاب ببعض الأمراض ، أو بانيما .. أنقول له انتهر روح الانيميا .

وإن كان الشفاء بانتهار الأرواح المسببة للأمراض . فلماذا قال السيد المسيح :

" لايحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضي " ( مت9 : 12 ) .

لماذا يحتاجون إلى طبيببأمر الرببينما الشفاء هو بانتهار الأرواح النجسة التى سببت المرض ، حسب هذا الرأي ؟!

وإن كان الشفاء بالانتهار ، لماذا يستدعي قسوس الكنيسة .

وذلك حسب قول الكتاب " أمريض أحد بينكم ، فليدع قسوس الكنيسة ، فيصلوا عليه ، ويدهنوه بزيت . وصلاو ألإيمان تضفى المريض .. " ( يع5 : 14 ، 15 ) . ما لزوم الصلاة ، وما لزوم الزيت ، وما لزوم الإيمان ، مادام انتهار الشيطان يكفى للشفاء ..

وهل صاحب هذا الراى ، إذا مرض ، لايذهب إلى طبيب أو إلى مستشفى ؟ وهل ينادى باغلاق الصيدليات ، ويكتفى بانتهار الشياطين ؟!

هناك أمراض أخرى ، هي ضربة من الله نفسه ، بسبب خطية الإنسان . ولا دخل للشياطين في ذلك .

مثال ذلك لما أخطأت مريم أخت موسى ، وتقولت هي وهارون على موسى النبى لما تزوج المرأة الكوشية ، يقول الكتاب " فحمى غضب الرب عليهما ومضى .. وإذا مريم برصاء كالثلج .. فصرخ موسي إلى الرب قائلاً اللهم اشفها " ( عد12 : 913 ) . ما دخل الشيطان هنا في برص مريم ؟! وهل لجأ موسي إلى انتهار " روح البرص " ؟!

وقد تكون ضربة المرض من أحد الأنبياء .

مثلما غضب أليشع النبى على تلميذه جيحزى لما أخذ هدايا وفضة من نعمان السريانى في مناسبة شفائه المعجزى . حينئذ وبخ أليشع النبى تلميذه جيحزى ودعا عليه قائلاً " برص نعمان يلصق بك وبنسك إلى الأبد . فخرج من أمامه أبرص كالثلج " ( 2مل5 : 27 ) .

هل هذا البرص كان من الشياطين ؟! وهل شفى بانتهار الشيطان ؟!

وماذا عن قصة شفاء المولود أعمى ؟

التلاميذ سألوا السيد المسيح " يا معلم من أخطأ ؟ هذا أم أبواه ، حتى ولد أعمى ؟" فأجابهم " لا هذا أخطأ ولا أبواه . لكن لتظهر أعمال الله فيه " ( يو9 : 3 ) . هل نقول هنا إن عماه بسبب الشياطين . وهل شفاه الله بانتهارها .

وإن كانت بعض الأمراض التى بسبب الأرواح النجسة ، انتهر فيهاا الرب تلك الرواح التى صرعت إنساناً وسببت له عاهة ، فنا نسأل :

هل كل الأمراض التى شفاها المسيح ، استخدم في ذلك انتهار الأرواح ؟

ألم يحدث أنه شفى كثيرين بمجرد وضع يديه عليهم ( لو4 : 40 ) . ألم يكن ذلك أحياناً بمجرد كلمة منه ؟ ( مت8 : 8 ، 13 ) . ألم تشف نازفة الدم بمجرد لمسها لملابسه ؟ ( مت9 : 2022 ) . ألم يقل للبعض إيمانك قد شفاك ؟‍ ( مر10 : 52 ) . ألم يقل للمفلوج ولمريض بيت حسد " قم احمل سريرك وامش " ( مت9 : 6 ) ( يو5 : 8 ) .. أين انتهار الأرواح هنا ؟‍ !

لماذا يؤخذ الجزء ، ويطلق على الكل ؟!

إن كان جزء ضيئل من الأمراض بسبب الشياطين ، فهل تكون كل الأمراض بسببها ؟! زكل الشفاء بانتهارها ؟! ماذا عن أمراض العجوي ؟ ماذا عن أمراض االخطية ؟ إنسان وقع في زنا مع مريض ، فأصيب بالزهرى أو السيلان أو الأيدز .. وهل هنا ينتهرون روح الزهرى أو روح السيلان أو روح الآيدز ؟!! وتقف كل البحوث العلمية ؟

أمراض الباهارسيا التى تأتى من دودة في مياة ملوثة ، هل سببها الأرواح النجسة ؟ وهل المريض ينتهر روح البلهارسيا ويشفى ؟! والوباء ويشفى ؟! والوباء الكبدى الذى قد يأتى من حقنه ملوثة من دم مريض سابق ، هل سببه الأرواح النجسة ، ويشفى بانتهارها ؟

يعوزنى الوقت إن استرسلت في أمثلة لاتحصى . فيكفى هذا الآن .. ونصحيتى لصاحب ذلك الرأى :

لا تعلم بكل فكر يخطر على ذهنك .

وتذكر قول الرسول " لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتى عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم ، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا " ( يع3 : 1 ، 2 ) .

" ومن له أذنان للسمع فليسمع " .

( 43 )

الفرح .. والانسحاق

سؤال

ما رأيكم في الواعظ الذى يقود الناس من التوبة مباشرة إلى الفرح . ويقول لهم عن الكآبة على الخطية والدموع ، هي صغر نفس ، وهي حرب من الشيطان يجب انتهاره عليه . إن التفكير في النفس وخطاياها نوع من الأنانية . والوضع السليم هو الفرح بدم المسيح الذى طهرنا من الخطية ...

فالتفكير في خطاياك القديمةة ، هو انحصار في الذات !!

الجواب

هذا الفرح السريع ليس هو تعليماً كتابياً ، وليس هو تعليماً كنسياً وله خطورته الروحية في حياة التوبة .

وسوف نشرح هذا بالتفصيل بمشئية الرب . إنما نقلو الآن إن التائب ينبغى أن يشعر بالخزى والعار بسبب خطيته ، ويبكى على سقوطه بمرارة قلب مثلما قيل عن القديس بطرس الرسول بعد إنكاره للسيد المسيح إنه :

" خرج إلى خارج ، وبكي بكاء مراً " ( مت26 : 75 ) .

وقصص التوبة كثيرة جداً في مجال الانسحاق والحزن والبكاء . والقديسون لم يلجأوا إطلاقاً إلى حياة الفرح بعد التوبة مباشرة . ومثال ذلك داود النبى الذى بكى كثيراً على خطيته ، بعد التوبة مباشرة . ومثال ذلك داود النبى الذى بكي كثيراً على خطيتة ، بعد أن سمع مغفرتها من فم ناثان النبى قال له " الرب نقل عنك خطيئتك . لا تموت " ( 1صم 12 : 13 ) . ولكنه قال بعد ذلك :

بعد ذلك : " خطيتى أمامى في كل حين " ( مز50 ) .

على الرغم من أن الرب قد نقلها عنه ، ليحملها عنه السيد المسيح .. بل أنه قال فى المزمور السادس " أعوم في كل ليلة سريرى ، وبدموعى أبل فراشى " ( مز6 ) . هل كان داود لا يدرك الروحيات السليمة ، وكذلك بطرس الرسول ؟! وهل الفرح بالمغفرة يمنع الندم والبكاء والدموع ؟! هل دم المسيح الذى يمحو خطايانا ، يمنعنا من الانسحاق بسببها ؟! حاشا . ليس هذا تعليم الكتاب .

إن دم المسيح يرمز إليه دم خروف الفصح .

هذا الذى نجي الابكار من الموت ، بقول الرب " لما أرى الدم ، أعبر عنكم ( خر12 : 13 ) . ورمز " الفصح قد ذبح لأجلنا " ( 1كو5 : 7 ) .

فهل فرح الشعب بالدم ، دم خروف الفصح ، الذى انقذهم من الموت ، هل هذا الفرح منعهم من الندم والانسحاق والشعور بالمرارة ؟! هوذا الرب يأمر من جهة خروف الفصح .

" على أعشاب مرة تأكلونه " ( خر12 : 8 ) .

ذلك لكي تتذكروا الخطية التى أوصلتكم إلى أرض العبودية . ونحن أيضاً في وسط فرحنا الذى طهرنا من كل خطية ، نأكل الفصح على أعشاب مرة . ونحتفل بصلب المسيح في أسبوع الآلام ، وقد كسونا الكنيسة بالسواد ، وجلسنا بالألحان الحزينة نذكر قصة الخلاص والدم .

هل الخلاص بالدم ، نحتفل به بمظاهر الفرح ؟!

أم أننا نطيع الرسول القديس في قوله " فلنخرج إذن إليه خارج المحلة حاملين عاره " ( عب13 : 13 ) . وهكذا نقضى أسبوعاً خارج المحلة ، متذكرين خطايانا التى تسببت في صلب المسيح .

هل تذكرنا خطايانا أنانية منا وانحصاراً في أنفسنا ؟!

كلا ، بل العكس هو الصحيح . إنها أنانية منا حينما ننحصر في الفرح بخلاصنا ،

وننسى الدم الكريم الذى سفك لأجلنا !! ننسى ما قاساه المسيح من إهانات ولطم وشتم وتعيير وتحديات ، نقول له في ذلك في القداس " لم ترد وجهك عن خزى البصاق " .. هل في تذكرنا لآلام المسيح ، ننحصر في أنفسنا ونتهلل في فرح ، أم نتناول الفصح على أعشاب مرة ..؟!

إن دعوتنا للناس بالفرح ، ونسيان خطايانا ، وعدم الانسحاق بسببها هو ضد طقوس الكنيسة وصلواتها .

ماذا يفعل الذى يتلقى هذا التعليم ، حينما يصلى بالأجبية ويقول في صلاة النوم " هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل مرعوب ومرتعد من أجل كثرة ذنوبى " .. او حينما يقول في صلاة نصف الليل " اعطنى يارب ينابيع دموع كثيرة ، كما أعطيت في القديم للمرأة الخاطئة . واجعلنى مستحقاً أن أبل قدميك اللتين أعتقتانى من طريق الضلالة " . أو حينما يقول في المزمور السادس في صلاة باكر " تعبت في تنهدي . أعوم في كل ليلة سريرى ، وبدموعى أبل فراشي " .. وحينما يردد في كل صلاة ، ما يقوله في المزمور الخمسين " خطيتى أمامى في كل حين " " لك وحدك أخطأت ، والشر قدامك صنعت " ..

هل يثور على الأجبية ، بسبب الوعظ الذى يسمعه في الكنيسة ؟!

أم يثور على هذا الوعظ ، ويعتبره ضد صلاة الأجبية . أم أن هذا الوعظ يحطم عنده الأجبية بطريقة غير مباشرة ، حينما يقول له إن تذكار الخطايا عبارة عن حرب من الشيطان وصغر نفس ؟!

وهل بهذا الوعظ يحتقر دموع القديسين في توبتهم ؟

ويقول إنهم بعيدون عن حياة الفرح بالرب ، وإنهم أنانيون منحصرون في خطاياهم ؟! وماذا يقول حينما يقرأ بستان الرهبان ، ويرى وصية من الآباء تتكرر باستمرار وهي " ادخل إلى قلايتك ، وابك على خطاياك " .. هل كل هؤلاء الآباء ضلوا الطريق إلى حياة الفرح بالرب .

وماذا عن دموع القديس أرسانيوس ؟

هل ندينه ؟ هل ترك حياة الفرح ؟ ألم يطوبه البابا القديس ثاوفيلس لأنه استعد لساعة الموت كل أيام حياته ..

ومن جهة نسيان الخطايا ، ماذا عن قول القديس أنطونيوس الكبير :

إن ذكرنا خطايانا ، ينساها لنا الله .

وإن نسينا خطايانا ، يذكرها لنا الله .

هل يدعونا القديس أنطونيوس إلى صغر النفس ، وإلى الانحصار حول أنفسنا ؟! ثم ماذا عن حياة الانسحاق والدموع في صلوات نحميا ( نح1 : 4 ) وعزرا ( عز9 : 57 ) ودانيال ( دا9 : 38 ) وما ورد عن ذلك بعمق في سفر يؤئيل النبى ( 2 : 1217 ) .

بل مذا عن طية السيد المسيح على الجبل بقوله :

" طوبى للحزانى الآن ، لأنهم يتعزون " ( مت5 : 4 ) .

وماذا عن تذكارنا للخطية منذ آدم في القداس الإلهى وقولنا " غرس واحد نهيتنى أن آكل منه .. " " أنا اخطتفطت لى قضية الموت " .. هل هذا التذكار خاطئ . ماذا عن قول الأب الكاهن في تقدسم الحمل " عن خطاياى وجهالات شعبك " وقوله في صلاة الاستعداد " أنت تعلم أنى غير مستحق ولا مستعد ولا مستوجب . وليس لى وجه أن أقف وافتح فاى .. بل ككثرة رأفاتك اغفر لى أنا الخاطئ .. " .

هل نعلم أولادنا إذن أن هذا صغر نفس من الآباء الكهنة !!

وماذا عن صلواتنا في الساعة السادسة وفي التاسعة وفي الغروب .. وعبارة العشار " ارحمنى يارب فإنى خاطئ " وقولنا " أخطأت يا ابتاه إلى السموات وقدامك ولست مستحقاً أن أدعى لك إبناً " وعبارة " اذكرنى يارب متى جئت في ملكوتك " .. وكل العبارات التى نذكر فيها خطايانا ونطلب الرحمة ..

وماذا عن المطانيات ، وكيرياليصون 41 مرة ، والتذلل في الصوم ؟!

ومذا عن حياة المسوح والرماد المذكور في الكتاب المقدس ؟

هل كل هذا ضد حياة الفرح ؟! وهل فيه صغر نفس ؟ وهل هو محابرة من السيطان لنا ؟ وهل يجب أن ننسى خطايانا وننشغل بالدم ونفرح ؟! أريد أن أسال :

إلى أى نهاية يقودنا هذا التعليم ؟!

إن الحزن على الخطايا ، ليس تفكيراً في النفس ، إنما هو تفكير في الله الذى أحزناه بخطايانا ، وبها انفصلنا عنه وعن عمل روحه القدوس . وتزكيرنا على دم المسيح ، لاشك يحمل تركيزاً على السبب في سفك هذا الدم ، وهو خطايانا . تركيزنا غي الصليب ، يعنى أيضاً ما حمله الرب على الصليب . " كلنا كغنم ضللنا ، ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا " ( أش53 : 6 ) . وهكذا حمل لعنات الناموس . والذى بلا خطية حسب خطية لأجلنا ..

هل نقول : ينبغى أن أفرح لأن الله يحبنى ؟

وماذا إذن إن كنت لا تحبه ، كما أحبك ؟!

وهل في كل هذا التعليم ننسى عدل الله ؟ وننسى قداسه الله . وننسي أن القديس بولس أحزن أهل كورنثوس ، وأحزن خاطئ كورنثوس ، لكى يقودهم الحزن إلى التوبة .

ولابد للخاطئ أن يذكر خطاياه ، لكى يحترس ، ويتوب ، ولا يعود يخطئ مرة أخرى . ويتذكر ضعفه . وفيما يفرح بالرب ، لا ينسى ضعفاته .. ولا ينسى خطاياه . بل كلما يذكر خطاياه . تزداد محبته لله بالأكثر ، الذى غفر له تلك الخطايا . مثل المرأة الخاطئة التى أحبت كثيراً ، أذ غفر لها الكثير ( 7 : 42 ، 43 ، 47 ) .

من له أذنان للسمع فليسمع .

( 44 )

هل الله يستخدم الشيطان ؟!

سؤال

قرأت في نفس الكتاب السابق أن الله أبقى على الشيطان ليستخدمه !!فهل هذا التعبير صحيح لاهوتياً . والكتاب يثبت كلامه بسماح الله للشيطان بضرب أيوب بمرض .

الجواب

الله لايستخدم إلا من يدعهم لخدمته . " والذى سبق فعرفهم ، سبق فعينهم " " وهؤلاء دعاهم أيضاً " ( رو8 : 29 ، 30 ) .

ولا يمكن أن يستخدم الله الشيطان لإتمام مشيئته .

كما أن الشيطان لا يمكن أن يتطوع لإتمام مشيئته الله ، ولا يمكن أن يكون خادماً للبر . ولا يعطية الله شرف خدمته .

وفي قصة أيوب وتجربته ، كان قصد الشيطان شراً .

وهذا يظهر من قوله للرب عن أيوب ، إذا جربي " فإنه في وجهك يجدف عليك " ( أى1 : 11 ) . وكرر هذه العبارة مرة أخرى ( أي2 : 5 ) . إذن كان الشيطان مشتكياً على أيوب . وطالباً أن يعطى الفرصة لإسقاط أيوب في التجديف على الله ومشتكياً بأنه ليست لدية الفرصة للعمل .

فاعطاه الرب هذه الفرصة التى يطلبها .

وليس أن الله استخدمه !! حقاً إن الله يستطيع أن يخرج من الجافى حلاوة ، ويحول الشر إلى خير . ولكن ليس معنى هذا إنه يستخدم الشر ، حاشا!!

الشيطان طلب الشر ، والله لم يستخدمه !!

اعطاه الفرصة . سمح له . كما يعطينا جميعاً الحرية ، حتى لو استخدمناها ضد مشيئته ، لكسر وصاياه . هكذا ادخل الله الشيطان في مبدأ تكافؤ الفرص .

ولو استخدمه الله ، لكان الله هو المدبر والشيطان هو المنفذ !!

وحاشا لله هذا الأمر ..

هذا الفكر يذكرنا بمن يقول إن الرب استخدم يهوذا لتنفيذ خطة الخلاص ؟! كلا ، بل أن الرب انذر يهوذا عديداً من المارت ، قال أمامه " كان خيراً لهذا الإنسان لو لم يولد " ( مر14 : 21 ) .

أما أن الله يحول الشر إلى خير ، فهذا شئ آخر .

( 45 )

يتغذى بالشيطان !!

سؤال

قرأت في كتاب روحى صادر من كنيستنا ، فيه نص عنوانه " تغذى " يقول فيه : جنود الظلمة هم خبرك . إنهم غذاء الروح .. تغذى بهم كما تتغذى السحالى بالذباب .. فما رأيكم في هذه التعبيرات ؟

الجواب

الإنسان الروحي ، غذاؤه غذاء روحى ، فلا يتغذى بالشيطان .

أول غذاء لنا هو سر الأفخارستيا .

بقول السيد " من يأكل جسدى ويشرب دمى ، يثبت في وأنا فيه " " لأن جسدي مأكل حق ، ودمى مشرب حق " ( يو6 : 55 ، 56 ) .

غذاء ثان لنا هو كلمة الله .

كما قال الرب " مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل كلمة تخرج من فم الله " ( مت4 : 4 ) . وهذا النص مكتوب في سفر التثنية ( تث8 : 3 ) .

غذاء آخر هو عمل مشئية الله .

كما قال الرب لتلاميذه : " لى طعام آخر لستم تعلمونه .. طعامى أن أفعل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم عمله " ( يو4 : 34 ) .

الإنسان الروحى يتغذى بالحديث مع الله .

كما قال داود النبى في المزمور " باسمك ارفع يدى ، فتسبع نفسى كما من شحم ودسم ( مز62 ) . فالصلاة تشبع نفسه .

ويتغذى الإنسان بمحبة الله .

كما قال " ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب " ( مز34 : 8 ) .

وعموماً يتغذى الإنسان بعمل الخير .

يجد في الخير شبعاً لنفسه .. تشبع نفسه باسعاد الآخرين ، وانقاذ الذين في خطر ، قيادة الناس إلى التوبة . ويجد شعباً في الترتيل والتسبيح وفي التداريب الروحية ..

أما أن يتغذى الإنسان بالشيطان وقوى الظلمة ، فهذا تعبير منفر .

أما الاعتماد على أنه لما خاف الشعب من أهل كنعان الذين كانوا جبابرة ، وبكوا . فقال لهم يشوع بن نون ، وكالب بن يفنه " لاتخافوا من شعب الأرض ، لأنهم خبزنا " ( عد14 : 9 ) . فهذا كناية عن إمكانية الانتصار عليهم . ولا يمكن أن تعنى التغذى بالشيطان وقوات الظلمة ، حتى يركز عليها الكاتب ويتخذها باباً في كتاب .. وتعبير كما تتغذى السحالى بالذباب هو تعبير آخر منفر .

وقد شرح لنا الكتاب ما هو الغذاء الروحى .

أما التغذى بالفرح بالانتصار علـى الشيـاطين . فهـو التـغـذى بنـعمة الله التـى ساعـدتنا على الانتصار . والتغذى بأن الله قادنا في موكب نصرته ( 2كو2 : 4 ) ليس معناه التـغذى بالشيـطان . الذى يكتب في الإلهيات والروحيات ، ينبغى أن يختبر الألفاظ اللائقة . ولا تكونوا معلمين كثيرين يا اخوتى " ( يع3 : 1 ) .

( 46 )

من يشتكى عليك ؟!

سؤال

ما رأيك في الواعظ الذى يقول " كل خطـاياك القيت في بحـر النسيان " " من يستطيع أن يشتكى عليك ؟ " .

الجواب

في حالة التوبة ، والندم على الخطية من كل القلب ، والتناول باستحقاق من الأسرار الإلهية ، يلقى الله بخطاياناً في عالم النسيان .. ولا يستطيع الشيطان أن يشتكى علينا من جهة خطية قد تبنا عنها .

أما الخطايا التى مازلنا نرتكبها ، فهي لم تغفر بعد ، لأننا لم نتب عنها بعد ..

إن مغفرة الرب لنا ، ومحو دمه لخطايانا ، ليست معناها أن نستمر في الخطايا . حاشا .. فبدون نقاوة القلب لا يعاين أحد ملكوت الله . وأورشليم السمائية " لن يدخلها شئ دنس " ( رؤ21 : 27 ) .

1

مصادر الأفكار الشريرة

سؤال ؟

هل كل فكر شرير يجول بذهني يحسب خطية ؟ كيف تأتى هذه الأفكار الشريرة ، وكيف أمنع مجيئها ؟

الجواب!

ليس كل فكر شرير يجول بذهنك يحسب خطية ، فهناك فرق بين حرب الفكر ، والسقوط بالفكر :

حرب الفكر ، هو أن يلح عليك فكر شرير . وانت غير قابل له ، وتعمل بكل جهدك وبكل قلبك علي طرده ، ولكنه قد يبقي بعض الوقت . وبقاؤه ليس بإرادتك ، لذلك لا يحسب خطية . بل إن مقاومتك له تحسب لك براً

أما السقوط بالفكر ، فهو قبولك الشرير ، و التذاذك به ، واستبقاؤك له ، وربما اختراعك لصور جديدة له

و السقوط بالفكر قد يبدأ من رغبة خاطئة في قلبك ، أو شئ مختزن في عقلك الباطن . أو قد يبدأ بحرب للعدو من الخارج ، تقاومها أولاً ، ثم تستلم لها وتسقط ، وتتطور في سقوطك .

أو قد تسقط في الفكر إلي لحظات ، وترضي به ثم تعود فتستيقظ لنفسك وتندم وتقاومه فيهرب .

علي قدر ما تقاوم الفكر تأخذ سلطاناً عليه فيهرب منك ، أولاً يجرؤ علي محاربتك . وعلي قدر ما تستسلم له ، يأخذ سلطاناً عليك ، ويجرؤ علي محاربتك .

بيدك دفه الحرب ، وليس بيده . الفكر يجس نبضك ، وعلي حسب حالتك يحاربك ، قال السيد المسيح " رئيس هذا العالم يأتي ، وليس له في شئ "( يو 14 : 30) . أما انت ، فهل عندما يحاربك الشيطان ، يمكنه أن يجد فيك شيئاً له .

إن الفكر يختبر قلبك: هل يوجد فيه ما يشابهه ؟ و شبيه الشئ منجذب إليه ؟ أو هل يمكن أيجاد هذا الشبيه ؟

فإن كان قلبك من الداخل أميناً جداً ، لا يخون سيده مع هذه الأفكار ، ولا يفتح لها مدخلاً إليه ولا يتعامل ، ولا يقبلها ، حينئذ تهرب منه الأفكار ، وتخافه الشياطين أما إن تساهل القلب مع الأفكار ، فحينئذ تجرؤ عليه .

هناك أفكار شريرة تدخل إلي القلب النقي لتساهله معها . وهناك أفكار شريرة تخرج من القلب الشرير لعدم نقاوته . أي أن هناك أفكاراً شريرة تأتي من الخارج ، وأخري من الداخل .

الأفكار الشريرة التي من الخارج ، مثالها محاربة الحية لحواء . وكانت حواء نقية القلب . ولكن بسبب تساهلها مع الحية ، دخلت الأفكار إلي قلبها ، وتحولت إلي قلبها ، وتحولت إلي شهوة ، وإلي عمل . أما الأفكار الشريرة التي تأتي من الداخل ، فعنها قال الرب " والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير ، يخرج الشر " ( لو 6: 45) .

وقد تأتي الأفكار من القلب من شهوات مختزنة . وقد تأتي من العقل الباطن ، من صور وأفكار وأخبار مختزنة

من هذا المكنوز في الداخل ، تخرج الأفكار ، لأية إثارة ، ولأي سبب . فأحرص أن يكون المكنوز فيك نقياً .

علي أن الأفكار التي تخرج من العقل ، تكون أقل قوة .

إنها أقل قوة من الأفكار التي تخرج من القلب . لأن الخارجة من القلب ، ممتزجة بالعاطفة أو بالشهوة ،ولهذا فهي أقوي . وهكذا بإمكان بسهولة ، أن يطرد الفكر التي تخرج من العقل . ولكنه إذا استبقاها ، أو تساهل معها ، فقد تتحول إلي القلب ، وتنفعل بانفعالاته ، فتقوي

لذلك كما يجب علي الإنسان أن يحفظ قلبه ، كذلك يجب أن يحفظ عقله ويحفظ الخط الواصل بين العقل و القلب

" فوق كل تحفظ احفظ قلبك ، لأن من مخارج الحياة "( أم 4 : 23) إن حرب الأفكار إذا أتتك ، وأنت نقي القلب ، حار ، ستكون حرباً ضعيفة ، وبإمكانك أن تهرب منها . أما ان أتتك وأنت في حالة فتور روحي ، أو " من كثرة الأثم قد بردت " محبتك للرب . فحينئذ تكون الحرب عنيفة و الهروب صعباً لذلك " صلوا ، لكي لا يكون هربكم في شتاء ".

احفظ فكرك ، لكي لا يدخله شئ يعكر نقاوتك . واحفظ أيضاً حواسك ، لأن الحواس هي أبواب لفكر

احفظ نظرك وسمعك وملامسك وباقي الحواس . لأن ما تراه وما تسمعه ، قد لا تمنع ذهنك من التفكير فيه ، ومن الانفعال به . لذلك فالاحتراس أفضل .

وإن دخل إلي سمعك أو بصرك أو فكرك شئ غير لائق ، فلا تجعله يتعمق داخلك . وليكن مروره عابراً .

إن الأشياء العابرة لا تكون ذات تأثير قوي . أما إذا تعمقت ، فإنها تترسب في العقل الباطن ، وتمد جذورها إلي القلب ، وقد تصل إلي مراحل الانفعال

أن النسيان هو من نعم الله علي الإنسان ، به يمكن أن تمحي الأفكار العابرة وما تعبر به الحواس

أما الأفكار التي تدخلها إلي أعماقك ، فإنها تستقر في باطنك ، وتتصل بالشعور وباللاشعور ، ولا يكون نسيانها سهلاً ، وقد تكون سبباً في حرب من الأفكار و الظنون والأحلام ، ومصدراً للرغبات وللانفعالات ، ومبدأ لقصص طويلة

علي أن موضوع الأفكار قد يحتاج منا إلي رجعه أخري

2

الحسد

سؤال ؟

هل تؤمن المسيحية بوجود الحسد ؟

الجواب!

الحسد - كشعور - موجود . فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل . ويوسف الصديق حسده أخوته . والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسداً . ونحن في آخر صلاة الشكر ، نقول " كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان أنزعه عنا " .

الحسد إذن موجود ، ولكن " ضربة العين " لا نؤمن بوجودها .

فبعض الناس يؤمنون أن هناك أشخاصاً حسودين ، إذا ضربوا من حسدوه عيناً ، يصيبه ضرر معين . لذلك يخاف من الحسد ، ومن الحسودين وشرهم . وأحياناً يخفون الخير الذي يرزقهم به الله خوفاً من الحسد . وهم يضربون لهذا النوع من الحسد قصصاً تكاد تكون خرافية . هذا النوع من الحسد ، ، لا نؤمن به ، ونراه نوعاً من التخويف ومن الوسوسة

أن الحسد لا يضر المحسود ، بل يتعب الحاسد نفسه :

إنه لا ضر المحسود ، وإلا كان جميع المتفوقين والأوائل عرضه للحسد و الضياع ، وأيضاً كان كل الذين يحصلون علي مناصب مرموقة ، أو جوائز الدولة التقديرية عرضه للحسد والإصابة بالشر . إننا نري العكس ، وهو أن الحاسد يعيش في تعاسة وتعب بسبب حسده وشقاوته الداخلية ، كما قال الشاعر :

اصبر علي كيد الحسود فإن صبك قاتله

فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله

ولكن لماذا نصلي لنزع الحسد ، مادام لا يضر ؟

نحن لانصلي خوفاً من ( ضربة العين ) المزعومة ، وإنما نصلي لكي يمنع الله الشرور و المكائد و المؤامرات التي قد يقوم بها الحاسدون بسبب قلوبهم الشريرة . فإخوة يوسف لما حسدوه القوة في البئر ، ثم باعوه كعبد ، وكانوا علي وشك أن يقتلوه . وقايين قتل أخاه هابيل حسداً له ، ورؤساء اليهود لما حسدوا المسيح تآمروا عليه وقدموه للصلب .

3

هل يعطي من العشور للأقارب

سؤال ؟

جاءنا هذا السؤال من كثيرين : إذا كان لنا أقارب فقراء : أب أو أم أو أخت أو ما أشبه ، فهل نعطيهم من العشور ؟

الجواب!

نعم ويمكن إعطاء الأقارب المعوزين من العشور فقد قال الرسول :

" إن كان أحد لا يعتني بخاصته ، ولا سيما أهل بيته ، فقد أنكر الإيمان ، وهو شر من غير المؤمن "( 1 تي 5: 8) .

ولكن لا يصح أن تعطي كل العشور للأقارب وتهمل باقي الفقراء من غير الأقارب ، وذلك لسببين :

1- لئلا يكون ما تعطيه لأقربائك هو واجبات اجتماعية عليك ، لابد أن تقوم بها سواء كنت تدفع عشوراً أو لا تدفع . أو تكون مدفوعاً برابطة الدم أكثر من الرحمة و الشفقة علي المحتاجين واكثر من تنفيذ الوصية .

2- ربما يكون هناك اكثر احتياجاً من أقربائك ، ولا يصح أن تهملهم .

لذلك يمكن أن يأخذ الأقارب المحتاجون جزءاً من العشور .

4

أحتياجي المال ودفع العشور

سؤال ؟

لم استطع أن ادفع العشور طوال العام الماضي لضغط الأعباء الأقتصادية علي ولاحتياجي المالي . فماذا أفعل ؟ وهل يمكن أعفائي من دفع العشور ؟

الجواب!

المفروض أنك تدفع العشور ، مهما كانت الظروف المالية. وهنا أحب أن أضع أمامك بعض الملاحظات الهامة وهي

1- الذي يدفع من احتياجه ، يكون أجره عند الله أكبر .

لأنه في ذلك يكون قد فضل غيره علي نفسه ، بغير الذي يدفع من سعة ومن رخاء ولا يشعر أن قد أقتطع من ضرورياته شيئاً لسد حاجة غيره . ونلاحظ أن السيد المسيح قد امتدح الأرملة الفقيرة التي دفعت الفلسين ، وقال عنها إنها ألقت في الخزانة أكثر من الجميع . " لأن هؤلاء من فضلتهم ألقوا وأما هذه فمن أعوازها ألقت كل المعيشة التي لها " ( لو 21: 2) . " ألقت كل ما عندها ، كل معيشتها "( مر 12:44) .

وهكذا عليك أنت أيضاً أن تتدرب علي العطاء من احتياجك .

سواء أعطيت من احتياجك في المال ، أو في الوقت ، أو في الصحة . والملاحظة الثانية التي أقولها لك هي :

2- حينما تدفع من احتياجك ، يبارك الله مالك .

كم من محتاج يقول : إن كان كل مالي أو كل مرتبي لا يكفيني، فكيف يكون الأمر إن دفعت عشرة أيضاً ؟! هل التسعة أعشار تكفي؟! هنا وأقول لك

إن التسعة أعشار ومعها بركة ، أكثر من الكل بدون بركة .

فحينما تعطي ، يبارك الله القليل الذي يبقي ، ويجعله أكثر جداً من كل المال بدون بركة العشور إنه يعوضك أكثر مما تعطيه . ويبارك في فاعلية المال بعكس كثيرين عندهم مال وفير جداً ويشعورون أنه لا يكفي مطلقاً ، لأنه ليست فيه بركة . الملاحظة الثالثة التي أقولها لك هي:

3- الله غير محتاج لعشورنا ، ولكنه بها يدربنا ويباركنا .

يدربنا علي العطاء وعلي محبة الآخرين ، وعلي الزهد في المال . كما يدربنا أيضاً علي الإيمان ببركة الله للقليل أن الله يستطيع أن يغطي كل احتياجات العالم كله ، بدون أن ندفع شيئاً هو المشبع الكل من خيراته . ولكنه يريد أن يشركنا معه في عمل الخير ، لنأخذ بركة هذا العمل

4- أنا عارف ظروفك الأقتصادية . ولكن جرب الله .

القاعدة العامة هي أنك " لا تجرب الرب إلهك "( مت 4: 7) . ولكن العشور هي الاستثناء الوحيد الذي قال فيه السيد الرب " هاتوا جميع العشور وجربوني بهذا ، قال رب الجنود : أن كنت لا افتح لكم كوي السماء ، وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع .." ( ملا 3: 10) جرب كيف سيبارك الله مالك ، وكيف أنك سوف لا تحتاج ، بل علي العكس سيرزقك الله اكثر وأكثر .

ولكن لا تدفع العشور ، بهدف أن تزداد

احتياجك . فإن الله متي رأي صدق قلبك في العطاء ، مع محبتك للآخرين ، مع محبتك للآخرين ، حينئذ سيفتح لك كوي السماء كما وعد . أدفع إذن وقل : " من أنا يارب حتى اشترك في احتياجات أولادك ؟! " يارب " من يدك أعطيناك " ( 1 أي 29: 14) فباك في القلي الذي بقي لنا ولا تدعنا معوزين شيئاً . نقطة أخري أقولها لك وهي :

5- العشور التي لا تدفعها ، تعتبر مال ظلم عندك .

إنه مال ظلمت فيه أصحابه الفقراء الذين يستحقونه . وهو مال ليس لك ، حتى تحجزه عندك . إنه ملك للرب وقد سلبت الرب فيه ، فاعتبره الله مال ظلم . انظر ماذا يقول الوحي الإلهي في سفر ملاخي النبي :

" قال رب الجنود أيسلب الإنسان الله ؟! فإنكم سلبتوني ! فقلتم بم سلبناك ؟ في العشور و التقدمة " ( ملا 3: 7،8) . لهذا قال الرب

"اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم " ( لو 16: 9) .

فماذا تعني إذن تعني إذن هذه العبارة ؟ أنها تعني

6- بمال العشور الذي احتجزتموه عندكم ، وأصبح مال ظلم إذ ظلمتم الفقراء بعدم اعطائهم

إياه بهذا المال اصنعوا لكم أصدقاء يدعون لكم ، ويستجيب الله دعاءهم . وكما أنقذتموهم من مشاكلهم الماليه بدفع العشور ، ينقذكم الله أيضاً من مشاكلكم المالية . بقيت عبارة أخيرة أقولها لك وهي :

7- العشور التي لم تدفعها العام الماضي هي ديون عليك

المفروض أن تدفعها ، ولو بالتقسيط .

5

الفضول و التطفل

سؤال ؟

أرجو أن تحدثني عن الفضول أو التطفل ، لأنني مصاب به ، وأريد أن أتركه ، واحب أن اعرف أبعاده وأخطاءه .

الجواب!

التطفل ، أو حب الاستطلاع ، هو محبة معرفة أسرار غيرك وخصوصياته ، سواء عن طريق القراءة ، أو السمع ، أو الكلام ، بطريق مباشر أو غير مباشر .

والتطفل أمر خاطئ سواء من الناحية الروحية أو الاجتماعية .

والمفروض في الناس أن يحترموا خصوصيات الآخرين وأسرارهم حتى في محيط العائلة . فليس من حق الأب أو الأم أن يفتح خطابات الابن مثلاً . وليس من حق الزوج أو الزوجة أن يعبث في جيوب أو أدراج أو أوراق الطرف الآخر . ليس من حق أحد أن يتسمع حديثاً " ليس له أن يسمعه ، فهذا نسميه زنا الآذان . وليس من حقه أن يري خفية ما لا يجوز له رؤيته . فكل هذا لون من التجسس علي الآخرين لا يليق بشخص روحي

علي أن التطفل قد يكون علناً ، وليس بالتجسس .

مثال ذلك إنسان يرهق غيره بالأسئلة حول أمر خاص به ، قد لا يريد أن يتحدث عنه! ولكنه يتابعه بالأسئلة ، وربما عن تفاصيل ن لكي يعرف منه كل شئ

وقد يعتزر المتطفل المتطفل بالدالة ، أو بالرغبة في الاطمئنان .

ولكن الدالة لها حدود لا تتعداها . كذلك الرغبة في الاطمئنان لها أيضاً حدود ومعرفة الأخبار لا تأتي بالقسر و الضغط . وهناك فرق كبير بين شخص لها أيضاً حدود ومعرفة الأخبار لا تأتي بالقسر و الضغط . وهناك فرق كبير بين شخص يريد أن يطمئن ، وشخص يريد أن يعرف ، وان يعرف كل شئ ! لذلك نصيحتي لك أن تسأل ، فإن وجدت ممن تسأله عدم رغبة في الإجابة ، أو عدم رغبة في الاستفاضة . و الدخول في دقائق الموضوع ، لا تلح عليه بكثرة الأسئلة .

لأن من صفات الفضولي أو المتطفل انه لحوح

وغالباً يحاول أصدقاؤه ومعارفه أن يهربوا منه ومن أسئلته الكثيرة وحب استطلاعه . وقد يغضب من هذا ويعاتب ، وهم في خجل من مكاشفته بتطفله . وبعدم رغبتهم في الإجابة .

أحرج المواقف ، هي ان يلتقي المتطفل بالخجول .

و الخجول لا يستطيع أن يصده ، وقد يستطيع أن يغير مجري الحديث ليهرب من الأسئلة المتطفلة ، وهكذا يخرج ! و المتطفل يري هذا الحرج ، ولكنه لا يبالي ، لأنه يريد أن يعرف الأخبار ، بل ويريد ان يعرف أسباب هذا الحرج !

و المتطفل قد لا يكفي بمعرفة أسرار الشخص الذي أماه فقط ، وإنما قد يرغمه علي كشف أسرار غيره !

إنه لا يسأله عن نفسه فقط ، وغنما عن الآخرين ماذا قلت لهم ، وماذا قالوا ؟ وماذا فعلوا ؟ وما شعورهم في الموقف الفلاني ، وما تصرفهم ، وما رأيهم ؟ وما علاقتهم بك ؟ وماذا عن عائلتهم واصدقائهم وباقي خصوصياتهم ؟! بل قد يدخل في الاعترافات أيضاً بطريقة محرجة

والإنسان المتطفل ، تري حواسه دائماً غير هادئة

نظراته غير مستقرة ، وغير محتشمة وغير أمينة ، وقد تكون مكشوفة يلاحظها غيره . وكذلك مسامعه وقدماه غير مستقرتين ، يجول هنا وهناك ، ويسأل ، أو يتسمع ، أو يحشر نفسه بطرية غير لائقة وسط أحاديث لم يدع لها .

وقد يتدخل في علاقات ، ليس من حقه أن يعرفها .

ربما علاقات عائلية في منتهي السرية ، ربما علاقات بين زوج زوجته ، أو بين صديقين أو صديقتين ، أو أسرار خاصة بالعمل لا يجوز إفشاؤها وقد لا يفيد من هذا كله شيئاً . وقد لا يستطيع الاحتفاظ بسرية ما يسمع أما من جهتك أنت في التطفل ، فنصحتي لك هي :

1- تعود ان تحترم خصوصيات غيرك . وان تقتنع بأن لكل إنسان أسراره الخاصة التي لا يجب ان يقولها حتي لأعز أصدقائه . كما أنك أيضاً لك أسرارك

2- اسأل نفسك باستمرار : ما شأني بهذا المر ؟ ما هو حقي للتدخل فيه ؟ قل هذا لنفسك بدلاً من أن يتجرأ غيرك فيقوله لك ويحرجك .

3- ضع حدوداً للدالة في علاقاتك بالآخرين .

4- أن سألت أحداً عن شئ خاص به او بغيره ، ووجدته غير مستعد للإجابة ، أو في أجاباته تهرب أو محاولة لغلق الموضوع ، فلا تلح عليه .

5- لا تحاول ان تقرأ خطابات غيرك ، أو تعبث في كتبه أو أوراقه . وأن وقع في يدك شئ من هذا ، فكن محتشماً ، ولا تحاول أن تطلع أن تطلع علي ما ليس من حقك .

6- كن عفيف النظر ، عفيف السمع ، عفيف اليد.

7- احرص علي معارفك وأصدقائك ، حتى لا تفقدهم بالتطفل .

6

هل هذا النزر حلال أم حرام

سؤال ؟

نذزت أني أظل صائماً حتى تنتهي الحرب . وكان ذلك منذ سنوات . فهل هذا النذر حلال أم حام ؟ كذلك ما رأيكم في من ينذر أن يعمد أبنه في القدس أو في الدير من أديرة الصعيد القديمة ؟ كذلك ما رأيكم في شاب ينذر البتولية ؟

الجواب!

حقاً إن الكتاب قال " خير لك أن لا تنذر من أن تنذر ولا تفي ( جا 5: 5) . و النذر عبارة عن أتفاق بين الإنسان والله ولا يجوز الرجوع فيه .

ولكن ينبغي أن يكون النذر سليماً من الناحية الروحية ، لنه لا يصح أن تبرم اتفاقاً مع الله فيه خطية .

في إحدى المرات نذر اليهود أن يظلوا صائمين ، حتى يقتلوا بولس الرسول ( أع 23: 12) . وكان نذرهم خاطئاً وحراماً

أذن ليس كل نذر حسب مشيئة الله بعضه حرام .

لقد نذر يفتاح الجلعاد ، أن رجع منتصراً ن أن يقدم للرب محرقة اول من يقابله من بيته ( قض 11: 30) . فقابلته غبنته العذراء ، فوفي بنذره وقدمها محرقة ! ويقيناً إن الله ما كان يرضي عن هذا المر مطلقاً ، وكان النذر حراماً ، فلم يأمر الرب في شريعته بتقديم البشر محرقات ! كذلك نذر الأبوين ان يعمدا في مكان بعيد ، ربما لا تمكنهما الظروف من الوصول إليه ، فيه مخاطرة الابن . فلو مات مثلاً دون أن يعمد ، كيف يتحملان مسئولية أبديته . كذلك حرمانه من التقدم من الأسرار المقدسة ، إلي أن يعمد حينما تواتيهما الظروف ، ، هو حرمان من نعمة وبركة تعمل فيه يتحمل الأبوان مسئوليتها أمام الله

فمثل هذا النذر خطا تماماً وبخاصة لأن مفعول المعمودية لا يتغير من مكان إلي آخر بل هو هو

أما أخذ بركة مكان معين ، او قديس ، فعلي الرغم من المخاطرة ، ينبغي أن يكون في حدود الرغبة ، ولكن لا يرتقي أبداً إلي مستوي النذر . هذه المخاطرة تجعلنا نحكم لاهوتياً ، بجواز كسر هذا النذر ، فالأعمار بيد الله ، وقد يموت الطفل ، وهو ملء الصحة .

أما إذا كانت هناك خطورة علي صحة الطفل ، فيجب كسر النذر فخطأ كسر النذر ، أخف من موت الطفل بلا عماد ، وهنا نكون قد اخترنا أخف الأمرين .

وفي كلا الحالين ، ينبغي أن توقع كنيسة ، علي من نذر هذا النذر من الوالدين . عموماً قدموا هذه الأمور كرغبات ، ليس كنذور . صلوا وقولوا : وفقنا يارب في أن نعمد أبننا في المكان المقدس الفلاني . ولكن لا تنذروا . وفي نفس الوقت لا تتبأطأوا في التنفيذ ، فقد قال الكتاب " أذا نذرت نذراً لله ، فلا تتأخر عن الوفاء به "( جا 5: 4)

اما عن نذر البتولية ، أو نذر الرهبنة ، فلا انصح به لصغار السن ، او لحديثي العهد بالحياة الروحية

أنه ليس حراماً ، لأنه ليس خطأ في طبيعته ، ولكن فيه خطورة إن كانت الفكرة تأثيراً أو حماساً مؤقتاً ، أو إن صادمت صاحب النذر حروب شديدة من جهة الجسد جعلته يندم علي نذره ، أو يتمني الرجوع فيه ، أو يشتهي الزواج ، أو يحيا في الخطية .

بدلاً من أن ينذروا البتولية ، قدموها كرغبة او صلاة .

قل له : أنني اشتهي يارب أن أكون بتولاً أو راهبا ، فامنحني هذه الرغبة أن وافقت مشيئتك أما الكبار ، الناضجون روحياً ، الذين جربوا أنفسهم طويلاً ، وساعدتهم النعمة علي حياة النصرة ، فلا مانع من أن ينذروا أنفسهم للرب ، ولكن ننصحهم بعدم الخير حروباً لا داعي لها .

أما عن نذر الصوم حتى تنتهي الحرب ، فهو غير عملي .

من قال أن الحروب تنتهي من العالم ؟! إنها مستمرة وستظل مستمرة حتى نهاية العالم كقول الكتاب 0 متي 24) . أما إن كان النذر بخصوص حرب معينة محدودة لمكان . وكان صاحب النذر ، ناضجاً ، وقادراً علي الصوم ، فلا مانع .

ولكن في أمور الصوم ، ينبغي استشارة أب الاعتراف ، وكذلك في نذر البتولية و الرهبنة

فلا يصح ان يسلك الإنسان في هذه الأمور بحسب فكره بدون مشورة . وغن كان لا يستشير أب الاعتراف في أمثال هذه الأمور الهامة ، فيما يستشيره إذن ؟

وعموماً ينبغي أن لا ينطق الإنسان بالنذر ، بسرعه .

الأمر يحتاج إلي ترو وتفكير ومشورة وصلاة ، قبل النذر

7

أول خطية

سؤال ؟

ما هي أول خطية عرفها العالم ؟

الجواب!

أول خطية عرفها العالم هي خطيئة الكبرياء

إنها الخطية التي سقط بها الشيطان حينما قال " ارفع كرسي فوق كواكب الله أصير مثل العلي " ( أش 14: 13،14) . وهي أول خطية حورب بها الإنسان الأول ، حينما قال الشيطان لحواء " تصيران مثل الله ، عارفين الخير والشر "( تك 3: 5). لهذا فإن الرب عندما تجسد ، حارب هذه الخطية بإتضاعه ، فأخذ شكل العبد وصار في الهيئة كإنسان وولد بقر وسمح للشيطان أن يجربه .

8

المسئولية عن خطية لم ترتكب

سؤال ؟

إن عاقتني ظروف عن ارتكاب خطية ، فهل تحسب علي الخطية مع أني لم أرتكبها ؟

الجواب!

لعلك تظن أيها الأخ أن الخطية الوحيدة هي خطية العمل ‍ ‍ كلا ، فالعمل هو آخر مرحلة للخطية ، إنما الخطية تبدأ أولاً في القلب

بمحبة الشر واستجابة القلب له ، ثم تدخل في دور التنفيذ ، فإن نفذت تكون قد كملت . وان لم تنفذ يدان الإنسان علي خطيته بالقلب وبالشهوة والبنيه وبالفكر . وماذا كانت خطية الشيطان سوي خطية قلب حيث يقول له الوحي الإلهي : " وانت قلت في قلبك : أصعد إلي السموات أرفع كرسي فوق كواكب الله أصير مثل العلي " ( إش 14: 13، 14) . مجرد انه قال ذلك في قلبه ، كان كافياً لسقوطه من علو مرتبته .

9

الخدمة الإجتماعية عمل الكنيسة أم الدولة

سؤال ؟

هل إذا اشتعلت الكنيسة في مجال الخدمة الاجتماعية ، تكون قد دخلت في مجال عمل الدولة ، وقدت عملها الروحي - كما قرأت لأحد الآباء الرهبان - وقد تكون قد خرجت عن نطاق السيد المسيح الذي قال " مملكتي ليست من هذا العلم ، ولا توافق تعليم الإنجيل ؟

الجواب!

أن السيد المسيح كان يعمل العملين معاً .

كان يهتم بالروح و بالجسد أيضا . يقول الكتاب " وكان يسوع يطوف كل الجليل ، يعلم في مجامعهم ، ويكرز ببشارة الملكوت ، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب "( متي 4: 23) . كان يعظ علي الجبل ، وفي البرية ، وعلي شاطئ البحيرة ، هذا هو العمل الكرازي . وأيضاً يقول الإنجيل " وعند غروب الشمس ، كان كل الذين عندهم مرضي بأنواع أمراض كثيرة يقدمونهم إليه ، فكان يضع يديه علي كل أحد فيشفيهم . وكانت الشياطين تخرج من كثيرين وهي صارخة " ( لوقا 38: 40) . أذن شفاء المرضي ، ليس خارجاً عن عمل المسيح ، ولا يتعارض مع قوله " مملكتي ليست من هذا العالم ".

وإذا اهتمت الكنيسة بشفاء الكنيسة بشفاء المرضي ، وبتأسيس المستشفيات و المستوصفات و الخدمات الصحية ، ولا تكون قد خرجت عن رسالتها الروحية . فرسالتها ليست مجرد كلام نسميه الكرازه ، إنما أيضاً تخفيف آلام الناس . وقد قدم لنا السيد المسيح مثل السامري الصالح ، الذي وجد إنساناً معتدي عليه في الطريق فضمد جراحه ، وحمله علي دابته ، وأودعه فندقاً ريثما يستعد صحته ، وأنفق عليه ( لو 10: 30-37) . والسيد المسيح في هذا المثل وجه لومه إلي الكاهن واللاوي واللذين لم يهتما بهذا الإنسان في مرضه وفي حاجته . واعتبر هذا الأمر عملاً من اعمال الرحمة و المحبة .

فهل تبعد الكنيسة عن اعمال الرحمة و المحبة ، وتحتج بأن هذا من أعمال الدولة ، وتعمله الكنيسة أيضاً ، ويعمله كل فرد .

ونحن لا ننظر إلي هذه الأمور ، علي اعتبار أنها خدمة اجتماعية ، وأنما ننظر إليها كعمل من اعمال المحبة التي هي أولي ثمار الروح القدس ( غل 5: 22) . والتي بها يتعلق الناموس كله والأنبياء ، كما قال المسيح ( متي 22: 40) .

والسيد المسيح ، كما اهتم بالكرازة ، أهتم أيضا بإطعام الناس .

ومعجزة الخمس خبزات و السمكتين ، هي التي ورد ذكرها في كل الأناجيل الأربعة. وما اجمل قول السيد المسيح لتلاميذه " أعطوهم انتم ليأكلوا " ( لو 9: 13) . وفي هذه الوصية أمر للكنيسة ان تعطي للجائع . لأن السيد المسيح في ذلك اليوم كان يعظ الجموع ، ولكنه لم يكتف بمجرد الوعظ ، علي اعتبار ان هذه هي مملكته ‍ إنما لا طلب إليه تلاميذه أن يصرف الجموع إلي القري المحيطة ، ليبتاعوا لهم طعاماً ، أجاب السيد في حزم أنه لا يستطيع ان يصرفهم جائعين " لئلا يخوروا في الطريق "( مر 8: 2،3) . أنه تعليم للكنيسة ، ألا تكتفي بالوعظ و الكلام ، وأنما تطعم الجائع ، ولا تظن أن هذا يخرج بها عن رسالة الملكوت ، أو عن رسالة الدين ، أو عن العمل الروحي .

هوذا يعقوب الرسول يقول :" الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه : افتقاد اليتامي والأرامل في ضيقهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم "( يع 1: 17).

فهل إذا اسست الكنيسة الملاجئ ، للأيتام ، أو اهتمت بمساعدة الأرامل و الفقراء في ضيقهم تكون عن رسالتهم ؟‍ أم أن هذه " هي الديانة الطاهرة النقية عند الله "؟ إن هذا هو تعليم الكتاب المقدس ، لاتعليم الناس . وحفظ الإنسان بلا دنس من العالم ، لا يكفي ، أن كان يغلق أحشاءه عن العناية بالفقير و اليتيم ، والأب الكاهن لا يستطيع أن يري أسرة فقيرة ويهمل العناية بها ، محتاجاً بأن هذا هو عمل من أعمال الدولة ‍ أن يريي أسرة فقيرة ويهمل العناية بها ، محتاجاً بأن هذا هو عمل من اعمال الدولة ‍ أن الدولة نفسها لا تقول هذا هوذا يعقوب الرسول يوبخنا قائلاً " إن كان أخ واخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي ، فقال لهما احدكما أمضيا بسلام ، ، استدفئاً واشبعا ، ولكن لم تعطوهما حاجات الحسد ، فما المنفعة " ( يع 2: 15، 16) .

لهذا نري الكنيسة قد اهتمت بهذا المر منذ العصر الرسولي ،

كما حدث في سيامة الشمامسة السبعة ، إذ وجدوا ان بعض الأرامل " كن يغفل عنهن في الخدمة اليومية "( اع 6 : 1) . فلكي يتفرغ الرسل لخدمة الكلمة ، رسموا سبعة شمامسة واضعين عليهم اليادي ، لكي يقوموا بهذه الخدمة ، ولم يقولوا ان عمل الكنيسة لا علاقة له بخدمة الموائد ‍ بل أوجدوا له طغمة داخل الكنيسة تقوم بهذا العمل . ولم يقل أحد إطلاقاً أن هذا العمل ، ليس عمل الله ، وإنما هو عمل قيصر ‍ إن سفر اعمال الرسل ، لم يقل فقط " وبقوه عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع .." وإنما ذكر أيضاً بعدها مباشرة " ولم يكن فيهم أحد محتاجاً لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول او بيوت ، كانوا يبيعون ويأتون بأثمان المبيعات ، ويضعونها عند أرجل الرسل . فكان يوزع علي كل واحد كما يكون له احتياج "( أع 4: 33-35) . هذا هو التعليم النقي السليم الذي في الإنجيل .

ولا تستطيع الكنيسة أن تمتنع عن مساعدة الفقراء و اليتامى والأرامل والمرضي والجياع ، بأسم مجاملة للدولة . فليس هذا للدولة ، وأنما هذا عدم تعاون مع الدولة .

وهذا أيضاً عدم طاعة لوصايا الإنجيل وخروج عن وصية المحبة ، التي قال الكتاب إنها أعظم الفضائل ( 1كو 13) . بل هذه محاربة واضحة للكنيسة ولرسالتها ، ومحاولة لايجاد وقيعة بينها وبين الدولة في هذه الأيام ، والكنيسة من أخلص الهيئات للدولة ، والدولة تشجع أعمال الخير التي تقوم بها الكنيسة .

وهنا نسجل أن السيد المسيح قد جعل عمل المحبة هذه التي يسمونها بالعمل الاجتماعي من قواعد الدينونة في اليوم الدين

فسيقول للذين يقفون عن اليسار ، في اليوم الأخير :

" اذهبوا عني يا ملاعين إلي النار الأبدية المعدة لابليس وملائكته لأني جعت فلم تطعموني ،ى عطشت فلم تسقوني ، كنت غريباً فلم تأووني . عرياناً فلك تكسوني . مريضاً ومحبوساً فلم تزوروني " ( متي 25: 41-43) . هل يقولون له نأسف ، لن هذا عمل يصر ، وليس عمل الله ، وأنت قلت أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ‍‍ أم يقولون له : ما شأنك يارب بهؤلاء ، ومملكتك ليست من هذا العالم ؟‍ أم يذهبون فعلاً إلي النار المعدة ، لأنهم أغلفوا عمل المحبة التي يسميها المجتمع حالياً بالخدمة الاجتماعية .

فإن كان كل إنسان ، من واجبه هذه الخدمة ، فكم بالأولي الكنيسة التي ضرب لها تلاميذ المسيح مثالاً تبعوا فيه خطوات سيدهم ومعلمهم ؟‍‍‍!

أن هذه الخدمة التي نقدمها للفقراء ، إنما نقدمها للمسيح نفسه ، لأنه قال " الحق أقول لكم ، بما انكم ، بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر ، فبي قد فعلتم " ( متي 25 : 40) . وفي رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية ، تحدث عن خدمة الكنيسة للفقراء وتعاون كنائس مكدونية وأخائية واورشليم في هذا الأمر ، فقال " الآن أنا ذاهب إلي أورشليم ، لأخدم القديسين ". لأن أهل مكدونية وأخائية استحسنوا أن يصنعوا توزيعاً لفقراء القديسين الذين في أورشليم لأنه إن كان الأمم قد اشتركوا في روحياتهم ، يجب عليهم أن يخدموهم في الجسديات أيضاً ( رو 15: 25-28) . وقال أيضاً " مشتركين في احتياجات القديسين " ( رو 12: 13) .

وخدمة الفقراء و المحتاجين ، ليست مجرد عمل اجتماعي ، وإنما إلي جوار عمل الحب فهي صيانة للفقير من الخطأ .

وهنا يكون لها عمل روحي ، هو من صميم عمل الكنيسة . فالفقر إلي السرقة ، أو ألي الكذب والاحتيال ، أو إلي التذمر و التجديف علي الله وعلي الله وعلي الكنيسة ، فيضعف علي الله الكنيسة ، فيضعف إيمانه . والكنيسة حينما تعطي للفقير ، إنما تشعره بمحبة الله له ، وأن الله هو الذي أرسل إليه من يعطيه فيقوي إيمانه .

ولهذا فإن العمل الإجتماعي الذي تقوم به الكنيسة ، له طابع روحي يميزه ، تدخل فيه روحانية الوصية ، ويمتزج بكلمة التعليم .

وغالبية الكنائس تسمي الفقراء ( أخوة يسوع ) ، لأنه سماهم هكذا ( متي 25: 40) وتتعامل معهم في العطاء علي هذا الأساس . والكنيسة نجد بركة في هذه الخدمة وتقوم به بروح أمومة الكنيسة لابنائها ، وبروح أبوة الكهنوت . والكنيسة تمارس هذه الخدمات وتنظمها من أقدم العصور ، حتى الآن ، وفي كل آوان إن شاء الله .

والبلاد الشيوعية فقط ، هي التي تقيد الكنيسة في خدماتها ، وتقصرها علي الصلاة فقط ، وتحصر كل شئ في يد الدولة ، لأنها لا تريد أن تكون هناك صلة بين المؤمنين والله .

الفكر الشيوعي لا يوافق ان يأخذ المحتاج من بيوت الله ، لئلا يتذكر الله ، ورجال الله ، فيبعد عن إلحاده وأيضاً لكي لا يشكر الله فيما يأخذ ، أو يشعر أن ما أخذه هو من نعمة الله ، بينما يجب أن يشعر - حسب الفكر الشيوعي - أن الشكر هو للدولة وحدها ، بينما يختفي الله ولا يكون الله منافسان للدولة أردنا أن نحذر من أمثال تلك الأفكار ، لئلا تندس في كتابات ، دون أن يشعر بها صاحبها ، ويرددها البعض ، أو يعجب بها البعض ، وهم لا يدركون خطورتها . ونحن نشكر الله أننا في بلاد تري أن كل نعمة وكل عطية ، مصدرها الله ، لذلك نشجع ارتباط الناس بالله . أن الكنيسة لا تدخل إطلاقا في عمل الدولة ، فالكنيسة لا تشتغل بالسياسة والسياسة من عمل الدولة . ولكن العمل الرعوي ، له طابع آخر والكنيسة تقوم بعملها الرعوي ، وتهتم بأبنائها . ولا تري الدين مجرد عقائد وأفكار ، أو مجرد عظات وكرازة . غنما الدين هو الحب قبل كل شئ . والحب هو أن نعتني بأبنائنا في كل ما نستطيع ان نقدمه لهم من خير.

10

التراتيل بأنغام الأغاني الشعبية

سؤال ؟

ما رأيكم في التراتيل التي توضع علي أنغام الغاني الشعبية ؟!

الجواب!

إن الذين يفعلون ذلك ، إنما يهتمون بالمعني فقط ، ويتجاهلون تأثير الموسيقي في النفس .

أن الموسيقي تغرس في النفس مشاعر معينة . يمكن لقطعة موسيقية صامته ( بدون ألفاظ ) ، أن تفرح الإنسان أو تبكيه أو تحمسه أو تثيره أ, توقظ فيه شهوة ما فلا يجوز أن ننسي أثر الموسيقي في النفس .

الترتيلة هي أغنية روحية ، ينبغي أن تكون موسيقاها روحية وانغامها مقدسة .

فلا يصح أن نمزجها بنغمة معينة قد تثير مشاعر أخري غير المشاعر الروحي المقدسة التي تقصدها الترتيلة . كما ان هذا قد يذكر المرتل بالغنية الشعبية وكلماتها ، فيطيش فيها ذهنة أو قلبه أو تختلط بها مشاعره . علينا أن نتذكر يا أخوتي قول الرسول :" أية شركة للنور مع الظلمة ؟!"

11

كيفية مقاومة الأفكار

سؤال ؟

كيف استطيع أن أقاوم الأفكار ، التي تضغط علي أحياناً بشدة ، وتحاول أن تخضعني لأستسلم لها ؟

الجواب!

اشغل وقت فراغك بفكر آخر أقوي منه ، يحل محله

لاتنتظر حتى ترهقك الأفكار هكذا ، وبعد هذا تحاول ان تقاومها . بل الأفضل - إن أستطعت - أنك لا تعطيها مجالاً علي الإطلاق للوصول إليك وكيف ذلك ؟ اشغل فكرك باستمرار بما هو مفيد ، حتى إن أراد الشيطان أن يحاربك بالفكر ، يجدك مشغولاً وغير متفرغ لأفكاره ، فيمضي عنك ما أصعب الفكر ، حينما يأتي إلي الإنسان ، فيجد أبوابه مفتوحة ، وعقله مستعداً للقبول!! إن جاءك فكر رديء ، استبدله بفكرأخر يحل محله . لأن عقلك لا يستطيع ان يفكر في موضوعين في وقت واحد بنفس العمق . لذلك يشترط في الفكر الجديد الذي تريد ان تغطي به فكر المحاربة ، أن يكون عميقاً حتى يمكنه طرد الفكر الآخر . كالتفكير في لغز او مشكلة أو مسألة عقائدية ، أو موضوع يهمك ، أو تذكر شئ نسيته

الفكر السطحي لا يطرد الأفكار المحاربة لك ، غنما يطردها أخرى يمكنها أن تدخل إلي عمق ذهنك ، أو إلي قلبك كأنه تفكر في مشكلة عائلية هامة ، أو في سؤال عويص ليس من السهل حله ، أو في موضوع محبوب إلي قلبك يسرك الاستمرار فيه

ويمكنك أن تطرد الفكر بالقراءة كطريقة أخري للاحلال :

علي أن تكون أيضاً قراءة عميقة يمكنها ان تشغل الذهن ، لن القراءة السطحية تعطي مجالاً للسرحان ، فيسرح الفكر في نفس الوقت فيما يحاربه . لذلك قد يحارب إنسان بفكر شهوة ، فلا تصلح له قراءة روحية عادية ، بقدر ما تصلح له قراءة عن حل مشكلات في الكتاب المقدس ، أو قراءة في الخلافات العقائدية و الرد عليها أو قراءة في موضوع جديد لم يسبق له معرفته ، أو في موضوع علمي يحتاج إلي تركيز .

وقد ينطرد الفكر بالصلوات و المطانيات :

إذ يستحسي الإنسان من التفكير الخاطئ في وقت مخاطبته لله ، كما انه ياخذ معونه من الصلاة . علي شرط أن تكون الصلاة بحرارة وعاطفة ، ومقاومة للسرحان . والصلاة المصحوبة بالمطانيات تكون أقوي

وقد يمكن طرد الفكر ، بالانشغال في عمل يدوي :

لأن هذا العمل يشغل الفكر أيضاً فيلهيه عن محاربته ، بقدر ما يكون عملاً يحتاج إلي انتباه وتركيز .العمل أيضاً يشغل الإنسان ، ويريحه من حرب الأفكار ، بعكس الفراغ الذي يعطي مجالاً لحرب الفكر لذلك قال الآباء إن الذي يعمل يحاربه شيطان واحد ، أما الذي لا يعمل ، فتحاربه عدة شياطين . لاحظ أن الله أعطي أباين آدم عملاً يعمله وهو في الجنة مع انه للم يكن محتاجاً للعمل من أجل رزقه .

فإن لم ينطرد الفكر بكل هذا ، فالأصلح أن يخرج الإنسان من وحدته ليتكلم مع شخص آخر .

لأنه من الصعب عليه أن يتكلم في موضوع معين ، وهو يفكر في نفس الوقت في موضوع أخر . بل إن أي نوع من التسلية ، سواء كان فردياً أو مشتركاً مع آخرين ، يساعد علي طرد المكر أيضاً .

المهم أنك لا تترك الفكر ينفرد بك ، أو تنفرد به :

عملية تشتيت ، أو إحلال فكر آخر محله ، أو شغل الذهن عنه بعمل ، أو تسلية ، او حديث ، او كتابة ، أو قراءة ، أو صلاة : كل ذلك يضعف الفكر ، أو يطرده ، أو ينسيك إياه .

كذلك يجب عليك أن تعرف سبب الفكر وتتصرف معه :

قد يأتيك مثلاً فكر غضب أو انتقام بسبب موضوع معين يحتاج إلي التصريف داخل قلبك . لأنك طالما . لأنك طالما تبقي داخلك أسباب الغضب ، فلابد أن ترجع عليك الأفكار مهما طردتها . فإن كان الفكر سببه قراءة معينة أو سماعات من الناس ، أو عثرة من الحواس ، أو مشكلة تشغلك ، حاول أن تتوقي كل هذا ، أو تجد له حلاً ، هكذا تمنع سبب الفكر . كذلك إن أتاك فكر كبرياء أو مجد باطل ، لسبب معين يدعوك إلي هذا ، فعليك أن تحارب هذه الكبرياء داخل قلبك بطريقة روحية . فإن انتصرت عليها ، ستفارقك أفكارها

وهكذا تتبع طريقة التصريف الروحي مع كل خطية تحاربك أفكارها . وفي كل ذلك ، تحتاج إلي السرعة ، وعدم التساهل مع الفكر :

إن طردت الفكر بسرعة ، فسيضعف أمامك . أما إن أعطيته فرصة ، فسيقوي ، وتضعف أنت في مقاومته ، إذ قد تنضم إليه أفكار أخري وتزداد فروعة ، كما أنه قد ينتقل من القلب ، فيتحول إلي رغبة أو شهوة .

واحترس من خداع محبة الاستطلاع :

قد يستبقي الإنسان الفكر ، بحجة أنه يريد أن يعرف ماذا تكون نهايته ، وإلي أي طريق يتجه ، بنوع من حب الاستطلاع !! كثير من الأفكار أنت تعرف جيداً نهايتها . وإن لم تعرف ، فعلي الأقل تستطيع أن تستنتج من طريقة ابتدائها . ثم ما منفعة حب الاستطلاع أن أدي إلي ضياعك ؟!

هناك طريقة أخري ، وهي الرد علي الفكر : والقديس مارأوغريس وضع طريقة للرد علي الفكر بآيات الكتاب . فكل خطية تحارب الإنسان ، يضع أمامها آية ترد عليها وتسكنها . وفي التجربة علي الجبل رد الرب علي الشيطان بالآيات .

ولكن هناك أفكار تحتاج إلي طرد سريع ، وليس إلي مناقشة .

إذ قد تكون الناقشة مدعاه إلي تثبيت الفكر بالأكثر ، وإطالة مدة إقامته ، كما قد تتسبب في تشعب الفكر . إن جاءتك الأفكار ، يجب أن تصدها بسرعة . لا تتراخ ولا تتماهل ، ولا تنتظر لتري إلي أين يصل بك الفكر ولا تتفاوض مع الفكر وتأخذ وتعطي معه . لأنك كلما تستبقي الفكر عندك ، كلما يأخذ قوة ويكون له سلطان عليك . أما في بدء مجيئه ، فيكون ضعيفاً يسهل عليك طرده إن طرد الأفكار يحتاج إلي حكمة وافراز ، وإلي معونة .

هناك أشخاص خبيرون بالفكر وطريقة مقاتلته ، كما قال بولس الرسول " لأننا لا نجهل حيله ". والذي ليست له خبرة ، عليه أن يسأل مرشداً روحياً . وعلي العموم فإن المعونة الإلهية تأتي بالصلاة و التضرع ، تساعد الإنسان علي التخلص من الأفكار .

الرب قادر أن يطرد الشيطان وكل أفكاره الردية .

12

محبة الأعداء

سؤال ؟

ما معني قول الرب في الإنجيل " أحبوا اعداءكم " ( متي 5: 44) ؟.. وكيف يمكن تنفيذ ذلك ؟

الجواب!

محبة الصديق شئ عادي يمكن أن يتصف به حتى المثني و الملحد .. أما محبة العدو ، فهي الخلق السامي النبيل الذي يريده الرب لنا أنه يريدنا أن نكره الشر وليس الأشرار نكره الخطأ وليس الخطأ وليس من يخطئ فالمخطئون هم مجرد ضحايا للفهم الخاطئ أو الشيطان ، علينا أن نحبهم ونصلي لأجلهم ، لكي يتركوا ما هم فيه . اما كيف ننفذ ذلك ، فيكون باتباع النقاط الآتية :

1- لا نحمل في قلبنا كراهية لأحد مهما أخطأ إلينا فالقلب الذي يسكنه الحب ، لا يجوز أن تسكنه الكراهية أيضاً .

2- لا نفرح مطلقاً بأي سوء يصيب من يسئ إلينا وكما يقول الكتاب: " المحبة لا تفرح بالأثم "( 1كو 13: 6) بل نحزن أن أصاب عدونا ضرر .

3- علينا أن نرد الكراهية بالحب وبالأحسان فنغير بذلك مشاعر المسيء إلينا وكما قال القديس يوحنا ذهبي الفم :" هناك طريق تتخلص بها من عدوك ، وهي أن تحول ذلك العدو إلي صديق ".

4- مقابلة العداوه تزيدها اشتعالاً والسكوت علي العداوه قد يبقيها حيث هي بلا زيادة أما مقابلة العداوة بالمحبة ، فإنه يعالجها ويزيلها .

5- لذلك لا تتكلم بالسوء علي عدوك ، لئلا تزيد قلبه عداوة ومن الناحية العكسية إن وجدت فيه شيئاً صالحاً امتدحه فهذا يساعد علي تغيير شعوره من نحوك .

6- أن وقع عدوك في ضائقة تقدم لمساعدته فالكتاب يقول :" أن جاع عدوك فاطعمه ، وأن عطش فاسقه "( رو 12: 20).

7- يقول الكتاب أيضاً :" لا يغلبنك الشر ، بل اغلب الشر الخير "( رو 12: 21) .. أنك إن قابلت العداوه بعداوة ، يكون الشر قد غلبك .. أما إن قابلتها بالحب فحينئذ تكون قد غلبت الشر بالخير .

13

العقوبة وعصر النعمة

سؤال ؟

يقول البعض أنه لا توجد عقوبة في المسيحية ، علي اعتبار أنه عصر النعمة وأن وجدت عقوبة تكون في السماء وليس علي الأرض . فهل هذا صحيح ؟ وهل العقوبة تتنافي مع النعمة ومع محبة الله المعلنة علي الصليب ؟

الجواب!

النعمة لا يمكن أن تتعارض مع العدل الإلهي ، فنعمة الله لا تكون علي حساب عدله ، ولا تنقص منه !

ونحن لا نستطيع أن نصور الله محباً في العهد الجديد ومنتقماً في العهد القديم . فالله هو هو ، أمس و اليوم وإلي الأبد في العهد القديم كان محباً ، وكان يعاقب علي الخطأ ، وفي العهد الجديد هو محب ، ويعاقب الله الذي كان يعاقب في العهد القديم ، قال عنه داود النبي " لم يصنع معنا حسب خطايانا ، ولم يجازنا حسب آثامنا . لأنه مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض قويت رحمته علي خائفيه . كبعد المغرب عن المشرق ، أبعد عنا معاصينا "( مز 103) .

وفي العهد الجديد كنت محبة الله المعلنة علي الصليب ، ممتزجة تماماً بعد له " الرحمة والحق تلاقيا "( مز 86) .

وظهر عدل الله ، وظهرت عقوبته في العهد الجديد في أمثلة كثيرة ، في الكتاب المقدس وفي التاريخ .

ولعل من أبرز الأمثلة علي العقوبة قصة حنانيا وسفيرا .

لقد نالا عقوبة من الله علي فم بطرس الرسول ، فسقط حنانيا ميتاً ، لنه كذب علي الروح القدس . ولما اشتركت زوجته سفيرا في الكذب ، قال لها القديس بطرس الرسول " هوذا أرجل الذين دفنوا رجلك علي الباب وسيحملونك خارجاً "( أع 5: 9) " فوقعت في الحال عند رجلية وماتت " وصار خوف عظيم علي جميع الذين سمعوا بذلك "

عقوبة حنانيا وسفيرا كانت علي الأرض . ولم تقتصر علي عقوبة السماء .

وهكذا صارت عقوبة عليم الساحر . هذا قاوم برنابا وشاول فامتلأ شاول من الروح القدس وقال له :" يا عدو كل بر هوذا يد الرب عليك ، فتكون أعمي لا تبصر الشمس إلي حين ففي ، الحال سقط عليه ضباب وظلمة ، فجعل يدور ملتمساً من يقوده بيده "( أع 13: 8: 11) .

ومن العقوبات التي اشتهرت في المسيحية ، عقوبة العزل .

ففي الحديث عن خاطئ مورنثوس ، وبخ الرسول الشعب علي عدم معاقبته وقال لهم " لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا "( 1كو 5:11) وقال لهم أيضاً " اعزلوا الخبيث من وسطكم " ( 1كو 15: 13) . وعقوبة العزل هذه ، تحدث عنها القديس يوحنا الرسول ، اكثر الرسل حديثاً عن المحبة فقال " إن كان احد يأتيكم ، ولا يجئ بهذا التعليم ، فلا تقبلوه في البيت ، ولا تقولوا سلام ، لأن من يسلم عليه يشترك في اعماله الشريرة "( 3يو 10: 11) .

ومن اصعب عقوبات العهد الجديد ، عقوبة خاطئ كورنثوس :

إذ قال القديس بولس الرسول " فإني أنا قد حكمت ان يسلم مثل هذ1 للشيطان ، لهلاك الجسد ، لكي تخلص الروح في يوم الرب "( 1كو 5:5) . فهنا عقوبة ، تتم علي الأرض

ومن العقوبات المشهورة في المسيحية ، العقوبة التي عاقب الله بها هيرودس الملك علي كبريائه . فإنه لما قبل أن يقول له الشعب : هذا صوت إله صوت إنسان " في الحال ضربه ملاك الرب ، لأنه لم يعط المجد لله .فصار يأكله الدود ومات "( أع 12: 22، 23) .

وهناك عقوبات كثيرة شرحها سفر الرؤيا

ومن امثلة ذلك العقوبات التي تصيب الأرض ، حينما يبوق الملائكة السبعة بأبواقهم . وقد قيل بعد بوق الملاك الرابع " ثم نظرت وسمعت ملاكاً في وسط السماء ، قائلاً بصوت عظيم " ويل ويل ويل للساكنين علي الأرض ، من أجل بقية أصوات الثلاثة ملائكة المزمعين أن يبقوا "( اع 8: 13) . وما أكثر العقوبات في هذا السفر

والعقوبة ذكرها السيد المسيح من أول عظته علي الجبل :

فقال " واما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب علي أخيه باطلاً ، يكون مستوجب الحكم . ومن قال لأخية رقاً ، يكون مستوجب المجمع "( متي 5: 22) . فهنا عقوبة وعقوبة علي الأرض ، غير عقوبة " ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم ".

ومن العقوبات أيضاً أناثيما ، أو الحرام .

وكما قتال برلس الرسول : لكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء يبشركم بشرناكم به ، فليكن أناثيما . كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضا : أن كان احد يبشركم بغير ما قبلتم اناثيما "( غل 1: 8،9 ) .

نحب أياً أن نقول ن العقوبة دليل علي المحبة .

فالكتاب يقول " الذي يحبه الرب يؤدبه " ( عب 12: 6) . فالعقوبة إذن لا تتعارض مع المحبة . ولا تتناقض مع عمل النعمة وكثيراً ما كانت العقوبة سبباً لاستيقاظ النفس وحفظ أبديتها . وهذه هي المحبة الحقيقية ، وربما إذا ترك الخاطئ علي الأرض بدون محبة ، يصل إلي الاستهتار واللامبالاة ، وبهذا تهلك نفسه ولا يتق هذا مع محبة الله للخطاة

وقوانين الكنيسة حافلة بعقوبات للخطاة

وهذه القوانين وضعها بروح الله : الآباء الرسل ، والمجامع المقدسة ، وكبار الآباء القديسين ، وتشمل الكثير من العقوبات ، وأي أرثوذكسي تدخل هذه القاعدة في عقيدته . وهي لا تختلف أبداً عن روح الكتاب كما ذكرنا .

ومن العقوبات المعروفة التوبيخ ، وهو أقل العقوبات .

وقد قال الرسول لتلميذه تيطس ( عظ ووبخ بكل سلطان "( تي 2: 15) بل قال أيضاً " وبخهم أمام الجميع ، لكي يكون عند الباقين خوف " ( 1 تي 5 : 20) . أما الذي يكره هذه العقوبة ، فيقول عنه الكتاب " وبخ حكيماً . وبخ جاهلاً يكرهك "( ام 9: 8) .

إن عمل النعمة ليس هو التدليل ، إنما هو التقديم و التهذيب ، وقيادة النفس إلي محبة الله

وفي ذلك تنفع العقوبة ، بينما التدليل قد يفسد النفس . ومحبة الرب التي ظهرت علي الصليب ، تقودنا إلي الصليب أيضاً .

14

ما معني " صرت لليهودي كيهودي"؟

سؤال ؟

قال القديس بولس الرسول :" صرت لليهودي كيهودي لأربح اليهود وللذين بلا ناموس ، كأني بلا ناموس ، مع أني لست بلا ناموس لله ، بل تحت ناموس المسيح ، لأربح الذين بلا ناموس "( 1كو 9: 20، 21) . فما معني هذا الكلام ؟.

الجواب!

كان الرسول يتكلم عن الكرازة ، وتوصيل رسالة الإنجيل ، فيقول : أن اليهودي يؤمن بالناموس 0والأنبياء ، فلكي أقنعه برسالة المسيح ، أكلمه كيهودي ، عن الناموس والأنبياء ، وما فيها من أمور متعلقة بالمسيح . أما اليوناني وأمثاله من الذين بلا ناموس ، فإنهم لا يؤمنون بالكتاب ، ولا بالأنبياء ، لذلك أكلمهم بأسلوبهم وأجذبهم إلي الإيمان بالفلسفة لا أربحه للمسيح ، وكذلك لو كلمت اليوناني عن الأنبياء لا أربحه أيضاً للمسيح .

ولكن عبارة " صرت لليهودي كيهوي " لا تعني السلوك كاليهودي . فالقديس بولس الرسول حارب التهود بكل قوته .

كان بعض اليهود الذين اعتنقوا المسيحية ، يريدون أن يدخلوا فيها بعض العقائد اليهودية كالختان ، وحفظ السبت ، والمواسم ، والأهلة ، وما يختص بالأكل والشرب من محللات ومحرمات ، وسائر القواعد اليهودية في النجاسات و التطهير . وعرفت هذه الحركة إسم ( التهود ) . وقد قال الرسول في محارباته لليهود " فلا يحكم عليكم احد في أكل وشرب ، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت ، التي هي ظل الأمور العتيدة "( كو 2: 16: 17) . وعبارة ( أكل وشرب ) هنا لا تعني الصوم ، وإنما تعني طهارة الأكل أو نجاسته علي حسب الأطعمة التي كانت محرمة في اليهودية ، ولم تعد كذلك في المسيحية . والقديس بولس قد كرز وسط اليهود ، كما كرز بين الأمم . وفي كرازته في رومه ، كلم اليهود أولا . فلما رفضوا وأنقسموا ، اتجه بعد ذلك إلي المم ( أع 28: 17- 29). ولكي يربح اليهود ، كان يتكلم في الهيكل ، وفي مجامع اليهود ، ويحاول أن يقنعهم بما ورد عن المسيح في الناموس والأنبياء .

15

كيف تعالج المشاكل ؟

كل إنسان في الدنيا تقابله مشكلات في حياته . وتختلف أساليب الناس في معالجة المشاكل ، او في التعامل معها ، أو في مدي التأثر بها . وذلك تبعاً لنفسيته وعقليتة كل إنسان ، وأيضاً تبعاً لخبرته فهناك أنواع من الناس تحطمهم المشاكل ، بينما آخرون ينتصرون عليها . وهناك أساليب خاطئة وأساليب أخري سليمة في مواجهة المشاكلة . وسنحاول أن نستعرض النوعين :

1- الهروب من المشكلة

أسلوب الهروب اتبعه أبونا آدم ومعه أمنا حواء ، بعد السقوط في الخطية . وفي ذلك يقول الكتاب " فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة " ( تك 3: 8). ولكن هذا الهروب لم يحل المشكلة وكان لابد من مواجهتها .

وهناك أسلوب آخر يقابل به الناس مشاكلهم وهو :

2- النكد والبكاء

أنه أسلوب الطفل الذي يواجه المشكلة بالبكاء :

علي ان هذا التصرف الطفولي يبقي عند البعض حتي بعد ان يكبروا ، وبخاصة عند كثير من النساء مواجهة المشكلة بالحزن والبكاء ، دون أي حل عملي . حدث هذا للقديس حنه في الفترة التي أغلق فيها الله رحمها . وكانت ضرتها فننة تغيظها " فبكت ولم تأكل "( 1صم 1: 7) . ولكن كآبة القلب والبكاء وعدم الأكل ، كل ذلك لم يحل مشكلتها ، إلي أن لجأت أخيراً إلي الله

وكما حدث للقديسة حنة ، حدث لملك خطير مثل آخاب

فلما رفض نابوت اليزرعيلي أن يعطيه الكرم ، يقول الكتاب " فدخل آخاب بيته مكتئباً مغموماً "( 1مل 21: 4) . علي أن الكآبة لم تحل لآخاب مشكلته ، بل وصل إلي حل لما تدخلت زوجته الملكة إيزابل لتقدم له تصرفاً عملياً - ولو انه خاطئ - كما سنري كثير من الزوجات يلجأن إلي النكد و البكاء في حل مشكلهن ، فيخسرون أزواجهن بهذا النكد!!يدخل الرجل إلي البيت ، فيجد المرأة غارقة في دموعها ، وربما لسبب تافه فيحاول حله . ثم يتكرر البكاء لسبب آخر ، ولسبب ثالث ، ويصبح البكاء خطة ثابته في مواجهة كل ما لا يوافق هواها ، مع تأزم نفسي وشكوي وحزن ، مما يجعل الرجل يسأم هذا الوضع ، ويهرب من البيت وما فيه من نكد وتجني المرأة عليه وعلي نفسها ، بلا نتيجة ..! علي أن البعض قد يلجأ إلي طريقة أخري هي :

3- الضغط والألحاح

قد يكون لدي إنسان ما رغبة يريد تحقيقها بكافة الطرق ، ويجد معارضة لذلك من أب أو أم أو رئيس ، فيظل يلح ويضغط بطريقة يري أنها توصله إلي الموافقة أخيراً . استخدمت دليلة هذا الإلحاح مع شمشون حتى كشف لها سره ! ألحت في طلب سره ، فكان يتهرب من ذلك ، ولا يقول لها الحق . ولكنها ظلت في ضعفها عليه ، ثم عاتبته قائله " كيف تقول أحبك ، وقلبك ليس معي . هوذا ثلاث مرات قد خدعتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة ". وهنا يقول الكتاب " ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم ، وألحت عليه ، ضاقت نفسه إلي الموت ، فكشف لها كل قلبه ، وقال لها ..( قض 16: 15-17)

إن الإلحاح قد يوصل إلي موافقه ليست برضي القلب .

و العجيب أن صاحب الرغبة يفرح بهذه الموافقة ، ولا يهمه قلب من أعطاها ، ، ولا مرارة نفسه . بقد ألح بنو إسرائيل علي الله أن يقيم لهم ملكاً ، وكان الله ضد هذه الرغبة واعتبرها رفضاً له ( 1صم 8: 7) , ومع ذلك سمح الله لا لحاحهم واعطاهم ملكاً ضد مشيئته ، هو شاول ، وفارق روح الرب شاول ( 1صم 16: 4) . وألحت إمرأة فوطيفار علي يوسف الصديق ( تك 29: 10) فهرب منها . وكانت نتيجة إلحاحها ، مشكلة قاسي منها يوسف الطرد و السجن سنوات وكانت النتيجة أيضاً سوء سمعه هذه المرأة علي مدي الأجيال ولم يأت الإلحاح بنتيجة سارة

وألح اليهود علي بيلاطس ليصلب السيد المسيح .

وحاول بكافة الطرق أن يهرب من إلحاحهم ، فازدادوا ضغطاً عليه . قال لهم ليست أجد علة في هذا البار وقال هل أأصلب ملككم ؟ فقالوا ليس لنا ملك إلا قيصر وأرادوا أن يطلقه كأسير فطلبوا بدلاً منه باراباس فغسل بيلاطس يديه وقال " أنا برئ من دم هذا البار ، فقالوا دمه علينا وعلي أبنائنا "( متي 26) . وكانت نتيجة إلحاحهم ؟! ..

والبعض يلجأون إلي العنف :

4- اسلوب العنف

وقع داود النبي في مشكلة مع نابال الكرملي الذي رفض أن يعطي جنودة قوتاً ، فقرر داود أن يحل المشكلة بالعنف ، فتقلد سيفه أمر غلمانه فتقلدوا سيوفهم . وهدد بأنه لن يبقي لنابال حتى الصباح بائلاً بحائط ( 1صم 25: 13، 22) . فهل كان أسلوب داود سليمان ؟! كلا ، ، لقد وبخته علي ذلك أبيجايل لأنه قرر أن يسفك دماً وتنتقم يده لنفسه . وشكرها داود لأنها كانت حكيمة في نصحها له (صم 25: 23) . وكان من نتائج استخدام داود للعنف ، أن الرب لم يسمح له ببناء الهيكل وقال له " لاتبن بيتاً لاسمي لأنك رجل حروب وقد سفكت دماً "( أي 28: 3 ) . وموسى حينما استخدم العنف لحل مشكلة بين مصري وعبراني ، فقتل المصري ( خر 2: 12) ، لم يستخدمه الله حينئذ ، وسمح ان يقضي أربعين سنة في رعي الغنم حتى تعلم الوداعة وقيل عنه " وكان الرجل موسى حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض "( عدد 12: 3) وبهذا الطبع الخير استخدمه الله في رعاية الشعب وأخطأ بطرس حينما رفع سيفه وقطع أذن العبد حينما واجهته مشكلة القبض علي معلمه ، فكر في حلها بالعنف ولكن السيد وبخه قائلاً " أردد سيفك إلي غمده . لأن من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ "( متي 26: 51) . ويقع في خطأ العنف أيضاً الأب الذي يستخدم سلطته بالعنف في بيته ويضرب إمرأته أو أولاده ويخسرهم . وكذلك الكاهن الذي يستخدم سلطان الحرم في غير موضعه .

5- الحيلة و الدهاء

استخدمت رفقة هذا الأسلوب لكي يأخذ إبنها يعقوب بركة أبيه اسحق .

وألبسته جلد الماعز ، لكي يكون جسمه مشعراً كأخيه عيسو ( تك 27) . وجازت الحيلة علي اسحق ومنح البركة ليعقوب . ولكن أتراه استفاد حينما خدع أباه هكذا ؟ كلا بل عاش هارباً وخائفاً من أخيه عيسو ، وخدعه خاله لابان لما زوجه ليئه بدلاً من راحيل ( تك 29: 25) . كما غير له أجرته عشر مرات ( تك 31: 41) . وخدعه أبناؤه لما أشعروه أن يوسف قد افترسه وحش ردئ ( تك 37: 33) . واخيراً لخص يعقوب سيرة حياته فقال إن سني حياته علي الأرض قليلة وردية ( تك 47: 9) . واستخدمت ايزابل طريقة الدهاء للحصول علي كرم نابوت اليزرعيلي . دبرت الصاق تهمة رديئة بنابوت اليزرعيلي ونادوا انه جدف علي الله ، وأتوا بشهود زور لاثبات ذلك . وتم رجم نابوت خارج المدينة . وورث أخاب حقل نابوت . وبدأ أن الحيلة أوصلته إلي حل مشكلته . ولكن عين الله الساهرة أرسلت إيليا النبي لأخاب يقول له " هل قتلت و ورثت ؟.. هكذا قال الرب : في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت ، تلحس الكلاب دمك أيضاً "( 1مل 21) . وكان هذا هو مصير زوجته إيزابل أيضاً ( 2مل 9: 36) .

إن الدهاء - كالعنف - قد يوصل إلي نتيجة سريعة ، يبدو حلاً للمشكلة . ولكهنا لست من الله .

وقد يسمح الله بابطال هذه الحيل الشريرة ، كما ابطل مشورة أخيتوفل ، فلم تتمكن من ايذاء داود ( 2 صم 17: 23) . فنجا داود ، أما اخيتوفل فخنق نفسه قهراً لأن مشورته ابطلت .

6- هل الجريمة تحل المشكلة ؟

يلجأ البعض إلي الجريمة لحل اشكالهم ، او للوصول إلي أغراضهم . وقد فعل ذلك قايين أول قاتل علي الأرض . فماذا كانت النتيجة ؟ لقد عاش حياته كلها في فزع ورعب ، تائهاً وهارباً في الأرض ، يخاف أن كل من وجده يقتله ( تك 4: 14) . ولجأ أبشالوم إلي الجريمة أيضاً ، فحرق حقل يوآب لكي يمكنه من مقابلة الملك ( 2صم 14: 30) .

7- سلاح الخيانة

يلجأ البعض إلي سلاح الخيانة ، لكي يصلوا إلي شئ فما قتيلاً ( 2صم 18 : 15) . ويهوذا لجأ إلي الخيانة أيضاً ، ولكنه لم يستفد ، بل مضي وخنق نفسه ( متي 27: 5) . ومع ان الخيانة أوصلت البعض إلي التشفي ، أو إلي غرض - رخيص - إلا أنهم فشلوا جميعاً واحتقروا ذواتهم ومع انه قد يستطيع إنسان ان يحتمل احتقار الآخرين له ، إلا أنه نادرا ما يقدر علي احتمال احتقاره لنفسه !! والخائن حينما تنكشف له حقيقة نفسه ويحتقرها ، لا يحتمل ولكن سلاح الخيانة ، علي الرغم من كل هذا ، لا يزال موجوداً . وما اسهل علي خائن لكي يصل إلي غرضه أن يغدر بأحبائه ، أو أولياء نعمته .. أو يخون صديقاً أن رآه منافساً له .. ومع ذلك لا يصل إلي شئ !

8- حل المشكلات بالأعصاب

إنسان يقع في اشكال ، فكيف يحله ؟ أن يواجه الأمر بالزعيق والصياح ، و بالغضب و النرفزة ، وبالشتيمة و التهديد و الوعيد ، وبالصوت العالي الحاد وبالألفاظ الجارحة . ولا يمكن لشئ من هذا أن يحل اشكالاً .

إن الأعصاب الهائجة وسيلة منفرة .

تدل علي قلة الحيلة ، وعلي فشل الاقناع و الحوار ، وعلي محاولة تغطيه هذا الفشل بالعنف الظاهري ، الذي هو شاهد علي العجز الداخلي . او هي وسيلة لمحاولة تخويف الطرف الآخر أو التخلص منه بهذا الأسلوب . ولكنها ليست طريقة روحية ، ولا هي طريقة اجتماعية محترمة . ويبقي معها الأشكال كما هو وقد تجلب علي صاحبها أمراضا مثل ضغط الدم ، وتوتر العصاب وقرحة المعدة و السكر .. بالإضافة إلي أمراض أخري نفسية وتعقيدات كثيرة في العلاقات الاجتماعية . وقد يحاول الشخص إصلاح نتائج غضبه وأثر ذلك علي الآخرين ، فلا يجد حلاً .

9- اللجوء إلي العقاقير وأشباهها

يقع إنسان في إشكال ، ولا يجد حلاً فليلجأ إلي العقاقير ، إلي أصناف من المهدئات و المسكنات و المنومات : إلي الليبريوم ، والفاليوم ، والأتيفان ، والفالينيل ، وأشباه هذه الأدوية وأمثالها

وينضم إلي هؤلاء من يظن أنه يحل مشكلته بالخمر و المسكر أ, التدخين أوإنه بهذه الدوية و بالتدخين - والمخدرات لا يحل مشكلته ، إنما يحاول أن يتوه عن نفسه ، وهو لا يحل مشكلته ، إنما يهرب منها ، وتظل باقية هذه العقاقير هي اعتراف بالفشل في مواجهة المشكلة ، والفشل في احتمالها و الفشل في حلها . وأذا لا تأتي بنتيجة .. وكلما يقل مفعولها يجد متعاطيها المشكلة كما هي يحاول أن يزيد كميتها ، و أيضاً بلا نتيجة .. وينتهي به الأمر إلي اليأس و التعب النفسي . إلي أن يحاول الوصول إلي حل عملي نافع ..

والبعض قد يحل مشكلاته بطريق آخر وهو :

10-المقاطعة والخصام

يفشل في بعض علاقاته الاجتماعية فيلجأ إلي المقاطعة و الخصام . أو إلي العداوة والانقسام . وهكذا حدث مع يربعام لما فشل في التفاهم مع رحبعام .. انقسم عشرة أسباط ، وكونوا لهم مملكة مستقلة ( 1مل 12) ، واستمر هذا الانقسام قروناً طويلة ولم يكن حلاً للمشكلة ، بل صار مشكلة أعمق . حدث نفس الوضع بين اليهود و السامريين ، وحدث مثله أيضاً بين اليهود والمم .. وجاء المسيح ليعالج هذه المشكلة التي لم تحل ، ويصالح هؤلاء مع أولئك . وأنت هل تلجأ إلي نفس الأسلوب ؟

11- مواجهة المشكلة بالكذب

ما أكثر الذين واجهتهم مشكلة يحاولون حلها بكذبه أو أكاذيب . ويظنون أن الكذب يغطي المشكلة ! فإذا انكشف المر يغطون الكذب بكذب آخر ، وهكذا دواليك والكذب يوجد جواً من عدم الثقة ، فتزداد المشكلة تعقيداً .

هناك طريق آخر منحرف ، في مواجهة المشكلات ، وهو :

12- إسلوب العناد وصلابة الرأي

إذ يواجه الإنسان مشكلة ، فيصر علي رأيه ووجهة نظره ، مهما كانت النتائج وخيمة وسيئة ، وقد يتحول الأمر إلي عناد ويزداد تعقيداً . وكل ذلك ناتج عن كبرياء داخلية واعتداد بالذات . ولا يمكن ان ياتي العناد بنتيجة ، لنه محاولة لارغام الطرف الاخر ، فإذا لم يقبل ، لابد من التصادم

والعلاج هو محاولة التفاهم ، والتنازل عما يثبت خطؤه . وهناك طريقة عكس العناد تماماً وهي :

13- الخوف والأستسلام

يلجأ إليها البعض حينما يضغطون ويشعرون بصغر نفس في داخلهم ، فيستسلمون وليحدث لهم ما يحدث .. وليس هذا حلاً للمشكلة ، إنما خضوع للمشكلة

فإن كانت كل هذه طرقاً خاطئة في مواجهة المشاكل ، فما هي الطرق السليمة إذن ؟

الطرق السليمة لمواجهة المشاكل

أولاً : حل المشكلة بحكمة وعقل

لا بالأعصاب ، ولا بالعناد ، ولا بنفسية مريضة ، وإنما بحكمة ، كما قال الكتاب " في وداعة الحكمة "( يع 3: 13) . وقد قيل في سفر الجامعة " الحكيم عيناه في رأسه ، أما الجاهل فيسلك في الظلم " ( جا 2: 14) . وربما يعترض البعض علي ذلك بأنه ليس الجميع حكماء ، وليست للكل هذه الموهبة . والاجابة علي ذلك هي

ب: اللجوء إلي المشورة وأخذ رأي العارفين وأصحاب الجيزة :

حيث لا يكتفي الإنسان برأيه ومعرفته وخبرته ، إنما يضيف إليها رأي الكبار وهناك طريقة ناجحة لحل المشكلات وهي :

ج: الصلاة والصوم

لأن ما يعجز الإنسان عن حله ، ما أسهل ان يحله الله و الصلاة والصوم وسيلتان لإدخال الله في المشاكل . والكتاب حافل بقصص عن حل الله للمشاكل ونجاح وسيلة الصوم والصلاة ..لجأت إلي هذا استير الملكة ومعها الشعب ، وكذلك أهل نينوي . وداود النبي في مزامير وأصوامه ، ولجأ إلي هذا حينما قال " فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت ، ونمت أياماً وصمت وصليت ." ( نج 1: 4) .

والواقع يجب أن نضع الصلاة في مقدمة وسائلنا ، قلب الحكمة و المشورة او ممتزجة معهما .

لأن الكتاب يعلمنا أولاً ان نصلي كما يعلمنا ان نكون حكماء ، وأن نستشير . ويبقي هذا أمر هام هو

د: الصبر واعطاء المشكلة وقتاً تنحل فيها ..

الصبر إلي ان يدبر الله حل المشكلة في الوقت الذي يراه مناسباً ، لأن الذي لا يحتمل الصبر ، يقع في القلق المستمر وفي التعب النفسي وفي كل ذلك تحتاج المشكلة في حلها إلي عنصر آخر هو :

هـ : الهدوء .لأن الإنسان لايمكنه حل مشكلاته وهو مضطرب

 

فالأعصاب الهادئة تعطي مجالاً للتفكير السليم . بينما الاضطراب - يتعب النفس ويشل التفكير ، فلا يدري الإنسان ماذا يفعل

 

و - ويبقي أن تحل المشكلة بالعمل الأيجابي الفعال وليس بمجرد الأمنيات .

16

السرعة أم التروي ؟

سؤال ؟

أيهما أفضل السرعة  التي تدل علي الحزم و البت و القدرة علي أصدار القرار ، أم طول البال و التروي و الهدوء ، وما يحمله ذلك من روح الوداعة والاتزان و الصبر ..؟

الجواب!

هناك أمور تكون السرعة فيها لازمة وصالحة ، وأمور اخري السرعة تفسدها ، وتحتاج إلي التروي وطول البال

العقوبة مثلاً : إذا كانت السرعة فيها ، لا تعطي مجالاً للفحص ، وللعدل و التدقيق ، ومعرفة مقدار الخطا وموضع المسئولية ، إن كانت السرعة في العقوبة خطأ ، ويحتاج الأمر إلي التروي . كذلك من ناحية أخري أن طول الأناة في توقيع العقوبة ، يساعد المخطئ علي التمادي ، ويستمر في أخطائه فتسوء النتائج ، ويشجع غيره علي تقليده أحساساً بأنه لا أشراف ولا ضبط ، حينئذ يكون من الواجب الإسراع بتوقيع العقاب

إذن الأمر في الحالين يحتاج إلي حكمة ، وتقدير للظروف .

هنا يبدو الفحص واجباً ، وحتى حينما تكون السرعة في العقوبة لازمه ، ينبغي أيضاً أن يكون العدل معها متوفراً . واعطاء من تعاقبه فرصة لتوضيح موقفه والأجابة عما ينسب إليه .

علي أن هناك أمورا يجب السرعة فيها ، كالتوبة مثلاً .

الابن الضال لما رجع إلي نفسه ، وقال " أقوم ( الآن ) وأذهب إلي أبي " وقام لوقته ورجع لأبيه . لأن التوبة لا يجوز فيها التأجيل أو التأخير . والخمس العذارى الجاهلات لما رجعن متأخرات ، وجدان الباب قد أغلق ، وضاعت الفرصة .

هناك حالات في الخدمة ، ان صبرت عليها بحجة التروي و الفحص ، قد تصل إليها بعد أن تكون قد انتهت تماماً .

مثالها لمريض أن لحقته بالعلاج السريع ، امكن شفاؤه . وان تباطأت بحجة المزيد من الفحوص ، قد تصل الحالة إلي وضع ميئس . اعمل ما يلزم من فحوص ، ولكن بسرعة كم من خطاة تباطأنا في افتقادهم ، فتحول الخطأ إلي عادة ، وأتسع نطاقة ، وكم من حالات وصلت خطورتها إلي الارتداد ، وكان السبب هو التباطؤ .

كذلك المشاكل العائلية ، وبعض المشاكل المالية ، تحتاج إلي سرعة .

حالات وصلت إلي الطلاق ، وكان يمكن تداركها لو عولجت من بادئ الأمر ، قبل أن تتطور الخلافات وتتعقد ، وتصل إلي العناد ، وإلي الكراهية ، وإلي المحاكم و القضاء

وكثير من أداء الواجبات يحتاج إلي سرعة .

ربما إنسان تتباطأ في تعزيته ، او تهنئته ، أو في زيارته في مرضه ، أو في مناسبة هامة ، يؤدي هذا التباطؤ إلي تغير مشاعره من جهتك ، ويظن انك غير مهتم به ، ويؤثر الأمر علي علاقتكما وغن تباطأت أيضاً في مصالحته ، ربما لا تجده بعدئذ في قائمة أصدقائك !

ولكن ليس معني هذا ان السرعة هي الأفضل في كل شئ ، ومع كل أحد

يشترط في الأجراء السريع ، أن يكون بعيداً عن الارتجال وعن الانفعال ، وإلا كا معرضاً للخطأ ومعرضاً لاعادة النظر ، فتكون سرعته سبباً في إبطائه . 

وأهم من عامل السرعة ، عامل الاتقان والنفع فإن اجتمعت السرعة مع الإتقان ، كان العمل مثالياً .

وليس المقصود بالسرعة ، الهوجائية ، او الاندفاع أو فقدان الاتزان ، او التصرف بغير تفكير أو بغير دراسة ، وألا كانت خاطئة وتسببت في ضرر بالغ .

وهنا تبدو اهمية الروية و الهدوء  ، ليخرج القرار سليماً .

والروية ليست عجزاً عن اصدار القرار ، أو عجزاً عن البت في الأمور . إنما هي مزج لكل ذلك بالحكمة في التصرف  . فالتفكير الهادئ   أكثر سلامة . والتصرف الهادئ أكثر نجاحاً . والاجراءات الهادئة اكثر ثباتاً ، وأقل تعرضاً للهزات . ومشرط الجراح ، مع سرعته ليس هو العلاج الأمثل دائماً

علي أنه توجد بين السرعة والبطء درجة متوسطة أفيد .

السرعة قد تكون موضع نقد، الذي ليس هو سرعة مخلة بالدراسة والفحص ، وليس هو البطء الذي يعطل الأمور طول الأناة فضيلة ، أن أدي إلي نتيجة سليمة. أما إذا أسئ استغلاله ، فإن فضيلة أخي تحل محله .

وأيضاً ليس البطء مرتبطاً دائماً بالوداعة . فقد يرتبط احياناً بالإهمال اللامبالاة ، أو يرتبط بالبلادة

كن حكيماً إذن في تصرفك . ولا تتبع احد تطرفين . فالطريق الوسطي خلصت كثيرين . والفضيلة كما يقولون هي وضع متوسط بين تطرفين ، بين إسراف تقتير . اعط كل عمل الوقت الذي يستحقه . وعامل كل موضوع بما ينجحه ، بالسرعة أو بالتروي ،حسبما يلزم .

17

في الخفاء أم العلانية

سؤال ؟

هل الأفضل أن نرد علي الناس في الخفاء أم العلانية ، إذا ما وقعوا في خطأ عقائدي أو لاهوتي ؟ وهل الأفضل كذلك أن تكون العقوبة في الخفاء أم العلانية ، إذا أخطأ البعض خطيئة العقوبة ؟ .

الجواب!

الخطيئة التي ترتكب في العلانية ، تعاقب علانية . و الخطأ اللاهوتي الذي ينشر في العلانية ، يرد عليه علانية .

و العكس بالنسبة إلي الخطايا التي ترتكب في الخفاء ، أو الخطاء اللاهوتية التي يقع فيها الإنسان دون أن يدري بها أحد هذه كلها يمكن معالجتها أو معاقبتها في الخفاء ، لأنها لم تنتشر . فما هي الحكمة في كل هذا ؟ ولماذا تكون العقوبة في العلانية ؟ ولماذا يكون التصحيح في العلانية .

ذلك لأن الأمر الذي يحدث علانية ، يكون له تاثيره علي الاخرين ، أو عثرته للاخرين ، فينبغي ان نحسب حساب هؤلاء

لأن العلانية لا تجعل الذنب قاصراً علي المخطئ وحده ، بل يتعداه إلي الآخرين ، أو عثرته للآخرين . فينبغي ان نحسب حساب هؤلاء

لأن العلانية لا تجعل الذنب قاصراً علي المخطئ وحده ، بل يتعداه إلي الاخرين ، الذين قد يقلدونه في فعله ، أو أنهم يستهينون ويستهترون إذا وجد الخطأ قد مر بسهولة بدون أيه عقوبة أو مؤاخذة وفي ذلك قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الاسقف :

" الذين يخطئون وبخهم أمام الجميع ، لكي يكون عند الباقين خوف " ( 1 تي 5: 20) . ف\إذا حدث مثلاً أن سبب البعض شوشرة أو صخباً في الكنيسة ، ينبغي توبيخهم أمام الجميع ، كما قال الرسول ، بسبب العثرة التي سببوها لغيرهم وأيضاً لكي يفعل غيرهم مثلما فعلوا ، ولكي يتعلم الشعب . وهذا الأمر يختلف عن الخطأ الشخصي الذي لا يعرفه أحد ، والذي قال عنه الرب : " إن أخطأ إليك أخوك ، فأذهب وعاتبه بينك وحدكما "( متي 18: 15) .

أما الخطأ العام ، فعقوبته أيضاً تكون أمام الكل . وكثيرة هي أمثلة العقوبة العلنية التي عاقب بها شعبه ، أو التي صدرت من الأنبياء و الرسل تجاه المخطئين . وبنفس المنطق نتكلم عن التعليم الخاطئ

فالسكوت عن التعليم الخاطئ إذا أنتشر ربما يجعل البعض يصدقه إذا يجد رداً عليه

أو ان الناس يعثرون من جهة الكنيسة ، كيف أنها ساكتة علي تعليم خاطئ ينتشر ، سواء عن طريق الكتب أو المجلات أو الجرائد ! وفي هذا يرون أن الكنيسة مقصرة في واجبها التعليمي . والتاريخ يقدم لنا صوراً متوالية متعددة عن موقف الكنيسة من الخطاء اللاهوتية :

كانت الكنيسة تقيم المجامع المكانية والمجامع المسكونية لمحاربة الخطاء اللاهوتية . وكان الأمر علناً أمام الكل .

 مادامت الخطاء العقيدية واللاهوتية قد تجرأت واستخدمت أسلوب العلانية ولم تبال بآية رقابة كنيسة ، فلابد ان يرد عليها علانية ، إنقاذا للذين وصلت إليهم تلك الأفكار ، وكذلك لوضع حد لصاحبي هذه الأفكار حتى لا يتمادي المخطئ في أخطائه إذا وجد الكنيسة غافلة أو ساكته عما ينشره من أخطاء

كما أن الكنيسة تصلها شكاوي عديدة ضد ما ينشر من أفكار غريبة ، وأصحاب الشكاوي ينتظرون رداً

ولا تستطيع الكنيسة ان تسكت وهي تري العثرة أمامها ولا تستطيع ان تقابل شكاوي الناس بلا مبالاة ، وبخاصة إذا تكررت وتعددت وتجد الكنيسة نفسها امام واجب لابد ان تؤديه

يمكننا ان نتنازل عن حقنا الشخصي ، إذا ما اخطأ إلينا البعض خطية تمس أشخاصنا ، لكننا لا نستطيع أن نتنازل مطلقاً عن تأدية واجبنا في التعليم  ، وعن حماية العقيدة .

إن القديس بولس الرسول قد وبخ القديس بطرس الرسول علانية ، لنه كان ملموماً ( غل 2: 11) بل قاومه مواجهة

علي الرغم من أن القديس بطرس الرسول كان اقدم منه في الرسولية ، وكان احد أعمدة الكنيسة المعتبرين الذين أعطوه يمين الشركة ( غل 2: 9) . وأحد الذين عرض عليهم بولس إنجيله ، أي كرازته التي يكرز بها في بين الأمم ( غل 2: 2) . ولكنه لما رأي أن بطرس و الذين معه يخطئون ( حتى أن برنابا أيضاً أنقاد إلي ريائهم " يقول القديس بولس في ذلك : " ولكن لما رأيت     أنهم لا يسلكون باستقامة    حسب حق الإنجيل ، قلت لبطرس قدام الجميع : أن كنت وأنت يهودي تعيش أممياً ، فلماذا تلزم أن يتهودوا ؟! ( غل 2: 13، 14) .

في أمور العقيدة ، الكنيسة لا تأخذ بالوجوه كما امر الكتاب .

أي أنها لا تجامل علي حساب التعليم الصحيح أما الأمور التي تحدث في الخفاء ، فإن الكنيسة لا تعلنها ، وتبقيها في الخفاء ، وهي كثيرة

18

النقد والإدانة

سؤال ؟

ما الفرق بين النقد والإدانة ؟ وأذا كنت بحكم وظيفتي ناقداً ، هل أرتكب بذلك خطية ؟

الجواب!

الفرق الأساسي بين النقد والإدانة : هو أن النقد يلتزم الموضوعية ، أما الإدانة فتمس النواحي الشخصية .

والنقد السليم هو لون من التحليل ، وعملية تقييم دقيقة تذكر المحاسن كما تذكر المساوئ . وتعطي الموضوع حقه تماماً . وتعذره أن كان هناك مجال للعذر

أما النقد الذي لا يذكر سوي المساوئ ، فهو لون من الهجوم ، ولا يكون صاحبه منصفاً .

كذلك هناك أنواع ودرجات من النقد منها الهادئ الرزين ، ذو   الأسلوب العاقل ، ومنها النقد اللاذع . و النقد الجارح . وكل ناقد يختلف في أسلوبه عن الآخر ، و يختلف في اختيار اللفاظ التي يستخدمها . فالنظر من أي نوع أنت
كن موضوعياً ، ومنصفاً ، ولا تكن قاسيا في نقدك .

أن كانت وظيفتك الرسمية هي النقد ، فلا لوم عليك في ذلك . وربما كاتب ينقد كتاباً ، فيكون كل نقده مديحاً في هذا الكتاب ، ان كان يستحق ذلك كذلك النقد يحتاج إلي دراسة ومعرفة ، وله قواعد خاصة ، وليس كل إنسان يرقي إلي مرتبة ، أو يدعي لنفسه هذه الصفة .

و الناقد العالم المنصف ، يستفيد من نقده القراء ، وأيضاً الشخص الذي ينقده . ويكون للبنيان ، مقدماً في نقده علماً وأدباً .

19

هل الأسرار تباع ؟

سؤال ؟

هل الأسرار يمكن ان تباع ؟ بحيث يحدد ثمن مثلاً للمعمودية ! أو للقنديل ( سر مسحة المرضي ) ، أو باقي أسرار الكنيسة ..؟

الجواب!

الأسرار لا يمكن أن تباع ، لأنها من عمل الروح القدس

ومواهب الروح القدس لا يمكن أن تقتني بدراهم ( اع 8: 20) إنما إذا أراد إنسان في مناسبة المعمودية ، أن يقدم شيئاً للكنيسة ، لا كثمن وإنما كقربان ، كذبيحة شكر فيمكن أن يوجد صندوق في الكنيسة لأمثال هذه القرابين يضع فيه من يشاء، دون أن يطالب بشئ . وربما لا تعرف الكنيسة هل قدم هذا شيئاً أو لم يقدم . وإن عرفت أنه وضع شيئاً في الصندوق ، فلا تستطيع ان تحدد هل هو كثير ام قليل

وعموماً نحن نشجع علي المعمودية للزومها للخلاص( مر 16: 16) . ومن المحال ان تطلب الكنيسة مقابلاً مادياً لها

بل ندعو الناس بكل قوة أن يذهبوا لتعميد أولادهم ، ونلومهم إن تاخروا ، ونفرح معهم في يوم العماد ، لأنه يوم يصبح فيه المعمد عضواً في الكنيسة ، عضواً في جسد المسيح ، وأبناً لله فإن كان أحد في يوم الفرح هذا ، يريد أن يقدم قرباناً لله ، فهذا أمر راجع إلي قلبه وشعوره .

ليس هو اضطرارا ، ولا هو ثمناً ، حاشا

ونفس الوضع نقوله بالنسبة إلي أسرار اخري مماثلة .

فسر مسحة المرضي مثلاً ، هو عمل محبة ، وطلبة لأجل المريض .

ومحال ان يكون مجالاً لجمع مال ! وإلا فإنه يفقد ما فيه من حب ، وما فيه من رعاية ولا يشعر المريض بقيمة هذه الصلاة التي يدفع ثمنها ،و التي  لا تتم بدون ثمن !! وليتنا باستمرار نتذكر قول السيد المسيح لتلاميذه :

مجاناً آخذتم ، مجاناً أعطوا "( متي 10: 8) .

ما يدفع للكنيسة أحيانا في بعض المناسبات ، ليس هو ثمناً للسر ، غنما هو تقدمة اختيارية للرب ، ولا يمكن ثمناً . فلأسرار لا تباع

20

ما معني امسكتك عن أن تخطئ ؟

سؤال ؟

جاءنا هذا السؤال : ما معني قول السيد الرب لأبيمالك ، عندما اخذ سارة إمرأة ابراهيم " وأنا أيضاً أمسكتك عن أن تخطئ إلي . لذلك لم أدعك تمسها " ( تك 20: 6) .. هل هذا ضد حرية الإنسان وإرادته ؟

الجواب!

إن الله قد أعطي الإنسان حرية ولكنها ليست حرية مطلقة .

فإذا انحرفت هذه الحية نحو الشر ، واصبحت خطراً علي أبدية هذا الإنسان ، أو خطراً علي غيره ، يمكن ان يتدخل الله ، ليضع حداً لهذا الشر ، او ليعاقب المخطئ ويوفقه وذلك باعتبار ان الله ضابط الكل .

ولو ترك الله الحرية مطلقة للشر ، لعطف بالضعفاء المساكين .

بل ان الله قد وضع حداً لشر الشيطان نفسه ، كما هو واضح في قصة أيوب الصديق ( أي 1: 12) ، ( أي 2: 6) وقد قيل أيضاً في المزمور " الرب لا يترك عصا الخطاة تستقر علي نصيب الصديقين "( مز 124) كذلك تدخل الله ليحد من ظلم فرعون وما اجمل ما قيل في المزمور " من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين ، الآن أقوم - يقول الرب - أصنع الخلاص علانية "( مز 11)

أن الله يعطى الحرية حتى للخطاة فإن تمادوا بطريقة تهدد الأبرار ، حينئذ يتدخل ، لينقذ الأبرار ، وأيضاً ليقيم العدل .

والأمثلة علي ذلك في الكتاب و التاريخ لا يحصي وتدل علي رعاية الله و عنايته . أما في قصة أبيمالك ، فقد تدخل الله ، حرصاً علي عفة سارة ، وعلي مشاعر إبراهيم وأيضاً إنقاذا لابيمالك من الوقوع في خطأ جسيم ، لنه فعل ذلك بسلامة قلب ، لأن إبراهيم قال عن سارة أنها أخته ( تك 20: 11، 12) . لا نسمي هذا تدخلاً ، إنما انقاذاً من الخطأ . و لاننسي أن سارة إمرأة نبي ، ومن نسلها كان سيأتي المسيح .

الصفحة الرئيسية