شروط القربى باشا لبناء الكنائس منذ العهد الملكى

الماخوذة من الخط الهمايونى

 

إلا أنه فى فبراير سنة 1934 أيام وزارة عبد الفتاح يحى باشا أصدر القربى باشا وكيل وزارة الداخلية منشور بشروط مجحفة رجعت مصر بها إلى التخلف وهو خاص براغبى بناء الكنائس والحصول على ترخيص بذلك .

بناء الكنائس بشروط القربى العشرة

1. هل الأرض المرغوب بناء كنيسة عليها هى أرض فضاء أو زراعة , هل مملوكة للطالب أم لا , مع بحث الملكية من أنها ثابتة ثبوتاً كافياً وترفق أيضاً مستندات الملكية .
2. ما هى مقادير أبعاد النقطة المراد بناء كنيسة عليها عن المساجد والأضرحة الموجودة بالناحية ؟
3. إذا كانت النقطة المذكورة من أرض الفضاء هل هى وسط أماكن المسلمين أو المسيحين ؟
4. إذا كانت بين مساكن المسلمين فهل لا يوجد مانع من بنائها ؟
5. هل يوجد للطائفة المذكورة كنيسة بهذه البلد خلاف المطلوب بناؤها ؟
6. إن لم يكن بها كنائس فىمقدار بالمسافة بين البلد وبين أقرب كنيسة لهذه الطائفة بالبلدة المجاورة ؟
7. ما هو عدد أفراد الطائفةالمذكورة الموجودين بهذه البلدة ؟
8. إذا تبين أن المكان المراد بناء كنيسة علية قريب من جسورالنيل والترع والمنافع العامة بمصلحة الرى فتؤخذ رأى تفتيش الرى وكذا إذا كانت قريبة من خطوط السكك الحديدية ومبانيها فيؤخذ رأى المصلحة المختصة
9. يعمل محضر رسمى عن هذه التحريات ويبين فيه مايجاور النقطة المراد إنشاء كنيسةعليها من محلات السارية عليها لائحة المحلات العمومية والمسافة بين تلك النقطة وكل محل من هذا القبيل ويبعث به اإلى الوزارة
10. يجب على الطالب أن يقدم مع طلبه رسماً عملياً بمقاس واحد فى الألف يوقع عليه من الرئيس الدينى العام للطائفة ومن المهندس الذى له خبره عن الموقع المراد بناء الكنيسة به وعلى الجهه المنوطة بالتحريات أن تتحقق من صحتها وأن تؤشر عليها بذلك وتقدمها مع أوراق التحريات .
والمنشور السابق باطل لا يسرى على الدولة لأنه صادر من موظف عمومى ( وكيل وزارة بالداخلية) لا يملك سلطة تشريع عمل مثل هذا – إلا أن هذا قد جاء على هوى من يضطهدون الأقباط . كما ان هذا المنشور لا يتفق مع دستور مصر فى هذا الوقت الذى يكفل حرية العقيدة الذى ساوى بين جميع المصريين مسلمين ومسيحيين فى الحقوق والواجبات .
وقد تمتع الأقباط بالمساواة مع المسلمين فترة من الزمن فى بناء أماكن الصلاة فلم يكن أحدأ يطالبهم بترخيص أو خلافة فكانوا يقومون ببناء الكنائس بدون أى إعتراض من جهه الإدارة أو باقى أجهزة الدولة كما لم توجد شكاوى من المواطنين المسلمين لأنه لم تكن توجد جماعات إسلامية إرهابية فى ذلك الوقت كما أن العلاقة كانت جيدة بينهما قبل أن يشعل السادات نار الفتنة وإضطهاد الأقباط فى مصر بسبب معاهدة السلام التى وقعها مع إسرائيل - والملاحظ أنه بظهور اللائحة الداخلية للقربى باشا بدأت معاناه الأقباط وإستمرت معاناتهم فى زيادة مطردة حتى طبقت الشريعة الإسلامية فى مصر والدليل على ذلك أنه عندما قدمت لجنة تقصى الحقائق تقريرها والتى شكلها مجلس الشعب فى أعقاب حادثة هدم كنيسة الخانكة بواسطة الجماعات الإسلامية الإرهابية سنة 1972 فقد جاء به : " طلبت اللجنه بياناً من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن عدد الكنائس القائمة فى مصر فكان يبلغ 1442 ولكن البيانات التى حصلت عليها اللجنه من وزارة الداخلية عن عدد الكنائس المسجلة لديها فكان 500 كنيسة منها 286 كنيسة

قبطية فقط , وهذا يرجع إلى أن جزء كبير من هذه الكنائس أقدم من لائحة القربى باشا وكيل وزارة الداخلية سنة 1934 أما الكنائس التى حصلت بها ترخيص بعد ذلك فكان 286 كنيسة قبطية
إذا فالمشكلة ليست فى الخط الهمايونى , وإنما فى قرار القربى باشا وكيل وزارة الداخلية الصادر سنة 1934 والذى أشار إليه وإتهمه تقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها مجلس الشعب (
2)

الظروف السياسية المشبوهه التى صدر خلالها منشور القربى وشروطه العشرة
تولى الوزارة إسماعيل صدقى فى 19 يونيو عام 1930 على أثر صدام بين الملك فؤاد وحزب الوفد .
وبعد يومين فقط من تولى إسماعيل صدقى رئاسة الحكومة أصدر الملك فؤاد مرسوماً بتأجيل إنعقاد البرلمان إلى أجل غير مسمى – وعاونه فؤاد صدقى على تنفيذ هذا الأمر فأمر صدقى بإغلاق بوابة المجلس النيابى بالسلاسل –
فقام القبطى ويصا واصف رئيس المجلس بتحطيم السلاسل – وتدفق النواب يعقدون الجلسات .
ولكن بادر إسماعيل صدقى فى غياب الديمقراطية وصاغ دستور جديد أسماه دستور 1930 وهو أسوأ دستور عرفته الحياة النيابية فى مصر لأنه أعتدى فى معظم مواده على حقوق الشعب وسلبها لمصلحة الملك , كما أنه بادر بتأليف حزب هزيل هش أسماه " حزب الشعب" ولم تستمر هذه المهزلة السياسية أكثر من ثلاث سنوات مرض إسماعيل صدقى قرب آخرها وإستقال من رئاسة الوزارة .
وأسند الملك مهمة تأليف الوزارة لنائبه فى الحزب عبد الفتاح يحى
ألف عبد الفتاح يحى الوزارة وهو فى باريس ولم تدم هذه الحكومة الإنتقالية الهشة غير 14 شهر بين سبتمبر 1933 حتى نوفمبر 1934 وفى هذ المناخ المعاد للديمقراطية بقفل البرلمان بالسلاسل ووضع دستور من حكم غير مرغوب فيه وحزب ديكتاتورى ووزارة إنتقالية هشه جائت إلى الحكم بطريق الصدفه لم تمكث فىالحكم سوى 14 شهر فى وسط هذه الأوضاع الغير مستقرة أصدر القربى باشا وكيل وزارة الداخلية شروطه العشرة لبناء الكنائس وكأن الوحى قد هبط من خلال فجوة الإستبداد وغياب الحكم الديمقراطى وتجمدت العقول فلم يستطيع أحد بعده أن يصدر قراراً مثله وأصبح قراره " قراراً ملزماً لمصر على تعاقب الأزمان والقرون والحكومات والعهود والأنظمة إلى اليوم ومنذ أكثر من 70 عاماً فالزمن قد توقف وتوقفت عقارب الساعة عندما أصدر منشوره إنها لحظه من الزمن صعدت النازية إلى الحكم فقلبت موازين العالم كله بتفكيرها العنصرى .
وهناك عدة ملاحظات على قرار القربى باشا وكيل وزارة الداخلية : -
1. إدعى القربى باشا أنه إستلهم شروطه العشرة من الخط الهمايونى , وهذه مغالطة وقصور فى الآداء الوظيفى , لأن الخط الهمايونى كان إطاراً دستورياً حضاريا لجميع ولايات الدولة العثمانية المترامية الأطراف بما فيها من أقليات وعقائد متباينة ومتباعدة , وكيف يأتى هذا القربى ويطبق قانون عثمانى فى مصر فأين هى ولايات مصر يا قربى ؟ وأين هم أسيادك العثمانيين ؟ فالدولة العثمانية لم تعد قائمة ياقربى , وبالتالى مبادئها الدستورية ياقربى لم تعد قائمة ولاتنسى ياقربى أن مصر لم تعد إحدى ولايات الدولة الشاهينية العثمانية .
2. ثم لماذا أخذت ما يروق لك ياقربى من المبادئ الدستورية وتركت الباقى لقد أضفت وعدلت النصوص وإضطهدت الأقباط , وتركت مفاهيم إصلاحية لو سارت مصر بمقتضاها لتغير الحال عما هو الآن , تركت يا قربى حرية العقيدة حرية المساواة فىالشعائر الدينية , حق المواطنة بما يتضمنه من المساواة بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات , لقد ذهب زمن الباشوية ولكن بقى آثر إضطهاد المسلمين فأين هى باشويتك ياباشا الآن ؟ ومن العجيب أن لقب الباشاوية الملكية زال قانونياً ولكنه موجود عرفياً وهذا الإتجاه ينطبق تماماً على تنفيذ الخط الهمايونى عرفياً وهو أمر غير مقبول قانونياً أو تقليدياً أو حتى فكرياً لبعده عن أصول المنطق والقواعد الإجتماعيه.
3. وكتب د/ غالى شكرى : " إن مراحل الجزر الديمقراطى والإستغلال الإقتصادى البشع والتحلل الإجتماعى هى التى تبقى على الخط الهمايونى وهى التى تختزلة فى شروط عشرة لبناء الكنائس , وكأنها تنقض على أهم ما جاء فى فرمان السلطان عبد المجيد من مساواة فى الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين أمام القانون - هذا هو الجوهر - أما إعتصار الفرمان لإستخلاص ما يناقض هذا الجوهر فإنه يجعل من الخط الهمايونى قميص عثمان

وحق (3)المواطنة يبقى الأكثر تحقيقاً للمساواة بين أبناء الشعب الواحد - وإذا ديس هذا الحق لأبناء دين معين , فإنه يداس على نحو آخر لبقية أصحاب الأديان الأخرى بما فيهم الذين ينتمون إلى دين الأغلبية – حق المواطنة لا يتجزأ سواء أكان هذا الحق فى حرية التعبير أو الإعتقاد أو الإجتماع أو التنظيم أو الإضراب أو التظاهر حق إنتماء للوطن – أرضة وحياته ومستقبله – حق شامل لمختلف الحقوق ومختلف الطبقات ومختلف الثقافات والأيديولوجيات والأديان , والحقوق العامة التى يشترك فيها جميع أبناء الشعب أكثر كثيراً بما لا يقاس من الحقوق " الطائفية " . وهذه الحقوق الوطنية العامة – إذا أصيبت بالقهر والإضطهاد – فإن الأمر ينعكس على أيه حقوق فرعية – الإستبداد الداخلى كالإستعمار بل هو إستعمار حقيقى – تفرقان بين عناصر الأمة على أساس الدين أو المذهب وترك هذه القوانين القمعية كما هى وإصدار المزيد منها فهى تعبث بالعقل الجمعى وبالتراث الوطنى وبهوية الأمة فتصبح مصر بمرور الزمن جزء لا يتجزأ من أيديولوجية الأنظمة المستبدة التى تستطيع فى لحظات بعينها أن تمد يدها هنا وهناك من أرشيف الماضى تستخرج من ترسانة القهر ما تشاء من تقنين وتبرير

الفهرس