التالي

بحث ثامن

"في العطف" (الإتقان300)

يعطي السيوطي المبدأ : " العطف ثلاثة أقسام : عطف على اللفظ – وهو الأصل وشرطه امكان توجه العامل الى المعطوف – وعطف على المحل، وله ثلاثة شروط : أحدها إمكان ظهور ذلك المحل في الصحيح؛ الثاني ان يكون الموصع بحق الأصالة؛ الثالث وجود المحرز اي الطالب لذلك المحل – وعطف المعنى.
أولاً: الواقع القرآني يشهد بغرائبه في العطف

كقوله : " إن الذين آمنوا والذين هادوا و الصائبون "

وقوله : " واتبعوا في هذه الدنيا لع ن ةً، ويوم القيامة " .

وقوله : " لولا أخ ّ رتني الى أجل قريب، فأصدق وأكن"

وقوله : " انه من يتقي ويصبر"

وقوله : " ومن و ر اء اسحاق يعقوب " بالفتح .

وقوله : " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب، وحفظاً من كل شيطان مارد" (الصافات6 -7) .

وقوله : " ودوا لو تدهن فيدهنون "!

وقوله : " لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السماوات، فأط ّ لع " بالفتح.

وقوله : " ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم ".

ثانياً: وجاء عنده عطف الخبر على الانشاء وعكسه:

قال السيوطي : " ومنه البيانيون... و أجازه جماعة مستدلين بقوله تعالى : " وبشر الذين آمنوا...." (البقرة25) حيث عطف الانشاء على الخبر " اعدت للكافرين" (البقرة24)؛ وكقو ل ه : "وأخرى تحبونها : نصر من الله وفتح قريب، وبشر المؤمنين " (الصف13) حيث عطف الانشاء وعلى الخبر.

ثالثاً: واختلفوا في جواز عطف الاسمية على الفعلية، وعكسه:

وذلك بمناسبة حكم تشريعي : " ولا تأكلو ا مما لم يذكر اسم الله عليه، وانه لفسق ". (الانعام121) . فهل يقول بتحريم أكل متروك التسمية؟ قالت الحنفية بالتحريم. ورد الرازي فقال في الآية : " هي حجة للجواز، لا للتحريم، وذلك ان (الواو) ليست عاطفة لتخالف الجملتين بالاسمية والفعلية؛ ولا للاستئناف لأن أصل (الواو) ان تربط ما بعدها بما قبلها؛ فبقي ان تكون للحال ، فتكون جملة الحال مفيدة للنهي. ومعنى (لا تأكلوا منه)

في حال كونه فسقاً، والفسق فسره بقوله : " أو فسقاً أ ُ ه ِ ل ّ لغير الله". فالمعنى : لا تأكلوا منه اذا س ُ م ّ ي عليه غير الله؛ ومفهومه : فكلوا منه اذا لم ي ُ س َ م ّ عليه غير الله تعالى".

رابعا : واختلفوا في جواز العطف على معمولي عا مل ين :

وخرج عليه قوله : " إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين، وفي خلقكم وما يبث من دابة ايات (؟) لقوم يوقنون، واخ ت لاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها، وتصريف الرياح، آيات (؟) لقوم يعقلون" (الجاثية3-5)- فآيات الثانية والثالثة منصوبة أم مرفوعة؟

خامساً : واختلفوا في جوازالعطف على الضميرالمجرورمن غيرإعادة الجر :

فاختلفوا في قراءة : " واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام" (النساء1). فهل (الارحام) منصوب عطفاً على (اتقوا الله)؟ أو مجرور بالعطف على (به) من غير اعادة الجار؟.

وأشكل قوله : " يسألونك عن الشهرالحرام، قتال فيه ؟- قل : قتال فيه كبير، وصد عن سبيل الله، وكفر به و المسجد الحرام ... (البقرة 217). فهل يصح العطف على الضمير المجرور من غير اعادة الجار؟ اختلفوا لأنه ورد في القرآن؛ وجمهور البصريين على المنع.

وهكذا ت رى ان اختلافهم في قواعد البيان ناجم عن غرائب القرآن.

التالي