ألم  يأت النبي اليقين بعد

 

نزغ الشيطان الرجيم للنبي جعله يبتعد عن الحق حين حكم في قضية سرقة اتهم فيها يهودي فنزلت : إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}. نساء105-106.
قال الطبري في تفسيره لآية: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا القول في تأويل قوله: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} يعني جل ثناؤه بقوله: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} إنا أنزلنا إليك يا محمد الكتاب, يعنى القرآن, {لتحكم بين الناس لتقضي بين الناس, فتفصل بينهم {بما أراك الله} يعني: بما أنزل الله إليك من كتابه. {ولا تكن للخائنين خصيما} يقول: ولا تكن لمن خان مسلما أو معاهدا في نفسه أو ماله, خصيما تخاصم عنه, وتدفع عنه من طالبه بحقه الذي خانه فيه.
 وذكر أن الخائنين الذين عاتب الله جل ثناؤه نبيه في خصومته عنهم بنو أبيرق. واختلف أهل التأويل فى خيانته التي كانت منه فوصفه الله بها, فقال بعضهم: كانت سرقة سرقها.
قال: كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النبي وطرحه على يهودي, فقال اليهودي: والله ما سرقتها يا أبا القاسم, ولكن طرحت علي! وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون: يا رسول الله, إن هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به! قال: حتى مال عليه النبي ببعض القول, فعاتبه الله عز وجل في ذلك, فقال: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله} بما قلت لهذا اليهودي, {إن الله كان غفورا رحيما} . ثم أقبل على جيرانه فقال {ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا} فقرأ حتى بلغ: {أمن يكون عليهم وكيلا} .
لقد مال النبي عن الحق فأصبح للخائنين خصيماً أي نصيراً. الشيطان الرجيم الذي يوسوس في صدور الناس أي قلوبهم وسوس في قلب النبي، فجعله صلوات الله عليه وسلم يميل عن القضاء بالحق بين الناس.
نزغ الشيطان للنبي جعله يميل عن العدل في قسمت الغنائم .
جاء في الصحيحين عن ابن سعيد عن النبي في حديث الذي لمزه في قسمة الذهب التي أرسل بها علي من اليمن وقال : يا رسول الله اتق الله كتاب الصارم المسلول، الجزء 2، صفحة 345.
قال سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في مغازيه حدثني أبي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي قال : لما افتتح رسول الله مكة دعا بمال العزى فنثره بين يديه ، ثم دعا رجلاً قد سماه فأعطاه منها ، ثم دعا رهطاً من قريش فأعطاهم ، فجعل يعطي الرجل القطعة من الذهب فيها خمسون مثقالا و سبعون مثقالا و نحو ذلك ، فقام رجل فقال : إنك لبصير حيث تضع التبر ، ثم قام الثانية فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه النبي ، ثم قام الثالثة فقال : إنك لتحكم و ما نرى عدلاً ، قال : ويحك ؟ إذاً لا يعدل أحد بعدي ثم دعا نبي الله أبا بكر فقال اذهب فقتله فذهب فلم يجده ، فقال : [ لو قتلته لرجوت أن يكون أولهم و آخرهم . . كتاب الصارم المسلول، الجزء 2، صفحة 344.
و روى النسائي عن أبي برزة قال : أتى رسول الله بمال فقسمه ، فأعطى من عن يمينيه و من عن شماله ، و لم يعط من وراءه شيئاً ، فقام رجل من ورائه فقال : يا محمد ، ما عدلت في القسمة ، رجل أسود مطموم الشعر ، عليه ثوبان أبيضان ، فغضب رسول الله غضباً شديداً ، و قال : و الله لا تجدون بعدي رجلاً هو أعدل مني ثم قال : يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم يقرؤن القرآن لا يجاوز يراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، سماهم التحليق ، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال ، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم ، هم شر الخلق و الخليقة . كتاب الصارم المسلول، الجزء 2، صفحة 346 و 347.
عن ابي سعيد ان النبي لما قسم الذهيبة بين اربعة غضبت قريش والانصار وقالوا يعطيه صناديد اهل نجد ويدعنا فقال انما اتالفهم فاقبل رجل غائر العينين وذكر حديث اللامز  وفي رواية لمسلم فقال رجل من اصحابه كنا نحن احق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي فقال الا تامنوني وانا امين من في السماء ياتيني خبر السماء صباحا ومساء فقام رجل غائر العينين الحديث كتاب الصارم المسلول، الجزء 2، صفحة 358.
وكذلك في غنائم حنين فعن انس بن مالك ان ناسا من الانصار قالوا يوم حنين حين افاء الله على رسوله من اموال هوازن ما افاء فطفق رسول الله يعطي رجالا من قريش المئة من الابل فقالوا يغفر الله لرسول يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم وفي رواية لما فتحت مكة قسم الغنائم في قريش فقالت الانصار ان هذا لهو العجب ان سيوفنا تقطر من دمائهم وانا غنائمنا ترد عليهم وفي رواية فقالت الانصار اذا كانت الشدة فنحن ندعى ويعطى الغنائم غيرنا . كتاب الصارم المسلول، الجزء 2، صفحة 359 و358.
و من هذا الباب حديث سعد بن أبي وقاص قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم رهطاً و أنا جالس ، فترك رجلاً منهم هو أعجبهم إلي فقمت فقلت له : يا رسول الله أعطيت فلاناً و فلاناً ، وتركت فلاناً و هو مؤمن ، فقال : أو مسلم ذكر ذلك سعد له ثلاثاً ، و أجابه بمثل ذلك ، ثم قال : إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه خشيت ان يكب في النار على وجهه متفق عليه .
 
و من ذلك أيضاً ما ذكره ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن قائلاً قال : يا رسول الله أعطيت عيينية بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة من الإبل ، و تركت جعيل بن سراقة الضمري ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أما والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلها مثل عيينة و الأقرع و لكني تألفتهما على إسلامها ، و وكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه .
 
أبي هريرة في فتح مكة قال : فقال رسول الله : من دخل دار أبو سفيان فهو آمن ، و من ألقى السلاح فهو آمن ، و من أغلق بابه فهو آمن فقالت الأنصار : أما الرجل فقد أدركته رغبة في قرابته ورأفة بعشيرته . رواه مسلم .
أعرابي يقول للنبي : لا أحسنت و لا أجملت فيزيده في العطاء حتى يرضى و يبين ذلك ما روى إبراهيم بن الحكم بن أبان : حدثني أبي عن عكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم يستعينه في شيء ، فأعطاه شيئاً ثم قال : أحسنت إليك ؟ قال الأعرابي : لا ، و لا أجملت ، قال : فغضب المسلمون و قاموا إليه ، فأشار إليهم أن كفوا ، ثم قام فدخل منزله ثم أرسل إلى الأعرابي فدعاه إلى البيت ، يعني فأعطاه فرضي ، فقال : إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك ، فقلت ما قلت ، و في أنفس المسلمين شيء من ذلك ، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي يذهب من صدورهم ما فيها عليك ، قال : نعم ، فلما كان الغد أو العشي جاء ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن صاحبكم جاء فسألنا فأعطيناه فقال ما قال ، و إنا دعوناه إلى البيت فأعطيناه ، فزعم أنه قد رضي ، أكذلك ؟ قال الأعرابي : نعم ، فجزاك الله من أهل و عشيرة خيراً ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم ألا 'ن مثلي و مثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه ، فاتبعها الناس ، فلم يزيدها إلا نفوراً ، فناداهم صاحب الناقة : خلوا بيني و بين ناقتي فأن ا أرفق بها ، فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها ، فأخذ لها من قمام الأرض ، فجاءت فاستناخت ، فشد عليها رحلها و استوى عليها ، و إني لو تركتكم حين قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار .
و رواه أبو أحمد العسكري بهذا الإسناد قال : [ جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد أعطني فإنك لا تعطيني من مالك و لا من مال أبيك ، فأغلظ للنبي صلى الله عليه و سلم ، فوثب إليه أصحابه فقالوا : يا عدو الله تقول هذا لرسول الله ؟.
ومن ذلك أيضا ما ذكره ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ان قائلا قال يا رسول الله أعطيت عيينه بن حصن والاقرع ابن حابس مئة من الإبل مائة من الإبل وتركت جعيل بن سراقة الضمري فقال رسول الله اما والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلها مثل عيينه والاقرع ولكني تالفتهما على إسلامهما . كتاب الصارم المسلول، الجزء 2، صفحة 365.
الحق والعدل يا رسول الله صفات أساسية من صفات الصالحين أصحاب الخلق العظيم، والتصديق والإيمان بما أنزل الله يعتبر ركناً أساسياً من أركان النبوة. فهل تتماشى النبوة مع الشك ؟.
وهل تتماشى النبوة مع الظلم ونصرة الباطل ؟ . راجع: يونس94 نحل43 أنبياء7. حقا ان الشيطان كان للنبي عدوا مبينا. 
 

الصفحة الرئيسية