الترجمة العربية

ــ العربية والمسيحية : كان من الحاضرين في يوم الخمسين ــ يوم حلول الروح القدس على التلاميذ ــ وسمعوا عظة الرسول بطرس، " عرب " كما سمعوا الرسل " يتكلمون بألسنتهم بعظائم الله " ( أع 2 : 11)، مع ذلك كان العرب من أختام من وصلتهم الكتب المقدسة بلغتهم العربية رغم اتصال بلادهم جغرافياً واقتصادياً بفلسطين. وقد أنتشرت المسيحية منذ عصورها الأول بين الكثير من القبائل العربية، وكان من المسيحيين بعض القادة والخطباء والشعراء المشهورين في تاريخ العرب.

ـــ أقدم الترجمات العربية : يبدو أن المسيحيين العرب كانوا يستخدمون الترجمة السريانية التي تمت منذ القرن الثاني للميلاد، وان كان البعض يظنون انه كانت هناك ترجمة عربية استخدمها بعض العرب ولكنها اختفت ولم يبق لها اثر.

ولكن بعد أن انتشر العرب في كل أقطار الشرق، هي اللغة العربية هي اللغة الرسمية في تلك الأقطار، لم يجد المسيحيون بدا من ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية. والمعتقد أن أقدم ترجمة عربية يعرفها التاريخ هي هي التي وضعها أسقف إشبيلية في أسبانيا في 724 م نقلا عن الفولجاتا اللاتينية، ولكن يبدو أن هذه الترجمة لم تصل إلى الشروق. كما انه عثر على نسخة عربية للأناجيل الألرامية ورسائل الرسول بولس في دير مار سابا بالقرب من أورد يرجع تاريخها إلى منتصف القرن الثامن أيضاً، كما عثر على نسخة عربية لرسائل بولس الرسول في دير سانت كاترين بسيناء ترجع إلى نفس العصر.

ــ الترجمات العربية في العصور الوسطى : في بداية القرن الطبيعي، فقام رجل يهودي، أشتهر باسم سعديا الفيومي، بترجمة كل العهد القديم أو أكثره إلى اللغة العربية وكتبه بحروف عبرية لمنفعة اليهود الناطقين بالعربية مستعينا بترجوم " اونكلوس " والترجمة السبعينية، ولكنه ترجم الأسفار الخمسة عن النص العبري المسوري، وقد طبع هذا الجزء في القسطنطينية في 1546 م بالأحرف العبرية, ثم أعيد طبعه بعد ذلك فى مجموعة متعددة اللغات فهي 1645 م، ثم في مجموعة لندن في 1657 بالحروف العربية.

ويقال أن حنين بن اسحق قد ترجم العهد القديم عن السبعينية إلى العربية في القرن التاسع الميلادي، كما أن هناك ترجمات أخرى عربية لبعض أسفارالكتاب يرجع تاريخها إلى القرنين العاشر والحادي عشر منها ترجمة أنجيل لوقا في 946 م في قرطبة بواسطة اسحق فالكنز. وأحياناً كانت توضع الترجمتان السريانية والعربية جنباً إلى جنب في عمودين متوازيين في مخطوطة واحدة، وقد حصل العالم الألماني تيشندورف على نسخة منها في أديرة وادي النطرون، وهى موجودة الآن في المتحف البريطاني.

وفي منتصف القرن الحادي عشر قام كثيرون بترجمة المزامير، منهم عبد الله بن الفضل الانطاكي الذي ترجمها عن اليونانية ، وقد طبعت في حلب في 1706 م، ولذلك تعرف بالترجمة الحلبية، وأعيد طبعها في لندن في 1725م.

وفي القرن الثاني عشر قام رجل سامري اسمه " أبو سعيد " بترجمة أسطورة موسى الخمسة إلى اللغة العربية الدارجة، وطبعت في هولنده في 1851م.كما ترجمها أيضاً رجل يهودي من شمالي أفريقية في القرن الثالث عشر، وطبعت في أوربا في 1622م.

وفي أوائل القرن الثالث عشر ( 1202 )، نشر العهد الجديد بالترجمتين العربية والقبطية في مخطوطة واحدة بعد تنقيح بسيط لإحدى الترجمات العربية وأطلقوا عليها اسم " الفولجاتا الإسكندرانية ".

وفي منتصف القرن الثالث عشر، قام هبة الله بن العسال الاسكندري بترجمة الكتاب المقدس من القبطية إلى العربية، ولكنها لم تصل إلينا إلا أن راهبا اسمه جبرائيل، نقل عنها نسخة في 1260 م للأناجيل الأرامية فقط وهي محفوظة الآن في المتحف البريطاني.

ــ النسخ العربية المطبوعة : بعد اختراع الطباعة في ــ ( القرن الخامس عشر ) ــ، طبعت نسخ من الكتاب المقدس بلغات عديدة جنباً إلى جنب في مجلد واحد، وكان من أوفر هذه النسخ نسخة للمزامير في خمس لغات كانت العربية إحداها مع العبرية واليونانية والكلدانية واللاتينية، وقد طبعت في جنوا في إيطاليا في 1516 م، وتوجد منها نسخة كاملة بجناح الكتب الآثار بدار الكتب المصرية.

ثم طبعت نسخة متعددة اللغات في الأستانة في 1546 م تحوي أسطورة موسى الخمسة عن ترجمة سعديا الفيومي، كما سبق القول. كما طبعت الرسالة إلى غلاطية بالعربية في هدلبرج في 1583م، ثم طبعت أول نسخة للبشائر الأربع في روما في 1591م منقولة عن الفولجاتا الإسكندرانية، وفي نفس السنة طبعت نسخة أخرى بالعربية واللاتينية. وتوالي طبع جملة ترجمات للمزامير ثم طبع العهد الجديد كله بالعربية في هولنده نقلا عن مخطوطة بمكتبة ليدن، يقال إنها ترجع إلى 1342م.

وفي 1671م طبعت أوفر نسخة لكل الكتاب باللغة العربية بدون أي لغات أخرى بجانبها في مدينة روما تحت إشراف هيئة برئاسة الأسقف سركيس بن موسى الرزي مطران دمشق، وظلت مباشرة الترجمة الشائعة الاستعمال حتى ظهور ترجمة سميث وفان دايك البيروتية. وقد قامت تلك الهيئة بجمع عدة نسخ عربية وقابلوها بالعبرية واليونانية، وبخاصة بالفولجاتا اللاتينية، ولكن كان بها الكثير من الخلل والركاكة والأخطاء اللغوية.

وفي 1725م نشرت جمعية نشر المعارف المسيحية في بيروت نسخة مطبوعة للمزامير تنسب إلى اثناسيوس بطريرك إنطاكية الملكي، وقد حازت التقدير لصحة الترجمة وسلامة اللغة. وفي 1727 م طبع العهد الجديد بالعربية في لندن، بعد أن راجعه سليمان نفري على اليونانية، إلا أنها كانت ترجمة ركيكة وضعيفة.

ثم طبعت جمعية التوراة الإنجليزية العهد الجديد بالعربية في 1816 م، وقد قام بترجمة القس الإنجليزي هنري ماتن والمستر نثنائيل سباط من الهند. أما أول نسخة كاملة للكتاب المقدس بالعربية أصدرتها جمعية التوراة الإنجليزية فكانت في 1822م.

وفي 1851 طبعت جمعية نشر المعارف المسيحية ببيروت العهد الجديد عن ترجمة المعلم فارس الشدياق، ثم طبعت العهدين معا في 1857م.

ــ الترجمة الأمريكية : لم تكن كل الترجمات التي سبق الكلام عنها، وافية بالغرض وبخاصة أنها لم تترجم عن اللغات الأصلية للأسفار المقدسة، بل ترجمت عن السبعينية أو اللاتينية أو السريانية أو القبطية. كما كانت نسخها نادرة الوجود، لا ترى إلافي الكنائس والأديرة، وكان بعضها في شكل مخطوطات، أو مطبوعة طبعا رديئا، وقلما وصلت إلى أيدي الشعب، حتى دعا الله أناساً هيأهم لهذه الخدمة.

ففي يناير 1847م قررت لجنة المرسلين الأمريكية ببيروت القيام بترجمة الكتاب المقدس كله من اللغتين العبرية واليونانية، وطلبت من الدكتور القس عالي سميث المرسل الأمريكي أن يكرس وقته لهذا العمل الجليل. فشرع الدكتور عالي سميث في العمل بمعاونة المعلم بطرس البستاني والشيخ نصيف اليازجي اللبناني. وكان المعلم بطرس البستاني ضليعا في اللغتين العربية والعبرية، كما كان الشيخ نصيف اليازجي نحويا قديرا. وفي 11 يناير 1857م رقد الدكتور القس سميث في الرب، وكان قد أتم ترجمة أسفار موسى الخمسة والعهد الجديد وأجزاء متفرقة من أسفارالأنبياء، فواصل العمل بعده الدكتور كرنيليوس فان دايك، وكان طبيبا وعالماً في اللغات   ( كان يتقن عشر لغات، خمساً قديمة وخمساً حديثة ) وكان وقتئذ في التاسعة والعشرين من العمر، فراجع كل ما ترجمة الدكتور سميث والمعلم بطرس البستاني مراجعة دقيقة، يعاونه في ضبط الترجمة الشيخ يوسف الأسير الأزهري. وقد فرغ من ترجمة العهد الجديد في 28 مارس 1860 م، ومن ترجمة العهد القديم في 22 أغسطس 1864 م وتم طبعها جميعها في 29 مارس 1865 م. وقد تمت ترجمة العهد الجديد عن النص المشهور الذي حققه ارازموس ورفاقه، ويعتبر أدق النصوص. أما العهد القديم فقد ترجم عن النص العبري الماسوري الذي يعتبر أدق نص عبري. وقد أصدرت دار الكتاب المقدس بالقاهرة نسخة منقحة منها ومعنونة للأناجيل الثلاثة الأول كل منها على حدة في 1986م.

 ــ الترجمات الكاثوليكية : قام إلآباء الدومينكان في الموصل بإصدار ترجمة طبعت في 1878 م، كما قام الآباء اليسوعيون في 1876 م بإصدار ترجمة عربية جديدة بمعاونة الشيخ إبراهيم اليازجي ابن الشيخ نصيف اليازجي وقس اسمه جعجع تحت رعاية البطريرك الأورشليمي، فجاءت ترجمتهم فصيحة اللغة وإن كانت لا تبلغ في الدقة والمحافظة على روح الكاتب ما بلغته الترجمة الأمريكية. وقد صدرت في 1986 م نسخة منقحة منها لأسفار موسى الخمسة وللمزامير وللأناجيل الأربعة وأعمال الرسل. عن دار المشرق ببيروت

 ــ الترجمات الحديثة : قام الآباء البولسيون في حريصا بلبنان بإصدار ترجمة للعهد الجديد في 1956 م.

ثم قامت لجنة على رأسها الدكتور القس جون طومسون والدكتور القس بطرس عبد الملك بتنقيح كامل لترجمة فان دايك البيروتية للعهد الجديد، ونشرت في 1973 م في سلسلة من الكراريس بها رسوم جذابة وخرائط كثيرة.

ثم قام الأنبا غريوريوس أسقف التعليم والبحث العلمي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع بعض معاونية بترجمة إنجيل مرقس الذي نشر في 1972 م، ثم ترجمة أنجيل متى الذي نشر في 1975.

وفي 1980 م أصدر اتحاد جمعيات الكتاب المقدس ببيروت ترجمة جديدة للعهد الجديد معنونة، ومذيلة بجدول للشروح.

وفي مارس 1982 صدرت في القاهرة ترجمة عربية تفسيرية للعهد الجديد تحت اسم " كتاب الحياة " عن هيئة كتاب الحياة الدولية (lLiving Bible (international ثم أعيدت طباعتها في أبريل 1983. وصدرت منها طبعة معنونة فقراتها في 1985، وفي 1988 م أصدرت ترجمة تفسيرية للعهدين الجديد والقديم.