دعوة للتفكير

 

·     إسماعيل واسحق

   حكى القرآن في قصصه عن إبراهيم وابنيه إسماعيل واسحق ، لكن القارئ المدقق الفاهم يستطيع أن يعرف على من كان الفداء ؟ من من ابنيه الصالح ومن الظالم ؟ بمن كانت البشرى والهبة ؟ في ذرية من الكتاب والحكم والنبوة ؟

  الضحية من شعائر الله في الإسلام :

لكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام (الحج 22 :34 )

هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي ( الضحية ) معكوفا أن يبلغ محله (الفتح 48 : 25 )

والبدنة ( الإبل ) جعلناها لكم  من شعائر الله لكم فيها خير ....(الحج 22 : 36 )

من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ( الحج 22 : 32 )

     إذا كان تقديم الأضحية من شعائر الله ومن تقوى القلوب فهو من أهم الموضوعات التي تهم المسلم حيث يحج الملايين من المسلمين إلى الكعبة كل عام يقدمون الأضحية فكان ضروريا أن يعرفوا على من تم الفداء ؟.

لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه  لافتدوا به ( الرعد 13 : 18 )

لو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة..( يونس 10 : 54 )

من هنا فداء النفوس أغلى من ملئ الأرض ذهبا ومع ذلك كان فداء ابن سيدنا إبراهيم بكبش عظيم .

.....وفديناه بذبح عظيم ( الصفات 37 : 107 )

مغزى الفداء وتاريخه:

    لقد جرى الفداء وتقديم الأضحية والقرابين في دم الجنس البشري منذ ابني آدم حتى عباد الأصنام كانوا يقربون لأصنامهم الذبائح منها الحيواني والبشري .

واتل عليهم نبأ ابني أدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر ( المائدة 5 : 27 )

هذا ما حدث مع ابني آدم أبو البشر تقبل من أحدهما ورفض الآخر وهذا أيضا حدث مع ابني إبراهيم أبو الأنبياء .

 

قصة الفداء:

رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك .... فلما أسلم وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ....وفديناه بذبح عظيم ( الصافات 37 : 100-107 ) .

تلك هي القصة الوحيدة في القرآن التي تحكي فداء ابن سيدنا إبراهيم ، لم يذكر الاسم صراحة لكن هناك ألفاظ مهمة وهي بشرناه ، فلما بلغ معه السعي، فديناه بذبح عظيم

لكن من هو الغلام الذي بشر به الله سيدنا إبراهيم وهو نفس الغلام الذي بلغ معه السعي وهو نفس الغلام الذي فداه الله بالذبح العظيم رغم أن فداء النفس أغلى من ملئ الأرض ذهبا  ، من هو ذلك الذبح الذي وصف بالعظيم ؟ من أين جاء هل جاء من السماء ؟ إلى من يشير؟

عهد الله مع إبراهيم وبعض ذريته:

وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ( البقرة 2 : 124 )

لقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون (الحديد 57 :26 )

الواضح أن لله عهدا مع إبراهيم وأراد إبراهيم من الله أن يستمر عهده مع ذريته لكن الله خاطبه قائلا بعض من ذريتك فاسق وظالم فلا ينال عهد الله الظالمين، لكن ترى من منهما الصالح المحسن ومن هو الفاسق الظالم الذي ليس له عهد مع الله؟

البشرى لإبراهيم وزوجته باسحق:

نبئهم عن ضيف إبراهيم .... قالوا لا توجل ( تخف ) إنا نبشرك بغلام عليم ( الحجر 15 : 51-53 )

نلاحظ هنا أن البشرى بغلام واحد وليس اثنين لكن ترى من هو ؟

هل أتاك حديث ضيف إبراهيم . فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم فأقبلت إمرأته في صرة فصكت وجهها  وقالت عجوز عقيم قالوا كذلك قال ربك أنه هو الحكيم العليم (الذاريات 51 : 24-30 )

الواضح هنا تكرار البشرى بغلام واحد وهو ابن العاقر العقيم ولكي  تذداد الصورة وضوحا لك تلك الآية :

وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت ياويلتي أألد وأنا عجوز ....قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ( هود 11 : 71-73 ) .

وهنا جاء التصريح بالبشرى باسحق وذريته يعقوب وفي النهاية رحمة الله وبركاته على ذلك البيت وتلك الذرية ، نعم كانت البشرى لأم اسحق ولم يذكر القرآن قط أنه بشر إبراهيم بإسماعيل ولا ذكر لأمه أو ذريته ، والملاحظ أن البشرى في القرآن لم ترد عن ولادة أحد إلا اسحق ويحيى والمسيح .

يا ذكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا ( مريم 19 : 7-8 )

وهنا نلاحظ أن البشرى كانت للعجوز ذكريا بغلام اسمه يحيى رغم انه عجوز وامرأته عاقر نعم إنها عظمة الله التي هي فوق الطبيعة .

إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ( آل عمران 3 : 45 )

وهنا جاءت البشرى بالمعجزة الفريدة التي لم تحدث ولن تحدث وهى المولود العجيب ، نعم هؤلاء فقط هم الثلاثة في القران الذين كانت البشرى من الله بميلادهم .

إسماعيل واسحق في الميزان:

سلام على إبراهيم .... وبشرناه باسحق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى اسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ( الصافات 37: 109-113 ) .

تلك الآيات محورية وهامة جدا فالبركة على إبراهيم واسحق  ولكل من إبراهيم واسحق ابنان أحدهما محسن والأخر ظالم لنفسه ، فإذا كان اسحق نبيا من الصالحين فترى من يكون إسماعيل ؟ ظالم . نعم ومن أول عهد الله مع إبراهيم قال

لا ينال عهدي الظالمين ( البقرة 2 : 124 ) .

هنا أصبح لا عهد مع إسماعيل وذريته ؛ أما اسحق فله البركة ولواحد من ابنيه البركة أيضا وهو يعقوب الصالح الذي تكرر ذكره في القرآن كثيرا أما عيسو فهو ظالم ولم يذكره القرآن . هل إتضحت الرؤيا الآن ؟ لكن سنستمر في البحث سويا والحقيقة وحدها مقصدنا .

اسحق هو هبة الله لإبراهيم:

 لقد خاطب إبراهيم الله طالبا نسلا :

قال إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين ( الصافات 37 :99- 100 )

الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل و‎ اسحق ( إبراهيم 14 : 39 )

ووهبنا له اسحق ويعقوب كلا هدينا ....( الأنعام 6 : 84 )

ووهبنا له اسحق ويعقوب . كلا جعلنا الصالحين (الأنبياء 21 : 72 )

ووهبنا له اسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ( العنكبوت 29 : 27 )

فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم .... لسان صدق عليا ( مريم 19 : 49-50 )

الواضح هنا أن الهبة من الله تكررت كثيرا بإسحق ويعقوب بينما لم يذكر القرآن أبدا أن الله وهب له إسماعيل ففي الآية الثانية إبراهيم يشكر الله الذي وهب له إسماعيل واسحق أما الهبة من الله التي جاءت في القرآن خصة اسحق فقط ولم تذكر أن الله وهب له إسماعيل ولم يرد ذكر لذرية إسماعيل .

إسماعيل نبي وليس نبي:

أ ذكر في الكتاب إسماعيل أنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا (مريم 19 : 54 )

قولوا آمنا بالله.  وما انزل إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (البقرة 2 : 136 )

وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا ( الأنبياء 21 : 85-86 )

تحدث القرآن في هذه الآيات عن إسماعيل نبيا كما أنه تحدث عن ذرية اسحق ، يعقوب والأسباط أما إسماعيل لم يذكر عن ذريته شيئا كما تحدث عن إسماعيل وإدريس وذا الكفل فقال أدخلناهم في رحمتنا أي هو شئ جانبي لكن هناك آيات ألغت دور إسماعيل نهائيا .

في الحديث عن عرب الجاهلية ونبيهم محمد قال القرآن :

رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم .( القصص 28 :46 )

لتنذر قوما ما آتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ( السجدة 32 : 3 )

ما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ( سبأ 34 : 44 )

أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو انزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم (الانعام6: 156-157)

من الملاحظ في هذه الآيات أن العرب لم يأتهم نذير قبل محمد ولم يكن لهم كتاب قبله ونزل كتاب الله فقط على طائفتين هم اليهود والنصارى وبذلك يكون ألغى دور إسماعيل نبيا ولم ينزل عليه شئ ، ولو تمسكنا بدور إسماعيل نبيا وأنزل إليه لسلمنا بخطأ الآيات التي تقول ُ لم يأتهم نذير قبلك وليس لهم كتب يدرسونها قبلك كما أنه في الآية الأخيرة الغي كل الأنبياء الذين ذكرهم القرآن خارج الطائفتين اليهودية والنصرانية .

لكن جاءت الآيات الصريحة التي تثبت أن الوعد باقي وثابت في ذرية اسحق وفيها دون غيرها الكتاب والحكم والنبوة .

الوعد لذرية اسحق دون غيرها:

في الحديث عن يوسف :

يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق ( يوسف 12 : 6 )

وهنا تمام النعمة على إبراهيم بنجاته من النار وعلى اسحق بالفداء ويوسف بنجاته من السجن .

ووهبنا له اسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب (العنكبوت 29 : 27 )

لقد أتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة .... وفضلناهم على العالمين ( الجاثية 45 : 16 )

ولقد آتينا موسى الهدي وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ( غافر 40 : 53 )

وهنا الهبة لاسحق ويعقوب وتمام النعمة على يوسف وأجداده يعقوب واسحق والكتاب والحكم والنبوة في بني إسرائيل وهم ورثته ولا حكم ولا نبوة  ولا كتاب خارج تلك الذرية المباركة ، أما بعض الأنبياء والقصص التي خارج تلك الذرية المباركة ذرية اسحق ويعقوب فهي في موضع شك حتى أن قصصهم في القرآن غير واضح وغير منطقي مثل صالح وناقة الله ، ومدين وعاد وأخا هود وذي القرنين وذا الكفل ولقمان وشعيب وأصحاب الرس والرجس والأيكة ورفيق موسى في مركبته ( الخضر ) وغيرها من القصص غير التوراتيه وتلك الأنبياء خارج تلك الذرية المباركة .

العرب قبل محمد لم ينزل عليهم شئ:

أن تقولون إنما أنزل الكتاب على طائفتين (النصارى واليهود ) من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ( الأنعام 6 : 156-157 )

مما تقدم نجد أن العرب لم ينزل عليهم أي كتاب قبل محمد لكن الكتاب نزل فقط على طائفتين قبل محمد وهم اليهود والنصارى ؛ فترى على أي من الطائفتين نزلت صحف إبراهيم والذي أوحى إلى إسماعيل وشعيب وذا الكفل وصالح وأخا هود وغيرهم ؟

لكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط .... ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (يونس 10 : 47-48 )

وهنا يؤكد العرب المعاصرون للإسلام بأنه ليس هناك رسل من الأمم الأخرى .

وللعقل وقفة إسماعيل هو ابن إبراهيم العبراني وأمه هاجر الجارية المصرية فكيف يكون عربي أو ينتمي إليه العرب حتى لو تزوج منهم؟

من كل ما تقدم ترى أي الابنين تم عليه الفداء ؟ إذا أراد الله أن يمتحن إبراهيم ويختبر طاعته لله ؛ يطلب منه ذبح ابنه من زوجته آم ابنه من عبدته ابنه الصالح الحليم ام ابنه الظالم ؟ على من الفداء على إسماعيل أو اسحق؟ بالطبع اسحق هبة الله المبارك عليه والنبي على حد تعبير القران.

أخيرا إليك ما جاء في التوراة :

أجاب الرب ( إبراهيم ) أن سارة زوجتك التي تلد لك أبنا وتدعو اسمه اسحق وأقيم عهدي معه ومع ذريته من بعده عهدا أبديا ( تكوين 17 : 19 ) .

الصفحة الرئيسية