الإعجاز اللغوى فى القرآن

 1 ـ مقـدمة

 الإعجاز اللغوي للقرآن هو الإعجاز الرئيسي للقرآن كما يتضح من قول الدكتور زغلول النجار في كتابه "من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم" (الجزء الأول ص 33) وهو عبارة عن حوار مع أحمد فراج، بالتليفزيون المصري عرض سنة 2000و 2001م:

[ كل نبي وكل رسول قد أوتي من الكرامات ومن المعجزات ما يشهد له بالنبوة أو بالرسالة، وكانت تلك المعجزات مما تميز فيه أهل عصره.

1ـ فسيدنا موسى عليه السلام جاء في زمن كان السحر قد بلغ فيه شأناً عظيماً، فأعطاه الله تعالى من العلم ما أبطل به سحر السحرة.

2ـ وسيدنا عيسى عليه السلام جاء في زمن كان الطب قد بلغ فيه مبلغاً عظيماً، فأعطاه الله تعالى من العلم ما تفوق به على طب أطباء عصره.

3ـ وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جاء في زمن كانت المزية الرئيسية لأهل الجزيرة العربية فيه هي الفصاحة والبلاغة وحسن البيان. فجاء القرآن يتحدى العرب ـ وهم في هذه القمة من الفصاحة والبلاغة وحسن البيان ـ أن يأتوا بقرآن مثله ....]

فبخصوص إعجاز القرآن اللغوي نريد أن نتساءل عن بعض الآيات وما ذُكر فيها من قواعد تتناقض مع قواعد اللغة العربية .

 

 

 

2 ـ رفع اسم إن

في (سورة التوبة 20: 63)    "قالوا إن هذان لساحران"

التساؤل:

1ـ كلنا يعرف أبسط قواعد النحو أن: اسم إن منصوب، وفي هذه الآية يجب أن ينصب بالياء والنون لأنه مثنى، فيكون التركيب الصحيح: "إن هذين"، ولكننا نجده مرفوعا بالألف والنون [إن هذان ...]

2ـ وقد علق الإمام النسفي على ذلك قائلا: [قرأ أبو عمر "إن هذين لساحران"] وهو ظاهرٌ، ولكنه مخالف للإمام (أي المصحف الإمام، وهو مصحف عثمان رضي الله عنه) {النسفي الجزء الثالث ص 90}

3ـ وقالت السيدة عائشة أم المؤمنين عندما سئلت عن ذلك: "يا ابن أختي، هذا من عمل الكُتَّاب، أخطأوا في الكتابة" (السجستاني: كتاب المصاحف ص43)

 

 

3 ـ رفع إسم إن

 

فى سورة المائدة5 : 69  "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخِر وعمل صالحا فلا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون"

التساؤل:

1ـ الصابؤن هنا: اسم مرفوع بالواو والنون، في حين أنه يجب أن يكون منصوبا بالياء والنون، "أي الصابئين"، لأنه معطوف عل منصوب لكونه إسم إن، ومما يزيد المشكلة تعقيدا أنه ورد كذلك منصوبا صحيحا في:

2ـ (سورة البقرة2: 62) فقد وردت نفس الآية وفيها الصابئين منصوبة، "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخِر وعمل صالحا فلهم أجرُهم عند ربهم فلا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون"

3ـ قالت السيدة عائشة أم المؤمنين عندما سئلت عن ذلك "يا ابن أختي، هذا من عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب" (السجستاني: كتاب المصاحف ص43)

 

4ـ هذا من جانب اللغة ولكن هناك أيضا تساؤل ديني بخصوص الصابئين أنفسهم.

+ فكيف يقول القرآن أن: لهم أجرهم عند ربهم ولا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون.

+ وهم قوم خارجون عن الأديان ويعبدون الملائكة كما ذكر الإمام النسفي قائلا: [الصابئون: من "صبأ" إذا خرج من الدين، وهم قوم خرجوا من دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة] (تفسير النسفي الجزء الأول ص 95)

    + وقد جاء عنهم في المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية: [الصابئون: قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنهم على ملة نوح، وقبلتهم مهب الشمال عند منتصف النهار] (المعجم الوسيط الجزء الأول ص 505) عجبا إذ يقول القرآن الكريم: لا خوف عليهم ولا هم يحزنون!!!

 

 

4 ـ نصب الفاعل ( لاينال عهدى الظالمين )

   

سؤال : حدثتنا المرة السابقة عن الإعجاز اللغوي بالقرآن وتعرضت لبعض الآيات، فهل هناك آيات أخرى؟  

الإجابة: بالتأكيد يوجد الكثير ولكننا نريد في كل مرة نأخذ مثالين أو ثلاثة فقط، حتى لا تكون الجلسة حصة في قواعد النحو العربي، فأنا أعلم أن كثيرين لا يدركون هذه القواعد النحوية الكثيرة، لهذا فإني أنتقي مجرد الأمور البسيطة التي يستطيع أن يدركها عامة الناس. أما الآيات القرآنية الأخرى فأُرجِئُها، للحديث عنها مع المختصين في اللغة على انفراد. فدعنا نتساءل عما جاء في:

نصب الفاعل

+ (سورة البقرة2: 124) "قال لا ينالُ عهدي الظالمين"

التساؤل:

    "الظالمين": كان يجب أن تكون "الظالمون" فهي جمع مذكر سالم مرفوع بالواو والنون لأنه فاعل الفعل "ينال". فكيف جاءت منصوبة بالياء والنون؟؟؟!!!

        وقد حاول المفسرون تعليل ذلك بطرق غير مقنعة لأنها تلوى الحقائق، فمثلا قال الإمام النسفي: معنى الآية أنه "لا يصيب عهدي أي الإمامة أهلَ الظلم" فجعل "عهدي" فاعل، لتكون الظالمين هي المفعول المنصوب بالياء والنون. ونسي الإمام العظيم أن فعل "ينال" (كما جاء في المعجم الوسيط معناه أن الإنسان هو الذي ينال الشيء، إذ يقول [نال الشيء أي حصل عليه جز2 ص964] وليس الشيء هو الذي ينال الإنسان!!!! فمثلا لا يمكن أن نقول: "نالت الجائزةُ المجتهدين"! بل الصحيح أن نقول: "نال المجتهدون الجائزة" فكيف أن العهد وهو شيء هو الذي ينال الظالم وهو إنسان. هذا كلام غير مقنع، ونحن نريد أن نفهم رداً منطقياً مقنعاً.

 

 

5 ـ نصب المعطوف على المرفوع

 

(سورة النساء4: 162) "... والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك، والمقيمين الصلاة، والمؤتون الزكاة، والمؤمنون بالله واليوم الآخر، أولئك سنؤتيهم أجراً عظيما"

التساؤل:

1ـ كان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع: والمرفوع في الآية: المؤمنون، والمؤتون الزكاة، والمؤمنون بالله. فلماذا يستثني "المقيمين الصلاة" في منتصف الجملة، إذ كان يجب أن يقول: "والمقيمون الصلاة"

2ـ  ماذا قال السجستاني عن هذه الآية في كتابه (المصاحف ص 33) قال: "حدثنا عبد الله ... حدثنا يزيد قال: أخبرنا حماد عن الزبير أبي خالد قال: قلت لأبان بن عثمان كيف صارت (سورة البقرة آية 162) [والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك، والمقيمين الصلاة، والمؤتون الزكاة، والمؤمنون بالله واليوم الآخر] فإن ما قبلها وما بعدها مرفوع، أما هي فجاءت منصوبة؟ قال: كتب ذلك بواسطة الكتاب. فقال له وأنا ماذا أكتب؟ قال له: اكتب "المقيمين" فكتبت ما قيل لي!!!"

3ـ وقال أيضا السجستاني حدثنا عبد الله عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سألت عائشة لغة القرآن عن قوله: "والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة" فقالت: "يا ابن أختي، هذا من عمل الكتَّاب، أخطأوا في الكتابِ" (السجستاني: كتاب المصاحف ص34)

 

 

6 ـ نصب المعطوف على المرفوع

 

(سورة البقرة2: 177) "ولكن البرَّ من آمن بالله ... والموفون بعهدهم إذا عاهدوا، والصابرين في البأساءِ والضراءِ وحينَ البأسِ ..."

+ في كلمة " والصابرين": الواقع أنه كان يجب أن تأتي مرفوعة، فيقول "والصابرون" لأنها معطوفة على "الموفون". وبالرجوع إلى التفاسير المختلفة نجد كلاما يثير الضحك! فمثلا الإمام النسفي يقول: "الموفون" مرفوعة لأنها معطوفة على مرفوع وهو "من آمن" وإلىهنا لاخلاف، ثم يحاول أن يعلل نصب الصابرين فيقول: نصبت على المدح!!! (الجزء الأول ص 148) ونقول لماذا لم تسْري هذه القاعدة على كلمة "الموفون" أليس فيها مدح مثل الصابرين؟؟. وفي كلا الحالتين يكون هناك خطأ. إذ يجب أن تعرب الكلمتين إعرابا واحدا (لأنهما معطوف ومعطوف عليه) إما أن ترفعا معا أو تنصبا معا على المدح والاختصاص !!!] (النسفي الجزء الأول ص 148)

والواقع أن تعليل الإمام النسفي هو ذاته جاء من قبِيلِ النصب على البسطاء!!! سامحه الله! اإلى هذه الدرجة يتم الاستخفاف بعقول الناس، وإذا احتج أحد على هذه الأضحوكات يرمونه بالكفر والزندقة. أقول لأولئك الذين يحجرون على حرية التفكير ارفعوا الوصاية، وحاولوا أن تردوا بمنطق مقبول، فالعالم قد تغير، وأصبح كل إنسان منفتحا على نسيم الحرية، ولن يجدي حد السيف للبطش بالمفكرين فيما بعد. فأجيبونا بمنطق سليم أفادكم الله، فها نحن نطرح تساؤلاتنا التي هي بالتأكيد موضوع تساؤل الكثيرين من إخواننا المسلمين أيضا. فما هو رأي إخوتنا المحبوبين المتفقهين في الدين؟؟؟؟

 

عودة الى  الصفحة الرئيسية