السبتيون الأدفنتست ومعتقداتهم المخالفة للمسيحية

وهيب ملك

الفهرس
تمهيد
الفصل الأول: كيف توصل ملّر أن مجيء المسيح سيكون عام 1843
الكتاب المقدس لا يخلط بيت الأيام والسنين
تفسير خاطئ لكلمة الله تمخض عن نبوة كاذبة
الفصل الثاني: فحص النبوات في نور كلمة الله
1- رؤيا ((حيرام إدسون))
2- رؤى ونبوات وتعاليم مسز ((إلن هوايت))
الفصل الثالث: 
1- الرد على الافتراءات فيما يختص بإنسانية الرب يسوع
2- الرد على الافتراءات فيما يختص بكفارة المسيح
الفصل الرابع: تحول السبتيين الأدفنتست إلى اليهودية
الفصل الخامس: التحذيرات في رسالة كولوسي من المعلمين الكذبة
الفصل السادس: بدعة رقاد النفوس بعد الموت والخلود المشروط
الفصل السابع: القصاص الأبدي والادعاء بملاشاة الأشرار
الفصل الثامن: تلخيص لمعتقدات السبتيين المخالفة للمسيحية

تمهيد
سادت على المسيحية المعترفة في العصور الوسطى المظلمة، الخرافات والجهل ويرجع بسبب ذلك إلى عدم وجود الكتاب المقدس بين أيدي الناس، ولم يكن موجوداً منه إلاّ نسخ قليلة باللغة اليونانية وباللغة اللاتينية. لكن الله في رحمته أنهض أناساً أمناء نادوا بالرجوع إلى كلمة الله. هؤلاء الأمناء لاقوا اضطهاداً وظلماً لكن إيمانهم انتصر على ظلم كنيسة روما. ومن هؤلاء (William Tyndale) الذي مات شهيداً حرقاً بالنار سنة 1536 بسبب ترجمته للكتاب المقدس إلى اللغة الإنجليزية.
وقد أنهض روح الله في القرن السادس عشر أشخاصاً نادوا بالتبرير بالإيمان كما هو معلن في كلمة الله. ومن هؤلاء: لوثر في ألمانيا وزونجلي في سويسرا وكالفن في فرنسا وغيرهم. لكن بعد ذلك حدث استرخاء روحي إلى أن حدثت نهضة روحية عظيمة في القرن التاسع عشر بعمل روح الله في أشخاص كثيرين. فتأسست جمعية التوراة البريطانية سنة 1808 لطبع ونشر الكتاب المقدس بلغات عديدة وبأثمان زهيدة لكي يقتنيه الفقراء.
وقد امتازت نهضة القرن السادس عشر بالمناداة بالتبرير بالإيمان، كما امتازت نهضة القرن التاسع عشر بالمناداة بمجيء الرب الثاني. لكن المشاهد أنه عندما يعمل روح الله عملاً روحياً عظيماً فإن الشيطان لا يسكت ولكن يعمل عملاً مضاداً وإن كان بحسب الظاهر هو تأييداً للحركة الروحية الصحيحة وتقليداً لها. وهذا ما حدث قديماً كلما عمل موسى آية أمام فرعون لإقناعه بأن يطلق الشعب ليعبدوا الرب، قام سحرة مصر بتقليد آية موسى لإقناع فرعون لكي لا يطلق الشعب. وفي القرن السادس عشر على أثر شهادة مارتن لوثر أمام "مجمع ورمس" تلك الشهادة الأمينة التي سمعها مندوبون كثيرون من البلاد الأوروبية، وأثناء وجود لوثر في قلعة وارتبورج قامت جماعة دعيت باسم "الأنبياء السماويون" بزعامة شخص يدعى "نيقولا ستورخ" وادعوا أنهم نالوا إعلانات من الله مباشرة نظير الأنبياء قديماً، وأن الله دعاهم ليكملوا الإصلاح الذي بدأ به لوثر بشكل ضعيف وقالوا أنه في ظرف سبع سنوات سيأتي خراب على العالم ويقتل الأشرار. وبعد أن تتنقى الأرض بواسطة الدم سوف تقوم مملكة المسيح. وقالوا أن معمودية الأطفال باطلة وطلبوا من جميع الناس أن يأتوا ويقبلوا من أيديهم المعمودية الحقيقية. وقد اضطرب أناس كثيرون بسببهم وظنوا أنه ربما كان ادعاؤهم حقيقياً. ولما سمع بهم مارتن لوثر قال "كنت أتوقع أن الشيطان سيرسل لنا هذا الوباء" فاضطر للخروج من الوارتبورج ومواجهتهم. وبعد هزيمتهم أمام لوثر ابتدأوا يتلاشون تدريجياً (المؤرخ دوبتييه: تاريخ الإصلاح – مجلد1 – الكتاب التاسع. الفصل السابع). 
أما نهضة القرن التاسع عشر فامتازت بالمناداة بمجيء الرب الثاني "هوذا العريس مقبل فاخرجن للقائه" طبقاً لما جاء في (متى 25) في مَثَل العشر عذارى. لكن صراخ نصف الليل أيقظ العذارى الحكيمات (المؤمنين الحقيقيين) كما أيقظ العذارى الجاهلات أيضاً (أي المعترفين بالمسيحية مجرد اعتراف). فقام شخص يدعى "وليم ملّر" وادّعى أنه توصل عن طريق دراسة نبوات دانيال أن مجيء المسيح الثاني سيكون في ربيع سنة 1843. وقد أعلن ذلك سنة 1831 قولاً وكتابة. في تلك الفترة من الزمن دعاه الواعظ المشهور (تشارلز فني Charles Finney) إلى مكتبه وحاول أن يرجعه عن الخطأ الذي ارتكبه لكن المحاولة لم تنجح بسبب عناد ملّر (مذكرات فني ف27 ص 371).
وقد راجت حركة ملّر رواجاً عظيماً وكانت جموع غفيرة تقبل على محاضراته وانضم كثيرون إلى حركته وذلك بسبب العنوان الجذاب "حركة منتظري مجيء المسيح وهذا هو معنى كلمة Adventist أي الذين ينتظرون مجيء المسيح. لكن مرت سنة 1843 وما بعدها ولم يحدث شيء فرجع كثيرون من أتباع ملّر الذي اضطر أن يعترف أنه أخطأ في الحساب لكن عوضاً أن تموت الحركة كما ماتت حركة "الأنبياء السماويين" في أيام لوثر فإن الحركة نمت وترعرعت لأنها جاءت في زمن "إثم النهاية"، زمن الارتداد الذي لا بد وأن ينمو ويزداد إلى أن يصل إلى الارتداد النهائي.
وفي هذه النبذة سيصير بحث ادعاءاتهم التي بدأت بكلام عن مجيء الرب ثم تطورت إلى تجديف على اسم الرب المعبود ربنا يسوع المسيح وانكار للحقائق الإلهية الكتابية. سيصير بحث ادعاءاتهم في نور كلمة الله التي هي الفيصل الوحيد بين الحق والباطل طبقاً لما جاء في إرميا 23: 28، 29 قول الرب "ما للتبن مع الحنطة يقول الرب. أليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر".
 
الفصل الأول
كيف توصل ملّر عن طريق نبوة دانيال أن مجيء المسيح سيكون عام 1843

قبل دراسة ادعاء ملّر يجب أن ننتبه أولاً أنه من الخطأ تحديد ميعاد لمجيء الرب ثانية لأن ذلك يخالف قول الرب نفسه الذي سبق وقال عن مجيئه "اسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم... لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان" (مت 24: 42، 43) وقوله لتلاميذه بعد قيامته "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه" (أعمال 1: 7).
الرب يريدنا أن نكون في حالة سهر دائم واستعداد دائم. فمنذ أيام يوحنا قال الرب "وها أنا آتي سريعاً وأجرتي معي..." (رؤ 22: 12). ومعنى كونه يأتي سريعاً، أن مجيئه لاختطاف المؤمنين متوقف على اكتمال عدد المؤمنين (عروس المسيح). أي عندما يؤمن آخر شخص لا يمكن أن الرب يتأخر لحظة واحدة.
بنى ملّر استنتاجه أن المسيح سيأتي سنة 1843 على النص القائل في (دانيال 8: 13، 14) "سمعت قدوساً واحداً يتكلم فقال قدوس واحد لفلان المتكلم، إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء فيتبرأ القدس".
لم يوضح ملّر معنى "تبرئة القدس" وقد افترض أن تتم تبرئة القدس المذكورة هنا برجوع المسيح إلى الأرض، وإقامة ملكه على الأرض وأن ال 2300 صباحاً ومساءً تعني 2300 سنة، وأن هذا الزمن يبدأ في نفس الوقت الذي بدأت فيه السبعون أسبوعاً المذكورة في (دانيال 9: 24، 25) أي عام 457 ق.م. أي العام الذي فيه سمح أرتحشستا ملك فارس بإعادة بناء أورشليم. والحساب هكذا 2300 – 457 (ق.م.) = 1843 (ب.م.) وياله من تخريف انتهى بتجديف.
والآن دعنا ندرس ما جاء في نبوة دانيال هذه: 
لقد اقتبس ملّر نصّاً كتابياً (عدد 13، 14 من أصحاح 8 من سفر دانيال) ثم عزل هذه الأقوال ولم يربطها بالأقوال السابقة لها ثم استخدمها بعيداً عن قرينتها ليثبت تفسيراً بعيداً جداً عما يقصده الوحي الإلهي.
رأى دانيال هذه الرؤيا في السنة الثالثة من ملك بيلشاصر قرب نهاية الدولة البابلية: رأى قيام المملكة الثانية التي بعد بابل وهي "مادى وفارس" ممثلة بكبش له قرنان واحد أعلى من الآخر يشير إلى سيادة الجزء الفارسي على الجزء المادي، كما رأى سقوط مملكة فارس وقيام المملكة الثالثة (مملكة اليونان ممثلة بتيس معز جاء من الغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض إشارة لسرعة فتوحاته، فالإسكندر الأكبر في ظرف عشر سنوات فتح كل ممالك العالم المعروفة وقتئذٍ. ولما اعتز انكسر القرن العظيم (لأن الاسكندر مات وهو في منتهى قوته) وطلع عوضاً عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع، كناية عن أربع ممالك يونانية انقسمت إليها مملكة الاسكندر وهي: اليونان وتراقيا وسوريا ومصر. وما يهمنا الآن هو سوريا التي أسسها "سلوكوسي نيكاتور" سنة 312 ق.م. والتي قيل عنها ومن واحد منها خرج قرن صغير (ع 9). وهذا يختلف عن القرن الصغير المذكور في (ص 7: 8). والقرن الصغير هذا يعرف في التاريخ باسم "أنطيوخوس الرابع" ولقب نفسه "أبيفانوس" أي الفخم، الذي ملك على سوريا من السنة 175 ق.م. إلى 164 ق.م. وكان متكبراً قاسياً. وقيل عنه في النبوة أنه عظم جداً نحو الجنوب (مصر) ونحو الشرق (أرمينيا) ونحو فخر الأراضي (فلسطين) إذ هجم على مصر سنة 169 ق.م. وانتصر عليها وفي عودته دخل أورشليم ونهب الهيكل ونجّس المذبح إذ رش عليه دم خنزير وأصدر أوامره لليهود أن يتركوا ديانتهم ويعبدوا الآلهة اليونانية الوثنية. ومنع ختان الأطفال وذبح الأطفال الذين ختنوا وعلقهم في أعناق أمهاتهم. كما اضطهد جميع رؤساء اليهود وكل ذوي المكانة بينهم. هذه وقائع تاريخية مدونة في كتب التاريخ سبق وأنبأ عنها دانيال نبوياً في هذا الإصحاح. قيل في (ع 10) تعظم حتى إلى جند السموات وطرح بعضاً من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم (أي طرح بعضاً من ذوي الدرجات المختلفة وأذلهم بكل أنواع الذل) وحتى إلى رئيس الجند تعظم (رئيس الجند هو الرب يهوه نفسه) وبه أبطلت المحرقة الدائمة...فسمعت قدوساً واحداً (أي قديساً) يتكلم فقال قدوس (قديس) واحد لفلان المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين (ع 13) فقال لي إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء فتبرأ القدس" (ع 14).
السؤال في (ع 13) من جهة المحرقة الدائمة التي أبطلت وبذل القدس والجند مدوسين. والإجابة في (ع 14) عن المحرقة الدائمة ومتى تعاد مرة أخرى ويصير ممارستها كما كانت قبل إبطالها وتطهير القدس أي الهيكل الذي نجسه أنطيوخوس أبيفانوس عندما سكب دم خنزير على المذبح.
Unto two thousand and three hundred evening and morning, then the sanctuary be cleansed

المحرقة الدائمة: 
بدأت المحرقة الدائمة بإقامة خيمة الاجتماع في البرية. ففي سفر الخروج (ص 29: 38 – 41) نقرأ "وهذا ما تقدمه على المذبح: خروفان حوليان كل يوم دائماً. الخروف الواحد تقدمة صباحاً والخروف الثاني تقدمه في العشية (مساء)... محرقة دائمة في أجيالكم عند باب خيمة الاجتماع أمام الرب".
ويرتبط بالمحرقة الدائمة إيقاد البخور على مذبح البخور الذهبي داخل القدس كما قيل "فيوقد عليه هرون بخوراً عطراً كل صباح حين يصلح السرج يوقده. وحين يصعد هرون السرج (أي يضيء المنارة الذهبية) في العشية (مساء) يوقده بخوراً دائماً أمام الرب في أجيالكم. والمحرقة المسائية أو الذبيحة المسائية يصير اصعادها في الساعة التاسعة مساء (بالتوقيت اليهودي) إشارة إلى عمل المسيح الكامل على الصليب، العمل الذي أكمله بموته في الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. ونحو الساعة التاسعة (ساعة اصعاد المحرقة الدائمة المسائية) صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني! (صرخة الكفارة عن خطايانا)... فصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل" من فوق أي من الله – الذي صالحنا لنفسه "ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه يسوع المسيح" _2كو 5: 18). وإذ انشق الحجاب لم يعد هناك مسكن أول ومسكن ثانٍ (عب 9: 2، 7). ويسجل لنا يوحنا في إنجيله الذي يتكلم بصفة خاصة عن المسيح باعتباره الابن الأزلي، يسجل لنا أنه قبل أن يسلم الروح أي بعد إكمال عمل الكفارة على الصليب قال "قد أكمل" (يو 19: 30).
إن الكلمة التي قالها المسيح على الصليب "قد أكمل" كانت في الساعة التاسعة أي ساعة إصعاد المحرقة الدائمة المسائية. وكانت تسمى "ساعة الصلاة التاسعة" (أع 3: 1) وهي الساعة التي صلّى فيها إيليا النبي عندما واجه أنبياء البعل (1 مل 18: 29)، والتي فيها صلّى دانيال صلاته المشهورة (دا 9: 21) وكذلك عزرا (عز 9: 5) ومن هنا نفهم أهمية المحرقة الدائمة باعتبارها رمزاً لعمل المسيح الكامل على الصليب. وقد صلّى داود قائلاً "لتستقم صلاتي كالبخور قدامك. ليكن رفع يديّ كذبيحة مسائية" (مز 141: 2).
هذه المحرقة الدائمة أبطلها أبيفانوس سنة 168 ق.م. عندما نجّس الهيكل وسكب دم خنزير على المذبح، واضطهد اليهود اضطهاداً مرّاً وقد قاومه رجال أبطال أمناء بزعامة متثياوس وأولاده وأشهرهم يهوذا المكابي الذي لقب بالمكب (المطرقة) لأنه تحصن في الجبال وكان ينزل على الأعداء كالمطرقة فهزمهم وانتصر انتصاراً كاملاً على جيوش أنطيوخوس بعد حرب مريرة استمرت ثلاث سنوات من سنة 168ق.م. إلى سنة 165 ق.م. وبعد انتصاره قام بتطهير الهيكل وأقام مذبحاً جديداً لإصعاد المحرقة الدائمة. هذه حقائق تاريخية دونها المؤرخون كما دوّنت في سفر المكابيين الأول حيث نقرأ "وفي اليوم الخامس عشر من الشهر التاسع وهو شهر كسلو (يقابل شهر ديسمبر) قدّموا ذبيحة بحسب الشريعة على المذبح الجديد الذي صنعوه في مثل الوقت الذي فيه داسته الأمم. في ذلك اليوم دشّن بالأناشيد والعيدان والقيثارات والصنوج فخرّ جميع الشعب وسجدوا للذي أنجحهم وباركوه إلى السماء. وأتموا تدشين المذبح (مذبح المحرقة) في ثمانية أيام... ورسم يهوذا وإخوته وجماعة اسرائيل كلها أن يعيّدوا لتدشين المذبح في وقته سنة فسنة مدة ثمانية أيام من اليوم الخامس والعشرين من شهر كسلو بسرور وابتهاج" (راجع سفر المكابيين الأول فصل 4 أعداد من 52 – 59). وهذا هو عيد التجديد المذكور في انجيل يوحنا (ص 10: 22). 
ربما أطلنا بعض الشيء في الكلام عن المحرقة الدائمة، أولاً بسبب أهميتها وثانياً لكي نثبت أنه لم يحدث قط أن أبطلت المحرقة الدائمة منذ بناء الهيكل بواسطة زربابل والذي تم بناؤه سنة 515 ق.م. إلا في الفترة من سنة 168 ق.م إلى سنة 165 ق.م. وبالأسف فإن ملّر رائد السبتيين يعتبر أبطالها من تاريخ خروج الأمر لبناء أورشليم سنة 457 ق.م. وهذا خطأ جسيم (خطأ من صنع الشيطان) لأن أرتحشستا ملك فارس وهو الذي أمر ببناء أورشليم سنة 455 ق.م. كان صديقاً لليهود وأمر بصرف أخشاب لبناء المدينة على نفقة الملك (انظر نحميا ص2: 1 – 8) وسنة 455 ق.م. هي بداية السبعين أسبوعاً لدانيال (دا 9: 25).
أما مسالة ال 2300 صباح ومساء فليست هي أياماً وليست هي سنيناً بل هي عدد المحرقات الصباحية والمسائية التي تعطل تقديمها على مدى 1150 يوماً بواقع محرقتين يومياً صباحاً ومساءً أو كما جاء في سفر الخروج (ص 29: 38) "خروفان حوليان كل يوم دائماً".
وما جاء في سفر دانيال لهو في الحقيقة في منتهى الوضوح والسهولة والأقوال ليس فيها غموض على الإطلاق وهذا التفسير عرفه وفهمه جميع الدارسين للكتاب المقدس ولا يوجد خلاف بينهم. وقد كتب عنه "كالفن" المصلح الفرنسي في القرن السادس عشر، الذي قال عن فترة لإبطال المحرقة الدائمة وبذل الجند مدوسين (أي الكهنة الذين كانوا يخدمون يومياً في الهيكل) قال أنها تشير إلى الاضطهادات التي وقعت على اليهود في زمن أنطيوخوس إبيفانوس، القرن الصغير الذي قام على أنقاض الإمبراطورية المكدونية والوعد بإقامة عبادتهم في زمن المكابيين عام 165 ق.م. (عظات كالفن جزء 41 صفحة 108، 499).
وجاء في تفسير (Walter Scott) في كتابه Bible Hand Book في بداية شرحه للعهد الجديد في أقواله عن (الربط التاريخي بين العهد القديم والعهد الجديد) متتبعاً باختصار تاريخ اليهودية تحت الحكم الفارسي والحكم اليوناني في كلامه عن خلفاء الاسكندر عند الكلام عن أنطيوخوس أبيفانوس الرابع المضطهد الرهيب لليهود، ذكر أن الحوادث التي أنبأ عنها دانيال النبي (دا 8: 9 – 15) هي عن أنطيوخوس أبيفانوس وأن ال 2300 صباح ومساء هي المحرقات الصباحية والمسائية التي تعطلت على مدى 1150 يوماً، كانت في الفترة بين سنة 168 ق.م. 165 ق.م. (راجع والتر سكوت صفحة 24 العهد الجديد).

الكتاب المقدس لا يخلط بين الأيام والسنين
إن ملّر اعتبر ال 2300 محرقة، اعتبرها أياماً ثم حولها إلى سنين، ومن الذي قال أن الأيام تتحول إلى سنسن؟ فإنه لا يوجد شيء مثل ذلك في كلمة الله. أما ما جاء في سفر حزقيال (ص4) فإن الرب كان يعطي دروساً إيضاحية بها يؤثر على قلوب شعبه الذين ابتعدوا عنه وهو مزمع أن يدينهم إن لم يرجعوا ويتوبوا. فصوّر لهم أن الأعداء سوف يحاصرون أورشليم وهم في داخلها يقاسون الجوع الشديد. فقال لحزقيال أن يتكىء على جنبه اليسار ويضع عليه إثم بيت اسرائيل وقال له "أنا قد جعلت لك كل يوم عوضاً عن سنة فثبت وجهك على حصار أورشليم...الخ" ولم تكن هذه نبوة ولا يمكن أن يقال أن اليوم صار سنة.
والكتاب المقدس لا يخلط بين الأيام والسنين، ولا يخلط بين أسابيع الأيام وأسابيع السنين. ففي (تكوين 29) يقول يعقوب للابان "أخدمك سبع سنين براحيل ابنتك الصغرى. ولما خدعه لابان وأعطاه ليئة احتجّ يعقوب فقال له لابان "أكمل أسبوع هذه فنعطيك تلك أيضاً... ففعل يعقوب هكذا فأكمل أسبوع هذه" (ع 27، 28) أي خدم سبع سنين وواضح هنا أن الأسبوع سبع سنين ولما جاء الناموس أعطى وصيته بحفظ يوم السبت كل أسبوع أيام: ستة أيام تعمل عملك وأما اليوم السابع ففيه تستريح. وكذلك كل أسبوع سنين تكون السنة السابعة سنة سبتية لراحة الأرض. إذ قال لهم: "ست سنين تزرع حقلك وأما السنة السابعة ففيها يكون للأرض سبت عطلة. لا تزرع حقلك ولا تقضب كرمك" (لاويين 25: 3، 4). ففي كل أسبوع أيام هناك يوم راحة للإنسان والحيوان وفي كل أسبوع سنين هناك سنة سبتية راحة للأرض.
وفي سفر دانيال يتكلم عن أسابيع أيام تمييزاً عن أسابيع سنين ففي (دانيال 10: 2) يتكلم عن أسابيع أيام وفي (دانيال 9: 24) يتكلم عن أسابيع سنين بدون خلط بينهما. واضح أن ما جاء في (دا 9: 24) عن سبعين أسبوعاً هي أسابيع سنين قضى بها الله على شعب دانيال (اليهود) بقوله "سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة (أورشليم فلا علاقة لذلك بالكنيسة أو المسيحية)، لتكميل المعصية وتتميم الخطايا (أي وضع حد لإنهاء الخطايا) وعمل كفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدي" أي أن الله سيضع حداً لكل تاريخ الفشل والإثم بالنسبة للأمة الإسرائيلية وسوف يؤتى بالبر الأبدي في النهاية (أي المسيح الذي سوف يملك بالبر في الملك الألفي قارن أشعيا 32: 1 – 4، إرميا 23: 5، 6) لأن الجميع من الكبير إلى الصغير سوف يعرفون الرب (إرميا 31: 34) "فأعلم وأفهم...أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع، واثنان وستون أسبوعاً يعود ويبني سوق وخليج (خندق مائي) في ضيق الأزمنة. وبعد اثنين وستين أسبوعاً يقطع المسيح (يقطع من أرض الأحياء) وليس له" (أي يموت ولا يملك) (دا 9: 24 – 26) أي أن ال 70 أسبوعاً قسمت ثلاثة أقسام 7+62+1=70 أسبوعاً ومجموع القسمين الأولين 69 أسبوعاً أي 483 سنة. بدايتها منذ صدور الأمر لبناء أورشليم. وقد صدر هذا الأمر من أرتحشستا ملك فارس إلى نحميا في السنة العشرين من ملكه أي سنة 455 ق.م. في شهر نيسان (شهر الفصح ويقابل شهر أبريل) لكي يقوم نحميا ويذهب إلى أورشليم لبنائها (نحميا 2: 1، 5) وأما النهاية ال 69 أسبوعاً أي بعد 483 سنة فتأتي بنا إلى سنة (29 ب.م.) حيث يقول "يقطع المسيح وليس له" أي يموت المسيح ولا يملك. موته طبقاً لمشورة الله المحتومة وعلمه السابق (أعمال 2: 23) وكلمة "يقطع" أي يموت لأجل آخرين أي أن موته كفاري لأجل آخرين كما جاء في (إشعياء 53: 8) "أنه قطع من أرض الأحياء. أنه ضرب من أجل ذنب شعبي" والمسيح مات على الصليب سنة (29 ب.م.) في ذات يوم الفصح. هذه حقائق تاريخية. وقد ذكر كل من "كليمنت" (150 – 215) وأوريجانس (185 – 254) أن خراب أورشليم كان بعد حادثة صلب المسيح ب 42 سنة والثابت تاريخياً أن خراب أورشليم كان سنة (70 م).
أما الأسبوع الأخير أي السبع سنين الأخيرة من السبعين أسبوعاً المقضى بها على شعب دانيال (اليهود) وعلى مدينته (أورشليم) فقد تأجل هذا الأسبوع بسبب دخول الكنيسة كتدبير جديد بعد موت المسيح. وبداية الكنيسة هي يوم الخمسين (أعمال 2) ونهايتها يوم اختطافها (1 تس 4، 1 كو 15: 51 – 58). وفترة الكنيسة على الأرض لا يدخل فيها حساب الأزمنة والأوقات الخاصة بالأرض أي الأمة اليهودية أو الشعب الأرضي. لأن الكنيسة طابعها سماوي نظير رأسها السماوي "وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضاً" (1 كو 15: 48) لكن بعد اختطاف الكنيسة ينتهي تدبير النعمة الحاضر ويعود الله ويتعامل مع شعبه القديم مرة أخرى كما قيل في رسالة رومية (ص 11: 25 – 35) "...أن القساوة قد حصلت جزئياً لإسرائيل (أي قساوة قلوبهم وعمى بصيرتهم) إلى أن يدخل ملئ الأمم (أي يكمل عدد المؤمنين من الأمم). وهكذا سيخلص جميع اسرائيل (أي البقية التي ستخلص أما الأغلبية اليهودية فسوف ترتد وتهلك بسبب إتباعهم النبي الكذاب)... لأنه كما كنتم أنتم (الأمم) مرة لا تطبعون الله ولكن الآن (في زمن النعمة) رحمتم بعصبان هؤلاء. هكذا هؤلاء أيضاً الآن لم يطبعوا لكي يرحموا هم أيضاً في المستقبل برحمتكم (أي على مبدأ النعمة أيضاً) لأن هبات الله ودعوته هي بلا ندامة" (ع 29) (سوف نعود لهذا الموضوع: خلاص اسرائيل عند الكلام عن عيد أو هلال أو سبت التي هي ظل الأمور العتيدة" (كولوسي 2: 16، 17).
نعم سيعود الله بعد اختطاف الكنيسة ويتعامل مع شعبه القديم (اسرائيل) في الأسبوع الأخير – وهذا الأسبوع قسم إلى نصفين – النصف الأول هو مبتدأ الأوجاع والنصف الأخير هو الضيقة العظيمة التي أنبأ عنها إرميا النبي (إر 30: 7) المسماة ضيقة يعقوب (انظر متى 24: 21). في بداية الأسبوع سيصير تحالف الشعب اليهودي بزعامة النبي الكذاب اليهودي (أي الوحش الطالع من الأرض) مع الإمبراطور الغربي (الوحش الطالع من البحر) (انظر رؤ 13). وفي منتصف الأسبوع ينقض العهد كما جاء في نبوة دانيال عينها (ص 9: 24 – 27) "يثبت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد (الأسبوع الأخير). وفي وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة (لأنه سيصبح هو غرض العبادة)" ونصف الأسبوع هذا نجد تفصيلات كثيرة عنه في سفر الرؤيا فيقال عنه 42 شهراً (رؤ 11: 2، 13: 5) وتارة يقال عنه 1260 يوماً (رؤ 12: 6) وتارة يقال عنه "زماناً وزمانين ونصف زمان" (رؤ 12: 14، دا 7: 25) لأن الزمان هو سنة (تك 18: 10، دا 4: 25، 32) ومن هنا نفهم أن نصف الأسبوع مذكور بالسنين والشهور والأيام ولا يوجد شيء على الإطلاق لكي يقال أن الأيام تحولت إلى سنين.
والعجيب أن ال 1260 يوماً التي هي ثلاث سنين ونصف أي الضيقة العظيمة التي أنبأ عنها دانيال (ص 12: 1) وكذلك الرب يسوع "ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون. ولو لم تقصّر تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين (أي البقية اليهودية الرافضة عبادة الوحش) تقصّر تلك الأيام" (متى 24: 21، 22)، هذه الأيام المقصرة حولوها إلى سنين فجعلوها 1260 سنة ادّعوا أنها زمن تسلط بابا روما من سنة 538م إلى سنة 1798م عندما أخذ نابليون بونابرت بابا روما أسيراً. وهذا التلفيق في السنين واضح لأن أول بابا لروما هو جريجوري الأول الملقب بالكبير كان سنة 590م وليس سنة 538 كما أن بونابرت لم يسقط البابوية ولكنه هو الذي مات في المنفى لكن هذه عيّنة من تفاسيرها العجيبة التي هي تزوير مبنى على تلفيق.
وثمة خطأ آخر جسيم، فقد جعل ملّر بداية ال 2300 سنة كما ادّعى هي سنة 457 ق.م. وهذا التاريخ هو بداية السبعين أسبوعاً أي التاريخ الذي فيه أصدر أرتحشستا ملك فارس الأمر لنحميا ببناء أورشليم (نح 2: 1،5) وكان هذا الملك صديقاً لليهود وليس عدواً لهم ولم يبطل المحرقة الدائمة إطلاقاً. أما الملك الذي فعل ذلك فهو ملك سوريا أنطيوخوس الرابع (أبيفانوس) كما سبقت الإشارة وذلك سنة 168 ق.م. أي أن خطأ ملّر ليس خطأ بسيطاً مركب وفوضى أرقام. والشيطان يعتمد على جهل الناس بالمكتوب (وهو سبب للضلال مت 22: 29) واستعدادهم لقبول أية أكاذيب بدون الرجوع لكلمة الله الصادقة الأمينة. وليت الأمر وقف عند هذا الحد لكننا سوف نرى ما هو أعجب من ذلك.

تفسير خاطىء لكلمة الله تمخض عن نبوة كاذبة
في تفسير ملّر لنبوة دانيال عن ال 2300 صباح ومساء، قال أن المسيح سيأتي إلى الأرض ويقيم ملكه في ربيع سنة 1843، ولكن مضى الربيع ولم يحدث أي شيء فماذا يقول للجماهير التي كانت تستمع إلى محاضراته في القاعات الكبرى والأعداد الكبيرة من الناس الذين انضموا إلى " حركة منتظري مجيء المسيح". بعد البحث طلع بحساب جديد مفاده أن المجيء سيتم بين ربيع سنة 1843 وربيع سنة 1844 طبقاً للتقويم اليهودي. وهذه النبوة خابت أيضاً. لكن قام أحدهم "صموئيل سنود" وقال أن تبرئة القدس أي مجيء المسيح سيكون يوم 22 أكتوبر سنة 1844 لأن اليهود عدّلوا تقويمهم لكن لم يحدث شيء على الإطلاق وكانت الخيبة مريرة.
بعد هذا الفشل المريع اضطر ملّر أن يعترف بكل بساطة بأنه أخطأ في حساباته وأعطى أمراً بوجوب انتظار عودة المسيح دون تحديد وقت معيّن. ولكن الأمر لم ينته بهذه السهولة لأن هذا الفشل أحدث بلبلة في صفوف أتباعه الذين سبق أن هجروا كنائسهم والبعض طردتهم كنائسهم.
ماذا يفعل الشيطان؟ الذي قال عنه الرب يسوع "ذاك كان قتالاً للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له" (أي كما يقول المثل كل إناء بالذي فيه ينضح) وهو لا ينضح إلا كذباً "لأنه كذاب وأبو الكذاب" (يو 8: 44). أما الرب يسوع فلأنه يقول الحق فالأغلبية المنساقة وراء الشيطان لا تؤمن به. ويحق له أن يسأل "فإن كنت أقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي" (ع 46) وياله من سؤال خطير وعدم الإجابة عليه خطير جداً.
بينما اعترف رائد الحركة ملّر أنه أخطأ، فإذا بالشيطان في اليوم التالي مباشرة أي في صباح يوم 23 أكتوبر 1844 يقيم شخصاً وهو قطب من دعاة الأدفنتست يدعى "حيرام إدسون" وأذاع بياناً هذا نصّه "علمت في رؤيا أن خروج كاهننا العظيم من قدس الأقداس لكي يأتي إلى الأرض ما زال بعيداً جداً. إلا أنه في نهاية ال 2300 صباح ومساء، دخل للمرة الأولى القسم الأول من القدس لكي يكمل أحد الأعمال قبل مجيئه إلى الأرض".
فماذا نقول لشخص يعتبر نفسه نبيّاً لكي يخالف أقوال الله؟ أي أن الشيطان أراد أن يخفي الكذبة الأولى التي انكشفت بكذبة أخرى يصعب اكتشافها. لكن الوحي الإلهي يقول "لأنه من وقف في مجلس الرب ورأى وسمع كلمته؟ من أصغى لكلمته وسمع؟" (إرميا 23: 18) لكن هذه هي سمة الأنبياء الكذبة عندما لا تسعفهم كلمة الله فإنهم يلجأون إلى الرؤى والأحلام ولكن ماذا يقول الرب عنهم "قد سمعت ما قالته الأنبياء الذين تنبأوا باسمي بالكذب قائلين حلمت حلمت... النبي الذي معه حلم فليقص حلماً والذي معه كلمتي فليتكلم بكلمتي بالحق. ما للتبن مع الحنطة يقول الرب أليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر" (إرميا 23: 25 – 29) ويقول الرب أيضاً إلى الشريعة وإلى الشهادة. إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر (نور) (إشعياء 8: 19 – 22) نعم إلى شريعة الله وكلمة الله فهي وحدها السراج لأرجلنا والنور لسبيلنا.
ومع أن الأكذوبة الثانية أشر من الأولى إلاّ أن الشيطان جعلها بمثابة علاج لكي يشفى الجرح المميت الذي أصاب ملّر. والعجيب أن الناس يصدقون. وإذ صادف الشيطان نجاحاً فإنه يتمادى في أكاذيبه. مؤيداً الأكاذيب بالأكاذيب. وفي هذه المرة يلجأ للسلاح القديم الذي جرّبه في جنة عدن وهو المرأة أي الإناء الأضعف، فهي أداة الشيطان للغواية. إن فتاة تدعى "إلن هرمون" عمرها سبعة عشر عاماً أعلنت في شهر ديسمبر سنة 1844، بعد رؤيا "حيرام إدسون" بشهرين أنها تمتعت برؤياها الأولى وأنها رأت الآلام التي سيتجرعها الأدفنتست وهم في الطريق إلى المدينة السماوية. وهكذا صورت أن الأدفنتست سيكونون شهداء يتألمون في طريق الشهادة الأمينة له فالشيطان يستطيع أن يقيم شهداء مزيفين.
وفي سنة 1846 تزوجت هذه الفتاة من مستر "جيمس هوايت" وهو احد معاوني ملّر وأصبحت تعرف بمسز "إلن هوايت" وتوالت إعلاناتها ونبواتها فهي تقول "بفضل إنارة الروح تمكنت أنا كاتبة هذه السطور أن أرى مشاهد الاقتتال بين الخير والشر خلال الأجيال المتعاقبة" (كتاب مأساة العصور صفحة 12). لقد قدمت السيدة "إلن هوايت" نفسها "كرسولة الرب" (كتاب مسائل 9 صفحة 92) ومن ضمن أقوالها يوجد الكثير من هذه العبارات "لقد رأيت" و" لقد أعلن لي" و"لقد أعطيت أنواراً خاصة" و"لقد أعطاني الرب أن أقول..."
وفوق هذا، فبين الأسئلة الثمانية عشر التي تطرح على طالبي المعمودية يوجد هذا السؤال: هل تؤمن بعقائد الكتاب المقدس وبالمواهب الروحية المعطاة للكنيسة؟ وهل تقبل الروح النبوية كما هي ظاهرة في حضن الكنيسة بواسطة رسولية وكتابات السيدة إلين هوايت؟ (كتاب مختصر عقائد الكنيسة صفحة 80).
فهل يعطى لكلام بشري هذا السلطان كما لأقوال الوحي الإلهي؟ هل تزاد على الكتاب المقدس الذي ختم بسفر الرؤيا، أقوال أخرى؟ لنسمع ما يقوله الوحي الإلهي "لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب، إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب" (رؤ 22: 18، 19).
ويقول بولس الرسول للعلاطيين "إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء نعير ما بشرناكم فليكن أنا تيما (أي ملعوناً Accursed). كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضاً إن كان أحد يبشركم نعير ما قبلتم فليكن ملعوناً" (غلا 1: 8، 9) وماذا يقول أيضاً للكورنتيين؟ "لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذوناً لهن أن يتكلمن...لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة أم منكم خرجت كلمة الله أم إليكم وحدكم انتهت عن كان أحد يحسب نفسه نبياً أو روحياً فليعلم ما أكتبه إليكم إنه وصايا الرب" (1 كو 14: 34 – 37) وماذا يقول أيضاً في رسالته لتيموثاوس بخصوص الترتيب في الكنيسة؟ يقول "لست آذن للمرأة أن تعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت لأن آدم جبل أولاً ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي" (ا تي 2: 12 – 14).
وفي ضوء أقوال الوحي الإلهي هذه نستطيع أن نحكم على الأشياء الحادثة بين السبتيين.
آخر الأقوال الموحى بها هي ما كتبه يوحنا الرسول الذي طالت أيامه بعد رقاد الرسل الآخرين. لقد كتب انجيله ورسائله الثلاث وأخيراً سفر الرؤيا. ويقول في رسالته الأولى (ص 4: 1) "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" وكيف نمتحن الأرواح؟ إن الكلمة المكتوبة هي التي تحكم تصرفاتنا وأقوالنا وليست الرؤى والأحلام. الكتاب المقدس وحده هو قانون إيماننا وليتنا نصغي إلى معلمنا الذي ليس مثله معلماً الذي قال "أنظروا كيف تسمعون "Take heed how ye hear" (لو 8: 18). أي يجب أن نمتحن كل شيء بواسطة كلمة الله. يوجد معياران للحق: هما شخص المسيح وكلمة الله وبهذين المعيارين نمتحن الأرواح (1يو 4: 1)، كل ما ينقص من مجد المسيح فهو روح شرير لأن الروح القدس هنا على الأرض منذ يوم الخمسين لكي يمجّد المسيح كما قال له المجد "ذاك يمجدني" (يو 16: 14) وكل ما يخالف كلمة الله فهو من الشرير.
إن "تعليم المسيح" هو ما يعلمه الروح القدس عن لاهوت وناسوت الرب يسوع "وكل من تعدّى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً. إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام لأن من يسلّم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2 يو 9 – 11).
والآن دعنا نمتحن أحلامهم وإعلاناتهم ورؤاهم في نور كلمة الله التي هي كنار تحرق تبن كل تعليم لا يتفق مع كلمة الله.
 
الفصل الثانى
فحص النبوات في نور كلمة الله

1- رؤيا "حيرام إدسون" التي أعلنها يوم 23 أكتوبر سنة 1844
بعد أن عدّل ملّر حساباته وأعلن أن مجيء المسيح إلى الأرض سيكون بين ربيع سنة 1843 وربيع سنة 1844 قام أحدهم وهو "صموئيل سنود" وأعلن أن مجيء المسيح سيكون يوم 22 أكتوبر سنة 1844.لكن خاب ظنهم فاضطر ملّر أن يعترف بأنه أخطأ في حساباته وأعطى أمراً بوجوب انتظار عودة المسيح دون تحديد وقت معين ولكن الأمر لم ينته بهذه السهولة لأن الشيطان لا يخجل من الكذب ولا يكف عن الشغب. ففي صباح اليوم التالي كتب أحد أقباطهم ويدعى "حيرام إدسون" بياناً هذا نصّه "علمت في رؤيا أن خروج كاهننا العظيم من قدس الأقداس لكي يأتي إلى الأرض مازال بعيداً جداً. إلا أنه في نهاية ال2300 صباح ومساء دخل للمرة الأولى القسم الأول من القدس لكي يكمل أحد الأعمال فبل مجيئه إلى الأرض، كلمات قليلة تضمنت ضلالات عديدة. 
1-كيف يقول نبيهم هذا أن مجيء الرب ما زال بعيداً جداً وفي نفس الوقت يسمّون أنفسهم "أدفنتست" أي "منتظرو مجيء المسيح" أليست هذه هي لغة العبد الرديء الذي يقول "سيدي يبطيء قدومه" (مت 24: 48) وذلك عكس وصية الرب بوجوب الاستعداد الدائم وانتظاره. كما أن أقوالهم هذه تخالف الرجاء المسيحي وهو أحد أركان المسيحية الثلاثة "الإيمان والرجاء والمحبة" إن أول رسالة كتبها بولس الرسول وهي رسالة تسالونيكي الأولى يقول فيها "متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح... وكيف رجعتم إلى الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي وتنتظروا ابنه من السماء... يسوع الذي ينقذنا من الغضب الآني" (1 تس 1: 3، 9، 10).
إن المؤمنين من زمن الرسل كانوا ينتظرون مجيء الرب يسوع المسيح كما أوصاهم، والرب يريد أن يبقي هذا الرجاء حباً في قلوب وأذهان المؤمنين. في انجيل يوحنا نقرأ أن الرب بعد قيامته من بين الأموات وقبل صعوده للسماء قال لبطرس عن يوحنا "إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أحي. فماذا لك؟ اتبعني أنت. فذاع هذا القول بين الأخوة أن ذلك التلميذ (يوحنا) لا يموت ولكن لم يقل له يسوع أنه لا يموت بل إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أحي فماذا لك" (يو 21: 22، 23) 
2-ثم يقول أن المسيح دخل للمرة الأولى القسم الأول من القدس فهل يوجد هيكل في السماء وبه قسم أول وقسم ثان ومسكن أول ومسكن ثان وبينهما حجاب على نمط الهيكل الأرضي؟ هكذا تصوروا مع أن كلمة الله الصادقة الأمينة طبقاً لرؤيا يوحنا نسمعه يقول عن المدينة السماوية "ولم أرَ فيها هيكلاً لأن الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف (الاسم الرمزي للرب يسوع) هيكلها" (رؤ 21: 22) إن السماء عينها هي هيكل الله لأنها مكان سكناه لكن السماء ليست مجزأة إلى قدس وقدس أقداس وبينهما حجاب كأنه يوجد جزء في السماء لم يستطع الرب يسوع أن يدخله إلا بعد 1800 سنة من إكمال العمل على صليب الجلجثة ما هو هذا الشيء الذي أخفاه عن الرسل الذين قال لهم "لقد أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يوحنا 15: 15).
يذكر متى في انجيله أن حجاب الهيكل انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل (أي أن الله هو الذي شق ذلك الحجاب كنتيجة مباركة ضمن النتائج المترتبة على موته) (مت 27: 51) إن الهيكل لم يكن إلاّ رمزاً لجسد المسيح كما قال المسيح لليهود "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أنا أقيمه. وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع" (يو 2: 19 – 22). والحجاب بين القدس وقدس الأقداس هو رمز آخر لجسد المسيح كما قال بولس الرسول في الرسالة للعبرانيين "فإذا لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع. طريقاً كرّسه لنا حديثاً حيّاً بالحجاب أي جسده... لنتقدم بقلب صادق..." (عب 10: 19 – 22) والمقصود بالأقداس أي إلى ذات محضر الله. ليس هناك فاصل يفصل بين المؤمنين والرب إلههم لأنه شق الحجاب الذي كان يفصل بين الله والساجدين. ووجه الشبه بين الحجاب وجسد المسيح أن الله كان محتجباً في ذلك الجسد ولم يقدر أن يعلن ذاته إلاّ المسيح نفسه بينه وبين المؤمنين ولا يبقى شيء في الوسط الآن بين الله والمؤمنين إلا المسيح نفسه وهو الذي حمل خطايانا وقربنا إلى الله بدمه. وكل من أراد أن يضع فاصلاً بين الله وبين المؤمنين ينكر حقيقة الإيمان المسيحي ويحاول أن يجدد الحجاب المشقوق ويرجعنا تحت النظام الناموسي الذي أبطله الله عند موت ابنه. إن الحجاب انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل (مت 27: 51) أي أن الله هو الذي شقّ الحجاب. قبل شق الحجاب كان اقتراب الإنسان إلى محضر الله موتاً (لاويين 16: 2) أما الآن بعد إكمال العمل (أي عمل المسيح الذي أكمله على الصليب عندما قال "قد أكمل" (يوحنا 19: 20) وليس سنة 1844 كما يقول السبتيّون) فالإقتراب إلى الله هو حياة أبدية وعدم الإقتراب إلى الله بواسطة المسيح هو الموت الأبدي وياله من فارق مبارك. 
إن الروح القدس في الرسالة للعبرانيين يحذّر اليهود الذين اعترفوا بالمسيح من الرجوع إلى الفرائض الناموسية (وهذا هو غرض الرسالة) ويوضح لهم الفارق العظيم بين عهد الناموس ونعهد النعمة فيقول لهم "فإنه يصير إبطال الوصية السابقة (الناموس بفرائضه) من أجل ضعفها وعدم نفعها. إذ الناموس لم يكمل شيئاً... على قدر ذلك قد صار يسوع ضامناً لعهد أفضل" (عب 7: 18 – 22) فما أعظم الفرق بين الناموس الذي لم يكمل شيئاً والرب يسوع الذي قال "قد أكمل". 
في الرب يسوع المقام من الأموات والجالس الآن عن يمين العظمة في الأعالي البرهان الأكيد على عمله الكامل في الصليب. والروح القدس في الرسالة للعبرانيين يقول "بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي" (عب 1: 3) برهان كمال تطهير خطايا المؤمنين وإلا كيف استطاع أن يجلس (كإنسان) عن يمين الله. بعد قيامته من بين الأموات ظهر لتلاميذه "الذين أراهم أيضاً نفسه حيّاً ببراهين بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوماً ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع 1: 3) ثم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله. لقد تألم الرب يسوع الآلام الكفارية على الصليب في الثلاث ساعات التي حجب الله فيها وجهه عنه وقال "استيقظ يا سيف على راعي وعلى رجل رفقتي واضرب الراعي" (زكريا 13: 7، مت 26: 31، 27: 45) هو "الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11) في عملية واحدة تمت على الصليب في الثلاث ساعات التي أظلمت فيها الشمس، "حمل خطايانا" (1 بط 2: 24) و "رفع خطايانا" (1 يو 3: 5). " إنه تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأثمة لكي يقربنا إلى الله" (1 بط 3: 18). 
إن قول "حيرام إدسون" إن المسيح دخل يوم 23 أكتوبر سنة 1844 القسم الأول من القدس "لكي يعمل أحد الأعمال" قول يتضمن معنى أن المسيح لم يكمل كل شيء على الصليب وقوله هذا قالوا عته فيما بعد إن هذا العمل هو "تطهير القدس السماوي من الخطايا المسجلة فيه" فهل كلن عمل المسيح ناقصاً وبقي أن يكمله في السماء ذاك الذي في ليلة آلامه قال مخاطباً الله الآب "العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته" (يوحنا 17: 4) – مضمون رؤيا "حيرام إدسون" أن المسيح لم يكمل كل شيء وفي ذلك انتقاص من عمل المسيح الكامل وهذا ما يقصده الشيطان – إنه يقصد إهانة المسيح. والعجيب أن "مسز إلن هوايت" التي جاءت بعد "حيرام إدسون" أيدت أقواله هذه بنبوة أخرى وهي التي اعتمدوها رسولة ونبية. إن الشيطان يرسل خدامه اثنين اثنين مثل "هيمينايس والاسكندر" (1 تى 1: 20)، "هيمينايس وفيليتس" (2 تى 2: 17)، "ينيس ويمبريس" (2 تى 3: 8) لقد اتفقا على أن المسيح دخل القدس السماوي لتطهيره من الخطايا: وهذا مجرد كلام غامض أما كلمة الله فهي دائماً واضحة ليس فيها غموض. جاء في قاموس موريش "Concise Bible Dictionary" تفسيراً لكلمة "وحي Oracle أي أقوال الله" أن الشيطان يقلد أعمال الله والأرواح الشريرة تعطي أقوالاً غامضة لكي يفسروها حسب أهوائهم.

2- رؤى ونبوات وتعاليم مسز "إلن هوايت"
بعد رؤيا "حيرام إدسون" بشهرين قامت فتاة عمرها سبعة عشر عاماً تدعى "إلن هرمون" وقالت أنها تمتعت برؤياها الأولى وذلك في ديسمبر عام 1844. وفي سنة 1846 تزوجت أحد أعوان ملّر وهو مستر "جيمس هوايت" وأصبح اسمها "مسز إلن هوايت" وتوالت اعلاناتها ونبواتها كما سبقت الإشارة وقد أيدت رؤيا "حيرام إدسون" بخصوص تطهير القدس سنة 1844 ثم وافقت بعد ذلك على أفكار "جورج ستورز" بخصوص "رقاد أو نوم أنفس الأموات" أي أن الموت هو حالة "عدم شعور" إذ يقولون أن جميع الناس الأشرار والأبرار يمكثون في قبورهم في حالة عدم شعور من يوم موتهم حتى يوم القيامة (كتاب إقرار الإيمان فقرة 10) كما أيدت عقيدة "ملاشاة الأشرار" وكذلك عقيدة حفظ يوم السبت حسب الوصية الرابعة من الناموس ولذلك يطلب إلى كل من يعتنق مبادئهم أن يتعهد بحفظ يوم السبت من غروب الشمس يوم الجمعة إلى غروب الشمس يوم السبت (كتاب مختصر قانون الكنيسة صفحة 79) وسيصير امتحان هذه التعاليم في نور كلمة الله. أما أخطر تعاليمهم المهلكة فهي المختصة بإنسانية الرب يسوع أي "تعليم المسيح" (2 يو 9، 10).
يدّعون أنهم يؤمنون بالثالوث الأقدس وبأزلية المسيح ولاهوته وتجسده لكن ما هو نوع إيمانهم هذا؟ لقد كتبت مسز هوايت ما يلي: "يقول البعض أن المسيح ما كان ممكناً أن تغلبه التجربة. فلو صحّ هذا لكان المعنى عدم استطاعته أن يشغل مركز آدم وينال النصرة في حين أن آدم قد سقط. والحق أن يسوع قد لبس إنسانيتنا في كل أخطارها وبذلك كان عرضة للهزيمة أمام التجربة (كتاب يسوع وانتظار الإنسانية صفحة 54).
وكذلك بعض كتّاب السبتيين في معرض الكلام عن الطريقة التي حمل بها يسوع خطايا الناس قالوا كلمات معناها "أن المسيح لبس طبيعة بشرية خاطئة مثل كل أبناء آدم (كتابهم "الكتاب يتكلم" صفحة 197) كما يقولون عن المسيح أنه هو "ميخائيل رئيس الملائكة".
فهل يوجد تجديف على اسم الفادي المعبود أفظع من هذا؟ وما جدوى ادعائهم أنهم يؤمنون بالثالوث الأقدس. إن الثالوث الأقدس لا يجب أن يكون مجرد لافتة يضعونها على الباب الخارجي ثم من الداخل يجدف عليه. يقول يوحنا الرسول "...امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" (1 يو 4: 1) والمعيار الأول لامتحان الأرواح هو يسوع المسيح باعتباره الله الذي جاء في الجسد (ع3) والمعيار الثاني هو كلمة الله "من لا يسمع لنا (الرسل أي ما قد كتبوه) فليس من الله" (ع6) أي المعيار الأول هو كرامة المسيح ومجده. والمعيار الثاني هو كلمة الله التي أوحي بها إلى الرسل والأنبياء، ومن هنا نستطيع أن نفهم من أي نبع تستقي منه مسز هوايت اعلاناتها ورؤاها وأحلامها كما نرى أن اعترافهم بالثالوث الأقدس ليس إلا اعتراف أجوف طالما يهدمون مجد ناسوت الابن. وإني أهيب بجميع المسيحيين الحقيقيين خصوصاً القادة بين الجماعات أن يتصدوا لهذا التعليم التجديفي. إن محبتنا للرب تجعلنا غيورين على مجد الرب. ماذا يقول يوحنا الرسول الذي اشتهر بأنه يكتب عن المحبة وعن مجد الرب يسوع؟ يقول في رسالته الثانية "كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً" (2 يو 9) إن تعليم المسيح هو ما يعلمه الروح القدس في الكلمة المعطاة منه عن لاهوت وناسوت الرب يسوع. إن الذي يتعدى أو يتجاوز الكلمة الموحى بها ويخرج عن نطاقها إلى نطاق أفكاره أو تصورات الآخرين وأحلامهم أو إعلاناتهم "فليس من الله" أي ليس له أية علاقة حاضرة بالله أما من يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً. وهذا هو أسمى وأعمق إعلان اللاهوت.
لا نستغرب إن كان في أيامنا يوجد أنبياء كذبة ومعلمون كذبة فإن الرسول بطرس في رسالته الثانية التي كتبها قبيل استشهاده يحذّر المؤمنين قائلاً "لكن كان أيضاً في الشعب (شعب اسرائيل) أنبياء كذبة كما سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة الذين يدسون بدع هلاك... وسيتبع كثيرون تهلكاتهم" (2 بط 2: 1، 2).
والرب قد أعطى تحذيراً لإسرائيل كما أعطى تحذيراً للكنيسة: يقول الرب في سفر التثنية (ص 13) "إذا قام في وسطك نبيّ أو حالم حلماً وأعطاك آية أو أعجوبة ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلاً لنذهب وراء آلهة أخرى... فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم لأن الرب إلهك يمتحنك لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم... وذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يقتل أنه تكلم بالزيغ من وراء الرب إلهكم". هذا هو الحكم في ظل حكومة إلهية على الأرض، عندما كان الرب يملك على شعب اسرائيل (1 صم 8: 7). أما الآن فالذي نعمله هو ما قاله يوحنا الرسول بخصوص الذي يتعدى ولا يثبت في تعليم المسيح "إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم (تعليم المسيح الخاص بلاهوته وناسوته) فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام لأن من يسلّم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2 يو 10). إن يوحنا الرسول الذي كتب عن المحبة أكثر من الآخرين في انجيله وفي رسائله، نجده فيما يختص بمجد الرب يسوع يمسك سيفاً لكي يقطع كل شخص يمتهن كرامة مجد الرب يسوع "لا تسلموا عليه" ليس فقط لا نقبله في البيت، ولا نسلم عليه بل يقطع من الجماعة المسيحية ويقول بولس الرسول "اعزلوا الخبيث من بينكم". في بعض الأمور يمكن التساهل نظير أكل لحم أو أكل بقول. "الضعيف يأكل بقولاً" ومن هو ضعيف الإيمان في مثل هذه الأمور يمكن قبوله (رومية 14: 1، 2) لكن فيما يختص بمجد الرب يسوع لا يوجد تساهل. كل مؤمن يجب أن يكون غيوراً على مجد الرب. المحبة للرب تتطلب الغيرة على مجد الرب وإلا فنحن غير مستحقين له (متى 10: 37، 38). متى كان تعليم المسيح في خطر يجب أن لا نتخاذل في هذا الظرف ولا نقف على الحياد، لأن الحياد في ذلك خيانة للرب، حتى لو كان ذلك الشخص أقرب الناس إلينا ومهما كان الإحراج. صحيح نحن "نتبع السلام مع الجميع (لكن أيضاً) والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب 12: 14) إن القداسة هي طبيعة تسر بالنقاوة ولكنها تقاوم الشر.
وكلام الرسول يوحنا عن الشخص الذي يتعدى ولا يثبت في تعليم المسيح وأننا يجب أن لا نسلم عليه، ينصرف فقط إلى الشخص الذي يعيش في دائرة الاعتراف المسيحي ويأتينا منادياً بأضاليله. ولا تنصرف هذه الأقوال إلى الناس من الديانات الأخرى، كما أن كلام الرب لشعبه قديماً هو عن شخص في وسطهم "إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلماً..." (تث 13) أي واحد من شعب إسرائيل وليس واحداً من الشعوب الأخرى الوثنية، ذلك النبي أو الحالم الحلم يقتل.
 
الفصل الثالث
1- الرد على الافتراءات فيما يختص بإنسانية الرب يسوع
2- الرد على الافتراءات فيما يختص بكفارة المسيح

1-الرد على الافتراءات فيما يختص بإنسانية الرب يسوع المسيح
بعد أن استعرضنا أقوال الناس وحكمتهم البشرية، نأتي إلى أقوال الله الصادقة الأمينة بخصوص "تعليم المسيح" كما يقول الرسول بولس عن الكلمة الموحى بها "التي تتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس" (1 كو 2: 13) نأتي أولاً إلى شهادة الرسل الثلاثة: بولس وبطرس ويوحنا عن أمجاد الرب يسوع في الناسوت وأن الخطيئة بالنسبة له كانت مستبعدة تماماً. لأن المسيح لم يتخذ الناسوت في حالة الإنحراف البتة بل بحالة فريدة استثنائية غير قابلة للخطأ. وشهادات الرسل تأتي مرتبطة مع عمله الفدائي لأنه لو كان فيه ذرة من الخطية لما أمكن أن يكون فادياً للخطاة. والفداء هو أساس كل البركات التي نالها المؤمنون به.
1- شهادة بولس عن شخص الرب يسوع "أنه لم يعرف خطية" (2 كو 5: 19، 20) "أن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا (أي الرسل) كلمة المصالحة، إذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله (وما هو أساس المصالحة؟) لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية (أي ذبيحة خطية) لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" فلو أن المسيح عرف خطية ما كان أهلاً أن يجعل ذبيحة خطية، وما كان في إمكانه أن يكون مصالحاً للناس مع الله. في الرمز في العهد القديم في سفر اللاويين تكلم عن ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم أكثر من كل الذبائح الأخرى وهي التي كانت تقدم عن خطايا الإنسان: يشدد أنها بلا عيب ويذكر أربع مرات أنها "قدس الأقداس" (لاويين 4، 5).
والنتيجة ليست فقط مصالحة الخاطئ مع الله، ولكن هذا الخاطئ بالإيمان يصبح متحداً مع المسيح، يصبح "بر الله في المسيح" ويا لها من نتيجة مباركة.قال الرسول بولس للكورنثيين "ومنه أنتم بالمسيح يسوع أو (به أنتم في المسيح يسوع) الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء. حتى كما هو مكتوب من افتخر فليفتخر بالرب" (1 كو 1: 30، 31). نحن المؤمنين عند إيمان رفضنا حكمتنا وبرّنا لأن المسيح هو حكمتنا وهو برنا أمام الله. لكن السبتيين يسلبون أمجاد الرب يسع كما يسلبون أفراح المؤمنين بالمسيح كبرّهم أمام الله وليست أعمالهم.
2- شهادة بطرس الرسول عن شخص الرب يسوع "انه لم يفعل خطية" غذ يقول في رسالته الأولى "الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر... الذي حمل هو في نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (الصليب) لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر (1 بط 2: 22 -24) لأنه لو فعل خطية ما كان في إمكانه أن يحمل خطايانا على خشبة الصليب. ويقول بطرس أيضاً عن دم المسيح كمن هو ثمن فدائنا "عالمين (إذ قد علمتم) أنكم قد أفديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب... بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس،دم المسيح معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم" (1 بط 1: 18 – 20). كما يقول أيضاً عن المسيح أنه "تألم مرة واحدة (لا تحتاج إلى تكرار) من أجل الخطايا. البار من أجل الأثمة لكي يقربنا إلى الله" (1 بط 3: 18). 
إن جميع بني البشر هم الأثمة وهو الوحيد البار. فما أعظم الفرق بينه وبيننا نحن الذين نولد وارثين للخطية ثم نفعلها "هاأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي" (مز 51: 5) لكنه هو الوحيد الذي قيل عنه قبل ولادته "القدوس" (لوقا 1: 35). جميع بني البشر هم المديونون، لا فرق بين مديون بخمسمائة دينار ومديون بخمسين: الاثنان لم يكن لهما مايوفيان (لوقا 7: 41، 42) أما المسيح فهو المداين وهو الذي في سلطانه أن يسامح ويغفر الخطايا لكل من يؤمن على أساس الدم المسفوك. نعم لقد وفّى الدّين كاملاً للعدل الإلهي. "لكي يكون الله باراً (عادلاً) ويبرر من هو من الإيمان بيسوع" (رو 3: 26). 
3-شهادة يوحنا الرسول عن شخص الرب يسوع "ليس فيه خطية" إذ يقول "وتعلمون أن ذاك (المسيح) أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (1 يو 3: 5) لأنه لو كان فيه خطية لما أمكن أن يرفع خطايانا.
ما هي الكيفية التي بها دخل ابن الله إلى العالم؟ إن طريقة دخوله كانت بالولادة من مريم العذراء وليس بخليقة خاصة كآدم. كانت ولادته المعجزية موضوع بشارة خاصة لمريم بيد الملاك الذي أعلن لها في عذراويتها "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك ولذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو 1: 35). لقد كان هو ابن الله قبل ولادته وبعد ولادته. إن كيفية تظليل العلي لمريم لا تدرك والكتاب لم يصفها ومريم نفسها تقول بالروح القدس "إن القدير صنع بي عظائم" لذلك كان ميلاده لا مثيل له في تاريخ البشرية. والآية العظيمة هي أن قدوس الله ولد بلا أثر للخطية من امرأة هي نفسها ولدت بالخطية نظير بني البشر واحتاجت إلى المخلص وقد وجدته وابتهجت به (لو 1: 47) "لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس" (مت 1: 20) فبقوة تأثيره المقدس وتظليله الشامل أبعد كل ظل للخطية وتجنب كل أثر للأثم. وبلغة الرموز كان الدقيق النقي ملتوتاً بالزيت (أي حبل به بالروح القدس) ثم مسكوباً عليه الزيت أي مسح بالروح القدس. فعند معموديته من يوحنا في نهر الأردن انفتحت السماء له وصوت من السموات قائلاً هذا هو ابني الحبيب به سررت. وروح الله نزل من السماء مثل حمامة وأتى عليه. وفي معموديته إشارة إلى موته عن الخطاة الذين يتوبون ومسرة الله به كمن سيقوم بهذا العمل لمجد الله وخلاص التائبين، كما قال "لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً (أي يضع نفسه بالموت ويأخذها بالقيامة). ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي (أي يموت بإرادته). لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً هذه الوصية قبلتها من أبي " (يو 10: 17،18).
كان معيناً أن يأتي من امرأة (لكي يسحق رأس الحية أي إبليس –تكوين 3) وكان معّيناً أن يُحبل به من الروح القدس. الأمر الذي لم يكنه آدم ولا خلافه هكذا هيأ الله جسداً للابن لكي يكون في الطبيعة الناسوتية هو الوحيد قدوس الله. هذا شيء كان لابد منه وخلافه ما كان يليق بالبن بصفته موضوع مسرة الآب طيلة أيام جسد كالإناء الكامل اللائق لقوة الروح القدس في الخدمة وكذبيحة الخطية في آخر خدمته على الأرض. وما أعظم الفرق بيننا نحن المؤمنين وبينه، نحن الذين حتى عند ولادتنا من الله نُمسح بالروح القدس لكن على أساس دمه الكريم. أما جسده هو فكان هيكل الله بغير حاجة دم.
إن الروح القدس وهو الحارس لمجد الرب يسوع، عند الكلام عن تجسد الرب يسوع يقول "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما" (عب 2: 14)وهناك اختلاف واضح بين كلمة "تشارك Partake وفي الأصل اليوناني koinoneoوبين كلمة اشترك took a part وفي الأصل اليوناني meteko أي أنه له المجد أخذ نصيباً في اللحم والدم. عن الرب يسوع ولو أنه تجسّد لكي يموت - لكنه في تجسده يقف فريداً أيضاً. لقد اشترك في اللحم والدم ولم يتشارك – جميع البشر متشاركين على قدم المساواة. وجميع البشر جاءوا إلى العالم ليس بإرادتهم. أما هو فقد جاء إلى العالم بإرادته.وُلد بإرادته ومات بإرادته كما سبقت الإشارة (يوحنا 10: 17، 18) عند معموديته يقول متى البشير "وإذا السموات قد انفتحت له" (مت 13: 16)، the heavens were opened to him.and Io وإذا and Io معناها انتبه أيها القارئ لمن انفتحت السموات؟ إن السموات لم تنفتح لإنسان ما تكريماً إلا هو فقط. والروح القدس نزل عليه وصوت من السموات قائلاً "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" تنبيهاً للجميع أن هذا الشخص يختلف عن باقي البشر الخطاة. فإنه هو "البار" الوحيد ابن الله.
وبخلاف الشهادة له عند العمودية هناك شهادة أخرى عن نتيجة التجربة من إبليس. لقد أصعده الروح القدس إلى البرية لكي يجرّب من إبليس. كان ينبغي أن يجرّب من إبليس كما جرّب دم في جنة عدن. لكن الرب يسوع جُرّب في ظروف قاسية بعكس الظروف التي كان آدم محاطاً بها. لم يكن آدم جائعاً عندما كسر الوصية وأكل من الشجرة التي منعه الله من الأكل منها امتحاناً لطاعته وكان له أن يأكل من ثمر شجر الجنة. أما الرب يسوع فقد أصعده الروح إلى البرية المقفرة وكان صائماً وجائعاً، نلاحظ أن الله هو الذي أصعده لكي يجرّب من إبليس. كان ينبغي أن الله يعطي برهاناً لنا إن رجل مشوراته المعيّن أن يقدم ذبيحة عن ذنب البشر لا يمكن أن يهزم لأنه قدوس وأنه الوحيد الذي يغلب المجرب. وقد غلبه بكلمة الله. كان انتصاره على الشيطان أكيداً، وذلك لأنه لم يكن للشيطان في المسيح شيء كما قال له المجد "رئيس هذا لعالم يأتي وليس له فيّ شيء" (يو 14: 30). ليس فقط لا يمكن أن يهزم بل ويستحيل أن يخطئ. من أجل ذلك "قد أُظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (1يو 3: 5) ليس فقط لكي "يحملها" كما سبقت الإشارة (1بط 2: 24) بل لكي يرفعها. لقد أتمّ الأمرين بعملية واحدة إتماماً كاملاً. هذه العملية استغرقت ثلاث ساعات فيها أظلمت الشمس عندما كان ابن الله على الصليب لكي يكفّر عن خطايانا. في نهاية الساعات الثلاث صرخ تلك الصرخة الرهيبة "إلهي إلهي لماذا تركتني" أي صرخة الكفارة. لم يصرخ عدما دُقت المسامير في يديه ورجليه ولكنه صرخ عندما شب الكأس الرهيبة التي ملأتها خطايانا. لقد شربها كلها بالنيابة عنا ولم يبق لنا شيئاً. 
إن حياته هنا على الأرض أي "في أيام جسده" معطاة لنا في الأناجيل الأربعة (شهادة للعالم في أربعة أطراف الأرض). حياته كالإنسان الذي عاش على أرضنا كان مرموزاً إليها في سفر اللاويين بتقدمة الدقيق. والتقدمات في (لاويين2) توصف بأنها قداس أقداس. وفي التقدمة نرى نقاوته وقداسته التي كانت معرضة للتجارب المحرقة كإنسان هنا على الأرض بكيفية تختلف عن كل إنسان آخر. والتقدمة التي تعمل على صاج (لاويين 6: 19-22) تُشير إلى التجارب المحرقة التي أتت على الرب يسوع ليس في السر بل علانية أمام الجميع وكان تأثيرها أن نشرت رائحة البخور العطرة التي ملأت السماء حينئذ. وفي حياته احتمل إهانات البشر وبصفة خاصة ليلة آلامه. احتقر بكل أنواع الاحتقار كما لم يحتقر انسان من قبل. كانت النار تستعر فيه على مرأى من الناس. لكن في تجاربه سطع نور سماوي. نعم كان ينبغي أن يختبر هما على الأرض قبل أن يقدم قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة. وفي الأناجيل الأربعة نرى الذبائح الأربع. في يوحنا نرى المحرقة التي فيها شبع قلب الله الآب "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو 18: 11) وفي انجيلي متى ومرقس نرى ذبيحة الإثم وذبيحة الخطية "إلهي إلهي لماذا تركتني" وفي لوقا نرى ذبيحة السلامة (قارن لو 15: 23). إن الروح القدس يضع أسواراً عالية وحراسة مشددة حول ناسوت الرب يسوع لئلا تمتهن كرامته بسبب اتضاعه وصيرورته انساناً. لذلك حتى في الرمز مشدّداً أن الذبيحة تكون "بلا عيب" ففي ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم اللتين تصوران لنا المسيح كمن حمل خطايانا يقول عنها "إنها قدس الأقداس" (لاويين 6: 17، 25) وعن المحرقة يقول "فللرضا عنكم يكون ذكراً صحيحاً من البقر أو الغنم أو المعز، كل ما كان فيه عيب لا تقربوه لأنه لا يكون للرضا عنكم" (لاويين 22: 19، 20) لأن المحرقة تعلن لنا سرور الله في المسيح كمن قدّم نفسه لمجد الله وفي قبول ذبيحة المسيح قبول المؤمنين به الذين أصبحوا متحدين معه. ونشكر الله لأننا نحن المؤمنين صرنا مقبولين أمام الله وقد رضي الله عنا ليس بسبب صلاح فينا ولكن بسبب إيماننا بالمسيح كما جاء في رسالة أفسس أن الله أنعم علينا في المحبوب (أف 1: 6) أي جعلنا مقبولين مرضياً عنا لأننا "في المسيح".
كان هو الذبيحة الحقيقية التي كل الذبائح لم تكن إلا رمزاً له. وكان هو الكاهن الحقيقي وكان هرون رمزاً له. وعن صفته كرئيس كهنة يشهد الروح القدس قائلاً "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات... فإن الناموس يقيم أناساً بهم ضعف رؤساء كهنة وأما كلمة القسم التي بعد الناموس فتقيم ابناً مكملاً إلى الأبد" (عب 7: 26 – 28).
في الإصحاح الأول من رسالة كولوسي يتكلم الروح القدس عن مجد الرب يسوع في الخليقة "فإنه فيه قد خلق الكل (أي بمقتضى سلطانه) ما في السموات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى (كل الأشياء كبيرها وصغيرها) سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به (أي بواسطته) وله (أي لأجل مجده) قد خلق... وفيه يقوم الكل" (كو 1: 16) لقد تكلم في (ع 14) عن مجده في الفداء "الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" ثم في (ع 19) "لأنه فيه سر أن يحل كل الملء" كان هو الله منذ الأزل ولما تجسد حل فيه كل ملء اللاهوت جسدياً ولا يزال يحل فيه إلى الأبد. نلاحظ أن الفعل يحل dwells هو في صيغة المضارع الذي يفيد الاستمرار. نعم إن الملء الإلهي حل في جسد مهيأ له. كامل وقدوس وغير قابل للخطأ. وقال عنه "هيأت لي جسداً" وذلك عند دخوله إلى العالم، ليكون الذبيحة التي بها يتمجد الله، "لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا. لذلك عند دخوله إلى العالم يقول: ذبيحة وقرباناً لم ترد لكن هيأت لي جسداً" (عب 10: 5) جسد مهيأ بقوة الروح القدس بلا ذرة من الخطية (لوقا 1: 35).
هذه الأقوال وغيرها كثير هي بمثابة الامتحان الأول لأجل الأرواح التي تكلم عنها يوحنا الرسول في رسالته (1 يو 4: 1) "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الرواح هل هي من الله لأن الأنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم. ومن الأقوال السابقة يتضح كذب أقوال السبتيين عن المسيح "أنه لبس طبيعة بشرية خاطئة مثل كل أبناء آدم" (كتاب يسوع وانتظار الإنسانية صفحة 54، وكتاب "الكتاب يتكلم" صفحة 197)
وكما جدفوا على شخصه المعبود يجدفون وينكرون "كمال كفارته على الصليب" وهنا ننتقل إلى النقطة الثانية من تعليمهم بخصوص الكفارة.
متى تمت الكفارة لخطايا المؤمنين؟
كانت بداية السبتيين تفسيراً مضللاً عن نبوة دانيال (ص8: 14) كما سبقت الإشارة في الفصل الأول. والأساس المضلل بنوا عليه تعليماً تجديفياً به ينكرون كمال كفارة المسيح التي تمت على الصليب. قالوا أنه في سنة 1844 حدث حادثٌ سماوي دُعى "تطهير القدس" (كتاب اعترافات الإيمان فقرة 13، وكتاب مأساة العصور صفحة 364).
أما ما هو هذا الحادث الذي حدث سنة 1844 وقد أخفاه الرب هذه ال 1800 سنة عن المؤمنين ولم يعلنه للرسل المؤسسين أمثال بطرس ويوحنا وبولس، مع أن الرب قال للتلاميذ في ليلة آلامه "لا أعود أسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يوحنا 15: 15) ولكن كما سبقت الإشارة، أن الأنبياء الكذبة يعطون أقوالاً غامضة قالوا "أن المسيح خلا الثمانية عشر قرناً كان يمارس رسالته في المكان الأول من القدس... ونتيجة لذلك توضع بالإيمان خطايا كل اللذين يتوبون عن المخلص وذلك في القدس السماوي، لذلك يجب تطهير القدس السماوي تطهيراً حقيقياً بإبعاد الخطايا المسجلة فيه" (كتاب مأساة العصور صفحة 413).
ويفهم من ذلك حسب اعتقادهم أن الكفارة لم تتم على الصليب وهذا ما قاله صريحاً أحدهم الذي قال "أن الكفارة أو المصالحة لم تتم كاملاً على الصليب لأن موت المسيح والكفارة ليسا هما شيئاً واحداً!! وأن المسيح لم ينجز عمل الكفارة كاملاً حين أراق دمه على الصليب" (إريان سميث في كتابه عن " القدس" صفحة 181).
أليس هذا شيئاً عجيباً فما الذي عمل المسيح في الصليب وما الذي لم يعمله إن لم يكن عمله كاملاً؟ وهو الذي قيل عنه "بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي" جلوسه عبد اليمين برهان كمال تطهير خطايا المؤمنين (عب 1: 3) كما جاء في نفس الرسالة (ص 10: 12) "بعدما قدّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله". في عمل المسيح على الصليب قد أُبعدت جميع خطايا المؤمنين على مدى العصور – أُبعدت إلى الأبد – وذلك بعكس الكاهن في العهد القديم الذي يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية. ولم يكن للكاهن في العهد القديم كرسي يجلس عليه. على نقيض ذلك كان الأمر مع المسيح الذي بعدما قدم ذبيحة واحدة (ذبيحة نفسه) من أجل الخطايا جلس. لقد قدّم الذبيحة وانتهى الأمر لكن السبتيين يقولون كلا! إن الكفارة في الصليب لم تكن كاملة لكن "ليكن الله صادقاً وكل إنسان كاذباً"!.
وما هو أردأ من ذلك أن "مسز هوايت" نبية السبتيين في تفسيرها لما جاء في سفر اللاويين (أصحاح 16) تقول عن "تيس عزازيل" أنه رمز للشيطان وتقول في كتابها (مأساة العصور صفحة 713) "حين يرفع رئيس الكهنة بقوة دم الذبيحة الخطايا عن القدس كان يضعها على التيس المرسل (تيس عزازيل) هكذا يسوع باستحقاق دمه سيبعد خطايا شعبه من القدس السماوي في نهاية خدمته وسيضعها على الشيطان، الذي سيحمل القصاص الأخير". هذا ما يعلّم به السبتيون، يعلّمون تعليماً تجديفياً مفاده أن الشيطان في النهاية سيصبح ذبيحة كفارية عن الخطايا. فهل يوجد تجديف أفظع من هذا؟ لكن هذا ما سبق وأنبأ به الروح القدس "لكن الروح يقول صريحاً أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة وتعليم شياطين" (1 تى 4: 1).

2- الرد على الافتراءات فيما يختص بكفارة المسيح
متى حمل المسيح خطايانا أو متى تمت الكفارة عن خطايا المؤمنين؟
الإجابة: تم ذلك في الثلاث ساعات التي أظلمت فيها الشمس كما جاء في (متى27: 45 – 50) في هذه الساعات الثلاث تمت الكفارة.ليس قبل ذلك وليس بعد ذلك. من المذود الذي وضع فيه الرب يسوع عند ولادته من مريم العذراء وحتى ساعة الصلب لم يكن المسيح مكفّراً عن خطايانا. الكفارة تمت كاملة غير ناقصة على الصليب فقط. ومن يقول بخلاف ذلك فهو مبتدع ولا يستحق أن يدعى مسيحياً والبراهين على ذلك واضحة في أجزاء كثيرة من كلمة الله: 
يقول الرسول بطرس في (1 بط 2: 24) الذي حَمَل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (أي خشبة الصليب). فعلى الصليب فقط حمل هو خطايانا. كما جاء أيضاً في رسالة يوحنا (1 يو 3: 5) "وتعلمون أن ذاك أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" أي أنه فعل الأمرين معاً "حمل خطايانا ورفع خطايانا بعملية واحدة استغرقت ثلاث ساعات كما سبق وذكرنا كما جاء في (مت 27: 45- 50) حيث نقرأ "ومن الساعة السادسة (أي منتصف النهار)كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. وفي الساعة التاسعة (أي ساعة تقديم الذبيحة المسائية) صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني" وهذه هي صرخة الكفارة. تم ذلك في الساعة التاسعة أي ساعة تقديم الذبيحة المسائية وسبق الكلام عنها في الفصل الأول عند الكلام عن المحرقة الدائمة. في هذه الثلاث ساعات تمت الكفارة وليس سنة 1844 كما يدعى السبتيون. إن الشيطان وراء كل بدعة يقول الرسول بولس عن الشيطان "لأننا لا نجهل أفكاره" وما يقصده الشيطان من وراء هذه البدعة أن يجعل ذبيحة المسيح بلا قيمة.
إن الكفارة كانت كاملة والروح القدس يرينا النتائج المترتبة عليها وهي: 
1-وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى م فوق إلى أسفل" (ع 51) إن كلمة "وإذا" ويقابلها بالإنجليزية "And lo" هي ملفتة. إن الروح القدس سجل هذه الكلمة التي معناها "إلتفت" أيها القارئ إلى النتائج المباركة لإكمال الكفارة. إن حجاب الهيكل الذي كان يحجب الله وراءه قد انشق من فوق (أي أن الله هو الذي فعل ذلك) إلى أسفل. أي لم يعد الله محتجباً كما كان من قبل إتمام الكفارة "حقاً أنت إله محتجب يا إله إسرائيل المخلص" (أشعياء 45: 15). أما وقد تمت الكفارة فقد تمت المصالحة " وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه" (كو 1: 22) لقد صالحنا الله لنفسه بموت ابنه. وسيصير الكلام عن هذه المصالحة فيما بعد والتي أساسها دم الصليب. 
2- إن متى البشير يتابع الكلام عن بعض نتائج كمال كفارة المسيح بالقول "والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين" (ع 52) إن قيامتهم كانت بعد قيامة الرب في اليوم الثالث، لأنه هو باكورة الراقدين هؤلاء يختلفون عن الذين أقامهم الرب في أيام جسده والذين أقيموا في أجساد مائتة (قابلة للموت) مثل اليعازر، الذي أقامه الرب ثم بعد ذلك مات مرة أخرى. أما هؤلاء فقد قاموا بأجساد القيامة غير القابلة للموت مرة أخرى. فإنهم ظهروا واختفوا. نظير المسيح بعد قيامته. وأجساد القيامة لها هذه الخاصية أي الظهور والاختفاء إذا أرادت.
أما شهادة الروح القدس في الرسائل عن إتمام المصالحة بناء على كفارة المسيح فإننا نورد بعض الشواهد: ويجب أن نميّز أن أساس المصالحة هو موت المسيح. والإيمان هو الوسيلة للحصول على المصالحة "لأنه بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" (عب 11: 6).
1- "لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالأولى كثيراً ونحن مصالحون نخلص بحياته (رو 5: 10) لأنه حي في كل حين ليشفع فينا (عب 7: 25).
2- "ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح" (2كو 5: 18).
3- "لأنه فيه سُرّ أن يحل كل الملء (الإلهي) وأن يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه (أي إذ عمل الصلح بدم صليبه).... وأنتم الذين كنتم فبلاً أجنبيين وأعداء.... قد صالحكم الآن... بالموت" (كو 1: 19- 22).
لكن ما هو الإيمان الذي هو الوسيلة للحصول على الخلاص ونوال الحياة الأبدية؟ يقول الرسول في (رو 10: 9) "لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع (أو بيسوع ربّاً وسيداً لك) وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت. لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص".والإيمان بالقلب أن الله أقام المسيح من الأموات معناه أن الله قبل عمل المسيح الكفاري الذي أُكمل على الصليب، ولذلك أقامه من (بين) الأموات. ولا دخل لمشاعر النفس وانفعالتها في الأمر، بل معنى الإيمان، أن الشخص الذي آمن لم يعد يقاوم الحق بل أصبح طائعاً مرحباً ببشارة الخلاص التي أرسلها له الله. والقلب يؤمن به للبر المؤسس على تقدير الله لعمل الرب يسوع الكفاري، كذلك الفم يعترف به للخلاص وبهذا يكرم الله الذي أرسل ابنه الوحيد كفارة لخطايانا (1يو 4: 10) برهان محبته ويكرم الرب يسوع الذي أطاع حتى الموت موت الصليب. ولذلك فإن الضرورة الأولى هي طبيعة من الله تتوق إلى الله ليهبها ما يقدمه الإنجيل. ومعنى ذلك أنه لابد أن يولد الإنسان من الله (يوحنا 3: 7، 8)قبل أن يرتاح راحة حقيقية على كفارة المسيح. ذلك لأنه إذ يحصل على الحياة الجديدة بهذه الكيفية يدرك في الحال ضرورة الكفارة وقيمتها.
قبل أن يحصل الإنسان على الحياة بواسطة الولادة من الله لا يكون عنده الشعور الكافي بالخطية إذ كيف يتسنى له قبل ذلك أن يعرف طبيعة الله القدوسة معرفة صحيحة. إنه لا يعرف سوى الرعب من الله وهذا يتوفر لدى الوثنى كما هو متوفر لدى الشياطين الذين قيل عنهم "يؤمنون ويقشعرون (أي يرتعبون) " (يع 2: 19) فالإيمان لا يأتي عن طريق الرعب من الدينونة، ولكن عن طريق إدراك محبة الله. "بهذا أظهرت محبة الله فينا (أو تجاهنا أي في حالتنا) أن الله أرسل ابنه الوحيد كفارة لخطايانا" (1يو 4: 9، 10). ونتيجة الإيمان "فرح لا ينطق به ومجيد" (قارن 1بط 1: 8، لوقا 15: 24، أعمال 8: 39، أعمال 16: 34).
واضح جداً ن أقوال الله في الرسائل أن الكفارة تمت مرة واحدة على الصليب لا تتكرر، برهان كفايتها وذلك بالمباينة مع الذبائح الكثيرة التي كانت تقدّم كل يوم في ظل الناموس وإليك أيها القارئ بعض الشواهد: 
1- "فإن المسيح تألم مرة واحدة من أجل الخطايا... لكي يقربنا إلى الله".
2- " كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس... وصار أعلى من السموات 
الذي ليس له اضطرار كل يوم مثل رؤساء الكهنة أن يقدم ذبائح... لأنه فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه" (عب 7: 26،27).
3- "وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً (أو محصلات فداء أبدياً) (عب 9: 12).
4- "ولا ليقدّم نفسه مراراً كثيرة... ولكن الآن قد أظهر مرة عند انقضاء الدهور (الدهور المتعاقبة وآخرها دهر الناموس) ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عب 9: 25، 26).
5- "فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" (عب 10: 10). 
6- "وأما هذا فبعدما قدمّ عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله" (عب 10: 12).
7- "لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين" (عب 10: 14).
وخلاصة الأقوال السابقة: أنه ما كان ممكناً أننا نحن الخطاة ننال خلاصاً يتفق مع برّ الله وعدله إلا بموت المسيح على الصليب حاملاً حملنا الثقيل وهو خطايانا. وهذه هي الكفارة. 
إن الإنجيل أي البشارة المفرحة التي بشرنا بها هي "أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب (العهد القديم) وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب" (1كو 15: 3، 4) ثلاث حقائق مات، دُفن، قام، في الثلاث ساعات الظلمة حمل خطايانا ورفعها ثم مات (مات بإرادته بعد إكمال العمل) ودفن ولما دُفن دُفنت معه خطايانا في اقبر ولما قام في اليوم الثالث لم يقم حاملاً خطايانا لكي يصعد بها إلى السماء ويضعها في القدس السماوي ثم يحملها الشيطان أخيراً كما يقول السبتيون.
هذه الأقوال ليست إلاَّ تعاليم شياطين (1 تى 4: 1) ويحاولون إثبات ذلك بواسطة رمز في العهد القديم يفسرونه تفسيراً شيطانياً. لأن المعروف أن جميع الذبائح في العهد القديم إنما هي رمز للمسيح الذي هو الذبيحة الواحدة الحقيقية لذلك كانت الشروط مشدّدة أن تكون جميع الذبائح بلا عيب بما في ذلك التيسين اللذين يقدمان يوم الكفارة السنوية في اليوم العاشر من الشهر السابع من السنة العبرية (لاويين 16). وإذا رجعنا إلى الشهادة الرمزية عن الكفارة نقرأ "ومن جماعة بني اسرائيل يأخذ تيسين من المعز لذبيحة خطية" (لا 16: 5) واضح أن كلا الحيوانين الطاهرين اللذين بلا عيب، أي ذبيحة مقدسة. ويلقي عليها قرعة: قرعة للرب وقرعة للشعب، والتيس الثاني، قرعة الشعب، يسمى تيس عزازيل (ومعناه بالعبرية الذي يذهب بعيداً) وهو المكمل للأول. وكان رئيس الكهنة (الممثل للشعب يعترف على رأسه بكل ذنوب بني اسرائيل وكل خطاياهم ثم يرسله إلى أرض بعيدة. وهو شهادة لنيابة المسيح في حمل خطايانا، كما أن التيس المذبوح شهادة للتكفير عن الخطية المقضى عليها أمام الرب تبريراً لطبيعته – كلاهما يرمزان لعمل المسيح الكفاري – التيس الأول قرعة الرب لمجد الله الذي شوهته الخطية في هذا العالم. أي موته لكي يقابل مطاليب قداسة الله لكي يتمجد الله من جهة الخطية، إذ كان ينبغي أن يتمجد الله من جهة الخطية بموت المسيح حتى ولو لم يخلص إنسان واحد أما تيس عزازيل قرعة الشعب فلأجل غفران خطايا الشعب فكان يلزم الاعتراف بالخطايا على رأسه ويرسل بعيداً (وهذا هو معنى اسم عزازيل) لكي يستطيع المؤمنون أن يفرحوا بغفران خطاياهم ويقولوا "كبعد المشرق عن المغرب أبعد عنا معاصينا" (مزمور 103: 12) كلا التيسين رمز للمسيح الذي مات على الصليب "لأجل مجد الله ولأجل خلاص المؤمنين الذين أتوا إلى الله معترفين بخطاياهم. وبذلك تم المكتوب "الرحمة والحق التقيا، البر والسلام تلاثما" (مزمور 85: 10) "الرب بار (عادل) في كل طرقه ورحيم في جميع أعماله" (مزمور 145). "العدل والحق قاعدة كرسيه. الرحمة والأمانة تتقدمان أمام وجهه" (مزمور 89: 14) الرب بار (عادل) عندما يدين الأشرار، والرب بار (عادل) عندما يخلص المؤمنين لأنه استوفى حقه من بديلهم على الصليب، كما قيل في رسالة رومية (رسالة التبرير) "ليكون الله باراً (عادلاً) ويبرر من هو من الإيمان بيسوع" (رو 3: 26). لقد بذل الله ابنه الوحيد، بذله كحمل الله لأن قداسته تطلبت ذبيحة بلا عيب، ومحبته أعدت هذه الذبيحة (يو 3: 16) لا يوجد تناقض بين عدالة الله ومحبة الله.
رأينا أن التيسين كلاهما رمز للمسيح. كما أن العصفورين اللذين يؤخذان عند تطهير الأبرص قيل عنهما "عصفوران حيّان طاهران" يذبح الواحد في إناء خزف على ماء حي والعصفور الآخر يغمس في دم العصفور المذبوح على الماء الحي ويطلق على وجه الصحراء، كلاهما رمز للمسيح في موته وفي قيامته. (لاويين 14).
هذا هو الحق الواضح في الإنجيل. أن العهد القديم يفسر في نور العهد الجديد ولا تفسر الرموز طبقاً للخيال البشري والذهن الفاسد الذي يستولي عليه الشيطان ولا تحكمه كلمة الله لكي يهين المسيح ويحتقر عمل المسيح. يقول السبتيون أن "تيس عزازيل" الذي هو ذبيحة خطية بلا عيب هو رمز للشيطان. هل الشيطان بلا عيب؟ هل الشيطان يحمل خطايا المؤمنين؟ إن الشيطان له رمز واحد في العهد الجديد إنه يدعى الحية القديمة لأنه دخل قديماً في الحية وتكلم بواسطتها لكي يخدع حوّاء. وعنه يقول بولس للكورنثيين "ولكن أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم على البساطة التي في المسيح" (2 كو 11: 3). كما جاء في سفر الرؤيا (ص 20: 1) "ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء... فقبض على التنين، الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان: إبليس اسمه باللغة اليونانية. والشيطان اسمه باللغة العبرية ومعنى الاسم: الخصم أو المشتكى. ويرمز له بتنين كناية عن القوة الهائلة والقسوة ويرمز له بالحية كناية عن المكر.
رأينا في تفسيرهم لنبوة دانيال عن ال 2300 صباح ومساء بدعة فيها إهانة للمسيح. ومضمون البدعة أن عمل المسيح لم يكن كاملاً في الصليب. ثم رأينا تفسيرهم للكفارة السنوية (لاويين 16) أن "تيس عزازيل) الذي هو لذبيحة خطية طاهرة بلا عيب أنهم جعلوا التيس الطاهر رمزاً للشيطان. أنهم يكرمون الشيطان ويهينون المسيح وينطبق عليهم ما قاله الرسول بولس أنه "في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة وتعاليم شياطين" (1 تى 4: 1).
ومن ضمن تعاليمهم الشيطانية قولهم عن المسيح أنه هو "الملاك ميخائيل" (آرثر ليكى في كتابه {الله والإنسان العصري صفحة 88، 89} وهم في ذلك شركاء مع شهود يهوه في هذا التفسير. ويبنون تفسيرهم الهرطوقي هذا على أساس أن اسم "ميخائيل" باللغة العبرية معناه "شبه الله" أو "مثل الله" مع أن الترجمة الصحيحة كما يقول العارفون باللغة العبرية أن الاسم معناه "من مثل الله؟" أي لا يوجد شبيه لله. والرب نفسه له المجد يستنكر ذلك إذ يقول في إشعياء (ص 40: 25) "فبمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس؟" إن الرب يسوع لا يقال عنه قط أنه "مثل الله" أو "شبه الله" لأن هذا تجديف فظيع على الرب. بل إن المسيح هو "صورة الله غير المنظور" (كولوسي 1: 15) أي هو "الله الحقيقي" كما قال عنه يوحنا في رسالته الأولى (ص 5: 20) "هذا هو الإله الحق (أي الله الحقيقي) والحياة الأبدية" "He is the true God and eternal life" ولتوضيح الفرق بين "الشبه" و"الصورة" نرجع إلى كلمة الله نفسها. ففي الكلام عن الناموس في (عب 10: 1) قيل "لأن الناموس إذ له ظل (أو شبه) الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء" "أي ليس حقيقة الأشياء.." كما قيل عن الكهنة اللاويين الذين يقدمون قرابين حسب الناموس "الذين يخدمون شبه السماويات وظلها" (عب 8: 5) كما قيا أيضاً "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد، أشباه الحقيقية بل إلى السماء عينها" (عب 9: 23). كما جاء أيضاً في (2 كو 4: 4) "إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله" أي هو الله نفسه.
إن أول ذكر للملاك ميخائيل جاء في (دانيال 10: 13) "وهوذا ميخائيل، واحد من الرؤساء الأولين جاء لإعانتي" ثم في (ع 21) "ولا أحد يتمسك معي على هؤلاء إلا ميخائيل رئيسكم" أي رئيس ملائكة مخصص لشعب دانيال (أي اليهود). وقد ذكر ذلك صراحة في (دا 12: 10) "في ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك" (أي اليهود). كما ورد ذكره في رسالة يهوذا (ع 9) مخاصماً إبليس ومحاجاً عن جسد موسى. وكما نفهم من القرينة أن ميخائيل منع إبليس من كشف قبر موسى حماية لشعب اسرائيل من أن يكون جسد موسى موضع تكريم وعبادة لبني اسرائيل وبذلك يكون فخاً لهم.
وأخيراً نقرأ عن ميخائيل محارباً إبليس (التنين) وإسقاطه مع ملائكته من مكانهم في السماء (رؤ 12). كلاّ! ليس المسيح هو ميخائيل بل هو الذي خلق ميخائيل وكل الرئاسات الملائكية وجميع الملائكة كما جاء عنه في الرسالة للعبرانيين أنه هو "الصانع ملائكته رياحاً (أو أرواحاً)، وخدّامه لهيب نار" (عب 1: 7) وهو الذي قيل عنه في (دانيال 7: 10) "ألوف ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامه". هو الذي في محضره تغطى الملائكة السرافيم وجوههم وأرجلهم بأجنحتهم" (أشعياء 6، يو 12: 41).
ثم من الذي تجسد وصار جسداً ووجد في الهيئة كإنسان؟ هل هو ميخائيل أم الكلمة الأزلي (يوحنا 1: 14) والذي قيل عنه "إنه حقاً ليس يمسك الملائكة" (عب 1: 16)؟ لا يمكن أن يقال عن رئيس ملائكة "أنه ليس يمسك ملائكة" ومهما كانت عظمة ميخائيل فهو مخلوق محدود وأما الخالق غير المحدود هو الذي تنازل لكي يكون الفدية هو "ابن محبته" الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا (كولوسي 1: 13، 14) لكي تكون الفدية غير محدودة كافية لأجل جميع البشر. "وهو مات لأجل الجميع" (2 كو 5: 14، 15).
 
الفصل الرابع
تحول السبتيين الأدفنتست إلى اليهودية

أما وقد أنكروا كمال ناسوت الرب يسوع وقالوا" إن المسيح لبس طبيعة بشرية خاطئة مثل كل أبناء آدم (الكتاب يتكلم صفحة 197) وأنكروا كمال كفارته على الصليب كما سبقت الإشارة كان طبيعياً أن يتجهوا إلى الناموس للتبرير وهذا ما قالوه صراحة في (كتاب "مصير العالم" صفحة 195) إذ قالوا" إن موت المسيح ما كان له من هدف آخر غير إعطاء الخاطىء إمكانية الطاعة للناموس. الطاعة التي بدونها لا يمكن الحصول على شيء". في أقوالهم هذه نجد ارتدادهم عن النعمة. إذ لا يمكن أن نكون تحت الناموس وتحت النعمة في وقت واحد: هما شيئان متباينان كما جاء في (يوحنا 1: 17) "لأن الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا". الناموس هو "قوة الخطية" (1كو 15: 56) أما النعمة فهي قوة القداسة. الناموس يطالب الإنسان أن يعطى مع أنه مفلس ومديون. لكن النعمة تعطى "ومن ملئه (المسيح) نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة" (يوحنا 1: 16) ليس ما يقدمه الإنسان إلى الله هو ما يجعله مسيحياً بل ما يأخذه من الله. والمسيحيون مطوبون لأنهم جميعهم أخذوا "ونعمة فوق نعمة". من يلجأ إلى الناموس فكأنه يبطل نعمة الله (أي يجعلها باطلة) وهذا ما قاله بولس الرسول للغلاطيين "لست أبّطل نعمة الله. لأنه لو كان بالناموس برّ فالمسيح إذاً مات بلا سبب" وبعد ذلك مباشرة يوبخهم ذلك التوبيخ الشديد "أيها الغلاطيين الأغبياء..." (غلا 2: 21، 3: 2).

الموضوع منقول من منتديات المسيحي الجريء


وفي تعليمهم نجد ارتداداً صريحاً لليهودية أو بالحري ارتداداً إلى صورة مشوهة من اليهودية – نقول صورة مشوهة لسببي – أولاً ليس من حق الأمم أن يضعوا أنفسهم تحت الناموس الذي أعطى فقط لبني اسرائيل كما قال الرب لهم "إياكم فقط عرفت من جميع القبائل الأرض لذلك أعاقبكم على جميع ذنوبكم" (عاموس 3: 2) وثانياً لأن الله لم يكن يقصد أن يتعامل مع الإنسان على مبدأ الناموس فهو يعلم أن الإنسان لا يمكن أن يتبرر بالناموس وإنما الناموس كان اختباراً للإنسان والنتيجة فشل الإنسان في ظل الناموس. صحيح أنه لم يعط إلا للأمة الإسرائيلية فقط كعينة من البشر وكان فشلها عظيماً. وإذ اتضح فشل الإنسان أتى الله إليه بالنعمة. والنعمة وحدها هي طريق الله إلى الإنسان وطريق الإنسان إلى الله.
في ارتدادهم إلى اليهودية جعلوا الخلاص بالأعمال الناموسية والامتناع عن بعض الأطعمة. فالمتقدم للمعمودية يتعهد "بالامتناع عن لحم الخنزير وكل اللحوم غير الطاهرة حسب الناموس وزادوا على ذلك الامتناع عن بعض المشروبات" (كتابهم قاعدة الكنيسة صفحة 80) ولكي تكمل الصورة اليهودية حتموا بضرورة حفظ يوم السبت كما جاء في شريعة موسى "من غروب الشمس يوم الجمعة إلى غروب شمس السبت" (كتاب مختصر قانون الكنيسة صفحة 79).
يذكر في سفر الأعمال أن اليهود الذين اعترفوا بالمسيح كانوا غيورين للناموس بطقوسه وفرائضه. إن الطقوس والفرائض بحسب الناموس كانت مرتبة من الله إذ جعلها سياجاً للأمة الإسرائيلية لكي يفصل الشعب عن الشعوب الوثنية في داخل حظيرة. أمة مستقرة في أرضها مسيّج حولها بسياج الناموس والفرائض (متى 21: 33) وقد دخل المسيح إلى تلك الحظيرة بواسطة الباب ليدعو خرافه الخاصة (أي المؤمنين به) يدعوهم بأسماء (لأنه عرفهم بالاسم) ويخرجهم من الحظيرة اليهودية ويضمهم إلى المؤمنين به من الأمم وقد جعلهم "راعية واحدة" أي قطيعاً صغيراً واحداً راعيها الواحد (يوحنا 10: 1، 3، 16). المسيحيون الحقيقيون رعية واحدة راحلة إلى المجد وراء راعيها (عب 3: 1) ولا توجد بعد حظيرة للرب على الأرض.
بسبب عدم الروحانية أو بسبب عدم وجود إيمان حقيقي، كان كثيرون من اليهود الذين آمنوا بالمسيح غيورين للناموس (أعمال 21: 20) لأن هذا كان امتيازاً لهم عن الأمم الوثنية، فكانوا يحنون للناموس. لكن ما هو عذر المسيحيين من الأمم الذين لم يوضعوا قط تحت الناموس؟ ما هو عذرهم أن يجعلوا أنفسهم تحت الناموس وفرائضه؟ السبب هو ميل الإنسان الطبيعي للديانة الجسدية. أما المسيحية فلا يقال عنها أنها ديانة لأنها شيء جديد روحي أساسها "المسيح المقام من بين الأموات" والإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة (أمور الله بالنسبة له جهالة) ولا يقدر أن يعرفه لأنه يحكم فيه روحاً (1 كو 2: 14). والسبب الثاني هو أنه منذ بداية تاريخ الكنيسة دخل معلمون كذبة من اليهود وسط كنائس الأمم وجعلوا يعلمون المؤمنين من الأمم لأنهم يجب أن يضيفوا شيئاً من الفرائض الناموسية علاوة على إيمانهم بالمسيح. وهذا ما نجده تاريخياً في سفر العمال (أع 15) وقد صار البت في هذا الموضوع في مجمع الرسل والأخوة المشايخ في أورشليم بقرار نصه كالآتي " الرسل والأخوة المشايخ يهدون سلاماً إلى الأخوة الذين من الأمم... إذ قد سمعنا أن أناساً خارجين من عندنا (أي من أورشليم واليهودية) أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس. الذين نحن لم نأمرهم...لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً آخر غير هذه الأشياء الواجبة أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والخنوق والزنا... الخ" (أع 15: 23 – 29) وليس في هذا القرار شيء من الناموس. لأن نجاسات الأصنام ويرتبط بها الزنا أيضاً (الأكل من ذبائح الأوثان والزنا رؤ 2: 14) كانت محرمة على البشر قبل إعطاء الناموس وكذلك المخنوق والدم (لأن المخنوق دمه فيه) (انظر تكوين 9: 2 – 6).
كان ذلك كافياً جداً لكي يسترشد به من يريد أن يسلك بحسب حق الإنجيل لكن ماذا حدث بعد ذلك بسنوات قليلة؟ نفهم من رسالة غلاطية التي كتبت بعد قرار مجمع أورشليم بحوالي خمس سنوات (كتبت سنة 54م. تقرباً) أن هذا المرض انتشر كوباء بين كنائس غلاطية أي كنائس عديدة في مقاطعة غلاطية. لذلك كتب إليهم بولس الرسول تلك الرسالة بغضب مقدس. والرسالة خالية من التسليمات بخلاف رسائله الأخرى دليل خطورة الحالة فيقول لهم "إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى انجيل آخر (ص 1: 6) ليس هو آخر (أي ليس إنجيلا على الإطلاق بل هو يهودية مشوهة): غير أنه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحولوا انجيل المسيح" (غلا 1: 6، 7). إن التحول عن الإنجيل إلى الناموس يسميه الرسول بولس "ازعاجاً" وهي نفس الكلمة التي قالها الرسل والأخوة المشايخ في الرسالة المرسلة لكنائس الأمم بخصوص الموضوع نفسه "أناساً خارجين من عندنا (من اليهودية) قد أزعجوكم... قائلين أن تحفظوا الناموس" (أع 15) هذا الانزعاج نجده حادثاً الآن من السبتيين الذين ينادون بحفظ الناموس وبدون الطاعة للناموس لا يمكن الحصول على شيء (كتاب مصر العالم صفحة 195) كما قال المعلمون الكذبة للأخوة في أنطاكيا "لا يمكنكم أن تخلصوا" وبعبارة أخرى لا ينفعكم المسيح شيئاً.
إن الرسول بولس خاطب كنائس غلاطية بكلمات قاسية بسبب غيرته على مجد الرب يسوع فقال لهم "أيها الغلاطيون الأغبياء من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق. أنتم الذين أمام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوباً" (غلا 3: 1) أي أن الرسول بولس عندما كرز لهم رسم أمامهم الصليب بأهواله. كرز لهم بمسيح متضع وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب، حدثهم عن ساعات الظلمة الثلاث عندما كان المتألم القدوس يحتمل قصاص خطايانا من العدل الإلهي. عندما شرب الكأس المريرة التي ملأتها خطايانا، صارخاً صرخة الكفارة "إلهي إلهي لماذا تركتني؟". لقد برر الله في تركه له حين شرب كأس خطايانا المرة (مز 22). جميع المؤمنين يؤمنون أن المسيح أخذ مكانهم على الصليب وأنه "أسلم من أجل خطاياهم وأقيم لأجل تبريرهم" (رومية 4: 25). جميع المؤمنين الحقيقيين يحسبون أنه عند الصليب انتهت صلتهم بالجسد والعالم والناموس.
يقول الرسول لهم "من رقاكم؟" أي من أخذكم بمكر وخداع وجذب أفكاركم حتى لا تذعنوا للحق؟ فالتعاليم الكاذبة لها دائماً مظهر خداع وحكاية حكمة (2 كو) والمعلمون الكذبة "بالكلام الطيب والقوال الحسنة يخدعون قلوب السلماء" (رو 16: 18) ثم يقول لهم في (ع 2) "أريد أن أتعلم منكم هذا فقط أبأعمال الناموس أخذتم الروح القدس أم بخبر الإيمان أي أن الروح القدس في المؤمنين كختم ملكية الرب لهم برهان أنهم أصبحوا ملكاً للرب إلى الأبد. وإن كان أحد ليس له روح المسيح أي الروح القدس فذلك الشخص ليس المسيح" (رو 8: 9) لأن السبتيين الذين يبنون الخلاص على الأعمال الناموسية يقولون أن المؤمن معرض أن يهلك إذ تقول مسز هوايت "أن المسيحي المولود ثانية من الله يمكن أن يسقط من النعمة ويصير إلى الهلاك الأبدي" (كتابها "مأساة العصور" ف 28 صفحة 523) ولكن هذا موضوع آخر.
ويستمر الرسول في توبيخه لهم قائلاً في (ع 3) "أهكذا أنتم أغبياء؟ أبعدما ابتدأتم بالروح تكلمون الآن بالجسد؟" لقد نالوا الروح القدس بعد أن ولدوا من الله ثانية وبه نالوا الحياة الجديدة، ولكنهم بفعل المعلمين الكذبة أرادوا أن يرجعوا للناموس ليتخذوه قاعدة لسلوكهم، فكأنهم بعد أن بدأوا بالروح يسعون إلى تكميل أنفسهم بأعمال الناموس، أي أنهم يرجعون إلى الجسد. ذلك الشيء الفاسد الذي نبذه الله، ليكملوا أنفسهم به. كأن الروح القدس الذي بدأ العمل لا يقدر أن يكمل أنفسنا؟ حاشا. ماذا يقول الرسول في (رو 5: 10) "لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه، فبالأولى كثيراً ونحن مصالحون نخلص بحياته" كما يقول أيضاً في (عب 7: 25) "إنه يقدر أن يخلص إلى التمام... إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" ثم في (ع 10) يقول لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به" ثم في (ع16) يقول "أما المواعيد فقيلت في ابراهيم وفي نسله" أي المسيح. والمواعيد كانت بدون شرط (أي مواعيد نعمة) ولا يمكن أن يبطلها الناموس الذي جاء بعد 430 سنة من إعطاء المواعيد. وهنا يأتي السؤال: إذا كان الناموس لا يعطى وعداً ولا يستطيع أن يبطل وعداً فلماذا أعطى؟ كما يقول فلماذا الناموس (ع 19)؟.
الإجابة في (ع 24) "إن الناموس كان مؤدبنا إلى المسيح" أي المعلم الذي يقود تلاميذه إلى المسيح، كأنه يقول للناس "لا يمكن لأحد من البشر أن يقف أمام الله على أساس أعماله "ولا واحد" (رو 3: 12) كما يقول داود أيضاً "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك فإنه لن يتبرر قدامك حي" (مز 143: 2) لأن مقياس قداسة الله أعظم مما نظن أو نفتكر. ولا يمكن أن يقف إنسان أمام الله إلا في حمى دم المسيح. أوراق التين (أعمال الإنسان) لم تستطع أن تستر عرى آدم. لا شيء من صنع الإنسان يمكن أن يخفى حقيقة الإنسان عن عيني الله ولا بد من ذبيحة المسيح. وعن طريق الذبيحة صنع الرب لآدم وحواء "أقمصة من جلد وألبسهما".
ثم بعد ذلك في الإصحاح التالي (غلا 4: 8، 9) يقول الرسول للغلاطيين الذين كانوا أمماً منساقين إلى الأوثان "إذ كنتم لا تعرفون الله استعبدتم للأوثان وأما الآن إذ عرفتم الله... كيف ترجعون أيضاً إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التي يريدون أن تستعبدوا لها من جديد" حقاً ما أخطر هذه الأقوال التي معناها أنهم إذا خضعوا للفرائض الناموسية (مع أنها كانت مرتبة لشعب الله قديماً) لا يكونون راجعين لليهودية بل كأنهم رجعوا للأوثان! هذا ما تقوله كلمة الله! وهذه هي النتيجة الحتمية لمن لا يكتفي بالمسيح "الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء" (1 كو 1: 30).
وماذا تقول كلمة الله لليهودي الذي آمن بالمسيح وعرف المسيح كالذبيحة الواحدة التي أبطلت كل الذبائح التي كانت تقدم قديماً بسبب عدم نفعها. بعد أن قدم الله المسيح كالواسطة الوحيدة للخلاص "وليس بأحد غيره الخلاص" (أع 4: 12) لم يعد الرب يعترف بالعبادة اليهودية. فالراجع لليهودية في الحقيقة هو راجع للوثنية كما قال الرب في إشعياء "من يصعد تقدمة يصعد دم خنزير، من يذبح شاة فهو ناحر كلب من أحرق لباناً فهو مبارك وثناً" (إشعياء 66: 3).
وبعد ذلك في (ع 21) يقول لهم "قولوا لي أنتم الذين تريدون أن تكونوا تحت الناموس ألستم تسمعون الناموس؟ ثم يأتي بقصة هاجر وسارة كرمز لعهدين: عهد الناموس وعهد النعمة: أي العبودية للفرائض الناموسية والحرية المسيحية. لكن ماذا يقول الكتاب؟ اطرد الجارية وابنها ومعنى ذلك أنه لا خلط بين الناموس والنعمة. لا يمكن أن تكون تحت الناموس وتحت النعمة في وقت واحد. 
وبعد ذلك في (ص 5: 1 – 4) يقول لهم "فأثبتوا إذاً في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضاً بنير عبودية" (أي نير الناموس). وهذا ما قاله الرسول بطرس في مجمع أورشليم (أع 15: 10) "فالآن لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله". إن نير الناموس هو نير عبودية. ثم في (ع 2) يقول لهم "ها أنا بولس أقول لكم..." أي بولس الذي كان غيوراً للناموس أكثر من غيره "أقول لكم إنه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئاً" وذلك كان رداً على المعلمين الكذبة الذين كرزوا بالختان والناموس قائلين للأخوة إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا" (أع 15: 1، 2).
ثم يقول لهم "لكن أشهد أيضاً لكل انسان مختتن أنه ملتزم أن يعمل بكل الناموس" هذه أقوال خطيرة معناها: أن الإنسان الذي يضع نفسه تحت التزام فريضة ناموسية سواء كانت فريضة الختان أو حفظ السبت هو تحت التزام أن يعمل بكل الناموس. كل الناموس والفرائض الناموسية وليس أن يختار بعض الفرائض كما يحلو له. إنه "ملتزم" ولكن عليه أن يعلم جيداً أنه قد انفصل عن المسيح وارتبط بالناموس. هذا ما يقوله الرسول في العدد التالي مباشرة "قد تبطلتم عن المسيح أيها الذين تتبررون بالناموس. سقطتم من النعمة" (ع 4) أي صيرتم عمل المسيح كأنه باطل بالنسبة لكم، لأنكم التجأتم إلى الناموس تريدون أن تتبرروا به. سبق أن قال لهم في (ص 2: 21) "لست أبطل نعمة الله (أي لست أجعلها باطلة بمحاولتي الرجوع للناموس) لأنه إن كان بالناموس بر فالمسيح إذاً مات بلا سبب". وهنا يقول لهم أنهم تبطلوا عن المسيح نفسه لذا سقطوا من النعمة.
ورسالة غلاطية مكملة لرسالة رومية التي هي بالحقيقة الإنجيل الكامل كما يقول الرسول الملهم في افتتاحية الرسالة. والافتتاحية هي عنوان الرسالة متكلماً عن الإنجيل "انجيل الله" (ع 1). ثم "انجيل ابنه" (ع 9). ثم "انجيل المسيح" (ع 16) هذه الرسالة تتكلم عن التبرير وكيف يتبرر الإنسان وهو خاطىء أمام الله الذي هو قدوس لا يطيق الشر. وملخص الرسالة "أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس" (رو 3: 28).
يقول الرسول في افتتاحية الرسالة "الذي به (يسوع المسيح) لأجل اسمه قبلنا نعمة ورسالة لإطاعة الإيمان في جميع الأمم" (ص 1: 5). والمقصود "بإطاعة الإيمان" هو طاعة الإنسان للحق وقبول النفس لشهادة الله عن ابنه. أي خضوع النفس لبر الله حيث يكرز بالإنجيل لجميع الشعوب، ليس لكي يطيعوا الناموس الذي أعطى لأمه واحدة أي الأمة الإسرائيلية كعينة من البشر، بل "لإطاعة الإيمان في جميع الأمم".
في الإصحاح الأول يرينا شر الأمم وفي الإصحاح الثاني يرينا شر اليهود وينتهي إلى هذه النتيجة "لأننا قد شكونا (تبرهن لنا) أن اليهود والأمم أجمعين تحت الخطية. كما هو مكتوب أنه ليس بار ولا واحد" (ص 3: 9، 10) ثم يقول "لكي يستد كل فم ويصير كل العالم تحت قصاص من الله. لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه. لأن بالناموس معرفة الخطية" (ع 19، 20) أي أن الناموس كان بمثابة المرآة التي كشفت عيوب الإنسان لكنها لا تصلح عيوبه.
وإذ ثبت فساد الإنسان حينئذ تداخل الله بالنعمة كما يقول بداية من ع 21 "وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء. بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون (أي مقدم إلى كل الناس لكنه يستقر فقط على كل الذين يؤمنون). لأنه لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح. الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه... ليكون الله باراً (عادلاً) ويبرر من هو من الإيمان بيسوع" (ع 21 – 26) ثم في (28) يصل إلى هذه النتيجة المباركة "إذاً نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس". نفهم من ذلك أن الله بار (عادل) عندما يبرر الخاطىء الذي يؤمن بالمسيح (أي يحتمي في قيمة دمه الثمين) لأن الله قد استوفى حقه في الصليب والله بار (عادل) عندما يدين كل من لا يؤمن بالمسيح لأن الإنسان بلا عذر بعد أن رفض خلاص الله.
في (إصحاح 4) يعطينا مثالين للتبرير بالإيمان بدون الأعمال أحدهما من الناموس والثاني من الأنبياء (ابراهيم وداود) كما سبق وقال في الإصحاح السابق عن بر الله الذي ظهر الآن في زمن النعمة مشهوداً له من الناموس والأنبياء (3: 21). وفي نهاية الإصحاح يقول "أن المسيح أسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا" أي أن قيامة المسيح كانت إعلاناً من جانب الله بأن عمله له المجد كان كاملاً على الصليب (وليس سنة 1844 كما يقول السبتيون). وكل من يؤمن قد تبرر بل "والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضاً" (رو 8: 5) لأنهم متحدون مع المسيح الذي هو ممجد الآن عن يمين الله. لا يقول أنه سيمجدهم، بل مجدهم فعلاً لأنهم "في المسيح الممجد".
وبناء على إيماننا هذا وتبريرنا من جانب الله أصبح لنا سلام من الله (منذ ساعة الإيمان) كما أننا حالياً نقيم نحن المؤمنون في النعمة ونفتخر على رجاء المجد (ص 5: 1، 2) مجدنا الحاضر مستتر في المسيح. لكننا الآن نفتخر على رجاء المجد أي في المستقبل عندما يظهر المسيح بالمجد سنظهر نحن أيضاً معه (كولوسي 3: 4).
ثم في (ص 5: 12) يتكلم عن الخطية أي الطبيعة الساقطة الموروثة من آدم والتي هي مصدر الخطايا الفعلية. وعلاجها في (إصحاح 6) إذ يقول "عالمين أن إنساننا العتيق قد صلب معه لكي يبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضاً للخطية، لأن الذي مات قد تبرأ من الخطية" (6: 6،7).
في (ص 5: 12) يرينا أن الخطية دخلت إلى العالم بواسطة إنسان واحد (آدم) لكن علاج الله الكامل للخطية (وهي علة الإنسان الكاملة) بواسطة الإنسان الواحد يسوع المسيح الذي أتى بالنعمة للخطاة (ع 15) "لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد... هكذا أيضاً بإطاعة الواحد (الرب يسوع المسيح الذي أطاع حتى الموت موت الصليب) سيجعل الكثيرون (أي جميع المؤمنين به) أبراراً. وأما الناموس فدخل لكي تكثر الخطية (ع 19، 20). الناموس لم ينشيء خطية لأن الخطية كانت موجودة قبل الناموس. لكنه أظهر تعدياً بالنسبة للذين هم تحت الناموس. لكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً فيالها من نعمة متفاضلة للإنسان الخاطيء. أما تمسكه بالناموس فهو رفض لهذه النعمة.
في (ص 6: 6) يقول "عالمين أن إنساننا العتيق قد صلب معه (شرعاً) أي أننا نؤمن أن الله وضع كل مؤمن في المسيح (شرعاً) عند موته – أن موضوع هذا الإصحاح ليس موت المسيح لأجلي ولكن موتي أنا المؤمن مع المسيح. لذلك يقول احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا (ع 11) لأن هذه نظرة الله للمؤمن المتحد مع المسيح. ليس الخطية التي ماتت ولكن أنا بالنسبة للخطية ولكن من الناحية الأخرى أنا حي لله بيسوع المسيح. الله لا يرى إلا حياة المسيح في المؤمنين. ثم يقول قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات بر لله (ع 13). طريق القداسة ليس بعد "اعمل هذا أو لا تعمل ذلك" كما يقول الناموس ولكن تقديم ذاتي لله أي أتجه إلى الله الذي يملأني بالمسيح. وهذه هي القداسة. الانفصال إلى الله أي كل الكيان ينحاز ويتجه إلى الله. في (رو 8: 10) يقول "إن كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسبب البر" "المسيح فيكم" أي يملأ كيانكم وتفكيركم. موضوع مشغولية القلب والفكر. بحياته وروحه. فالجسد بسبب وجود المسيح فيكم، يصبح في حكم الموت بالنسبة للخطية. أما الروح (الروح القدس) فحياة بسبب البر أي لا نتاج البر.
هذه الأقوال في غاية الأهمية، وتأسيساً عليها فإن المؤمن يحسب ميتاً بالنسبة للخطية أي أنه أعتق من سيادتها. ثم في (ص 7 من نفس الرسالة) تأسيساً على أن المؤمن مات مع المسيح فقد أصبح ميتاً بالنسبة للناموس أي أعتق من سيادته. لأن الناموس يسود على الإنسان ما دام حياً (ص 7: 1) وتأسيساً على ذلك يقول الرسول "إذاً يا أخوتي انتم أيضاً قد متم للناموس بجسد المسيح لكي تصيروا لآخر للذي أقيم من الأموات، لنثمر لله" (7: 4). كما قال في (ص 6: 22) "وأما الآن إذ أعتقتم من الخطية وصرتم عبيداً لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية حياة أبدية" أي كمال التمتع بالحياة الأبدية.
في القسم الأول من رسالة رومية (ص 1 – 8) رأينا انجيل نعمة الله مقدماً للجميع – لليهود والأمم – على السواء لأنه لا فرق إذا الجميع أخطأوا وطوبى للذين يؤمنون. وهنا يأتي السؤال: أين مواعيد الله بخصوص شعبه القديم (اسرائيل). المواعيد المعطاة للآباء وأين النبوات التي فاضت بها نبوات الأنبياء عن بركتهم في الأيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم... اجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم... سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم لأني أصفح عن إثمهم..." (قارن الأعداد من 35 – 37).
وهذا ما تتكلم عنه الإصحاحات (9 – 11) من هذه الرسالة. يقول في (ص 11: 1) "ألعل الله رفض شعبه؟ الإجابة حاشا! أي؟أن هذا الفكر مستبعد تماماً ولا يجوز أن يقال مثل هذا الكلام نظير القول في (ص 9: 14) ألعل عند الله ظلماً؟ والإجابة: حاشا! "لأن الله ليس إنساناً فيكذب ولا ابن آدم فيندم. هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي" (عد 23: 19) "لأن هبات الله ودعوته هب بلا ندامة" (رومية 11: 29) وذلك بعد قوله "إن القساوة حصلت جزئياً لاسرائيل إلى أن يدخل ملؤ الأمم وهكذا سيخلص جميع اسرائيل (أي يخلص كأمة) كما وعد الرب "لن يكف من أن يكون أمة أمامي كل الأيام" (أرميا 31: 36) ونواة الأمة هي البقية التي سترفض عبادة الوحش والنبي الكذاب. وكما سبقت الإشارة عند الكلام عن أسابيع دانيال (الفصل الأول) سوف نتكلم بالتفصيل عن خلاص اسرائيل النهائي عند الكلام عن "عبد أو هلال أو سبت" (كولوسي 2: 16، 17).

ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك لوقا 19: 10
 
الفصل الخامس
التحذيرات في رسالة كولوسي من المعلمين الكذبة

في الأقوال السابقة ومعظمها سرد من رسالة رومية أي الرسالة التي تتكلم عن الإنجيل الكامل وموضوعها أن "الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس" (رو 3: 28) وقبلها أتينا بسرد من رسالة غلاطية التي هي مكملة لرسالة رومية، وفيها يجاهد الرسول بولس مع الغلاطيين الذين ظهر بينهم قوم يزعجونهم ويريدون أن يحولوا "انجيل المسيح" إلى انجيل آخر مع أنه لا يوجد انجيل آخر (غلا 1: 7 – 9) ويقول لهم أنه ذهب إلى أورشليم آخذاً معه تيطس (الغير مختتن) وعرض على الرسل والأخوة المشايخ الإنجيل الذي يكرز به بين الأمم (أع 15) ويقول أيضاً للغلاطيين أنه لم يخضع ولا ساعة واحدة للأخوة الكذبة أو المعلمين الكذبة "لكي يبقى عندهم حق الإنجيل" (غلا 2: 5).
بالرغم من هذه الحقائق الثابتة تاريخياًً في سفر الأعمال (ص 15) وثابتة تعليمياً في رسالتي رومية وغلاطية وغيرهما، فإن المعلمين الكذبة لم يكفوا عن تعليمهم لذلك يعطى الرسول بولس في رسالة كولوسي وهي الرسالة التي كتبت بعد رسالتي رومية وغلاطية والتي كتبها الرسول بولس من سجن روما حوالي سنة 62م، يعطى تحذيرات من المعلمين الكذبة وكأنها تحذيرات أخيرة لكنائس الأمم. فنجده في مقدمة الرسالة يذكر لهم أمجاد المسيح في الخليقة التي خلقها لأجل مجده كما يذكر لهم أمجاده في الكنيسة باعتباره رأس الجسد. وأمجاده هذه هي بمثابة ترياق لسموم المعلمين الكذبة. فكان عليهم أن يتذكروا دائماً أن المسيح هو "الرجاء الموضوع لهم في السموات" (ص 1: 5) وأن يكونوا شاكرين باستمرار لله الآب "الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور" لا يقول أنه مزمع أن يؤهلنا لأن العمل قد تم. "الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته" (ع 13). والمقصود بملكوت ابن محبته أي جميع ما حصل عليه المسيح نفسه في السماء والأرض. الله أدخلنا إلى دائرة سلطان "ابن محبته" الذي صرنا متحدين معه في موته وقيامته، كما سبقت الإشارة في رسالة رومية (ص 6: 5) أن الرب يسوع هنا يقال عنه "ابن محبته" ويقابل هذا الاسم المجيد في رسالة أفسس اسم "المحبوب" أن الله "أنعم علينا في المحبوب" وفي كلتا الرسالتين وبعد هذين اللفظين مباشرة ترد العبارة "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا" أي أن صانع الفداء هو "المحبوب" أو "ابن محبته" وليس هو أقل من ذلك. وبعد ذلك مباشرة يقول "الذي هو صورة الله غير المنظورة"وسبق توضيح معنى صورة الله أي أنه هو الله الحقيقي".

الموضوع منقول من منتديات المسيحي الجريء


والآن نتقدم لكي نرى ما يقوله الروح القدس عن أمجاد المسيح في الخليقة وفي الفداء. فإن هذه الأمجاد مذكورة في هذه الرسالة كمقدمة لما هو مزمع أن يقوله في مواجهة المعلمين الكذبة الذين أرادوا أن يخدعوا المؤمنين في كولوسي. يقول في (ع 16) "فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما في الأرض (أكبر الأشياء وأصغرها) الكل به وله قد خلق" أي أنه ليس فقط خلق جميع الأشياء بكلمة قدرته بل أيضاً قد خلقها لأجل مجده. وبعد أن يتكلم عن أمجاده في الخليقة الولى يتكلم عن أمجاده في الخليقة الجديدة المتعلقة بموته وقيامته. وإن كان عمله في الأولى عظيماً، فإن عمله في الخليقة الجديدة أعظم بما لا يقاس.
ثم يقول في (ع 18) "وهو رأس الجسد (أي) الكنيسة. الذي هو البداءة بكر من الأموات لكي يكون هو متقدماً في كل شيء" أي أن خالق جميع الأشياء، صار بعد موته وقيامته رأساً للجسد (أي الكنيسة) الذي هو "البداءة" يعنى رأس الخليقة الجديدة. هو الأول والآخر.
ثم في (ع 19) "لأن فيه سر أن يحل كل الملء" كما قيل عنه في (ص 2: 9) "فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً". كان المسيح هو الله منذ الأزل ولما تجسد حل فيه كل ملء اللاهوت (الآب والابن والروح القدس). لا يوجد استقلال بين أقانيم اللاهوت. فما ينسب للآب ينسب للابن وينسب للروح القدس لكن الابن فقط هو الذي تجسد أي صار جسداً (يو 1: 14). في أمر قيامته من بين الأموات. تارة تنسب القيامة للآب "أقيم بمجد الآب" (رو 6: 4) وتارة تنسب القيامة للروح القدس (رو 8: 11) وتارة تنسب للابن. فالابن أقام نفسه من الأموات، إذ قال لليهود "أنقضوا عن هيكل جسده. لقد مات بإرادته كما قال "ليس أحد يأخذها مني (أي حياته) بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها (أي بالموت) ولي سلطان أن آخذها أيضاً (بالقيامة) هذه الوصية قبلتها من أبي" (يو 10: 18).
إن الروح القدس الذي يمجد المسيح (يو 16: 14) يعطى مقدمة مناسبة في هذه الرسالة لأن هناك مبادىء فاسدة أراد المعلمون الكذبة أن يدخلوها في المسيحية من شأنها أن تحجب مجد المسيح ويتكلم عن هذه المبادىء في (ص 2) وأساسها الفلسفة والتقليد (ع 8) ثم الفرائض الناموسية (ع 16) ثم تصورات وانتفاخ الذهن البشري الفاسد الذي لا تحكمه كلمة الله (ع 18) هذه الأشياء الثلاثة كانت ولا زالت هي أسلحة الشيطان لإفساد الحق الإلهي. والآن دعنا نتأملها في نور كلمة الله.
أولاً: "انظروا أن لا يكون أحد (أحد المعلمين الكذبة) يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل... وليس حسب المسيح" (ع 8) إن الفلسفة هي السم الذي يضعه العدو في القدر. هي تعاليم سامة تقود الناس للهلاك. والعلاج: وضع الدقيق (أي المسيح) في القدر (قارن 2 مل 4: 41) العلاج هو المسيح وحده كما تعلنه كلمة الله. كما يقول في (ع 9) "فإنه فيه (في المسيح) يحل كل ملء اللاهوت جسدياً".
ومن أمثلة الفلسفة ما تقوله "مسز هوايت" نبية السبتيين في كتابها المسمى (يسوع وانتظار الإنسانية صفحة 54) ما نصه كالآتي: 
"يقول البعض أن المسيح ما كان ممكناً أن تغلبه التجربة. فلو صح هذا (أي أنها تكذب هذا) لكان المعنى عدم استطاعته أن يشغل مركز آدم وينال النصرة في حين أن آدم قد سقط. والحق أن يسوع قد لبس انسانيتنا في كل أخطارها وبذلك كان غرضه للانهزام أمام التجربة".
ألسنا نسمع همس الحية في هذه الأقوال "يقول البعض" على مثال ما قالته الحية قديماً "أحقاً قال الله" (تك 3: 1) وذلك بغرض التشكيك في ما يقوله البعض مع انه الصواب المؤسس على كلمة الله التي تقول "أنه جرب في كل شيء مثلنا بلا خطية. أما الضلالة الثانية فهي تقول "والحق" أن يسوع كان عرضة للانهزام أمام التجربة إن ما تقوله هذه النبية هو "الكذب" وليس الحق على مثال ما قالته الحية "لن تموتا". وقد سبق الرد على هذه الافتراءات فيما يختص بإنسانية يسوع المسيح (راجع الرد الوارد في الفصل الثاني).
ثانياً: "فلا يحكم عليكم أحد (أحد المعلمين الكذبة) في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التي هي ظل الأمور العتيدة وأما الجسد فللمسيح" (ع 16، 17).
في هذه الرسالة نجد تحذيراً للمسيحيين من أنهم يتمسكون بالضلال اليهودية "أكل أو شرب أو عيد أو هلال أو سبت" التي هي ظل وليست أشياء حقيقية. فإن كان هذه الأشياء ظلاً فما هي الحقيقية التي تبنى عنها هذه الظلال؟ الإجابة: وأما الجسد (أو الجسم) جسم الحقيقة فللمسيح أو "أما الحقيقة فالمسيح is of christ" أي نحن المسيحيين نمتلك حقيقة وجسم البركات التي لم يكن لإسرائيل قديماً سوى ظلها.
المسيح أعطى نورا وتفسيراً لهذه الظلال والروح القدس أعطى إيضاحاً عنها. هذه الأشياء عند معرفتها نجدها تلفت الأنظار على المسيح. لأن من هو المسيحي؟ الإجابة: هو الذي وجد أن المسيح هو كل شيء. 
كما أن الرسالة إلى العبرانيين التي كتبت لليهود الذين آمنوا بالمسيح وكثيرون منهم كانوا غيورين للناموس (قارن أعمال 21: 20) هي أيضاً تحذير لهم من الرجوع على الظلال الناموسية. نجده يقول لهم "لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء..." (عبرانيين 10: 1) وظل الخيرات العتيدة هنا هو ظل الأمور العتيدة في رسالة كولوسي لا نفس صورة الأشياء أي لا نفس حقيقة الأشياء.
ربما يسأل سائل: لماذا هذا النزاع الطويل بخصوص هذه الأشياء؟ هذا النزاع بدأ في كنيسة أنطاكية (التي دُعى فيها التلاميذ مسيحيين أولاً) بدأ لأن معلمين كذبة كانوا قادمين من اليهودية جعلوا يعلمون الأخوة "أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا" (أعمال 15: 1) لذا حدث نزاع بينهم من جهة وبولس وبرنابا من جهة أخرى. ومع أن هذا الموضوع صار البت فيه في مجمع أورشليم (أع 15). لكن بالأسف فإن تعليم المعلمين الكذبة انتشر جداً خصوصاً في كنائس غلاطية كما سبقت الإشارة. وذلك بسبب ميل الإنسان الطبيعي للأمور التي تلّذ للجسد ولأنه "لا يقبل ما لروح الله" (1كو 2: 14) وبسبب أن الأشخاص الروحانيين قليلون جداً وأصواتهم وسط ضجيج الأشخاص الجسديين الذين أصواتهم نحاس يطن وصنج يرن وطبول جوفاء تعطي أصواتاً عالية.
فالشخص الجسدي يتمسك بالختان الحرفي أما الشخص الروحي فيعرف معناه في نور العهد الجديد. هو رمز لخلع جسم البشرية (كو 2: 11) بالنسبة للذين قبلوا صليب المسيح. الصليب يثبت عدم صلاحيتنا لشيء ويقودنا لنزع ثقتنا من أنفسنا على مثال نزع الغرلة من الجسد. ومعنى الختان كما سبق في (فيلبي 3: 3) هو أن المؤمنين لسان حالهم 
"نحن الختان الذين نعبد الله وبروح الله ونفتخر في المسيح يسوع ولا نتكل على الجسد".
إن الرسول كلّم العبرانيين الذين كانوا غيورين للناموس قائلاً لهم في (عب 10: 1) "لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة، لا نفس صورة الأشياء (أي الظل وليس الحقيقة) لا يقدر أبداً بنفس الذبائح... أن يكمل الذين يتقدمون (يسجدون) ". 
سبق الكلام في (رومية 7) أن المؤمن مات للناموس وصار مقترناً بالذي أقيم من الأموات (المسيح) أي مات لكل فرائض الناموس. وفي رسالة كولوسي يقول للمؤمنين " إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم (أي الناموس بفرائضه) فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض " (ع 20) إن الناموس لا يتكلم عن السماء والسماويات إطلاقاً ولكن يكلم الذين هم تحته عن الأرض والأرضيات في شرائعه وطقوسه ومواعيده. وإذ يقول الرسول " فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض " أي أن الفرائض لا تتفق والمسيحية.
والآن نأتي إلى تفصيلات (ع 16): 
(أ) أكل أو شرب (ب) عيد أو هلال (ج) أو سبت 

(أ) أكل أو شرب
أي موضوع الأطعمة، وهو خاص بالأطعمة الطاهرة والنجسة. طبقاً للناموس توجد أطعمة طاهرة وتوجد أطعمة نجسة (لاويين 11، تث 14) فالحيوان الطاهر الذي يؤكل لحمه هو الذي يجمع بين الصفتين: يجتر ويشق الظلف. وهو في ذلك رمز للمؤمن الذي يجتر على كلمة الله ويلهج في كلمة الله باستمرار وتسكن فيه كلمة المسيح بغنى ويقرن درس كلمة الله بالصلاة (الله يسمع صوت المؤمن في الصلاة والمؤمن يسمع صوت الله في الكلمة) وتظهر ثمرة دراسة كلمة الله في سلوكه العملي. وهذا هو المعنى المقصود بشق الظلف أي يسير طبقاً لكلمة الله. ولابد من الشرطين. فإذا وجدنا شخصاً يدقق في السلوك، وفي البر الذي بالناموس بلا لوم إلاّ أنه سلوكه ليس نتيجة غذاء نفسه بكلمة وعمل الروح القدس، فإن تدقيقة في السلوك لا يفيد شيئاً، كما أن الخنزير يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس. ومثال لذلك شاول الطرسوسي قبل إيمانه بالمسيح لم يكن سالكاً بالنعمة أي نتيجة عمل نعمة الله بالروح القدس ويقول عن نفسه أنه قبل إيمانه "من جهة البر الذي في الناموس بلا لوم" (في 3: 6) وهذا يختلف تماماً عن السلوك المسيحي بالنور في المحبة (أفسس 5: 1، 2، 8).
وكذلك الأسماك، ماله زعانف وحرشف فهو السمك الطاهر الذي يؤكل: لا بدمن الصفتين. والمقصود بالزعانف هو للمساعدة في سرعة الهروب من الأعداء والمؤمن شخص يهرب من الفساد الذي في العالم بالشهوة (2 بط 1: 4) وكما قيل عن يوسف أنه "ترك ثوبه في يدها وهرب إلى خارج" (تك 39: 4). وأما الحرشف فهو سلاح الدفاع ويقول الرسول في (أفسس 6) "من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير... حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة" (أف 6: 13 – 19).
وبصفة عامة فإن العهد الأول أي عهد الناموس "كانت له فرائض خدمة" (عبرانيين 9: 1) قائمة بأطعمة وأشربة... وفرائض جسدية فقط موضوعة إلى وقت الإصلاح (أي إلى مجيء المسيح)... (عب 9: 9 – 11) ولا يجوز أن تستمر بعد مجيء المسيح. هذا هو المعنى الروحي المقصود "لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب" "لأن ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً. بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس" (رو 14: 17) ولكن بالأسف فإن السبتيين وهم كما سبق وذكرنا أنهم تحولوا عن المسيحية إلى اليهودية (الفصل الرابع) فإنهم ميزوا بين أطعمة وأطعمة، واعتبروا بعض الأطعمة نجسة مثل لحم الخنزير وكل اللحوم غير الطاهرة بحسب شريعة موسى وزادوا على ذلك بعض المشروبات مثل الشاي والقهوة (كتاب قاعدة الكنيسة صفحة 80). أما كلمة الله في العهد الجديد فتعتبر ذلك تعاليم متنوعة وغريبة كما قال الرسول للعبرانيين محذراً لهم من الارتداد إلى العبادة الناموسية والرجوع للظلال. إذ كتب لهم قائلاً "لا تساقوا (بواسطة المعلمين الذين يريدون تهويد المسيحية بتعاليم متنوعة وغريبة) لأنه حسن أن يثبت القلب بالنعمة لا بأطعمة لم ينتفع بها الذين تعاطوها" (عب 13: 9). فلا يوجد شيء يثبت قلوب المؤمنين أمام الله إلا معرفة نعمته الظاهرة بالمسيح.

(ب) عيد أو هلال
قال موسى وهرون لفرعون مرة "هكذا يقول الرب أطلق شعبي ليعيدوا لي في البرية" (خروج 5: 1) ومرة أخرى قال موسى لفرعون "هكذا يقول الرب أطلق شعبي ليعبدوني" (خروج 8: 20) ومن هنا نفهم أن الأعياد تعبّر عن العبادة المقترنة بالفرح. وفي سفر اللاويين أي سفر السجود الروحي يعطي لنا سبعة أعياد في إصحاح (23) وهي التي أمر بها الرب شعبه قديماً أن يحفظوها في أرض كنعان. وفي تلك الأعياد نرى صورة كاملة لطرق ومعاملات الله مع الإنسان بداية من موت المسيح على الصليب (وهو الأساس لكل بركة) إلى أن نصل إلى الأبدية السعيدة أو راحة الله. إنها تحدثنا عن مشورات نعمته على مدى الأجيال. في الأعياد نرى مشورات نعمته من نحو الكنيسة بداية من موت المسيح حتى اختطاف الكنيسة للسماء ثم مشورات نعمته من نحو شعبه القديم (إسرائيل) بعد اختطاف الكنيسة حتى آخر العصر الألفي ثم مقاصد نعمته في الراحة الأبدية.
الأعياد السبعة في (لاويين 23) وهي مرتبة في قسمين أربعة ثم ثلاثة، هذه الأعياد وهي ظلال نبوية للأمور العتيدة (كولوسي 2: 17) أو البركات العتيدة تأتي مرتبة كما يلي: 
القسم الأول: 
1- عيد الفصح ثم 2- عيد الفطير ويرتبطان معاً (لاويين 23: 4 – 8)
3- عيد الباكورة ثم 4- عيد الخمسين ويرتبطان معاً (لاويين 23: 9 – 22).
هذه الأعياد الأربعة تأتي في الشهر الأول والثالث من السنة المقدسة (العبرية) وهي رموز نبوية خاصة بالمسيحية وقد تمت دلالتها بكل دقة. ولم نزل للآن في الفترة التي أعقبت يوم الخمسين إذ يكرز بالإنجيل. انجيل نعمة الله إلى أن يجيء الرب لاختطاف الكنيسة ثم الأعياد الثلاثة الباقية وهي رموز نبوية خاصة بالأمة الإسرائيلية وسيبدأ الرب في التعامل مع بقية من الأمة الإسرائيلية بعد اختطاف الكنيسة ولا بد أن تتم زهي كما يلي: 
القسم الثاني: 
5- عيد الأبواق في أول الشهر السابع (لاويين 23: 23 – 25).
6- عيد الكفارة في اليوم العاشر من الشهر السابع (لاويين 23: 26 – 32).
7- عيد المظال في الخامس عشر من الشهر السابع (لاويين 23: 33 – 36).
القسم الأول: 
(1)، (2) عيد الفصح وعيد الفطير (لا 23: 4 – 8). 
وهما مرتبطان معاً ولا يوجد فاصل بينهما لأننا في الفصح نرى الفداء بالدم وفي الفطير نرى قداسة حياة المفديين المترتبة على المركز الجديد الذي أصبحوا فيه ويذكرهما لوقا في انجيله بقوله "وقرب عيد الفطير الذي يقال له الفصح" (ص 22: 1) فالفصح رمز لبركة المؤمنين المسيحيين والتي يقول عنها بولس للكورنثيين "لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا، إذاً لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث، بل بفطير الإخلاص والحق" (1 كو 5: 7، 8). وكان على الشعب أن يصنع الفصح في أرض مصر قبل أن يسيروا خطوة وحدة وراء الرب الذي يقودهم في البرية نحو أرض الموعد. والمؤمنون الذين آمنوا بالرب يسوع هم الذين تيقنوا فداءهم ويتبعون الرب في عالم رافض للمسيح لذا أصبح العالم بالنسبة لهم برية. الفصح رمز للمسيح في موته. وقد مات المسيح فعلاً في ذات يوم الفصح كما قال له المجد لتلاميذه "تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلم ليصلب" (مت 26: 2) وذلك طبقاً لمشورة الله المحتومة وعلمه السابق. المؤمنون بالمسيح تيقنوا أن المسيح هو فصحهم وبفضل ذبيحته عبرت الدينونة عنهم (الفصح معناه عبور) والذين تيقنوا ذلك تصبح حياتهم عيد فطير أي حياة خالية من الشر والخبث كما أن الفطير ليس به خمير. وعيد الفطير ابتدأ حالاً من العشية التي هي بداية اليوم الخامس عشر. لم يكن هناك فاصل بين الفصح وعيد الفطير الذي هو رمز سلوك المؤمنين. ليس هناك فاصل بين خلاص النفس ودخولها في الحياة المقدسة والسلوك الخالي من خمير الشر. والسبعة الأيام تشير إلى سلوك حياة المؤمنين كلها بعد الإيمان.
(3) أما عيد الباكورة أو حزمة الترديد وهي حزمة أول الحصيد فتردد في غد السبت (لاويين 23: 11) أي يوم الأحد. وهي رمز قيامة المسيح من الأموات يوم الأحد كما جاء في (1 كو 15: 20) "ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين".
(4) وبعد عيد الباكورة بسبعة أسابيع يأتي يوم الخمسين. وعيد الباكورة وعيد الخمسين مرتبطان معاً وإن كان يفصل بينهما سبعة أسابيع. ففي الباكورة نرى قيامة المسيح وفي الخمسين نرى تكوين الكنيسة التي هي جسد المسيح. والمسيح مات في ذات يوم الفصح وقام يوم الأحد الذي يلي الفصح كما أن حزمة الباكورة كانت تردد يوم الأحد بعد الفصح. والكنيسة تكونت يوم نزول الروح القدس في يوم الخمسين بعد ترديد حزمة الباكورة وكان ذلك في غد السبت السابع أي يوم الأحد.
كان نزول الروح القدس متوقفاً على قيامة الرب يسوع وتمجيده كما نقرأ في (يو 7: 39) "لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى بعد لأن يسوع لم يكد قد مجد بعد.
في هذه الأعياد الربعة نرى رموزاً تخص المسيحية وقد تحققت فعلاً. إن عيد الخمسين كان يقع في الشهر الثالث وبعد ذلك لا توجد أعياد من الشهر الثالث حتى نصل إلى الشهر السابع. وفي الشهر السابع تأتي ثلاثة أعياد تنبيء عن بركات خاصة بالبقية الإسرائيلية التي حسب اختيار النعمة (رو 11: 5). لكن قبل أن نتأمل في الأعياد الثلاثة وما تدل عليه نبوياً عن رجوع اسرائيل وتوبتهم في الأيام الأخيرة بعد اختطاف الكنيسة، نرجو أن نتأمل أولاً باختصار شديد في معاملات الله مع شعبه القديم.

معاملات الله مع الأمة الإسرائيلية
نقرأ في سفر أشعياء النبي (ص 6) أنه عندما رأى النبي مجد الرب في هيكل أورشليم في سنة وفاة عزّيا الملك، أعلن له الرب حكمه القضائي على الشعب "أعمى عيونهم وأغلظ (قسّى) قلوبهم بسبب عدم إيمانهم بالرب يسوع. هذا ما نفهمه من انجيل يوحنا (ص 12: 37 – 41) لكنه أعلن أيضاً للنبي تلك الكلمة التي تدل على أن الرب سيظل أميناً لوعده ومواعيده للآباء (ابراهيم واسحق ويعقوب) "ويرجعوا فأشفيهم" فهو يجرح ويعصب. يجرح عندما تهان قداسته. لكنه في نعمته يعصب ويشفى التائبين الراجعين له. لقد تنبأ الأنبياء عن رجوعهم وشفائهم. ولا بد أن يتم المكتوب. في كل مرة يتكلم الكتاب عن ضربة العمى القضائي وقساوة قلوبهم يتكلم أيضاً عن رجوعهم وشفائهم لئلا يظن الناس أن الله قد رفض اسرائيل نهائياً وحاشا له أن يفعل ذلك بسبب مواعيده للآباء ولأنه أمين صادق في مواعيده.
نقرأ عن قساوتهم ورجوعهم في (أشعياء 6: 10) أن النبي الذي يعرف نعمة الرب لم يقل عبثاً "إلى متى أيها السيد الرب؟" ومضمون إجابة لرب على سؤاله إن البطمة التي قطعت سوف يفرخ في النهاية. ولو قطعت البطمة والبلوطة تبقى الساق. ولو قطعت الأمة تبقى بقية "بقية سترجع" وهذا هو معنى اسم ابن النبي "شآريا شوب" معنى الاسم "بقية سترجع" إن اسمى ابني النبي إشعياء كانا لأجل آيات وعجائب في اسرائيل (إشعياء 8: 18) أي إن أسماءهم كانت نبوية.
ولضيق هذا الحيز أرجو القارىء أن يرجع إلى كتابه المقدس لكي يقرأ ما جاء في العهد القديم والعهد الجديد عن "يرجعوا فأشفيهم". إن هوشع تنبأ عن رجوعهم وشفائهم قائلاً بلغة البقية التائبة الراجعة للرب "هلمّ نرجع إلى الرب لأنه هو افترس فيشفينا. ضرب فيجبرنا. يحيينا بعد يومين في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه" (هوشع 6: 1، 2). اقرأ أيضاً (متى 13: 15) وكذلك (يوحنا 12: 40) أيضاً (أعمال 28: 27).
والرجوع معناه التوبة بالإيمان نظير قول الابن الضال "أقوم وأرجع إلى أبي وأقول له أخطأت" (لوقا 15) لأن التوبة والإيمان لا يفترقان ونقرأ عن توبتهم وإيمانهم في مواضع كثيرة في العهد القديم. في (إرميا 31: 8) يتكلم عن توبة الأسباط العشرة والذين يقال عنهم أنهم مفقودون. لكن مبدد اسرائيل لا بد أن يجمعه (إرميا 31: 10) "سمعاً سمعت إفرايم ينتحب (يبكي بمرارة) أدبتني فتأدبت – توبني فأتوب لأنك أنت الرب إلهي. لأني بعد رجوعي ندمت..." وعلى أثر توبتهم وإيمانهم بالرب يسوع سيقطع مع بيت اسرائيل (الأسباط العشرة) ومع بيت يهوذا (يهوذا وبنيامين) عهداً جديداً ليس كالعهد الذي قطعه مع آبائهم (إرميا 31: 31، عبرانيين 8: 7 – 13).
ونقرأ عن توبتهم وبكائهم في (زكريا 12: 10، 11) "وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إليّ الذي طعنة وينوحون عليه..."
كما نرى توبتهم في (إشعياء 53) معترفين بخطيتهم أنهم كانوا ينظرون إلى الرب يسوع عندما جاءهم متضعاً في أيام جسده، كمن لا صورة له ولا جمال ولا منظر فيشتهوه. محتقر ومخذول من الناس... وكمستر عنه وجوههم (كأن برقعاً كان موضوعاً على وجوههم وقلوبهم) محتقر فلم يعتدوا به. لكن سيعترفون أنه كان مجروحاً لأجل معاصيهم مسحوقاً لأجل آثامهم.
كما تنبأ هوشع قائلاً بلغة البقية الراجعة التائبة "هلم نرجع إلى الرب" (ص 6: 1) كما تنبأ أيضاً قائلاً "لأن بني اسرائيل سيقعدون أياماً كثيرة بلا ملك ولا رئيس ولا ذبيحة ولا تمثال... (كما هو حادث في الوقت الحاضر) فالآن لا توجد عبادة حقيقية عند اليهود: لأنه لا يوجد مذبح ولا ذبيحة تقدم على المذبح. كما لا توجد عبادة وثنية. لقد هدم الهيكل سنة 70 ميلادية وأخربت المدينة وقضى الله عليهم بالتشتيت ومنذ ذلك الوقت تعطلت عبادتهم وهذا ما أنبأ به النبي هوشع "يقعدون أياماً كثيرة... أكثر من (2000) سنة بلا ملك ولا رئيس ولا ذبيحة ولا تمثال وثني". 
لأن روح العبادة الوثنية قد فارقهم منذ السبي البابلي لكنه سوف يرجع إليهم بأبشع صورة كما أنبأ عن ذلك الرب يسوع نفسه في (متى 12) فمع وجود الرب يسوع وسطهم وهو أعظم من الهيكل (متى 12: 6) وأعظم من يونان وأعظم من سليمان (متى 12: 41، 42) فإنهم جدفوا عليه وجدفوا على الروح القدس وقالوا عن الرب يسوع أنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين لذلك يقول لهم "إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد. ثم يقول أرجع إلى بيتي الذي خرجت منه. فيأتي ويجده فارغاً مكنوساً مزيناً (أي مهيأ لساكن). ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أخر أشر منه فتدخل أيضاً لهذا الجيل الشرير" (متى 12: 43 – 45) ويقصد بالجيل الشرير الأمة اليهودية التي رفضت المسيح ولا زالت رافضة له. ومغزى كلام الرب يسوع أن روح عبادة الأوثان فارقهم منذ السبي البابلي سوف يرجع إليهم أردأ.
فكما نرى في الوقت الحاضر بداية تجمعهم في أرض فلسطين لكن سوف يظهر بينهم شخصية رهيبة يدعوه الرسول بولس في رسالة تسالونيكي الثانية (2: 3) "إنسان الخطية" و"ابن الهلاك" ويدعوه يوحنا في رسالته الأولى "ضد المسيح" (1 يو 2: 18، 22) كما يدعى في سفر الرؤيا "النبي الكذاب" و"الوحش الطالع من الأرض" وهو حليف الإمبراطور الروماني الغربي الذي هو "الوحش الطالع من البحر" (رؤيا ص 13).
والنبي الكذاب شخصية يهودية ويصنع آيات عظيمة حتى أنه يجعل ناراً تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطي أن يصنعها... (رؤيا 13: 12 – 18) وكلاهما أي الرئيس اليهودي والرئيس الغربي سوف يطرحان حيين في بحيرة النار المتقدة بالكبريت (رؤيا 19: 20).

الضيقة العظيمة
حدثت ضيقات كثيرة وشديدة في تاريخ الأمة اليهودية مثل الضيقة التي حدثت في أيام أنطيوخوس أبيفانوس ملك سوريا في الفترة من (168 ق.م إلى 165 ق.م) وسبقت الإشارة إلى ذلك عند الكلام عن ال 2300 صباح ومساء في الفصل الأول.
كما حدثت ضيقة مريرة وشديدة في حصار أورشليم على يد تيطس الروماني إذ لاقى اليهود المحاصرون أشد الأهوال وقد سجل يوسيفوس المؤرخ اليهودي أهوال هذا الحصار وأخيراً انتصر الرومان وهدموا الأسوار والهيكل والمدينة وكان ذلك سنة 70 ميلادية.
لكن كل الضيقات التي صادفت اليهود ليست شيئاً إزاء الضيقة العظيمة التي لم تأت والتي تنبأ عنها الأنبياء.
ونجد ذكراً صريحاً لهذه الضيقة في سفر إرميا (ص 30: 6، 7) ويسميها ضيقة يعقوب – لأنها تقع بصفة خاصة على الشعب اليهودي كما أشار إليها دانيال النبي عندما ذكر في أواخر سفره عن حروب وقت النهاية (ص 11: 36 – 45) أنه في ذلك الوقت (وقت النهاية المقضى بها على شعب دانيال) يقوم ميخائيل الرئيس الملائكي القائم لمعونة البقية الصغيرة التقية من الشعب اليهودي لكي يحفظها في زمان الضيق من اضطهاد رئيس الأمة (النبي الكذاب) الذي تنقاد وراءه أغلبية الأمة غير المؤمنة. وأشار دانيال النبي في (ص 12: 1) قائلاً بأنه سيكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت. 
كما أشار الرب يسوع إلى هذه الضيقة عينها في متى 24: 20 – 22 بقوله "لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين تقصر تلك الأيام.
نعم إن الرب سوف يقصرها إذ جعلها مدة محددة يقول عنها أنها ثلاث سنين ونصف (النصف الخير من الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال السبعين) كما يقول عنها أنها 42 شهراً أو1260 يوماً (رؤيا 11: 2، 3)، (رؤ 12: 6؛ 13: 5).
وسوف يستخدم الرب هذه الضيقة لتنبيه أذهان البقية الصغيرة من الأمة اليهودية الذين سوف يرجعون تائبين للرب يسوع نظير إخوة يوسف الذين ألزمتهم المجاعة أن يذهبوا إلى مصر ليشتروا قمحاً لمجاعتهم فوقفوا أمام يوسف وجهاً لوجه – وذلك بعد 22 سنة منذ أن طرحوا يوسف أخاهم في البئر ثم باعوه للمدنيين عبداً. بعد هذه المدة الطويلة تذكروا فعلتهم وقالوا بعضهم لبعض "حقاً إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع لذلك جاءت علينا هذه الضيقة" (تكوين 42: 21).
هذه الضيقة هي أشد ضيقة في تاريخ البشرية وفي بدايتها يطرح الشيطان من السماء لذا يقال "ويل لساكني الأرض والبحر لأن ابليس نزل إليكم وبع غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً" (رؤيا 12: 12) – زمناً مدته 42 شهراً وبعد ذلك يقيّد ويطرح في الهاوية طول مدة الملك الألفي (رؤيا 20: 1 – 3).
كما أنه في نهاية ال 42 شهراً سيقبض على الوحش (الإمبراطور الروماني) أي الوحش الأول الطالع من البحر (رؤيا 13: 1) كما سيقبض على النبي الكذاب أي الوحش الثاني الطالع من الأرض (رؤيا 13: 11) وهو الذي كان يصنع الآيات قدام الوحش الأول ويطرح الاثنان حيين إلى بحيرة النار (رؤيا 19: 11 – 20).
بعد ذلك تأتي دينونة الأحياء على الأرض المذكورة في (متى 25) (راجع دينونة الأحياء – الفصل السابع).
والفترة اللازمة لتطهير الأرض من الأشرار وفعلة الإثم تستغرق 75 يوماً كما أنبأ دانيال النبي بذلك أي بعد الثلاث سنين ونصف – بعدها يأتي الملك الألفي السعيد. كما قال دانيال "طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى الألف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوماً (دانيال 12: 12) أي يبلغ إلى العصر السعيد ويصبح من رعايا الملك العظيم.

الملك الألفي السعيد
القاعدة العامة في الكتاب المقدس أنه ليس عند الله محاباة. إن الله ليس لليهود بل للأمم أيضاً كما يقول بولس "أم الله لليهود فقط؟ أليس للأمم أيضاً؟ بلى (نعم) إنه للأمم أيضاً" (رومية 3: 29).
وهذا ما برهن عليه صليب المسيح: عندما اجتمع اليهود والمم معاً لصلب الرب يسوع المسيح. بعد قيامة المسيح من الأموات وحلول الروح القدس على المؤمنين به وقع اضطهاد على الرسل لكنهم "رفعوا بنفس واحدة صوتاً إلى الله قائلين... لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته، هيرودس وبيلاطس النبطي مع أمم وشعوب اسرائيل..." (أعمال 4: 23 – 31) – الجميع في الشر سواء – والجميع أمام النعمة سواء ولا فرق كما قيل في 
الرسالة "لأنه لا فرق بين اليهودي واليوناني لأن رباً واحداً للجميع الذين يدعون بع. لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رومية 10: 12، 13).
وكما تكونت الكنيسة في بدايتها من عنصرين: يهود وأمم هكذا سيكون الملك الألفي السعيد: سيكون الرعايا من العنصرين اليهود والأمم لأنه ليس عند الله محاباة.
وهذا ما نراه في سفر الرؤيا (ص 7) من اليهود 144000 مختوم ويعطى التفاصيل من كل سبط 12000 مختوم (رؤ 7: 1 – 8)، ومن الأمم من جميع الأجناس كما قيل "جمع كثير لم يستطع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة..." ويقول عنهم "إن هؤلاء أتوا من الضيق5ة العظيمة..... والجالس على العرش يحل فوقهم لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر... الخ" (رؤيا 7: 9 – 17).
أي أن رعايا الملكوت الألفي السعيد هم البقية الصغيرة اليهودية التي تنبأ عنها إشعياء النبي (إشعياء 1: 9؛ رومية 9: 29) الذين قيل عنهم أنهم ال 144000 مختوم والجمع الكثير من الأمم غير المسيحية الذين آمنوا بالمسيح بعد اختطاف الكنيسة. لكن السبتيين الأدفنتست يعتبرون أنفسهم أنهم هم فقط المقصودون ب ال 144000 مختوم من أسباط اسرائيل الاثني عشر. وأنه لا نصيب لأحد سواهم – هذا ما يقولونه صراحة في كتابهم (مأساة العصور صفحة 689، 690) حيث يقولون "أن المقصود بذلك همالسبتيون الأدفنتست فقط دون غيرهم من الطوائف المسيحية الأخرى وأن السبت هو ختم الله للسبتين أما باقي الطوائف المسيحية التي تقدس يوم الأحد، فالأحد هو سمة الوحش". 
إنهم يرون أنفسهم فقط دون غيرهم من البشر. لكن الكتاب المقدس لا يعطى فرصة للإنسان للافتخار بل يقول "أما من افتخر فليفتخر بالرب. لأنه ليس من مدح نفسه هو المزكى بل من يمدحه الرب" (2 كو 10: 17، 18).
إن الرسول بولس وهو من أفضل القديسين في التاريخ البشري يقول عن نفسه "بل لست أحكم في نفسي أيضاً. فإني لست أشعر بشيء في ذاتي. لكنني لست بذلك مبرراً ولكن الذي يحكم فيّ هو الرب..." (1 كو 4: 3، 4).
وقال الرب يسوع عن الفريسيين... "وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار ويحتقرون الآخرين هذا المثل... أقول لكم إن هذا (العشار) نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك (الفريسي). لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع" (لوقا 18: 9 – 14). 
بل إن الرب يسوع يقول "كذلك أنتم أيضاً متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا "عبيد بطالون unprofitable" أي غير نافعين لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينا".
إن موسى النبي لما نزل من الجبل كان وجهه يلمع بمجد وجميع الشعب رأى المجد الساطع على وجه موسى ما عدا موسى نفسه. هو وحده الذي لم يكن يعلم (خروج 34: 29) إن المجد المعطى من الله لا نراه نحن في أنفسنا ولكن يراه الآخرون لكن هامان لا يرى إلا ذاته فقط "فقال هامان في قلبه من يسر الملك بأن يكرمه أكثر مني" (أستير 6: 6).
هذه هي صفة الذين يتبررون بالناموس والسبب لأنهم لم يعرفوا نعمة ربنا يسوع المسيح النعمة التي لا تعطى فرصة للإنسان للافتخار "ولكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه" (1 كو 1: 29).
إن الملك الألفي هو تدبير جديد يختلف عن التدبير المسيحي في الوقت الحاضر – سوف يكون عصراً سعيداً لرعايا الملك لأن الشيطان سيكون في سجن الهاوية (رؤيا 20: 1 – 3) والخليقة التي بهن الآن سوف تعتق من عبودية الفساد (رومية 8: 19 – 22) والحيوانات المتوحشة تتغير طبيعتها الوحشية وتصبح كما كانت قبل السقوط: الأسد يأكل التبن كالبقر (إشعياء 11: 6، 7).
هذا العصر تحددت مدته في رؤيا 20: 4 – بألف سنة وستكون القيامة الأولى التي تتضمن اختطاف المؤمنين الأحياء على الأرض (1 تس 4: 13 – 17) قبل أن يبدأ الملك الألفي وبعد القيامة الأولى تبدأ حوادث الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال – الحوادث المدونة في سفر الرؤيا (ص 6 – ص 19).
بعد أن تنتهي الألف سنة تكون دينونة الأموات الأشرار أمام العرش العظيم الأبيض حيث يدانون بحسب أعمالهم (رؤيا 20: 11 – 15).
قبل إقامة الملك الألفي "قبض على الوحش الأول الطالع من البحر" والنبي الكذاب (وهو الوحش الثاني الطالع من الأرض) معه الصانع قدامه الآيات التي بها أضل الذين قبلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته وطرح الاثنان حيين إلى بحيرة النار" (رؤ 19: 20) وفي نهاية الملك الألفي سيطرح إبليس في بحيرة النار والكبريت "حيث الوحش والنبي الكذاب" (رؤ 20: 10).
بعد ذلك مباشرة يقول "ثم رأيت سماء جديدة فيما بعد" (رؤ 21: 1) وهنا نجد وصف الحالة الأبدية (ص 21: 1 – 8) المزمور إليها باليوم الثامن بعد عيد المظال الذي استمر سبعة أيام والسبعة الأيام هي رمز الملك الألفي. فاليوم الثامن هو السبت الأبدي، يوم راحة الله التي قال عنها الرسول في الرسالة للعبرانيين "إذاً بقيت راحة لشعب الله" (عب 4: 9). 
There remains then a Sabbatism to the people of God وكلمة راحة هنا تسمى Sabbatism أي حفظ سبت. ويسميها الله له المجد "راحتي" وهذا يأتي بنا إلى راحة السبت. 

(ج) السبت
"فلا يحكم عليكم أحد (أحد المعلمين الكذبة) في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التي هي ظل الأمور العتيدة وأما الجسد (أي جسم الحقيقة) فللمسيح أو فالمسيح "is of Christ" (كولوسي 2: 16، 17) وقد تأملنا فيما يختص بالأكل والشرب والعيد والهلال وبقي أن نتأمل في السبت باعتباره ظلاً للأمور أو البركات العتيدة.
المقصود بالسبت بحسب فكر الله هو راحة الله نفسه في الأبدية، الراحة التي يدخلها المؤمنون. وهذا واضح من الرسالة للعبرانيين "لأننا نحن المؤمنون ندخل الراحة" (ع 3) أي راحة الله. أما عن غير المؤمنون فيقول الله "أقسمت في غضبي لن يدخلوا راحتي" ويقول في (ع 9) "إذاً بقيت راحة (أو حفظ سبت "Sabbatism") لشعب الله" أما عن غير المؤمنين فقد ذكر عنهم "يصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين ولا تكون راحة نهاراً وليلاً..." (رؤيا 14: 11) ويشير الرسول في عب 4: 4) أن الأقوال الواردة في (تك 2: 2) "وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع وقدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً". إن في هذه الأقوال إشارة واضحة إلى راحة الله الأبدية. ويقصد أن يقول أن فكرة الراحة كانت في قلب الله من قبل دخول الخطية بعد الأعمال التي تمت بخلق آدم ووضعه على رأس الخليقة.
في خليقة الأيام الستة، في كل يوم كان يقول "وكان مساء وكان صباح يوماً واحد... وهكذا إلى اليوم السادس ثم بعد خلق آدم في اليوم السادس قال وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً" (ص 1: 31) ثم فرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع... وبارك الله اليوم السابع" (تك 2: 2، 3) لكنه لا يقول وكان مساء... فهو يوم "day" أو بالحري نهار لا يعقبه مساء لأن الله قصد أن يكون اليوم السابع ظلاً للنهار الأبدي أو البركة العتيدة التي تكلم عنها الرسول في (عب 4) كما أشرنا. نعم فإن السبت ظل للأمور العتيدة (كولوسي 2: 16، 17).
إن مقاصد الله الأخيرة المجيدة معلنة في بداية سفر التكوين "معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله" (أعمال 15: 18). أول عدد في الإصحاح الأول من سفر التكوين هو "في البدء خلق الله السموات والأرض". لكن في قصد الله أن تتوارى السموات والأرض وتحل محلها حسب قصده وحسب وعده "سموات جديدة وارض جديدة يسكن فيها البر" (2 بط 3: 13). وها هو يوحنا الرائي يقول في نهاية سفر الرؤيا "ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا..." (رؤيا 21: 1) ثم يعطينا وصفاً للحالة الأبدية، السعيدة "مسكن الله مع الناس" (ع 3) هذه هي مقاصد الله التي لا بد أن تتم معلنة منذ القديم وليس في مقدور الشيطان أن يعطل اتمامها. نعم هذا هو السبت الأبدي الذي فيه يستريح الله.
لكن متى يبدأ السبت الأبدي أي الحالة الأبدية؟ الإجابة: بعد أن يفرغ الله من جميع أعماله (تك 2: 2).
في (ص 20) من سفر الرؤيا نجد دينونة الناس الأشرار بعد أن تمت الألف سنة سوف يدان الجميع صغاراً وكباراً (صغار في المقام وكبار في المقام) ولا فرق، ولا يوجد هروب على الإطلاق، سوف يسلم البحر الأموات الذين فيه وسوف يسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما (الموت يسلم الأجساد والهاوية تسلم الرواح) ويدانون بحسب أعمالهم أي يحاكمون بحسب حجم أعمالهم وبحسب النور الذي أضاء أمامهم لكنهم أحبوا الظلمة أكثر من النور. بل أيضاً سرائر الناس سوف تدان (رومية 2: 16). في آخر (ص20) من سفر الرؤيا نجد أن الموت الأول يسلم أسراه أومسجونيه إلى دينونة اليوم العظيم (المحاكمة) ومنها إلى الموت الثاني (بحيرة النار). وهذا سوف يتم في نهاية كل شيء عندما تهرب السموات والأرض من وجه الجالس على العرش العظيم الأبيض. فعند نهاية كل شيء عندما توضع جميع الأعداء تحت قدميه، عندئذ يتم القول أن "الموت" آخر عدو يبطل (1 كو 15: 26). ليس الموت الثاني الذي لا يكون قد بدأ بعد بل الموت الأول. لأن الموت الثاني لا يبطل عندئذ بل بالعكس يظل جاثماً على الأشرار إلى أبد الآبدين، كما أن الحالة الأبدية السعيدة تبدأ بعد طرح الموت والهاوية في بحيرة النار.
بعد ذلك يبدأ السبت الأبدي الذي كان السبت الأول رمزاً وظلاً له. إن الذي يتطلع إلى الحقيقة أي "راحة الله" يعيش في جو هذه الحقيقة باستمرار نهاراً وليلاً. في النعمة يقيم (يستريح) ويفتخر (يفرح) على رجاء المجد (رومية 5: 1، 2) ولا يجري وراء الظل لكي يحفظ السبت من مساء الجمعة إلى مساء السبت كما يقول السبتيون ويريدون أن يحكموا على الآخرين أن يحفظوه خلافاً للتحريض الإلهي "لا يحكم عليكم أحد... أو سبت" (كولوسي 2: 16). السبت ظل ونحن لا نحفظ الظل.
ذكر السبت لأول مرة في (تك 2: 2) ثم بعد ذلك لا نقرأ عن السبت لمدة 2500 سنة تقريباً حتى نصل إلى (خروج 16) بمناسبة إعطاء المن للشعب في البرية. المن رمز للمسيح النازل من السماء. هو الطعام الوحيد الذي يقدمه الله للعالم (يوحنا 3: 16) ومن يأكله (يؤمن به) يحيا به "من يأكلني فهو يحيا بي" (يوحنا 6: 57) هو وحده الذي استطاع أن يقول "تعالوا إليّ (آمنوا بي) يا جميع المتعبين (بالخطايا)... وأنا أريحكم" (متى 11: 28) لا توجد راحة (سبت) إلا في المسيح هو الحقيقة وليس الظل "السبت ظل الأمور العتيدة وأما الجسد (الحقيقة) فالمسيح" (كولوسي 2: 17).
لكن الشعب (إسرائيل) وهو غير مدرك لنعمة الله قبل شروط الناموس واستند إلى بره الذاتي لذلك أعطاهم الرب السبت (الذي معناه الكف عن العمل أي الراحة) مشروطاً ومرتبطاً بالوصايا العشر فاكتسب طبيعة الفريضة الناموسية حتى أن من يكسره يرجم حتى الموت (عد 15: 32 – 36).
وكما أساء السبتيون فهم معنى السبت كذلك أساءوا فهم معنى يوم الحد. فإن المسيحيين لا يحفظون يوم الأحد ناموسياً من مساء السبت إلى مساء الأحد. لا يوجد شيء مثل ذلك في كلمة الله. كما أن السبت لم يستبدل بالأحد ولا الأحد استبدل بالسبت. السبت هو اليوم السابع والحد هو اليوم الأول. لقد تأسس السبت على حقين عظيمين: الأول هو سبت لخليقة الأولى والثاني هو سبت للشعب الأرضي (اليهودي). الحقيقة الأولى تعلن راحة الخليقة بعد أن أكمل الله عمله كالخالق. والحقيقة الثانية تعلن أن الناموس قرره كيوم راحة للشعب اليهودي. لكن المسيحية ليست في شيء من هاتين الحقيقتين. المسيحيون ليسوا من هذا العالم كسائر الخليقة (يوحنا 17: 14) كما ذكر المسيح له المجد مرتين في (يوحنا 17) إن المسيحيين ليسوا من العالم كما أنه هو ليس من العالم. والمؤمن المسيحي لا يقوم على أساس من الناموس. المؤمن خليقة جديدة في المسيح.لا هو في آدم ولا هو تحت الناموس. كل من هو في آدم وكل من هو تحت الناموس هالك لا محالة في كلتا الحالتين سواء بالسقوط أو بلعنة الناموس.
لكن منذ أن قام المسيح من بين الموات في يوم الحد وظهر للتلاميذ في ذلك اليوم ثم ظهر لهم مرة أخرى في يوم الحد التالي وكان توما معهم (يوحنا 1: 19، 26) كما حل الروح القدس عليهم يوم الأحد بعد خمسين يوماً من قيامته، اعتاد التلاميذ أن يجتمعوا يوم الأحد لكي في محفل الأحد يكسروا خبز عشاء الرب كما في (أعمال 20: 7) وعشاء الرب هو الامتياز المبارك الذي أوصى به الرب في ليلة آلامه تذكاراً لموته (لو 22: 19) والوصية تسلمها بولس من الرب وبولس هو الإناء المختار لكي يكون خادماً للكنيسة (كولوسي 1: 25) ويقول للكورنثيين "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها (كلمة لها تأثيرها العظيم على قلوب المؤمنين)..." (1 كو 11: 23). فليس عشاء الرب فريضة بل هو امتياز معطى للمؤمنين فقط لأنه بالنسبة للمؤمنين لا توجد فرائض "إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم (الناموس)... فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض؟" (كولوسي 2: 20). وإذ يمارسون هذا الامتياز بفرح يذكرون موت الرب ويخبرون به إلى أن يجيء. يذكرونه بالشكر والحمد والتسبيح – أي يقدمون ذبائح الحمد والتسبيح أي ثمر الشفاه المعترفة باسمه كما يقدمون ذبائح أخرى أي فعل الخير والتوزيع (عب 13: 15، 16) وهذه تقدم أيضاً في يوم الأحد مع صنع التذكار كما جاء في (1 كو 16: 20) نعم لأن يوم الأحد هو "يوم الرب" الذي قال عنه يوحنا في سفر الرؤيا أنه صار في الروح في "يوم الرب" (رؤيا 1: 10) والكلمة في معناها باللغة اليونانية "اليوم الذي يخص الرب" ولم ترد إلا في (رؤ 1: 10) والكلمة تترجم باللغة الإنجليزية "The Lords day" وذلك بخلاف يوم الرب العظيم الذي ذكر في (2 بط 3: 10) كما ذكر كثيراً في العهد القديم ويترجم في الإنجليزية "The day of the Lord" أما السبت فلم يدع يوم الرب إطلاقاً.
والعجيب في الأمر أن مبدأ حفظ السبت لم يكن وارداً في الأصل عند السبتيين الأدفنتست. كان اسمهم "أدفنتست" فقط أي منتظري مجيء المسيح على الأرض كملك سنة 1844. فإن رائدهم "وليم ملّر" لم يتكلم عن حفظ السبت إطلاقاً بل فيما بعد وعندما احتضنت "مسو هوايت" عقيدة السبت كان مقاوماً لها. أما كيف وصلت إليهم هذه العقيدة فقد كانت عن طريق إحدى السيدات وتدعى "راشيل واكس" والتي كانت تنتمي إلى طائفة صغيرة من المعمدانيين أطلقوا على أنفسهم اسم "معمداني اليوم السابع" هذه انضمت إلى الأدفنتست وأقنعتهم بحفظ السبت، ثم أيدت ذلك نبيتهم "مسز هوايت" برؤى واعلانات. وهكذا أصبح السبت عقيدة أساسية عندهم. عقيدة أتت بها امرأة وأيدتها امرأة أخرى وهكذا أصبح للشيطان آلات من العنصر النسائي لتأييد خططه وذلك مخالفة صريحة لأقوال الرسول الموحى له الذي كتب قائلاً "لست آذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل..." (1 تي 2: 12 – 14) مع أن رائدهم "ملر" رفض في البداية الفكرة ولكنه اضطر للتسليم بذلك ثم اختاروا لأنفسهم اسم "السبتيون الأدفنتست" كما سلم ملر بكل ما ادعته "مسز هوايت" من عقائد هي في حقيقتها "بدع هلاك" مثل بدعة "رقاد النفوس" (أو عدم الوعي بعد الموت بالنسبة لجميع الناس مؤمنين وغير مؤمنين) وكذلك بدعة "ملاشاة الأشرار" وسنتأمل في ذلك في فصل تالٍ.
والعجيب أن رائد السبتيين اضطر أن يخضع لما تقوله النبية "مسز هوايت" وكذلك الأشخاص البارزين من الرجال الكل خضعوا لما تقوله "المرأة" وهكذا نرى أن الله يعاقب الجماعة التي تنحرف عن الحق بجعل امرأة تتسلط عليهم كما حدث قديماً عندما انحرف شعب اسرائيل عن العبادة الحقيقية فإن الرب خاطبهم بفم إشعياء النبي قائلاً "شعبي ظالموه أولاد ونساء يتسلطن عليه. يا شعبي مرشدوك مضلون" (إشعياء 3: 12) والمقصود بالأولاد هم الرجال الذين في تفكيرهم وأذهانهم كأولاد (1 كورنثوس 14: 20).
لقد جعلوا مبدأ حفظ السبت كأنه قضية حياة أو موت وجعلوا يوم السبت يصطدم مع يوم الأحد. فهل المسيحية هي حفظ أيام أم هي ارتباط بالمسيح؟ "الذي أسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا ليكون لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رومية 4: 25 – 5: 1). إن مبدأ حفظ الأيام قد أدانه الرسول في رسالة غلاطية موبخاً للغلاطيين وقائلاً لهم "أتحفظون أياماً... أخاف أن أكون قد تعبت فيكم عبثاً" (غلا 4: 10، 11). وفي نفس الرسالة يقول "مع المسيح صلبت (صلب للخطية والعالم وكل الفرائض الناموسية) فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ، فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي. لست أبطل نعمة الله لأنه إن كان بالناموس بر فالمسيح إذاً مات بلا سبب" (غلا 2: 20، 21).
اسمع أيها القارىء ما تقوله "مسز هوايت" نبية السبتيين في كتابها "مأساة العصور" تقول كأنها نبية تتنبأ "سيقع خصام نهائي بين مناصري يوم الأحد وجماعة السبتيين وذلك بقيادة روما الكاثوليكية. وأن الولايات المتحدة الأمريكية ستلعب دوراً هاماً في هذا الخصام لأنها ستكون حليف الوحش الثاني، النبي الكذاب المذكور في (رؤيا 13). كما قالت أن جهود العاملين لتقديس يوم الأحد ستؤول في أمريكا وخارجها إلى شرائع هجومية ضد السبتيين" (صفحة 626، 638) وقد أكدت "مسز هوايت" أن السبت سيكون حجر الصدمة الكبر! لتمييز الإخلاص وسيوضع خط فاصل واضح دقيق بين الذين يعبدون الله والذين لا يعبدونه" (مقتبسة ما جاء في سفر ملاخي 3: 18) ولقد اعتبرت مسز هوايت أن يوم الأحد هو سمة الوحش. (كتابها مأساة العصور صفحة 648).

الموضوع منقول من منتديات المسيحي الجريء


هذه هي المبادىء السبتية: يعظمون شأن السبت ويقللون من أهمية ذبيحة المسيح ويعتبرونها غير كافية للخلاص لكن الرب يقول "حاشا لي. فإني أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون" (1 صم 2: 30). هل هو أمر زهيد أن الله يرسل ابنه الوحيد الحبيب لكي يموت عن الخطاة، موت العار، موت الصليب؟
تقول "مسز هوايت" أن السبت سيكون حجر الصدمة الأكبر بخلاف ما يقوله الرسول بطرس أن حجر الصدمة وصخرة العثرة هو المسيح نفسه. "لذلك يتضمن في الكتاب هنذا أضع في صهيون حجر زاوية مختاراً كريماً والذي يؤمن به لن يخزى. فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة وأمّا للذين لا يطيعون فالحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. وحجر صدمة وصخرة عثرة. الذين يعثرون غير طائعين للكلمة..." (1 بط 2: 6- 8). هل السبت هو الواسطة للخلاص أم المسيح الذي قال عنه الرسول بطرس "هذا هو الحجر الذي احتقرتموه أيها البناءون الذي صار رأس الزاوية. وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن تخلص" (أعمال 4: 11، 12).
لا يمكن أن تدسّ بدعة في وسط التعاليم المسيحية إلاََّ ويقصد الشيطان من ورائها شيئاً. فما الذي يقصده الشيطان من بدعة حفظ السبت؟ يقول الرسول بولس: نحن لا نجهل أفكاره (أفكار الشيطان). ليس الموضوع هو استبدال يوم بدل يوم ولكن ما يقصده الشيطان هو حجب المعنى المقصود باليوم الأول (الأحد) أي حجب مجد قيامة الرب من الأموات. لقد أقيم المسيح من الموات. بمجد الآب (رومية 6: 4) ويخاطب الرسول بطرس المؤمنين قائلاً لهم "أنتم الذي به تؤمنون بالله الذي أقامه من الأموات وأعطاه مجداً حتى أن إيمانكم ورجاءكم هما في الله (1 بط 1: 21). ما يقصده الشيطان هو إهانة الرب يسوع وإحزان المؤمنين. منذ أن قام الرب يسوع من الموات (يوم الحد) والشيطان يحاول أن يخفي حقيقة قيامته. إن رؤساء الكهنة الذين أعطوا الإسخريوطي ثلاثين من الفضة لكي يسلمه لهم اضطروا أن يدفعوا أكثر من ذلك للحراس حتى يشهدوا الشهادة الكاذبة لإنكار قيامته "أعطوا العسكر فضة كثيرة قائلين قولوا أن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام" (متى 28: 13).
ما يسبب فرحاً للمؤمنين يسبب ضجراً للشيطان والذين يقودهم وراءه. تذكر أيها القارىء ما جاء في سفر الأعمال (ص 4: 1، 2) عن بطرس ويوحنا أنهما بينما كانا يخاطبان الشعب في الهيكل أقبل عليهما الكهنة وقائد جند الهيكل والصدوقيين متضجرين من تعليمهما الشعب وندائهما في يسوع بالقيامة من الأموات". لو كان الأمر استبدال يوم بدلاً من يوم لكان ذلك موضوعاً مادياً محضاً بلا معنى. ولكن ما يقصده الشيطان أن يشغل الناس بمنازعات جانبية ليبعد النظار عن الموضوع الرئيسي. يقول السبتيون أن قسطنطين أو بابا روما هو الذي استبدل السبت بيوم الأحد لكي يرد آخرون قائلين كلا لم يحدث على الإطلاق شيء مثل ذلك وهكذا ينجح الشيطان في إخفاء الحقيقة العظيمة التي يريدها ألا وهي قيامة الرب من الأموات ويوم الأحد يذكر بها وليس السبت. يوم الحد هو اليوم الذي بدأت فيه الخليقة الجديدة التي رأسها المسيح المقام من الأموات. وقيامة المسيح من الموات هي أساس الإنجيل وأساس كل البركات يقول الرسول بولس للكورنثيين "وأعرفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه، وبه أيضاً تخلصون... إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثاً... (الإنجيل هو) أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث (يوم الأحد) حسب الكتب" (1 كو 15: 1 – 4) الإنجيل معناه "البشارة المفرحة" إن إصحاح 15 من كورنثوس الأولى المكون من 58 عدداً يتكلم كله عن قيامة المسيح ويرتبط بها كل البركات التي حصل عليها المؤمنون فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم" (ع 17) وليتنا نرجع بذاكرتنا قليلاً إلى ما حدث في ذات يوم قيامة الرب، أنه تقابل مع مريم المجدلية ولم تكن تعلم أنه قد قام. ماذا كانت حالتها "واقفة عند القبر خارجاً تبكي" (يو 20: 11) وماذا كانت حالة التلاميذ الذين لم يكونوا يعلمون أنه قد قام؟ "كانوا ينوحون ويبكون" (مرقس 16: 10) وماذا كانت حالة تلميذي عمواس المنطلقين من أورشليم إلى عمواس ولم يكونا يعلمان أنه قد قام؟ "كانا ماشيين عابسين حزينين. لكن الرب رافقهما وهما يسيران بخطوات متثاقلة حتى وصلوا البيت لكن عندما عرفا الرب يسوع عند كسر الخبز قاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم للأحد عشر. رجعا بفرح عظيم وبخطوات سريعة إن جاز التعبير نقول أنهما كانا يقفزان كالأيائل لأن الرب قد قام.
نعم في يوم السبت كان الرب يسوع في القبر وليس هذا بالشيء الذي يفرح قلب المؤمن أما الأحد فإنه يذكر أن الرب قد قام من الأموات وهذا الشيء يفرح قلب المؤمن ويجعل الشيطان يتضجر لأنه لا يريد للمؤمن فرحاً.
إن المؤرخ الموحى له يذكر أن بولس وأصحابه صرفوا سبعة أيام في تراوس مع أن بولس كان يسرع في السفر لكي يصل إلى أورشليم قبل يوم الخمسين (أع 20: 16) لكنهم انتظروا حتى أول الأسبوع (يوم الأحد) إذ كانت لهم الأشواق أن يجتمعوا مع المؤمنين في تراوس في المناسبة السعيدة (يوم الأحد) ليكسروا خبزاً وأطال بولس الكلام إلى نصف الليل وتعزوا تعزية ليست بقليلة (أع 20: 12) مكثوا سبعة أيام لكن التعزية العظيمة كانت أول الأسبوع (يوم الأحد).
إن المسيح لم يصر رأساً للخليقة الجديدة إلا بعد قيامته من الأموات. الخليقة القديمة رأسها آدم "وفي آدم يموت الجميع. لكن في المسيح سيحيا الجميع" (1 كو 15: 22) مسيح يملك على الأرض هو كذلك بالنسبة لاسرائيل. مسيح مقام من الأموات وممجد في السماء هو كذلك بالنسبة للكنيسة. يقول الرسول بطرس "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث... محفوظ في السموات لأجلكم" (1 بط 1: 3، 4).
لقد فاضت رسائل العهد الجديد بالكلام عن بركات المؤمنين التي أساسها المسيح المقام من الأموات لذلك لا نستغرب أن الشيطان يحاول أن يمحو من ذاكرة المؤمنين موضوع قيامة الرب المرتبطة بيوم الأحد.
كتب بولس الرسول للقديسين في فيلبي وهو في سجن روما قائلاً لهم "...لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات" (فيلبي 3: 10، 11) إن الحقيقة المباركة التي تملأ قلب الرسول "قوة قيامته" تجعله يحتمل بسرور أن تكون له شركة آلامه متطلعاً إلى ذلك اليوم السعيد عندما يرى الرب يسوع وهو على صورة جسد مجد سيده.
وكان لدي الكثير لأقوله عن أمجاد وبركات قيامة الرب يسوع التي يذكر بها يوم الحد لكن لضيق المقام اكتفى بذلك ننتقل إلى الكلام عن بدع الشيطان التي يعتنقها كل أعوان الشيطان. وهذه البدع مثل بدعة "رقاد النفس" بعد الموت والخلود المشروط وملاشاة الأشرار وفي ذلك يتفق السبتيون مع شهود يهوه في هذه الهرطقات.
 
الفصل السادس
بدعة رقاد النفوس بعد الموت والخلود المشروط

في عام 1856 حدث انشقاق في صفوف السبتيين فانفصلت جماعة لقبوا أنفسهم الأدفنتست المسيحيين يعتقدون برقاد نفوس الأموات الأشرار والأبرار (في حالة عدم وعي أو شعور) ويعتقدون بالخلود المشروط وهاتان العقيدتان نادى بهما شخص يدعى "جورج ستورز" (1796 – 1879) وقد قوبل ادخالهما بمعارضة شديدة من رائد السبتيين "ملر" الذي كان يؤمن بوجود العذاب الأبدي رؤيا "حيرام إدسون" فيما يختص بتربة القدس سنة 1844 وافقت على كل آراء "جورج ستورز" بخصوص رقاد نفوس الأموات كما وافقت على فكرة ملاشاة الأشرار. واضطر ملر الذي وجد نفسه أمام شخصية أقوى من شخصيته أن يسلم لما تقوله النبية كما سبق وسلم لها نفسه فيما يختص بحفظ السبت. إنهم بحسب ظنهم يؤيدون اعتقاداتهم "بالمكتوب" كما حدث عندما جرب الشيطان الرب يسوع أجابه بقوله "مكتوب أيضاً". إن أقوال الكتاب المقدس لا تفهم على وجهها الصحيح إلا في مكانها وطبقاً لقرينتها. لأن الروح القدس لن يكون متعارضاً مع كلماته. كما قال الرسول عن الأقوال الموحى بها "التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال (بكلمات) "not in words" تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات" (1 كو 2: 13) لكن المبتدعين عادة يستعملون "كلمات معزولة" يستخدمونها بعيداً عن قرينتها لتثبيت مبادىء لا تمت إليها بأية صلة. وبذلك يضعون الأقوال التي علّم بها الروح القدس موضع التعارض مع الروح القدس الذي علّم بها.
ومثال ذلك لتأييد هرطقاتهم أن أقوال الكتاب المقدس لا تؤخذ بحرفيتها "لأن الحرف يقتل" (2 كو 3: 6). إن هذا التفكير يجعل النصوص الكتابية تعني أي شيء يوافق هوى المفسر ومزاجه. وما يجدر ملاحظته أن الرسول نفسه الذي يشهد عن "كلماته" بأنها من تعليم الروح القدس، هو ذاته الذي يخبرنا أن الحرف يقتل وإذا لم نأخذ هذا النص منعزلاً فإن القرينة تدلنا أن الحرف يقتل وإذا لم نأخذ هذا النص منعزلاً فإن القرينة تدلنا على معناه الصحيح. نجد هذا النص مع القرينة السابقة (ع 5) هكذا "ليس أننا كفاة من أنفسنا إن نفتكر شيئاً كأنه من أنفسنا بل كفايتنا من الله جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي".
إن الرسول كان يتكلم عن خدمة الناموس التي هي خدمة موت منقوشة بأحرف في حجارة معطاة لبني اسرائيل على يدي موسى وواضح أن ما يقصده الرسول هو أن الناموس (الحرف) يقتل. لأن خدمة الناموس هي خدمة موت. وفي هذا يقول الرسول في مكان آخر "لما جاءت الوصية (الناموس) عاشت الخطية فمت أنا" (رومية 7: 9). أما خدمة الإنجيل فهي "خدمة البر" أي أنه يقدم البر لا أن يطالب به. وهكذا كان الإنجيل حياة للنفوس وليس موتاً.
ورقاد النفس بدعة هرطوقية سببها انكار أن الإنسان ذو كيان ثلاثي "روح ونفس وجسد" ويعتبرون أن الجسد هو كل الإنسان لكن كثيرين ممن يسلمون بوجود النفس بعد الموت لا يسلمون بوعيها ويتمسكون بما يسمونه "رقاد النفس" مع أن الكتاب المقدس لا يذكر على الإطلاق ما يسمى "رقاد النفس" وكل ما يذكره الكتاب هو رقاد الجسد. ولأجل ذلك سنرى ماذا يقول الكتاب: 
الإنسان كائن ثلاثي: روح ونفس وجسد 
هذا ما تقوله كلمة الله في العهد القديم والعهد الجديد. وتذكر الثلاثة معاً في عدد واحد (1تس 5: 23) " وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم..."وواضح أن طلبة الرسول لأجل المؤمنين هو لأجل تقديس كل واحد منهم بجملته (أو كلية) لله، أن تقديس الإنسان كله معناه حفظ "الروح و النفس والجسد" بلا أمام الله. وفي هذا الترتيب تأتي الروح أولاً ثم النفس وهي حلقة الاتصال بين الروح والجسد.ومن هنا كما في فصول أخرى نفهم أن الروح الإنسانية هي الجزء الأسمى في الإنسان، وهي التي جعلت الإنسان إنساناً مميزاً عن الخلائق الأدنى غير العاقلة لأنها نفخة القدير " لكن في الناس روحاً ونسمة القدير تعقلهم " (أيوب32: 8) فالروح الإنسانية هي التي جعلت الإنسان في علاقة مع الله. فمن ناحية جعل الله الإنسان سيداً على الخليقة الأدنى كممثل لله ومن ناحية أخرى مسؤولاً أمام الله لأجل طاعته وعبادته. فإنه بواسطة الروح يُعبد الله. كما قال بولس في (رو 9: 1).
لكن الهراطقة مثل شهود يهوه السبتيين بعضهم يعتبر أن جسد الإنسان هو كل الإنسان وبعضهم يعتبر أن الإنسان هو نفس وجسد فقط مثل الحيوان أي أنهم يسقطون من الإنسان ما جعله إنساناً وأعني به الروح. ولكن إذا كانت الروح هي التي جعلته إنساناً فلماذا يقال " صار آدم نفساً حيةً " (تك 7: 2) ولا يقال " صار روحاً "؟ السبب هو أن الملائكة أرواح عاقلة فتمييزاً للإنسان عن الملائكة يقال عنه أنه " نفس حية " ولكنه هو أكثر من ذلك إذ هو يتميّز عن الحيوان بالروح التي تعقل. والإنسان وهو على قيد الحياة يسمى "نفساً " كما قيل في (أع 14: 7)" فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته خمسة وسبعين نفساً" لكن في حالة انفصال الروح عن الجسد بالموت فالتعبير عن الإنسان هو أنه "روح " كما قيل عن قديسي العهد القديم الذين رقدوا أنهم "أرواح أبرار مكملين" (عب 23: 12) كما قال الرسول بطرس عن الناس الأشرار الذين هلكوا بدينونة الطوفان، أنه قبل الطوفان جاهد معهم الروح القدس بواسطة كرازة نوح لكن بسبب عصيانهم هم الآن " أرواح في السجن " أي في هاوية العذاب مقر أرواح الأشرار (ا بط 19: 3).
وظائف النفس والروح
الروح هي الجزء الأسمى في الإنسان وهي مركز العقل والفهم والحكم الأدبي أي التمييز بين الخير والشر وتوجد نصوص كتابية عديدة توضح ذلك اكتفى بالإشارة إلى بعضها ويستطيع القارىء أن يرجع إلى كتابه المقدس: (قض 8: 3؛ مزمور 106: 33؛ مر 8: 12؛ أيضاً في (1 كو 2: 11) يقول "لأن مَنْ مِن الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه". 
أما النفس فهي مركز العواطف والشهوات والحبة والبغضة ونرجو الرجوع للشواهد التالية: (1 صم 18: 1)؛ مزمور 42: 1؛ لاويين 26: 15؛ 2 صم 5: 8؛ زك 11: 8؛ أيوب 30: 25؛ مز 10: 3؛ 1 بط 2: 11؛ مزمور 107: 18؛ أم 25: 25؛ أم 27: 7).
من هذه الشواهد نستطيع أن نفهم مكان النفس ووظائفها. فنراها كحلقة الاتصال بين الروح والجسد كما نرى التمييز واضحاً بين الروح والنفس. والحقيقة أن الروح والنفس والجسد في فترة الحياة "شخصية واحدة" وعند الموت يسقط الجسد مؤقتاً من هذه الوحدة المثلثة. وتبقى الروح والنفس متلازمتين لا تنفصلان. وإذا كانت الروح تفكر والنفس تشعر فذلك ليس معناه شخصيتين مستقلتين بل شخصية واحدة متفاعلة. فما تعرفه الروح يصبح نصيب النفس. وما تشعر به النفس وما يجيش فيها من عواطف يصبح نصيب الروح. ونجد تفسيراً لهذا التفاعل المتبادل مثلاً في القول "فتنهد بروحه" (مر 8: 12). فالتنهد ظاهرة بدنية وليست عقلية والكتاب لا يخلط بين الجسد والروح، كما لا يخلط بين النفس والروح. وإنما يقول "تنهد بروحه" فالذي أنتج التنهد انزعاج عاناه السيد عندما أدركت روحه المعنى الأدبي لرغبة أولئك القوم في أن يروا آية من السماء. ومع ذلك فالكتاب لا يقول تنهد بعقله بل بروحه. وهكذا نجد أن الروح التي تميز أمور الإنسان هي المذكورة باعتبارها أنها موطن العقل، هذا لا يمنع أن النفس والجسد كان لهما نصيبهما في الأمر ولكن التعبير دقيق ويعطى لكل من النفس والروح معناهما وكيانهما الخاص، الأمر الذي لا وجود له عند السبتيين.
إذاً كما قلنا، الروح هي الجزء الأسمى في الإنسان وهي التي تحكم بحق كلا من النفس والجسد. فلو كان الإنسان مجرد نفس وجسد كما يعلم السبتيون لكان على صورة الحيوان وليس على صورة الله. وأن الله هو أبو الملائكة وأبو البشر لكنه ليس هو أبا البهائم. أن الحيوانات لها نفس وجسد ونفسها في دمها (لاويين 17: 11) وتتلاشى بموتها (مز 49: 12) لأنها خلقت لأجل الإنسان، عند خلقها فاضت بها المياه أو أخرجتها الأرض بكلمة الله (تك 1: 20، 24). أما الإنسان فهو نفخة الله لذلك فهو خالد كخلود الله. في (تك 2: 7) نقرأ "وجبل (كوّن) الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية. أي أن نفخة القدير خلقت لآدم كياناً مكوناً من روح ونفس وجسد (1 تس 5: 23) كما سبقت الإشارة. هذه الحقيقة كانت معروفة لقديسي العهد القديم إذ يقول اليهود "ولكن في الناس روحاً ونسمة القدير تعقلهم". الروح تذكر في علاقة الإنسان مع الله، لأن الله نفخ في الإنسان نسمة حياة، فالروح هي التي تميز الإنسان عن الحيوان. وكما جبل الرب جسد آدم من التراب هكذا بواسطة نفخته جبل (كوّن) روحه كما قيل في (زكريا 12: 1) "يقول الرب باسط السموات ومؤسس الأرض وجابل روح الإنسان في داخله" أي أن تكوين روح الإنسان في داخله هو عمل عظيم من أعمال الله نظير تكوين السموات والأرض. لذلك فإنه يقال أن الله هو "أبو أرواحنا وليس أبا أجسادنا" (عبرانيين 12: 9) كما قيل في سفر العدد (ص 16: 22؛ 27: 16) إنه "إله أرواح جميع البشر" لذلك فإن جميع البشر دعوا أبناء الله بسبب خلق هذه الروح الإنسانية فيهم. كما قال بولس "إننا نحن ذرية الله" لأنه خلق الإنسان على صورته (أعمال 17: 29؛ تك 1: 27) والملائكة وهم أرواح عاقلة دعوا "أبناء الله" (أيوب 1: 6؛ 38: 7).
ولكن يجب أن لا نخلط هذه الصورة الطبيعية التي لكل إنسان حتى ولو كان إنساناً خاطئاً (يعقوب 3: 9) مع الصورة التي لا يحصل عليها إلا كل ابن لله بالإيمان بالرب يسوع المسيح والولادة الثانية. فالمؤمن فقط هو "المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق" (أف 4: 24).
والنفس هي حلقة الاتصال بين الروح والجسد. والإنسان الطبيعي كشخص ساقط هو مخلوق " نفساني " منقاد بشهوات الجسد لأن النفس "مركز الشهوات " كما سبقت الإشارة عند الكلام عن وظيفة النفس ولا يعتق الإنسان إلا بالروح القدس بعد الإيمان، " إذ أعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبر ". كما صرنا عبيداً لله ولنا ثمرنا للقداسة" (رومية 6: 18، 22).
أما الجسد فهو المسكن أو الخيمة التي يسكنها الإنسان أو اللباس الذي يلبسه الإنسان ويخلعه عند الممات.
و من الروح العاقلة والنفس الحساسة تتكون " نسمة الحياة" التي نفخها الله في أنف الإنسان فسرت في جسده ولبسته كرداء تخلعه عند الممات، كما نقرأ في الشواهد التالية: 
(1) فما أحيه (أنا) الآن في الجسد فإنما أحيه في الإيمان.......(غلا 2: 20).
(2) إننا ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب (2 كو 5: 6).
(3) نثق ونسّر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب (2 كو 5: 8).
(4) أعرف انساناً في المسيح..... أفي الجسد أم خارج الجسد لست أعلم، الله يعلم. اختطف هذا إلى السماء الثالثة (إلى الفردوس) (2 كو 12: 2- 4) وهذه الأقوال تكذب ادعاءهم أن خارج الجسد لا توجد حياة أو شعور أو إحساس.
(5) أحسبه حقاً ما دمت في هذا المسكن (الجسد) أن أنهضكم بالتذكرة عالما أن خلع مسكني (أي جسدي) قريب... فأجتهد أن تكونوا بعد خروجي تتذكرون كل حين بهذه الأمور (2 بط 1: 13- 15). 
والموت ينسب للجسد لأن النفس لا تموت مع الجسد. وهذا واضح من قول الرب يسوع للتلاميذ عندما شجعهم أن يكونوا أمناء حتى الموت في طريق الشهادة لاسمه، فقد قال لهم "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (متى 10: 28).
والموت الآن بالنسبة للمؤمن يسمى رقاداً. ليس رقاد النفس بل رقاد الجسد أو موت الجسد – لكنه بالنسبة لغير المؤمنين يسمى موتاً. وغير المؤمن عندما يقاومون لأجل المحاكمة أمام العرش العظيم الأبيض يسمون "أمواتاً" "ورأيت الأموات ي جميع غير المؤمنين صغاراً وكباراً (صغاراً في المقام وكباراً في المقام لأنه لا فرق) واقفين أمام الله... ودين الأموات... بحسب أعمالهم (رؤ 20: 12). وطالما الإنسان على قيد الحياة يقال عن جسده أنه "مائت" أي في طريقه إلى الموت طال العمر أو قصر. لكن بعد الموت تدب عوامل الفساد في الجسد الموضوع في القبر لذلك يقال عن الجسد (المدفون) "الفاسد" أي الذي رأى فساداً (قارن 1 كو 15: 53، 54؛ أع 13: 36).
الحالة المتوسطة التي بين الموت والقيامة
الموت بالنسبة للجسد هو التوقف عن كل وجود عملي. لكن الموت ليس انقراضاً للإنسان بحسب ما نفهمه من كلمة الله وإن النفس الحية في الإنسان لا تنقرض بتوقف عملها كحياة للجسد. ولذلك فإننا لا نستطيع أن نتخذ من تأثير الموت على الجسد حجةً نطبقها على تأثيره على الروح أو على النفس. فالجسد هو الخيمة والنفس هي الساكن في الخيمة. والرسول بولس في (2 كو 5: 1) يميّز بين الخيمة والساكن في الخيمة عندما يقول" إن نقض بيت خيمتنا الأرضي"فمن الواضح أن الخيمة هي التي تنقض وليس ساكنها. إذ بعد ذلك في (ع 4) يقول" فإننا نحن الذين في الخيمة" كما يقول في نفس العدد" لسنا نريد أن نخلعها" نظير خلع الثوب أي الإنفصال عن الجسد- ومن ذلك يتضح أن الموت ليس هو توقفاً عن الوجود بالنسبة للإنسان بل الإنسان بنفسه وبروحه في مكان آخر كما نفهم من إشارات كثيرة في كلمة الله. 
وفي النص المقتبس من (2 بط 1: 15) والذي سبقت الإشارة إليه يُطلق على الموت كلمة "خروج" أو رحيل إذ يقول الرسول بطرس "بعد خروجي" أو بعد رحيلي. فالإنسان يخرج أو يرحل. لكن إلى أين؟ هل إلى عدم وعي؟ أن الكتاب لا يقول ذلك ولكنه يقول أنه بالنسبة للمؤمن "يستوطن عند الرب" "نثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب"(2 كو 5: 8) إن هاتين الحالتين: التغرب عن الجسد والاستيطان عند الرب متلازمتان أي تتمان في وقت واحد بدليل أنه يقول "إننا ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب" أي أن الحالتين تسيران معاً. فكيف يشك أحد في أن الشيئين اللذين يتوق إليهما، وهما الحالتان العكسيتان، تسيران معاً وفي نفس الوقت أيضاً؟. أن الرسول كان يشتاق "يسر بالأولى أن يتغرب عن الجسد" لأن الموت لم يكن مرعباً له بل وسيلة تجعله مع الرب بروحه ونفسه، وسبق الرب أن قال لتلاميذه "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها.." (مت 10: 28).
الوعي أو الشعور بعد الموت
لن نجد في الكتاب المقدس شيئاً عن رقاد النفس أو نوم النفس. بل كلمة رقاد ورقد هي بالنسبة لجسد المؤمن وهي كلمة لطيفة فيها تعزية للمؤمن أن جسده يرقد على رجاء القيامة من بين الأموات أي على رجاء القيامة في صباح قيامة الأبرار أو القيامة الولى يوم اختطاف الكنيسة وهذا ما يتوقعه المؤمنون الأحياء بين لحظة وأخرى. فنقرأ في (مت 27: 52) كنتيجة لعمل المسيح المجيد نتيجة للفداء بدمه "وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين" وأيضاً "رقد استفانوس وحمله رجال أتقياء ودفنوه" أي دفنوا جسده وكذلك "رقد داود وانضم إلى آبائه ورأى فساداً (أي جسده) (أعمال 13: 36).
والقصة المعروفة عن لعازر والغنى (لوقا 16) وغرض الرب من هذه القصة هو رفع الحجاب عن العالم الآخر. وبيت القصيد في هذه القصة هو هذا "انك استوفيت خيراتك في حياتك" والآن "أنت تتعذب" ولا تنسب للغنى أية جريمة سوى فشله فيما يتعلق بمال الظلم. فهو لا يقدر أن يخدم الله والمال. لقد خدم المال لا الله. إن المسكين الذي أهمله حملته الملائكة من عند بابه إلى حضن ابراهيم أما هو فكان يتعذب. وموضوعنا الهام في هذه القصة هي حالة رجل معذب بعد موته مباشرة، قبل القيامة وقبل الدينونة (المحاكمة) وله أخوة على الأرض يمكن أن يكرز لهم. ولعله لا يكون خروجاً عن الموضوع أن نذكر أن هذه القصة توضح كما في سائر كلمة الله أن كل شيء يتقرر في هذه الحياة. في (يو 3: 18) يقول "الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد يدين) (already) أي ليس له أن ينتظر لكي يرى فيما بعد هل هو خالص أم هالك. وهذا ما قاله الرب يسوع في (يو 5: 24). الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة". نعم فالمؤمن قد انتقل (إذا كنا نصدق الرب) من الموت إلى الحياة. وليكن الرب صادقاً وكل إنسان كاذباً. فالمؤمن في لحظة إيمانه ينتقل من الموت إلى الحياة لأن الإيمان يكرم المسيح. أما غير المؤمن فلا يكرمه ويزدري بكلامه، ولا يصدق الله حين أرسل المسيح في إرسالية المحبة. 
والروح القدس في الرسائل يؤكد ذلك أيضاً، أن الإنسان، بعيداً عن المسيح هو "ميت في الذنوب والخطايا" إذ نقرأ "وأنتم إذ كنتم أمواتاً في الذنوب والخطايا... ونحن أموات في الخطايا أحياناً مع المسيح، بالنعمة أنتم مخلصون، وأقامنا معه وأجلسنا معاً (يهوداً وأمماً كل من قد آمن) في السماويات في المسيح يسوع" (أفسس 2: 1 – 10) فهل يوجد ما هو أسمى من ذلك؟ المؤمن جالس في السماء لأنه في المسيح. كما قيل في (رو 8: 30) "والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضاً والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضاً" وليس أنه سوف يمجدهم بل هم ممجدون منذ الآن These also He has glorified. (لأن الله وضعهم في المسيح الذي ممجد الآن". وفي رسالة كولوسي يقول "شاكرين الآب.... الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى الملكوت ابن محبته الذي لنا في الفداء بدمه غفران الخطايا" (كو 1: 12، 13).
إن الدينونة هي فقط للإنسان الذي بدون المسيح. وفكرة دينونة عامة هي فكرة خاطئة تماماً مع الإنجيل والزعم بدينونة عامة هو فهم خاطىء مؤسس غالباً على سوء تفسير ما جاء في (متى 25: 31 – 46) عن دينونة الأحياء التي هي خاصة بالأحياء الموجودين على قيد الحياة عندما يجيء الرب لكي يقيم ملكه على الأرض ولا بد من تنقية الأرض من الأشرار قبل أن يملك.
والآن نعود إلى موضوعنا وهو الوعي أو الشعور بعد الموت. نستطيع أن نعرف مدى شيوع استخدام كلمة "روح" من العبارة الموحى بها عن معتقدات اليهود (ما عدا الصدوقيين). في (أعمال 23: 8) نقرا "لأن الصدوقيين يقولون أنه ليس قيامة ولا ملاك ولا روح. وأما الفريسيون فيقرون بكل ذلك" ومن هنا نفهم أن كلمة روح مستخدمة استخداماً عادياً للتعبير عن أرواح البشر بالانفصال عن الجسد. وبولس كان يقر أنه فرنسي مؤمن بالقيامة (1 ع 23: 6) وكذلك تلاميذ المسيح. ونقرا أن الرب يسوع بعد قيامته عندما كان التلاميذ مجتمعين معاً "وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم. فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً. فقال لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم. انظروا ورجلي ّ إني أنا هو. جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لوقا 24: 36 – 39).
واضح هنا أن التلاميذ عرفوا صورة الرب والمشكلة لم تكن هل هو يسوع في الجسد أم روح فقط (روحه الإنسانية) وقد أجاب الرب على هذا السؤال بقوله "جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. إذاً كيف دخل العلية والبواب مغلقة؟ ذلك أن جسد القيامة له لحم وعظام (بدون دم) ولا تعيقه الحواجز.
وفي ضوء هذه الحقائق التي يؤمن بها جميع القديسين تصبح بعض الفصول الكتابية جلية مثل كلمات الرب للص المائت "اليوم تكون معي في الفردوس" أو طلبة استفانوس وسط الحجارة المنهارة عليه من أعدائه "أيها الرب يسوع أقبل روحي" (أعمال 7) أو الفصل الذي يتكلم عن "أرواح أبرار مكملين" بالقيامة في (عب 12: 23؛ 11: 40).
في رسالة فيلبي (ص 1: 21 – 24) يقول بولس "لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح، ولكن إن كانت الحياة في الجسد هي لي ثمر عملي فماذا أختار؟ لست أدري. فإني محصور من الاثنين: لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جداً. ولكن أن أبقى في الجسد ألزم من أجلكم". أن هذه الأقوال لا تحتاج إلى ايضاح.
لكن دعنا نتأمل فيها قليلاً: 
(1)الشيء الأول هو أن غرض حياة الرسول كان المسيح. والموت كان ربحاً. أن عبارة "لأن لي" في بداية كلامه تسري على كل من العبارتين التاليتين. فيمكننا أن نقرأها هكذا "لأن لي الحياة هي المسيح و(لأن لي) الموت هو ربح" ثم يقول أيضاً.
(2) فماذا اختار لست أدري – من الواضح أنه رغماً عن كون الموت ربحاً له فإنه كان محصوراً بين اختيار الموت أو الحياة، وذلك لأن الأمر كان يتعلق باختيار ما فيه صالحه الشخصي أو ما فيه صالح القديسين كما يخبرنا بعد ذلك – لقد أعلن الرسول سبب حيرته بين هذين الشيئين (الموت أو الحياة) عندما يقول "لي اشتهاء" أن انطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جداً. ولكن – وهنا الحيرة – "أن أبقى في الجسد ألزم من أجلكم" فمع أن الموت كان ربحاً له إلا أن الانحصار كان بين ربحه الخاص وربح الآخرين. فالانطلاق ليكون مع المسيح لم يكن شيئاً ثالثاً على الإطلاق – لقد كان محصوراً بين اثنين لا ثالث لهما: الموت والحياة – الأول ربح له والثاني ربح للقديسين. وهو يحدد هنا بعبارة دقيقة أن الانطلاق والوجود مع المسيح معناه الموت كما أن البقاء في الجسد معناه الحياة أو العيشة مع الأرض. وقبل أن نترك هذه النقطة فإننا نوجه سؤالاً إلى أولئك القوم الذين يقولون بعقيدة عدم الوعي بعد الموت: كيف يكون الموت ربحاً للمؤمن إذا كان سيفقد صلته بالمسيح؟ ماذا يقصد الشيطان من وراء هذا التعليم إلا أن يحزن قلب المؤمن؟ لكن كلا يا قوم أنه لا يستطيع أن يحزن من قد فرحه الرب.
ثم ننتقل إلى نص واحد كتابي آخر في هذا الموضوع. وهو نص يصور لنا واقعية كاملة ذات الشيء الذي هو موضوع بحثنا. ليس في مثل بل في حقيقة تاريخية. رجل متغرب عن الجسد. روح واعية بأمور لا ينطق بها – شعاع عابر يضيء من دائرة غير المنظور – موسى على جبل التجلي مع الرب.
لم يكن الأمر حلماً فإن العيون المغلقة بالنوم لم تره بالعكس إذ استيقظت رأته (لوقا 9: 32) "وأما بطرس واللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم. فلما استيقظوا رأوا مجده والرجلين الواقفين معه" ذلك يدل أيضاً على أن الأمر لم يكن مجرد رؤية تجلت عند اليقظة بل أن المشهد كان هناك قبل أن يروه – "موسى وإيليا يتكلمان مع يسوع" إنه كان شيئاً حقيقياً واقعياً بغض النظر عن جميع المشاهدين وما أبسط وصفه "رجلان يتكلمان معه وهما موسى وإيليا" أحدهما رفع بمجد إلى السماء منذ قرون مضت، والآخر "انطلق" منذ عهد أطول ودفن جسده ومع ذلك لا زال "رجلاً" يرى ويشاهد ويتكلم، فلا هو تلاشى ولا هو نائم، بل في ملء النشاط والتفكير والتمتع. ولا هو مقام من الأموات أيضاً لأن يسوع نفسه هو "الباكورة" (1 كو 15: 20) كما هو "البكر من الأموات" (كو 1: 18؛ رؤ 1: 5) – والمسألة هنا لم تكن مجرد إعادة البعض إلى الحياة الأرضية التي تركوها منذ ساعات أو أيام مثل لعازر وغيره الذين أقامهم الرب، لأن هؤلاء ماتوا بعد ذلك – بل مسألة رجل يتمتع ببركة جو آخر – جو ما كان ممكناً أن يتمتع به ما لم يكن قد أقيم (حسب عقيدة السبتيين الذين يقولون بنوم النفس أو عدم وعيها) قيامة روحية وفي عدم فساد – ولكن هذه القيامة بدايتها وباكورتها هو الرب نفسه كما يؤكد الكتاب. فموسى إذاً لم يكن ممكناً أن يكون هذه الباكورة أو هذا البكر – ويتضح من هذا أنه كان في حالة الانفصال عن الجسد وقتذاك، ومع ذلك كان شريكاً لواحد لم يمر بالموت اطلاقاً. ومع أنهما لم يكونا على صورة جسد مجد المسيح إلا أنهما ظهرا "بمجد". وليس ذلك فقط بل دخلا في السحابة أو "المجد الأسنى" – سحابة الحضور الإلهي (2 بط 1: 17) وليس سحابة ممطرة.
فهل يمكن أن يكون هناك ما هو أوضح من ذلك لتبيان حالة الإنسان بعد الموت أو الانطلاق؟ - وهل هناك ما هو أوضح من قول الرب يسوع أن راحلين كإبراهيم واسحق ويعقوب لا زالوا "أحياء عنده" (لوقا 20: 38) عند ذاك الذي كما يخبرنا الرب "ليس إله أموات بل إله أحياء" – من هذا نرى ونتعلم كيف يوجد حقاً انطلاق ووجود مع المسيح، وإن هذا الانطلاق بالمقارنة مع الحياة الأرضية هو أفضل جداً – ونكتفي بهذا المقدار لنقض ما يقوله أصحاب بدعة "رقاد النفس" ولو أنه توجد براهين أخرى كثيرة خلاف ما ذكر.
اعتراضات من العهد القديم
كثيراً ما يأتي المعترضون باقتباسات من العهد القديم، خصوصاً من أسفار أيوب والمزامير وسفر الجامعة. وكأنها تتعارض مع أقوال العهد الجديد الواضحة. ولكن كلمة الله ليس فيها قول يعارض قولاً آخر لأن الكاتب الماهر هو الروح القدس ولم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان. ولكن يجب أن نعلم أن العهد القديم كله كان عهد ظلال وأما النور الكامل فكان ينتظر مجيء المسيح – قالت المرأة السامرية للرب يسوع "أنا أعلم أن مسيّا الذي يقال له المسيح يأتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء" (يو 4: 25).
كما أن الرسول بولس يخبرنا أن المسيح "أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل" (2 تي 1: 10) وهذا معناه أن المعترضين على الحقائق الواضحة في العهد الجديد يتلمسون النور بأنفسهم من بين ظلال العهد القديم حيث كانت الظلمة نسبياً لا زالت تخيم على هذا الموضوع بالذات، موضوع الموت ومصير الإنسان بعد القبر. فهم ينظرون إلى الموت كما كان قبل أن يبطله المسيح للمؤمن. وهم ينظرون إلى الحياة والخلود قبل أن ينيرهما المسيح بواسطة الإنجيل فلا عجب إن كانوا يتعثرون في الظلمة التي اختاروها لأنفسهم.
ولكن إبطال الموت مقترن بلا شك بإنارة الحياة والخلود بواسطة الإنجيل ومن الواضح أن تكون أقوال العهد القديم متمشية مع هذا الحق على نوع ما. فإذا كانت "الحياة" قد أنيرت فعلاً بواسطة الإنجيل وليس بغيره فكيف كان يمكن أن يكون الموت معروفاً معرفة كاملة في العهد القديم.
أيضاً ما جاء في رسالة العبرانيين (ص 9: 8) يزيدنا إيضاحاً حيث يخبرنا الوحي الإلهي أن الحجاب كان فيه قائماً "معلناً الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس (حيث محضر الله) لم يظهر بعد ما دام المسكن الأول له إقامة؛ ذلك هو عنوان العهد القديم وطابعه. أما أن ابراهيم وقديسين آخرين ذهبوا إلى السماء (بأرواحهم) بعد الموت فهذا لا يتضمن أن الطريق إلى هناك كان معلناً في العهد القديم – أعني أنه لم يكن معلناً أن يموتوا. لأن تدبير العهد القديم كان يتناول المواعيد الأرضية وليس المواعيد السماوية.
أما ما جاء في سفر الجامعة فهو أسلوب شخص أُعطي حكمة من الله فيما يختص بما هو تحت الشمس أي سليمان. ولكن سليمان هذا وهو أعظم الحكماء يشهد في سفره أن حكمة أعظم الحكماء تعجز عن معرفة حقيقة غير المنظور ما لم يعلنه الله – أي الاعتراف بقصور الحكمة البشرية وعجزها عن إدراك سرائر الله – لذا يقول في (ص 3: 21) "من يعلم روح بني البشر هل هي تصعد إلى فوق، وروح البهيمة هل هي تنزل إلى أسفل إلى الأرض". وعلى نفس المنوال يقول في (ص 11: 5) "كما أنك لست تعلم طريق الروح (القراءة الصحيحة هي الروح وليس الريح) ولا كيف العظام في بطن الحبلى كذلك لا تعلم أعماله الله الذي يصنع الجميع" أي نحن بالعلم البشر لا نعل كيف تأتي روح الإنسان ولا حتى جسده – إلى حيز الوجود في بطن الحبلى. أي أن الحياة سرّ والموت أيضاً سر. فبالحكمة البشرية لا أحد يعلم. لكن القائل هذا في آخر سفره وبموجب إعلان من الله استطاع أن يقول "فيرجع التراب (أي الجسد) إلى الأرض كما كان (كما في تك 3: 19) وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (ص 12: 7). ألا يدل ذلك على أن رجوع التراب إلى الأرض "كما كان" ما هو إلا وسيلة لرجوع الروح إلى حضرة الله الذي أعطاها؟. ليس كما كانت. ونرجو أن نلاحظ ذلك جيداً، ليس كما كانت بل بالصفة التي اكتسبتها في خيمتها الأرضية أو مسكنها الأرضي.
ثم يقول فيد العددين الأخيرين من السفر (ص 12: 13، 14) "فلنسمع ختام الأمر كله. اتق الله واحفظ وصاياه لأن هذا (واجب) الإنسان كله. لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة على كل خفي إن كان خيراً أو شراً" بمناسبة حفظ وصايا الله أقول أن حفظ الوصايا العشر لا يهب حياة أبدية. بل أقصى وعد الناموس هو "لكي تطول أيام حياتك على الأرض" لكن وصية الله في العهد الجديد هي "وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضاً كما أعطانا وصية" (1 يو 3: 23).
ومع أن كل عمل لا يأتي إلى دينونة قبل القيامة إلا أننا عندما نفنى (أي نموت) يحدث شيء من اثنين: إما أن نقبل في المظال الأبدية أي الفردوس (لو 16: 9) أو نذهب إلى السجن (سجن أرواح الأشرار) حيث تواجه النفس النذر الدالة مقدماً على مصيرها الأبدي كالرجل الغني في الهاوية (لوقا 16) لأنه كما سبقت الإشارة فإن مصير الإنسان يتقرر في حياته هنا على الأرض. لأن الذي يؤمن بالرب يسوع ينتقل من حالة الموت الروحي إلى الحياة الأبدية ولا يأتي إلى دينونة" (يوحنا 5: 24) "الذي يؤمن به لا يدان (إطلاقاً) والذي لا يؤمن قد دين (صدر الحكم عليه فعلاً ولكن التنفيذ مؤجل). لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد" (يوحنا 3: 18). الذي لا يؤمن قد دين already – أي ليس أن ينتظر لكي يرى فيما بعد هل هو خالص أم هالك.
إن أشياء كثيرة كانت غامضة في العهد القديم وكانت تنتظر مجيء السيد المسيح الذي إذ جاء بدأ "يذيع ألغازاً منذ القدم" (مز 78: 2) كما جاء في (متى 13: 35) حيث يشير إلى ما جاء في المزمور أنه "يفتح بأمثال فمه وينطق بمكتومات منذ تأسيس العالم" بل أنه في ليلة آلامه قال لتلاميذه "إن أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك، روح الحق، يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه (أي لا يعمل بالاستقلال عن الآب والابن لأنه لا يوجد استقلال بين أقانيم اللاهوت الثلاثة – قارن(يوحنا 5: 19) بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يوحنا 16: 12، 13).
وهكذا استطاع بولس الرسول أن يقول للمؤمنين في تسالونيكي في أول رسالة كتبت "فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب أننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين... والأموات في المسيح سيقومون أولاً" (1تس 4: 15، 18). بل ستطاع أن يقول للمؤمنين في كورنثوس: "هوذا سر أقواله لكم (سر لم يعلن قبل ذلك) لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين.... (1كو 15: 51 – 58).
ويقول الرسول بولس عن الروح القدس إنه هو الذي يفحص كل شيء حتى أمور الله العميقة (1كو 2: 10) وما أعظمها وما أعمقها تلك التي أعلنها لنا "ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان" ما أعده الله للذين يحبونه فأعلنه الله لنا نحن بروحه". فإن كانت الأشياء العميقة لم تعلن إلا بعد مجيء الروح القدس أي بعد تمجيد المسيح في السماء فكيف نتوقع أن نجد أشياء مثل هذه في العهد القديم عهد الظلال.
بل أن الكنيسة نفسها لا يوجد إعلان عنها في العهد القديم – هذا "السر العظيم" (أفسس 5: 32) بل أعطى بإعلان لبولس الرسول (أفسس 3: 3- 5).
وكما سبق ورأينا أن كلمة رقاد وهي كلمة لطيفة ومعزية للمؤمن هذه الكلمة لا تقال إلا بالنسبة لأجساد المؤمنين في حالة الوفاة أي الموت. أما النفس فإنها لا تموت ولا ترقد (مت 10: 28) والمؤمن عند رقاد جسده يكون بروحه ونفسه مع المسيح. مستوطناً عند الرب ومتغرباً عن الجسد (2كو 5: 8) أما غير المؤمنين فأجسادهم في القبر لكن أرواحهم ونفوسهم تكون في هاوية العذاب أي سجن أرواح الأشرار (لوقا 16: 23؛ 1بط 3: 19). فلا يوجد رقاد للنفس أو عدم وعي بعد الموت بل: إما عذاب للأشرار أو سعادة للأبرار. أما سبب هذه الضلالة فهو عدم الإيمان كلمة الرب يسوع الذي قال أن الشخص الذي يؤمن به ينتقل من الموت إلى الحياة ولا يأتي إلى دينونة (محاكمة). لأن الذين يسمعون صوت ابن الله يحيون" (يوحنا 5: 24، 25). فالشخص الذي يؤمن يفصل عن الكتلة غير المؤمنة، ويضم إلى الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين. كما هو مكتوب "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أعمال 2: 47) وسبق الكلام عن ذلك أن مصير الإنسان يتقرر في هذه الحياة؛ وأقوال الروح القدس في سفر الأعمال والرسائل كلها تؤكد ذلك. أي لا يوجد رقاد للنفوس ولا ملاشاة.
أن الكلمة الحقيقية المعبّرة عن الخلود وهي المترجمة "عدم موت" "immortaliy" وردت في العهد الجديد 3 مرات فقط: مرتين في (1كو 15: 53، 54) – هذا المائت (أي الجسد الذي في طريقه إلى الموت) لا بد أن يلبس "عدم موت". والمرة الثالثة في (1تي 6: 16) لكن بمعنى آخر حيث يقال لنا عن الله أنه هو "وحده له عدم الموت".. وفي (1كو 15: 53، 54) يقول عن أجساد المؤمنين الذين سيكونون على قيد الحياة عند مجيئه لاختطاف قديسه – أنها سوف تلبس "عدم موت" أو كما يقول في (2كو 5: 49) "يبتلع المائت من الحياة" أي يتغيّر جسد المؤمن بدون أن يرى موتاً – هذا الكلام عن الأجساد وليس عن النفوس. 
لكن السبتيين وشهود يهوه وكل أبواق الشيطان يعترضون قائلين أن "الله وحده له عدم الموت" مستندين إلى ما جاء في (1تي 6: 16) ويستنتجون من هذا أن النفس لا يمكن أن لها الخلود أو عدم الموت. وإذا سايرناهم في منطقهم فالنتيجة واضحة وهي أن الملائكة أيضاً لا يمكن أن يكون لهم عدم الموت. فهل الموت يسود على الملائكة الخالين من الخطيئة؟ كلا بطبيعة الحال. ولكن هذا ما تنطوي عليه حجتهم الباطلة. أنهم يعترفون أن الملائكة أرواح وبديهي أن روح الإنسان هي الأخرى "روح". وإذا كان الملائكة هم "أبناء الله" (أيوب ص 1، 2، 38) فإن الناس أيضاً هم "ذرية الله" للسبب عينه (أعمال 17: 29) فكل ما تثبته هذه الحقيقة بالنسبة للملائكة تثبته أيضاً بالنسبة لروح الإنسان.
والمعنى الكتابي للنصّ المذكور في (1تي 6: 16) هو أن الفارق الجوهري بين الخالق ومخلوقاته هو أنه وحده له المجد يقوم بذاته – في حين أنه "به" من الجهة الأخرى "يقوم الكل" وهو "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته". فنحن لا ننادي بمبدأ الخلود الذاتي الجوهري للجنس الأرضي بل العكس ننادي بأن الجنس البشري كله "مائت" أي قابل للموت "mortal" وأن الخلود الذاتي الجوهري ليس ملك أي مخلوق ساقط أو غير ساقط بل ملك الله وحده. نحن نؤمن
أن الله وحده صاحب الخلود وعدم الموت وأننا به "نحيا ونتحرك ونوجد".
ولكن هذا لا يعني أن النفس تموت كما أنه لا يعني أن الملائكة – تملك خلوداً مستمداً من الله معتمداً عليه، وأن خلودها بهذا المعنى مؤكد – لأن من يستطيعون أن يقتلوا الجسد لا يستطيعون أن يقتلوا النفس.
الحياة الأبدية وما هي
الحياة الأبدية ليست مجرد وجود أبدي أو خلود ولا هي تبدأ فقط من لحظة القيامة. إنها تبدأ في المؤمن من لحظة ولادته الثانية بالروح القدس، الأمر الذي يعرفه كل مؤمن حقيقي من أولاد الله، وهي تظهر نفسها وأن كل العالم لا يراها. ليست هي الخلود فإن الشرار لهم خلود في جهنم. أما الحياة الأبدية فهي هبة مباركة من الله للمؤمنين. كما سبقت الإشارة ليست مجرد "وجود" فإن الأشرار الذين ليست لهم حياة أبدية لهم "وجود" أبدي. وقد ورد ذكر الحياة الأبدية 134 مرة في العهد الجديد. وهكذا يسجل الوحي بالنسبة للمؤمنين "أن الله أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه. لذلك هي مضمونة ولا يمكن أن تفقد وضمانها أنها في ابنه. لذلك هي مضمونة ولا يمكن أن تفقد وضمانها أنها في ابنه. من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة" (1 يو 5: 11، 12). 
"من له ابن الله له الحياة أي أنها له كملك حاضر وابدي. ليست له مجرد عربون أو وعد بها، بل امتلاكه إياها هو ما يجعله بالمعنى الروحي ابناً لله ومولوداً من الله. "الذي يؤمن بالابن له الحياة الأبدية" (يو 3: 36، 5: 24).
أيضاً "نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الأخوة، من لا يحب أخاه يبق في الموت. كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه" (1 يو 3: 14، 15).
من هنا نفهم أن الحياة الأبدية تبدأ في المؤمن عند إيمانه. أنها ليست وجوداً ولكنها قوة خير جديدة مباركة. والحياة الأبدية هي في مباينة مع الحياة الطبيعية التي تجد متعتها في الأمور الأرضية. أما الحياة الأبدية فتجد شبعها في "معرفة الآب والابن" (يوحنا 17: 3) وكذلك تجد فرحها "في الشركة مع الآب والابن" (1 يو 1: 3، 4).

صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً
إلهي إلهي لماذا تركتني
 
الفصل السابع
القصاص الأبدي والادعاء بملاشاة الأشرار

رأينا أن تعليم الرب يسوع فيما يختص بالنفس أنها لا تموت والذي يموت هو الجسد (وذلك وقتياً) إذ قال له المجد "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وأما النفس فلا يقدرون أن يقتلوها" (مت 10: 28). وفي قصة الغنى ولعازر (لوقا 16)، أن الغني مات ودفن جسده لكنه رفع عينيه وهو في هاوية العذاب ورأى ابراهيم من بعيد ولعازر في حضنه، لكن لنسمع ما تقوله "مسز هوايت" نبية السبتيين في كتابها (المعركة الفاصلة صفحة 22) تقول: 
(بعد أن أسقط الشيطان آدم أمر ملائكته أن يضعوا في نفوس الناس الاعتقاد بخلود النفس، حتى إذا ما صدقوا هذا الأمر انقادوا إلى الاعتقاد بأن الخطاة سيخلدون في العذاب إلى أبد الآبدين؛ وهكذا يصورون الله بصورة الظالم المنتقم الذي يطرح الأثيم في نار جهنم ويصب عليه جام غضبه المتقد، وفيما يتمرغ الأثيم في هذا العذاب الأليم ترتاح نفس الله وترضى). ثم تقول أيضاً (أن التعليم القائل بعذاب الشرار بنار وكبريت عقابا لهم على خطاياهم إلى أبد الآبدين هو تعليم تأنفه نفس كل من يحس بالرحمة والمحبة، بل يناقض تعليم الكتاب المقدس)!! 
فهل نصغي لأقوال الله الموحى بها أم تصغي إلى امرأة تدعم أقوالها بحجة عاطفية وكأنها هي أكثر إشفاقاً على الناس من الله. وكأن هناك تعارضاً بين محبة الله والعذاب الأبدي. وفي جرأة شديدة تجلس في منصة الحكم وتصدر حكماً ضد الله: أنه إما أن يعفو عن الناس المذنبين الذين استهانوا بالخلاص المقدم لهم، ويتغاضى عن قداسته وإما أن يكون الله ظالماً!! وكأنها توصلت للحل الأمثل وهو ملاشاة الشرار! لكن حاشا لله تعالى أن يظلم أحداً وهو المكتوب عنه "العدل والحق قاعدة كرسيه، الرحمة والأمانة تتقدمان أما وجهه" (مزمور 89: 14).
هل أمور الله وأمجاده وقداسته التي لا حد لها، وأحكام بره، وكذلك المصائر الأبدية للبشر هل تحكم فيه امرأة تدعى أنها رؤيا وحلمت أحلاماً وتلقت إعلاناً؟ ومن أين عرفت أن الشيطان أمر ملائكته أن يضعوا في نفوس الناس الاعتقاد بخلود النفس؟ من الذي أخبرنا بذلك؟ هل خلود النفس عقيدة شيطانية أم هو الحق الإلهي الذي يعلنه الله في كلمته؟ لكن ماذا يقول الرب للذين يقبلون الأوضاع؟ أنه يقول لهم "ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً، الجاعلين الظلام نوراً، والنور ظلاماً – الجاعلين المر حلواً والحلو مرّاً – ويل للحكماء في أعين أنفسهم والفهماء عند ذواتهم" (أشعياء 5: 20، 21).
أن الله لا يتصرف بطريقة استبدادية في معاقبة الأشرار ذلك أنهم يستهينون بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالمين أن لطف الله إنما يقتادهم للتوبة ولكن من أجل قساوتهم وقلبهم غير التائب يذخرون لأنفسهم غضباً في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة" (رومية 2: 3 – 6).
إنها دعوى باطلة وخبيثة أن نتحدث عن الله كمن هو من كثرة الرحمة لا يبعث أحداً إلى هاوية العذاب. ذلك أن الناس لا يرحمون أنفسهم، هم الملومون عن القضاء الذي يحيق بهم. ومما يضاعف الأمر هذه الحقيقة الملموسة وهي أن محبة الله المطلقة قد هيأت علاجاً "بلا مقابل" رفضه الكثيرون. إن السم الذي يقتل الإنسان يأتيه من داخله.
أن آية واحدة من أقوال الله تكفي لدحض أكاذيبهم وادعاءاتهم أنهم يقولون أن الذي يموت في خطاياه مصيره الفناء أو الملاشاة لكن مكتوب في (يوحنا 3: 36) "الذي يؤمن بالابن فله حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن فلن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله – وكلمة يمكث معناها يبقى ونفس الكلمة اليونانية وردت أيضاً في (يو 4: 40) "سألوه أن يمكث عندهم فمكث هناك يومين". وطبقاً لشهادة الكتاب المقدس أن غير المؤمن "لن يرى حياة" ولا يمكن أن يتلاشى لأن أقوال الله الصادقة تشهد أنه "يمكث عليه غضب الله" فهل نصدق الله أم نصدق المعلمين الكذبة؟ الذين يعطون اطمئناناً كاذباً لأتباعهم أنهم أن لم يخلصوا فعلى أسوأ الفروض أنهم يتلاشون. لكن كلا! "إن أعمى يقود أعمى كلاهما يسقطان في حفرة". هم وأتباعهم سوف يسقطون في الحفرة الأبدية. وكلمة "أبدية" تنطبق على الحياة الأبدية أي السعادة الدائمة، وتنطبق على الموت الأبدي أي الشقاء الدائم. كما قيل في (رؤيا 14: 11) "ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين". 
إن الحياة الأبدية قد أنيرت فقط في العهد الجديد إذ قيل عن المسيح أنه "أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل" (2 تي 1: 10). لكن العهد القديم لا يتكلم عن الأمور الأبدية، سواء كانت الحياة الأبدية أو الموت الأبدي – وقد وردت "حياة للأبد" في العهد القديم مرتين، المرة الأولى في (مزمور 133: 3) والمرة الثانية في (دانيال 12: 2) ويقصد بها الحيلة السعيدة في الملك الألفي وذلك للتائبين الراجعين للرب من الشعب اليهودي في آخر الأيام – أما الحياة الأبدية التي يتمتع بها المؤمنون ويمتلكونها امتلاكاً حاضراً الآن فهذه تكلمنا عنها في نهاية الفصل السادس. 
في (دانيال 12: 1) يتكلم عن ضيق عظيم لم يكن منذ كانت أمّة إلى ذلك الوقت. ضيقة سوف تحدث لشعب دانيال (اليهود) في المستقبل – وهذه الضيقة العظيمة أنبأ عنها إرميا النبي (ص 30: 7) ويسميها "ضيقة يعقوب" كما أنبأ أيضاً الرب يسوع في (متى 24: 21) كما تكلم عن رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي (متى 24: 15) – هذه الضيقة سوف تحدث بعد اختطاف الكنيسة وقبل مجيء المسيح مستعلناً للعالم كله عندما تراه كل عين، لكي يقيم ملكوته الألفي على الأرض (متى 24: 30؛ رؤيا 1: 7) وهذه الضيقة تكلم عنها أيضاً سفر الرؤيا (ص 7: 14).
يجب أن نقرن هذه الشواهد الكتابية الأربعة معاً لكي نعرف توقيت حدوث هذه الضيقة – في (دانيال 12: 1، 2) يقول "في ذلك الوقت ينجي شعبك (اليهود) التائبين الراجعين للرب بعد اختطاف الكنيسة، كل من يوجد مكتوباً في السفر وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون – ليست هذه قيامة أجساد لكن المقصود هو إحياء قومي للشعب اليهودي الذي ظل مدفوناً في التراب متفرقاً بين الأمم لمدة تقرب من 1900 سنة وكأنهم أموات في القبور كما قال حزقيال النبي عن هذا الإحياء "هكذا قال الرب هاأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم إلى أرض اسرائيل... وداود عبدي (المسيح ابن داود) يكون ملكاً عليهم... " (حزقيال 37: 12، 13 – 28) – قارن أيضاً (هوشع 6: 1، 2) وسبق الكلام عن رجوع بقية من الشعب اليهودي وتوبتهم عند الكلام عن "أعياد الشهر السابع" (الفصل الخامس).
أما عن وقت حدوث هذه الضيقة العظيمة فسوف يكون في النصف الأخير من الأسبوع السبعين من أسابيع دانيال. نلاحظ أن الأسبوع التاسع والستين انتهى بصلب المسيح. وبصلب المسيح انتهى تعامل الله مع اليهود وبدأ يتعامل مع العالم أجمع بالنعمة "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مرقس 16: 15) وبعد أن تنتهي فترة انجيل النعمة باختطاف الكنيسة ويغلق باب النعمة كما قيل في مثل العذارى "وأغلق الباب" (متى 25: 10) بعد ذلك يتعامل الله مع اليهود مرة ثانية ويبدأ الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال كما سبق الكلام عن معاملات الله مع الأمة الإسرائيلية وكذلك سبق الكلام عن أسابيع دانيال السبعين عند الكلام على "الكتاب المقدس لا يخلط بين الأيام والسنين" 0 الفصل الأول. أن الأسبوع الأخير أي السبع سنين الأخيرة التي تبدأ بعد اختطاف الكنيسة تنقسم إلى قسمين" 2/1 3 سنة + 2/1 3 سنة. النصف الأول هو مبتدأ الأوجاع (متى 24: 8) والنصف الثاني هو الضيقة العظيمة (متى 24: 21) وذلك لأن حادثاً عظيماً ورهيباً سوف يحدث في منتصف الأسبوع وهو "استعلان انسان الخطية" (2 تس 2: 4). 
قيامتنا ودينونتنا
تكلم الرب يسوع (يوحنا ص 5) عن قيامتين متميزتين الواحدة عن الأخرى "قيامة الحياة" و "قيامة الدينونة" ومع ذلك ظن كثيرون أنهما قيامة واحدة عامة للقديسين والأشرار بدليل قوله "تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته..." (ع 28، 29) مع أن هذه الساعة في حقيقتها ليست حرفية إذ بمقارنتها بالساعة التي قال عنها الرب في نفس الفصل "تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات (روحياً) صوت ابن الله والسامعون يحيون (روحياً) (ع 25) يتبين إن الساعة التي فيها لا زال ابن الله يحي النفوس المائتة روحياً والمعبر عنها بالقول "تأتي ساعة وهي الآن" قد مضى عليها نحو إلفي عام منذ نطق الرب بهذه الأقوال فليس المقصود إطلاقاً وقتاً زمنياً محدوداً بل كل ما يقصده الرب هو توكيد الحقيقة العامة وهي أن الجميع سيسمعون صوته مع الفارق المطلق الكبير بين نوع وطابع القيامتين فيهما سيلبي كل من الفريقين نداءه.
مع أننا نفهم من فصول أخرى أن الأبرار لهم قيامة خاصة بهم فيها تقام الأجساد التي فسدت في القبر وفي نفس الوقت تتغير أجساد القديسين الأحياء وسبق الكلام عن فصل المؤمنين عن غير المؤمنين هنا على الأرض وهم على قيد الحياة، وإن مصير الإنسان الأبدي يتقرر هنا على الأرض: فإما ن يؤمن الإنسان وينتقل من الموت إلى الحياة وإما لا يؤمن فهو يبقى في الموت. قال الرب يسوع لليهود "لأنكم إن لم تؤمنوا أني أنا هو (أي المسيح الذي تنتظرونه) تموتون في خطاياكم" (يوحنا 8: 24). والذي يموت في خطاياه فإن خطاياه سوف تلازمه وسوف يقام في خطاياه في قيامة الدينونة وسوف يطرح في بحيرة النار في خطاياه (راجع هذا الموضوع الذي سبق الكلام عنه عند الكلام عن "الوعي أو الشعور بعد الموت". في الفصل السادس
وقيامة الحياة الخاصة بالمؤمنين يسميها الرب يسوع "قيامة الأبرار" (لوقا 14: 14) وتسمى في (رؤ 20: 5) "القيامة الأولى" ومبارك ومقدس من له نصيب فيها. وهناك تعبير خاص انفردت به هذه القيامة وهو "القيامة من الأموات" أو "من بين الأموات" الأمر الذي جعل التلاميذ يتساءلون ماذا عسى أن يكون هذا القيام من الأموات (مرقس 9: 10) أو "القيامة من وسط الأموات" "What rising" "from among the dead" أي قيامة أجساد البعض (المؤمنين) دون البعض الآخر (غير المؤمنين).
وعن هذه القيامة الخاصة كان يتكلم الرب في حديث مع الصدوقين حينما قال له المجد "ولكن الذين حسبوا أهلاً للحصول على ذلك الدهر والقيامة من بين الأموات لا يزوّجون ولا يزوَّجون إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضاً لأنهم مثل الملائكة وهم أبناء الله إذ هم أبناء القيامة" (لوقا 20: 34 – 36) فكيف يمكن للناس أن يحسبوا أهلاً للحصول على قيامة عامة يشترك فيها الجميع بلا استثناء؟ أو كيف يمكن أن يكونوا جميعاً أبناء الله إذ هم جميعاً أبناء قيامة عامة؟ أن مثل هذا المسخ في المنطق والتفكير لا يليق بأي مسيحي عاقل له في قلبه احترام لأقوال الرب الواضحة.
وهناك شاهد آخر في (1كو 15: 23) إصحاح القيامة عندما يتكلم بولس الرسول عم مراتب القيامة وترتيب أدوارها فيضعها على الصورة التالية "المسيح باكورة ثم الذين للمسيح (أي المؤمنين به) سيقومون أولاً" والمؤمنين الأحياء يتغيرون ويخطف الجميع (جميع المؤمنين فقط) لملاقاة الرب في الهواء – وهذا يتم فبل ظهور المسيح للعالم لأنه "متى أظهر المسيح حياتنا (الذي هو حياتنا) فحينئذ تظهرون أنتم أيضاً معه في المجد"(كولوسي 3: 4).
عند الاختطاف أي في القيامة الأولى لا يرى العالم شيئاً. كن حتماً سيشعرون به. لكن العالم سوف ينسى سريعاً هذا الحادث عندما يرى الشمس تُشرق وتغُرب كالمعتاد خصوصاً وإن الأحياء الذين سيخطفون سيكونون قليلين لأن قطيع الرب دائماً هو "قطيع صغير" (لوقا 12: 32).
وأما في سفر الرؤيا (ص 20) فنقرأ عن "القيامة الأولى" باعتبار أن شهداء الضيقة لهم نصيب فيها – شهداء مبتدأ الأوجاع الذين نرى نفوسهم في (ص 6: 9) تصرخ لله طالبة الانتقام من الساكنين على الأرض وقيل لهم أن يستريحوا زماناً يسيراً (ثلاث سنين ونصف) حتى يكمل رفقائهم العتيدون أن يقتلوا مثلهم (في النصف الثاني من الأسبوع) وبعد أن تكمل سبع سنين الضيقة يقام هؤلاء وأولئك لأن الله جعل لهم نصيباً في القيامة الأولى وسوف يملكون مع المسيح نظير قديسي العهد القديم – لمدة ألف سنة – وأما بقية الأموات (وهم جميع الأشرار بداية من قايين) فلم تعش (لم تقم) حتى تتم الألف سنة" (رؤيا 20: 4 – 6).
واضح من هذا أنه بعد أن تتم الألف سنة تقوم بقية الأموات، وهذه هي "قيامة الدينونة" (يوحنا 5: 29) ومن أجل هذا بالذات ليس للمؤمنين نصيب فيها – أنهم لا يأتون إلى الدينونة إطلاقاً (يوحنا 5: 24)؛ (رومية 8: 1).
إن الكتاب لا يحدثنا عن قيامة الأشرار، وهي في الحقيقة لا تستحق أن تدعي قيامة ولكنهم يقامون لكي يدانوا (يحاكموا) – دينونة عادلة كل واحد بحسب أعماله أي بحسب جسامة شرّه وكذلك بحسب النور الذي أضاء أمامه كما يتضح من (لوقا 12: 47، 48).
أما قيامة الأبرار فيتحدث الكتاب عنها كثيراً، إذ هي ثمر عمل المسيح الفدائي وهي وحدها الموصوفة في (1كو 15) فهي التي يقال عنها "يقام في مجد" و"يقام في قوة". "يقام جسماً روحانياً" وهي صفات لا يمكن أن ينطبق شيء منها على قيامة الأشرار. نعم "يقام الأموات عديمي فساد" وفي نفس الوقت ونحن الأحياء نتغيّر (كو 15: 52). أما في (2كو 5: 4) فيقول عن الجسد المائت عندما يتغيّر "يبتلع المائت من الحياة".
أما ما يقوله السبتيون وشهود يهوه عن فناء الأشرار فهو محض أكاذيب. ويكفي أن يقول لنا الرب ولو في موضوع واحد أن الذين فعلوا السيئات سيخرجون (من قبورهم) إلى القيامة الدينونة (يوحنا 5: 29). وإن سيئاتهم التي فعلوها ستأتي بهم إلى الدينونة (المحاكمة). بل إن الموت الذي يقولون عنه أنه فناء سيكون في ذلك الوقت قد أبطل (أي الموت الأول) أما الموت الثاني فسوف يبدأ بعد طرح الأشرار في بحيرة النار الذي هو الموت الثاني (رؤيا 20: 14).
ومع أن الألف سنة بدأت بأناس أبرار لكن يلد لهم عدد كبير من الذراري طوال الألف سنة التي لا يكون فيها مرض ولا موت ولكن هذا النسل الذي يولد سيكون عدد كبير منهم غير مولودين ثانية-هذا النسل في نهاية الألف سنة سيقومون بثورة ضد" المدينة المحبوبة" وذلك بتحريض من إبليس وهذا هو آخر عمل لابليس-وسوف تنزل نار من السماء وتأكلهم. أما ابليس الذي كان يضلهم فيطرح في بحيرة النار والكبريت" حيث الوحش والنبي الكذاب" (اللذين طرحا فبل بداية الألف سنة (رؤيا 19: 20) وسيعذبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين) (رؤيا 20: 7 – 10). لقد طرح الوحش والنبي الكذاب كما رأينا في بداية الملك الألفي وهكذا بعد 1000 سنة نراهما لا يزالان يعذبان في بحيرة النار وسيستمران إلى أبد الآبدين ومن هنا نفهم أن بحيرة النار لا تفني الأشرار أي أن الموت الأول ليس فناء للأشرار لا بحيرة النار التي هي الموت الثاني وهذا يدحض أفكار السبتيين وشهود يهوه.
دينونة الأحياء
لا يوجد موضوع أُسيء فهمه مثل موضوع "دينونة الأحياء" المذكورة في إنجيل متى (ص 25: 31 – 46) – كثيرون ظنوا أن هذه الدينونة العامة النهائية لفصل الأبرار عن الأشرار. مع أن المشهد هنا مشهد أناس طبيعيين أحياء على الأرض سيجدهم المسيح عندما يأتي من السماء بالقوة ومجد كثير. أي عندما يجيء لكي يقيم ملكوته الألفي على الأرض الملكوت الذي أنبأ عنه الأنبياء قديماً. يقول متى الرسول "يجتمع أمامه جميع الشعوب (الأحياء على الأرض) فيميز بعضهم من بعض (ع 32) المشهد هنا ليس في السماء لأنه لا توجد شعوب في السماء وفي المشهد لا يوجد موتى أقيموا – هذه هي دينونة الأحياء على الأرض – يدين الأحياء قبل الملك الألفي لتطهير الأرض من الأشرار فلا يبقى لهم أصلاً ولا فرعاً على الأرض (ملاخي 4: 1) لأن الرب لا يملك على الأرض وبها شرير واحد. بل "سيكون الرب ملكاً على كل الأرض ويكون الرب وحده واسمه وحده" (زكريا 14: 9) وسوف يدين الأحياء كالملك "فيجيب الملك ويقول لهم..." (متى 25: 40).
أما دينونة الأموات فسوف تكون في نهاية الملك الألفي. والرب يسوع هو "المعين من الله دياناً للأحياء والأموات" (أعمال 10: 42). يدين الأحياء قبل الملك الألفي (متى 25) ويدين الموات بعد الملك الألفي (رؤ 20) أي الذين ماتوا في خطاياهم منذ بداية التاريخ البشري وأرواحهم في السجن (أي هاوية العذاب) (1 بط 3: 19؛ لوقا 16: 23) سوف تلبس أرواحهم أجسادها وهذه هي قيامة الدينونة (يوحنا 5: 29) المذكورة في (رؤيا 20: 11 – 15) والمشهد في دينونة الأموات ليس على الأرض ولا في السماء. إذ سوف تهرب الأرض والسماء (السماء المخلوقة) ولا يوجد لهما موضع. أن كل هذا ليس موضحاً في (متى 25) وينبغي الرجوع إلى الفصول الكتابية الأخرى لربطها معاً.
أما السبب الأساسي لعدم فهم هذا الموضوع فيرجع إلى أن كثيرين تجاهلوا موضوعاً هاماً أنبأ به أنبياء العهد القديم وكذلك الرب يسوع وكذلك الروح القدس بواسطة بولس الرسول كما نقرأ في الإصحاحات (9 – 11) من رسالة رومية. وهو موضوع "رجوع اسرائيل إلى أرضه" وخلاص بقية منهم. بعد اختطاف الكنيسة بعد "أن يدخل ملء الأمم" (رومية 11: 25) أي يكتمل عدد المؤمنين من الأمم في زمن انجيل النعمة. بعد اختطاف الكنيسة سوف ترجع بقية من اليهود وينادون بانجيل الملكوت. وليس انجيل النعمة كما في الوقت الحاضر. هذه البقية القليلة سوف تضطهد من إخوتهم اليهود وهم الأغلبية وسيظهر بينهم النبي الكذاب وليس هنا مجال الكلام عن ذلك. وأول من أشار إلى ذلك من مفسري الكتاب المقدس هو "يوحنا داربي" سنة 1830 وكان ذلك مفتاحاً لفهم نبوات العهد القديم وكذلك النبوة الواردة في رسالة تسالونيكي الثانية (ص 2) وكذلك (متى 24، 25) والحق الخاص بالقيامة الأولى واختطاف المؤمنين فقط. وأن مجيء الرب له وجهان – مجيئه للاختطاف وهذا لن يراه العالم. ثم بعد ذلك بسبع سنين (فترة الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال) سيكون مجيء الرب ومعه جميع القديسين الذين سبق أن اختطفوا وسيكون مجيئه هذا ظاهراً للعالم أجمع.
الآن لا يتعامل الرب مع اليهود كأمة ومن يموت منهم يموت في خطاياه بسبب عدم إيمانه بالرب يسوع المسيح. لكن بعد اختطاف الكنيسة سينتهي تدبير النعمة الحاضر، وسيعود الرب ويتعامل معهم. حتى هذه اللحظة الرب يدعوهم "لوعمى" أي "لستم شعبي" (هوشع 1: 9) ولكن سوف يعود الرب ويتعامل معهم من خلف الستار لمدة 7 سنوات هي الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال، يقودهم فيها للتوبة عن جريمة رفضهم وصلبهم لابن الله (رومية 9 – 11).
أن حوادث الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال مدونة في سفر الرؤيا بداية من (ص 4 إلى ص 19) وإذا فهمنا هذه الحقائق وترتيب حدوثها فإننا سنجد أن سفر الرؤيا كله مرتب ترتيباً جميلاً بداية من العصر الرسولي في القرن الأول الميلادي حتى النهاية أي زوال الأرض والسموات المخلوقة وبداية الأبدية التي لا تنتهي والتي تبدأ بالسماء الجديدة والأرض الجديدة حيث البحر لا يوجد فيما بعد (رؤيا 21: 1).

تلخيص مختصر لسفر الرؤيا
يقول الرب يسوع في (ص 1: 19) ليوحنا "فاكتب (1) ما رأيت" و(2) "ما هو كائن" و(3) "ما هو عتيد أن يكون بعد هذا".
(1) ما رأيت:
أي ما رآه يوحنا، أي منظر الرب يسوع كابن الإنسان في وسط السبع المنائر الذهبية – التي هي السبع الكنائس أو الكنيسة في كل تاريخها على الأرض. 
(2) ما هو كائن:
أي رحلة الكنيسة على الأرض، مصورة في إصحاحي (2، 3) بداية من العصر الرسولي ممثلة في كنيسة أفسس حتى سنة 167م. ثم ممثلة في كنيسة سميرنا أي عصر الاستشهاد من سنة 167 حتى سنة 313م عندما أمر الإمبراطور قسطنطين رفع الاضطهاد. ثم كنيسة برغامس عندما أصبحت الكنيسة متحالفة مع الحكومة. وكان ذلك تمهيداً لظهور ضلالات كثيرة واشهرها بدعة أريوس التي تمس لاهوت المسيح ومجده كالابن الأزلي – وقد تصدى الأمناء لذلك مثل اثناسيوس الرسولي أسقف الإسكندرية الشهير في مجمع نيقية.
ثم كنيسة ثياتيرا التي تمثل العصور الوسطى المظلمة عندما تسلطت البابوية بعنف (مشبهة بالمرأة ايزابل) – وهذا هو الدور الرابع من تاريخ الكنيسة النبوي في سفر الرؤيا. ثم كنيسة ساردس التي بعدما أخذت معرفة الحق الذي نادى به المصلحون أمثال لوثر وزونجلي وكلفن لكنها لم تستفد به وهذا الدور يمثل البروتستانتية حتى مجيء الرب. ثم كنيسة فيلادلفيا التي تمثل النهضة المباركة في أوائل القرن التاسع عشر إذ تأسست جمعية التوراة لنشر الكتاب المقدس بلغات كثيرة وأثمان زهيدة وكذلك نهضة الإرساليات للبلاد الوثنية. وهي الكنيسة الوحيدة التي يمتدحها الرب وأخيراً كنيسة لاودكية التي لا نجد فيها إلا الكبرياء والإدعاء وصورة التقوى بدون قوتها وهي التي تمثل الحالة الحاضرة. ومن هنا نفهم أننا الآن في نهاية تاريخ الكنيسة على الأرض – لكن ليست نهاية العالم.
رأينا أن كنيسة فيلادلفيا هي الكنيسة الوحيدة التي يمتدحها الرب. ومعنى اسمها "المحبة الأخوية". وكما رأينا بدأت بنهضة روحية في أوائل القرن التاسع عشر وأبرزها حركة الأخوة الذين نادوا بمجيء الرب "لأجل المؤمنين" لتغيير الحياء وإقامة الراقدين منهم أي "القيامة الأولى" وملاقاتهم للرب "في الهواء" (1 تسالونيكي 4) وبعد ذلك يتعامل الرب مع شهبه القديم أي اليهود لتتميم مواعيده للآباء (رومية 9 – 11). هذه الكنيسة يقول لها الرب "هنذا قد جعلت أمامك باباً مفتوحاً..." لأنك حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي (رؤيا 3: 8) لكن الشيطان الذي منذ أيام الرسل كانت مهمته أنه عندما يفتح الرب باباً فإنه يقاوم ذلك، كما قال الرسول بولس "لقد انفتح لي باب عظيم فعّال ويوجد معاندون كثيرون" (1 كورنثوس 16: 9) وفعلاً لقد أقام الشيطان معاندين وحركات مضادة وقد أعطانا الرب صفاتهم، وهي عكس صفات الأمناء. صفة الأمناء "حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي" أما صفة هؤلاء فهي عدم حفظ كلمة الله بل أضافوا إليها رؤى وإعلانات كاذبة وشوهوا معناها بتفسيراتهم المغلوطة كما حذفوا منها الحق الإلهي الخاص بالرب يسوع ومجده. وأنكروا اسم الرب يسوع إذ قالوا عنه أنه "اشترك في طبيعة بشرية خاطئة مثل كل بني آدم كما قالوا عنه أنه هو "الملاك ميخائيل" – أما صفتهم الثانية التي سبق وأنبأ بها الروح القدس هي "أنهم يقولون أنهم يهود وليسوا يهوداً بل يكذبون" (لأن اليهود هم فقط من كانوا من ذرية يعقوب وينتسبون لأحد أسباط بني اسرائيل الاثني عشر) "بل هم مجمع الشيطان" (رؤيا 3: 9) مجمع الشيطان الذي يجمع كل الجماعات الهرطوقية أمثال – لكن ليس بين كل هذه الجماعات من ينطبق عليه القول "يقولون أنهم يهود وليسوا يهوداً بل يكذبون" إلا جماعة السبتيين الأدفنتست – إذ هم يقولون عن أنفسهم أنهم هم وحدهم المقصودون ب "ال 144000 مختوم من أسباط اسرائيل الاثني عشر المذكورين في سفر الرؤيا (رؤيا 7: 1 – 8) هذا هو اعترافهم في كتابهم (مأساة العصور صفحة 689، 690) علاوة على أنهم يضعون أنفسهم تحت الناموس الذي هو لليهود فقط وليس للأمم، من جهة تحريم بعض الأطعمة وحفظ يوم السبت كما سبقت الإشارة. وهكذا نرى أن هذا الثوب الذي يرتدونه لا يناسب أية جماعة من عشرات الطوائف المسيحية إلا هم فقط موضوع هذا الكتاب – وليس ذلك فقط بل قالوا عن جميع الطوائف المسيحية الذين يقدسون يوم الأحد – يوم الرب – أن يوم الأحد هو "سمة الوحش" المذكور في سفر الرؤيا (ص 13). 
رأينا في (ص 2، 3) من سفر الرؤيا رحلة الكنيسة على الأرض كما سبق وأعطى الروح القدس نبوياً تاريخياً لها ونحن الآن في زمن لاودكية أي من نهاية الرحلة – في زمن النهاية – ليس نهاية العالم ولكن نهاية الكنيسة على الأرض وهذا من شأنه أن يجعل المؤمنين الآن أن يرفعوا رؤوسهم لأن الاختطاف عن قريب.
(3) ما هو عتيد أن يكون بعد هذا
هذا ما يقوله بداية من (ص 4) ويصعد يوحنا بالروح إلى السماء ويرى 24 شيخاً جالسين على 24 عرشاً في السماء صورة رمزية لمؤمني العهد الجديد مع مؤمني العهد القديم. ومن هنا نفهم أن الأحياء من مؤمني العهد الجديد قد تغيرت أجسادهم وأقيم الراقدون من مؤمني العهد القديم والعهد الجديد في أجساد ممجدة على صورة جسد مجد المسيح أي أن قيامة الأبرار قد تمت. وهنا يبدأ الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال – سبع سنين: نصفها الأول مصور في ستة ختوم هي مبتدأ الأوجاع – تكلم الرب يسوع عنها في (متى 24) قائلاً "سوف تسمعون بحروب وأخبار حروب (مت 24: 6) وكلام الرب يسوع هنا غير موجه للمسيحيين لأن الكنيسة تكون قد اختطفت كما سبق الكلام. ولكن كلامه موجه للذين يؤمنون من اليهود الذين يكونون قد رجعوا إلى أرضهم وسبق الكلام عن رجوعهم وبناء الهيكل. كما أنبأ الرب عن مجاعات وأوبئة وزلازل ال 42 شهراً الأولى – ثم بعد ذلك الضيقة العظيمة (مت 24: 21) مصورة في سبعة أبواق يمهد لها الختم السابع (رؤيا ص 8) – ويعاصرها سبعة جامات 
غضب تنسكب على الأرض.
(في رؤيا 6) عند فتح الختم الأول نرى حادثاً هاماً بعد اختطاف الكنيسة ألا وهو ظهور الرئيس الروماني زعيم الدول الأوروبية العشر المتحدة تحت زعامته. وهو مصور براكب الفرس الأبيض وقد أعطى إكليلاً ويحرز انتصارات سليمة مثل التي أحرزها هتلر في بداية الحرب العالمية الثانية. لكن بعد ذلك تحدث حروب أهلية (فرس أحمر) تعقبها مجاعات (فرس أسود) ويعقب ذلك أوبئة وموت (فرس أخضر أو باهت) وهذا ما سبق وأنبأ به الرب يسوع وبنفس الترتيب (مت 24) وقد أنبأ الرب يسوع عن استشهاد يهود أتقياء يؤمنون به بعد اختطاف الكنيسة" حينئذ يسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم (مت 24: 9) والذين يقتلون نرى الكلام عنهم عند فتح الختم الخامس (رؤيا 6: 9).
فبل أن يبدأ النصف الثاني من أسبوع الضيقة والذي تعطى تفاصيله في سفر الرؤيا (إصحاحات 8- 19) نجد في (إصحاح 7) ضماناً يعطى من الله للأمناء الذين يجتازون الضيقة العظيمة. وهو وضع ختم الله على جباه الأمناء من اليهود ويذكر عددهم 12000 من كل سبط من أسباط إسرائيل الاثني عشر وبالطبع هو عدد رمزي ووضع الختم عليهم هو لضمان حفظهم في زمن الضيقة. هؤلاء سوف يضطهدون وسوف يتشتتون مبشرين ببشارة الملكوت (ليس بشارة الإنجيل كما في الوقت الحاضر) أي يخبرون عن المسيح الذي سيأتي ويدين الأحياء ويملك على الأرض. هؤلاء سوف يعولون هؤلاء المبشرين في زمن الاضطهاد والجوع – والذين يقبلون البشارة من الأمم هم المعبّر عنهم بالخراف عن يمين الملك والذين يرفضون البشارة هم المعبّر بالجداء عن يسار الملك في دينونة الأحياء (مت 25: 31 – 46) أما اليهود المبشرون لهم فهم "أخوة الرب الأصاغر" – اليهود المؤمنون هم المعبر عنهم ب ال 144000 مختوم. والأمم المؤمنون الذين فبلوا البشارة هم المعبر عنهم بالجميع الكثير الذي لم يستطع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة (رؤيا 7: 9 – 17) – والغريقان اليهود والأمم هم فقط الذين يدخلون الملك الألفي بأجسادهم الطبيعية. يأكلون ويشربون ويزوجون ويتزوجون. والجالس على لعرش يحلّ فوقهم. وسوف يعيشون الألف سنة بطولها. وطبعاً سوف تتغير أجسادهم الطبيعية بعد الألف سنة وتصبح أجساداً روحانية. لا يأكلون ولا يشربون ولا يتزوجون بل يكون كملائكة الله.
في الملك الألفي سيكون إسرائيل المؤمن بأسباطه الاثني عشر في أرضه في الحدود من مدخل حماه في الشمال إلى قادش في الجنوب وسيكون سبط دان في أقصى الشمال وسبط جاد في أقصى الجنوب كما في (حزقيال 48: 1 – 29).
أما من يتبقى من المسيحيين بعد اختطاف المؤمنين الحقيقيين (الكنيسة) فهم مسيحيون بالاسم. هم زوان وليسوا حنطة (متى 13: 24 – 30) وسوف يبادون بالضربات في مدة سبع سنوات الضيقة ولن يكون واحد منهم من رعايا الملك الألفي وسوف يقامون في قيامة الدينونة ليسمعوا الحكم بطرحهم في بحيرة النار بداية من (إصحاح 8) من سفر الرؤيا وحتى (ص 19) نجد حوادث ضيقة العظيمة والذي قادنا إلى هذا الإيضاح هو ادّعاء السبتيين الأدفنتست أنهم هم المقصودون وحدهم دون غيرهم ب ال 144000 مختوم {كتابهم مأساة العصور صفحة 666} وواضح أن هذا كذب مكشوف "يقولون أنهم يهود وليسوا يهوداً ل يكذبون" (رؤيا 3: 9) – لأن هؤلاء المختومين على جباههم كما هو واضح من كلمة الله هم إسرائيليون كما شهد يوحنا "وسمعت عدد المختومين مئة وأربعة وأربعين ألفاً مختومين من كل سبط من بني إسرائيل" (رؤيا 7: 4)ثم يذكر الأسماء وحزقيال النبي يحدد حدود كل سبط في أرض الموعد (حزقيال ص 48) – فهل يوجد غموض في هذه الأقوال؟ هل الله يعطي أقوالاً غامضة لتضليل الناس؟ أم أن الضلال يأتي من التفسير الشيطاني لأقوال الله الصادقة؟. أن أساس كل ضلال هو عدم معرفة كلمة الله والاكتفاء بالقشور. كما قال الرب للصدوقين "أليس لهذا تضلّون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله" (مرقس 12: 24). في (ص 11) نرى قياس الهيكل والمذبح والساجدين فيه – والختم والقياس في كلمة الله يفيدان الملكية "يعلم الرب الذين هم له" (2 تيموثاوس 2: 19) – أما الدار التي هي خارج الهيكل (إشارة إلى اليهود المرتدين الذين لا يعترف بهم الرب) فاطرحها ولا تقسها" (رؤ 11: 1، 2).
في تلك الأيام سيقيم الرب شهادة له من الأمناء مرموزا لهم بالشاهدين ورغم أن ظروف الشهادة ستكون صعبة جداً لكن لا بد أن يتمما شهادتهما. ثم يكون آخر عمل شرير للوحش الصاعد من الهاوية أن يصنع معهما حرباً ومع أن الوحش سيغلبهما أي يقتلهما – لكن في الحقيقة أمام الله الذي يموت شهيداً هو الغالب الحقيقي وليس القاتل (رؤيا 15: 2).
في (ص 12) نرى المرأة تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد الابن الذكر العتيد أن يرعى جميع الأمم بعصاً من حديد أي المسيح (مزمور 2: 7 – 12) والمرأة هي الأمة الإسرائيلية التي أعدها لكي يأتي منها المسيح حسب الجسد كما قيل عن اليهود "ومنهم المسيح حسب الجسد" (رومية 9: 5) ومن سبط يهوذا على وجه التحديد (رؤيا 5: 5) والمخاض والأوجاع هي التأديبات التي أوقعها الله على الأمّة لأنه اختارها دون بقية الأمم لكي تكون "خاصته" (خروج 19: 4، 5) ويقول الرب لهم بفم عاموس النبي (ص 3: 2) "إياكم فقط عرفت من جميع قبائل الأرض لذلك أعاقبكم على جميع ذنوبكم" وهنا نرى طرح الشيطان إلى الأرض في منتصف الأسبوع وبه غضب عظيم. وسوف يركّز الشيطان اضطهاده على البقية اليهودية المؤمنة المعبّر عنهم بالقول "ذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها" (ص 12: 7) – وكلمة باقي هي نفسها كلمة "بقية" وهي التي يتكلم عنها بولس الرسول في (رومية 9: 27) "و إشعياء يصرخ من جهة إسرائيل وأن كان عدد بني إسرائيل كرمل البحر فالبقية ستخلص – لأن الأغلبية التي كرمل البحر سترتد وراء نبيهم الكذاب (الوحش الطالع من الأرض) ولكن البقية التي ستخلص ستكون هي إسرائيل الحقيقي التي قيل عنها "وهكذا سيخلص جميع إسرائيل" (رومية 11: 26) ثم يقتبس بولس ما جاء في (إشعياء 1: 9) "لولا أن رب الجنود أبقي لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة" لقد أبيدت سدوم و عمورة وليس لهما بقية.
والعجيب في هؤلاء السبتيين الأدفنتست أنهم يعتبرون أنفسهم أنهم هم المقصودون "بباقي نسلها" (ع 17) {كتابهم مأساة العصور صفحة 636} مع أنه كما سبق الكلام أن هؤلاء يهود وليسوا مسيحيين – أن كل البركات الخاصة بالبقية اليهودية في الأيام الأخيرة نسبوها لأنفسهم لهم وحدهم دون جميع الطوائف المسيحية أي أنهم يصممون على ارتداء هذا الثوب الذي يناسبهم دون غيرهم أي تلك الصفة التي سبق أن أنبأ عنها الوحي النبوي في (رؤيا 3: 9) "يقولون أهم يهود (والحقيقة أنهم) ليسوا يهوداً بل يكذبون".
في (ص 13) نرى الوحش الطالع من البحر (الأمم) هو نفسه المعبّر عنه بالقرن الصغير في (دانيال ص 7) رأس الدولة الرومانية في صورتها الأخيرة. والذي سيكون زعيماً للدول الأوربية الغربية العشر المتحدة. وفي نفس الوقت يتحالف مع النبي الكذاب رئيس الدولة اليهودية (الوحش الطالع من الأرض) الذي سيدّعى أنه هو المسيح. ويجلس في هيكل أورشليم بهذه الصفة وسيسجد له كل اليهود غير المؤمنين.
بعد ذلك نرى الدينونات التي ستنصب على العالم الذي يدعي مع الأسف "العالم المسيحي" والذي ليس هو إلا مسيحية مرتدة عن المسيح.
 
الفصل الثامن
تلخيص لمعتقدات السبتيين المخالفة للمسيحية

كان اختراع الطباعة في القرن السادس عشر بواسطة جوتنبرج بركة عظمى أراد بها الله خيراً لنشر الكتاب المقدس بلغات الدول الأوربية. وهو أول كتاب طبع بعد اختراع الطباعة. إن النهضة الروحية التي حدثت في القرن السادس عشر كان سببها نشر الكتاب المقدس. وهو السلاح الوحيد الذي استخدمه مصلحو القرن السادس عشر. إن إحياء النفوس لا يتم إلا بواسطة الروح القدس وأداته الوحيدة هي كلمة الله (يوحنا 3: 5).
والنهضة الروحية التي حدثت في القرن التاسع بدأت بنشر الكتاب المقدس بأثمان رخيصة بعد تكوين "جمعية التوارة البريطانية والأجنبية" سنة 1808 وقد انهض روح الله رجالاً أفاضل غيورين لنشر الحق الإلهي. فقامت جماعات تنادي بالحق الإنجيلي ومجيء الرب الثاني، وأفراد عملوا عملاً عظيماً أمثال سبرجن في انجلترا ومودى في أمريكا والسيروليم بوث مؤسس جيش الخلاص في لندن ويوحنا داربي ووليم كلي. لكن الشيطان الذي لا يكف عن أن يفسد سبل الله المستقيمة ويقاوم عمل الله (أعمال 13: 10) أقام حركات مضادة لمقاومة عمل الله الحقيقي فظهرت جماعات هرطوقية في تعليمها أمثال جماعة "تحضير الأرواح" و"جماعة العلم المسيحي" و"جماعة الفجر الألفي" والذين دعوا فيما بعد "شهود يهوه" و"جماعة السبتيين الأدفنتست" وهؤلاء هم موضوع هذا الكتاب وهم يتفقون مع "شهود يهوه" في أشياء كثيرة.
كما سبقت الإشارة، فإن الأداة الوحيدة التي يستخدمها الروح القدس لإحياء النفوس هي كلمة الله (يوحنا 3: 5) لكن العمل المضاد من جانب الشيطان هو إرسال معلمين كذبة أو أنبياء كذبة. أن المعلمين الكذبة هم الأنبياء الكذبة (2 بط 2: 1) ينادون ببدع هلاك، وكثيرون يتبعون تهلكاتهم أن المؤسسين لهذه الطوائف الهرطوقية، مهما اختلفت طوائفهم، يتفقون جميعاً في هذه الصفة: الادعاء بأنهم حلموا أحلاماً وتلقوا إعلانات من الله مباشرة ورأوا رؤى. أي يدعون أنهم "أنبياء" وكأنهم يزيدون شيئاً جديداً على الوحي الإلهي. لكنهم في الحقيقة يزيدون على أنفسهم ضربات العدل الإلهي (رؤيا 22: 18). ومن واقع هذه الظاهرة يستطيع المؤمنون أن يميّزوا روح الضلال لأن الوحي الإلهي قد اكتمل برُسل وأنبياء العهد الجديد وآخرهم يوحنا كاتب سفر الرؤيا. وبعد سفر الرؤيا لا يمكن أن يضاف شيء على كلمة الله.
سبق أن حذر الرب من هذه الادعاءات وأرجو القارئ أن يقر بعناية هذه الشواهد الكتابية (تث 13: 1) "إذ قام في وسطك نبي أو حالم حلماً وأعطاك آية أو أعجوبة ولو حدثت الآية أو الأعجوبة..." وهؤلاء الحالمون يكثرون في أيام الخراب مثل الأيام التي كان يعيش فيها أرميا النبي الذي يقول بفم الرب "قد سمعت ما قالته الأنبياء الذين تنبأوا باسمي بالكذب قائلين حلمت حلمت..." (أرميا 23: 25 – 32) ليوهموا السامعين أن احلامهم موحى بها من الله وفي (أرميا 27: 9) يضع الوحي الحالمين مع العرافين والسحرة.
وفي العصر الحديث لو تتبعنا معظم الحركات الشيطانية سنجد أن بدايتها كانت حلماً أو رؤية أو الادعاء بالحصول على إعلان إلهي ومن مثال ذلك: 
(1) المورمون: 
المؤسس لهم "جوزيف سميث" أدعى سنة 1822 أن ملاكاً يدعى "مورني Moroni" ظهر له وأمره أن يذهب إلى مكان بالقرب من بالميرا بنيويورك حيث يجد كتاباً مكتوباً على ألواح من ذهب مكتوبة باللغة المصرية القديمة. هؤلاء المورمون يعيشون بأعداد كبيرة الآن في مدينة "سولت ليك سيتي" بأمريكا.
(2) أطفال الرب: 
المؤسس لهذه الحركة "David berg" يقول أنه في سنة 1969 تلقى نبوة من الله وهو يدعي أنه يتلقى تعليماً من أرواح أناس ماتوا منذ سنين عديدة.
(3) جماعة الطريق: The way
المؤسس لها "فيكتور ويرويل" كان راعياً لكنيسة في ولاية أوهايو أدعى أن الله تكلم إليه بصوت مسموع سنة 1942 ثم أدعى أنه المفسر الوحيد للإنجيل بالطريقة الصحيحة. لكنه يعلّم تعليماً هرطوقياً عن الرب يسوع.
(4) جماعة المونيز: The moonies
المؤسس يدعى sun myung moon وُلد في كوريا واعتنقت عائلته المسيحية 
سنة 1930 وعمره عشر سنوات ولما كان عمره 16 سنة أدعى أن يسوع المسيح قد ظهر له وأخذ يحثه على تنفيذ المهمة التي فشل المسيح في إكمالها! وأتباعه يعتبرون تعاليم مون لها الأفضلية عن الإنجيل وينكرون ألوهية المسيح ويبلغ عددهم الآن حوالي 2 مليون.
هؤلاء عينة وأمثالهم كثيرون. وفي نفس الطريق سار السبتيون الأدفنتست إن المؤسس لهم "وليم ملّر" أدّعى أن المسيح سيأتي ليقيم مُلكه على ارض سنة 1844 مؤسساً تعليمه على تفسير خاطئ لنبوة دانيال (ص 8: 14) وإذ اتضح عدم صحة هذا التفسير قام شخص آخر "حيرام أدسون" ادّعى أنه علم بواسطة رؤيا أن تطهير القدس في السماء وإبرائه من الخطايا المسجلة فيه تم سنة 1844! وقامت "مسز هوايت" بتأييد هذه العقيدة التي مضمونها إن المسيح لم يكفّر عن الخطايا بموته على الصليب كما سبق الكلام { الفصل الثاني من هذا الكتاب} وكلما ظهرت عقيدة فاسدة أو بالحري شيطانية قامت "مسز هوايت" بتأييد هذه العقيدة بعد أن اعتمدها السبتيون الأدفنتست "رسولة ونبية" تتلقى إعلانات وأحلاماً ورؤى" فكانت مهمتها النبوية "تجميع هرطقات" واستطاعت أن تُسكت المعارضين من الرجال وأولهم "وليم ملّر". أن عقيدة "رقاد النفوس بعد الموت أو حالة عدم الشعور أو عدم الوعي بعد الموت بالنسبة للمؤمنين وغير المؤمنين" أخذتها عن شخص يدعى "جورج ستورز" وعقيدة حفظ السبت ناموسياً أخذتها عن سيدة تدعى "راشيل واكس" فلا تستغرب أيها القارئ أن كنا نقول أن عقائدهم لم يتوصلوا إليها عن دراسة بل كانت "تجميع هرطقات" وبعد أن اعتنقوها راحوا يفتشون في الكتاب المقدس علّهم يجدون فيه ولو من بعيد ما يسند دعاويهم.
أما الضلالات التي ينادون بها فهي كالآتي: 
(1) أخطر الضلالات هي التي تمسّ مجد الرب يسوع والتي تعتبر تجديفاً على شخصه المبارك بقولهم "أن المسيح لبس طبيعة بشرية خاطئة مثل كل أبناء آدم وأنه كان عرضة للهزيمة أمام التجربة" (كتابهم بعنوان "يسوع وانتظار الإنسانية" صفحة 54 وكذلك كتابهم بعنوان "الكتاب يتكلم" صفحة 197) وكذلك قولهم عن الرب يسوع أنه هو الملاك ميخائيل رئيس الملائكة.
وسبق أن تكلمنا عن شهادة الرسل الثلاثة: بولس وبطرس ويوحنا {الفصل الثاني} أنه لم يعرف خطية. ولم يفعل خطية. وليس فيه خطية. "القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لوقا 1: 35). "قدوس بال شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار على من السموات" (عب 7: 26) لكي يكون أهلاً أن يقدّم ذبيحة بلا عيب على الصليب. هو الله وإنسان. وعند الكلام عنه كالله فلا يكون ذلك بالانفصال عن ناسوته. وعندما نتكلم عنه كإنسان فلا يكون ذلك بالانفصال عن لاهوته. فهو في الحق شخص واحد. طبيعتان متحدتان في شخصه العجيب. وهنا السّر الهائل الذي لا يدركه عقل بشري. سرّ فوق كل بحث واستقصاء. سرّ يستحيل على انسان أن يسبر غوره أو يدرك عمقه. كما يخبرنا هو نفسه بفمه الكريم "ليس أحد يعرف الابن (على حقيقته) إلا الآب (وحده) " مت 11: 27؛ (لوقا 10: 22) وقد شهد له "هذا هو ابن الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا" (متى 17: 5). كما نزل الروح القدس من السماء يوم الخمسين لكي يسكن في المؤمنين كقوة الشهادة فيهم لتمجيد الرب يسوع كما قال لتلاميذه "ذاك يمجدني" (يوحنا 16: 14) نعم أن الآب يمجد الابن وكذلك الروح القدس وإن كان الناس قد أهانوه بسبب اتضاعه ولا يزال يهان من المرتدين أولئك المعلمين الكذبة... "الذين دينونتهم منذ القديم لا تتوانى وهلاكهم لا ينعس" (2 بط 2: 1- 3).
أن الذي يجدفون عليه هو القدوس الذي خطية واحدة في نظره لها أكثر شناعة من خطايا العالم أجمع في نظرنا نحن. "عيناه أطهر من أن تنظرا الشر" (حبقوق 1: 13). قال لموسى قديماً "لا تقدر أن ترى وجهي. لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (تث 33). كان ذلك مستحيلاً قبل التجسيد. وإيليا عندما سمع الصوت المنخفض الخفيف لفّ وجهه بالرداء..." (1مل 19: 13) – والملائكة السرافيم يغطون وجوههم وأرجلهم بأجنحتهم في حضرته (أشعيا 6؛ يوحنا 12: 41) إن مجده الإلهي لم ينقص ذرة واحدة عندما تنازل لمكي يصير إنساناً. هو الله وإنسان وكان مرموزاً إليه قديماً بتابوت العهد المصنوع من خشب السنط ومغشى بالذهب النقي. خشب السنط الذي لا يسّوس رمز ناسوته الذي بلا خطية وغير قابل للخطية، لأنه له المجد لا يستطيع أن يخطئ. والذهب النقي رمز لاهوته – طبيعتان متحدتان غير ممتزجتين لكن الشخص واحد. هذا التابوت حدث مّرة أن أُخذ إلى أرض الفلسطينيين في حرب حجر المعونة. لكن الله ألزمهم بإرجاعه إلى أرض إسرائيل كما نقرأ في (1 صموئيل 6). عند وصول التابوت إلى مدينة بيتشمس نظر الشعب إلى التابوت. مجرد نظرة بدون أن يلمسوه – فضرب الرب الشعب ضربة عظيمة "وناح الشعب بسبب هذه الضربة" (1صم 7: 19) مع أن التابوت لم يكن إلا رمزاً للرب يسوع – ظلاّ للحقيقة.
فإن كان الرب قد تعامل مع شعبه قديماً هكذا فماذا عساه أن يصنع مع أولئك الذين يفترون على أمجاده وهو لا يقدر أن ينكر نفسه. نعم، إنه كما أنبأ يهوذا في رسالته "سوف يعاقب جميع فجارهم... وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار" (يهوذا ع 15).
(2) أما الضلالة الثانية فهي إنكار "كما كفارة المسيح التي تمت على الصليب، يقول بطرس الرسول "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (الصليب) (1 بط 2: 24) ويقول يوحنا "... إن ذاك أُظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (1 يو 3: 5) – حمل خطايانا ورفع خطايانا في عملية واحدة تمت في ثلاث ساعات أظلمت فيها الشمس (متى 27: 42- 46) وفي نهايتها قال "قد أكمل" (يو 19: 30). وهذه ه الكفارة التي يقولون أنها تمت سنة 1844 – أي لم تتم على الصليب {كتابهم مأساة العصور صفحة 364 وصفحة 413}.
(3) الضلالة الثالثة: الادعاء بأن خطايا المؤمنين سوف يضعها المسيح في النهاية على الشيطان {كتابهم مأساة العصور صفحة 713} وهذه ضلالة مزدوجة تتضمن أن المسيح لم يرفع خطايا المؤمنين بكفارته على الصليب. كما تتضمن أن الشيطان في النهاية سوف يكون "تيس عزازيل" مع أن "تيس عزازيل" الذي يقولون عنه أنه يمثل الشيطان كان ذبيحة خطية (لاويين 16: 25) – وذبيحة الخطية ذبيحة مقدسة صفتها "بلا عيب" إذ هي رمز للرب يسوع – فهل الشيطان في النهاية سيكون ذبيحة الخطية؟ (راجع الفصل الثالث).
(4) بدعة "رقاد النفوس" بالنسبة للذين يموتون سواء كانوا أبراراً ام أشراراً مع أن الرب يسوع بنفسه أوضح ذلك بكل وضوح أن الرقاد هو بالنسبة للجسد فقط – وكلمة رقاد تقال عن أجساد المؤمنين – وذلك بصفة وقتية – لقد قال له المجد للمؤمنين "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها..." (مت 10: 28) لأن النفس إما أن تذهب للفردوس وذلك بالنسبة للأبرار. وإما أن تذهب لهاوية العذاب وذلك بالنسبة للأشرار وهذا شيء واضح جداً في كلمة اله ولكن الأشياء الواضحة في كلمة الله يتحاشونها مثل قصة الغنى ولعازر (لوقا 16) والسبب أنها تكذّب ادعاءاتهم برقاد النفس في هذه يذكر لنا الرب أن الغني مات ودفن (جسده) لكنه لم يرقد أو ينم ففي لحظة دفن الجسد كان مستيقظاً بروحه في هاوية العذاب: كان يشعر بالآلام وينادي ويترجّى ابراهيم أن يرسل لعازر لأخوته. إذ له خمسة أخوة على الأرض في الإمكان أم يكرز لهم حتى لا يذهبوا إلى موضع العذاب. نعم كان في إمكانه بروحه أن يسمع وفي إمكانه أن يتذكر (لوقا 16: 23 – 25) لقد كان في تمام اليقظة وكان لعازر يتعزّى وهو يتعذّب!يقولون أن القصة رمز وإذا تمشينا معهم ألا تدل الرموز على حقائق ويجب أن تتجاوب الحقيقة مع الرمز وإلا كان ذلك نقصاً في لوحي وحاشا أن ننسب النقص إلى ذاك الذي هو منزّه عن الكذب (تي 1: 2) (راجع الفصل السادس). ومن الأقوال الواضحة قول الرب له المجد عن الله "ليس هو غله أموات بل إله أحياء لأن الجميع عنده أحياء" (لوقا 20: 38) وقوله للص المعلّق على الصليب بجواره "الحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس" لوقا 23: 43 وظهور موسى وإيليا على جبل التجلي "اللذان ظهرا بمجد وتكلما معه عن خروجه..." (لوقا 9: 30، 31) ورغبة بولس أن ينطلق ليكون مع المسيح" (فيلبي 1: 23).
(5) بدعة "ملاشاة الأشرار" ولا يوجد شيء مثل ذلك في كلمة الله. إذ أن كلمة الله تشهد "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو 3: 36) وكلمة "يمكث" أي يبقى ويستمر. إن الله بطيء الغضب ولا يسر بإجراء الدينونة – لأن الدينونة هي "عمله الغريب" (إش 28: 21) إنه يجرى الدينونة بعد أن يتأنى طويلاً ويجريها لأجل اعتبارات برّه (عدله) لأن قداسته تتطلب دينونة الشر ولكنه يسر أن يعلن محبته.
وقد رأينا محبته مضيئة قوية في الصليب (يوحنا 3: 16) لكن قداسته لا تتساهل مع الشر لذلك فهو "لم يشفق على ابنه لأنه كان حاملاً لخطايانا..." (رومية 8: 32).
أنها دعوى باطلة وخبيثة أن يتحدث أحد عن الله كمن هو من كثرة الرحمة بحيث لا يبعث أحداً إلى جهنم. أن الرب يسوع يقول عن الأشرار "لأن دورهم لا يموت والنار لا تطفأ" (مرقس 9: 44) وكلمة "دودهم" تعني ضمائرهم التي ستظل مستيقظة إلى الأبد. أما النار التي لا تطفأ فنحن لا نعرف نوعيتها ولكنها على أية حال هي عذاب أبدي ولا يمكن أن تعني ملاشاة كما هو مكتوب "ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين ولا تكون راحة نهاراً وليلاً" (رؤيا 14: 11). نعم لن يفلت من العقاب شخص واحد وأولهم المروجون للأفكار الخبيثة.
(6) المطالبة بحفظ الناموس إذ يقولون "بدون حفظ الناموس لا يستفيد الإنسان شيئاً" {كتاب مصير العالم صفحة 195} وفي ذلك أحياء للضلالة التي ظهرت أيام الرسل ومفادها "وضع الأمم تحت الناموس" وقد فصل في هذه الضلالة في مجمع أورشليم (أعمال ص 15). لكنهم بذلك يقعون تحت لعنة الناموس الذي يعلن كل الذين يلجأون إليه للتبرير رافضين برّ الله كما قال الرسول "قد تبطلّتم عن المسيح أيها الذين تتبررون بالناموس..." (غلاطية 5: 4)... "لأنه إن كان بالناموس سرّ فالمسيح إذاً مات بلا سبب" (غلاطية 2: 29) الناموس لا يكتفي بطاعة جزئية. يطالب بحفظ الكل ولم يوجد إنسان استطاع أن يحفظ الناموس. لذا الذين يضعون أنفسهم تحت الناموس هم تحت لعنته.
(7) بدعة حفظ الشبت: ليس المقصود منها حفظ الناموس فقط لكن الشيطان يقصد من ذلك ما هو أكثر خطورة – في المسيحية لا يوجد حفظ أيام وأوقات وسنين كما قال الرسول للغلاطيين "اتحفظون أياماً وشهوراً وأوقات وسنين. أخاف عليكم أن أكون قد تعبت فيكم عبثاً". والمسيحيون لا يحفظون الأحد ناموسياً ولم يستبدلوا السبت بالأحد كما يدعون. ولكنهم يمارسون عشاء الرب يوم الأحد أي اليوم الأول من الأسبوع كما ترتب منذ أيام الرسل {أعمال 20: 7} إذ القصد الإلهي أن يذكر المؤمنون موت الرب وقيامته ومجيئه لأن المسيح قام من بين الأموات يوم الأحد. فكأن السبتيين لا يذكرون المسيح مقاماً من الأموات ولكنهم يذكرونه مدفوناً في القبر في يوم السبت "وإن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم" (1كو 15: 17) – يريد الشيطان أن يمحو من ذاكرة المؤمنين هذا الشيء العظيم "قيامة المسيح من الأموات" – هذا الحق الثمين الذي هو سبب بركة وتعزية للمؤمنين في كل العصور. إن آخر رسالة كتبها بولس وفيها يشدّد تيموثاوس لاحتمال المشقات يقول له "فاشترك في احتمال المشقات... أُذكر يسوع المسيح المقام من الأموات (يوم الأحد وليس يوم السبت) من نسل داود بحب إنجيلي الذي فيه احتمل المشقات..." (2 تي 2: 3- 9) فتيموثاوس يتقوى بالنعمة وأيضاً يذكر ربنا يسوع المقام من الأموات والآن حي إلى أبد الآبدين. إنه يذكّر تيموثاوس بما كان سبب تشجيع له هو شخصياً.
(8) بدعة تلقي إعلانات من الله ورؤى وأحلام كما ادعت "مسز هوايت" وكما ادعى "حيرام ادسون" الذي اخترع مسألة الكفارة التي تمت سنة 1844. ومن يدعي ذلك كأنه يضيف وحياً جديداً على كلمة الله وبذلك يقعون تحت الإنذار الإلهي "إن كان أحد يزيد على أقوال نبوة هذا الكتاب" (رؤيا 22: 18) أما سبب هذه الضلالات فإن الناس لا يفتشون الكتب المقدسة ولا حتى يقرأونها (مرقس 12: 24، 27؛ يوحنا 5: 39؛ أعمال 17: 11) مما أعطى الشيطان مجالاً لكي يصول ويجول نافثاً سمومه.
هذا ما قد وصل إلى علمي من ضلالاتهم، وكلها ضلالات مهلكة. ولا يمكن أن نعتبرها سوء تفسير لكلمة الله لأن كلمة الله واضحة، بل نعتبرها ضلالات أوحى بها الشيطان لأجل هلاك النفوس وأرجو أن يكون هذا الكتاب تنبيهاً للمساكين المخدوعين بينهم.
وإني أرى أن هؤلاء السبتيين أشد خطورة من "شهود يهوه" يجاهرون بمعتقداتهم المضللة ولا يخفونها. أما السبتيين الأدفنتستفإنهم يخفونها، إلا إذا سئلوا عنها، ويحاولون تلطيفها ولكنها مسجلة في كتبهم، كما أوضحنا المصادر التي أخذنا عنها معتقداتهم. وإخفاء هذه السموم يجعلها أشد ضراوة من إظهارها. هم في ذلك مثل بعض أنواع الحيّات السامّة التي تخفي نفسها في الرمل ثم تنقضّ على الفريسة الغافلة. هذا النوع من الحيات موجود في صحراء مصر الشرقية الجنوبية (يدعى الطريشة) تخفي نفسها في الرمل ولا يظهر إلا قرناها تنشبهما في الفريسة التعيسة وتنفث سمّها في العضو الذي تتعلق به ولا برء منها إطلاقاً.
ومن الأمور المحزنة التي تكسر قلوب المؤمنين، إن كثيرين خصوصاً من زنوج إفريقيا قد ارتموا في أحضانهم، نظراً لفقر هؤلاء المساكين إذ يجدون مساعدات مادية من السبتيين وكذلك مساعدات اجتماعية في المدارس والعلاج الطبي، فكانت هذه المساعدات فخاً منصوباً لهم. لقد هرب هؤلاء المساكين من الوثنية الإفريقية التي عاشوا فيها قروناً طويلة ولكنهم وقعوا في قبضتهم التي هي قبضة الشيطان. مثلهم مثل الشخص الذي قال عنه عاموس النبي "كما إذا هرب إنسان من أمام الأسد فصادفه الدبّ أو دخل البيت ووضع يده على الحائط فلدغته الحيّة" (عاموس 5: 19).
وإني أهيب بجميع المسيحيين، أولاد الله، ولا سيما الذين لهم مركز المسئولية مثل رعاة الكنائس في جميع الطوائف أن لا يقفوا موقف المتفرج أي الوقوف على الحياد إزاء هذا الشر الذي يمس بصفة أساسية مجد الرب يسوع المسيح يجب أن يحذّروا. في هذا الأمر لا يوجد حياد. يجب أن نقف بجوار الرب، متذكرين قوله الكريم "من ليس معي فهو علىّ" (متى12: 30) يجب على كل الكارزين باسم الرب أن ينبهوا الغافلين أي المخدوعين بينهم قائلين لكل واحد ممن خدعوا بضلالاتهم "أهرب لحياتك" (تكوين 19: 17)

 

 الصفحة الرئيسية