هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟

القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير

كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد

الفصل الأول: أسفار يزعمون أنها مفقودة من الكتاب المقدس!!

الفصل الثاني: الأسفار التي يزعمون أنها مفقودة من العهد الجديد!!

الفصل الثالث: لأنَّ كثيرًا مِنَ النّاسِ أخَذوا يُدَوِّنونَ رِوايةَ الأحداثِ الّتي جَرَت بَينَنا

الفصل الرابع: الكتب الأبوكريفية المنحولة متى كتبت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟ - المراجع

مقدمة

يزعم البعض من الكتاب غير المسيحيين في كتب كثيرة وفي الجرائد والمجلات وفي عشرات المواقع على النت وغرف البالتوك، بل وفي كثير من المحطات الفضائية وغيرها، وجميعها تنقل بعضها عن بعض دون فحص أو دراسة!! فمثلاً يكتب أحدهم مقال أو فصل من كتاب ويضعه على النت أو ينشره في كتاب ثم نراه بعد ذلك مستخدم في جميع هذه الوسائل!! دون أن يحاول من يستعينوا به فحص ما جاء فيه من معلومات والتأكد من حقيقتها وصحتها، بل ويستخدمون وكأنه وحي نزل من السماء!! ويزعم هؤلاء أن هناك العشرات من الأسفار أو الكتب المقدسة التي يذكرها الكتاب المقدس بأسمائها سواء في العهد القديم أو العهد الجديد دون أن يكون لها أي وجود الآن!! وراحوا يدّعون بغير علم ولا معرفة أو دراسة حقيقية وعلمية للكتاب المقدس أو مفاهيمه ومصطلحاته وبيئته وخلفياته التاريخية والحضارية والثقافية والدينية التي كتب إثناءها وبمفاهيمها ومصطلحاتها، أن هذه الكتب أو الأسفار هي كتب وأسفار مقدسة وموحى بها! ثم راحوا يتساءلون؛ أين هي هذه الأسفار؟ وهل فقدت وضاعت؟ وكيف ولماذا؟ أم تم حذفها ولماذا؟ وراح البعض يسألوننا؛ كيف تؤمنون بكتاب مقدس ضاع منه الكثير من الأسفار المقدسة؟

والغريب أنهم يذكرون أسماء كتب لا يعرفون عنها شيئاً بل ولا يعرفون حتى أن ينطقوا بأسمائها!! فقط نقلوها عن بعض الكتب التي كتبها نقاد المسيحية في أوربا وبصفة خاصة التي أصدرتها مدارس النقد الإلحادية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، بسبب عدم إيمانها بوجود إله للكون وعدم وجود حياة بعد الموت ولا بعالم ما وراء الطبيعة، وكذلك التي أصدرتها الجماعات اللادينية وجماعة سيمينار يسوع (Jesus Seminar) التي لا تؤمن إلا بما تلمسه بالحواس، حيث لا تؤمن بالمعجزات مثل قيامة الأموات لأنها لم تر ميت يقوم من الموت ولا بميلاد المسيح من العذراء، الميلاد العذراوي، لأنها لم تر إنسان يولد من أم دون أب!!

وتجاهل، هؤلاء الكتاب الذين يشككون في المسيحية، الكتب المسيحية العلمية والوثائقية التي ردت عليها، بل وتجاهلوا ما برهنت عليه الاكتشافات الأثرية الحديثة والتي أكدت صحة كل أحداث الكتاب المقدس ودقة كتابه في تسجيلهم للأحداث، بل وفي نقل الأسماء الأجنبية، وما كشفت عنه كهوف قمران بالبحر الميت سنة 1945م من مخطوطات برهنت على صحة ودقة نقل آيات الكتاب المقدس ونصوصه عبر مئات بل آلاف السنين!! والتي كشفت أيضاً عن الكثير من مخطوطات العهد القديم ومخطوطات الكتب التي تشرح العهد القديم وكتب علماء اليهود التي كتبوها في الفترة ما بين العهدين والتي أوضحت لنا الفكر اليهودي قبل المسيح. وكذلك اكتشاف مخطوطات نجع حمادي سنة 1947م والتي كشفت عن معظم الكتب التي كتبها الهراطقة الغنوسيون الذين كتبوا عشرات الكتب وبرهنت لنا على سلامة موقف الكنيسة في رفض هذه الكتب الأسطورية والخرافية والهرطوقية.

وقد وضعنا هذا الكتاب وما فيه من أبحاث وثائقية وعلمية ومنطقية للرد على أمثال هؤلاء الكتاب الذين لا هم لهم سوى التشكيك في المسيحية وتشويه صورتها، ليس من خلال البحث العلمي والدراسات المنهجية العلمية المنطقية المبنية على الدليل والوثيقة والبرهان، بل على مجرد التشكيك باستخدام وسائل غير علمية وغير منطقية، ما أنزل الله بها من سلطان!! فقط لتشويه صورة المسيحية بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة!!

وفي النهاية أرجوا أن يأتي هذا الكتاب بالثمار المرجوة بنعمة ربنا يسوع المسيح وبركة العذراء القديسة مريم، وصلوات قداسة البابا المعظم البابا شنودة الثالث بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسية، ونيافة الحبر الجليل الأنبا مرقس، أبي الروحي، أسقف شبرا الخيمة وتوابعها والنائب البابوي لكنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد.

القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير

الفصل الأول

أسفار يزعمون أنها مفقودة من الكتاب المقدس!!

يزعم البعض من الكتاب غير المسيحيين في كتب كثيرة وفي عشرات المواقع على النت، بل وفي كثير من المحطات الفضائية وغيرها، أن هناك العشرات من الأسفار أو الكتب المقدسة التي يذكرها الكتاب المقدس بأسمائها سواء في العهد القديم أو العهد الجديد دون أن يكون لها أي وجود الآن!! وراحوا يدّعون بغير علم ولا دراسة حقيقية، منطقية أو علمية، للكتاب المقدس أو مفاهيمه ومصطلحاته وخلفياته التاريخية والحضارية والبيئة التي كتب أثناءها وبمفاهيمها ومصطلحاتها، أن هذه الكتب أو الأسفار هي كتب وأسفار مقدسة وموحى بها! ثم راحوا يتساءلون؛ أين هي هذه الأسفار، وهل فقدت وضاعت، وكيف ولماذا؟ أم تم حذفها ولماذا؟ وراح البعض يسألوننا؛ كيف تؤمنون بكتاب مقدس ضاع منه الكثير من الأسفار المقدسة؟

1 – إنجيل واحد أم أناجيل كثيرة؟

وراح هؤلاء يزعمون، بغير معرفة ولا دراسة، أن العهد الجديد يذكر أناجيل كثيرة وليس إنجيل واحد، ويقولون أن هذه الأناجيل ضاعت أو فُقدت أو أُتلفت أو حُرقت ولم يعد لها أي وجود!! ويستشهدون باستخدام الكتاب لتعبير وكلمة " إنجيل " تحت أكثر من مسمى، فيقولون أن العهد الجديد يذكر: " إنجيل المسيح "، و " إنجيل يسوع المسيح "، و " إنجيل ربنا يسوع المسيح "، و " إنجيل ابنه "، و " إنجيل مجد المسيح "، و " إنجيل الله "، و " إنجيل آخر " (غل1: 6)، و " إنجيل الغرلة "، و " إنجيل الختان "، و " إنجيل خلاصكم "، و " إنجيل السلام "، و " إنجيل مجد الله المبارك "، كما يكرر القديس بولس تعبير " إنجيلي "، و " الإنجيل الذي بشرت به "، " الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم "(1). أي تصوروا أن كل اسم من هذه الأسماء هو إنجيل مختلف عن الآخرين!! كما تصوروا أن الإنجيل الذي يتحدث عنه القديس بولس الرسول يعبر عن إنجيل معين يختلف عن الآخرين، هو " إنجيل بولس ". أي أنه كان هناك، بحسب هذا الفهم الخاطيء حوالي أربعة عشر إنجيلا على الأقل مذكوراً في العهد الجديد غير الأناجيل الأربعة المعروفة!! وراحوا يسخرون ويتساءلون قائلين: أين هي هذه الأناجيل؟ ولماذا لا توجد الآن؟ وهل فقدت أم أُتلفت أم حُرقت؟ بل وراحوا يزايدون في قولهم أن هذه الأناجيل لو وجدت لكشفت الكثير مما يحاول، من يسمونهم بالنصارى، إخفاءه!! وهكذا يقولون كلاماً عشوائياً مرسلاً لا دليل عليه سوى تخيلات وتهيؤات وأماني كاذبة وأحلام يقظة، بل ويخترعون القصة ثم يصدقونها!! وهذا يذكرني بأسطورة المثال اليوناني، بيجمليون، الذي صنع تمثالاً رائعاً لامرأة جميلة ومن فرط جمالها أحبها وتمنى من الآلهة أن تحولها إلى امرأة حقيقية لتكون محبوبته!! وهكذا هؤلاء أيضاً فقد صنعوا أسطورة أعجبتهم ومن شدة إعجابهم بها صدقوها وراحوا يكررونها في الكثير من المقالات والكتب!!

ولكي نوضح الحقيقة نقول لهؤلاء وغيرهم أن كلمة إنجيل بمشتقاتها (إنجيل والإنجيل وبإنجيل وبالإنجيل وإنجيلنا وإنجيلي) وردت في العهد الجديد 67 مرة؟ وتكررت كلمة " إنجيل " و " بالإنجيل " وحدها 24 مرة وفي معظمها تعني " إنجيل المسيح "؛ " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله " (مر1: 1)؟ " ملء بركة إنجيل المسيح " (رو29: 15)(2)، و " إنجيل ربنا يسوع المسيح "، " لأني لست استحي بإنجيل المسيح " (رو1: 16و 19)، " بقوّة آيات وعجائب بقوة روح الله. حتى أني من أورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح " (رو15: 19). وإنجيل ابنه، ابن الله، المسيح " فان الله الذي اعبده بروحي في إنجيل ابنه (المسيح) " (رو9: 1)، ويوصف أيضا ب " إنجيل مجد الله المبارك " (1تي11: 1). و " إنجيل خلاصكم " (أف13: 1). و " إنجيل السلام " (أف15: 6). و" إنجيل الله " (1تس8: 2؛ 1بط17: 4)؟ " نكرز لكم بإنجيل الله " (1تس2: 9)، " نكلمكم بإنجيل الله " (1تس2: 2). فإنجيل المسيح هو إنجيل الله.

وقد وردت كلمة " الإنجيل " معرفة 31 مرة وكلها تعني جوهر كرازة وعمل المسيح والبشارة به أو الكرازة بعمل الخلاص الذي تم فيه؟ فالمسيح نفسه؟ شخصه وعمله وتعليمه هو جوهر الإنجيل؟ هو الإنجيل عملياً. يقول الرب يسوع المسيح عن المرأة التي مسحته بالطيب " الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضا بما فعلته هذه تذكارا لها " (مت26: 13؛مر14: 9)؟ ويربط بين نفسه وبين الإنجيل " فان من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها. ومن يهلك نفسه من اجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلّصها " (مر8: 35)؟ " فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس احد ترك بيتا أو أخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو امرأة أو أولادا أو حقولا لأجلي ولأجل الإنجيل " (مر10: 29).

وكلمة " إنجيل " في اللغة اليونانية هي " إيوانجليون εύαγγελιον - euangelion " وتعنى بصورة عامة " الأخبار السارة " أو " البشارة المفرحة "(3) good News. وقد أخذت كما هي تقريباً في اللاتينية والقبطية " إيفانجليون evangelion " وبنفس المعنى ويرادفها في اللغة العبرية " بشارة " أو " بُشرى " وقد وردت في العهد القديم ست مرات بمعنى البشارة أو البشرى بأخبار سارة(4) أو المكافأة على أخبار سارة. ويرادفها في اللغة العربية أيضاً " بشارة " كما تنطق أيضاً " إنجيل "(5).

وتعنى كلمة " إنجيل " في العهد الجديد بصفة عامة " إنجيل المسيح "، وتعني في الأناجيل الأربعة بصفة خاصة " بشارة (إنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت " (مت23: 4)، " بشارة (إنجيل - εύαγγελιον- euangelion) ملكوت الله " (مر14: 1) الذي جاء في شخص وكرازة المسيح. فالمسيح هو ملك هذا الملكوت والمبشر والكارز به أيضاً:

" وكان يسوع يطوف كل الجليل ويُعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب " (مت23: 4؛35: 9)؟ وأعد تلاميذه للكرازة بهذا الملكوت وقال لهم " ويكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم " (مت14: 24)؟ والكلمة المترجمة " بشارة " في هذه الآيات هي " إيوانجليون - εύαγγελιον euangelion "، أي " إنجيل الملكوت " كما ترجمت " بشارة " و " إنجيل " في آية واحدة:

" جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον euangelion) ملكوت الله. ويقول قد كمل الزمان وأقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل (εύαγγελιον euangelion) " (مر14: 1).

إذا فكلمة إنجيل في حد ذاتها تعني البشارة بملكوت الله الذي هو ملكوت المسيح ذاته، ومحتواها وجوهرها هو شخص المسيح ذاته، كما يقول الإنجيل نفسه " جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به إلى اليوم الذي أرتفع فيه " (أع1: 1و2)، المسيح في شخصه وعمله وتعليمه، هو ذاته، الرسالة والبشارة والإنجيل، محور الإنجيل وجوهره، هدفه وغايته، كما أنه هو أيضاً حاملها وباعثها ومقدمها إلى العالم.

ويلخص القديس بولس الرسول جوهر الإنجيل بقوله بالروح القدس " وأعرّفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه أيضاً تخلصون أن كنتم تذكرون أي كلام بشرتكم به إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثا. فأنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا أن المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب. وانه دفن وانه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وانه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ أكثرهم باق إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين. وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أنا " (1كو15: 1-8).

إذا لا يوجد سوى إنجيل واحد هو إنجيل المسيح وأن كان الكتاب المقدس قد استخدم له تسميات متنوعة كلها تؤكد أنه إنجيل ملكوت الله أو إنجيل المسيح.

2 – هل هناك رسائل مفقودة من العهد الجديد؟

وكما تخيلوا وتوهموا، خطأ وبغير معرفة، وجود أناجيل ضائعة أو مفقودة توهموا أيضاً أن هناك رسائل، خاصة للقديس بولس، ذكرها العهد الجديد ولكنها غير موجودة الآن!! وعلى سبيل المثال يقول أحدهم تحت عنوان: " الكتاب المقدس يستشهد بأسفار غير موجودة "، بعد أن راح يبكي ويلطم على ميت لم يخلق من الأساس ولم يكن له وجود في يوم من الأيام إلا في خياله!! مثله مثل المخصي الذي جلس يبكي على أبنه المتوفى وهو لم يتزوج مطلقا بل ولا يصلح من الأساس للعلاقات للزوجية، لأنه مخصي منذ طفولته!!

" إن من أشد العجب ولا أدري حقيقة كم من العجب والدهشة تصيب من يقرأ هذا الكتاب حتى أنه من المفروض أن من يقرأ هذه الكتاب يصاب بحالة مرضية عجيبة يلتصق فيها حاجباه بمنبت شعره وتظل عيناه مفتوحتان على الدوام وفمه مفتوح وتصيبه حالة مزمنة من الدهشة والعجب على ما يجده في هذا الكتاب، إنها كارثة بمعنى كلمة كارثة، ما نراه في ذلك الكتاب انه يستشهد بكتب وأسفار ويحكي عن كتب غير موجودة ويبدو أن هذه الأسفار والكتب كانت موجودة بالفعل في الكتاب المقدس وكانت مقروءة بين أيدي الناس ولهذا يستشهد كاتب الكتاب المقدس بها على أنها موثوقة ومن الممكن مراجعتها لأي إنسان إن أراد أن يراجع ما يرويه الكاتب في الكتاب فكاتب الكتاب يستشهد بها ليدل على رأي معين أو يثبت صحة قوله في أمر آخر وهو يحث الناس ويأمرهم على مراجعة ما يقوله لهم في هذه الكتب أو الأسفار التي يحكي عنها ويستشهد بها، وبعض هذه الأسفار كانت من الثقة بحيث أن كل الناس يعلمون عنها وتحكي أمور مهمة يعلمها الجميع كما ستقرأ أدناه في النصوص ".

ثم يضيف: " وإني أتساءل 00 لماذا يستشهد الله في كتابه بأسفار وكتب غير موجودة في الحقيقة؟؟ وأين تلك الكتب التي استشهد بها الله في كتابه؟؟ أين ذهبت تلك الكتب ولماذا أخفاها النصارى أو فقدوها؟؟؟ ولو أنها ليست وحيا إلهيا فهل يستشهد الله بكتب يعلم أن البشر سيفقدونها ولن تكون موجودة بعد ذلك؟؟ ألم يكن الله بقادر على حماية تلك الكتب من الاندثار أو الإزالة؟ ماذا كان مكتوباً في هذه الأسفار والكتب؟؟ ومن الذي كتبها؟؟ هل كان فيها نبؤات معينة؟؟ هل كان فيها شرائع وأحكام؟؟ متى وأين ولماذا ومئات الأسئلة التي تطرح في هذا الأمر ولا نجد لها إجابة ... وعلى العموم فقد اقتبست بعض (وأقول أيضا هنا بعض وليس كل) الفقرات التي تحكي عن هذه الكتب وتذكر لنا أسماءها كما سترى ". وبعد ذكره لأسماء هذه الكتب يقول متسائلاً: " أين ذهبت تلك الكتب؟؟ أليست من كلام الله؟ ولماذا تركها النصارى وأين أخفوها؟؟؟ ".

وراح يذكر بعض ما تصور أنه أسفار مفقودة في العهد الجديد فذكر قوله: " بل بالعكس إذ رأوا أني اؤتمنت على انجيل الغرلة كما بطرس على انجيل الختان " (غل2: 7). وقال أن هناك " رسائل مفقودة: من رسالة كولوسي (كو4: 16): " ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرأ أيضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقرأونها انتم أيضا ". أين الرسالة التي من اللاودكيه؟ و " كتبت إليكم في الرسالة أن لا تخالطوا الزناة "، أين هذه الرسالة؟ " (1كو5: 9)، فكتابات بولس المرسلة هنا وهناك الموجودة في العهد الجديد كلها رسائل فأين إذن الرسالة المشار إليها في النص؟ الإجابة بكل وضوح إنها مفقودة!!

والسؤال هنا هل هناك رسائل مفقودة من العهد الجديد؟ وما معنى قول القديس بولس بالروح: " كتبت إليكم في الرسالة "؟ وما هي الرسالة إلى " لاودكية

أولاً بالنسبة لقوله " كتبت إليكم في الرسالة أن لا تخالطوا الزناة ": نؤكد أن الكلمة اليونانية المستخدمة هنا " كتب إليكم "، هي " εγραψα " من " γράφω "، ويمكن أن تعني " كتبت - I wrote " و " أكتب - I am writing ". وفي هذا الفصل (الإصحاح) يتكلم القديس بولس عن الزنى والزناة لذا يقول لهم، كتبت إليكم ما أكتبه أو ما كتبته الآن، أو أكتب إليكم ما أقوله الآن، في هذه الرسالة، وهو: " يسمع مطلقا أن بينكم زنى وزنى هكذا لا يسمى بين الأمم حتى أن تكون للإنسان امرأة أبيه. أفأنتم منتفخون وبالحري لم تنوحوا حتى يرفع من وسطكم الذي فعل هذا الفعل ... كتبت إليكم في الرسالة (أو أكتب إليكم في هذه الرسالة) أن لا تخالطوا الزناة. وليس مطلقا زناة هذا العالم أو الطماعين أو الخاطفين أو عبدة لأوثان وألا فيلزمكم أن تخرجوا من العالم. وأما الآن فكتبت إليكم (أي كتبت إليكم الآن في هذه الرسالة) أن كان احد مدعو أخا زانيا أو طماعا أو عابد وثن آو شتاما أو سكيرا أو خاطفا أن لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا. لأنه ماذا لي أن أدين الذين من خارج.ألستم انتم تدينون الذين من داخل. أما الذين من خارج فالله يدينهم. فاعزلوا الخبيث من بينكم " (1كو5: 1-13).

وباختصار هو يقول لهم كتبت إليكم أو أكتب إليكم في هذه الرسالة ما أقوله الآن ولا يقصد رسالة أخرى كما تصور البعض وفهم خطأ!! كما رأى البعض أن القديس بولس بعد أن كتب الرسالة عاد ووضع هذه الجملة أو الآية كتوضيح لما كتبه في نفس الرسالة ونفس الفصل.

ثانيا بالنسبة لحديثه عن رسالة باسم " لاودكية " فالتعبير المستخدم في الكتاب هو " الرسالة التي من لاودكية καὶ τὴν ἐκ Λαοδικείας - Teen ek Laodikeias - The epistle from Laodicaea " وليس الرسالة إلى لاودكية "، فهي ليست رسالة مرسلة إلى لاودكية بل خرجت من لاودكية، حيث يستخدم هنا تعبير " ἐκ ek " والذي يعني بحسب قواميس اللغة اليونانية " من، بين، خارج – from, out - after, among ". ولذا فهي ليست رسالة إلى لاودكية بل خارجة من لاودكية، وقد نقل الآباء، خاصة ترتليان، عن مركيون قوله أنها هي نفسها الرسالة إلى أفسس(6). وهذه ما صدق عليه أيضاً العلامة هيبوليتوس بتأكيده أنها هي نفسها الرسالة إلى أفسس(7).

3 – هل هناك أسفار مفقودة من العهد القديم؟

ويقول الكاتب: " تقرأ العجب في هذه الفقرات الآتية التي تحكي لنا كيف أن إرميا النبي كتب أحد الأسفار وأعطاه لسرايا ليقرآه عند دخوله مدينة بابل التي ستخرب ثم يربطه بحجر ويلقيه في وسط نهر الفرات!!! العجيب حقاً أن بعض الناس يعتقدون أن الكتاب المقدس من المستحيل أن يفقد منه أو يحرف فيه، وأنا بدوري أتساءل كيف ألقي ذلك السفر في نهر الفرات وماذا عن الكلام الوارد فيه؟؟ أليس وحياً من الرب؟ هل كانت هناك نسخة أخرى من السفر عند إرميا؟ بالطبع لا ولكن النصارى أصابهم الهوس من كثرة الأسفار الضائعة من كتابهم ولا يعلمون عنها شئاً، أين ذهب وكيف اختفت وهل هي وحي من الرب أم أنها أسفار تاريخية؟ كثير من الأسئلة تلح على العقل ولا نجد إجابة مقنعة فأنقل الفقرات من سفر إرميا 51 عدد60-64 كما يلي:

إرميا51 عدد60: فكتب ارميا كل الشر الآتي على بابل في سفر واحد كل هذا الكلام المكتوب على بابل وقال ارميا لسرايا إذا دخلت إلى بابل ونظرت وقرأت كل هذا الكلام فقل أنت يا رب قد تكلمت على هذا الموضع لتقرضه حتى لا يكون فيه ساكن من الناس إلى البهائم بل يكون خربا أبدية. ويكون إذا فرغت من قراءة هذا السفر انك تربط فيه حجرا وتطرحه إلى وسط الفرات وتقول هكذا تغرق بابل ولا تقوم من الشر الذي أنا جالبه عليها ويعيون. إلى هنا كلام ارميا ".

والغريب أن ما يفعله هذا الكاتب وأمثاله لهو العجب ذاته!! لأنه من الواضح أنه لم يقرأ سفر ارميا على الإطلاق بل نقل كلام عن غيره دون أن يفهمه أو يعي فيه شيئاً!! أولاً لأن نص النبوة الذي يتباكى عليه موجود في نفس الإصحاح والإصحاح السابق له(8) أي الإصحاحين 50 و51، كما أن كتابتها في سفر مستقل وقراءته أمام المسبيين ثم إلقائه في النهر وإغراقه في مياهه كان رمزا أن بابل لن تقوم لها قائمة فيما بعد، فقد كانت النبوة خاصة بمصير بابل المحتوم وهو الدمار والخراب وإلقاء النبوة أو السفر الذي كتبت فيه النبوة وإغراقه في مياه النهر وبالتالي دماره كان يشير إلى مصير بابل الذي هو الخراب!! ولو كان هذا الكاتب قد قرأ الإصحاح الذي أقتبس بعض الآيات منه لكان قد عرف أن النبوة مكتوبة في سفر ارميا ولم تغرق أما ما غرق فهو السفر الذي كتبت فيه النبوة بشكل مستقل لتقرأ ثم تغرق ويكون غرقها رمزا لحتمية إتمام النبوة. ولكن ماذا نقول لأناس لا صلة لهم بالبحث عن الحقيقة أو أتباع المنهج العلمي والمنطق وإنما كل همهم هو التشكيك في الكتاب المقدس بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة!! سوى قول الكتب " السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول " (مت24: 35؛مر13: 31؛لو21: 33)، " أنا ساهر على كلمتي لأجريها " (ار1: 12).

وراح عدد كبير من الكتاب يستخدمون الآيات التي تتكلم عن كتب مدنية كانت خاصة ببني إسرائيل كشعب مثل " سفر ياشر " و " كتاب حروب الرب " و " أمور سليمان " وغيره الكثير من ملوك بني إسرائيل، ويزعمون بغير معرفة ولا علم أن هناك عشرات الكتب أو الأسفار المقدسة التي يذكرها العهد الجديد ولم يعد لها وجود على الإطلاق!! هكذا دون علم أو بحث أو دراسة أو منطق فقط ادعاءات لا أساس لها ولا اصل ولا هدف لها سوى التشكيك في صحة الكتاب المقدس!! ولوا درسوا قليلاً وحاولوا، ولو من باب المعرفة فقط دون الإيمان، لعرفوا الكثير من الحقائق التي غابت عنهم!! ومن هذه الحقائق أنه كان لكل شعب سجلاته المدنية وخاصة سجلات الملوك، أعمالهم وما لهم وما عليهم، والتي كانوا يسمونها حوليات أو أعمال الملوك، مثل حوليات تاسيتوس المؤرخ الروماني الشهير وغيره، وكانوا يدونون فيها أمور الملوك والممالك في سجلات سنوية تسمى حوليات، كما كانت تسمى أيضاً في العهد القديم " سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل أو يهوذا ". ونظرا لصلة شعب إسرائيل قديما بالإمبراطورية الفارسية وملوك فارس فقد ذكر سفر أستير والتي كانت إحدى زوجات الملك الفارسي احشويروش تسجيل أعمال ابن عمها ومربيها مردخاي في سجلات ملوك فارس: " وكل عمل سلطانه وجبروته وإذاعة عظمة مردخاي الذي عظّمه الملك أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك مادي وفارس " (استير10: 2).

وهناك حقيقة هامة وهي أن شعب إسرائيل كان هو شعب الله المختار وكان يحكم بالشريعة الإلهية التي أعطاها الله لموسى النبي، وكان حكامه في البداية هم الأنبياء والقضاة الذين ابتدأوا بموسى النبي كليم الله والذي قال عنه الكتاب أنه " الذي عرفه الرب وجها لوجه في جميع الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في ارض مصر بفرعون وبجميع عبيده وكل أرضه وفي كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل " (تث34: 10-12)، وانتهوا بصموئيل النبي. ثم بعد ذلك عن طريق الملوك الذين كانوا يمسحون بالدهن المقدس كمسحاء للرب، والذي وصفهم الله ب " مسحائي " (1أخ16: 22؛مز15: 15). وكان يعاون هؤلاء الملوك أنبياء وراءُون مثل صموئيل النبي وناثان النبي وجاد النبي ويعدو الرائي(9)، وفيما بعد اشعياء وارميا ثم عزرا الكاهن والكاتب. وهؤلاء هم الذين كانوا يسجلون حوليات الملوك تحت اسم " أعمال " الملك الفلاني. وهؤلاء أيضا هم الذين سجلوا ودونوا بالروح القدس الأسفار التاريخية " أسفار صموئيل وملوك ":

V " وأمور (أعمال) داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي " (1اخ29: 29).

V " وبقية أمور (أعمال) سليمان الأولى والأخيرة أما هي مكتوبة في أخبار ناثان النبي وفي نبوّة اخيا الشيلوني وفي رؤى يعدو الرائي على يربعام بن نباط " (2اخ9: 29).

V " وأمور (أعمال) رحبعام الأولى والأخيرة أما هي مكتوبة في أخبار شمعيا النبي وعدّو الرائي عن الانتساب " (2اخ12: 15).

V " وبقية أمور (أعمال) آبيا وطرقه وأقواله مكتوبة في مدرس النبي عدّو " (2اخ13: 22).

V " وبقية أمور (أعمال) يهوشافاط الأولى والأخيرة ها هي مكتوبة في أخبار ياهو بن حناني المذكور في سفر ملوك إسرائيل " (2اخ20: 34).

V " واما بنوه وكثرة ما حمل عليه ومرمّة بيت الله ها هي مكتوبة في مدرس سفر الملوك " (2اخ24: 27).

V " وصلاته والاستجابة له وكل خطاياه وخيانته والأماكن التي بنى فيها مرتفعات وأقام سواري وتماثيل قبل تواضعه ها هي مكتوبة في أخبار الرائين " (2اخ33: 19).

فقد دون هؤلاء الأنبياء، المؤرخين، أو كما يسميهم العلماء في الوقت الحالي " أنبياء البلاط "، تاريخ شعب الله وأخبار قضاته وأعمال ملوكه وقادته ورسائل الملوك والقادة من بعد يشوع وحتى عزرا ونحميا في سجلات مكتوبة خاصة بهم وفي حوليات كانت تحفظ في قصور الملوك، وكانت هذه الحوليات التي كتبها هؤلاء الأنبياء في متناول الجميع ومعروفة للجميع، ولما كتبوا ودونوا الأسفار التاريخية وأسفارهم هم؛ أسفار صموئيل وإشعيا وإرميا ونحميا وعزرا، بالروح القدس، كانت هذه السجلات هي المصدر الأول لكتابة الأسفار التاريخية، التي كتبها هؤلاء الأنبياء أنفسهم بالروح القدس، كشهود عيان ومعاصرين للأحداث ومحركين لها باعتبارهم الناطقين بفم الله والمتحدثين باسمه والممثلين له والوسطاء بينه وبين الملوك والقادة والشعب. ومن هنا يسجل لنا العهد القديم نماذج من هذه الأعمال، أعمال ملوك شعب الله ومسحائه لنعرف ما يحب علينا أن نعرفه من هذا التاريخ وليكن لنا فيما جاء فيه عبرة ومثال، كما يقول الكتاب: " لأن كل ما سبق فكتب كتب لأجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء " (رو15: 4). ولذا نجد تماثل بل وتطابق تام بين جزء من الإصحاحات التاريخية في سفر اشعياء (36 – 39) مع (2مل18: 13- 20: 20). ولذا يشير سفر أخبار الأيام لهذه الحقيقة قائلا: " وبقيت أمور (أعمال) حزقيا ومراحمه ها هي مكتوبة في رؤيا اشعياء بن آموص النبي في سفر ملوك يهوذا وإسرائيل " (2اخ32: 32). وهنا نلاحظ أن سفر الملوك يذكر قسم من الأحداث الخاصة بالملك حزقيا ويشير إلى بقية تفاصيلها في الحوليات المدنية فيقول: " وبقية أمور (أعمال) حزقيا وكل جبروته وكيف عمل البركة والقناة وادخل الماء إلى المدينة أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل20: 20). كما يشير سفر الأخبار لمرثاة ارميا النبي التي رثى بها يوشيا الملك بقوله: " ورثى ارميا يوشيا. وكان جميع المغنين والمغنيات يندبون يوشيا في مراثيهم إلى اليوم وجعلوها فريضة على إسرائيل. وها هي مكتوبة في المراثي " (2اخ35: 25).

وهكذا يذكر العهد القديم نموذجاً من أعمال ملوك إسرائيل ويهوذا ويشير لمعاصري الأنبياء بالرجوع، إذا أرادوا، لسجلات أعمال هؤلاء الملوك فيقول: " وبقية أمور (أعمال) سليمان وكل ما صنع وحكمته أما هي مكتوبة في سفر أمور (أعمال) سليمان " (1مل41: 11). وهكذا بقية الملوك(10).

أما " سفر ياشر " فهو كما أثبتت الدراسات الحديثة عبارة عن كتاب شعر عبري كان يستخدمه بنو إسرائيل في أيام يشوع بن نون وصموئيل وهو كتاب غير موحى به، وتقول الدراسات الحديثة، بحسب ما أوردته دائرة المعارف اليهودية (Jewish Encyclopedia) وخاصة ما قاله المفسر اليهودي Levi b. Gershon " أنه كان كتابا خاصاً فقد أثناء السبي " وقد أيده في ذلك الكثير من العلماء.

" حينئذ كلم يشوع الرب يوم اسلم الرب الآموريين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس دومي على جبعون ويا قمر على وادي ايلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر. فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده سمع فيه الرب صوت إنسان. لأن الرب حارب عن إسرائيل " (يش10: 12 – 14).

وما يقال عن سفر ياشر يقال أيضاً عن " سفر حروب الرب "، حيث يقول العلماء أنه مرتبط بالموقع الجغرافي لارنون " لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية ارنون " (عد21: 14)، وهو كتاب شعري غير موحى به يحتوى على قصائد شعرية تحتفل بالانتصارات الإسرائيلية بقيادة الرب يهوه على أعدائهم، وهو مثيل بسفر ياشر: " وارتحل بنو إسرائيل ونزلوا في اوبوت. وارتحلوا من اوبوت ونزلوا في عيّي عباريم في البرية التي قبالة موآب إلى شروق الشمس. من هناك ارتحلوا ونزلوا في وادي زارد. من هناك ارتحلوا ونزلوا في عبر ارنون الذي في البرية خارجا عن تخم الأموريين.لان ارنون هو تخم موآب بين موآب والأموريين. لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية ارنون ومصب الأودية الذي مال إلى مسكن عار واستند إلى تخم موآب " (عد21: 10 – 15).

" ورثا داود بهذه المرثاة شاول ويوناثان ابنه وقال أن يتعلم بنو يهوذا نشيد القوس هوذا ذلك مكتوب في سفر ياشر الظبي يا إسرائيل مقتول على شوامخك. كيف سقط الجبابرة. لا تخبروا في جتّ. لا تبشروا في أسواق اشقلون لئلا تفرح بنات الفلسطينيين لئلا تشمت بنات الغلف. يا جبال جلبوع لا يكن طل ولا مطر عليكنّ ولا حقول تقدمات لأنه هناك طرح مجنّ الجبابرة مجنّ شاول بلا مسح بالدهن. من دم القتلى من شحم الجبابرة لم ترجع قوس يوناثان إلى الوراء وسيف شاول لم يرجع خائبا. شاول ويوناثان المحبوبان الحلوان في حياتهما لم يفترقا في موتهما. اخف من النسور واشدّ من الأسود. يا بنات إسرائيل ابكين شاول الذي ألبسكنّ قرمزا بالتنعم وجعل حليّ الذهب على ملابسكنّ. كيف سقط الجبابرة في وسط الحرب. يوناثان على شوامخك مقتول. قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان. كنت حلوا لي جدا. محبتك لي أعجب من محبة النساء. كيف سقط الجبابرة وبادت آلات الحرب " (2صم1: 17- 27).

أخيرا يقول أحد هؤلاء الكتاب: " إن ما يدعيه النصارى أن هذه كتب تاريخية ليست وحياً إلهياً وأنها مُجَرَّد كتب تاريخية كتبها الناس والرب يستشهد بها في كتابه لهو مضحكة للعقلاء بالفعل، ولا أعتقد أن من خرجوا بهذا الرأي قد قالوه عن عقل أو دراية فعلاً، فالرب يحتاج إلى أسفار تاريخية ليست وحياً إلهياً ليستشهد بها هل تتخيل ذلك؟؟ الرب يحتاج إلى كلام البشر حتى يصدق الناس كلامه هو ويتأكدون مما يقوله الرب؟ ".

وهنا نقول له ولأمثاله أن كتاب الله هو تاريخ لعلاقة الله مع البشر أو لعلاقة البشر مع الله، وكل كتاب ديني لا يأتي بكل ما فيه من عند الله بعيدا عن البشر، وكتابك المقدس، القرآن، يضم قصة سليمان والنمل وملكة سبأ والعفاريت والجن " قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ " (النمل: 39)، " حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ " (النمل: 18)، وهذه القصص موجودة في كتب أساطير اليهود!! كما يضم قصة صالح وثمود: " وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (لأعراف: 73)، وعاد وهود: " وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ " (هود: 50)، وهود " قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ " (هود: 53). وغيرهما من القصص التي كانت موجودة أصلاً في التراث العربي!! كما أنه يضم تفاصيل كثيرة عن حياة نبي المسلمين وبعض الصحابة مثل أبي لهب " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ " (المسد: 1)، وقصة زوجة زيد " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً " (الأحزاب: 37). وهذه كانت أحداث فعلية في التاريخ الإسلامي!! وغير ذلك مما كان يختص بالمجتمع الإسلامي الجديد، وهذا كله مذكور في كتب السير النبوية وهي تاريخ بشري!! وهنا نسأله ونقول له هل كان الله في حاجة لهذه الأحداث التاريخية، سواء التي حدثت مع نبي المسلمين نفسه أو القصص مثل قصص عاد وثمود و " إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ " (الفجر: 7)؟؟!!

الفصل الثانى

الأسفار التي يزعمون أنها مفقودة من العهد الجديد!!

1 - الأسفار التي يزعمون أنها مفقودة من العهد الجديد!!

يزعم البعض من الكتاب غير المسيحيين في كتب كثيرة وفي عشرات المواقع على النت، بل وفي كثير من المحطات الفضائية وغيرها، وجميعها تنقل بعضها عن بعض، أن هناك العشرات من الأسفار أو الكتب المقدسة التي يذكرها الكتاب المقدس بأسمائها سواء في العهد القديم أو العهد الجديد دون أن يكون لها أي وجود الآن!! وراحوا يدّعون بغير علم ولا معرفة أو دراسة حقيقية وعلمية للكتاب المقدس أو مفاهيمه ومصطلحاته وبيئته وخلفياته التاريخية والحضارية والثقافية والدينية التي كتب إثناءها وبمفاهيمها ومصطلحاتها، أن هذه الكتب أو الأسفار هي كتب وأسفار مقدسة وموحى بها! ثم راحوا يتساءلون؛ أين هي هذه الأسفار؟ وهل فقدت وضاعت، وكيف ولماذا؟ أم تم حذفها ولماذا؟ وراح البعض يسألوننا؛ كيف تؤمنون بكتاب مقدس ضاع منه الكثير من الأسفار المقدسة.

والغريب أنهم يذكرون أسماء كتب لا يعرفون عنها شيئاً بل ولا يعرفون حتى أن ينطقوا بأسمائها!! فقط نقلوها عن بعض الكتب التي كتبها نقاد المسيحية في أوربا وبصفة خاصة التي أصدرتها مدارس النقد الألمانية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، وتجاهلوا الكتب المسيحية التي ردت عليها، بل وقبل اكتشاف مخطوطات قمران سنة 1945م، والتي كشفت الكثير من مخطوطات العهد القديم ومخطوطات الكتب التي تشرح العهد القديم وكتب علماء اليهود التي كتبوها في الفترة ما بين العهدين والتي أوضحت لنا الفكر اليهودي قبل المسيح. وقبل اكتشاف مخطوطات نجع حمادي سنة 1947م والتي كشفت عن معظم الكتب التي كتبها الهراطقة الغنوسيون الذين كتبوا عشرات الكتب وأسموها بأسماء أسفار العهد الجديد مثل ما يسمى بإنجيل فيليب وأعمال يوحنا 00 الخ والتي تمت ترجمتها وبدأ نشرها ابتداء من سنة 1975م وقد قمنا بترجمتها إلى العربية ونشرنا الجزء الأول منها وقريبا سينشر الجزء الثاني والثالث 00 الخ

فقط هللوا لها دون أن يقرءوها أو يعرفوا محتواها مع أنها متاحة أمامهم الآن سواء في كتب أو على عشرات من مواقع النت. ولكنهم للأسف لم يقرءوها بل اعتمدوا على النقل مما سبق أن كتبه الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه أظهار الحق الذي كتبه في القرن الثامن عشر قبل أن تكتشف هذه الكتب، والذي نقل مادته الأساسية عن مدارس النقد الألمانية الإلحادية!! وما كتبه غيره وهو في الأغلب نقلا عنه أيضاً مثل الدكتور محمد وصفي في كتابه: " المسيح بين الحقائق والأوهام "!! بل والأغرب من ذلك فأن من كتب منهم قبل اكتشاف هذه الكتب، الأبوكريفية، وقبل ترجمتها ومعرفة محتواها راح يخمن ويتخيل محتواها وما تتضمنه طبقا لمعتقداته وبحسب أهوائه وتمنياته وخياله الذي تصور أن الكثير مما كتب قبل القرن السابع الميلادي يخدم فكره وديانته، هكذا دون سند أو دليل أو برهان!! وراح يكيل الاتهامات للمسيحية هكذا دون أي سند أو دليل، كالعادة، وليس بحسب البحث العلمي!! وعلي سبيل المثال فقد قال الشيخ محمد رشيد رضا، ناشر الترجمة العربية لإنجيل برنابا المزيف، في مقدمته لطبعة 1908م: " أننا نري مؤرخي النصرانية قد اجمعوا علي انه كان في القرون الأولى للمسيح عليه السلام أناجيل كثيرة وأن رجال الكنيسة قد اختاروا منها أربعة أناجيل ورفضوا الباقي. فالمقلدون لهم من أهل ملتهم قبلوا اختيارهم بغير بحث وسيكون ذلك شأن أمثالهم إلى ما شاء الله ".

الغريب أنه يتهم المسيحيين بما يقوم به هو نفسه!! وراح في أوهامه وتخيلاته يقول أنه: " لو بقيت تلك الأناجيل كلها لكانت أغزر ينابيع التاريخ في بابها ما قبل منها أصلا للدين وما لم يقبل ولرأيت لعلماء هذا العصر من الحكم عليها والاستنباط منها بطرق العلم الحديثة المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة مالا يأتي مثله من رجال الكنيسة الذين اختاروا تلك الأناجيل الأربعة ورفضوا ما سواها "!!

هكذا يضع تخيلاته وأوهامه وتمنياته ويتكلم بغير علم ولا دليل، ويزعم أن رجال الكنيسة اختاروا الأناجيل الأربعة دون بحث!! ورفضوا بقية الأناجيل بلا سند أو دليل!!

ويتمنى ويتخيل ويتهيأ له، في أحلام اليقظة، أنه لو ظهرت هذه الأناجيل، التي رفضها رجال الكنيسة، ودرسها العلماء بطرق العلم الحديثة وبحرية إرادة، لأظهروا ما لم يظهره رجال الكنيسة‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!

والغريب أنه وغيره يتكلمون فيما لا يعلمون ويزعمون ويدعون معرفة ما ليس لهم به من علم أو معرفة؟‍‍!! فلا الكنيسة اختارت الأناجيل الأربعة دون سند، ولا رفض رجالها الكتب الأخرى دون دليل!! وكل ما زعمه، هو وغيره، يدل علي عدم معرفة.

أولا: لأن جزء من هذه الكتب تم اكتشافه وظهر وبصفة خاصة في أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، كما تم اكتشاف مكتبة غنوسية كاملة في نجع حمادي سنة 1947م تضم معظم هذه الأناجيل المفقودة وغيرها من الكتب الغنوسية الأخرى، وهي موجودة بالمتاحف وجزء منها في مصر!! وترجمت إلى عدة لغات، وهي موجودة في متناول من يريد قراءتها أو بحثها سواء بلغاتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغات الحية كالإنجليزية مثلا!! وقد قمنا بترجمتها، جميعا إلى اللغة العربية، كما بينّا أعلاه.

ثانيا: لأن الكنيسة لم تترك هذه الفرصة لدراسة وتحليل هذه الكتب وطبقت عليها أساليب النقد الأعلى والنقد النصي وكل ما له صلة بمثل هذه الدراسات لمعرفة محتواها ومن هم الذين كتبوها وزمن كتابتها والخلفيات التي كتبت على أساسها، فهي التي سبق أن درست محتوى هذه الكتب ومضمونها ورفضتها، وقت ظهورها، في القرون الأولى لأنها لم تخرج من دائرة تلاميذ المسيح ورسله ولا كتبت في زمانهم أو زمن خلفائهم بل كتبت، جميعها فيما بين سنة 150م و450م، بل وبعضها كُتب بعد ذلك بكثير، وأن الذين كتبوها هم الهراطقة، خاصة الماركيونيين والغنوسيين والدوسيتيين الذين خلطوا بين المسيحية والفلسفة الأفلاطونية والديانات المصرية والكلدانية والفارسية، وقالوا أن المسيح، كإله، ظهر على الأرض كشبح وخيال!! لذا أسموهم بالخياليين. وكانت الكنيسة تعرفهم بالاسم:

قال القديس إيريناؤس (175م): " أن الهراطقة الماركونيين أصدروا عددا لا يحصى من الكتابات الأبوكريفية المزورة والتي زيفوها بأنفسهم ليذهلوا عقول الحمقى "(9).

وقال يوسابيوس القيصري (264-240م): " أنها معروفه عند معظم الكتاب الكنسيين، وانه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك التي يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل إنجيل بطرس وانجيل متى (المنحول) وغيرها، أو مثل أعمال أندراوس، ويوحنا، وغيرهما من الرسل، فلم يحسب أي واحد من كتاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم. وفى الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافا بينا عن أسلوب الرسل، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جدا عن الأفكار القويمة الصحيحة، وهذا دليل على أنها من صنع خيال الهراطقة، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة "(10).

وقال فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9(11) " أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، وغاصة بالحماقات والمتناقضات ". ثم يختم بقوله أنها تحوي " عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافى الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات "(12).

كما أن العلماء، علماء هذا العصر، الذين قال عنهم هذا الكاتب أنه سيكون لهم " من الحكم عليها والاستنباط منها بطرق العلم الحديثة المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة مالا يأتي مثله من رجال الكنيسة الذين اختاروا تلك الأناجيل الأربعة ورفضوا ما سواها لم يتركوا هذه الفرصة، بل درسوا هذه الكتب وحللوها وأثبتوا فسادها وأن الكنيسة كانت علي حق عندما رفضتها "، قد قاموا بدراستها بالأسلوب العلمي، الذي قال عنه، وتأكدوا من فسادها وزيفها وأنها تحتوى على قليل من الفكر المسيحي والكثير من الفكر الوثني والإيمان بآلهة عديدة لا حصر لها وأن كانت تؤكد على عدة حقائق في صلب وجوهر الإيمان المسيح صدمت هذا الكاتب وأمثاله وأحبطت أمالهم في أن تأتي هذه الكتب بما يضاد ألوهية المسيح وصلبه وفداءه للبشرية أو كما تخيلوا أنها يمكن أن تتكلم على نبي سيأتي بعد المسيح!!

قال د. سويت، في تعليقه علي إنجيل بطرس (لندن 1893) " انه حتى التفاصيل التي تبدو جديدة تماما أو التي تتعارض مع الأناجيل القانونية، يمكن أن تكون مأخوذة عنها. وختم بقوله " أنه بالرغم من الجديد فيها فليس هناك ما يضطرنا لاستخدام مصادر خارجية عن الأناجيل القانونية "(20).

وقال بروفيسور أور عن إنجيل بطرس، أيضاً، أن الأصل الغنوسي لهذا الإنجيل يبدو واضحا في قصة القيامة والمعالم الدوسيتية فيها(21).

وقال ر. هو فمانR. Hofmann عن كيفية كتابة هذه الكتب الأبوكريفية " أن الطريقة المستخدمة هي نفسها دائما، سواء كان قصد الكاتب أن يجمع ويرتب ما كان طافيا في التقليد العام، أو كان قصده أن يوجد أثرا عقيديا محدد، لقد أنهمك في عمله حقيقة، وبصفة عامة فقد صور ما ألمحت إليه الأناجيل القانونية، أو حول كلمات يسوع إلى أعمال، أو صور إتمام توقعات اليهود الحرفية عن المسيا، أو كرر عجائب العهد القديم في شكل آخر 00الخ. لقد أتم العمل وحرص على أن يخفي اسمه ويدمغ كتابه باسم أحد الرسل أو التلاميذ ليعطيه سنداًَ رسولياًَ "(22).

أخيرا يقول أ. روبرتس و. ج. دونالدسن أحد محرري موسوعة " ما قبل نيقية " أنه بينما تقدم لنا الأناجيل الأبوكريفية لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي، فان الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا، هو شعور عميق للسمو الذي لا يقاس والبساطة التي لا يمكن بلوغها والعظمة التي للكتابات القانونية "(23).

ونقول لهؤلاء الكتاب وغيرهم ومن سار ويسير على دربهم ها قد ظهرت هذه الكتب إلى الوجود وتم ترجمتها ودراستها من قبل علماء الكنيسة ورجالها ومن قبل علماء النقد الأعلى والنقد النصي والمتخصصين في المخطوطات والحفريات والآداب القديمة والحديثة وأساتذة الأديان المختلفة وهي متاحة الآن للجميع، فهل يروق لكم محتواها؟ وهل يمكن أن تجدوا فيها ما كنتم تتمنون؟ وهل تأتيكم الجراءة والشجاعة لتعلنوا، كما فعل المحايدون من العلماء، أن آباء الكنيسة الأولى الذين رفضوا هذه الكتابات كانوا على صواب؟ أم تظلون في عنادكم ومكابرتكم، كما كان يحدث وهكذا سيكون؟!! وإجابة هذه الأسئلة سنجدها في الفقرات التالية والتي اخترناها من كتابين، الأول يتميز صاحبة بالتخصص في نقد المسيحية والدين المقارن بالسعودية، والثاني يعتمد بالدرجة الأولى على ما يجمعه مما هو موجود في مواقع النت!! وهما يعبران تعبيراً صادقاً عن كل ما قلناه أعلاه:

(1) يقول الدكتور منقذ السقار في كتابه " العهد الجديد هل هو كلمة الله؟ ": " ظهر في الجيل الأول من النصرانية أناجيل كثيرة - كما تدل على ذلك مقدمة إنجيل لوقا " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة رأيت أنا أيضاً، إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به". (لوقا 1/1-4).

أولا: نظرة تاريخية في الأناجيل غير القانونية:

ورأينا كيف اعترفت الكنيسة بأربعة أناجيل، ورفضت عدداً من الأناجيل والكتب، أوصلها صاحب كتاب اكسيهومو (1810م) إلى أربعة وسبعين كتاباً، وعددها فذكر أن منها ما هو منسوب لعيسى وأمه. وللحواريين، ومنها ما هو منسوب للإنجيليين الأربعة، وأوصلها بعض الباحثين إلى ما يربو على المائة كتاب، ومنها ما هو منسوب لجماعات مسيحية قديمة كإنجيل المصريين والناصريين.

وقد سميت بعض هذه الكتب أناجيل كإنجيل بطرس واندرياه ويعقوب وميتاه (متى) وإنجيل المصريين لمرقس وبرنابا، وعددت دائرة المعارف الأمريكية أسماء ستة وعشرين إنجيلاً لا تعترف بها الكنيسة رغم نسبتها إلى المسيح وكبار حوارييه.

وقد كانت بعض هذه الكتابات والأناجيل متداولة لدى عدد من الفرق المسيحية القديمة، وظلت متداولة إلى القرن الرابع الميلادي. وفي مجمع نيقية 325م أمرت الكنيسة باعتماد الأناجيل الأربعة ورفض ما سواها من غير أن تقدم مبرراً لرفض تلك الأناجيل سوى مخالفتها لما تم الاتفاق عليه في المجمع، وفي ذلك يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون ... ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل ... إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها ... ". وأمرت الكنيسة بحرق جميع هذه الأناجيل لما فيها من مخالفات للعقيدة، وصدر قرار من الإمبراطور بقتل كل من عنده نسخة من هذه الكتب([1]).

ثانياً: ما وصل إلينا من الأناجيل المحرمة؛ وهكذا اختفت معظم هذه الأناجيل ولم يصل منها سوى إنجيل برنابا والإنجيل الأغنسطي، وثلاث قصاصات من إنجيل مريم وبعض شرائح لاتينية وإغريقية وقبطية من إنجيل برثولماوس وإنجيل نيقوديموس كما عثر أخيراً في نجع حمادي بمصر على مقتطفات من إنجيل بطرس وكتاب أعمال يوحنا. ولعل أهم ما وجد في نجع حمادي مائة وأربعة عشر قولاً منسوباً للمسيح في إنجيل توما الذي يختلف أسلوبه عن الأناجيل الأربعة، إذ لم يسرد قصة المسيح، بل نقل أقواله، ويرجع المحقق كويستر هذا الإنجيل إلى منتصف القرن الأول الميلادي، وأرجعه كيسيبل إلى 140م. وعثر أيضاً على إنجيل" الحقيقة " والذي اعتبره ايرينوس (180م) إنجيلاً مزوراً ([2]).

ثالثاً: الأدلة التاريخية على وجود هذه الأناجيل؛ وللتأكيد على وجود هذه الأناجيل في القرن الأول وحتى قبل كتابة الإنجيليين الأربعة لأناجيلهم ننقل ما ذكره لوقا في مقدمته " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا 00 رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " (لوقا 1/1 - 4). وقد استشهد كل من كليمنت الرومي (97م) وبوليكارب (112م) بأقوال للمسيح في صيغ مستقلة غير موجودة في الأناجيل الأربعة. وقد جمع فايرسيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات.

ملاحظات:

وبادئ ذي بدء فإن المحققين سجلوا حول هذه الأناجيل ملاحظات.

ò أن ثمة كتب كثيرة ظهرت في القرن الأول، وكلها منسوبة للمسيح وحوارييه.
ò أن هذه الأناجيل تخالف عقائد مجمع نيقية، وبعضها كان خاصاً بفرق مسيحية موحدة.

ò أن الكنيسة حين حرمت هذه الأناجيل، ولم تقدم أدلة على صحة القرار الذي اتخذته.

ò أنه كما لا يحق لرجال الكنيسة إعطاء صفة القانونية للأناجيل الأربعة فإنه لا يحق لهم إبطال صحة هذه الأناجيل واعتبارها أبو كريفا (مزيفة، خفية).

وقد جمع فابري سيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات. ([3])

(2) ويقول الثاني في كتابه " البهريز في الكلام اللي يغيظ "!! والذي يوحي عنوانه بمستوى كاتبه، في أولى فقرات كتابه:

" يدعى النصارى أيضاً مثل اليهود أن كتبهم قد كتبت بإلهام الروح القدس لمؤلفيها، الذين لم يكونوا تلاميذ عيسى عليه السلام، وهناك الكثير من الأدلة على ذلك تجدها في متن هذا الكتاب. فلو كان من عند الله لما وجدوا فيه اختلافاً، ولما كانت أربعة أناجيل وعدة رسائل شخصية، رفعوها من تلقاء أنفسهم إلى مصاف كلام الله ووحيه. فلماذا لم يرسل الرب إنجيلاً واحداً كما أرسل توراة واحدة هي توراة موسى المكتوبة على لوح الحجر، وكما أرسل إنجيل عيسى - ليس إنجيل متى أو مرقس أو 00 - وكما أرسل قرآناً واحداً؟

فمن المعروف كثرة الأناجيل عندهم، وتُعدِّدها دائرة المعارف الكتابية (كلمة أبوكريفا) ب 280 كتاباً: (فوتيوس: أما أكمل وأهم الإشارات إلى الأعمال الأبوكريفية فهي ما جاء بكتابات فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من القرن التاسع، ففي مؤلفه " ببليوتيكا " تقرير عن 280 كتاباً مختلفاً قرأها في أثناء إرساليته لبغداد ... لابد أن تأليف هذه الأناجيل ونشرها كانا أيسر مما عليه الحال الآن. ويبلغ عدد هذه الأناجيل نحو خمسين).

وراح يذكر أسماء لحوالي 120 كتاباً لا يعرف عنها شيئاً سوى أسمائها التي نقلها في أغلبها عن كتاب أظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي، ونقلها كما هي بأخطائها الهجائية وكلماتها التي كانت مستخدمة في القرن التاسع عشر، حتى دون أن يحاول مجرد الرجوع لتصحيحها!! بل والكثير منها لا وجود له في الأصل!! وفيما يلي ما نقله حرفياً:

(1) زبور عيسى الذي كان يعلم منه. (2) رسالة عيسى إلى بطرس وبولس. (3) رسالة عيسى إلى أبكرس ملك أديسه. (4) كتاب عيسى التمثيلات والوعظ / إظهار الحق ج 2 ص 544. (5) كتاب الشعبذات والسحر ليسوع / إظهار الحق ج 2 ص 544. (6) كتاب مسقط رأس يسوع ومريم وظئرها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (7) رسالته التي سقطت من السماء في المائة السادسة /نفس المرجع أعلاه. (8) إنجيل يعقوب ويُنسب ليعقوب الحواري. (9) آداب الصلاة وينسب ليعقوب الحواري. (10) كتاب وفاة مريم ليعقوب / إظهار الحق ج 2 ص 546 (11) إنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحواري. (12) آداب الصلاة وينسب لمتى الحواري. (13) إنجيل توما وينسب لتوما الحواري. (14) أعمال توما وينسب لتوما الحواري. (15) إنجيل طفولية يسوع / إظهار الحق ج 2 ص 546. (16) مشاهدات توما / إظهار الحق ج 2 ص 546. (17) كتاب مسافرة توما / إظهار الحق ج 2 ص 546. (18) إنجيل فيليب ويُنسب لفيليب الحواري. (19) أعمال فيليب وينسب لفيليب الحواري. (20) إنجيل برنابا. (21) رسالة برنابا. (22) إنجيل برتولما ويُنسب لبرتولما الحواري. (23) إنجيل طفولة المسيح ويُنسب لمرقس الحواري. (23) إنجيل المصريين ويُنسب لمرقس الحواري. (24) آداب الصلاة وينسب لمرقس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (25) كتاب بي شن برنيّار وينسب لمرقس / إظهار الحق ج 2 ص.546. (25) إنجيل بيكوديم وينسب لنيكوديم الحواري. (26) الإنجيل الثاني ليوحنا الحواري. (27) أعمال يوحنا (ذكره أوغسطينوس). (28) كتاب مسافرة يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (29) حديث يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (30) رسالته إلى هيدروبك / إظهار الحق ج 2 ص 545. (31) كتاب وفاة مريم ليوحنا / إظهار الحق ج 2 ص.545. (32) تذكرة المسيح ونزوله من الصليب / إظهار الحق ج 2 ص 545. (33) المشاهدات الثانية ليوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (34) آداب صلاة يوحنا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (35) إنجيل أندريا وينسب لأندريا الحواري. (36) أعمال أندريا / إظهار الحق ج 2 ص 545. (37) إنجيل بطرس وينسب لبطرس الحواري. (38) أعمال بطرس وينسب لبطرس الحواري. (39) مشاهدات بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 544. (40) مشاهدات بطرس الثانية / إظهار الحق ج 2 ص 544. (41) رسالة بطرس إلى كليمنس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (42) مباحثات بطرس وأى بَيْن / إظهار الحق ج 2 ص 545. (43) تعليم بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (44) وعظ بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (45) آداب صلاة بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (46) كتاب قياس بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (47) كتاب مسافرة بطرس / إظهار الحق ج 2 ص 545. (48) إنجيل متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (49) أعمال متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (50) حديث متياس / إظهار الحق ج 2 ص 546. (51) إنجيل الأثني عشر رسولا. (52) إنجيل السبعين وينسب لتلامس. (53) أعمال بطرس والاثنى عشر رسولا. (54) إنجيل تهيودوشن / إظهار الحق ج 2 ص 547. (55) إنجيل برتولماوس. (56) إنجيل تداوس. (57) إنجيل ماركيون. (58) إنجيل باسيليوس. (59) إنجيل العبرانيين أو الناصريين. (61) إنجيل الكمال. (62) إنجيل الحق. (62) إنجيل الأنكرتيين. (63) إنجيل أتباع إيصان. (64) إنجيل عمالانيل. (65) إنجيل الأبيونيين. (66) إنجيل أتباع فرقة مانى. (67) إنجيل أتباع مرقيون (مرسيون). (68) إنجيل الحياة (إنجيل الله الحى). (69) إنجيل أبللس (تلميذ لماركيون). (70) إنجيل تاسينس. (71) إنجيل هسيشيوس.(72) إنجيل اشتهِرَ باسم التذكرة. (74) إنجيل يهوذا الإسخريوطى. (75) إنجيل بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (76) أعمال بولس. (77) أعمال تهكلة وتنسب لبولس / إظهار الحق ج 2 ص.547. (78) رسالة بولس الثالثة إلى أهل تسالونيكى. (79) رسالة بولس الثالثة إلى أهل كورنثوس. (80) رسالته إلى لاودقيين / إظهار الحق ج 2 ص 547. (81) رسالته كورنثوس إليه وجوابه عليها / إظهار الحق ج 2 ص 547. (82) رسالته إلى سنيكا وجوابه عليها / إظهار الحق ج 2 ص 547. (83) مشاهدات بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (84) المشاهدات الثانية لبولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (85) وِزَن بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (86) أنابى كشن بولس / إظهار الحق ج 2 ص 547. (87) وعظ بولس / إظهار الحق ج 2 ص 548. (88) كتاب رقية الحية / إظهار الحق ج 2 ص 548. (89) برى سبت بطرس وبولس / إظهار الحق ج 2 ص 548. (90) أعمال بطرس وأندراوس. (91) أعمال بطرس وبولس. (91) رؤيا بطرس. (92) إنجيل حواء (ذكره أبيفانيوس). (93) مراعى هرماس. (94) إنجيل يهوذا. (95) إنجيل مريم. (96) رسالة مريم إلى أكناشس / إظهار الحق ج 2 ص 544. (97) رسالة مريم إلى سى سيليان / إظهار الحق ج 2 ص 544. (98) كتاب مسقط رأس مريم / إظهار الحق ج 2 ص 544. (99) كتاب مريم وظئرها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (100) تاريخ مريم وحديثها / إظهار الحق ج 2 ص 544. (101) كتاب معجزات يسوع / إظهار الحق ج 2 ص.544 (102) كتاب السؤالات الصغار والكبار لمريم / إظهار الحق ج 2 ص 544. (103) كتاب نسل مريم والخاتم السليماني / إظهار الحق ج 2 ص 544. (104) أعمال بولس وتكلة. (105) سفر الأعمال القانوني. (106) أعمال أندراوس. (107) رسالة يسوع. (108) راعى هرماس. (109) إنجيل متياس. (110) إنجيل فليمون. (111) إنجيل كيرنثوس. (112) إنجيل مولد مريم. (113) إنجيل متى المُزيَّف. (114) إنجيل يوسف النجار. (115) إنجيل انتقال مريم. (116) إنجيل يوسيفوس. (117) سفر ياشر.

وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حالياً الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أيضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا "1: 1-4

2 – التعليق على هذه الادعاءات:

(1) وعند قراءتنا لما كتبه الدكتور منقذ السقار نجد أنه يعرف جيدا أن الغالبية العظمى من الكتب الأبوكريفية قد تم اكتشافها بل وترجمتها ومع ذلك لم يحاول الرجوع إليها بنفسه ومقارنتها ومحاولة معرفة الفرق بينها وبين الأسفار القانونية الموحى بها، بل أكتفى فقط بنقل ما كتبه بعض الكتاب الذين لم يقرءونها والذين اعتمدوا بدورهم على ما سبق أن كتبه الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه أظهار الحق في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والذي أعتمد يدوره على ما نقله عن مدارس النقد والتشكيك، خاصة الألمانية، والتي تكلمت عن هذه الكتب أيضاً قبل اكتشافها وترجمتة نصوصها ومعرفة محتواها من خلال نصوصها ذاتها وليس مما نقل عنها نظرياً؟؟!!

(2) نلاحظ أن سيادته تكلم عن وجود هذه الكتب الأبوكريفية عند بعض الفرق المسيحية في القرون الأولى واستخدامها دون أن يقول لقرائه؛ من هي هذه الفرق؟ وبماذا كانت تؤمن؟ وكيف وجدت هذه الكتب معها؟ هل ألفتها هي من خلال قادتها لترويج هرطقاتها وأفكارها المرفوضة مسيحياً؟ أم تسلمتها عن رسل المسيح؟ أم كيف حصلت عليها وما الدليل الذي يمكن يعتمد عليه هو أو غيره؟

(3) للأسف فأن كل ما يحكم سيادته، هو وكل من كتبوا في مثل هذا الموضوع، ليس سوى شيء واحد هو: بما أنهم يعتقدون أن الإنجيل الحقيقي الذي نزل على المسيح، كما يتصورون، إنجيل المسيح أو إنجيل عيسى، قد فقد وأن الكتب المسيحية القانونية والموحى بها تضم الحق والباطل لأنها، من وجهة نظرهم ليست هي الإنجيل الأصلي، بل هي اقرب لسيرة المسيح منها للإنجيل!! لذا يتساوى في نظرهم الجميع سواء كتب قانونية أو أبوكريفية مزيفة!! فلا يعنيهم مثل هذه التساؤلات ولا كيف وجدت هذه الكتب ولا بماذا كانت تؤمن هذه الفرق الهرطوقية؟ ومن ثم لا يعنيهم البحث العلمي ولا الدراسة العلمية الدقيقة ولا محاولة معرفة حقيقة هذه الكتب حتى ولو للدراسة والعلم والمنطق، فهذا لا يعنيهم، إنما يعنيهم فقط أثبات صحة عقائدهم، وما تصوروه وزعموه عن المسيحية عبر مئات السنين، ليس من خلال مصداقية عقائدهم في ذاتها بل بهدم العقائد المسيحية!!

(4) وعند قراءتنا لما كتبه الكاتب الثاني، والذي يمتليء كلامه بالادعاءات بل والتلفيقات المليئة بالأخطاء التي لا يمكن أن يقع فيها إلا من هو نوعية هذا الكاتب ومن نقل عنهم!! فهو ينقل أسماء لكتب، عن كتب أخرى كتابها من نفس النوع، بشكل يدل على عدم المعرفة بأصول الدراسة والبحث العلمي، فقط كل همهم أن يقدموا حشو لا هدف له إلا تشويه صورة المسيحية بأي وسلية مهما كانت وبمبدأ " الضرورات تبيح المحظورات!! والمبدأ الميكيافلي " الغاية تبرر الوسيلة "، نضع الملاحظات التالية:

(أ) أن الكاتب، ومن نقل عنه أو عنهم، غير دارسين للمسيحية على الإطلاق، فهم لا يلمون بمعظم الأسماء فيها ولا بمصطلحاتها، والباحث الحقيقي هو من يدرس الديانة التي يبحث فيها ويعرفها كما هي في صورتها التي يؤمن بها أهلها، حتى يقيمها كما هي في جوهرها ويكون عارفا ومدركا وملما بأهم عقائدها وأفكارها ثم يقرر بعد ذلك ما يرى أنه صواب أو خطاً ويدرك معنى ما ينقله عنها ومن ذلك الكتب وأسمائها سواء الكتب التي يؤمن بوحيها أو التي يرفض وحيها وكذلك الأشخاص، دورهم وصحة أسمائهم، كما هي في صورتها الأصلية. ولكننا هنا نرى العكس، حيث يتضح لنا من أسلوب الكاتب، ومن نقل عنهم، أنه لا يعرف أي شيء عن المسيحية!! وكل همه، كما يفعل الكثيرون غيره، هو نقل ما يمكن نقله من الكتب التي ينتقدها دون التحقق من صحة ما ينقل!! فهو هنا يعتمد على الكتب والمقالات التي تهاجم المسيحية، التي تملأ الكثير من الكتب والمواقع التي تهاجم المسيحية على النت، وعلى رأسها كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي، والذي أعيدت طباعته منذ نشره للمرة الأولى وحتى الآن مئات المرات!! إلى جانب المنتديات الحوارية التي تناقش الأديان، وخاصة التي تهاجم المسيحية، على النت، والتي تفتقر إلى نوعية المسيحيين الدارسين للرد على مثل هذه المواضيع.

(ب) ولذا نراه، هو ومن ينقل عنهم، ينقل أسماء الكتب من عدة مصادر وكل مصدر منها يسمي بعض الكتب باسم يختلف عن الأخر دون أن يدرك الفارق بينهما وعلى سبيل المثال فقد كتب اسم كتاب الراعي لهرماس باسمين واحد صحيح وهو كتاب الراعي لهرماس، والثاني خاطيء وهو كتاب المراعي لهرماس!! وربما يكون من نقل عنه الاسم الثاني سقط في خطأ مطبعي فنقل عنه نفس الخطأ على أنه كتاب أخر!! وبنفس الطريقة ذكر إنجيل ماركيون وإنجيل أتباع مرقيون (مرسيون) وكأنهما اثنان، دون أن يدري أنهما تكرار لنفس الاسم الواحد والفارق هو في الترجمة عن Marcion والذي يترجم مركيون أو مرقيون أو مرسيون!! ومثل ذكره لإنجيل يهوذا وإنجيل يهوذا الأسخريوطي وكأنهما كتابان، دون أن يدري أن يهوذا المنسوب له هذا الكتاب هو يهوذا الاسخريوطي!! وكذلك قوله إنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحواري وكتاب إنجيل متى المزيف، وكلاهما كتاب واحد ويبدو أنه نقل كل اسم منهما عن مصدر مختلف عن الأخر فاعتقد أنهما كتابان مختلفان!! وكذلك قوله؛ مشاهدات بطرس ورؤيا بطرس، فمشاهدات ورؤيا هي ترجمة مختلفة لكلمة أبوكاليبس (Apocalypse) اليونانية أو التي نقلت عنها في القبطية!! وواضح أنه نقلهما عن مصدرين وأعتقد أنهما كتابان!!

(ج) ذكر أسماء لا وجود لها في أي قائمة من قوائم الكتب الأبوكريفية ولا نعرف من أين أتى بها، هو ومن نقل عنهم، مثل؛ زبور عيسى الذي كان يعلم منه، ورسالة عيسى إلى بطرس وبولس، وكتاب عيسى التمثيلات والوعظ، كتاب الشعبذات والسحر ليسوع، والغريب هنا أن يقبل مثل هذا الكاتب ومن نقل عنهم كتاب يقول أنه كتاب سحر وشعوذة وينسبه للمسيح!! في حين أنه لا يوجد اسم لمثل هذا الكتاب في الوجود!! وكتاب مسقط رأس يسوع ومريم وظئرها!! ورسالته التي سقطت من السماء في المائة السادسة، ورسالة بطرس إلى كليمنس، ومباحثات بطرس وأى بَيْن، ولا نعرف معنى قوله " وأى بَيْن "!! كما ذكر عدة كتب باسم آداب الصلاة مثل؛ آداب الصلاة وينسب لمتى الحواري، وآداب الصلاة وينسب ليعقوب الحواري، آداب صلاة يوحنا آداب الصلاة وينسب لمرقس!! فهو، كعادته وعادة من نقل عنهم ينقل أي شيء دون أن يحاول معرفته والتحري عنه!! وآداب صلاة بطرس، وكتاب قياس بطرس، وغيرها من أسماء الكتب التي لا نعرف من أين أتى بها؟!! وهنا نسأله هو ومن نقل عنهم؛ كيف تنقلون ما لا تعرفون؟! وتضعون أسماء لكتب لم تتحققوا من صحتها أو حقيقة وجودها؟! هل هذا هو أسلوب البحث العلمي وهل هكذا تتعاملون في بحثكم عن الحق؟!

(د) ذكر أسماء لكتب غير مسيحية على أنها أناجيل مرفوضة، مثل؛ إنجيل تهيودوشن، وهذا يدل على جهله الفاضح هو ومن نقل عنهم، فالكتاب هو ترجمة للعهد القديم قام بها شخص يهودي في القرن الثاني يدعى ثيودوشن!!

فهو لم يدقق في أسماء الكتب نفسها أو أسماء الأشخاص المنسوبة إليهم ولا يحاول الإلمام بها بل ومن الواضح أن مثل هذه الأمور لا تعنيه ولا تهمه، لأن كل هدفه هو تشويه المسيحية بأي وسيلة مهما كانت فالغاية عنده تبرر الوسيلة، وقل على البحث العلمي السلام!!

(ر) وقد ركز الكاتب كل همه على تصوير المسيحية لقرائه بأنها ديانة محرفة ومليئة بالأفكار الخرافية مع محاولة تصوير أتباعها وكأنهم قطيع من الحيوانات لا يفهمون شيئاً ولا يعون شيئاً، بل فقط يسيرون خلف رجال الدين الذين يصورهم وكأنهم مجرد عبدة شيطان وليس عبدة الله، ولا يرى فيهم سوى ما يتخيل أنهم أناس لا عقول لهم يحرفون كتبهم بأنفسهم ويؤمنون بها!! وتجاهل تماماً المبادئ السامية التي علمها الكتاب المقدس بعهديه، وخاصة التي علمها الرب يسوع المسيح وأن المسيحيين يتمثلون في حياتهم بشخص المسيح ذاته وبنهاية سيرة القديسين الأبرار الذين ملئوا ويملئون الأرض كلها والذين قال عنهم الرب يسوع المسيح " أنتم ملح الأرض "، ونظر فقط إلى خطايا البعض سواء كانوا من البسطاء أو من رجال الدين ونسي أنهم بشر وغير معصومين، يصيبون ويخطئون، وأن المسيحية لا تقاس بتصرفات بعض أفرادها بل بما تنادي به من عقائد ومباديء، سامية لا يمكن أن يؤلفها بشر بل هي ذروة وحي الله وكلمته. أنه وغيره لا يرى الملح، بل فقط التراب.

(س) لا يحاول مطلقا التحري لمعرفة شيء كما هو الطبيعي بالنسبة للباحث الذي يعرف معنى البحث والدراسة، كما سنرى، بل كل همه هو أن يخطف عبارة من هنا وجملة من هنا وفقرة من هناك ترضي فكره السطحي، فكل همه هو إظهار المسيحية وكأنها ديانة محرفة ومليئة بالخرافات والأفكار الشريرة!! فهو لا يريد أن يبحث عن الحقيقة، فهذا ليس هدفه مثله في ذلك مثل الكثيرين غيره، بل ما يريده فقط هو أن يظهر المسيحية في صورة هو يريدها وليس في صورتها الحقيقية كما نؤمن بها!!!؟؟

(ص) ذكر أسماء العشرات من الكتب الأبوكريفية دون أن يحاول أن يعرف عنها شيئاً، لأنه نقلها عمن سبقوه وبنفس طريقته، ولم يحاول لا هو ولا غيره أن يسألوا لماذا رفضت هذه الكتب، فقط حاولوا، دون علم أو دراسة، أن يصوروا أن المسيحيين انتقوا كتبا ورفضوا أخرى بسبب الهوى وليس الحقيقة؟؟!! علما بأن هذه الكتب، كما بينّا، موجودة على مئات بل آلاف مواقع النت وبأكثر من لغة، ولكن هذا لا يعنيه، فقط يريد أن يقدم صورة مشوهة للمسيحية بأسلوب ميكيافلي الغاية فيه تبرر الوسيلة، واستخدم قاعدة الضرورات تبيح المحظورات لأنه وضع نفسه في صورة المحارب الذي يبيح لنفسه كل شيء لكي ينتصر في معركته التي وضع نفسه فيها!! فهو لا يبحث عن الحقيقة بل وضع كل همه في تشويه المسيحية!!

(ط) نسب، مثله مثل الكثيرون غيره، لمجمع نيقية تحديد نوعية الكتب والأناجيل الصحيحة من المزيفة، بل وصوروا هذا المجمع وكأنه الذي أخترع وألف العقائد المسيحية وكتُبها، وذلك دون الرجوع لأي مرجع تاريخي أو حتى مجرد إشارة تاريخية سواء كانت مسيحية أو غير مسيحية، وهذا محض افتراء وكذب وتدليس!! والغريب أنه لم يكلف نفسه سواء هو أو غيرة بقراءة جدول أعمال مجمع نيقية والقرارات والتوصيات التي صدرت عنه، ولم يحاولوا بحث الموضوع تاريخيا ولا علمياً ولا منطقيا لمعرفة صحة هذه المزاعم بل والأكاذيب، كما هي العادة، فهم لا يرجعون لأصل أي شيء لمعرفة حقيقته، بل فقط يقتطفون أقوال من هنا أو هناك تفي بغرضهم وهو محاولة تشويه المسيحية!!

(ع) نقل أقوال بعض الملحدين عن الكتاب المقدس وكذلك أقوال بعض الليبراليين، الذين لا يؤمنون لا بوحي ولا بمعجزات، فقط يؤمنون بما تلمسه الحواس، فهم لا يؤمنون بميلاد المسيح من عذراء لأنهم لم يروا مثل هذه الولادة ولا يؤمنون بأن المسيح أقام الموتى لأنهم لم يروا شخص مات وأقامه أحد!! والغريب أن هذا الكاتب وغيره راحوا ينقلون عن هؤلاء، الملحدين واللادينيين وكأنهم هم رجال العالم المسيحي وقسوسه، دون التنويه لكونهم من الملحدين أو الليبراليين!!؟؟

(ف) راح مثله مثل غيره يقتطف بعض الأقوال التي وردت في دوائر المعارف والقواميس وبعض كتب التفسير، والأرجح أنه نقلها عن بعض الكتب غير المسيحية، فنوعية كتابته ولغته تدل على أنه لم يقرأ هذه الكتب، بل نقل عن غيره ما نقله من فقرات دون الرجوع لهذه الكتب التي من الصعب أن تكون في متناول يده أو أنه قرأها، والتي تناقش المواضيع بطريقة علمية دون أن يكمل بقية كلام هؤلاء الذين من المفترض أنه نقل عنهم، فقط اقتطف جملا من سياق كلامهم وقدمها مبتورة معتمدا على أن القارئ لن يرجع لمثل هذه المراجع!!

(ق) في كثير من الأحوال، كما سنرى، يقول قال فلان ويستخدم في ذلك اسما أجنبياً، موحيا أنه أحد العلماء دون أن يذكر المرجع الذي ورد فيها هذا الكلام، ويكتفي بقوله قال فلان وينسب له فقرة أو جملة طويلة تسيء للكتاب المقدس!!

(ك) السمة الغالبة التي نراها في هذا الكتاب وغيره هي عدم الفهم الكافي للآيات التي ينقلها ويحاول أن يصورها بعكس صورتها، أو يقارنها بغيرها ليصور أن هناك تناقض دون أن يعي المعنى الحقيقي لكليهما!!

(ل) كما أن هناك موضوع غاية في الأهمية وهو أنه يركز كل همه في أظهار أن الكتاب المقدس لا يوجد به شيء جيد بل كل ما فيه هو أخطاء وفضائح وأمور لا تتفق مع الله ونسي أو تجاهل بعلم أو جهل، في حالة مثل هذا الكاتب حقائق كتابه المقدس، كتابه هو، فعندما يطعن في الكتاب المقدس في نقطة معينة لا يحاول مجرد التفكير في أن ما ينتقده له مثيل في كتابه أم لا، بل ربما يكون ما يطعن فيه في الكتاب المقدس هو من أهم مواضيع علم الكلام التي يدرسها العلماء والفقهاء!!!

(م) واضح أن الكاتب ليست لديه خلفية كبيرة بحقائق الإسلام نفسها لأنه يهاجم مواضيع في المسيحية لها مثيلها في الإسلام دون أن يأبه ذلك أو حتى يدرك ذلك!! وأنا أجزم أنه لا يعرف شيئاً عن الكتب الإسلامية ذات الطبيعة العلمية أو الليبرالية وكتب التراث والكتب التي يمكن أن نسميها كتب المصادر مثل كتب د. جواد على ومنها كتب تاريخ العرب قبل الإسلام، وكتب خليل عبد الكريم وسيد القمني والمستشار سعيد العشماوي وبقية الكتب ذات الطبيعة الليبرالية.

الفصل الثالث

لأنَّ كثيرًا مِنَ النّاسِ أخَذوا يُدَوِّنونَ رِوايةَ الأحداثِ الّتي جَرَت بَينَنا

1 – أين هي بقية الأناجيل؟؟!!

ورد المقال التالي بأحد المواقع التي تهاجم العقيدة المسيحية وتشكك فيها ليل نهار وقد نقلته عنه عشرات المواقع الأخرى واستخدمه بعض الكتاب في كتابة الكتب والمقالات بالمجلات والجرائد لنفس الغرض كما استخدمه بعض المتحدثين في القنوات الفضائية وكأن ما جاء فيه هو الحق المبين والدليل الدامغ على أن هناك العشرات من الأناجيل والأسفار المفقودة من الكتاب المقدس!!! والغريب أنه ولا واحد من هؤلاء الكتاب، سواء واضع المقال أو من نقلوا عنه، فكر في بحث الموضوع بأسلوب علمي أو استخدموا أي منهج علمي عقلاني للتحقق من صحة ما يكتبون أو يقولون!! فقط فسروا الفقرة الأولى من الإنجيل للقديس لوقا على هواهم وبعيدا عن سياقها ومعناها اللغوي والأصلي الذي قصده الكاتب الموحى إليه بالروح القدس!! واستشهدوا بفقرات ناقصة ومبتورة ونقلوها عن بعض المراجع المسيحية دون أن يأخذوا بما كتبه هؤلاء الكتاب كاملا، فقط جاءوا بفقرات مأخوذة بعيدا عن سياقها وموضوعها ليوحوا للقاريء وكأنهم أتوا باليقين الدامغ على صحة ما يدعون من أباطيل وأكاذيب وتدليس!! ولذا نقول لهم ما بني على باطل فهو باطل!!

وقبل أن نعلق على ما جاء في هذه المقالة نضعها كاملة أمام القاريء ليشترك معنا بفكره وعقله في تحليلها والتعليق على ما جاء فيها، وفيما يلي نص المقالة كاملاً:

" كتب لوقا في [1: 1]: " إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق آن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به ". ثم بدأ قصته قائلاً: " كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا... " [ترجمة الفاندايك].

يتبين لنا من مقدمة الخطاب الموجه من لوقا إلى العزيز ثاوفيلس أن كثيرين هم الذين كتبوا مثل ما كتبه لوقا في بيان حال المسيح، فأين هي تلك الأناجيل؟

يقول ماكنيكل J. McNicol في شرحه لعبارة: " إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة ": هذه الكلمات هي الخبر اليقين الوحيد الذي بحوزتنا عن وجود سجلات مكتوبة قبل الشروع في تدوين الأناجيل الثلاثة الأولى، لكن تلك المؤلفات اندثرت جميعها. [ تفسير الكتاب المقدس تأليف جماعة من اللاهوتيين لدار منشورات النفير - بيروت].

من الملاحظ أن لوقا قد كتب إنجيله حوالي عام 60 ميلادي كما يذكر قاموس الكتاب المقدس / ص 823 وعليه فإن تلك السجلات المفقودة تعود لذلك التاريخ وما قبله.

والسؤال الذي يطرح نفسه: أليس من الممكن أن تكون تلك الأناجيل المندثرة قد احتوت ونقلت بعض الحقائق، كعدم صلب المسيح وانه بشر ورسول ليس أكثر وانه مبشرُُ بالرسول الخاتم؟

وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حالياً الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله: " إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به " ثم بدأ قصته قائلاً: " كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا..." لوقا 1: 1-4

ومن المعلوم أن المجامع الأولى قد حرمت قراءة الكتب التي تخالف الكتب الأربعة والرسائل التي اعتمدتها الكنيسة فصار أتباعها يحرقون تلك الكتب ويتلفونها، فنحن لا ثقة لنا باختيار المجامع البشرية لما اختارته فنجعله حجة ونعد ما عداه كالعدم. ومما هو معلوم فإن المؤرخين يختلفون في عدد المجامع المسكونية فبعضهم يقول أنها سبعة وآخرون يقولون أنها 19 مجمعاً. وكما أن المؤرخين يختلفون في عددها هكذا تختلف الكنائس في الاعتراف بها. فالكنيسة القبطية مثلاً لا تعترف إلا بالأربعة الأولى منها. وها هي كنيسة روما ومعها الكنيسة اليونانية لا تعترفان بالمجمع المسكوني الرابع (أفسس الثاني).

وفي مجمع (ترنت) الذي عقد في القرن الخامس عشر والذي صادق على قرارات مجمع (قرطاج Carthage) سنة 397 بشأن الأسفار السبعة وحكم بقانونيتها، نجد أن الكنيسة البروتستنانية جاءت بعد ذلك في أوائل القرن السادس عشر ورفضت قرارات هذين المجمعين بمجمع آخر!

يقول القس السابق عبد الأحد داود:

" إن هذه السبعة والعشرين سفراً أو الرسالة الموضوعة من قبل ثمانية كتاب لم تدخل في عداد الكتب المقدسة باعتبار مجموعة هيئتها بصورة رسمية إلا في القرن الرابع بإقرار مجمع نيقية سنة 325م. لذلك لم تكن أي من هذه الرسائل مصدقة لدى الكنيسة... وهناك أي في مجمع نيقية تم انتخاب الأناجيل الأربعة من بين أكثر من أربعين أو خمسين إنجيلاً، وتم انتخاب الرسائل الإحدى والعشرين من رسائل العهد الجديد من بين رسائل لا تعد ولا تحصى، وصودق عليها، وكانت الهيئة التي اختارت العهد الجديد هي تلك الهيئة التي قالت بألوهية المسيح، وكان اختيار كتب العهد الجديد على أساس رفض الكتب المسيحية المشتملة على تعاليم غير موافقة لعقيدة نيقية وإحراقها كلها " [ الإنجيل والصليب صفحة 14]

ويقول المؤرخ (ديورانت) في كتابة قصة الحضارة المجلد الثالث: " وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب آريوس جميعها، ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام ".

ويقول الكاتب المسيحي حبيب سعيد: " وبذلك فض المؤتمر النزاع القائم، وقرر إبعاد آريوس وأتباعه وحرق الكتاب الذي أودعه آراءه الملحدة ".

وقد أعلن آدم كلارك في المجلد السادس من تفسيره: " إن الأناجيل الكاذبة كانت رائجة في القرون الأولى للمسيحية، وأن فايبر بسينوس جمع أكثرَ من سبعين إنجيلاً من تلك الأناجيل وجعلها في ثلاث مجلدات ". كما أعلن فاستوس الذي كان من أعظم علماء فرقة ماني في القرن الرابع الميلادي: " إن تغيير الديانة النصرانية كان أمراً محقاً، وإن هذا العهد الجديد المتداول حالياً بين النصارى ما صنعه السيد المسيح ولا الحواريون تلامذته، بل صنعه رجل مجهول الاسم ونسبه إلى الحواريين أصحاب المسيح ليعتبر الناس ".

وقد كتب في مسألة تعدد الأناجيل الكثير من مؤرخي النصرانية، فيقول العالم الألماني " دى يونس " في كتابه (الإسلام): " إن روايات الصلب والفداء من مخترعات بولس ومَنْ شابهه من المنافقين خصوصاً وقد اعترف علماء النصرانية قديماً وحديثاً بأن الكنيسة العامة كانت منذ عهد الحواريين إلى مضى 325 سنة بغير كتاب معتمد، وكل فرقة كان لها كتابها الخاص بها ". [راجع المدخل إلى العهد الجديد].

2 – أهم ما ورد في المقال من ادعاءات باطلة:

من قراءتنا الأولى للمقال يتضح الآتي:

(1) أن كاتب المقال فسر مقدمة الإنجيل للقديس لوقا، على هواه!! وبدون دراسة أو معرفة لا بمفهوم الكتاب ولا باللغة المستخدمة ولا بطبيعة الإنجيل نفسه سواء في صورته الشفوية الأولى التي تسلمه بها المؤمنون في الكنيسة الأولى من تلاميذ المسيح ورسله ولا في شكله المكتوب ولا بحسب طبيعة العصر وحضارته وبيئته ولغته وأسلوبه، سواء في اليهودية ومصر والشرق الأوسط أو في روما واليونان، الذي كان الناس يحفظون فيه رواياتهم وأساطيرهم الدينية وكان المتعلمون فيه يكتبون سجلات جزئية لما كان يسلم لهم.

(2) لذا فقد فهم خطأ مقدمة الإنجيل للقديس لوقا وما ذكر فيها عن سجلات كانت مكتوبة في زمن القديس لوقا وتصور أنه كان هناك الكثيرون الذين كتبوا أناجيل أخرى مثل القديس لوقا!!

(3) زعم وتوهم أن هذه السجلات، والتي تصور وتخيل أنها أناجيل مفقودة، وأطلق لنفسه العنان في تخيل ما يمكن أن تحتويه هذا الكتابات لدرجة تخيله أنه يحتمل أن تكون قد احتوت على نصوص تقول بعدم صلب المسيح وتنفي لاهوته وتقول أنه لم يكن أكثر من مجرد رسول بشر، إنسان مثله مثل آدم مخلوق من تراب!! كما يحتمل أن تكون قد احتوت على إشارات عما يؤمن به أنه النبي الخاتم!! قد يكون موجودا في كتابات لا وجود لها إلا في خياله!! وهنا يظهر هدف محاولاته المستميتة للإيهام بصحة ما يؤمن به من عقائد مضادة للمسيحية من مصادر لا وجود لها في الواقع بل موجودة فقط في أوهامه وتخيلاته!!

(4) زعمه المتكرر وادعائه، هو وغيره، بغير علم ولا دليل ولا معرفة، أن المجامع المسكونية، وبصفة خاصة مجمع نيقية، هي التي قررت وحددت ماهية الأناجيل القانونية، وأنها هي التي قررت وحددت ماهية الأناجيل المحرمة وأمرت بإحراقها!! ويعتمد مثل الكثيرين غيره على أكاذيب المدعو بالقس عبد الأحد داود والذي يقول كذبا وتدليسا وبغير علم أو دليل: " إن هذه السبعة والعشرين سفراً أو الرسالة الموضوعة من قبل ثمانية كتاب لم تدخل في عداد الكتب المقدسة باعتبار مجموعة هيئتها بصورة رسمية إلا في القرن الرابع بإقرار مجمع نيقية سنة 325م. لذلك لم تكن أي من هذه الرسائل مصدقة لدى الكنيسة... وهناك أي في مجمع نيقية تم انتخاب الأناجيل الأربعة من بين أكثر من أربعين أو خمسين إنجيلاً، وتم انتخاب الرسائل الإحدى والعشرين من رسائل العهد الجديد من بين رسائل لا تعد ولا تحصى، وصودق عليها، وكانت الهيئة التي اختارت العهد الجديد هي تلك الهيئة التي قالت بألوهية المسيح، وكان اختيار كتب العهد الجديد على أساس رفض الكتب المسيحية المشتملة على تعاليم غير موافقة لعقيدة نيقية وإحراقها كلها "(1).

وهذا الكلام لا أساس له من الصحة ولم تناقش مسألة الكتابات الأبوكريفية على الإطلاق لا في مجمع نيقية ولا في غيره من مجامع القرون الأولى ولم يكن ضمن جدول أعمال مجمع نيقية أي شيء يختص بقانونية أي سفر من الأسفار، سواء كان قانونياً أو أبوكريفياً، ونتحدى أي إنسان أو مخلوق أن يأتي لنا بما يشير من قريب أو من بعيد لمثل هذا الادعاء، سوا من وثائق مسيحية أو غير مسيحية ترجع للقرون الأولى أو زمن مجمع نيقية!! وها هي كتب التاريخ والكتب التي كتبت عن مجمع نيقية في حينه بالعشرات!!

(5) راح يسخر من المجامع المكانية والمسكونية دون معرفة بالأسباب التي دعت لعقدها وادعاؤه أنها قررت، على هواها، الأناجيل التي تعتمد والأناجيل المرفوضة والتي قامت بإتلافها وبإحراقها!! وراح يتخذ من اختلاف البعض حول بعض هذه المجامع حجة لرفض الأناجيل القانونية الموحى بها، على الرغم من أن هذه المجامع كانت تناقش أمور لاهوتية وليتورجية وطقسية لا تخصه ولا تخص غيره في شيء!! ونقول له أن أهم المجامع المسكونية وهي مجمع نيقية (325م) ومجمع القسطنطينية (385م) ومجمع أفسس الأول (431م) والتي ناقشت أهم الأمور اللاهوتية مثل لاهوت المسيح ولاهوت الروح القدس وطبيعة المسيح لا يختلف عليها أحد على الإطلاق. وهذه المجامع وغيرها لم يناقش فيها موضوع الكتب الأبوكريفية على الإطلاق.

(6) خلط الكاتب، عمداً أو جهلاً، بين رفض مجمع نيقية لكتابات آريوس الهرطوقية وما سماه بالأناجيل التي قررت إحراقها!! دون وجود أي إشارة تاريخية أو دليل على هذه الأقوال المدلسة الكاذبة!! وحاول إيهام القاريء أن رفض كتابات آريوس هو رفض لأناجيل غير مرضي عنها!! بل وحاول جهلاً أو عمداً أن يوحي للقاريء أنه كان لدى آريوس أناجيل أخرى رفضها جمع نيقية وأمر بإحراقها!! وهذا يدل أما على جهل أو تدليس متعمد. وسنناقش ذلك في نهاية هذا الفصل.

(7) استخدم، جهلا أو عمداً، أقوال بعض الكتاب المسيحيين عن وجود الكتب الأبوكريفية وانتشارها بين أفراد الفرق الهرطوقية التي ألفتها كدليل على انتشارها بين أيدي المسيحيين جميعا في القرون الأولى!! وذلك دون أن يجهد نفسه في بحث هذه الكتابات الأبوكريفية وقراءتها ومعرفة محتواها، فهي موجودة ومنشورة في عشرات بل مئات المواقع على النت، باللغة الإنجليزية، ولو كان هو أو أمثالة قد فعلوا ذلك لكانوا قد أدركوا أن هذه الكتابات مليئة بالأفكار الخرافية والوثنية والفلسفية التي تقول بملايين الآلهة وأن خالق الكون هو إله الشر وأن الملائكة كانوا شركاءه في خلق الإنسان!! وأنها كانت مع الفرق الهرطوقية فقط.

(8) تحدث عن وجود آلاف الأخطاء في المخطوطات وزعم، جهلا أو عمداً، أنها أخطاء يستحيل علاجها!! وراح يزايد على ما كتبه تشيندروف مكتشف المخطوطة السينائية، دون فهم أو علم بكيفية حدوث هذه الأخطاء وكيفية تصحيحها وسهولة الوصول للنص الأصلي بناء على دراسات علمية وقواعد استنبطها علماء المخطوطات والنقد النصي. فهناك ما يسمى بالنقد النصي الكتابي الذي يقوم بدارسة هذه المخطوطات، وقد توصل بعد دراسات علمية ومراجعة جميع المخطوطات المتاحة سواء باللغة اليونانية، اللغة التي كتب بها العهد الجديد، أو الترجمات القديمة مثل القبطية والسريانية واللاتينية 00 الخ مع ما اقتبسه آباء الكنيسة في القرون الأولى من آيات ونصوص، إلى حقيقة جوهرية كما قال فريدريك كنيون الخبير في هذا المجال: " ويمكن للمسيحي أن يمسك بالكتاب المقدس كله في يده ويقول بدون خوف أو تردد أنه يمسك بكلمة الله الحقيقية التي سلمت عبر القرون من جيل إلى جيل بدون أن يفقد شئ من قيمتها ".

3 – التعليق العلمي والكتابي على ما جاء في مقدمة القديس لوقا:

(أ) يقول نص الآية حسب الترجمة البيروتية (فانديك): " إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ في الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ، وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ،أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ ".

(ب) وحسب ما جاء في الترجمة اليسوعية: " لَمَّا أَن أَخذَ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ يُدَوِّنونَ رِوايةِ الأُمورِ الَّتي تَمَّت عِندنَا، كما نَقَلَها إلَينا الَّذينَ كانوا مُنذُ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ لِلكَلِمَة، ثُمَّ صاروا عامِلينَ لها، رَأَيتُ أَنا أَيضاً، وقَد تقَصَّيتُها جَميعاً مِن أُصولِها، أَن أَكتُبَها لَكَ مُرَتَّبَةً يا ثاوفيلُسُ المُكرَّم، لِتَتَيَقَّنَ صِحَّةَ ما تَلَقَّيتَ مِن تَعليم ".

(ج) وحسب ما جاء في الترجمة المشتركة: " لأنَّ كثيرًا مِنَ النّاسِ أخَذوا يُدَوِّنونَ رِوايةَ الأحداثِ الّتي جَرَت بَينَنا، كما نَقَلَها إلَينا الّذينَ كانوا مِنَ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ وخدّامًا للكَلِمَةِ، رأيتُ أنا أيضًا، بَعدَما تتَبَّعتُ كُلَّ شيءٍ مِنْ أُصولِهِ بتَدقيقٍ، أنْ أكتُبَها إليكَ، يا صاحِبَ العِزَّةِ ثاوفيلُسُ، حسَبَ تَرتيبِها الصَّحيحِ، حتّى تَعرِفَ صِحَّةَ التَّعليمِ الّذي تَلقَّيتَهُ ".

وعند دراستنا لهذه الآيات والنصوص دراسة كتابية ولغوية وعلمية ولاهوتية يتضح لنا الآتي:

1 – يقول القديس لوقا هنا " إِذْ كَانَ "، أو " لما أن " أو " لأن ". وهنا يستخدم كلمة " evpeidh,per- Epeideeper " والتي تستخدم مرة واحدة فقط في العهد الجديد، هنا فقط، ككلمة مركبة من "epe " وتعني " since - حيث أو بما أن "، وكلمة " dee " وتعني " كما هو معروف جيداً – as is well known " وكلمة " per " وتعطي معنى التأكيد، وتشير إلى حقيقة معروفة جيداً وهي " بقدر ما هو كائن ". وتأتي هنا سببية لما سيقوم به القديس لوقا. وبهذا الاصطلاح يُنبيء القديس لوقا أنه نوى أن يستخدم ما قام به الكثيرون من قبل إيجابياً ليعزز ما سيقوله هو، مؤكدا أن دقته مع هذه الكثرة ستأتي بالجديد الكامل. فالكلمة هنا تعني التأكيد.

ثم يقول " قَدْ أَخَذُوا " أو " أَخذَ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ " وترجمتها الحرفية في الإنجليزية "Have taken in hand "، وهي في اليونانية " evpecei,rhsan - epecheireesan " وهي اصطلاح كان يستخدم في اللغة الطبية بكثرة ويحمل معنى المهمة الصعبة التي تكلل بالنجاح الكامل مثل التعبير المستخدم في أعمال " فشرع قوم " (أع19: 13)، أي شرعوا في مهمة صعبة ولكنها ستكلل بالنجاح.

ثم يكمل حديثه بقوله: " بِتَأْلِيفِ " أو " يُدَوِّنونَ " والتي ترجمت في الإنجليزية " To set forth in order " وهي في اليونانية " avnata,xasqai - anataxasthai "، ولم تستخدم في العهد الجديد سوى هنا فقط، وهي مكونة من مقطعين " tassoo " والذي يعني يرتب أو يوضع مرتباً و " ana " والذي يعني " up " ومن ثم تعني الكلمة " draw up "؛ " يرتب " أو " يصنف "، وتفيد التجميع والترتيب. والتجميع هنا لمقولات وروايات شفهية ومكتوبة وهذا يؤكد دقة التسليم الشفوي والمكتوب الذي تم تسليمه من رسل المسيح للمؤمنين الأول في الكنيسة الأولى.

" قِصَّةٍ " أو " رِوايةِ " والتي تترجم في الإنجليزية " account " أو " narrative "، وهي في اليونانية " dih,ghsin - dieegeesin " وتتكون من " dia " وتعني " خلال – through " و " heegeomai " وتعني " يقود الطريق إلى " ومن ثم فقد ترجمت " رواية – narrative "، أي يروي رواية متصلة. والكلمة كانت مستخدمة طبيا بكثافة فقد استخدمها الطبيب اليوناني الشهير أبوقراط (Hippocrates) أكثر من 73 مرة، ولم تستخدم في العهد الجديد سوى هنا فقط. وهي هنا تفيد رواية التقليد الرسولي المسلم للكنيسة من رسل المسيح.

" الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ " أو " الأُمورِ الَّتي تَمَّت " والمترجمة في الإنجليزية " Which are most surely believed " والتي جاءت في اليونانية " peplhroforhme,nwn - peplhroforhme,nwn ". والمركبة من " pleerees " وتعني " ملء – كمال – full " و " foreoo " وتعني " يحضر "؛ أي يأتي بالمقياس الكامل أو التأكيد الكامل. كما تعني ملء الأقتناع، وهو هنا يقصد الأمور التي حدثت والتي يعرفونها جيداً إلى أقصى ملء قياسها. كما يعني قوله " عِنْدَنَا " h`mi/n hemin "أ أي عندنا نحن المؤمنين أعضاء الكنيسة، فقد تمت بيننا وعشناها وحفظناها.

2 – ثم يقول " كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة " أو " كما نَقَلَها إلَينا الَّذينَ كانوا مُنذُ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ لِلكَلِمَة، ثُمَّ صاروا عامِلينَ لها " أو " كما نَقَلَها إلَينا الّذينَ كانوا مِنَ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ وخدّامًا للكَلِمَةِ " (لو 1: 2). أي كما سلمها لنا تلاميذ المسيح ورسله الذين كانوا شهود عيان لهذه الأحداث، وقد عاشوها بأنفسهم وكانوا قلبها وبؤرتها.

وكلمة " كما - kaqw.jj kathoos " هنا تعني " even as " ولا تعني هنا التساوي بل بمقتضى أو " من واقع ". وكلمة " سلمها " هي في اليونانية "pare,dosan - paredoosan " و " لنا - h`mi/n - heemin "؛ " كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا " أو " كما نَقَلَها إلَينا "؛ وتعني هنا التسليم الرسولي وهي مختصة في التقليد الرسولي بتسليم الأسرار - فماً لأُذن. وهذا ما صفه القديس بولس بقوله:

+ " حسب التعليم (التسليم) الذي أخذه منا " (2تس3: 6).

+ " وتحفظون التعاليم (التسليم) كما سلمتها إليكم " (1كو11: 2).

+ " فاثبتوا إذا أيها الأخوة وتمسكوا بالتعاليم (بالتسليم) التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا " (2تس2: 15).

+ وأيضاً قوله " لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا " (1كو11: 23).

والتسليم هنا يعني التسليم الشفوي فماً لأُذن من أُناس رأوا وعاينوا (كانوا شهود عيان) وخدموا " الكلمة - lo,gou " من " lo,goj "، الرب يسوع المسيح. فالكلمة هنا ليست كلمة منطوقة؛ بل هو " الكلمة - lo,goj " الذي شاهدوه وعاينوه وكانوا خداما له. كما أن الكلمة المستخدمة هنا " شهود عيان " هي " auvto,ptai autoptai " وهي كلمة يونانية قديمة ومصطلح طبي لم يستخدم في العهد الجديد سوى هنا فقط ليعني المشاهدة بالعين مباشرة. وهذه الكلمة بالذات تُستخدم الآن في فحص حالات بعد الموت autopsy فتعطي الانطباعات الشخصية عن الحالة. لذلك أردف الطبيب لوقا مع شهود العيان " خدَّام الكلمة "، بمعنى أنهم رأوه وفحصوه جيداً بمقتضى الوجود والتزامل والخدمة، وهكذا أصبحت روايتهم واضحة وصادقة بكل يقين!!

كما يعني قوله " الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة " أو " الّذينَ كانوا مِنَ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ وخدّامًا للكَلِمَةِ "، الذين كانوا مع المسيح منذ بداية رسالته كقول القديس بطرس عند اختيار بديلا ليهوذا " فينبغي أن الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي ارتفع فيه عنا يصير واحدا منهم شاهدا معنا بقيامته " (أع1: 21و22). و " الكلمة " هنا كما تعني شخص المسيح تعني أيضاً الرسالة الإنجيلية بكاملها دون أي تغيير، حيث يقصد بها تسجيل كلام المسيح وأعماله وشخصه، كما أكد هو نفسه في بداية سفر أعمال الرسل " الكلام الأول أنشأته (دونته) يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلّم به إلى اليوم الذي ارتفع فيه " (أ1: 1-2).

ويعني قوله " معاينين أو شهود عيان autoptai auvto,ptai "، كما أوضحنا أعلاه أنهم لا يتكلمون إلا بما رأوا بأنفسهم، أي يتكلمون عن معرفة شخصية وخبرة عملية ومعايشة كاملة لما يتكلمون عنه، أو كما يقول القديس يوحنا: " اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ " (1يو1: 1-3). وكما يقول القديس بطرس: " لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْداً، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهَذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: " هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ ". وَنَحْنُ سَمِعْنَا هَذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ " (2بط1: 16- 18).

وخلاصة الآيتين هنا هي؛ بما أن الكثير من المؤمنين قد شرعوا وقاموا بمهمة صعبة ولكنها ستكلل بالنجاح، وهي ترتيب وتدوين الأحداث من واقع ما سلم لهم ونقل إليهم عن طريق التسليم الرسولي، ما تسلموه من رسل المسيح وتلاميذه فماً لأذن، الروايات الإنجيلية والتعاليم والمواعظ، التي تسلموها شفوياً من شهود العيان، تلاميذ المسيح ورسله الذين عاشوها معه وكانوا واثقين ومتأكدين من حقيقة وصحة كل كلمة فيه، فقد تمت أماهم وبينهم ومعهم وكانوا في قلبها وبؤرتها وذروتها فقد عاشوها بأنفسهم " كنا معاينين عظمته " أو كما قال القديس بطرس " نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات " (أع10: 43)، وكانوا متأكدين وواثقين إلى ملء الثقة والاقتناع من صحة كل كلمة فيها.

3 – ثم يضيف " رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس " (لو1: 3). أو " رأيتُ أنا أيضًا، بَعدَما تتَبَّعتُ كُلَّ شيءٍ مِنْ أُصولِهِ بتَدقيقٍ، أنْ أكتُبَها إليكَ، يا صاحِبَ العِزَّةِ ثاوفيلُسُ، حسَبَ تَرتيبِها الصَّحيحِ، حتّى تَعرِفَ صِحَّةَ التَّعليمِ الّذي تَلقَّيتَهُ ".

وكلمة رأيت " e;doxe kavmoi. - edoxe kamoi " هنا لا تفيد مجرد الرؤية فقط بل تعني استحسنت " it seemed good to me as well "، أي استحسنت عمل أولئك الذين دونوا من قبلي لذا استحسنت أن أنضم إليهم بل وأستفيد من عملهم. ثم يقول " إذ قد تتبعت " وهنا يستخدم الكلمة اليونانية " parhkolouqhko,ti parhkolouqhkoti " والتي تعني: تفحصت بدقة، تتبعت عن قرب. وهذا الفعل استخدمه جالينوس الطبيب اليوناني المشهور لتشخيص وفحص أعراض الأمراض.

" مِنْ أُصولِهِ بتَدقيقٍ " أي من بدايته ومصدره فهو هنا يؤكد على تتبعه لكل شيء من بدايته، أي رجع لكل شيء ودرسه وتفحصه من مصدره، فقد كان معه التسليم الرسولي الذي تسلمه عن شهود العيان وخدام الكلمة، الرب يسوع المسيح، وكان في إمكانه الرجوع إلى أكبر عدد منهم ليتحقق من صحة كل ما تسلمه، مثلما رجع للعذراء القديسة مريم التي روت له أحداث البشارة والميلاد، سواء الخاصة بيوحنا المعمدان أو الخاصة بالرب يسوع المسيح بكل دقة، وهذا واضح من تأكيده وقوله: " وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها " (لو2: 19)، " وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها " (لو2: 51). فقد رجع لكل شيء كمؤرخ دقيق أجمع العلماء على دقة كل حرف كتبه.

وكلمة " اكتب على التوالي إليك " ترجمت بدقة " أنْ أكتُبَها إليكَ ... حسَبَ تَرتيبِها الصَّحيحِ "، وكلمة " على التوالي " هنا وردت في اليونانية " kaqexh/j kathexees "، وهي اصطلاح فني دقيق يعني " بنظام وترتيب ".

مما سبق يتبين لنا أن الأحداث التي حدثت، أعمال الرب يسوع المسيح ومعجزاته وتعاليمه وأقواله وشخصه، والتي سلمها لهم تلاميذ المسيح ورسله شهود العيان مباشرة، فماً لأذن، كانت محفوظة عندهم وقد دونت وسجلت في شكل مكتوب وبترتيب دقيق، ولكن في شكل شخصي وغير رسمي، كل يدون ويسجل بعض المذكرات التي أحتفظ بها عن أعمال وتعاليم المسيح، لذا رأى القديس لوقا، بالروح القدس، أن يسجل هو أيضاً هذه الأمور، أعمال وتعاليم وشخص الرب يسوع المسيح، حسب ترتيبها الصحيح وأن يرجع لأصحابها، شهود العيان الذين عاشوها بأنفسهم وشاهدوها بأعينهم. وهنا أحب أن أؤكد على حقيقتين وهما:

(1) لم يكتب إي كتاب، سمي بإنجيل أو سفر أعمال أو رؤيا أو رسالة مرتبطة بالعهد الجديد قبل تدوين الإنجيل للقديس لوقا سوى الإنجيل للقديس مرقس أو الإنجيل للقديس متى أو كليهما، كما لم يكتب أي كتاب في القرن الأول سمي إنجيل أو سفر أعمال أو رؤيا أو رسالة باسم أحد الرسل سوى أسفار العهد الجديد ال 27. ولم ينسب أي كتاب لأحد من الرسل قبل سنة 150م وهذا ما اجمع جميع العلماء والنقاد، لأن جميع الكتب الأبوكريفية كتبت فيما بين سنة 150 و450م، ولم يكتب أي كتاب منها قبل سنة 150م.

(2) أن الكثيرين الذين ذكرهم القديس لوقا، كما بينّا في دراستنا، أعلاه، وكما برهنت أحدث الأبحاث والدراسات الكتابية، هم من المؤمنين الذين دونوا بعض روايات وتعاليم الإنجيل الذي سبق أن تسلموه شفوياً، التسليم الرسولي، الذي كان يعلم ويحفظ شفوياً قبل تدوين الإنجيل المكتوب. فمن دراسة تاريخ الكتابة عند بني إسرائيل وعند الشعوب التي كانت لها حضاراتها العريقة مثل مصر واليونان والرومان وما بين النهرين، سوريا القديمة، العراق وسوريا الحديثة، وجدوا أن الشعوب كانت تعلم وتحفظ كل نصوصها الدينية شفوياً، وقبل أن توضع في شكل مكتوب. وكان من الطبيعي أن يحفظ المسيحيين الأول نصوصهم الدينية بهذه الطريقة، باعتبار أن تلاميذ المسيح ورسله ومعظم المؤمنين في السنوات العشر الأولى للكرازة المسيحية كانوا من اليهود الذين قبلوا الإيمان والذين اعتادوا على حفظ نصوصهم الدينية بهذه الطريقة، وكذلك بسبب اختلاطهم بالرومان الذين كانوا يحتلون بلادهم ويحكمونهم واليونانيين الذين كانت ثقافتهم ولغتهم هي السائدة في ذلك الوقت في كل بلاد حوض البحر المتوسط. كما برهنت الدراسة العلمية للإنجيل المكتوب على حفظ المؤمنين لأجزاء محددة من الإنجيل، سواء شفويا أو بتدوينها في سجلات مثل التي ذكرها القديس لوقا، كما بينّا أعلاه، فقد وجدوا أن سلسلة انساب المسيح في كل من الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس لوقا والموعظة على الجبل (متى ص 5 -7) وأمثال المسيح في مرقس (ص 4) وروايات عشاء الفصح والعشاء الرباني وروايات المحاكمة والآلام وروايات الصلب وروايات الدفن وروايات القيامة ورويات الصعود كانت مكتوبة في رقوق أو أوراق بردي وكان يحتفظ بها الكثيرون من المؤمنين الذين دونوها ولما تم تدوين الإنجيل لم يعد هناك حاجة إليها ولم يعد لها وجود.

أما ما زعم الكاتب بقوله: " من الملاحظ أن لوقا قد كتب إنجيله حوالي عام 60 ميلادي كما يذكر قاموس الكتاب المقدس / ص 823 وعليه فإن تلك السجلات المفقودة تعود لذلك التاريخ وما قبله ".

وتساؤله: " والسؤال الذي يطرح نفسه: أليس من الممكن أن تكون تلك الأناجيل المندثرة قد احتوت ونقلت بعض الحقائق، كعدم صلب المسيح وانه بشر رسول ليس أكثر وانه مبشر بالرسول الخاتم؟ ".

فهذا كلام يخلط فيه الكاتب الحق بالباطل والباطل بالحق، فقد بينّا أعلاه، كيف أن هذه الكتابات التي أشار إليها القديس لوقا ما هي إلا سجلات صحيحة لأجزاء من التسليم الرسولي كما سلمه رسل المسيح وتلاميذه للكنيسة الأولى وهي لا تختلف مع ما كتبه القديس لوقا في شيء إنما هي سجلات، غير كاملة، كانت مدونة لبعض أعمال المسيح له المجد وتعاليمه ولكن القديس لوقا تتبع هذه الأحداث والأقوال وتفحصها بدقة متتبعا كل شيء من أصوله، كما رجع لشهود العيان أنفسهم الذين عاشوها وكانوا في قلبها، شاهدوها بعيونهم وسمعوها بآذانهم ولمسوها بأيديهم مثل العذراء القديسة مريم وبقية التلاميذ.

كما أن توهم كاتب المقال ومن تبعه وزعمهم أن هذه السجلات المذكورة والتي لم يعد لها وجود، يمكن أن يكون فيها ما يضاد العقائد المسيحية مثل الزعم الباطل والقول بعدم صلب المسيح ولاهوته فما هو إلا خيال مجانين لسبب بسيط هو أن حقائق صلب المسيح ولاهوته حقائق ثابتة وراسخة في التاريخ المسيحي والتاريخ الروماني واليوناني والسوري، بل وفي الأناجيل الأبوكريفية كما هي في الأناجيل القانونية الموحى بها. كما أن القديس لوقا لم يشر إلى أي تناقض بينه وبين هذه السجلات بل ولم يقل مطلقاً أنه خالفها، بل على العكس تماماً فقد أكد على دقتها وصحتها ومصداقيتها. فقد كانت مذكرات وسجلات لأجزاء من الإنجيل الشفوي وقد أنتفت الحاجة إليها ولم يعد لها وجود بعد تدوين الإنجيل المكتوب.

وأذّكر مثل هؤلاء وأقول لهم أن ما دونه وسجله هؤلاء المؤمنون يشبه، مع الفارق، ما حدث عند جمع القرآن الذي كان محفوظاً في صدور الرجال ومكتوب على العسب المصنوع من جريد النخل واللخاف المأخوذ من الأحجار والرقاع الجلدية والرقوق والأكتاف المصنوعة من عظام أكتاف الشاة والأقتاب الخشبية التي كانت توضع على ظهور البعير. وبعد تدوين القرآن في كتاب أنتفت الحاجة لوجود هذه المواد ولم يعد لها أي قيمة تذكر فتلفت أو ضاعت.

1 – جاء في الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (1: 164): " وقد تقدم في حديث زيد أنه جمع القرآن من العسب واللخاف وفي رواية والرقاع وفي أخرى وقطع الأديم وفي أخرى والأكتاف وفي أخرى والأضلاع وفي أخرى والأقتاب فالعسب جمع عسيب وهو جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض واللخاف بكسر اللام وبخاء معجمة خفيفة آخره فاء جمع لخفة بفتح اللام وسكون الخاء وهي الحجارة الدقاق وقال الخطابي صفائح الحجارة والرقاع جمع رقعة وقد تكون من جلد أو رق أو كاغد والأكتاف جمع كتف وهو العظم الذي للبعير أو الشاة كانوا إذا جف كتبوا عليه والأقتاب جمع قتب هو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه ".

2 – وجاء في صحيح البخاري: " حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال أرسل إلي أبي بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي الله عنه إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله (ص)؟ قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (ص) فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله؟ قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم }حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه ".

وهنا نسأل أصحاب هذه الأقوال عن الإنجيل ونقول لهم:

هل أحتفظ الخلفاء بهذه المواد التي جُمع منها القرآن؟

وهل ما تزال موجودة وأين هي الآن، أن كانت موجودة؟

وهل نزعم مثلهم ونقول لماذا لا تكون هذه المواد قد احتوت على مواد أخرى مخالفة لما هو موجود بالقرآن الحالي؟

مع ملاحظة أنه ليس هناك أي أجزاء مفقودة من الإنجيل المكتوب، بل أن الكتب المزعومة والمسماة بالأناجيل والتي رفضتها الكنيسة هي كتب كتبت ابتداء من منتصف القرن الثاني (150م) وقد كتبها هراطقة وسنوضح حقيقتها لاحقاً.

كم نقول لواضع المقالة وأمثاله ومن سار على دربهم ما يلي:

1 – تعليقا على قوله " أليس من الممكن أن تكون تلك الأناجيل المندثرة قد احتوت ونقلت بعض الحقائق، كعدم صلب المسيح وانه بشر ورسول ليس أكثر وانه مبشر بالرسول الخاتم؟ "

أولاً: أن هذا الاحتمال المفترض غير موجود على الإطلاق ولا يمكن أن تبنى العقائد على مجرد الاحتمالات حيث تقول القاعدة المنطقية " الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ".

ثانياً: أجمعت الأناجيل القانونية، الموحى بها، وبقية أسفار العهد الجديد على الحقائق الإيمانية الموجودة في العهد الجديد ككل وعلى رأسها حقيقة صلب المسيح وأن المسيح هو ختام الإعلان الإلهي " الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضا عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم " (عب1: 1-4).

ثالثاً: أجمعت السجلات التاريخية المدنية الرومانية واليونانية والسورية وغيرها على أن المسيحيين منذ فجر المسيحية كانوا يؤمنون بإله مصلوب صلبه اليهود على عهد بيلاطس البنطي، وكانوا يسخرون من ذلك ولكن المسيحيين لم يأبهوا بسخريتهم واثقين " أن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله " (1كو1: 18).

رابعاً: وعلى عكس ما تصور كاتب المقال ومن سار على دربه فقد اعتقدت وأمنت وأجمعت جميع الكتب الأبوكريفية بمسمياتها المختلفة من أناجيل وأعمال رسل ورؤى أو ما تسمى برسائل على حقيقة لاهوت المسيح وصلبه وقيامته وصعوده إلى السماء، فقد انطلقت هذه الكتب، كما يقول العلامة إيريناؤس (175م) والذي درس هذه الكتب، جميعها، من الأناجيل الأربعة وبقية أسفار العهد الجديد القانونية الموحى بها وكانت صدى لها، بل وتوسعت منها ولكن من منطلق غنوسي هرطوقي وثني خلط بين الفكر المسيحي والفكر الوثني صور فيه المسيح كالإله المنبثق من الإله غير المدرك والنازل من السماء في شكل وهيئة ظاهرية للإنسان دون أن يتخذ الطبيعة الإنسانية الحقيقة، اخذ شكل وهيئة الإنسان في الظاهر فقط فكان، كما زعموا، يبدو ملموسا في بعض الأحيان وغير ملموس في أحيان أخرى، وقالوا أنه صلب فعلا ومات حقا ودفن في القبر وقام من الموت وصعد إلى السموات ولكن لأنه كان إنساناً في الظاهر فقط، في الهيئة، اتخذ شبه جسد الإنسان ومظهره، لذا تألم في الظاهر فقط وشبه للناس أنه صلب ومات ولكن لأنه إله ولم يكن له جسد مادي فقد كان ذلك في الظاهر والهيئة والشكل فقط، شبه لهم أنه صلب وبدا لهم أنه مات في حين أنه هو الإله الذي لا يموت.

2 – وتعليقا على قول المقالة " وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حالياً الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله ". وما قاله القس السابق عبد الأحد داود، والذي ذكرناه أعلاه؛ نقول لكاتب هذه المقالة ومن تبعه ومن سار على هداه ومن نقل كلامه وكأنه الحق المبين وأتخذ منه مرجعاً في أمور يجهلونها جميعهم:

أولاً: كون أن هناك كتباً منحولة سميت بالأناجيل أو الأعمال أو الرؤى في القرون الأولى لا يعني أنها هي السجلات المذكورة في الإنجيل للقديس لوقا، بل كما يدل محتواها وجوهرها، وكما أجمع العلماء، فقد كتبت، هذه الكتب المنحولة، ابتداء سنة 150 من القرن الثاني إلى القرن الخامس(2). في الفترة التي خلط فيها أصحاب هذه الكتب ومن كتبوها بين الفكر المسيحي المسلم من رسل المسيح وتلاميذه وبين الفكر الغنوسي الخليط من فكر أفلاطون ومن الفكر المصري والكلداني واليوناني والزردشتي الفارسي.

ثانياً: تحاول المقالة أن تضلل القاريء عمدا باستخدامها تعبير القرون الأولى في الحديث عن الكتب الأبوكريفية وكذلك الربط بينها وبين ما جاء في مقدمة الإنجيل للقديس لوقا وتحاول أن توحي للقاريء أن هذه الكتب الأبوكريفية هي التي قصدها القديس لوقا عما دونه المسيحيون في عصره وقبل تدوينه للإنجيلّّ وذلك على عكس ما أوضحناه أعلاه.

3 – وتعليقا على قوله: " أن المجامع الأولى قد حرمت قراءة الكتب التي تخالف الكتب الأربعة والرسائل التي اعتمدتها الكنيسة فصار أتباعها يحرقون تلك الكتب ويتلفونها، فنحن لا ثقة لنا باختيار المجامع البشرية لما اختارته فنجعله حجة ونعد ما عداه كالعدم ".

نقول لكاتب هذه المقالة ومن تبعه بل وللجميع أن المجامع المسكونية أو المكانية لم تناقش موضوع الكتب الأبوكريفية ولم تحرمها، بل أن الأناجيل القانونية الموحى بها وبقية أسفار العهد الجديد قُبلت في الكنيسة بمجرد تدوينها لأنها كتبت لمن تعلموها وتسلموها شفوياً وكتبت بناء على طلبهم، أما الكتب الأبوكريفية فقد كتبت بعد انتقال تلاميذ المسيح ورسله وخلفائهم من هذا العالم، فقد كتبت فيما بين سنة 150م و450م بإجماع العلماء، ولم يحرمها بل ولم يناقشها أي مجمع من المجامع الكنسية في القرون الأولى، فقط قرأها وكتب عنها وشرحها آباء الكنيسة؛ إيريناؤس سنة 175م وترتليان حوالي 200م وهيبولتوس حوالي 220م وأبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص حوالي 350م وقد تم اكتشاف معظمها في القرن العشرين وخاصة مكتبة نجع حمادي سنة 1947م وترجمت إلى لغات كثيرة، كما ترجمناها إلى اللغة العربية وقمنا بنشر الجزء الأول منها ثم يليه الجزء الثاني 00الخ. وثبت من دراستها أنها شديدة الوثنية وتؤمن بالعديد من الآلهة وترى أن خالق العالم هو إله شرير وليس هو الله الحقيقي!! ولكنها لا تنفي لاهوت المسيح أو صلبه أو قيامته أو فداءه للبشرية.

4 – كيف قبلت الأسفار القانونية؟

أختار الرب يسوع المسيح من تلاميذه الذين آمنوا به وتبعوه مجموعة لتحمل الإنجيل وتكرز باسمه في كل مكان في العالم، يقول الكتاب: " ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضا رسلا " (لو6: 13)، " وبعد ذلك عيّن الرب سبعين آخرين أيضا وأرسلهم اثنين اثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتي " (لو10: 1). وكانوا شهوده في كل المسكونة " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض " (أع1: 8). وقد سلموا الإنجيل للمؤمنين أولا شفوياً وحفظه المؤمنون الأول في قلوبهم وأن كان البعض قد دون أجزاء كثيرة مما تسلموه على أوراق بردي أو رقوق وجلود ولكن ومع امتداد ملكوت الله وانتشار المسيحية في دول عديدة ومدن كثيرة وقرى لا حصر لها سواء بواسطة الرسل أو بواسطة تلاميذهم مع انتشار اجتماعات العبادة الأسبوعية والليتورجية والتي وجدت حيثما وجد المسيحيون، وذلك فضلاً عن رحيل بعض الرسل، شهود العيان، من هذا العالم إلى العالم الآخر، ظهرت الحاجة للإنجيل المكتوب ليكون المرجع الحي والباقي والدائم والثابت للمؤمنين في كل مكان وزمان إلى المجيء الثاني، أي أن ضرورة تدوين الإنجيل كانت حتمية. ومن هنا طلب المؤمنون من الرسل أن يدونوا لهم ما نادى لهم به معلموهم وما حفظوه شفوياً:

يقول أكليمندس الإسكندري: " لما كرز بطرس بالكلمة جهاراً في روما. وأعلن الإنجيل بالروح طلب كثيرون من الحاضرين إلى مرقس أن يدون أقواله لأنه لازمه وقتاً طويلاً وكان يتذكرها. وبعد أن دون الإنجيل سلمه لمن طلبوه ".

ويقول القديس أكليمندس الأسكندرى مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية: " حينما أكمل بطرس كرازته في روما جهاراً وأعلن الإنجيل بالروح، فالحاضرون وكانوا كثيرين ترجوا مرقس كونه كان مرافقاً لبطرس مدة طويلة ويذكر كل ما قاله أن يسجِّل لهم كلماته. ومرقس عمل هذا وسلم إنجيله إلى الذين ترجوه (طلبوه). وحينما علم بطرس بذلك لم يتحمَّس في ممانعة ذلك ولا هو شجَّع العمل "(3).

ثم يضيف: " إن بطرس حينما سمع ما قد عمل (مرقس) كما أعلن له الروح سُرَّ بغيرة

الأشخاص الذين طلبوا منه ذلك وصادق على الكتابة لقراءتها في الكنائس "(4).

ويقول القديس جيروم: (حوالي 350م): " أن مرقس- تلميذ بطرس ومترجمه - كتب بناء على طلب الإخوة في رومية إنجيلاً مختصراً طبقا لما كان قد سمع بطرس يرويه. وعندما بلغ بطرس ذلك، وافق عليه وأمر أن يُقرأ في الكنائس "(5).

وتقول الوثيقة الموراتورية التي ترجع لسنة 170م: " الإنجيل الرابع هو بواسطة يوحنا أحد التلاميذ, إذ عندما توسل إليه زملاؤه (التلاميذ) والأساقفة في ذلك قال: صوموا معي ثلاثة أيام ونحن نتفاوض مع بعضنا بكل ما يوحي الله به إلينا. ففي هذه الليلة عينها أعلن لأندراوس أحد الرسل أن يوحنا عليه أن يكتب كل شيء تحت اسمه والكل يصدق على ذلك ".

أي أن المؤمنين الذين حفظوا الإنجيل وتسلموه، في البداية، شفوياً، هم أنفسهم، المؤمنون، الذي طلبوا من الرسل أن يدونوه لهم في أسفار مكتوبة وهم أنفسهم الذين تسلموا هذه الأسفار، الأناجيل، من الرسل الذين سبق أن سلموها لهم شفوياً. ولم يكن هناك أي وقت أو مساحة زمنية للاختيار، بل تسلموا الإنجيل المكتوب والذي كانوا يحفظونه جيدا، وقد دونوا بعض أجزائه على أوراق ورقوق، من نفس الرسل الذين سلموه لهم شفويا وحفّظوه لهم. ونشر هذا الإنجيل المكتوب في جميع الكنائس. أي أن الرسل أنفسهم هم الذين سلموا الكنيسة في كل مكان الإنجيل الشفوي ثم الإنجيل المكتوب، وذلك بنسخ نسخ من الأصل وإرسالها إلى جميع الكنائس.

وقد دونت كل أسفار العهد الجديد، عدا ما كتبه القديس يوحنا الرسول، قبل سنة 70 ميلادية عندما كان معظم تلاميذ المسيح ورسله أحياء وقبلت الكنيسة هذه الأسفار فور تدوينها واستخدمها الرسل في كرازتهم كالإنجيل المكتوب، فقد كتبت بناء على طلب المؤمنين الذين تسلموها من الرسل، الذين سبق أن سلموها لهم شفوياً، كتبت بناء على طلبهم وتحت سمعهم وبصرهم وكانوا من قبل يحفظونها شفوياً، فقد دونت بالروح القدس لهم وأمامهم وبمعرفتهم ومن ثم قبلوها بكل قداسة ووقار ككلمة الله الموحى بها من الروح القدس. وكان الرسل أنفسهم يقبلون ما يكتبه أحدهم بالروح القدس، واثقين بالروح القدس الذي فيهم، أنها كلمة الله التي سبق أن تسلموها من الرب يسوع المسيح وتكلموا بها مسوقين من الروح القدس كما وعدهم، ودونوها أيضاً بالروح القدس. وعلى سبيل المثال فقد أقتبس القديس بولس من الإنجيل للقديس لوقا، كسفر مقدس وموحى به، ومن سفر التثنية بصيغة واحدة هي " لأن الكتاب يقول " والتي تعنى الكتاب المقدس " لأن الكتاب يقول لا تكم ثوراً دارساً (تث4: 25) والفاعل مستحق أجرته " (لو7: 10) " (1تى18: 5). كما أشار القديس بطرس لوحي وانتشار كل رسائل القديس بولس فقال: " واحسبوا أناة ربنا خلاصا كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضا بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضا متكلما فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضا لهلاك أنفسهم " (2بط15: 3،16). وأقتبس القديس يهوذا أخو يعقوب في رسالته من رسالة القديس بطرس الثانية (2بط2: 3-3) بقوله " وأما انتم أيها الأحباء فاذكروا الأقوال التي قالها سابقا رسل ربنا يسوع المسيح. فإنهم قالوا لكم انه في الزمان الأخير سيكون قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات فجورهم " (يه18،19).

وكانت رسائل الرسل: مثل القديس بولس والقديس بطرس والقديس يوحنا يمليها الرسل وتكتب بواسطة أشخاص معروفين للكنيسة، وهم تلاميذ الرسل ومساعديهم وخلفاؤهم، وترسل لكنائس محددة بعينها عن طريق نفس مساعدي الرسل وخلفائهم، كما كان هدفها معلنا وواضحاً. بل وكان القديس بولس يضع ختمه (توقيعه) على كل رسالة يرسلها إلى الكنائس التي كرز فيها. يقول القديس يوحنا: " وإما هذه (الإنجيل للقديس يوحنا) فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " (يو20: 31). ويختم الإنجيل بقوله بالروح: " وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع أن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة آمين " (يو21: 25). ويقول في رسائله:

" كتبت إليكم أيها الآباء لأنكم قد عرفتم الذي من البدء. كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير " (1يو2: 14).

" كتبت إليكم هذا عن الذين يضلونكم " (1يو2: 26).

" كتبت هذا إليكم انتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله " (1يو5: 13).

" كتبت إلى الكنيسة " (3يو1: 9).

ويؤكد القديس بطرس أنه كتب رسالته الأولى على يد سلوانس التلميذ الذي كان معروفا جيداً في الكنيسة الأولى: " بيد سلوانس الأخ الأمين كما أظن كتبت إليكم بكلمات قليلة واعظا وشاهدا " (1بط5: 12).

أما القديس بولس فيؤكد أنه كتب بنفسه، بيده عدة رسائل: " أنا بولس كتبت بيدي " (فل1: 19)، وكان سلامة أو توقيعه يكتب بحروف كبيرة: " انظروا ما اكبر الأحرف التي كتبتها إليكم بيدي " (غل6: 11). وكان يضع توقيعه على كل رسالة يرسلها: " السلام بيدي أنا بولس الذي هو علامة في كل رسالة. هكذا أنا اكتب " (1كو16: 21). أو أنه كان يكتب عن طريق إملاء أحد تلاميذه ومساعديه الذين كانوا معروفين للجميع مثل فيبي وتخيكس وأنسيمس وتيموثاوس: " السلام بيدي أنا بولس. اذكروا وثقي. النعمة معكم. آمين. كتبت إلى أهل كولوسي من رومية بيد تيخيكس وأنسيمس " (كو4: 18). وفي كل هذه الرسائل كان يضع توقيعه على جميع رسائله:

" كتبت إلى أهل رومية من كورنثوس على يد فيبي خادمة كنيسة كنخريا " (رو16: 17).

" كتبت إلى أهل كولوسي من رومية بيد تيخيكس وأنسيمس " (كو4: 18).

" كتبت إلى أهل أفسس من رومية على يد تيخيكس " (أف6: 24).

" كتبت إلى أهل فيلبي من رومية على يد ابفرودتس " (في4: 23).

" كتبت إلى أهل كولوسي من رومية بيد تيخيكس وأنسيمس " (كو4: 18).

" إلى فليمون كتبت من رومية على يد انسيمس الخادم " (فل1: 25).

" إلى العبرانيين كتبت من ايطاليا على يد تيموثاوس " (عب13: 25).

وكانت تقرأ كل رسالة من هذه الرسائل في هذه الكنائس المرسلة إليها ثم ينسخ منها نسخ وترسل للكنائس المجاورة وتستمر عملية النسخ من كنيسة إلى أخرى أو إلى مجموعة من الكنائس. وبنفس الطريقة كانت تنسخ نسخ الأناجيل وبقية أسفار العهد الجديد وترسل للكنائس القريبة والمجاورة، وكانت كل كنيسة تحتفظ بالسفر الذي كتب لها أصلاً، سواء كان هذا السفر إنجيلاً من الأناجيل الأربعة أو رسالة من رسائل الرسل أو سفر الأعمال أو سفر الرؤيا، وتحتفظ بنسخ من الأسفار التي كتبت أو أرسلت للكنائس الأخرى. يقول القديس بولس في رسالته إلى كولوسى: " ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرا أيضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقراونها انتم أيضا " (كو16: 4).

وكان هذا موقف الآباء الرسوليين، تلاميذ الرسل وخلفائهم الذين تسلموها منهم ككلمة الله واقتبسوا منها واستشهدوا بها ككلمة الله. فقد اقتبس القديس أكليمندس الروماني (حوالي 100م) من الأناجيل الثلاثة الأولى ومن خمس من رسائل القديس بولس والرسالة إلى يعقوب واستخدم مضمون الإنجيل للقديس يوحنا وقال عن رسالة القديس بولس الرسول إلى رومية: " انظروا إلى رسالة بولس الطوباوي. ماذا كتب لكم في بداية الكرازة بالإنجيل؟ في الواقع فقد كتب لكم بوحي من الروح القدس رسالة تتعلق به وبكيفا (أي بطرس) وأبولوس ".

وكانت تقرأ في اجتماعات العبادة الأسبوعية في الكنائس، خاصة في أيام الأحد، ويؤكد سفر الرؤيا على ترتيب الكنيسة وطقسها في قراءة الأسفار المقدسة في الاجتماعات والقداسات، وعلى حقيقة وحي السفر، فيقول " طوبى للذي يقرا وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لان الوقت قريب " (رؤ3: 1)، وتتكرر في السفر عبارة " من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس " سبع مرات (رؤ7: 2،11،17،29؛6: 3،13،22)، و" من له أذن فليسمع " (رؤ9: 13). ويقول القديس يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني: " وفى يوم الأحد يجتمع كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف معاً في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل (الأناجيل) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت "(6).

واقتبس القديس أغناطيوس الإنطاكي تلميذ القديس بطرس والرسل من الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس لوقا وسفر أعمال الرسل وخمس من رسائل القديس بولس الرسول، وكذلك من مضمون الإنجيل للقديس يوحنا وأشار لوحي كل رسائل القديس بولس الرسول وإيمان الكنيسة في عصره أنها كلمة الله فقال: " وقد اشتركتم في الأسرار مع القديس بولس الطاهر الشهيد المستحق كل بركة ... الذي يذكركم في كل رسائله بالمسيح يسوع "(7).

كما اقتبس القديس بوليكاربوس، تلميذ القديس يوحنا، 100 مرة من 17 سفراً من أسفار العهد الجديد؛ منها الأناجيل الثلاثة الأولى وسفر أعمال الرسل وتسع من رسائل القديس بولس ورسالة بطرس الأولى ورسالة يوحنا الأولى. كما أكد على وحي رسائل القديس بولس ككلمة الله الموحى بها فقال: " فلا أنا ولا أي إنسان آخر قادر على أن يصل إلى حكمة المبارك والممجد بولس الذي كان قائماً يعلم بين الذين عاشوا في تلك الأيام، وعلم الحق بدقة وثبات، وبعد رحيله ترك لكم رسائل إذا درستموها صرتم قادرين على أن تبنوا إيمانكم الذي تسلمتموه "(8).

مما سبق يتضح لنا أن الكنيسة الأولى في القرن الأول، وفي حياة الرسل، لم تتسلم سوى أسفار العهد الجديد ال 27 فقط: فقد كانت أسفار العهد الجديد السبعة وعشرين هي وحدها التي سلمها الرسل للكنيسة وقبلتها الكنيسة، التي تسلمتها من يد الرسل أنفسهم بعد أن كتبت أما بناء على طلب المؤمنين أو أرسلت إليهم كرسائل مختومة وممهورة بتوقيع الرسل أنفسهم وكان يحملها ويوصلها إليهم تلاميذ الرسل ومساعدوهم الذين كانوا معروفين للجميع، ككلمة الله المكتوبة بالروح القدس، ولم يكن هناك أي كتاب منسوب للرسل غيرها، ولم يظهر أي كتاب من الكتب الأبوكريفية في حياة الرسل وحتى منتصف القرن الثاني، فيما بين سنة 150 و 450م، وذلك بشهادة جميع العلماء والنقاد بكل مدارسهم واتجاهاتهم الفكرية والنقدية. أي بعد انتقال الرسل وخلفائهم، الآباء الرسوليين من العالم بعشرات ومئات السنين. وفي منتصف النصف الثاني من القرن الثاني وفي أوج وذروة وجود الهرطقة الغنوسية كان هناك القديس إيريناؤس (120 - 202م)، أسقف ليون، بفرنسا حاليا، وأحد الذين تتلمذوا على أيدي تلاميذ الرسل، خاصة القديس بوليكاربوس، وكما يقول القديس جيروم " من المؤكد أنه كان تلميذا لبوليكاربوس "(9)، والذي كان حلقة الوصل بين الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده، وقد كتب مجموعة من الكتب بعنوان " ضد الهراطقة " دافع فيها عن المسيحية وأسفارها المقدسة وأقتبس منها حوالي 1064 اقتباسا منها 626 من الأناجيل الأربعة وحدها و325 من رسائل القديس بولس الرسول الأربع عشرة و112 من بقية أسفار العهد الجديد، منها 29 من سفر الرؤيا. وأكد على حقيقة انتشار الأناجيل الأربعة ككلمة الله والإنجيل الوحيد، بأوجهه الأربعة، في كل مكان بقوله " لقد تعلمنا خطة خلاصنا من أولئك الذين سلموا لنا الإنجيل الذي سبق أن نادوا به للبشرية عامة، ثم سلموه لنا بعد ذلك، حسب إرادة الله، في أسفار مقدسة ليكون أساس وعامود إيماننا ... فقد كانوا يمتلكون إنجيل الله، كل بمفرده، فقد نشر متى إنجيلاً مكتوباً بين العبرانيين بلهجتهم عندما كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسسان الكنائس في روما. وبعد رحيلهما سلم لنا مرقس تلميذ بطرس ومترجمه، كتابة ما بشر به بطرس. ودون لوقا، رفيق بولس في سفر الإنجيل الذي بشر به (بولس)، وبعد ذلك نشر يوحنا نفسه، تلميذ الرب والذي اتكأ على صدره إنجيلا أثناء أقامته في أفسس في آسيا الصغرى "(10).

وقال عن وحدة الإنجيل " لا يمكن أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل مما هي عليه الآن حيث يوجد أربعة أركان في العالم الذي نعيش فيه أو أربعة رياح جامعة حيث انتشرت الكنيسة في كل أنحاء العالم وأن "عامود الحق وقاعدة " الكنيسة هو الإنجيل روح الحياة، فمن اللائق أن يكون لها أربعة أعمدة تنفس الخلود وتحي البشر من جديد، وذلك يوضح أن الكلمة صانع الكل، الجالس على الشاروبيم والذي يحتوى كل شيء والذي ظهر للبشر أعطانا الإنجيل في أربعة أوجه ولكن مرتبطة بروح واحد ... ولأن الإنجيل بحسب يوحنا يقدم ميلاده الأزلي القدير والمجيد من الآب، يقول " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " و " كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان ... ولكن الذي بحسب لوقا يركز على شخصيته (المسيح) الكهنوتية فقد بدأ بزكريا الكاهن وهو يقدم البخور لله. لأن العجل المسمن (أنظر لوقا 23: 15)، الذي كان سيقدم ذبيحة بسبب الابن الأصغر الذي وُجد، كان يعُد حالاً ... ويركز متى على ميلاده الإنساني قائلاً " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم " و " وكان ميلاد يسوع المسيح هكذا ". فهو إذا إنجيل الإنسانية، ولذا يظهر [ المسيح ] خلال كل الإنجيل كإنسان وديع ومتواضع. ويبدأ مرقس من جهة أخرى بروح النبوة الآتي على الناس من الأعالي قائلاً " بدء إنجيل يسوع المسيح، كما هو مكتوب في اشعياء النبي " مشيراً إلى المدخل المجنح للإنجيل. لذلك صارت رسالته وجيزة ومختصره لمثل هذه الشخصية النبوية "(11).

بل وأكد على وجود الإنجيل بأوجهه الأربعة وانتشاره في كل مكان حتى مع الهراطقة الذين كانوا يبدأون منها، بالرغم من أنهم دونوا كتباً خاصة بهم وأسموها أناجيل وأعمال رسل ورؤى ونسبوها للرسل ولبعض قادتهم، فقال " الأرض التي تقف عليها هذه الأناجيل هي أرض صلبة حتى أن الهراطقة أنفسهم يشهدون لها ويبدأون من هذه الوثائق وكل منهم يسعى لتأييد عقيدته الخاصة منها "(12).

وكان في روما أيضا العلامة هيبوليتوس (170 – 235م)، الذي اقتبس واستشهد بأسفار العهد الجديد أكثر من 1300 مرة وأشار إلى قراءتها في الاجتماعات العبادية العامة(13) كما أشار إلى قداستها ووحيها وكونها كلمة الله(14). وقد كتب أيضا كتبا ضد الهراطقة فند فيها كل نظرياتهم وأفكارهم السرية الصوفية مؤكداً أنها لا تمت بصلة لرسل المسيح أو خلفائهم ولا صلة لها بفكر المسيح. وفي القرن الخامس كان هناك القديس ابيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص الذي كتب أيضاً ضد الهراطقة وفند أفكارهم مؤكدا على ما سبق أن كتبه عنهم كل من إيريناؤس وهيبوليتوس. ولم يعقد أي مجمع مسكوني لتحديد ما هي الأسفار القانونية الموحى بها ولا أي مجمع غيره لرفض الكتب الأبوكريفية، كما لم تكن، الكتب القانونية ولا الأبوكريفية، مدرجة على جدول مجمع نيقية أو غيره، ولم تكن مثار أي حوار أو جدال في أي مجمع فقد تسلمت الكنيسة من الرسل وخلفائهم أسفار العهد الجديد، أما الكتب الأبوكريفية والتي خرجت من دوائر الهراطقة فلم يقبلها أحد وصارت محصورة فقط داخل دوائرهم الخاصة، فقد اعتبروها هم أنفسهم، كتباً سرية مكتوبة للخاصة فقط ولا يجوز للعامة قراءتها واندثرت باندثارهم. كما كانت الكنيسة تنظر إليها من بداية ظهورها على أنها كتبا هرطوقية كما جاء في الوثيقة الموراتورية وقانون البابا جلاسيوس والذي يشك أصلا في صحة نسبه إليه.

5 – الخلط بين هرطقة آريوس وبين الكتب الأبوكريفية:

وقد خلط الكاتب، عمداً أو جهلاً، بين رفض مجمع نيقية لكتابات آريوس الهرطوقية وما سماه بالأناجيل التي قررت إحراقها!! دون وجود أي إشارة تاريخية أو دليل على هذه الأقوال المدلسة الكاذبة!! وحاول إيهام القاريء أن رفض كتابات آريوس هو رفض لأناجيل غير مرضي عنها!! بل وحاول جهلاً أو عمداً أن يوحي للقاريء أنه كان لدى آريوس أناجيل أخرى رفضها مجمع نيقية وأمر بإحراقها!! وهذا يدل أما على جهل أو تدليس متعمد. وراح يستخدم مراجع في غير محلها فنقل قول المؤرخ وول ديورانت في كتابة قصة الحضارة المجلد الثالث: " وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب آريوس جميعها، ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام ". وقول الكاتب المسيحي حبيب سعيد: " وبذلك فض المؤتمر النزاع القائم، وقرر إبعاد آريوس وأتباعه وحرق الكتاب الذي أودعه آراءه الملحده "!!!

وهذا الخلط الذي عمله كاتب المقالة أما جهلاً ودون فهم أو وعي أو عمداً ليظهر للقاريء غير العارف بأمور المسيحية أن الكنيسة أحرقت كتبها الأصلية، بما يوحي للقاريء احتمال وجود العقائد المختلف عليها بين المسيحية والإسلام في هذه الكتب!!!!

وهنا نسأله ما العلاقة بين كتب أريوس الذي كان يؤمن بأسفار العهد الجديد السبعة والعشرين وبين هذه الكتب المنحولة؟؟!! فهذا مجرد تخبط وعدم فهم وخلط للأمور فكتب أريوس كانت، كما نعرف مما نقله الآباء عنها في ردهم عليها ومما جاء في سجلات مجمع نيقية ومن رسائله التي أرسلها إلى بطريرك الإسكندرية وإلى الإمبراطور قسطنطين وصديقة يوسابيوس النيقوميدي، تنادي بعكس الإيمان المستقيم ولكنها لا تنكر لا ألوهية المسيح ولا صلبه ولا فداءه للبشرية ولا إيمانه بأسفار العهد الجديد السبعة والعشرين كما هي بين أيدينا، بل ولم يستعن على الإطلاق بأي حرف من الكتب الأبوكريفية، فقد آمن آريوس أن الله غير مرئي وغير مدرك ولا يمكن أن يمس المادة النجسة لذا لم يخلق الكون ولكنه خلق إلها آخر وسط بينه وبين المادة، وأعطاه أن يخلق الكون وكل ما فيه، فهو الخالق الفعلي للكون والبشر، وهو، المسيح، الذي يدير الكون ويدبره ويرعاه باعتباره خالقه، وعندما أخطأت البشرية أخلى نفسه من مجده ولاهوته وتجسد وصلب ليقدم لها الفداء، وبالتالي فالمسيح هو ختام الإعلان الإلهي الذي لا يمكن يأتي أحد بعده على الإطلاق!!!!

الفصل الرابع

الكتب الأبوكريفية المنحولة متى كتبت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

يتكلم هؤلاء الكُتّاب من نقاد المسيحية، كما بينّا في الفصل السابق، عن كتب لم يقرأوها ولا يعرفون عنها شيئاً، بل ولم يفكروا مجرد التفكير في قراءتها ومعرفة محتواها، ولم يحاولوا معرفة لماذا رفضتها الكنيسة ولا ما كتبه آباء الكنيسة الذين درسوها وحللوا محتواها الذي خلط بين الفكر المسيحي والفكر الغنوسي الوثني في حينه وكانوا يعرفون مصادرها التي صدرت عنها وأسماء كتابها من الهراطقة، وقد أثبتت الاكتشافات الأثرية لمخطوطات هذه الكتب والدراسات العلمية الحديثة لها صدق وأمانة هؤلاء الآباء ودقتهم فيما كتبوه عنهم وحكمهم السديد عليها.

ولكي نضع الصورة واضحة أمام القاريء نسجل هنا أسماء هذه الكتب الأبوكريفية، المزيفة، والتي كتبت فيما بين منتصف القرن الثاني والخامس للميلاد، كما ذكرها بعض أباء الكنيسة وكما ذكرت في المرسوم المنسوب للبابا جلاسيوس بابا روما في نهاية القرن الخامس، والبطريرك نيسيفوروس بطريرك القسطنطينية في بدادية القرن التاسع، وكما وجدت في المخطوطات التي تم اكتشافها في القرنين الماضيين. والتي قمنا بترجمتها ونشر الجزء الأول منها وسنصدر الجزء الثاني منها خلال الأيام القادمة.

ونبدأ بالمرسوم المسمى بالمرسوم الجلاسياني(1)، والمنسوب للبابا جلاسيوس الخامس (496م)، وهو عبارة عن قائمة بأسفار العهد الجديد السبعة والعشرين القانونية كما تسلمتها الكنيسة من الرسل. والذي جاء به أيضا قائمة بالكتب الأبوكريفية المحرمة، وأمام كل منها عبارة " أبوكريفي ". ويفصل هذا المرسوم بشدة بين هذه الكتب الأبوكريفية المرفوضة والأسفار القانونية. وفيما يلي أهم ما جاء في هذا المرسوم:

" كتاب دليل (كتاب) الرحلات تحت اسم بطرس الرسول، والذي يسمى الكتب التسعة للقديس أكليمندس، أعمال تحت اسم أندراوس الرسول، أعمال تحت اسم توما الرسول، أعمال تحت اسم بطرس الرسول، أعمال تحت اسم فيليبس الرسول، إنجيل تحت اسم متياس، إنجيل تحت اسم برنابا (غير الإنجيل المزيف الموجود حاليا)، إنجيل تحت اسم يعقوب الأصغر، إنجيل تحت اسم بطرس الرسول، إنجيل تحت اسم توما، والذي يستخدمه المانيون، إنجيل تحت اسم برثولماوس، إنجيل تحت اسم أندراوس، الإنجيل الذي زيفه لوسيان، الإنجيل الذي زيفه هوسيخوس. كتاب عن طفولة المخلص، كتاب عن ميلاد المخلص أو عن مريم أو آلامه، كتاب يسمى الراعي، كل الكتب التي عملها ألفها لوسيان تلميذ الشيطان ... رؤيا منسوبة لبولس، رؤيا منسوبة لتوما، رؤيا منسوبة لأستيفانوس، كتاب يسمى عودة القديسة مريم للموطن ... هذه وما على شاكلتها من الذي كتبه سيمون الساحر ونيقولاوس وكيرنثوس ومركيون وباسيليدس وأبيون ... مونتانوس ... فالنتينوس، المانيون ".

وجاء في قائمة نيسيفوروس (Stichometry of Nicephorus)(2) بطريرك القسطنطينية (806 - 818م) والذي ذهب إلى بغداد وهناك وجد العديد من هذه الكتب الأبوكريفية فقرأها وأحصى عدد سطورها. وننقل أهم ما جاء بها عن الكتب الأبوكريفية الخاصة بالعهد الجديد: " رؤيا بطرس300 سطر، إنجيل العبرانيين 2200 سطر، أعمال بولس 3600 سطر، أعمال بطرس2750 سطر، أعمال يوحنا 2500 سطر، أعمال توما 1300 سطر، إنجيل توما 1300 سطر ".

ومن الواضح أن قائمة نيسيفوروس والكثير من هذه الكتب كان موجودا في بطريركية القسطنطينية، والتي جاء بها من بغداد ثم قرأها خلفه فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9(3)، ومن ثم فقد قال عنها: " أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، وغاصة بالحماقات والمتناقضات ". ثم يختم بقوله أنها تحوي " عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافي الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات "(4).

وتتكون هذه الكتب من عدة مجموعات أهمها:

(1) كتب أسطورية خاصة بميلاد العذراء والمسيح وطفولتهما وصبوتهما، تروي ميلاد المسيح وطفولته وكذلك ميلاد وطفولة العذراء القديسة مريم بشكل أسطوري.

(2) كتب أبيونية، مسيحية ذات صبغة يهودية، مبنية أساساً على النص العبري للإنجيل للقديس متى، إذ تضم نصه مع بعض التعديلات التي تتناسب مع فكر هذه الفرقة المسيحية اليهودية التي تمسكت بعادات ونواميس وتقاليد اليهودية.

(3) كتب غنوسية تقدم الفكر الغنوسي من خلال كتب أسمتها أناجيل وأعمال للرسل أو رؤى للرسل ونسبتها لرسل المسيح أو لقادتها وقد بنتها على أساس ما جاء في الأناجيل الأربعة وسفر الأعمال وسفر الرؤيا، خاصة الإنجيل للقديس يوحنا وبقية أسفار العهد الجديد. بل واتخذت منها خلفية لها وانطلقت منها وراحت تبني عليها أفكارها الخاصة.

وتنقسم هذه الكتب إلى:

(أ) كتب سُميت أناجيل ونسبت لرسل المسيح وزعم كل واحد منها أنه تعليم سري خاص جدا أعطاه المسيح، سراً، للتلميذ الموضوع اسمه على الكتاب وزعم أنه ظهر له وحده بعد قيامته من الموت أو بعد صعوده إلى السماء وكشف له وحده هذا السر الذي بني عليه الكتاب!! كما سميت بعض هذه الكتب بأسماء كتابها مثل إنجيل مركيون أو الفئة الهرطوقية التي استخدمتها مثل إنجيل الأبيونيين.

(ب) كتب سُميت أعمال ونسبت للرسل مثل أعمال بولس أو يوحنا 00 الخ وقد بنيت أساسا على بعض التقاليد الشفوية عن هؤلاء الرسل، وعلى سفر أعمال الرسل وأيضا على أعمال يوحنا الذي كتب في القرن الثاني وتأثرت به أعمال كثيرة مثل أعمال بطرس وأعمال أندراوس اللذين يتشابهان معه كثيرا.

(ج) كتب سُميت رؤى نسبت للرسل والتي اتخذت من رؤى العهد القديم وخاصة الرؤى المنحولة التي كتبت فيما بين العهدين نموذجاً لها، كما بنيت أيضاً على نموذج رؤيا القديس يوحنا القانونية.

(د) رسائل نسبت للمسيح، مثل الرسالة إلى الملك أبجار ملك أوديسا، ورسائل القديس بولس مثل الرسائل التي قيل أنها تبادلت بينه وبين الفيلسوف الروماني سينيكا، والتي كُتبت بنفس أفكار ونفس آيات وعلى نمط رسائل العهد الجديد.

(ر) كتبت صلوات وإرشادات وتعاليم دينية كتب بعضها نقلاً عن بعض أباء الكنيسة وكتب بعضها قادة الهراطقة.

وقبل أن نقدم فكرة عامة عن كل كتاب من هذه الكتب نؤكد على حقيقة هامة وجوهرية وهي أن هذه الكتب، الأبوكريفية، لم تناقش في أي مجمع من مجامع القرون الخمسة الأولى، سواء المكانية أو المسكونية، ولم تختلط في يوم من الأيام بأسفار العهد الجديد السبعة وعشرين، القانونية والموحى بها، لأنها لم تكتب لا في زمن تلاميذ المسيح ورسله الذين رحلوا عن هذا العالم فيما بين سنة 65م و100م وكان أخرهم هو القديس يوحنا، ولا في زمن تلاميذهم المباشرين أو خلفائهم الذين رحلوا عن العالم في أواخر القرن الأول وبداية القرن الثاني. فقد دونت الأسفار ال 22 الأولى من الأسفار القانونية الموحى بها، فيما بين سنة 50م و70م، ودونت بقيتها، كتابات القديس يوحنا، فيما بين سنة 75م و95م. في حين أن هذه الكتب الأبوكريفية كتبت فيما بين سنة 150م و450م وما بعد ذلك بكثير!! كما أنها، وخاصة الكتب الغنوسية منها، لم تكن في متناول العامة ولم تكن متداولة خارج نطاق الدوائر الهرطوقية التي أنتجتها، لأن هذه الدوائر تصورت أنها هي وحدها الأكثر سموا وإدراكاً للمفاهيم المسيحية الجوهرية أكثر من كل المسيحيين بل وأكثر من تلاميذ المسيح ورسله أنفسهم!! لذا اعتبرت هذه الكتب كتابات سرية، خاصة بها وحدها، ولم تتركها للتداول بين عامة المسيحيين لأنها تصورت أن الذين من خارج دوائرهم الهرطوقية لن يفهموا محتواها!! ومن هنا سُميت بالأبوكريفية، أي السرية، ثم تحولت الكلمة، أبوكريفا، في المسيحية من السرية إلى المزيفة لأن من زيفها وألفها هم قادة هذه الفرق الهرطوقية الغنوسية. ولذا فلم تكن هذه الكتب، الغنوسية، منتشرة بين عامة المسيحيين كما زعم نقاد المسيحية بغير علم ولا معرفة!! فلم يعرف العامة سوى بعض الكتب الأسطورية مثل الكتب الخاصة بميلاد المسيح وما سمي بإنجيل نيقوديموس.

ولكن بعض قادة الكنيسة في الغرب وهم: القديس إيريناؤس أسقف ليون (120 - 202م)، والعلامة ترتليان (145 -220م)، من شمال أفريقيا، وهيبوليتوس الروماني (170-235م)، وأبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص (315-408م)، انشغلوا بهذه الكتب وبما جاء فيها فقاموا بدراستها وتحليلها وردوا على ما جاء بها من هرطقات وأخطاء وأساطير وتعاليم تختلف اختلافاً جوهرياً عما تسلمته الكنيسة من تلاميذ المسيح ورسله وخلفائهم، ولا تزال هذه الكتب التي كتبها هؤلاء الآباء موجودة بين أيدينا الآن وبعدة لغات. وقد أثبتت الاكتشافات الحديثة للمخطوطات والدراسات العلمية لها مصداقية ودقة هؤلاء الآباء وأمانتهم العلمية والأدبية.

وفيما يلي نقدم ملخصاً لجميع هذه الكتب الأبوكريفية التي وجدت في هذه القوائم وغيرها، سواء التي اكتُشفت في مكتبة نجع حمادي سنة 1945م أو التي تم اكتشافها قبل ذلك، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، الموجودة كاملة أو التي يوجد منها أجزاء صغيرة فقط أو التي لا نعرف سوى أسمائها، وذلك بحسب ما كتبه آباء الكنيسة الذين درسوها في حينها، وبحسب دراستنا وترجمتنا نحن لها ودراسة العلماء والمتخصصين لها:

1 – الكتب المسماة بأناجيل الطفولة(5):

ذكرت الأناجيل القانونية، الأحداث الرئيسية لميلاد المسيح وطفولته، وهي البشارة بالحبل بيوحنا المعمدان وميلاده (لو1: 5 – 25). وبشارة الملاك للعذراء بالحبل بالمسيح وميلاده (لو1: 26-38). وزيارة العذراء لأليصابات وميلاد يوحنا المعمدان (لو1: 39 -64)، وشك يوسف النجار في العذراء وبشارة الملاك له (مت1: 18-25). وميلاد المسيح في بيت لحم (لو2: 1-20). والختان ودخول الطفل يسوع الهيكل ونبوات سمعان وحديث حنة النبية عنه مع جميع المنتظرين فداء في إسرائيل (لو2: 21-38). وظهور النجم للمجوس ومجيئهم إلى أورشليم ثم بيت لحم (مت2: 1-12). وقتل أطفال بيت لحم ورحلة هروب العائلة المقدسة إلى مصر وعودتها منها إلى الناصرة (مت2: 13-23). وأخيراً الطفل يسوع يناقش الشيوخ ويسألهم في الهيكل في سن 12 سنة (لو2: 41-52).

وكان هدف تدوين هذه الأحداث، بالروح القدس، هو: تعريف المؤمنين بأصل المسيح السماوي كابن الله العلي، وتجسده من الروح القدس ومن مريم العذراء، وكونه الوارث لعرش داود الروحي، من جهة نسبه ليوسف وميلاده من العذراء، وكليهما من نسل داود، والرد على الادعاءات اليهودية الكاذبة التي أنكرت، بعد الكرازة المسيحية، الميلاد العذراوي للمسيح، وفرح السمائيين والأرضيين بتجسده لخلاص البشرية، وتتميم النبوات التي سبقت وأعلنت عن تفاصيل تجسده وميلاه، مجيئه لخلاص كل البشرية، ومواجهته للآلام منذ طفولته.

وبرغم كفاية ذلك، إلا أنه لم يشبع فضول العامة والبسطاء وأصحاب الفكر الهرطوقي، الذين رغبوا في معرفة تفصيلات ومعلومات أكثر عن ميلاد المسيح وطفولته وصبوته!! وكانت الأحداث المذكورة في كل من الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس لوقا تشكل تربة خصبة لإطلاق الخيال الأسطوري لتأليف روايات أسطورية خيالية تنطلق منها. فراح يختلق روايات وأحداث ترجع لما وراء هذه الأحداث الحقيقية وتتقدم للأمام وتنسج القصص الأسطورية التي تختص ليس بالميلاد فقط، بل تتجه نحو العذراء وتهتم بالسيرة الذاتية لها، وترجع لما قبل ميلادها وكيفية نشأتها وتربيتها في الهيكل وعناية الملائكة بها وإطعامها من السماء، إلى بشارة الملاك لها، وتتجه ليوسف البار، الرجل البار الذي أستحق أن يكون خطيب العذراء، وأن ينسب إليه المسيح، وتقدم سيرة لحياته، وتتكلم عن زواجه قبل العذراء وأنه كان أرملاً وقت خطوبته لها، وتعلل وجود أخوة للمسيح بأنهم أولاد يوسف من زوجته السابقة، المتوفاة. وتحاول التأكيد على عقيدة الكنيسة في دوام بتولية العذراء بصورة تفصيلية ولكن بشكل دوسيتي (خيالي) غنوسي غير أرثوذكسي.

وقد وصفت هذه الأحداث بمسحة غنوسية دوسيتية، تنكر حقيقة جسد المسيح، ومع ذلك حاولت تأكيد تجسده بميلاده من العذراء، مع التأكيد على دوام بتوليتها.

V إنجيل الطفولة ليعقوب، أو إنجيل يعقوب الأولي:

ويرجع للقرن الثاني(6)، ويروى روايات عديدة عن الحبل بالعذراء مريم وميلادها وطفولتها وبشارة الملاك لزكريا والحبل بيوحنا المعمدان، وبشارة الملاك للعذراء وميلاد الرب يسوع المسيح بعد ميلاد المعمدان وقتل أطفال بيت لحم، وينتهي بقتل زكريا الكاهن بين الهيكل والمذبح(7). ويشير كل من القديس يوستينوس وكذلك العلامة أوريجانوس والقديس أكليمندس الإسكندري، إلى وجود هذا الكتاب في نسخته الأولية، قبل أن يتم توسيع محتواه في القرن الرابع. وقد حرمه في الكنيسة الغربية الباباوات ديدمسوس (382م) وانوسنت الأول (405م) والبابا جلاسيوس (496م).

V إنجيل الطفولة لتوما:

ويرجع للقرن الثاني(8)ويروى عدة روايات عن طفولة المسيح من سن الخامسة إلى الثانية عشر، وينسب له معجزات عديدة كشفاء الأمراض وإحياء الموتى وخلق طيور من طين(9). ويرجع أقدم اقتباس من هذا العمل للقديس إيريناؤس حوالي سنة 180م مما يدل على أن رواياته وقصصه الأولية كان لها وجود قبل هذا التاريخ بقليل، ويتفق جميع من درسوا هذا النص على أنه كتب في النصف الثاني من القرن الثاني، فهناك وثيقتان، هما Epistula Apostolorum (والذي سنتكلم عنها لاحقاً) وضد الهراطقة للقديس إيريناؤس، تشيران إلى ما جاء في هذا الكتاب وهما عن طلب المعلم اليهودي الذي كان من المفروض أن يعلم الطفل يسوع " قل ألفا - A " وإجابة الطفل يسوع له " أخبرني أولا ما هي البيتا – B ". كما يتفق العلماء على أنه سبق الكتابة فترة من النقل الشفهي للنص ككل أو لعدة روايات مختلفة قبل أن تنقح وتدون. كما أشار لهذا العمل أيضاً كل من العلامة هيبوليتوس والعلامة أوريجانوس في بداية القرن الثالث، ولكن بصورة غير واضحة تماماً.

V إنجيل الطفولة المنحول باسم متى:

وهو عبارة عن رسائل مزورة يزعم كاتبه أنها كانت بين القديس جيروم وأسقفين إيطاليين، مع الادعاء زوراً بأن جيروم قد ترجمها إلى اللاتينية من الأصل العبري. ولا يوجد هذا الكتاب المزيف إلا في اللاتينية ويبدو أنه لم يكن له وجود قبل القرن الخامس. ويعتمد هذا الكتاب المنحول على إنجيل يعقوب التمهيدي المنحول كثيراً مع إضافات من مصدر غير معروف (الأرجح غنوسي)، كما يأخذ معجزات أخرى من إنجيل الطفولة لتوما الإسرائيلي المنحول والخاصة بالرحلة إلى مصر. ويحكي ميلاد العذراء وطفولتها وميلاد المسيح وطفولته إلى سن الثانية عشرة، ويروي العديد من المعجزات والروايات الخيالية التي، يقول، أنها حدثت أثناء طفولة المسيح وأثناء رحلة الهروب إلى مصر مثل تحطيم أوثان مصر وانحناء النخلة العالية للعذراء لتعطيها من ثمرها لتشبع به جوعها وجعل النخلة تخرج من جذورها ماء عذباً يروي ظمأ العذراء ويوسف.

V حياة يوحنا المعمدان:

كتبه سيرابيون أسقف ثمويس Serapion Bishop of Thmuis، سنة 390م، عن تقاليد سابقة عليه، وهو مجرد سيرة مثل سير القديسين التي كتبت عبر تاريخ الكنيسة، تفصل حياة يوحنا المعمدان.

V تاريخ يوسف النجار:

كتب في القرن الخامس الميلادي ويحاول شرح طفولة المسيح خاصة في سن الثانية عشرة كما جاءت في إنجيل الطفولة ليعقوب، الذي ذكرناه أعلاه.

V إنجيل الطفولة العربي:

ويرجع إلى القرن الخامس وما قبله وهو مترجم إلى العربية من السريانية وتوجد فصوله الأولى من (1-9) في أناجيل متي ولوقا وإنجيل يعقوب الأول، كما توجد الفصول من (36-55) في إنجيل توما، وبقية الفصول من (10- 35) شرقية في أسلوبها مثل روايات فرسان العرب. وقد جاء فيه عن خلقة المسيح لعصافير وطيور من الطين " وصنع أشكالا من الطيور والعصافير، التي طارت حينما أمرها أن تطير، ووقفت ساكتة عندما أمرها أن تقف وأكلت وشربت عندما أعطاها طعاما وشرابا "(10).

2 – الكتب المسماة بالأناجيل المسيحية ذات الصبغة اليهودية(11):

الإنجيل أو الأناجيل(12)التي استخدمها المسيحيون من أصل يهودي الذين تمسكوا بالناموس اليهودي، وهم الناصريون(13)، والأبيونيون(14) الذين خرجوا عنهم في النصف الأول من القرن الثاني. وهي إنجيل الناصريين وانجيل العبرانيين وانجيل الأبيونيين، وهي قريبة الشبه جدا بإنجيل متي، بل هي إنجيل متي مع حذف الإصحاحين الأول والثاني(15)، وإضافة عبارات تفسيرية ونصوص تلائم أفكارهم الغنوسية اليهودية. وترجع هذه الأناجيل إلى أوائل القرن الثاني. وقد أحتفظ لنا آباء الكنيسة بفقرات عديدة منها(16).

V إنجيل العبرانيين:

ترجم هذا الكتاب القديس جيروم في القرن الرابع ونقل عنه فقرات عديدة في كتاباته. وترى الغالبية العظمى من العلماء أنه كُتب في نهاية القرن الأول أو بداية القرن الثاني، وأنه شبيه بالإنجيل للقديس متى للدرجة التي جعلت أغلبهم يرى أنه هو نفس الإنجيل الذي للقديس متى مع حذف الإصحاحين الأول والثاني الخاصين بميلاد المسيح ورحلة الهروب إلى مصر. وأيضاً به الكثير من التعديلات التي تناسب فكر هؤلاء، خاصة الأبيونيين مثل قوله: " عندما رغب الآب الصالح في مجيء المسيح إلى الأرض لإتمام الخلاص، نادى من بعيد قوة أسمها ميخائيل، وأوصاها بالسهر على المسيح خلال مهمته. وجاءت القوة إلى العالم ودُعيَتْ مريم، وحل المسيح سبعة أشهر في أحشائها إلى أن ولدته، ثم كَبَر واختار رُسلُه، صُلِبَ ورفعه الآب "(17).

V إنجيل الأبيونيين:

والذي يقول عنه ابيفانيوس أسقف سلاميس، وأن كان بلغة مربكة وغير واضحة تخلط بينه وبين الإنجيل للقديس متى والإنجيل بحسب العبرانيين فيقول: " في الإنجيل الذي قبلوه (الأبيونيين)، بحسب متى كما يُقال، ولكنه في الحقيقة، ناقص جداً، ومشوه، ومبتور، ويسمونه الإنجيل العبراني ". وهو على الأرجح إنجيل الرسل الأثنى عشر نفسه. وهو " نص يوناني من النصف الأول من القرن الثاني م. يحقره جيروم وأوريجانوس، باعتباره هرطقة، نشأ النص في الشيعة الأبيونية، التي تضم غنوسيين متهودين، يستمدون اسمهم من كلمة عبرية تعنى " فقراء ". كان هؤلاء يريدون فرض نير الشريعة على الوثنيين بسلوكهم التقشُّفي، ويُنكرون ألوهية يسوع. وقد عارضوا الذبائح، وجعلوا يوحنا كما المسيح يجاهران بالنظام الغذائي النباتي. النص قريب من إنجيل العبرانيين ويستند مثله إلى متى وحده "(18).

V إنجيل الناصريين: وقد كان مع القديس جيروم وترجمه إلى اللاتينية وقال عنه: " وفضلا عن ذلك فهذا (الإنجيل) العبري نفسه محفوظ هذه الأيام في مكتبة قيصرية وكان قد جمعه بهذه العناية الشهيد بامفيلوس، وكانت لدي أنا نفسي الفرصة لنقله عن طريق الناصريين الذين يستخدمونه (الكتاب) في مدينة بيرويا في سوريا "(19). ويضيف أيضاً: " الإنجيل المسمي بحسب العبرانيين الذي ترجمته حديثا إلى اليونانية واللاتينية والذي يستخدمه أوريجانوس تكرارا، يسجل بعد قيامة المخلص: " وعندما أعطي الرب رداء الكتان لخادم الكاهن ذهب ليعقوب وظهر له (1كو7: 5). لأن يعقوب أقسم أنه لن يأكل خبزا من الساعة التي شرب فيها كأس الرب (مر25: 14) حتى يراه قائما من بين الراقدين. وبعد ذلك بوقت قصير قال الرب: أحضر مائدة وخبز! وفي الحال أضيف: وأخذ الخبز وباركه وكسره (مر22: 14) وأعطاه ليعقوب البار وقال له: " أخي كل خبزك لأن ابن الإنسان قام من بين الراقدين "(20).

3 – الكتب المسماة بالأناجيل الغنوسية(21) والمانية:

وهي الأناجيل التي كتبها واستخدمها زعماء وأفراد هذه الهرطقة(22)وأعطوها أسماء رسل المسيح، كإنجيل بطرس، وأسماء مستخدميها كإنجيل المصريين، وأسماء زعماء الغنوسية، كإنجيل مركيون(23). وبرغم أن هذه الكتب تحمل شهادة قوية للاهوت المسيح وصلبه وقيامته ألا أنها تمتلئ بالأفكار الهرطوقية الخيالية والأسطورية. فهي مزيج بين الفكر المسيحي واليهودي والغنوسي السابق للمسيحية والذي خلط بين الفكر الأفلاطوني والديانات المصرية والكلدانية والزردشتية.

V إنجيل كيرنثوس:

كان كيرنثوس هذا معاصرا للقديس يوحنا الإنجيلي، ويقول عنه القديس إيريناؤس أنه كان متعلما بحكمة المصريين، وكانت فكرته الأساسية تقوم على " أن العالم لم يخلقه الإله السامي، ولكن خلقته قوة معينة منفصلة بعيدا عنه وعلى مسافة من هذا المبدأ الذي هو سامي على الكون ومجهول من الذي فوق الكل. وقال أن يسوع لم يولد من عذراء، وإنما ولد كابن طبيعي ليوسف ومريم بحسب ناموس الميلاد البشري وقال أنه كان أبر وأحكم وأسمى من البشر الآخرين، وعند معموديته نزل عليه المسيح (الإله) من فوق من الحاكم السامي ونادى بالآب غير المعروف وصنع معجزات. ثم رحل المسيح (الإله) أخيرا من يسوع وتألم وقام ثانية، بينما ظل المسيح (الإله) غير قابل للألم لأنه كان كائنا روحياً "(24).

V إنجيل باسيليدس:

يقول القديس إيريناؤس أن باسيليدس هذا والذي كان من قادة الغنوسيين نادى بعقيدة غنوسية للخليقة شديدة التعقيد فقال: " أن العقل (ناوس - Nous) كان هو بكر الآب غير المولود (الذي لم يولد). والذي منه ولد اللوجوس (Logos)، ومن اللوجوس (Logos) فرونيسيس (Phronesis)، ومن فرونيسيس (Phronesis) صوفيا (الحكمة - Sophia) وديناميس (القوة - Dynamis)، ومن صوفيا (الحكمة - Sophia) وديناميس (القوة - Dynamis) خُلقت القوات والسلاطين والملائكة. الذين يدعونهم الأول، وبواسطتهم خُلقت السماء الأولى. ثم تشكلت قوات أخرى منبثقة من هذه وخلقت سماء أخرى شبيهة بالأولى: وبنفس الطريقة، عندما تشكلت قوات أخرى بالانبثاق عنهم متماثلين مع الذين فوقهم تماماً، شكلوا هم أيضاً سماء ثالثة، ثم من هذه المجموعة الثالثة، في ترتيب أدنى، كان هناك تتابع رابع لهذه القوات وهكذا، على نفس المثال أعلنوا أن هناك الكثير والكثير من القوات والملائكة، وثلاثمائة وخمسة وستون سماءً، تشكلت!! أي أن عدد السموات على عدد أيام السنة!!

وقد شكل هؤلاء الملائكة الذين يحتلون السماء السفلى، أي المرئية لنا كل شيء في هذا العالم. وجعلوا لكل منهم حصة على الأرض وعلى الأمم التي عليها. وكان رئيس هؤلاء (الملائكة)، كما زعموا، هو إله اليهود، ولأنه أراد أن يخضع كل الأمم لشعبه، أي اليهود، فقد قاومه كل الرؤساء الآخرين وواجهوه. وكانت كل الأمم الأخرى في عداوة مع أمته. ولكن الآب غير المولود (الذي لم يولد) ولا اسم له أدرك أنهم يجب أن يدمروا، أرسل مولودة الأول العقل (ناوس - Nous)، الذي يسمى المسيح، ليخلص الذين يؤمنون به من قوة أولئك الذين خلقوا العالم. وظهر على الأرض كإنسان، لأمم هذه القوات وصنع معجزات. ولكنه لم يعاني هو نفسه الموت ولكن سمعان القيرواني، ولأنه حمل الصليب نيابة عنه، لذا فقد تغير الأخير في المظهر لكي يظن أنه يسوع، وصلب بجهل وخطأ، بينما أخذ يسوع نفسه شكل سمعان، ووقف جانباً يضحك عليهم. لأنه (المسيح) كان قوة غير مادية، وعقل Nous الآب غير المولود (الذي لم يولد). وكان يغير مظهره كما يشاء. وهكذا صعد إلى الذي أرسله ساخراً منهم لأنه لم يكن ممكناً أن يقبض عليه كما كان غير مرئي من الكل. وقد تحرر أولئك الذين عرفوا هذه الأشياء من القوات التي خلقت العالم. ولذا فليس ملزم لنا أن نعترف بمن صلب، بل بالذي جاء في شكل إنسان وأُعتقد أنه صلب، وكان يدعى يسوع وكان قد أرسل من الآب، وبهذا التدبير الإلهي يستطيع أن يدمر أعمال الذين خلقوا العالم "(25).

V إنجيل مركيون(26):

ظهر مركيون في النصف الأول من القرن الثاني ونادي بعقيدة غريبة وشاذة ومضادة لما تسلمته الكنيسة عن الرسل وتلاميذ المسيح " الإيمان المسلم مرة للقديسين " (يه1: 3)، وهي قوله بوجود إلهين في الكون: الإله السامي والصالح وغير المعروف، إله الحب الذي أُعلن في يسوع المسيح، الذي قال بأنه ظهر على الأرض في شبه جسد ولكنه لم يأخذ جسدا حقيقياً، وإله العهد القديم واليهود، خالق الكون الذي كان جاهلا بوجود الإله السامي ولم يعرف عنه شيئاً إلا بعد أن أُعلن في يسوع المسيح. ووضع هذه العقيدة في كتاب اسماه " المتناقضات – Antithesis ". ونادى فيه برفض العهد القديم وإله العهد القديم وميز بينه وبين الإله السامي والصالح، إله الحب. ويقول عنه يوستينوس الشهيد (100 – 165م)، والذي كتب سنة 150م: أنه كان " يعلم الناس أن ينكروا أن الله هو خالق كل شيء في السماء والأرض وأن الأنبياء تنبأوا عن المسيح ابن الله "(27).

وقال أن المسيح لم يولد من العذراء ولم يعرف ميلادا ولا نموا ولا حتى مظهر هذه الأحداث إنما ظهر بطريقة فجائية وفي هيئة بشرية احتفظ بها بحسب الظاهر إلى موته على الصليب(28)‍‍!!

وقبل عشرة فقط من رسائل القديس بولس والإنجيل للقديس لوقا فقط وأسماه بإنجيل الرب ورفض بقية أسفار العهد الجديد. ولكنه لم يبق عليه كما هو بل حذف منه كل ما يختص بالعهد القديم ونبواته عن المسيح وكل ما يتصل بالحبل به وميلاده ومعموديته بل بدأ بخدمته في كفر ناحوم، وكأنه نزل من السماء إليها مباشرة، ومن ثم فقد حذف الإصحاحات الثلاثة الأولى فيما عدا الآية الأولى من الإصحاح الثالث، كما حذف حوالي نصف الإصحاح الرابع ويستمر الاتفاق بعد ذلك بين إنجيل مركيون والإنجيل للقديس لوقا على أساس أن الإصحاح الخامس في الإنجيل للقديس لوقا يقابل الثاني في إنجيل مركيون والسادس يقابل الثالث، وهكذا.

V إنجيل أبيليس Appelles:

والذي كان تلميذا لمركيون وكانت أفكاره مثل أفكار قادة الغنوسية من أمثال فالنتينوس وباسيليدس، ويذكر العلامة ترتليان تعليم فرقته التي كانت تقول أن أمير الشر الناري بنى الجسد ليضل الأرواح "(29).

V إنجيل ماني Mani:

إنجيل ماني، أو " الإنجيل المتوافق "، فقد استخدم ماني الهرطوقي " المبتدع(30) الأناجيل الأربعة الصحيحة إلى جانب دياتسرون تاتيان(31) والأناجيل الأبوكريفية مثل إنجيل فيلبس وكتاب طفولة الرب وجمعها في مجلد واحد، متوافق، وأسماه الإنجيل المتوافق، وكان شبيهاً بدياتسرون تاتيان(32). وله كتاب أخر يدعى " الإنجيل الحي "، أو " أنجيل الحي " و "الإنجيل العظيم "(33)، وقد كتبه ماني إلى جانب الإنجيل المتوافق، " وأدعي أنه نزل عليه من السماء، وقد جاء فيه " أنا ماني، رسول يسوع الصديق (Friend) في حب الآب"(34).

4 - الكتب المسماة بأناجيل الأقوال والأخلاقيات:

V إنجيل توما(35):

وهو غير إنجيل الطفولة لتوما، ويرجع إلى القرن الثاني وقد ذكره كل من القديس هيبوليتوس (230م) والعلامة أوريجانوس (233م)، وقد اكتشفت نصوصه كاملة ضمن مجموعة نجع حمادي. وهو عبارة عن مجموعة من الأقوال السرية المنسوبة للرب يسوع المسيح. ومن نفس نوعية الكتب الغنوسية التي تقول بتعدد أشكال للمسيح لأنه من وجهة نظرهم ظهر، كإله، في هيئة ومنظر وشبه جسد، شبح، وقد جاء في أحد أقواله: " قال يسوع لتلاميذه: " قارنوني بشخص واخبروننى بمن أشبه؟ قال سمعان بطرس: " أنت مثل ملاك بار ". قال متى: " أنت مثل فيلسوف حكيم "، قال توما " يا معلم، يعجز فمي أن يقول مثل من أنت ". قال يسوع: " أنا لست معلمك، ولكنك شربت فانك سكرت من عين الماء المتدفقة التي اعتنيت ُ أنا بها ". وأخذه يسوع جانبا وأخبره عن ثلاثة أشياء، وعندما عاد توما لرفقائه سألوه: ماذا قال لك يسوع؟ قال لهم توما: أن أخبرتكم عن واحدة مما قال لي، فستلتقطون حجارة وترجمونني بها، وستخرج نارا من الحجارة وتلتهمكم ".

كما يشرح فكرة الخلاص عن طريق المعرفة، معرفة الإنسان لنفسه، في جوهرها الروحي، ومعرفة الإله السامي عن طريق المسيح المنبثق منه، المولود منه، كنور من نور، والذي يدعو للنسك والتعفف عن العلاقات الزوجية، ويرى خلاص المجدلية في أن تكون روحاً حياً يشبه الذكور، فيقول: " قال سمعان بطرس لهم: " لترحل مريم عنا لان النساء لا تستحق الحياة ". فقال يسوع: " أنا سوف أقودها لأجعلها ذكرا حتى تصبح هي أيضا روحا حيا يشبهكم أيها الذكور، لأن كل امرأة تجعل نفسها ذكرا ستدخل ملكوت السموات ".

V إنجيل المصريين اليوناني:

ويرجع إلى القرن الثاني(36)، وكان أول من أشار إليه هو القديس أكليمندس الإسكندري(37)من القرن الثاني. وهو غير الكتاب المعروف بإنجيل المصريين القبطي، والذي اكتُشف في نجع حمادي ويرجع للقرن الرابع. وجاء فيه: " لأنه (يسوع) يقول: ليس كل من يقول لي، يا رب يا رب يخلص، بل الذي يفعل البر "(38). وقال القديس أبيفانيوس عن أصحاب هرطقة سابيليوس(39) أن " كل خطأهم وقوته هو أنهم يأخذون (يستخرجون) عقائدهم من بعض الأبوكريفا، خاصة المسمي إنجيل المصريين، كما يسميه البعض، لأنه مكتوب فيه مثل هذه الأشياء الناقصة كأنها جاءت سرا من المخلص، كالتي كشفها للتلاميذ أن الأب والابن والروح القدس واحد ونفس الشخص والأقنوم "(40).

5 - الكتب المسماة بأناجيل الآلام:

V إنجيل بطرس(41):

ويرجع إلى القرن الثاني، ويجمع بين كل ما جاء في الأناجيل القانونية الأربعة الموحى بها عن أحداث محاكمة وصلب وموت وقيامة الرب يسوع المسيح مع مسحة غنوسية خاصة في وصف قيامته من الأموات. وقد وجدت نسخته في أخميم في شتاء 1886-1887م، وهو الآن في متحف القاهرة. وفيه يوصف المسيح بالرب وابن الله، فقد جاء فيه: " فلنسوق الآن ابن الله فقد أعطينا سلطاناً عليه... فلنكرم ابن الله بمثل هذه الكرامة ". و " وفى الليلة التي بزغ فيها يوم الرب، بينما كان الحراس يحرسون حراساتهم، اثنين في كل ساعة، رن صوت عال في السماء ورأوا السموات مفتوحة ونزل منها رجلان في بهاء عظيم ونزلا مباشرة إلى القبر. وبدأ الحجر الذي وضع على باب القبر يتدحرج من ذاته وجاء على جانب وفُتح القبر ودخل الشابان. وعندما رأى أولئك الجنود ذلك أيقظوا قائد المئة والشيوخ. لأنهم كانوا هناك للمساعدة في الحراسة. وبينما كانوا يعلنون الأمور التي رأوها رأوا ثانيه ثلاثة رجال خارجين من القبر واثنين منهم يساندان واحداً وتبعهم صليب. ووصلت رؤوس الاثنين السماء ولكن رأس ذلك المُنقاد منهم باليد تجتاز السموات. وسمعوا صوت من السماء يقول: لقد بشرت الراقدين. وسُمعت إجابة من الصليب: نعم "(42).

V إنجيل بيقوديموس(43):

والمعروف أيضاً بأعمال بيلاطس؛ ويرجع نصه إلى القرن الخامس الميلادي وأن كان هو مُستمَدّ من كتابات وتقاليد سابقة. نجده في أصله اليوناني، والسرياني، والأرمني، والقبطي، والعربي واللاتيني. ويرى تشندورف، مكتشف المخطوطة السينائية، اعتماداً على إشارات وردت في كتابات يوستينوس وترتليان، أنه يرجع إلى القرن الثاني وهو زمن يكفي لانتشار الأسطورة. ويُعتبَر دفاعاً ضد اتهامات الحكم الروماني أيام ماكسيميليان دازا (311-312م). ويزعم هذا الكتاب المنحول، أن مسيحي اسمه حنانياس، اكتشف قصة وضعها نيقوديموس بالعبرية، تتناول محاكمة يسوع أمام بيلاطس، وترجمها إلى اليونانية عام 425م. هذه القصة تروي محاكمة وموت يسوع ودفنه بصورة متلاحقة، كما تروي رواية لنقاش حدث في المجلس الأعلى اليهودي موضوعه القيامة، كما تروي وصف لنزول يسوع إلى الجحيم على لسان شاهَدين. ويتكون النص من قسمين القسم الأول من النص مصدره على ما يبدو أعمال بيلاطس، التي ذكرها آباء الكنيسة. ثم يقدم رواية لنزول المسيح إلى الجحيم. وكان هذا الكتاب المنحول هو الملهم الأساسي لدانتي الريجيري في كتابته الملحمة الإلهية المكونة من ثلاثة أجزاء الفردوس والمطهر والجحيم.

V إنجيل برثولماوس(44):

ويسمي في النص القبطي " كتاب قيامة يسوع المسيح بحسب برثلماوس ". ويذكره القديس جيروم في مقدمة تفسيره للإنجيل للقديس متى. ويبدأ الكتاب بوصف مجد المسيح القائم من الأموات وبرثلماوس يسأله قائلاً: " أكشف لي يا رب أسرار ملكوت السموات ". ثم يشرح النص نزول المسيح إلى الهاوية فيما بين موته على الصليب وقيامته من الأموات، ويبشر يهوذا الذي يجده هناك، ويخلص المسيح كل أحد في الهاوية عدا يهوذا وقايين وهيرودس الكبير. ويتبع ذلك الرجوع بالذاكرة إلى الخلف ليصف الليلة التي نزل فيها الله والملائكة، الشاروبيم الملتهبين للأرض وإقامة يسوع من الموت. وتستمر أسئلة برثولماوس وإجابات المخلص.

V أسئلة برثلماوس(45):

يصف هذا النص كيفية نزول المسيح إلى الهاوية بكلمات ينسبها للمسيح نفسه، ثم يتحول لمناقشة الحبل العذراوي عندما أتت مريم العذراء بين التلاميذ، ثم يسأله التلاميذ عن رؤيا الهاوية فتحيط بالأرض ملائكة لتجعلهم يروا ذلك ثم يعودون إلى الأرض ثانية بعد أن القوا عليها لمحة. وأخيرا يطلب برثولماوس أن يرى الشيطان، فيرى التلاميذ جوقة من الملائكة تسحب الشيطان من أعماق الهاوية مربوطا بقيود، هذا المشهد يقتل التلاميذ ويصبحون أمواتا، فيعيدهم الرب يسوع ثانية إلى الحياة ويعطي لبرثولماوس سيطرة على الشيطان، فيسأل برثولماوس الشيطان كيف صار عدوا وأسئلة أخرى من هذا القبيل يكشف من خلالها أصل الشيطان كملاك وكيف سقط وتحول إلى شيطان.

6 – الكتب المسماة بأسفار الأعمال المنسوبة للرسل:

وتتصف هذه الأعمال الأبوكريفية، والمسماة بأعمال الرسل، بالرغم من أنها تأخذ أفكارها الأولى وتنطلق من سفر أعمال الرسل الموحى به وتحتوي على بعض التقاليد التي كانت سائدة في القرون الأولى عن الرسل، والتي تتوه في كم من الروايات الأسطورية وكأنها أبرة في كوم قش، بالمبالغات اللامعقولة وتمتليء بروايات غريبة تسرح في خيال بعيد تماماً عن الحقيقة، فتروي هذه الكتب معجزات، تزعم أن الرسل عملوها، غريبة وغير معقولة مثل جعل سمكة مشوية تعوم! أو تمثال مكسور يصير سليماً برشه بمياه مقدسة! أو طفل عمره سبعة شهور يتكلم بصوت رجل بالغ! وحيوانات تتكلم بلغة بشرية! وسماع أصوات من السماء، وهبوط السحب لحماية الأمناء في وقت الخطر! ونزول صواعق تفتك بأعدائهم! وقيام قوات الطبيعة المخيفة من زلازل ورياح ونيران ببعث الرعب في قلوب الفجار. وظهور المسيح بأشكال خيالية متعددة، فمرة يظهر في هيئة رجل عجوز، ومرة أخرى في هيئة فتى، أو في هيئة طفل، وأن كان في أغلب الأحيان يظهر في صورة أحد الرسل. وتنادي هذه الأعمال بالامتناع عن العلاقات الزوجية الجنسية، وتدعو لعدم الزواج. بل وكانت هذه الدعوة هي الموضوع الرئيسي في كل هذه الأعمال، وتزعم أن كل جهاد الرسل وغايتهم في الكرازة بل واستشهادهم كان بسبب مناداتهم للأزواج بالامتناع عن العلاقات الزوجية ونجاحهم في إقناع الزوجات بالامتناع عن مخالطة أزواجهن. بل وتنادي جميع هذه الكتب بأن الامتناع عن الزواج، بل والامتناع عن العلاقات الزوجية بين الأزواج، هو أسمى شرط للحياة المسيحية والحياة الأبدية(46)!!

هذه الأعمال يصفها أبيفانيوس أسقف سلاميس في القرن الرابع بقوله أن الهراطقة

" يقولون أن لديهم أعمال أخرى للرسل، وهذه الأعمال تحتوى على مواد عديمة التقوى جداً ويتعمدون أن يسلحوا بها أنفسهم ضد الحق "(47). وهذه الأعمال تنقسم إلى مجموعتين المجموعة الأولى والتي كتبت فيما بين القرن الثاني والثالث، وتتكون من خمسة أعمال، والمجموعة الثانية والتي كتبت على غرار المجموعة الأولى وتقليدا لها ابتداء من القرن الرابع، وهي عبارة عن روايات للحياة الرسولية، بل هي سير أقرب منها للأعمال.

أولاً: الخمسة أعمال الأولى:

V أعمال يوحنا:

والتي أشار أكليمندس الإسكندري إلى أحد أفكارها في القرن الثاني، بقوله: " أنه عندما لمس يوحنا جسد يسوع الخارجي ووضع يديه بقوة فيه لم تقاومه صلابة الجسد بل جعلت مساحة ليد التلميذ "(48). وكانت أول إشارة حقيقة لهذه الأعمال الأبوكريفية هي ليوسابيوس القيصري والذي قال عنها: " أننا نرى أنفسنا مضطرين لتقديم هذه القائمة لنتمكن من معرفة كل من هذه الأسفار وتلك التي يتحدث عنها الهراطقة تحت اسم الرسل، التي تشمل أناجيل بطرس وتوما ومتياس وخلافهم وأعمال أندراوس ويوحنا وسائر الرسل، هذه التي لم يحسب أي واحد من كتُّاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم "(49). وهي عبارة عن مجموعة من الروايات والتقاليد المسيحية والهرطوقية والتي تشكل مكتبة أدبية وكانت تنسب تقليدياً لليسيوس كارينوس Leucius Charinus الذي يقول أبيفانيوس(50) أنه كان رفيقاً للقديس يوحنا والذي نسبت إليه الكثير من هذه الأعمال الأبوكريفية في القرن الثاني والتي خلطت بين أعمال الرسل القانونية وما جاء في أعمال بولس الأبوكريفية. ويرى العلماء أنها كتبت فيما بين سنة 150 - 180م في أسيا الصغرى. وتوجد لها مخطوطات عديدة بلغات متعددة أخرها برديات البهنسا. وقد جاء في قائمة نيسيفوروس (Stichometry of Nicephorus)، أنها كانت في صورتها الكاملة تتكون من 2500 سطر وتشكل كتاباً في حجم الإنجيل للقديس متى. وبداية هذا الكتاب مفقودة لذا يبدأ بالفصل الثامن عشر الذي يصف زيارة القديس يوحنا الأولى لأفسس وكرازته فيها وما قام به من معجزات. وتروي الكثير من المعجزات الأسطورية التي يعلل الكاتب الأبوكريفي من خلالها سبب إيمان البعض بالمسيح مثل قوله بسقوط معبد أرطاميس بصلاة القديس يوحنا، وهذا جعل الكثيرين يؤمنون بالمسيح! كما تروي قصة كاهن أرطاميس الذي قتل عند سقوط المعبد، ولما قام من الموت أصبح مسيحياً! بل وتروي قصة لطرد البق من أحد البيوت!! وتروي الفصول من 87 - 105 حديثاً ليوحنا عن حياة وموت وصعود المسيح، بفكر غنوسي يصور المسيح في شكل خيالي، كشبح وخيال، ويظهر بأشكال كثيرة لأنه لم يتخذ الجسد بل ظهر في شبه جسد!! كما تقول أن المسيح رنم ترنيمة غريبة في العلية بعد العشاء الرباني (مت 26: 30)، والتلاميذ يرقصون حوله في حلقة ويردون قائلين آمين. ويزعمون أنها هي الترنيمة المزعومة، التي استخدمها أتباع بريسليان الهرطوقي. وتزعم هذه الأعمال أن المسيح لم يكن في حاجة للطعام أو للنوم، فيقول الكاتب " فلم أر عينية مغمضتين قط ولكنهما على الدوام مفتوحتان "، وإنه عندما كان يمشي لم تترك أقدامه أثراً على الأرض، وكانت طبيعة جسده متغيرة عند اللمس فمرة يكون جامداً، وتارة ليناً، وأخرى خيالياً تماماً.

وتصور لنا عملية صلب المسيح بصورة دوسيتية صوفية غامضة جداً، حيث تقول أن يوحنا رآه وهو معلق على الصليب والجماهير تنظر إليه في أورشليم ولما صعد إلى الجبل رآه معلقاً على صليب من نور!! بل وتقول أن صلبه كان مجرد مظهر وهمي، خيالي، شبه، وأن صعوده حدث بعد الصلب الظاهري الشبهي مباشرة فلا مكان لقيامة شخص لم يمت إلا شكلاً وبحسب الظاهر فقط.!! وتصف تجليه علي الجبل هكذا: " أخذني أنا ويعقوب وبطرس إلى الجبل حيث اعتاد أن يصلي ورأينا " عليه " نوراً لا يستطيع إنسان أن يصفه بكلام عادي ماذا كان يشبه ... ثم رأيت رجليه وكانت أبيض من الثلج حتى أنها أضاءت الأرض هناك، وامتدت رأسه إلى السماء، ولذا كنت خائفا وصرخت "(51).

كما تزعم كبقية الكتب الغنوسية أن المسيح سلم الرسل تعليماً سرياً، كما أن الأحداث التاريخية لآلام المسيح تحولت تماماً إلى نوع من الصوفية فهي مجرد رمز لآلام البشرية، والهدف من مجيء المسيح هو أن يمكن الناس من فهم المعنى الحقيقي للآلام وهكذا يتخلص منها، وآلام المسيح الحقيقية هي ما نتج عن حزنه على خطايا أتباعه، كما أنه شريك في آلام شعبه الأمين، وفي الحقيقة هو حاضر معهم ليسندهم في وقت التجربة.

وكان لأعمال يوحنا تأثير واسع على الأعمال الأبوكريفية الأخرى، فهي أقدمها وقد تأثرت معظمها بها وهذا واضح من الشبه الشديد بينها وبين أعمال بطرس وأعمال أندراوس حتى قال البعض إنها كلها من قلم واحد(52).

V أعمال بطرس:

وترجع إلى ما قبل سنة 190م، والتي بنيت في الأساس على تقاليد حقيقية فقد ذكر أكليمندس الإسكندري في نصين موقفين نجد لهما صدى في هذا الكتاب الأبوكريفي؛ فقد أشار إلى أن بطرس وفيليب أنجبا أطفالاً(53)، وأن بطرس شجع زوجته للمضي في طريق الاستشهاد(54). وكلا النصين موجودان في التقليد الشفوي المسلم للكنيسة. كما ذكر هيبوليتوس رواية استلمها من التقليد الشفوي تصف وصول سيمون الساحر إلى روما تقول: " أن سيمون هذا الذي أفسد الكثيرين في السامرة بفنونه السحرية أنه قد حُرم ومُنع عن طريق الرسل كما هو مسجل في سفر الأعمال (أع9: 8-24)، ولكنه بعد ذلك في يأس أستأنف نفس الأعمال، وبمجيئه إلى روما عاد إلى الصراع من جديد مع الرسل، وكما أفسد الكثيرين بفنونه السحرية كان بطرس يقاومه باستمرار، وعند نهاية [حياته] أعتاد أن يجلس تحت شجرة مائية ويعلم. والآن، ونظراً لأن الثقة فيه بدأت تضعف، ولكي يكسب الوقت ثانية قال أنه إذا دفن حياً فأنه سيقوم ثانية في اليوم الثالث. وأمر تلاميذه أن يحفروا له قبراً، وطلب منهم أن يدفنوه، ففعلوا ذلك، ولكنه ظل (مدفونا) لأنه ليس المسيح "(55). وبنفس الطريقة أخذ يوسابيوس من التقليد قصة استشهاد بطرس فقال: " وإذ أتى أخيرا إلى روما صلب منكس الرأس، لأنه طلب أن يتألم بهذه الطريقة "(56). أما أعمال بطرس فقد أشار إليها يوسابيوس بقوله: " أما ما يسمى بأعمال بطرس والإنجيل الذي يحمل اسمه والكرازة والرؤيا، كما سميت، فأننا نعلم أنها لم تقبل من الجميع لأنه لم يقتبس منها أي كاتب قديم أو حديث "(56). والجزء الرئيسي الذي وصل إلينا منها، يوجد في مخطوطة واحدة لاتينية، هي المخطوطة الفرسيلية (Vercelli manuscript). وتحتوي على قصة استشهاده على الصليب منكس الرأس حتى لا يكون كسيده. وهذا الجزء الخاص باستشهاده والذي شهدت له التقاليد القديمة موجود، بشكل مستقل، في ثلاث مخطوطات يونانية وفي قصاصة قبطية وفي ترجمات سريانية وإثيوبية وعربية وأرمينية وسلافونية، مما يدل على مدى انتشاره. وهناك قصاصة قبطية تروى قصة ابنة بطرس، كما يشير القديس أغسطينوس إلى وجود فصل معترض – يسمى كتاب تيطس المزيف - هو جزء من أعمال بطرس، وأن الأعمال الأبوكريفية المتأخرة قد اقتبست من ذلك الكتاب.

وتروي القصاصة القبطية قصة أبنة بطرس والتي تقول أن أحدهم سأل بطرس لماذا لا يستطيع أن يشفي ابنته من الفالج بينما هو يشفي آخرين، فأضطر بطرس أن يشفيها، حتى لا يشك أحد، ثم يعيدها إلى ما كانت عليه من مرض مرة أخرى، ويوضح لهم السبب والذي يتلخص في محاولة اغتصابها وأنها أصبحت كذلك بسبب هذه المحاولة وأنه من الأفضل لها أن تظل كذلك لكي لا تهلك روحها بسبب جسدها!! ويؤكد لهم إن الآلام الخارجية هي عطية من الله إذا كانت تؤول إلى حفظ البتولية. ونفس الفكرة نجدها في تيطس المزيف، حيث يرى بطرس أن موت ابنة أحد الفلاحين أفضل من حياتها وعندما تموت يطلب الأب بإلحاح من بطرس أن يقيمها من الموت وبعد ذلك تقع فريسة للإغواء والاغتصاب وتهرب مع شخص ولا تظهر مرة أخرى.

ويتناول الجزء الأكبر من المخطوطة الفرسيلية قصة الصراع بين بطرس وسيمون الساحر الذي يذهل الجميع بما فيهم الإمبراطور الروماني بسحره وادعائه أنه إله وابن الله!! ومن ثم يضلل سيمون الكنيسة، فيوفد بطرس لمعالجة الموقف، ويتغلب بطرس على سيمون وسحره الشيطاني في القول والفعل ويتبارى الاثنان في صنع المعجزات، سيمون يعمل معجزات مظهرية بعمل الشيطان وبطرس يعمل معجزات حقيقية بقوة الله بها الكثير من المبالغات مثل جعله كلباً يتكلم، وسمكة ميتة تعود إلى الحياة!! وتنتهي القصة بحوار بينهما في الساحة العامة يتباهى فيه سيمون بقدرته الشيطانية على الطيران في الهواء ويصعد على برج عالٍ صنعه له الإمبراطور لهذا الغرض ثم يسقط من عليه ميتا بصلوات بطرس!!. ومحور التركيز في القصة، ليس على زيف أضاليل سيمون، بل على براعته كساحر، وغلبة بطرس عليه. كما تقول هذه الأعمال أن بطرس جعل بكرازته بعض النسوة يمتنعن عن العلاقات الزوجية مع أزواجهن أو خلانهن مما أثار ضده العداء وأدى ذلك إلى استشهاده!!

V أعمال بولس:

تعتبر هذه الأعمال واحدة من الأعمال الرئيسية في أبوكريفا العهد الجديد وترجع إلى نهاية القرن الثاني وقد أشار إليها ترتليان (198- 200م)، ووصفها بالمزيفة فقال: " إذا كان هؤلاء الذين يقرأون الكتب المزيفة التي تحمل اسم بولس يقدمون المثال بتكلا ليحصلوا على حق المرأة في التعليم والعماد، فليعرفوا أن القس الذي من آسيا الذي ألف هذه الوثيقة من نفسه وتصور أنه يقدر أن يضيف أي شيء من نفسه لتكريم بولس أعترف أنه فعل ذلك حبا في بولس قد حُرم وطرد من وظيفته "(57). وهو هنا يكلمنا عن أعمال تكلا كجزء من أعمال بولس. ويقول في تفسيره لدانيال: " إذا آمنا أنه عندما كان بولس في المدرج (الروماني) وُضع الأسد الذي كان على رأسه عند قدميه وكان يلعقها، فلماذا لا نصدق أيضاً ما حدث في حالة دانيال "(58).

كما يشير إليها كل من هيبوليتس وأوريجانوس ويقول عنها يوسابيوس(59) القيصري: " أما أعمال بولس فلم أجده بين الأسفار غير التنازع عليها "(60). كما يقول أيضاً: " وضمن الأسفار المرفوضة، يجب أن يعتبر أيضاً أعمال بولس "(61). كما أدانها المرسوم الجلاسياني (496م) تحت اسم " أعمال بولس وتكلا ". وكان يستخدمها المانيون بكثافة. وتتكون من أربعة أجزاء رئيسية هي:

(1) أعمال بولس وتكلا.

(2) رسالة الكورنثوسيين إلى بولس.

(3) رسالة بولس الثالثة إلى كورنثوس.

(4) استشهاد بولس وموته على يدي نيرون.

فكل جزء من هذه الأجزاء كان يعتبر في أحيان كثيرة كتاباً مستقلاً، وكثيرا ما كان يظهر كل واحد منها مستقلاً. وتحتوي على رواية منقولة لقصة " كوفاديس " في الإصحاح الخامس والثلاثين، مما يجعل من المحتمل أن الكتاب يرجع إلى القرن الثاني. وقد استخدمه المانيون كما استخدموا سائر الأعمال الأبوكريفية لتأييد هرطقاتهم. ولم يكن يُعرف عنها إلا القليل حتى سنة 1904م حين ظهرت ترجمة لنسخة قبطية - غير سليمة الحفظ - نشرها س. شميدت. وظهر أن أعمال بولس وتكلا ليست في الحقيقة إلا جزءاً من أعمال بولس. ومن الملحوظات المذكورة في المخطوطة الكلارومونتانية وغيرها، نستنتج أن هذه الأجزاء التي بين أيدينا لا تزيد عن ربع الأصل، وأطول هذه الأجزاء وأهمها هو ما وصل إلينا في كتاب منفصل باسم " أعمال بولس وتكلا " ولا نستطيع أن نحدد الزمن الذي فصلت فيه عن أعمال بولس، ولكنه لابد أنه حدث قبل المرسوم الجلاسياني (496م) الذي لا يذكر أعمال بولس، ولكنه يدين " أعمال بولس وتكلا ". وتركز هذه الأعمال مثل بقية الأعمال الأبوكريفية على البتولية لجميع المؤمنين ورفض العلاقات الزوجية. وتتلخص قصة تكلا في: أن فتاة مخطوبة من أيقونية اسمها تكلا استمعت إلى كرازة القديس بولس عن البتولية وفتنت بها، فرفضت الارتباط بخطيبها. ولتأثير القديس بولس عليها، اُستدعى أمام الحاكم الذي ألقاه في السجن فزارته تكلا، فتعرض كلاهما للمحاكمة، فنُفي القديس بولس من المدينة وحكم على تكلا بالحرق، ولكنها نجت بمعجزة من وسط النار، وأخذت في البحث عن القديس بولس. وعندما وجدته رافقته إلى إنطاكية وهناك فتن بها شخص ذو نفوذ اسمه إسكندر، الذي عانقها علناً في الشارع، فاستهجنت تكلا فعلته ونزعت التاج الذي كان على رأسه، فحكم عليها أن تصارع الوحوش في ميدان الألعاب. وتركت تكلا تحت حراسة الملكة تريفينا التي كانت تعيش وقتئذ في إنطاكية. وعندما دخلت تكلا إلى حديقة المصارعة، لقيت لبؤة حتفها دفاعاً عن تكلا ضد الوحوش، وفي وسط الخطر ألقت تكلا بنفسها في حوض به عجول البحر، وهي تهتف: " باسم يسوع المسيح أعمد نفسي في آخر يوم ". وعندما اقترح البعض أن تمزق تكلا بين الثيران الهائجة، أغمى على الملكة تريفينا فخشيت السلطات مما يمكن أن يحدث، وأطلقوا سراح تكلا وسلموها لتريفينا فذهبت تكلا مرة أخرى للبحث عن القديس بولس، وعندما وجدته أرسلها للكرازة بالإنجيل، فقامت بالكرازة في أيقونية أولاً ثم في سلوقية حيث ماتت. وقد وضعت إضافات متأخرة نهاية تكلا، تقول إحداها إنها ذهبت من سلوقية إلى روما في طريق تحت الأرض وظلت في روما حتى موتها(62).

وبرغم أن الكتاب أبوكريفي ومزيف إلا أنه مبني على تقاليد قوية تؤكد تاريخية شخصية تكلا مثل وجود طائفة قوية باسمها في سلوقية، كما أن التقاليد عن صلتها بالقديس بولس - التي تجمعت حول المعبد الذي بنى في سلوقية تكريماً لها - هي التي شكلت عناصر هذه الرواية، ولاشك أن فيها بعض الذكريات التاريخية. فتريفينا شخصية تاريخية تأكد وجودها من اكتشاف نقود باسمها، وكانت أم الملك بوليمون الثاني ملك بنطس وقريبة للإمبراطور كلوديوس. وليس هناك ما يدعو للشك في ما جاء في هذه الأعمال من أنها كانت تعيش في إنطاكية في وقت زيارة بولس الأولى لها. كما أن هذه الأعمال واضحة في دقتها الجغرافية، فتذكر الطريق الملكي الذي تقول إن بولس سار فيه من لسترة إلى أيقونية، وهي حقيقة تستلفت النظر، لأنه بينما كان الطريق مستخدماً في أيام بولس للأغراض العسكرية، أهمل استخدامه كطريق منتظم في الربع الأخير من القرن الأول. ويوصف القديس بولس في هذه الأعمال: " بأنه رجل قصير القامة، أصلع الرأس، مقوس الساقين، نبيل الأخلاق، مقرون الحاجبين، ذو أنف بارز بعض الشيء، ممتليء نعمة، كان يبدو أحياناً إنساناً، وأحياناً أخرى كان يبدو بوجه ملاك ". وقد يكون لهذا الوصف سند يعتمد عليه(63).

V أعمال أندراوس:

وتسمى أيضاً بإنجيل أندراوس، وترجع إلى ما قبل القرن الرابع، وقد خرجت من دوائر الهراطقة وقال عنها يوسابيوس القيصري، أنها مع غيرها من الأعمال الأبوكريفية، سخيفة وغير معقولة. وأشار إليها أيضاً ابيفانيوس (403م) عدة مرات وقال أنها مستخدمة عند مذاهب هرطوقية كثيرة ممن يتمسكون بالزهد الشديد حتى الامتناع عن العلاقات الزوجية. وقد جاء فيها قول القديس أندراوس لغريمه: " أن أمنت بالمسيح ابن الله الذي صلب سأشرح لك كيف أن الحمل الذي ذبح سيحيا بعد أن صلب "(64). وينسبها الكتّاب الأوائل خطاً إلى ليوسيوس الذي قيل أيضاً أنه مؤلف أعمال يوحنا. ولم يبق من هذه الأعمال إلا أجزاء صغيرة. كما يحتفظ لنا أيوديوس من أوزالا (توفي 424م - وكان معاصراً لأوغسطينوس) بجزء صغير، كما يوجد جزء أكبر في مخطوطة من القرن العاشر أو الحادي عشر تحتوي على حياة القديسين عن شهر نوفمبر، يقول عنها بونيت إنها من أعمال أندراوس. كما ترد قصة استشهاد القديس أندراوس ترد على جملة صور، والصورة التي يبدو أنها أقربها إلى الأصل، توجد في خطاب مشايخ وشمامسة كنائس أخائية. وهناك جزء وارد في أيوديوس عبارة عن فقرتين قصيرتين تصفان العلاقات بين مكسيميليا وزوجها أجيتس، الذي قاومت مطالبه. أما أطول جزء من هذه الأعمال فيروي سجن القديس أندراوس لإغرائه مكسيميليا بالانفصال عن زوجها أجيتس، لتعيش حياة الطهارة. ثم تتكلم عن استشهاد القديس أندراوس وتقول أنه القديس أندراوس، أعلن أنه سيصلب في اليوم التالي، فزارته مرة أخرى في السجن، " وكان الرب يسير أمامها في صورة أندراوس ". وألقى الرسول خطاباً على جماعة من الإخوة عن خداع إبليس الذي بدا للإنسان أولاً كصديق ولكنه ظهر الآن كعدو.

وعندما وصل أندراوس إلى مكان الصلب، رحب بالصليب. وبعد أن ربط إلى الصليب، وعلق عليه، كان يبتسم ويقول أن " الرجل الذي ينتمي ليسوع، لأنه معروف ليسوع، فهو رجل محصن ضد الانتقام ". وأنه ظل ثلاثة أيام وثلاث ليال يخاطب الشعب من فوق الصليب، ولما حاولوا إنقاذه بإنزاله عن الصليب رفض النجاة وصلى للمسيح لكي يحول دون إطلاق سراحه. بعد ذلك أسلم الروح، وقد دفنته مكسيميليا، وبعدها بقليل طرح أجيتس نفسه من ارتفاع عظيم ومات.

V أعمال توما:

يقول التقليد أنها من أصل ماني وقد أشار القديس أبيفانيوس (ق4)

لاستخدام الشيع الغنوسية لها، كما أشار أغسطينوس إلى استخدامها بين المانيين(65). وتوجد هذه الأعمال كاملة. ويظهر مدى انتشارها في الدوائر الكنسية، من العدد الكبير من المخطوطات التي تضمها. والأرجح أنها كتبت أصلاً بالسريانية، ثم ترجمت بعد ذلك لليونانية مع إجراء تعديلات فيها لتناسب وجهة النظر الكاثوليكية.

ويذكر جدول المخطوطات لنيسيفورس أن أعمال توما تحتوي على 1600 سطر (كل سطر حوالي 16 مقطعاً) أي حوالي أربعة أخماس إنجيل مرقس، وإذا كان ذلك صحيحاً، تكون الأعمال التي بين أيدينا قد تضخمت كثيراً، ففي النسخة اليونانية تنقسم هذه الأعمال إلى ثلاثة عشر قسماً وتنتهي باستشهاد توما. وتتلخص هذه الأعمال في الأتي: في اجتماع للرسل في أورشليم كان من نصيب توما أن يخدم في الهند، ولم يكن راغباً في الذهاب، ولكنه رضي بالذهاب عندما باعه الرب لرسول من الملك جوندافورس من الهند. وفي أثناء رحلته إلى الهند وصل توما إلى مدينة أندرابوليس حيث كان يحتفل بعرس ابنة الملك، فاشترك توما في تلك الاحتفالات ورنم ترنيمة عن العرس السماوي، وطلب الملك من توما أن يصلي من أجل ابنته، وبعد أن فعل ذلك، ظهر الرب في هيئة توما للعروسين وربحهما لحياة الامتناع عن العلاقات الزوجية، فغضب الملك لذلك وبحث عن توما ولكن توما كان قد رحل. وتحكي قصة طلب الملك جوندافورس أن يبني له قصرا فقام بتوزيع ما أعطاه له من أموال على الفقراء والمساكين لذا يضعه الملك في السجن ثم يموت أخو الملك ويقوم من الموت بمعجزة ويحكي عن القصر الذي بناه توما للملك في السماء فيؤمن الملك بالمسيح. ويمتليء الكتاب بالمعجزات الأسطورية مثل إقامة شاب من الموت كان قد قتله تنين بسبب امرأة رغب فيها كلاهما، بعد أن يمتص التنين السم ويموت!! ويحكي قصة مهر يتكلم، وإنقاذ توما لامرأة من قوة شيطان نجس. ووصف إقامة فريضة العشاء الرباني (بالخبز فقط) مع صلاة غنوسية. وأخيرا يتكلم عن موته وخزاً بالرماح، ثم يقول أنه أظهر نفسه بعد ذلك حياً لأتباعه.

ثانيا: المجموعة الثانية، روايات الحياة الرسولية:

كتبت الأعمال المتأخرة والتي سُميت بأسماء الرسل ابتداء من القرن الرابع متأثرة بما

كتب في الخمسة أعمال الأولى وتوسيعا وامتدادا لها. فقد أثرت الأعمال الخمسة الأولى في تطوير أدب الأعمال الذي تحول إلى صورة أقرب للسير الخاصة بالقديسين، أو روايات السير الرسولية، خاصة في الأوساط الهرطوقية، وركزت على العجائب والاتجاهات اللاهوتية الكثيرة لهذه الفرق وغيرها. ولذا فلم تحسب هذه الكتابات كأدب أبوكريفي ولا سميت بأبوكريفا العهد الجديد لأنها كتبت بعد انتشار أبوكريفا العهد الجديد التي كتبها قادة الفرق الهرطوقية قبل أن تظهر هذه الكتب إلى الوجود. ولذا فهي أقرب لسير الرسل القديسين منه للأعمال والتي كانت تركز في جزء منها على استشهاد هؤلاء الرسل المنسوبة إليهم. فقد كتبت أصلا للاستخدام الليتورجي وليس كأسفار أبوكريفية. ولم تدع يوماً أنها قانونية أو حتى أبوكريفية(66).

V أعمال بطرس وأندراوس:

وهي امتداد لأعمال أندراوس ومتياس، وتحوير أوسع لأعمال أندارس. ويوجد هذا المؤلف في اليونانية والسلافية، لأعمال أندراوس. ويوجد في الحبشية (مع تعديل أندراوس إلى تداوس). ويبدأ الكتاب بعودة القديس أندراوس من مدينة آكلي لحوم البشر، فتحمله سحابة من نور إلى الجبل حيث كان يجلس بطرس ومتياس وألكسندر وروفس، فيطلب منه بطرس أن يستريح من أتعابه، ولكن يسوع يظهر في صورة طفل، ويرسلهم إلى مدينة البرابرة. وعندما يقتربون منها، يستطلع بطرس الأحوال بأن يطلب خبزاً من رجل عجوز، وعندما يذهب الرجل لإحضار الخبز، يقوم الرسل بالعمل في الحقل نيابة عنه، فيعود الرجل ويجد المحصول ناضجاً للحصاد. ويحاول رؤساء المدينة منعهم من دخولها بوضع عاهرة عارية في بوابة المدينة، ولكن بلا جدوى. ويهاجم أينسيفورس الغني القديس أندراوس، ولكن بطرس يتدخل، ويسرع بالنطق بما جاء في إنجيل متى (19: 24)، فيتحدونه أن يفعل هذه المعجزة، فيضطرب بطرس، ولكنه يتشدد بظهور يسوع له في صورة طفل في الثانية عشرة من عمره. ويأتون له بجمل وإبرة ذات ثقب ضيق كطلب بطرس. وبناء على كلمة بطرس يتسع ثقب الإبرة حتى يصبح كالبوابة فيمر الجمل منه. فيصر أينسيفورس على إحضار إبرة وجمل بمعرفته في محاولة لتعجيز بطرس، ولكن بطرس ينجح مرة أخري في إجراء المعجزة، وعندئذ يعد أينسيفورس بإعطاء كل أمواله للفقراء، وإطلاق كل عبيده أحراراً، إذ أذن له بطرس في أجراء المعجزة بنفسه، فيساور بطرس الشك، ولكن صوتاً يأمره بأن يدع أينسيفورس يفعل ما يريد. وفي هذه المرة يدخل الجمل حتى عنقه فقط، فيكتفي أينسيفورس بذلك، وقد علل بطرس الأمر بأن أينسيفورس لم يتعمد بعد. وكانت النتيجة اعتماد ألف نفس في تلك الليلة. وفي اليوم التالي، تعطي العاهرة - التي كانت على البوابة - كل أموالها للفقراء وتجعل من بيتها ديراً للعذارى.

V أعمال بطرس والأثنى عشر:

وتوجد في إحدى مخطوطات مجموعة نجع حمادي ويرى بعض العلماء أنها مؤلف غنوسي قام بتنقيحه أحد المسيحيين. وهي رواية اقرب للمثال منها للتاريخ حيث تروي أن الرب يسوع المسيح أرسل تلاميذه ليكرزوا باسمه فركبوا سفينة رست بهم إلى شاطيء جزيرة في وسط البحر وانتظروا أحداً ليرشد إلى مكان يستقرون فيه في المدينة فمر بهم شخص ينادي على لؤلؤ فتجمهر الأغنياء ليشتروا منه فدعاهم للذهاب إلى مدينة يأخذون منها اللؤلؤ مجانا، ثم جاء الفقراء لينظروا بأعينهم فقط اللؤلؤ فأشار إليهم أن يذهبوا لنفس المدينة ليحصلوا عليه مجانا. ومرة أخرى ظهر هذا الشخص كطبيب ومعه حقيبة يحمل فيها الأدوية وعرف التلاميذ أنه المسيح نفسه وطلب منهم أن يشفوا أمراض الناس الجسدية أولاً ثم يشفوا أرواحهم بعد ذلك.

V أعمال بطرس وبولس:

وترجع أقدم مخطوطاتها إلى القرن التاسع وأن كان الكتاب نفسه يرجع لتاريخ أقدم من ذلك فقد أشار أوريجانوس (185 245م) إلى إحدى قصصها، عن السيدة كوفاديس Domine quovadis(67). وهي عبارة عن مجموعة روايات باليونانية، البعض منها مأخوذ عن أعمال بطرس. وتبدأ بارتحال بولس من جزيرة جواد وميليت إلى روما، فيستنجد اليهود بنيرون ليوقفه عند حده، فيأمر نيرون بالقبض عليه، فيقبض على ديوسفورس ربّان السفينة - ظناً منه أنه بولس - ويقطع رأسه في بوطيولي. وتزخرف القصة ببعض الأساطير المحلية، ثم تتبع القصة بعد ذلك النص المارسلياني في رواية الخدمات المشتركة للرسولين في روما، وتعاملهما مع سيمون الساحر، ثم استشهادهما، الذي يحدث هنا في نفس الوقت، مع أن في الأساطير الأقدم، تمر سنة بينهما. ويحتوى الكتاب على خطاب بيلاطس لكلوديوس قيصر.

V أعمال فيليب:

وقد ذُكر هذا العمل في قانون البابا جلاسيوس ضمن الكتب الأبوكريفية، وترجع التقاليد، التي كانت معروفة جيدا، عن فيليب إلى تاريخ مبكر وهذا واضح من وفرة المراجع عنه في الوثائق القديمة وتحتوي كتابات كتب سير القديسين أيضاَ، سواء اليونانية أو اللاتينية، على خلاصات مصغرة لحياة فيليب(68). ولكن هذه الأعمال تقع في أخطاء كثيرة حيث تقول أنه كرز وبشر بالمسيح أيام حكم الإمبراطور الروماني تراجان (98 - 117م): " في أيام تراجان Trajan وبعد استشهاد سمعان ابن كلوباس أسقف أورشليم وخليفة يعقوب، كان فيليب الرسول يبشر في كل مدن ليديا وآسيا، وجاء إلى مدينة اوفيوريمي Ophioryme (شارع الحية) والتي تدعى هيرابوليس آسيا، وقبلنا ستاكيس Stachys، شخص مؤمن، وكان معه برثولماوس احد السبعين، وأخته (أي أخت فيليب) مريمني Mariamne، وتلاميذهم "(69).

وقد حكم الإمبراطور تراجان في الفترة من 98 إلى 117م، وكان أخر الرسل الذين انتقلوا من العالم هو القديس يوحنا حوالي سنة 100م!! كما تخلط بين كل من القديس فيلبس تلميذ المسيح (مر3: 18) وفيلبس الشماس (أع6: 5؛أع21: 8)، وتعتبرهما شخصاً واحداً.

V أعمال فيليب في هيللاس:

وهي مؤلفة بنفس أسلوب أعمال فيليب، وقد نشرها للمرة الأولى تشندروف، وهي وثيقة متأخرة عن أعمال فيليب وتوجد في مخطوطة فارسية من القرن الحادي عشر الميلادي. وتتكلم عن أعماله وكرازته في مدينة أثينا باليونان(70).

V أعمال اندراوس ومتياس:

والتي تستمد مادتها من مواد حقيقية إلى حد ما كتبت في العصر الرسولى(71). وقد جاء فيها هذا القول لأندراوس عن الرب يسوع المسيح: " الحق يا أخي لقد بين لنا (يسوع) انه إله، لا تظن انه إنسان لأنه صنع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها "(72).

V كرازة بطرسKyrygma Petrou:

ويرجع هذا العمل للنصف الأول من القرن الثاني وقد أشار إليه بعض الآباء مثل أكليمندس الإسكندري وأوريجانوس وثاوفيلس الأنطاكي ومضمونه أقرب للفكر الكنسي والتقليد الرسولي لذا ظن البعض أنه يرجع لبطرس تلميذ المسيح(73). ويقول عنه يوسابيوس القيصري: " أما ما يسمى بأعمال بطرس والإنجيل الذي يحمل اسمه والكرازة والرؤيا، كما سميت، فأننا نعلم أنها لم تقبل من الجميع لأنه لم يقتبس منها أي كاتب قديم أو حديث "(74). ويقول مثله القديس جيروم(75).

وننقل هنا بعضاً مما اقتبسه: " يقول الرب في " كرازة بطرس " بعد القيامة: أنا اخترتكم اثنا عشر ورأيت أنكم مستحقون أن تكونوا تلاميذي. وأرسلت الذين اقتنعت أنهم سيكونون رسلا حقيقيين إلى العالم ... ليعرفوا أنه يوجد اله واحد وليعلنوا أحداث المستقبل التي ستكون بالإيمان بي (المسيح)، إلى النهاية حتى أولئك يسمعون ويؤمنون يخلصون "(76).

" ويتحدث بطرس أيضا في " الكرازة " عن الرسل كالآتي: " لقد فتحنا كتب الأنبياء التي لدينا ووجدنا اسم يسوع المسيح ومجيئه وموته وصلبه وبقية العذابات الأخرى التي أنزلها به اليهود وقيامته وصعوده إلى السماء، البعض بأمثال والبعض بألغاز والبعض بكلمات واضحة ومؤكدة "(77).

V كيريجماتا بطرس The Kerygmata Petrou

وهو عمل أبيوني ويرجع حسب رأي غالبية العلماء إلى نهاية القرن الثاني (200م) أو بداية القرن الثالث(78). وقد جاء فيه هذا القول المنسوب للقديس بطرس: " أنى متيقن أن العيون المادية لا يمكن أن تري الكيان الروحي للآب والابن لأنه مغلف بنور لا يدني منه (1تي16: 6) ... والذي يراه يموت (خر21: 33) ... ولا يوجد من يقدر أن يري القوة الروحية للابن لما سأل الرب - ماذا يدعوه الناس مع أنى سمعت الآخرين يعطوه اسما آخر فقد ثار قلبي في الأقوال، ولا أعرف كيف قلت ذلك: أنت هو ابن الله الحي " (مت16: 16و17)(79).

V اللوجوس العظيمThe Tow Books of Jeu

أو كتاب " اللوجوس العظيم بحسب السر " ويرجع للنصف الأول من القرن الثالث(80). وقد جاء فيه هذا الحديث: أجاب الرسل بصوت واحد ... قائلين: يا رب يسوع أنت الحي الذي أنتشر خلاصه علي الذين وجدوا حكمته وهيئته التي يضيء بها - أيها النور الذي في النور الذي يضيء قلوبنا حتى نأخذ نور الحياة - أيها الكلمة (اللوجوس) الحقيقي الذي بالمعرفة تعلمنا ... أجاب يسوع الحي وقال مبارك الرجل الذي يعرف هذا "(81).

V حديث بعد القيامة : Epistula Apostolorum

ويرجع هذا العمل إلى القرن الثاني(82)(وقت المعركة بين المسيحية والغنوسية). وهو مكتوب في صيغة خطاب، خاصة في فصوله العشرة الأولى التي يشرح فيها طفولة المسيح ومعجزاته وقيامته، وكان يسمي بتعليم التلاميذ الأثنى عشر فيما يختص بربنا يسوع المسيح. ويصور لنا رؤيا وحوارات للمسيح مع تلاميذه، بعد قيامته من الأموات، تتكون من حوالي ستين سؤالاً. ويركز في حوالي 20% من نصوصه على قيامة الجسد من الأموات، وذلك على عكس ما يسمى بإنجيل الحقيقة الغنوسي. وهذا العمل مبني بصفة أساسية على العهد الجديد وبصفة خاصة الإنجيل للقديس يوحنا. وقد كُتب مثله مثل رؤيا بطرس الأبوكريفية ورسالة برنابا وراعي هرماس، ليس ككتاب موحى به، بل كعمل مسيحي يشرح الإيمان المسيحي من وجهة نظر الكاتب ويرد فيه على بعض الفكر الغنوسي.

7 – الكتب المسماة بالرسائل المنسوبة للرسل:

V الرسالة الثالثة إلى كورنثوس:

وهي جزء أساسي من كتاب أعمال بولس الأبوكريفي، كما بينّا أعلاه. وفيها يذكر أن القديس بولس كان في السجن في فيلبي (ليس في زمن أعمال الرسل 16: 23، ولكن بعد ذلك بوقت). وكان سجنه بسبب تأثيره على ستراتونيس زوجة أبولوفانيس، فالكورنثيون الذين أزعجتهم هرطقة اثنين من المعلمين، أرسلوا خطاباً للقديس بولس يصفون له التعاليم الخبيثة التي تدعي أن الأنبياء لا قيمة لهم، وأن الله غير قادر على كل شيء، وأنه ليست هناك قيامة أجساد، وأن الإنسان لم يخلقه الله، وأن المسيح لم يأت في الجسد ولم يولد من مريم، وأن العالم ليس من صنع الله بل من صنع الملائكة. وقد حزن بولس كثيراً بوصول هذه الرسالة، وفي ضيق شديد كتب الرد الذي فند فيه هذه الآراء الغنوسية التي ينادي بها معلمون كذبة. ومما يستلفت النظر أن هذه الرسالة التي تستشهد كثيراً برسائل القديس بولس الكتابية. ولم تصل إلينا الصورة الأصلية للرسالة في اليونانية، ولكنها وصلتنا في نسخة قبطية (غير كاملة) ونسخة أرمينية ونسختين مترجمتين للاتينية (مشوهتين)، علاوة على تناولها في تفسير أفرايم (بالأرمينية). وقد فقدت النسخة السريانية(83).

V الرسالة إلى لاودكية (باسم بولس):

وترجع إلى القرن الثاني(84)وهي عبارة عن مجموعة من الفقرات المأخوذة من رسائل بولس، وخاصة الرسالتان إلى فيلبي والي غلاطية. تقول عنها الوثيقة الموراتورية أن الماركيونيين زيفوا رسالتين، رسالة للاودوكيين ورسالة للأسكندريين، وأنهما مزيفتان ومرفوضتان. وقد زيفهما شيعة الماركيونيين باسم القديس بولس(85). وتبدأ هذه الرسالة المزيفة ببداية قريبة من بداية الرسالة على غلاطية: " بولس رسول لا من الناس ولا بإنسان بل بيسوع المسيح إلى الأخوة في لاودكية. نعمة لكم وسلام من الله الآب ومن ربنا يسوع المسيح ". وتختم بقولها: " يسلم عليكم القديسون. نعمة الرب يسوع المسيح مع أرواحكم " وهي قريبة من خاتمة الرسالة إلى فيلبي.

V رسالة تيطس المنحولة:

وتنسب لتيطس تلميذ بولس الرسول وقد اكتشفت لها مخطوطة لاتينية ترجع للقرن الثامن، وهي مترجمة عن اليونانية، ومتأثرة بالكتب الأبوكريفية الأخرى، ومليئة بالاقتباسات المباشرة من العهد الجديد والعهد القديم. تبدأ بالقول: " يقول الرب في الإنجيل ... ". وتختم بالنص التالي المأخوذ عن انجيل متي وسفر الرؤيا: " يقول المسيح الرب ... سأعطيهم نجم الصبح الأبدي (رؤ28: 2) ... وأيضا سيهب الغالبين أن يلبسوا ملابس باهية ولن يحذف اسمهم من سفر الحياة. فهو يقول سأعترف بهم أمام أبي وملائكته، في السماء (مت22: 20). لذلك مباركين أولئك الذين يثابرون إلى المنتهي، كما يقول الرب: من يغلب فسأعطيه أن يجلس علي يميني في عرشي، كما غلبت أنا وجلست عن يمين أبي في عرشه كل الدهور (رؤ21: 3) من الأبد والي الأبد "(86).

V الرسائل المتبادلة بين بولس والفيلسوف الروماني سينيكا الأصغر:

والتي تزعم أنه كان هناك حوار بين القديس بولس والفيلسوف الإيطالي سينيكا الذي كان معلماً للإمبراطور نيرون وكانت منتشرة بين الإيطاليين في أدبهم العامي وقد ذكرها القديس أغسطينوس نقلا عن القديس جيروم على أساس أن لها أصلاً عند العامة في ايطاليا. ولها مخطوطات كثيرة ابتداء من القرن التاسع. وهي مكتوبة بصيغة الرسائل المتبادلة بين القديس بولس والفيلسوف سينيكا يتناقشان فيها في الإيمان المسيحي ويقول العلماء أن الكاتب، خاصة في الرسالتين الأخيرتين من هذه الرسائل مبني على مشاهدة قديمة تقول: " أنه قد جاءه من بيت الإمبراطور الكثيرون ممن آمنوا بالرب يسوع المسيح وأن سعادة عظيمة وفرحاً كانا يزدادان يوميا بين المؤمنين، حتى أن عذاب الإمبراطور ". وتقول أن سينكيا جادل فلاسفة الأوثان بعمل الروح القدس(87).

V رسالة يسوع المسيح إلى الملك أبجر مللك أوديسا:

والتي كان أول من ذكرها هو المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري تفصيلا كالآتي(88): " لما ذاعت أنباء لاهوت ربنا وخلصنا يسوع المسيح في الخارج بين كل البشر بسبب قوته الصانعة العجائب جذب أشخاصاً لا حصر لهم من الممالك الأجنبية البعيدة عن اليهودية ممن كانوا يرجون الشفاء من أمراضهم ومن كل أنواع الآلام. فمثلا الملك أبجار الذي حكم الأمم التي وراء نهر الفرات بمجد عظيم – إذ أصيب بمرض مروع عجزت عن شفائه كل حكمة بشرية، وسمع باسم يسوع ومعجزاته التي شهد بها الجميع بلا استثناء، أرسل إليه رسالة مع مخصوص، ورجاه أن يشفيه من مرضه ". ثم يقول لنا أن الرب يسوع المسيح بعد قيامته أرشد بالوحي تلميذه توما الذي أرسل تداوس أحد الرسل السبعين فبشر بالمسيح في أديسا وشفاه. فأرسل أبجار رسالة للمسيح يشكره فيها على شفائه له جاء فيها: " وإذ سمعت كل هذه الأمور عنك استنتجت انه لابد أن يكون احد الأمرين صحيحا، أما أن تكون أنت الله، وإذ نزلت من السماء تصنع هذه الأمور، أو تكون أنت ابن الله إذ تصنع هذه الأمور ". فأجابة المسيح برسالة يقول له فيها: " طوباك يا من أمنت بي دون أن تراني. لأنه مكتوب عني أن الذين رأوني لا يؤمنون بي أما الذين لم يروني فيؤمنون بي ويخلصون. أما بخصوص ما كتبت إلي عنه لكي آتي إليك فيلزمني أن أتم هنا كل الأشياء التي من أجلها أرسلت، وبعد تمامها أصعد ثانية إلى من أرسلني. ولكنني بعد صعودي أرسل إليك أحد تلاميذي ليشفيك من مرضك ويعطي حياة لك ولمن لك ".

وبالرغم من أن يوسابيوس يؤكد أنه استمد هذه القصة من سجلات أوديسا إلا أن كل من أغسطينوس وجيروم يؤكدان أن الرب يسوع المسيح لم يكتب أي شيء ويرى معظم العلماء الحاليين أنها منحولة والكنيسة لا تتمسك بشيء لم تثبت صحته وترى أنها من ضمن الأدب الأبوكريفي المنحول.

8 – الكتب المسماة بالرؤى المنسوبة للرسل:

V رؤيا بطرس:

وترجع إلى ما قبل 180م، وتختلف عن رؤيا بطرس الغنوسية. وقد لاقى هذا الكتاب بعض الاعتبار سواء وقتياً أو محلياً في بعض الجهات. وقد ورد ذكرها في الوثيقة الموراتورية مع التعليق عليها بأن البعض لا يؤيدون قراءتها في الكنيسة. وهكذا نجد أن التحفظ عليها قديم منذ العصور الأولي. ويشير إليها ثاوفيلس الإنطاكي، ويقتبس منها أكليمندس الإسكندري، ويسجل سوزومين في القرن الخامس أنها كانت مازالت تقرأ في الكنائس سنوياً في يوم جمعة الصلب. ولكن في الجانب الآخر نجد يوسابيوس يرفضها مع غيرها من الكتب الأبوكريفية عن بطرس، ويرفض معها أيضاً راعي هرماس ورسالة برنابا وأعمال بولس، ويعتبرها من الكتب الزائفة. ومع ذلك لقي الكتاب رواجاً في الشرق والغرب، وانتقلت الأفكار التي به إلى غيره من المؤلفات مثل الأقوال السبيليانية ورؤيا بولس ورؤيا توما حتى عصر دانتي وكوميدياه الإِلهية. ويستدل من كتابات الآباء على أن الكتاب يرجع إلى القرن الثاني، ويحتمل أنه يرجع إلى النصف الأول منه.

وقد وجد العلماء لها قصاصة في أخميم سنة 1886م باليونانية مع جزء من إنجيل بطرس. وفي 1910م اكتشفت نسخة باللغة الحبشية، وثبت أنها هي رؤيا بطرس من مقارنتها بما جاء بكتابات الآباء من اقتباسات منها. كما توجد أيضاً قصاصتان أصغر من هذه(89).

والنسخة الحبشية تكاد تتفق في طولها مع ما ذكره أنيسفورس والفهرس في المخطوطة الكلارومونتانية، ولعلها تقدم لنا المحتويات الأصلية لهذه الرؤيا، ولو انه من الواضح أن النص قد عاني من نقص معرفة المترجم باللغة اليونانية والقصاصة الأخميمية أقصر جداً وتسرد المعلومات في ترتيب مختلف.

وتبدأ بسؤال التلاميذ ليسوع على جبل الزيتون عن علامات مجيئه وانقضاء الدهر، وبعد أن حذرهم من المضلين، ذكر لهم مثل شجرة التين، وفسره له بناء على التماس بطرس. ويبدأ الجزء الثالث بالقول: " وأراني في يمينه صورة لما سيحدث في اليوم الأخير ". وإذ رأي كيف سينوح الخطاة في شقائهم، يذكر بطرس القول: " كان خيراً لهم لو لم يولدوا " (انظر مرقس 14: 21)، فيوبخه المخلص بالقول: " سأريك أعمالهم التي فيها أخطأوا "، ثم يصف له المخلص في حديث نبوي، العذابات التي سيقاسيها المحكوم عليهم. وهي نموذج من المفاهيم التي ظل يتناقلها الناس حتى العصور الوسطى (وللفصل المقابل في القصاصة الأخميمية، مقدمة صغيرة تحوله إلى رؤيا للقديس بطرس). ثم بعد ذلك وصف موجز لنصيب الأبرار (الإصحاحان 13و14)، ويعقبهما فصل مقابل لقصة التجلي كما جاءت في الأناجيل (تحولت في القصاصة الأخميمية إلى وصف للفردوس). وبعد صدور الصوت (مت 17: 5)، أخذت سحابة يسوع وموسى وإيليا إلى السماء (وهذا الجزء الأخير غير موجود في اليونانية)، ثم نزل التلاميذ من الجبل وهم يمجدون الله.

V رؤيا توما، أو إعلان توما:

ذكرها القديس جيروم في أواخر القرن الرابع وذكرت في قانون البابا جلاسيوس. وتتكلم عن الأمور التي ستحدث في الأيام الأخيرة، فسيكون هناك مجاعات وحروب وزلازل في أماكن مختلفة ويبني فكره بالدرجة الأولى على ما جاء في حديث الرب عن نهاية العالم على جبل الزيتون ولكنه يضيف أموراً كثيرة لا وجود لها في أحاديث المسيح مثل الثلج والجليد، وملوك ثيرين سيقومون وأضداد أو ضد للمسيح 00 الخ

V رؤيا استفانوس، وتسمى أيضا إعلان استفانوس(90):

هذا العمل مبني أساسا على ما جاء في سفر الأعمال عن استشهاد رئيس الشمامسة استفانوس (أع6: 5 – 8: 2)، واضطهاد شاول الطرسوسي للمسيحيين، فيقول أنه بعد صعود المسيح بسنتين أجتمع رجال من بلاد كثيرة يحتجون عن المسيح، فوقف استفانوس أمامهم على مكان عالٍ وراح يكلمهم عن المسيح وميلاده من عذراء وامتلاء العالم بنوره ومعجزاته وموته وقيامته وصعوده، كما تكلم عن عمل الروح القدس، فصاح جمع من الناس وقالوا تجديف وقبضوا عليه وأوقفوه أمام بيلاطس مطالبين بموته وطالب قيافا رئيس الكهنة بضربه حتى يسيل منه الدم، فصلى استفانوس أن لا يفعلوا ذلك حتى لا تحسب لهم هذه الخطية،. وتقول الرؤيا ورأينا كيف أن الملائكة خدمته، وفي الصباح أعتمد بيلاطس وزوجته وأبناه وشكروا الله لذلك. ثم تقول وأجتمع ثلاثة آلاف رجل وجادلوا استفانوس ثلاثة أيام وثلاث ليال فأتوا بشاول الطرسوسي مضطهد المسيحية. ثم تتكلم عن استشهاده وهو يصلي لله أن لا يقم لهم هذه الخطية ثم يقول أنه ينظر السموات مفتوحة ويسوع قائما عن يمين الله.

وفي هذه الرؤيا نرى كيف ينسب لبيلاطس أنه تعمد هو وزوجته وأبناه مثل الكثير من الكتب الأبوكريفية التي قالت بمثل ذلك، كما أنها تتكلم عن استفانوس بشكل أسطوري، وتتكلم عن قتل هيرودس لأطفال بيت لحم بشكل أسطوري وتذكر أن عددهم كان 144... طفلٍ(91)!! وقد أدانها مرسوم البابا جلاسيوس في القرن الرابع كعمل أبوكريفي، وكانت مستخدمة عند الهراطقة المانيين بل واهتموا بها كثيراً.

V الرؤيا الأولى ليعقوب، وتسمى أيضا الإعلان الأول ليعقوب:

والتي وجدت ضمن مجموعة نجع حمادي وكتبت في نفس القترة التي كتبت فيها بقية المجموعة، وتتكلم عن الفترة السابقة لاستشهاده وتقدم بعض التنبؤات عما سيحدث، فتصف المسيح في ظهوره وحديثه ليعقوب: " وقبل (المسيح) فمي، واستحوذ علي قائلاً: أنظر يا حبيبي، سأكشف لك تلك الأشياء التي لا يعرفها الذين في السماء ولا الذين على الأرض ".

V الرؤيا الثانية ليعقوب:

وتسمى أيضا الإعلان الثاني ليعقوب: والتي وجدت أيضا في نجع حمادي وتصف آلام وموت يعقوب بالارتباط مع هذه النبوات المذكورة في الرؤيا الأولى. وهي عبارة عن حديث أعلاني للمسيح القائم من الأموات.

V رؤيا بولس:

يقول لنا أبيفانيوس أسقف سلاميس أن القاينيين زيفوا كتاب مليء بأمور فاسدة وغير لائقة باسم الرسول بولس – يستخدمها المدعوون بالغنوسيين أيضاً. ويسمونها صعود بولس متخذين تلميحهم من قول الرسول أنه صعد إلى السماء الثالثة وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يقولها إنسان "(92). بينما يضحك أغسطينوس من حماقة الذين زيفوا رؤيا بولس المليئة بالأساطير وتدعي أنها تحتوى على أشياء لا ينطق بها التي سمعها الرسول(93). ويقول عنها المؤرخ الكنسي سوزومين: " الكتاب المنتشر الآن كرؤيا بولس الرسول، الذي لم يره أحد من القدماء قط قد أدين من معظم الرهبان، ولكن البعض يقولون أنه وجد في الحكم الذي كتب (لثيودوسيوس). لأنهم يقولون أنه بالإعلان الإلهي قد وجد في صندوق رخامي تحت الأرض في طرسوس بكيليكيا في بيت بولس، وقد كان هذا الكتاب. على أية حال عندما استفسرت عن ذلك أخبرني كاهن من كيليكيا بطرسوس أن ذلك كذب. وهو رجل يدل شعره الأشيب على عمر كبير وقال أنه لم يحدث شيء مثل هذا في مدينتهم، وتعجب عما إذا كان العمل قد تم بواسطة هراطقة "(94). كما ذكر هذا العمل في قانون البابا جلاسيوس (496م) ضمن الكتب الأبوكريفية.

وقد نال هذا العمل شهرة وانتشارا كبيراًَ في القرون المسيحية الأولى وخلال القرون الوسطى. لأنه يركز على تجربة النشوة السرية التي ذكرها القديس بولس بنفسه. فهو مبني بالدرجة الأولى على ما جاء في رسالة كورنثوس الثانية قوله: " انه لا يوافقني أن افتخر. فأني آتي إلى مناظر الرب وإعلاناته. اعرف إنسانا في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست اعلم أم خارج الجسد لست اعلم. الله يعلم. اختطف هذا إلى السماء الثالثة. واعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست اعلم. الله يعلم. انه اختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها " (2كو12: 1-4). ومن ثم تبدأ الرؤيا بقوله: " وبينما أنا في الجسد اختطفت إلى السماء الثالثة، وجاءتني كلمة الرب قائلة: " قُل لهذا الشعب: " حتى متى ستمضون في العجز، مضيفين خطيئة إلى خطيئة ومجربين الرب الذي صنعكم؟ " أنتم أبناء إبراهيم، لكنكم تعملون أعمال الشيطان: وأنتم تؤمنون بالمسيح، بسبب اضطرابات العالم تذكروا إذاً وأعلموا أن الجنس البشرى من كل المخلوقات التي تخدم الله، وحده يرتكب الخطيئة بأمر كل شئ مخلوق، ويخطئ أكثر من كل الطبيعة مجتمعة!".

9 – نصوص غنوسية عامة:

V إنجيل فيليب:

ويرجع إلى القرن الثاني وقد وجدت له مخطوطة ترجع إلى القرن الثالث ضمن مجموعة نجع حمادي مترجمة إلى القبطية الصعيدية. وهو مجموعة من التأملات والتعاليم الغنوسية المتفرقة. وهو مثل بقية الكتب الغنوسية التي تتكلم عن المسيح الإله الذي ظهر على الأرض في شبه وهيئة الجسد دون أن يأخذ جسداً حقيقياً، أي مجرد روح محض يظهر لذا يقول أنه كان يظهر دائماً في أشكال مختلفة: " يسوع أخذهم سرا، لأنه لم يظهر كما كان، ولكن لكي يستطيعوا أن يروه. ظهر لهم جميعهم. ظهر للعظماء كعظيم. ظهر للصغير كصغير. ظهر للملائكة كملاك، وللإنسان كإنسان، لهذا السبب، الكلمة تخفي نفسها من الجميع. وبالفعل، فقد رآه معتقدين أنهم رأوا أنفسهم، لكنه حين ظهر لتلاميذه بمجد على الجبل، لم يكن صغيرا. أصبح عظيما، وقد جعل التلاميذ عظماء، لكي يستطيعوا إن يروه بعظمة ".

ومثل غالبية الكتب الغنوسية كان هذا الكتاب ينظر إلى الزواج كنوع من الدنس، فيقول " قال البعض: " أن مريم حبلت بالروح القدس "، أنهم مخطئون، أنهم لا يعلمون ماذا يقولون. فمنذ متى تحبل المرأة من امرأة؟ إن مريم هي العذراء التي لا قوة تدنسها، أنها لعنة عظيمة على العبرانيين، الذين هم الرسل والتلاميذ. هذه العذراء التي لا قوة تدنسها [...] القوى تدنس نفسها ".

V رؤيا بطرس الغنوسية:

والتي هي في الأصل تقليد مسيحي طويل يتناول شرح ما بعد الموت، وكانت قد اختفت ولم يعرف منها شيئاً سوى مقاطع من الأصل اليوناني قبل أن تكتشف لها ترجمة إثيوبية ترجع لسنة 1911م في مخطوطتين: الأولى يرجع تاريخها للقرن الخامس عشر أو السادس عشر والثانية ربما ترجع للقرن الثامن عشر والاثنتان وجدتا في جزيرتين من بحيرة تانا وهي مترجمة عن اليونانية. وتقول أنها إعلان من يسوع المسيح إلى بطرس والرسل الآخرين، في فترة ظهورات الرب يسوع بعد قيامته، عن أحداث نهاية الأزمنة والمصير النهائي للأشرار والأبرار وتنتهي برواية صعوده إلى السماء.

ومن الواضح أن مؤلفها أراد توسيع التعليم الأخروي الوارد في الإنجيل للقديس متى وتكييفه مع وضع قارئيه. لذا يشير كثيرا إلى هذا الإنجيل، ويعرض في شكل أكمل التعليم الأخروي ليسوع.ويميز الكاتب في الفصلين الأولين بين المسيح الحقيقي، ومسيح دجال سوف يسلم للموت الذين لم تخدعهم ادعاءاته من اليهود. هذا المسيح هو سمعان بار كوسيفا (ابن الكذب) المعروف بسمعان: كوخبا (ابن النجمة)، الذي قاد ثورة اليهود على الرومان فيما بين 132- 135م.

V حكمة يسوع المسيح:

وترجع أقدم مخطوطاته إلى القرن الثالث أو بداية الرابع(95)ويبدأ هكذا: " بعد أن قام (يسوع) من الأموات تبعه تلاميذه الاثنا عشر وسبعة نساء اللواتي تبعنه كتلميذات، عندما جاءوا إلى الجليل ... وهناك ظهر لهم المخلص، ليس في شكله الأصلي ولكن في الروح غير المرئي، كان ظهور ملاك عظيم من نور. أما شكله فلا أستطيع وصفه ... وقال سلام لكم، سلامي أنا أعطيكم "(96).

V حوار المخلص:

وجدت هذه الوثيقة في اللغة القبطية الصعيدية فقط في مكتبة نجع حمادي 1945. وجاء فيها سؤال التلاميذ للمسيح، هكذا: " يا رب قبل أن تظهر هنا (علي الأرض) من كان هناك (في السماء) ليعطيك المجد؟ لأنه فيك (خلالك) كل الأمجاد، ومن كان هناك ليباركك حيث منك تأتي كل البركة؟ "(97).

وجاء فيه هذه الطلبة: " استمع إلينا أيها الآب البار كما استمعت لابنك الوحيد وأخذته إليك "(98).

V إنجيل مريم المجدلية، والمسمى أيضا بإنجيل مريم:

وقد كتب هذا الكتاب فيما بين نهاية القرن الثاني وبداية الثالث، وتوجد له ترجمة إلى القبطية ترجع للقرن الخامس، ويوجد ضمن مجموعة جون رايلانذ بمنشتسر. ويصور مريم المجدلية في صورة التلميذة المحبوبة من المخلص أكثر من غيرها، بل الأكثر شجاعة من التلاميذ والرسل جميعاً! والأكثر إدراكاً وحفظاً لكلامه، والتي سمعت منه ما لم يسمعه تلاميذه الآخرون من أسرار ملكوت الله، والرائية التي رأت المخلص في عالم النور والروحيات والسماويات، بل والأكثر ثقة وشجاعة من كل التلاميذ والرسل! ويزعم أنه بعد أن أمر المخلص تلاميذه بالكرازة في العالم أجمع حزنوا وبكوا!! فشجعتهم وطمأنتهم وشرحت لهم ما لم يشرحه المخلص لغيرها: " لكنهم حزنوا. وبكوا بكاءً شديدا، قائلين كيف نذهب لغير اليهود ونبشر بانجيل الملكوت بابن الإنسان؟ فإن لم يحفظوه كيف سيحفظوننا؟ ثم وقفت مريم، وحيتهم جميعا. وقالت لإخوتها، لا تبكوا ولا تحزنوا ولا تتحيروا، لأن نعمته ستكون معكم بالكامل وستحميكم. لكن بالحري، دعونا نمجد عظمته، لأنه أعدنا وجعلنا للناس. وحين قالت مريم هذا. شعروا بالطمأنينة في قلوبهم، وبدأوا بمناقشة كلمات المخلص. قال بطرس لمريم، أختاه نعلم أن المخلص احبك أكثر من أي امرأة أخرى. قولي لنا كلمات المخلص التي تذكرينها وتعرفينها، ولم نسمعها من قبل. أجابت مريم وقالت، ما هو مخفي عليكم سأطالب به من أجلكم. وبدأت تقول لهم هذه الكلمات: أنا، رأيت الرب في رؤيا وقلت له، يا رب لقد رأيتك اليوم في رؤيا، فرد قائلا لي، مباركة أنت لأنك لم ترتعشي لرؤيتي. لأنه حيث يكون العقل يكون الكنز. قلت له، يا رب، كيف يرى الرؤيا من يراها، من خلال الروح أم من خلال النفس؟ أجاب المخلص وقال، لا ترى من خلال الروح أو النفس، ولكن العقل الذي بين الاثنين هو الذي يرى الرؤيا وهي [...].

V كتاب الحكمة Pistis Sophia

والذي يسمى أيضاً بحكمة الإيمان: وترجع أقدم خمس مخطوطات متبقية له لما بين 250 و300م(99)، وتعليمه غنوسي شديد الغموض يتكلم عن الأنثى الغنوسية الإلهية، صوفيا (Sophia) أو الحكمة، ذات الوجوه والأسماء العديدة فيصورها أحياناً متوافقة مع الروح القدس، ويقول أنها هي أيضاً الأم الكونية، أم الحياة أو الأم المتألقة، القوة في الأعالي، ذات اليد اليسرى (كمضادة للمسيح الذي يفهم على أنه زوجها ذو اليد اليمنى)، كالواحدة صاحبة الرفاهية زوجة الذكر، كاشفة الأسرار الكاملة، الرحم، العذراء، قديسة الروح كلومبا (Columba)، الأم السمائية، الواحدة العجيبة أو الينا (Elena - التي القمر والصمت) المصورة كنفس (Psyche) العالم والمظهر الأنثوي للوجوس (الكلمة - Logos).

وهو عبارة عن كتابين: يبدأ الكتاب الأول منه بالحديث عن قيامة الرب يسوع المسيح من الموت " بعد أن قام يسوع من الموت ". ويقول عن ظهور المسيح في شكل جسد أنه تجلى لتلاميذه بما فيهم أمه العذراء القديسة مريم ومريم المجدلية ومرثا وأخذ يتكلم معهم عن طبقات وحكام السموات: وقال له التلاميذ أيضاً: أخبرنا بوضوح كيف جاءوا من العوالم غير المرئية من عوالم الخلود إلى عالم الموت؟ فقال المخلص الكامل: ابن الإنسان توافق مع الحكمة (صوفيا) رفيقته وأظهرا نورا مخنثا عظيما، تعين اسمه الذكري " مخلص " منجب كل الأشياء. وتعين أسمه الأنثوي صوفيا منجبة كل الأشياء. والتي يدعوها البعض Pistis ".

ويتحدث في الثاني عن صعود الرب يسوع المسيح إلى السموات ويروي أفراح السماء بصعوده إليها واضطراب كل قوات السماء. ثم يتحدث عن ظهوره لتلاميذه " ثم انفتحت السموات ... ورأوا يسوع وقد نزل وبهاؤه (أشرافه) ساطع جدا وكان نوره لا يقاس ... ولم يستطع البشر في العالم أن يصفوا النور الذي كان عليه "، ثم يروي خوف التلاميذ واضطرابهم لرهبة هذا المنظر " ولما رأي يسوع، الرحيم والحنان أن التلاميذ في غاية الاضطراب. قال لهم: تهللوا أنا هو لا تخافوا ... ثم سحب بهاء نوره، عندئذ تشجع التلاميذ ووقفوا أمام يسوع وخروا معا وسجدوا له بفرح وابتهاج عظيم ".

10 – النصوص الغنوسية الشيثية(100):

وهي النصوص التي تنسب لجماعة السيزيان Sethians (الشيثيين) الغنوسية، وهي إحدى الجماعات الغنوسية التي كانت تقدس شيث Seth الابن الثالث لآدم وكانت ترى، بحسب ما زعمته من أساطير أنه تجسد للمسيح، وكانوا ينظرون لأسطورتهم هذه كافتتاحية أو مقدمة لسفر التكوين، حيث يرجع وجودهم لما قبل المسيحية، وبعد المسيح طابقوا شيث مع المسيح كالإله المتجسد!! وقد شرح القديس إيريناؤس معتقداتهم وأساطيرهم الخاصة بالله وخليقة الكون، والتي تتكون من أساطير شديدة التعقيد، تتلخص فيما قاله عنهم الكتاب المسمى بالكتاب السري بحسب يوحنا (أو يوحنا الأبوكريفي):

1 - صفات أسطورية(101): آب الأبد. الكائن البشري الأول + فكر الآب. نسله، الكائن البشري الثاني + الروح القدس. الأنثى الأولى + حكمة مبتذلة (Sophia Ptounikos).

2 - الحكام. (أ) السباعي الأعلى: يالدابوس (IalDABOTH). نسل الحكمة، حاكم السماء. أنسال يالدابوس الستة.(ب) أنسال أخرى ليالدابوس، تضم: النسيان. الشر. الغيرة. الحسد. الموت. (ج) السباعي الأقل: ال (NUN)، حية، الشيطان العالمي الرئيسي. مدعو ميخائيل وسمائيل. ال (nun) ستة أنسال شيطانية.

3 - الجنس البشري: آدم. الكائن البشري المادي الأول. خلق (كجسد غير مادي) على صورة آب الأبدية والحكام، ثم زود بجسد مادي + حواء. زوجته. قايين. هابيل. شيث. نوريا (Noria) أخت شيث. نوح. إبراهيم ونسله. اليصابات + يوحنا المعمدان أبنها بواسطة يدابوس (Idabaoth) + العذراء مريم. يسوع ابنها بواسطة يدابوس + يسوع، تلاميذه. أناس لهم نفوس مقدسة.

V رؤيا آدم:

والتي اكتشفت في نجع حمادي سنة 1945م، وهي عمل شديد الغنوسية. فتقول أن آدم علم ابنه شيث في السنة السبعمائة كيف خلقه الله من تراب وكيف علمه كلمة معرفة الإله الأبدي، وكان هو وحواء أكثر قوة من خالقهم المفترض، ولكن هذه المعرفة فقدت بالسقوط عندما فصل الصانع (الديميورج) آدم وحواء. ويروي آدم كيف أن ثلاثة غرباء غامضين أنجبوا شيث وكان ذلك لحفظ المعرفة. وتنبأ آدم عن محاولات الصانع الطويلة لدمار الجنس البشري بما في ذلك النبوة عن الطوفان العظيم ومحاولة الدمار بالنار، ولكن منير سيأتي في النهاية، وعندما يأتي المنير ستنادي ثلاث عشرة مملكة مختلفة ثلاثة عشر مستوى مختلف ويؤدي صراع الميلاد للمنير ولكن الجيل الذي بلا ملك وحده فقط الذي سينادي بالحق(102).

V أبوكريفون يوحنا، ويسمى أيضاً بإنجيل يوحنا السري:

ويرجع إلى القرن الثاني(103)، وهو عبارة عن مجموعة أقوال غنوسية تعبر عن فكر جماعة السيزيان (الشيثيين) بقوة. وفيما يلي ملخص ما جاء فيه(104): + آب الأبد: الروح العذراء الكامل غير المرئي + خماسي الأيونات المزدوج الجنس: مقومات الآب:

(1) الفكر السابق التام للأبدية. والمعروف أيضاً ب: الأم – الآب؛ الكائن البشري الأول؛ الروح القدس؛ المذكّر الثلاثي؛ القوات الثلاث؛ الاسم المزدوج الجنس الثلاثي.(2) المعرفة الشخصية السابقة. (3) عدم الفساد. (4) الحياة الأبدية. (5) الحق.

الموجود الذاتي الإلهي. الممسوح (المسيح) شعلة منيرة. المولود الوحيد. صانع الكل + المتعاونون: الذكاء، الإرادة، الكلمة (التعبير اللفظي) + أربع منيرين الذين يقفون أمام الموجود الذاتي الإلهي والأثنا عشر أيون الذين معهم: هارموزيل، الجمال، الحق، الشكل، أورويئيل.

V أبوكريفون يعقوب أو إنجيل يعقوب السري(105):

مثل بقية الكتب الأبوكريفية يدعي هذا الكتاب إنه إنجيلاً سريا أعلنه المخلص ليعقوب وبطرس، وبرغم أنه يضم بعض التقاليد الرسولية إلا أنه يمتلىء بالفكر الغنوسي! ويبدأ الكتاب بقوله: " يعقوب يكتب لكم [...] سلام لكم من سلام وحب من حب ونعمة من نعمة وإيمان من إيمان وحياة من حياة مقدسة. بما أنكم طليتم أن أرسل لكم الكتاب السري الذي كشفه لي الرب أنا وبطرس، فأنا لا أقدر أن أردكم أو ارفض (؟) لكم: ولكني كتبته بالحروف العبرية وأرسلته لكم، ولكم وحدكم. وبما أنكم خدام خلاص القديسين، اجتهدوا بإخلاص واهتموا أن لا تكشفوا هذا النص للكثيرين، هذا الذي لم يرد المخلص أن يخبرنا به كلنا، تلاميذه الاثنا عشر. ولكن طوبى للذين سيخلصون بالإيمان بهذا الحديث.

ثم يقول بعد ذلك أن المخلص كشف نفسه وظهر لتلاميذه بعد خمسمائة وخمسين يوماً من قيامته فقالوا له: " هل رحلت عنا وتركتنا؟ "، ولكن يسوع قال لهم: " كلا، ولكني سأذهب للمكان الذي جئت منه، إذا أرتم أن تأتون معي تعالوا؟". ويدور الحوار بعد ذلك بين المسيح وتلميذيه بأسلوب وسط بين الموعظة على الجبل وأقوال إنجيل توما المنحول ويمتلئ الكتاب بالنبوات والأمثال المليئة بالفكر الغنوسي!!

V إنجيل المصريين القبطي:

ويختلف عن اليوناني وقد اكتشف في نجع حمادي سنة 1945م. وهو كتاب غنوسي يعبر عن الفكر الغنوسي بدرجة شديدة جداً ويبدأ بقوله: " الكتاب المقدس للمصريين عن الروح العظيم غير المرئي، الآب الذي لا ينطق باسمه الذي جاء من أعالي الكمال، نور دهور (ايونات - aeons) نور صمت العناية الإلهية، وأب الصمت، ونور الكلمة والحق، نور عدم الفساد، النور اللانهائي، الشعاع من أيونات النور غير المعلن، الذي لا علامة له، ولا عمر له، الآب غير المعلن عنه، دهر الدهور، ذاتي الجنس، المولود الذاتي، الموجود الذاتي، المغاير، الأيون الحق الحقيقي. وقد خرجت منه ثلاث قوات، هي؛ الآب والأم والابن، من الصمت الحي، ما جاء من الآب غير الفاسد. هؤلاء أتوا من صمت الآب غير المعروف ". ويستمر بعد ذلك في سرد سلسلة من الأيونات والآلهة بطريقة غنوسية شديدة التعقيد. ويقول عن المسيح أنه " القوة التي لا تقهر الذي هو المسيح العظيم ". ويختم بالقول: " يسوع المسيح ابن الله "(106).

V إنجيل الحقيقة:

ويرجع للقرن الثاني، وقد اكتشف في نجع حمادي سنة 1945م، ويعبر عن الفكر الغنوسي خاصة في تركيزه على المعرفة، معرفة الآب غير المعروف وغير المدرك عن طريق الكلمة أو اللوجوس، المسيح، الذي جاء من البليروما أو ملء اللاهوت. ويبدأ بقوله: " إنجيل الحق بهجة للذين تسلموا من أب الحق موهبة معرفته بقوة اللوجوس (Logos) الذي جاء من ملء اللاهوت (البليروما - Pleroma)، (أنظر كو2: 9)، والذي فيه فكر الآب وعقله، هو الذي سمي " المخلص ". لأن هذا هو اسم العمل الذي كان عليه أن يعمله لفداء أولئك الذين لم يعرفوا الآب. لأن اسم الإنجيل هو كشف الأمل، حيث أنه أكتشاف أولئك الذين يبحثون عنه ". ويركز بعد ذلك على عمل المسيح في كشف معرفة الآب غير المعروف وغير المدرك "(107). وجاء فيه عن فيه صلب المسيح " لهذا السبب ظهر يسوع ... وسمر علي الشجرة وأعلن أمر الآب علي الصليب ... فقد وضع نفسه للموت برغم أن الحياة الأبدية ترتديه "(108).

وهناك عدة نصوص شيثية أخرى مثيلة بالأعمال الغنوسية الشيثية، والتي تحمل نفس

الفكر والأسلوب سنكتفي هنا بذكر أسمائها وسننشرها في مجموعة أعمال مكتبة نجع حمادي الكاملة. وهي؛ وفكر الآب، التريمورفيك بروتينويا Trimorphic Protennoia The، ورؤيا بولس القبطية، التي تختلف عن رؤيا بولس التي ذكرناها أعلاه، والثلاث ستيلات لشيث Three Steles of Seth، واللوجنيس Allogenes، وهو رؤى لشخص يدعى اللوجنيس، وزوستريانوس Zostrianos، التي هي رؤيا لشخص يدعى زوستريانوس، ومارسينيز Marsenes.

11 – نصوص جماعة القاينيين الغنوسية:

والذين اعتقدوا أن قايين الذي قتل أخاه هابيل هو ضحية الله، يهوه، واعتبروا يهوذا بطل لأنه ضحى بنفسه ليدفع المسيح للصلب ليقوم بعمل الفداء وظل في نظر الناس مجرد شخص خائن، وكتابهم الوحيد هو إنجيل يهوذا(109).

12 – أعمال مفقودة:

وهذه الأعمال ذكرت في قوائم الكتب الغنوسية الأبوكريفية ولكن لم يبق لنا منها أي شيء سوى أسمائها:

V إنجيل متياس:

يقول أوريجانوس في عظته الأولى على لوقا أنه يعرف إنجيلا بحسب متياس ويبدو أن أمبروسيوس وجيروم يرددان نفس هذا الكلام. ولكن هذا لا يقدم لنا سوى مجرد اسم لا دليل عليه وعاري من أي معنى! كما يذكر المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري هذا الاسم ضمن مجموعة من الكتب التي كتبها الهراطقة تحت اسم الرسل: " أننا نرى أنفسنا مضطرين لتقديم هذه القائمة لنتمكن من معرفة كل هذه الأسفار وتلك التي يتحدث عنها الهراطقة تحت اسم الرسل، التي تشمل مثلا أناجيل بطرس وتوما ومتياس وخلافهم "(110). ولكن دون أن يقدم لنا أي معنى لهذا الكتاب إلا مجرد الاسم فقط!! كما يذكر في المرسوم الجلاسياني ضمن الكتب المحرمة كما تذكره أيضا قائمة الستين كتابا اليونانية.

ولكن هناك احتمال أن يكون الكتاب متطابقا مع ما يعرف ب " تقاليد متياس " والذي يتحدث عنه أكليمندس الإسكندري في الفقرات التالية، وذلك إلى جانب نبذة قصيرة تعود إلى بداية القرن الثاني م. مصدرها إنجيل مخصص لموادٍ غنوسية مصرية تستند إلى متياس، الرسول الثالث عشر الذي اختير مكان يهوذا قبل العنصرة. عُثر على النص عام 1945 بين كتابات غنوسية مصرية اكتُشفت في مصر العليا. قال عنه يوسابيوس: " نتاج ذكر ميت، تُعيث فيه الهرطقات ".

ومن ثم يقول عنه أكليمندس الإسكندري: " وبداية الحكمة التمتع بالواقع، كما يقول أفلاطون في التييتيتس (Theaetetus)، وتبعاً لنصيحة متياس في التقاليد: "، قال، تمتع، بالحاضر ". هكذا يُثبت الدرجة الأولى من المعرفة الآتية "(111).

" يقول الغنوسيون أن متياس علمهم هو أيضاً بهذه العبارات: " ناضلوا ضد الجسد وعاملوه باحتقار، من دون إطلاق العنان قط للذة حصنوا أنفسكم بالإيمان والمعرفة "(112).

" تبعاً لهم، يقول الرسول متياس، في الروايات: " إذا خطئ جار مختار، المختار هو مَن خطئ، فلو أنه سلك كما تدعوه كلمة الله إلى ذلك، فإن جاره كان ليخجل من موقفه وما كان يخطئ "(113).

" زكا، رئيس العشارين (البعض يقولون متى) وقد علم أن الرب قرر المكوث عنده: " قال ها هو نصف أموالى، أعطيه صدقة، يا رب، وإذا سرقتُ أحدهم، أعوضه أربعة أضعاف ". عندها قال الرب: " أن ابن الإنسان أتى اليوم، ووجد ما كان ضائعاً " (4، 6)(114).

بل ويقول لنا هيبوليتوس أن باسيليدس الهرطوقي وابنه إيسدوروس (Isidorus) أن متياس تكلم إليهم بكلمات سرية معينة سمعها من المعلم وعلم بها "(115).

وهناك مجموعة أخرى من هذه الأعمال سنذكرها تفصيلا في سلسلة أبوكريفا العهد الجديد، هي مجموعة كتب تسمى بمصير مريم، وهي: ذهاب مريم للموطن: رقاد مريم والدة الإله، وصعود مريم.

وهناك مجموعة أخرى لم تصل إلينا ولم نعرف عنها غير أسمائها، وأن كان الآباء قد أدانوها ككتب أبوكريفية محرمة، وتبدو صفاتها الغنوسية الأبوكريفية واضحة من أسمائها، وهي: إنجيل المجالات السمائية الأربعة، أو Gospel of the Four Heavenly Realms The، إنجيل الكمال، الذي كان يستخدمه أتباع باسيليدس وغيرهم، وإنجيل حواء، والذي اقتبس منه أبيفانيوس، أسقف سلاميس في كتابه بناريون، وإنجيل الأثني عشر، وإنجيل تداوس، والذي قد يكون اسم مرادف لإنجيل يهوذا، خالطاً بين يهوذا الأسخريوطي ويهوذا تداوس، وما يسمى بمذكرات الرسل، وإنجيل السبعين، ولوحة مقبرة الرسل، وكتاب رقيات الحية، ونصيب الرسل. ولكننا سنذكر محتواها والفرق الهرطوقية التي ألفتها وأسباب رفض الآباء لها.

المراجع

(1) أنظر الآيات التالية: " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله " (مر1: 1).

V " فأن الله الذي اعبده بروحي في إنجيل ابنه شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم " (رو1: 9).

V " وأنا اعلم أني إذا جئت إليكم سأجيء في ملء بركة إنجيل المسيح " (رو15: 29).

V " فما هو اجري إذ وأنا ابشر اجعل إنجيل المسيح بلا نفقة حتى لم استعمل سلطاني في الإنجيل " (1كو9: 18).

V " ولكن لما جئت إلى ترواس لأجل إنجيل المسيح وانفتح لي باب في الرب " (2كو2: 12).

V " إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله " (2كو4: 4).

V " لأننا لا نمدد أنفسنا كأننا لسنا نبلغ إليكم. إذ قد وصلنا إليكم أيضاً في إنجيل المسيح " (2كو10: 14).

V " أني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعا عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر " (غل1: 6).

V " ليس هو آخر غير انه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحوّلوا إنجيل المسيح " (غل1: 7).

V " بل بالعكس إذ رأوا أني اؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان " (غل2: 7).

V " كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضاً إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس " (أف1: 13).

V " وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام " (أف6: 15).

V " أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضاً لأنكم صرتم محبوبين إلينا " (1تس2: 8).

V " فأرسلنا تيموثاوس أخانا وخادم الله والعامل معنا في إنجيل المسيح " (1تس3: 2).

V " في نار لهيب معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح " (2تس1: 8).

V " حسب إنجيل مجد الله المبارك الذي اؤتمنت أنا عليه " (1تي1: 11).

V " فان كان أولا منا فما هي نهاية الذين لا يطيعون إنجيل الله " (1بط4: 17).

V " في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح " (رو2: 16).

V " وللقادر أن يثبتكم حسب إنجيلي والكرازة بيسوع المسيح " (رو16: 25).

V " اذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي " (2تي2: 8).

V " الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكارا لها " (مت13: 26).

V " فان من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها. ومن يهلك نفسه من اجلي ومن اجل الإنجيل فهو يخلّصها " (مر8: 35).

V " فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس احد ترك بيتا أو أخوة ... لأجلي ولأجل الإنجيل " (مر10: 29).

V " انتم تعلمون انه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا انه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون " (أع15: 7).

V " لكن ليس الجميع قد أطاعوا الإنجيل لان اشعياء يقول يا رب من صدق خبرنا " (رو10: 16).

V " من جهة الإنجيل هم أعداء من أجلكم. وأما من جهة الاختيار فهم أحباء من اجل الآباء " (رو11: 28).

V " هكذا أيضاً أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون " (1كو9: 14).

V " فما هو اجري إذ وأنا ابشر اجعل إنجيل المسيح بلا نفقة حتى لم استعمل سلطاني في الإنجيل " (1كو9: 18).

V" وهذا أنا افعله لأجل الإنجيل لأكون شريكا فيه " (1كو9: 23).

V " وأرسلنا معه الأخ الذي مدحه في الإنجيل في جميع الكنائس " (2كو8: 18).

V " وأعرّفكم أيها الأخوة الإنجيل الذي بشرت به انه ليس بحسب إنسان " (غل1: 11).

V " وإنما صعدت بموجب إعلان وعرضت عليهم الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئلا أكون أسعى أو قد سعيت باطلا " (غل2: 2).

V " الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة ليبقى عندكم حق الإنجيل " (غل2: 5).

V " يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل " (غل2: 14).

V " ولأجلي لكي يعطى لي كلام عند افتتاح فمي لأعلم جهارا بسر الإنجيل " (أف6: 19).

V " لسبب مشاركتكم في الإنجيل من أول يوم إلى الآن " (في1: 5).

V " لأني حافظكم في قلبي في وثقي وفي المحاماة عن الإنجيل وتثبيته انتم " (في1: 7).

V " ثم أريد أن تعلموا أيها الأخوة أن أموري قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل " (في1: 12).

V " وأولئك عن محبة عالمين أني موضوع لحماية الإنجيل " (في1: 17).

V " فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح ... مجاهدين معا بنفس واحدة لإيمان الإنجيل " (في1: 27).

V " وأما اختباره فانتم تعرفون انه كولد مع أب خدم معي لأجل الإنجيل " (في2: 22).

V " ساعد هاتين اللتين جاهدتا معي في الإنجيل " (في4: 3).

V " في بداءة الإنجيل " (في4: 15)..

V " من اجل الرجاء الموضوع لكم في السموات الذي سمعتم به قبلا في كلمة حق الإنجيل " (كو1: 5).

V " متأسسين وراسخين وغير منتقلين عن رجاء الإنجيل الذي سمعتموه المكروز به في كل الخليقة " (كو1: 23).

V " بل كما استحسنّا من الله أن نؤتمن على الإنجيل " (1تس2: 4).

V " اشترك في احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله " (2تي1: 8).

V " مخلّصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل " (2تي1: 10).

V " الذي كنت أشاء أن امسكه عندي لكي يخدمني عوضا عنك في قيود الإنجيل " (فل1: 13).

V " ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل " (مر1: 15).

V " وينبغي أن يكرز أولا بالإنجيل في جميع الأمم " (مر13: 10).

V " وقال لهم اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " (مر16: 15).

V " لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالانجيل " (1كو4: 15).

V " هكذا أيضا أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون " (1كو9: 14).

V " وأعرّفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه " (1كو15: 1).

V " أن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده في المسيح بالإنجيل " (أف3: 6).

V " لأني لست استحي بانجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهودي أولا ثم لليوناني " (رو1: 16).

V " أني من أورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أكملت التبشير بانجيل المسيح " (رو15: 19).

V " أم أخطأت خطية إذ أذللت نفسي كي ترتفعوا انتم لأني بشرتكم مجانا بانجيل الله " (2كو11: 7).

V " في فيلبي جاهرنا في إلهنا أن نكلمكم بانجيل الله في جهاد كثير " (1تس2: 2).

V " إذ كنا نكرز لكم بانجيل الله ونحن عاملون ليلا ونهارا كي لا نثقل على احد منكم " (1تس2: 9).

(2) " وأنا ابشر اجعل إنجيل المسيح بلا نفقة حتى لم استعمل سلطاني في الإنجيل " (1كو18: 9)، " ولكن لما جئت إلى ترواس لأجل إنجيل المسيح " (2كو12: 2)، " إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله " (2كو4: 4)، " وصلنا إليكم أيضا في إنجيل المسيح " (2كو14: 10)، " تيموثاوس أخانا وخادم الله والعامل معنا في إنجيل المسيح " (1تس2: 3)، و " إنجيل ربنا يسوع المسيح " (2تس8: 1)، " أكملت التبشير بإنجيل المسيح " (رو19: 15)، "عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح " (في27: 1).

(3) استخدمت كلمة " إنجيل " في أشعار هوميروس الشاعر اليوناني صاحب الإلياذة والأوديسا (ق 8 و9 ق م) بمعنى مكافأة لأخبار سارة ثم استخدمت منذ أيام الشاعر اليوناني ارستوفانيس (450 388 ق م) بمعنى " الاحتفال بالأخبار السارة " وكانت تعبر عن أخبار النصر في الحروب، فكان الرسول الحامل لبشارة النصر يرفع حربته وهى مكللة بالغار كما كان يحمل سعف النخل وينادى بصوت عال ب " الإنجيل " أي " ببشارة النصر " ويكرم هذا الرسول بأكاليل من الزهور وتقام الاحتفالات.

(4) وردت الكلمة العبرية " بشارة " بمعنى أخبار سارة في (2صم20: 18،25،27؛2مل 9: 7) وبمعنى مكافأة لأخبار سارة في (2صم 10: 4؛22: 18).

(5) ويبدو أن نطق " إنجيل " في العربية جاء من اللغة الحبشية التي تنطق الكلمة " ونجيل " أو من اللغة الحميرية التي كانت لغة مسيحي العرب جنوبي الجزيرة العربية (البشائر الأربعة. إنجيل واحد. د. مراد كامل ص5). وفى كل الأحوال فهي نطق محرف عن اليونانية.

(6) Adv. Marc. 5, 11 and 17

(7) The New Testament Apocrypha, vol. 1, 128

(8) أقرأ الجزء الأول من النبوة: " الكلمة التي تكلم بها الرب عن بابل وعن ارض الكلدانيين على يد ارميا النبي اخبروا في الشعوب وأسمعوا وارفعوا راية. أسمعوا لا تخفوا. قولوا أخذت بابل خزي بيل. أنسحق مرودخ. خزيت أوثانها انسحقت أصنامها لأنه قد طلعت عليها امة من الشمال هي تجعل أرضها خربة فلا يكون فيها ساكن. من إنسان إلى حيوان هربوا وذهبوا في تلك الأيام وفي ذلك الزمان يقول الرب يأتي بنو إسرائيل هم وبنو يهوذا معا يسيرون سيرا ويبكون ويطلبون الرب إلههم. يسألون عن طريق صهيون ووجوههم إلى هناك قائلين هلم فنلصق بالرب بعهد ابدي لا ينسى. كان شعبي خرافا ضالة. قد أضلتهم رعاتهم.على الجبال اتاهوهم ساروا من جبل إلى أكمة. نسوا مربضهم. كل الذين وجدوهم أكلوهم وقال مبغضوهم لا نذنب من اجل أنهم اخطأوا إلى الرب مسكن البر ورجاء آبائهم الرب. اهربوا من وسط بابل واخرجوا من ارض الكلدانيين وكونوا مثل كراريز أمام الغنم لأني هانذا أوقظ واصعد على بابل جمهور شعوب عظيمة من ارض الشمال فيصطفون عليها. من هناك تؤخذ. نبالهم كبطل مهلك لا يرجع فارغا. وتكون ارض الكلدانيين غنيمة.كل مغتنميها يشبعون يقول الرب. لأنكم قد فرحتم وشمتم يا ناهبي ميراثي وقفزتم كعجلة في الكلإ وصهلتم كخيل تخزى أمكم جدا.تخجل التي ولدتكم.ها آخرة الشعوب برية وارض ناشفة وقفر. بسبب سخط الرب لا تسكن بل تصير خربة بالتمام. كل مار ببابل يتعجب ويصفر بسبب كل ضرباتها. اصطفوا على بابل حواليها يا جميع الذين ينزعون في القوس. ارموا عليها.لا توفروا السهام لأنها قد أخطأت إلى الرب. اهتفوا عليها حواليها. قد أعطت يدها. سقطت أسسها نقضت أسوارها. لأنها نقمة الرب هي فانقموا منها. كما فعلت افعلوا بها. اقطعوا الزارع من بابل وماسك المنجل في وقت الحصاد. من وجه السيف القاسي يرجعون كل واحد إلى شعبه ويهربون كل واحد إلى أرضه إسرائيل غنم متبددة. قد طردته السباع. أولا أكله ملك أشور ثم هذا الأخير نبوخذراصر ملك بابل هرس عظامه. لذلك هكذا قال رب الجنود اله إسرائيل.هانذا أعاقب ملك بابل وأرضه كما عاقبت ملك أشور. وارد إسرائيل إلى مسكنه فيرعى كرمل وباشان وفي جبل افرايم وجلعاد تشبع نفسه. في تلك الأيام وفي ذلك الزمان يقول الرب يطلب أثم إسرائيل فلا يكون وخطية يهوذا فلا توجد لأني اغفر لمن أبقيه اصعد على ارض مراثايم.عليها وعلى سكان فقود. أخرب وحرم وراءهم يقول الرب وافعل حسب كل ما أمرتك به. صوت حرب في الأرض وانحطام عظيم. كيف قطعت وتحطمت مطرقة كل الأرض. كيف صارت بابل خربة بين الشعوب " (أر50: 1-24).

(9) " وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي " (1أخ29: 29)، " وأرسل بيد ناثان النبي ودعا اسمه يديديّا من اجل الرب " (2صم12: 25)، " وأما ناثان النبي وبناياهو والجبابرة وسليمان أخوه فلم يدعهم " (1مل1: 10)، " وبينما هي متكلمة مع الملك إذا ناثان النبي داخل " (1م1: 22)، " فاخبروا الملك قائلين هوذا ناثان النبي " (1مل1: 23)،" وبقية أمور سليمان الأولى والأخيرة أما هي مكتوبة في أخبار ناثان النبي وفي نبوّة آخيا الشيلوني وفي رؤى يعدو الرائي على يربعام بن نباط " (2أخ9: 29)، " فقال جاد النبي لداود لا تقم في الحصن " (1صم22: 5)، " ولما قام داود صباحا كان كلام الرب إلى جاد النبي رائي داود قائلا " (2صم24: 11).

(10) أنظر " وأما بقية أمور (أعمال) يربعام كيف حارب وكيف ملك فأنها مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (1مل14: 19).

V " وبقية أمور (أعمال) رحبعام وكل ما فعل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (1مل14: 29).

V " وبقية أمور (أعمال) أبيام وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (1مل15: 7).

V " وبقية كل أمور (أعمال) آسا وكل جبروته وكل ما فعل والمدن التي بناها أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (1مل15: 23).

V " وبقية أمور (أعمال) ناداب وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل "(1مل15: 31).

V " وبقية أمور (أعمال) بعشا وما عمل وجبروته أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل "(1مل16: 5).

V " وبقية أمور (أعمال) ايلة وكل ما فعل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (1مل16: 14).

V " وبقية أمور (أعمال) زمري وفتنته التي فتنها أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (1مل16: 20).

V " وبقية أمور (أعمال) عمري التي عمل وجبروته الذي أبدى أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (1مل16: 27).

V " وبقية أمور (أعمال) اخآب وكل ما فعل وبيت العاج الذي بناه وكل المدن التي بناها أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (1مل22: 39).

V " وبقية أمور (أعمال) يهوشافاط وجبروته الذي أظهره وكيف حارب أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (1مل22: 45).

V " وبقية أمور (أعمال) اخزيا التي عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل 1: 18).

V " وبقية أمور (أعمال) يورام وكل ما صنع أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل8: 23).

V " وبقية أمور (أعمال) ياهو وكل ما عمل وكل جبروته أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل10: 34).

V " وبقية أمور (أعمال) يوآش وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل12: 19).

V " وبقية أمور (أعمال) يهوآحاز وكل ما عمل وجبروته أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل13: 8).

V " وبقية أمور (أعمال) يوآش وكل ما عمل وجبروته وكيف حارب امصيا ملك يهوذا أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل13: 12).

V " وبقية أمور (أعمال) يهوآش التي عمل وجبروته وكيف حارب امصيا ملك يهوذا أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل14: 15).

V " وبقية أمور (أعمال) امصيا أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل14: 18).

V " وبقية أمور (أعمال) يربعام وكل ما عمل وجبروته كيف حارب وكيف استرجع إلى إسرائيل دمشق وحماة التي ليهوذا أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل14: 28).

V " وبقية أمور (أعمال) عزريا وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل15: 6).

V " وبقية أمور (أعمال) زكريا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل15: 11).

V " وبقية أمور (أعمال) شلّوم وفتنته التي فتنها هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل15: 15).

V " وبقية أمور (أعمال) منحيم وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل "(2مل15: 21).

V " وبقية أمور (أعمال) فقحيا وكل ما عمل ها هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل15: 26).

V " وبقية أمور (أعمال) فقح وكل ما عمل هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل " (2مل15: 31).

V " وبقية أمور (أعمال) يوثام وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل15: 36).

V " وبقية أمور (أعمال) آحاز التي عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل16: 19).

V " وبقية أمور (أعمال) حزقيا وكل جبروته وكيف عمل البركة والقناة وادخل الماء إلى المدينة أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل20: 20).

V " وبقية أمور (أعمال) منسّى وكل ما عمل وخطيته التي اخطأ بها أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل21: 17).

V " وبقية أمور (أعمال) آمون التي عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل21: 25).

V " وبقية أمور (أعمال) يوشيا وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل23: 28).

V " وبقية أمور (أعمال) يهوياقيم وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا " (2مل24: 5).

V " وأمور (أعمال) آسا الأولى والأخيرة ها هي مكتوبة في سفر الملوك ليهوذا وإسرائيل " (2اخ16: 11).

V " وبقية أمور (أعمال) امصيا الأولى والأخيرة أما هي مكتوبة في سفر ملوك يهوذا وإسرائيل " (2اخ25: 26).

V " وبقية أمور (أعمال) يوثام وكل حروبه وطرقه ها هي مكتوبة في سفر ملوك إسرائيل ويهوذا " (2اخ27: 7).

V " وبقية أمور (أعمال)ه وكل طرقه الأولى والأخيرة ها هي مكتوبة في سفر ملوك يهوذا وإسرائيل " (2اخ28: 26).

V " وأموره (أعمال) الأولى والأخيرة ها هي مكتوبة في سفر ملوك إسرائيل ويهوذا " (2اخ35: 27).

V " وبقية أمور (أعمال) يهوياقيم ورجاساته التي عمل وما وجد فيه ها هي مكتوبة في سفر ملوك إسرائيل ويهوذا " (2اخ36: 8).

(9) Against Her. 32

(10) يوسابيوس ك3: 52.

(11) قرأ 280 كتابا مختلفا وكتب عنها تقريراً في مؤلفه "بيليوتيكا " أثناء إرساليته في بغداد.

(12) دائرة المعارف الكتابية ج 1: 43.

(20) دائرة المعارف الكتابية ج 1: 56.

(21) المرجع السابق ج 1: 56.

(22) Ante Nicene Fathers Vol. 8 p. 349.

(23) The International Standard Bible Encyclopedia Vol. 1 p. 181.

([1]) انظر: المسيح بين الحقائق والأوهام، محمد وصفي، ص (43)، إظهار الحق، الهندي (1/110، 2/548).

([2]) انظر: انظر قاموس الكتاب المقدس، ص (122)، دائرة معارف القرن العشرين، فريد وجدي (1/655).

([3]) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (2/554).

(1) شاع هذا الزعم لدرجة أن أحد الدعاة المعروفين قال في شريط كاسيت، ونقل عنه الكثيرون غيره، خاصة في الفضائيات، أن أعضاء مجمع نيقية وضعوا جميع الأناجيل أسفل مائدة القربان المقدس وقالوا أن الكتب التي تقفز فوق المائدة هي الكتب الموحى بها؟؟!! فهل يوجد تهريج وجهل وسخافة واستهانة بعقول الناس أكثر من ذلك؟؟!! وهل يصدق أحد مهما كان تعليمه وثقافته مثل هذا الهراء؟؟!!

(2) أنظر كتبنا " أبوكريفا العهد الجديد ج 1 " و" مريم المجدلية هل هي الكأس المقدسة، وهل كانت زوجة للمسيح؟ " وكذلك " إنجيل يهوذا هل يؤثر اكتشافه على المسيحية؟ ".

(3) يوسابيوس 6: 5 و7.

(4) يوسابيوس 2 ك 15: 1و2.

(5) Jerome Com. In. Matt.

(6) Apol: 47.

(7) أفسس12.

(8) كتابه مشاهير الرجال ف2: 3.

(9) مشاهير الرجال ف 35.

(10) Ag.Haer.3: 1.

(11) Ibid. 3: 11,8.

(12) Ag. Haer. 3: 11,8.

(13) ANF Vol. 5: 251.

(14) Ag. One Noe. 9-14.

(1) N.T Apoc. Vol. 1. 46-48.

(2) N.T Apoc. Vol.1.49-51.

(3) قرأ 280 كتابا مختلفا وكتب عنها تقريراً في مؤلفه "بيليوتيكا " أثناء إرساليته في بغداد.

(4) دائرة المعارف الكتابية ج 1: 43.

(5) أقرأ كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج1.

(6) ترجع مخطوطاته والموجودة في مجموعة بودمير Bodmer إلى القرن الثالث.

(7) Anti Nicene Fathers Vol.8 p.366.

(8) كانت لهذا الكتاب شهرة كبيرة في الغرب حتى العصور الوسطى وتوجد له نسخ عديدة يونانية ولاتينية.

(9) Anti Nicene Fathers Vol.8 p.353 – 68.

(10) Ibid. p.368.

(11) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ح2.

(12) أختلف العلماء في ذلك فيبدو أنه كان لديهم إنجيل واحد وهو مأخوذ عن الإنجيل للقديس متى وقد تسمى بإنجيل الناصريين وإنجيل الأبيونيين لاستخدام هاتين الفئتين له، وسمي بإنجيل العبرانيين لكتابته باللغة العبرية، كما يبدو أن الإنجيل الأبيوني كان مكتوبا باليونانية، وبذلك يكون هناك إنجيل عبري وآخر يوناني.

(13) شيعة الناصريين. أنظر أع 24: 5.

(14) الأبيونية فرقة من اليهود المسيحيين الذين تمسكوا بحرفية الممارسات الطقسية الجسدية للناموس اليهودي، وحافظت على يوم السبت كيوم الرب إلى جانب الأحد، وحافظت على سائر النواميس والطقوس اليهودية. ويشتق اسمهم من كلمة " أبيونيم " العبرية وتعني الفقراء. (أنظر تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصري ف 27: 1 و2).

(15) Irenaeus Against Heresies b. 3.2,5.

(16) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ح2.

(17) Apocryphal New Testament , Newly Translated By Montague Rehodes James. P. 5.

(18) الأناجيل المنحولة ترجمة اسكندر شديد 233.

(19) Apocryphal N T, N. T. By M. R. James. P.3.

(20) NT Apoc. Vol.1. p.165.

(21) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج 1.

(22) كلمة هرطقة Heresy (Heiresis) ومعناها " اختيار " استخدمت للتعبير عن المدارس الفكرية الهيلينية، كما استخدمت للتعبير عن الجماعات الدينية اليهودية (أنظر أع7: 5؛5: 15؛5: 26). واستخدمت في الكنيسة الأولى بنفس المعنيين السابقين، خاصة، للتعبير عن الجماعات التي دعيت بعد ذلك بأصحاب البدع لخروجها عن تعاليم الكنيسة. ثم اصبح معنى هرطقة بعد ذلك بدعة.

(23) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج2.

(24) Iren. Ag. Her. 1: 26.

(25)Iren. Ag. Her. 1: 27.

(26) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج2.

(27) Justin Martyr1 Apology 58.

(28) See Iren. Ag. Her.b. 1 وتاريخ الفكر 1: 481 و482

(29)De Carne Christi 8 and De Anima 23.

(30) ماني (حوالي216-274م) ظهر في فارس وكان قد تعلم في مصر وأدعى أنه الباراقليط الذي وعد به الرب يسوع المسيح تلاميذه وإرساله بعد صعوده إلى السماء (يو16: 14-26؛36: 15). وقال أنا رسول المسيح.

(31) دياتسرون Diatesstaron كلمة سريانية ومعناها رباعي، فقد جمع تاتيان السوري (110-172م) الأناجيل الأربعة في كتاب واحد متوافق أسماه رباعي Diatesstaron.

(32) New Testament Apocrypha Vol. 1. p. 352.

(33) وجدت أقسام هذا الكتاب ضمن المكتبة المانية التي اكتشفت في الفيوم سنة 1930م.

(34) New Testament Apocrypha Vol. 1. p. 359.

(35) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج 2.

(36) ويختلف عن الإنجيل الذي أكتشف حديثا في نجع حمادى سنة 1945م.

(37) See Clement Alex. Strom. 3,42.

(38) New Testament Apocrypha Vol. 1. p. 170.

(39) ظهرت هذه البدعة في أوائل القرن الثالث ونادت بوحدة الأقنوم في الذات الإلهية وقالت أن الآب والابن والروح القدس هم ثلاث تجليات للذات الإلهية المكونة من الأقنوم الواحد.

(40) Panarion Sec. 4: 2,1.& New Testament Apocrypha Vol. 1. p. 170.

(41) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج 1.

(42) New Testament Apocrypha Vol. 1. p. 184.

(43) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج 1.

(44) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج 2.

(45) أنظر كتابنا " أبوكريفا العهد الجديد " ج 2.

(46) دائرة المعارف الكتابية ج1.

(47) Panarion, 16,6.

(48) New Testament Apocrypha Vol. 2. p. 189.

(49) يوسابيوس 3: 25،6.

(50)Panarion 6,9.

(51) New Testament Apocrypha Vol. 2. p 230.

(52) دائرة المعارف الكتابية ج 1 أبوكريفا.

(53) Strom. III. 6,32.

(54) Strom. VII. 2,63.

(54) Hipp. Ref. VI.20.

(55) يوسابيوس 3: 1.

(56) يوسابيوس ك 3 ف3.

(57) The Baptism 17.

(58) New Testament Apocrypha Vol. 2. p323.

(59) New Testament Apocrypha Vol. 2. p322, 323.

(60) يوسابيوس 3: 3،5.

(61) يوسابيوس 3: 25.

(62) أنظر دائرة المعارف الكتابية، أبوكريفا.

(63) أنظر أيضاً دائرة المعارف الكتابية، أبوكريفا.

(64) New Testament Apocrypha Vol. 2. p323.

(65)Ibid. 472.

(66) New Testament Apocrypha Vol. 2. p571.

(67) Ante Nicene Fathers Vol.8 pp.355-485.

(68) وتوجد له مخطوطتان واحدة فارسية وترجع للقرن الحادي عشر، وأخرى فينيقية.

(69) Acts of Philip, 107.

(70) Ante Nicene Fathers Vol.8 pp.355-485.

(71)Ibid.356.

(72) Ibid.519.

(73) New Testament Apocrypha Vol. 2. p. 94,95.

(74) يوسابيوس ك 3 ف3.

(75) New Testament Apocrypha Vol. 2. p. 95.

(76) Strom. 6: 6,48.

(77) Ibid. 6: 16.

(78) ويبدأ الكتاب بمقدمة عبارة عن رسالة منسوبة لبطرس الرسول Epistula Petrou، ثم حوار بين بطرس ويعقوب أسقف أورشليم وشيوخ أورشليم Contestatio.

(79) New Testament Apocrypha Vol. 2. pp. 131,132.

(80) بيعت مخطوطته في طيبة أو في مدينة هيبو Habu عام 1769م وحفظت في أكسفورد منذ عام 1948.

(81) New Testament Apocrypha Vol. 1. p. 262.

(82) اكتشف هذا العمل كارل سكمت Carl Schmidt سنة 1895م في نص قبطي بالقاهرة.

(83) دائرة المعارف الكتابية، أبوكريفا.

(84) ذكرت في قانون موراتوري (The Muratori Canon)، الذي كتب في روما قيل سنة 200م ونصه ما جاء عنها " يوجد أيضاً " رسالة " للودوكيين وأخرى للإسكندريين زيفا باسم بولس لشيعة ماركيون " Ibid. 44.

(85) New Testament Apocrypha Vol. 2. p. 44. and vol. 2, p.128,129.

(86)Ibid. 225.

(87) New Testament Apocrypha Vol. 2. p.134.

(88) يوسابيوس ك1: 13.

(89) دائرة المعارف ج 2 أبوكريفا.

(90) M R James, The Apocryphal New Testament.

(91) لو افترضنا صحة هذا العدد الأسطوري لكان هناك في بيت لحم 144... أسرة في متوسط ستة أفراد فتكون النتيجة أن تعدادها يصل لحوالي 850 ألف نسمة!! في حين أنها كانت إحدى ألوف قرى يهوذا كما يقول ميخا النبي " أما أنت يا بيت لحم افراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا " (ميخا5: 2)، فلوا قلنا أنه كان هناك مائة قرية فقط بمثل هذه التعداد لوصل العدد ل 85 مليون نسمة!! في حين أن اليهود الذين كانوا في فلسطين وقت المسيح لم يزيدوا عن ثلاثة ملايين!!

(92) Panarion B.1 sec. 3: 2,5.

(93)Aug. on John, Tract 98.

(94) Sozomen Ecc. His. VII. 19.

(95) واكتشفت له مخطوطة في أخميم وبيعت لقسم المصريات في متحف برلين سنة 1896م وترجع للقرن الخامس.

(96) The Nag Hammadi Library In English p. 207-209.

(97) Ibid. 234.

(98) Ibid. 230.

(99) يوجد نص هذا الكتاب على مخطوطة من الورق ترجع للقرن الرابع ومحفوظة في المتحف البريطاني منذ سنة 1773م.

(100) أنظر كتابنا " إنجيل يهوذا هل يؤثر اكتشافه على المسيحية "، و Epiphanius Panarion, B.1: 3.

(101)Bentley Layton, The Gnostic Scriptures. p.185 & Epiphanius Panarion, B.1: 3.

(102) Bentley Layton, The Gnostic Scriptures. p.52.

(103) يوجد له أربع مخطوطات ترجع إلى ما بين القرن الثالث والخامس، وقد وجدت الأولى في أخميم والباقين في نجع حمادى.

(104)Bentley Layton, The Gnostic Scriptures. p.24,25.

(105) James M Robinson, The Nag Hammadi Library. P. 29.

(106) James M. Robinson, Director The Nag Hammadi Library In English p. 197,205.

(107)The Nag Hammadi Library In English p. 37.

(108) Ibid. 39.

(109) أنظر كتابنا " إنجيل يهوذا هل يؤثر اكتشافه على المسيحية ".

(110) يوسابيوس3: 25: 6.

(111) Strom. iii.9.63.

(112) Strom. iii.4.26.

(113) Strom. Vii.13.82.

(114) Strom. IV.6,35.

(115) Apocryphal N T, N. T. By M. R. James. P.10.

الصفحة الرئيسية