مفــــــهوم العــــرب عن الله

... الكهان

 

. وبما أننا قد تناولنا خبر المقامات ، فهنا نتكلم عن الكهنة ، والكهانة .والكهان هم وسطاء بينهم وبين الآلهة ، فهم المطلعون على الأسرار ، وهم العالمون بالغيب وهم الذين اختصوا بالمعرفة بين سائر الناس . يقضون بالأمر ، ويزينون للناس أعمالهم أو ينهونهم عنها ويخاطبون أرواح الأشجار والأحجار ، وينطقون باسم الأوثان والأصنام التي كثيراً ما كانوا سدنتها وحفظتها . ولا غرو إذا ما نظر إلى الكهنة نظرة ملؤها الإكبار والتقدير والاحترام ، وربما نظرة التعظيم والتقديس على أنهم آلهة أو أنصاف آلهة ، خصوصاً إذا ما راحوا يستنطقون الأرواح ويستلهمون الحكمة والوحى ثم يزجونه كلاماً مرصوفاً مسجعاً ذا فواصل صوتية متشابهة متناغمة تبعث على الإعجاب والدهشة والرهبة

: ومن ألوان هذا السجع الديني ، جاء في وصف ( ربيعة بن ربيعة) ليوم النشور، بقوله

 . " يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون"

 . وهو ذات الرجل الذي يقسم بصدق قوله :" والشفق والغسق ، والفلق إذا اتسق ، إن ما أنباءك به لحق ".أما ( شق بن صعب ) فيصف ذات اليوم بقوله :"يوم تجزى فيه الولايات ، يدعى فيه من السماء بدعوات ، يسمع منها الأحياء والأموات ، ويجمع فيه الناس للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات "

 . ويقسم ( أبن صعب ) لسائله بأنه يقول الحق :"ورب السماء والأرض ، وما بينهما من رفع وخفض ، أن ما أنبئك به لحق، ما فيه أمض"

 والكاهن هو الذي يشرف على الاحتفالات الدينية وينظم الطوافات الاستعراضية ، ويشهد تقديم القرابين للآلهة الأصنام . هذا فضلاً عن استشارة القوم له في بعض الأمور الخاصة والعامة ، ورجوعهم إليه في الأحداث الجسام والأمور العظام . ففي المنافرات والمنازعات كان الكاهن يحكم فيؤخذ برأيه وينصاع الجميع إلى حكمه . ولقد ذكروا أن أمية بن عبد شمس ، وكان حسد عمه هاشماً على ماله ، فدعا هاشماً إلى المنافرة فرضى هذا الأخير مكرهاً على أن يتحاكما إلى الكاهن الخزاعى . وكان ذلك ، فغلب الكاهن هاشماً على أمية ، مصدراً قراره سجعاً يقول:" والقمر الباهر ، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر ، وما اهتدى بعلم مسافر ، من منجد وغائر ، قد سبق هاشم أمية إلى المفاخر". أما هاشم فأخذ إبل أمية فنحرها وأطعمها من حضره ، وأما أمية فخرج إلى بلاد الشام فأقام بها عشر سنين تنفيذاً لحكم الكاهن .[ جواد على : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 4: 71] .

. ولما كان الكاهن هو صاحب الرؤية النافذة والروح الشفافة القادرة على الامتزاج بروح الملاك والجني والهاتف ، فإنه جمع إلى صفة الكهان صفة السيادة بل الربوبية كما هو الحال مع زهير بن جذيمة " رب " بنى عيسى ، وكان تابعه من الجن ، ومع زهير بن جناب " سيد " كلب [ الأغاني 1.: 38 ] على أنه ربما كانت كلمة " رب " مأخوذة من " رب البيت " الذي هو الأساس رب القبة أ ى صاحب القبة التي كانت تضم في داخلها الإله المعبود

 - وكان من الكهان المعدودين سواد بن مقارب ، والمأمون الحارثى كاهن بنى الحارث بن كعب وعزى بن سلمة ، وعوف بن ربيعة كاهن بنى أسد .....الخ

. - ومن الكاهنات الزرقاء ابنة زهير ، وفاطمة الخثعمية بمكة ، وكاهنة ذي الخلصة ، وقطبة كاهنة الحجر في خيبر ، وهى التي جاءها عبد المطلب جد محمد ليأخذ مشورتها في مسألة النذر المتعلق بذبح ولده عبد الله [ ابن الأثير : الكامل في التاريخ 2: 3 ] . ومنهن أيضاً امراءة من سهم يقال إن صاحبها جاءها ذات ليلة فأنقبض تحتها وقال :" أدر . يوم عقر ونحر " . ثم إنه جاءها صانية فقال :" شعوب شعوب ، تصرع فيه كعب لجوب ". ويقولون إن قريشاً لم تستطع فك رموز هذا السجع حتى كانت وقعة بدر ووقعة أحد بالشعب [ جواد على : المفصل في تاريخ العرب 4: 71 ]

 * ونقترح لمن يريد الاستزادة الرجوع إلى كتاب

 . [ الشرك الجاهلي وآلهة العرب المعبودة قبل الإسلام / الدكتور يحي شامي ]

 . وبالإضافة إلى جميع هذه الآلهة أعتقد العرب بإله خالق الكون ، هذا الإله هو الله . وليس من شك في أن العرب كانوا أول الأمر يؤدون الشعائر الدينية إلى تلك الآلهة التي كانت أقرب إليهم من الله ، رب العالمين العظيم ، حتى ظهر الإسلام في مكة ، أخذ الله يحتل شيئاً فشيئاً محل هبل ، الإله القمري القديم ، كرب للكعبة

. لهذا السبب لم يتردد أحد الشعراء المسيحيين في الحيرة ، وهو " عدى بن زيد " في أن يدعوه بعد المسيح شاهداً على قسم . وكان يعتبر بصورة خاصة ولى الضيوف الغرباء ، وإن قدمت واجبات الفرد نحو قريبه على واجباته نحوه ( أي نحو الله )

. والبدوي يعتبر القضاء المحتوم إرادة الله الثابتة التي لا مبدل لها

 

حمل هذا الكتاب على جهازك

الصفحة الرئيسية

 تعريف الدين
 التوحيد والشرك
 الوثنيون عبدة الأصنـــــام والأوثان
 أصنــــام العرب
 أشهر الآلهة( الأصنام) عند العـــرب
 .. المقامات الدينية
 ... الكهان

الصفحة الرئيسية